الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
إن النافية:
لَكَ فِيها ثلاثَةُ أوْجُه: (أحدها) أنْ تقول: "إن زيدٌ قائمٌ" و "أنْ أقومُ مَعَك" تريد: ما زيدٌ قائم، وما أقُومُ مَعَك. قال الله تعالى: {قُلْ إنْ أدْرِي أقَرِيبٌ ما تُوعَدُون} (الآية "25" من سورة الجن "72") أي: ما أدْرِي. وقال تعالى: {إنْ عِنْدَكُمْ من سُلْطَانٍ بِهَذَا} (الآية "68" من سورة يونس "10")، أي: ما عندكُم، وقال تعالى: {وَلَقد مَكنَّاهُمْ فِيما إنْ مَكَنَّاكُم فيهِ} (الآية "26" من سورة الأحقاف "46"). أي: في الذي لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فيه. وقال تعالَى: {وَلَئِنْ زَالَتا إنْ أمْسَكَهُمَا مِنْ أحَدٍ مِنْ بَعْدِه} (الآية "41" من سورة فاطر "35"). واجتمع في هذه الآية إنْ الشرطية والنافية) يُرِيدُ: مَا يُمسِكُهُما أحدٌ. (الوجه الثاني) أنْ تَدخل إلاَّ في الخبر فتقول: "إنْ خالدٌ إلاَّ مُسَافِرٌ" وفي الفاعل" إن قَدِم إلاَّ عَمْرٌو" و "أنْ يَبْقَى إلاَّ مُحَمَّدٌ" تريدُ: ما خَالِدٌ إلّا مُسَافِرٌ، وما قَدِم إلّا عَمْروٌ، وما يَبْقَى إلاَّ مُحمَّدٌ. قال الله تعالى: {إنِ الكافِرُون إلاَّ في غُرُور} (الآية "20" من سورة الملك "67") أي مَا الكَافِرُون. ومثلُه {إنْ أمهَّاتُهم إلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهم} (الآية "2" من سورة المجادلة "58")، {إنْ هُوَ إلاَّ نَذِيرٌ مُبِين} (الآية "184" من سورة الأعراف "7"). (الوجه الثالث) أنْ تدخُلَ "لَمَّا" بتَشْدِيد المِيم، موضعَ إلاَّ وتكونُ بمعناها كقولك: "إنْ عمروٌ لمَّا مُقبلٌ" تريد: ما عمروٌ إلاَّ مُقبلٌ. قال الله تعالى: {إنْ كلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حَافِظٌ} (الآية "4" من سورة الطارق "86"). {وإن كلٍّ لَمَّا جَميعٌ لَدَيَنْا مُحْضَرون} (الآية "32" من سورة يس "36") وكان سيبويه لا يَرَى فيها إلّا رفْعَ الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابْتِداءٍ وخَبَر كما تَدخُل الِفُ الاستِفهام فلا تُغَيِّره، وأجاز الكسائي والمُبَرّدٌ والكُوفيُّون أن تَعْمَلَ "إن" النافية عَمَل ليسَ إذا دَخَلتْ على الجُمْلَةِ الاسْمِيَّة، واسْتَشْهدوا على ذلك بقول أهل العالية: "إنْ أحَدٌ خَيْرًا مِنْ أحدٍ إلاَّ بالعافية" وقولُ الشاعر: إنْ هُوَ مُسْتَوليًا على أحدٍ *** إلاَّ أضْعَفٍ المَجَانِينٍ وقَرَأَ سعيد بن جبير: {إنِ الذينَ تَدْعُونَ من دُونِ الله عِبَادًا أَمْثَالُكُم} (الآية "193" من سورة الأعراف "7") بِنُونٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسورَةٍ، ولا يُشْتَرَطُ في مَعْمُولَيْها أنْ يكُونا نكِرتين كما في "ما" الحجازية. إنَّ وأَخَواتُها:
هذه هي الأَحْرُفُ المُشَبَّهةُ بالأَفْعال وشُبِّهَت بها لأَنَّها تَعْملُ فيما بعدها كعَملِ الفعل فيما بعده وهُنَّ سبعةُ أحْرُفٍ: "إنَّ، أَنَّ، كَأَنَّ، لَيْتَ، لَعَلَّ، لَكِنَّ، ولا النافية للجنس"(=كلًّا في حرفه". [1] حُكُمْ هذه الأحرف: كلُّ هذه الأحرفِ تنصِبُ المبتدأ - غيرَ الملازم للتَّصدير - (كأسماء الاستفهام) ويُسَمَّى اسمَها وَتَرفَعُ خبرَهُ - غير الطلبي الإنشائي - (الطلبي: كالأمر والنهي والاستفهام والانشائي: كالعقود مثل بعت واشتريت. ويُسَمَّى خَبَرَها. [2] تَقَدُّمُ خَبَرِهِنَّ عَلَيْهِن: يمتنِعُ مُطلقًا خَبرِهنَّ عَلَيْهِنَّ وَلَوْ كانَ ظرفًا أو جارًّا ومَجْرُورًا. [3] تَوَسُّطُ خَبَرِهِنَّ: فيما عَدَا "لا" النَّافية للجِنْس، يَجوزُ تَوَسُّطُ الخَبَرِ بَيْنَها وَبَيْنَ أسْمَائِها إنْ كان الاسمُ مَعْرِفةً، والخبرُ ظَرْفًا أوجَارًّا ومَجْرُورًا نحو{إنَّ إلَيْنَا إيابَهُمْ} (الآية "25" من سورة الغاشية "88"). وَيَجبُ إنْ كَان نَكِرةً نحو{إنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا{(الآية "12" من سورة المزمل "73") {إنَّ في ذلِكَ لَعِبْرَةً} (الآية "13" من سورة آل عمران "3"). [4] مَعْمُولُ خَبَرِهِنَّ: لا يَلِي هذِهِ الأَحْرُفَ مَعْمُولُ خَبَرِها إلّا إنْ كَانَ ظرفًا أو مَجْرُورًا، ويجوزُ تَوَسُّطُه بين الاسمِ والخبرِ مطلَقًا. نحو" إنَّ خَالِدًا أخاهُ مُكْرِمُ" وتقول: "إنَّ بِكَ زَيْدًا مَأْخُوذٌ" أي مأخوذ بك، و "أنَّ لك زَيْدًا وَاقِفٌ" ومثلُ ذلِكَ "إنَّ فيكَ زَيْدًا لَرَاغِبٌ" قال الشاعر: فلا تَلْحُنِي فيها فإنَّ بِحُبِّها *** أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمَّ بَلَابِلُه والتَّقْدِير: فإن أَخَاكَ مُصابُ القلْبِ بِحُبِّها. [5] أحْوَالُ هَمْزَة "إن": لِـ "إن" من حَيْثُ حَرَكَةُ هَمْزتِها ثَلَاثَةُ أحْوالٍ: وُجُوبُ الفَتْح حَيْثُ يَسُدُّ المَصدرُ مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُوليها، ووجوبُ الكَسْرِ حيثُ لا يجُوزُ أَنْ يَسُدَّ المَصْدَرُ مَسَدَّها وَجَوازُ الوَجْهَيْنِ إن صَحَّ الاعْتِبَارَان. [6] مَوَاضِعُ الفَتْح في همزةِ "إن" يَجِبُ فَتْحُ هَمْزةِ "أَنَّ" في ثمانية مَواضِعَ: (=أنَّ). [7] مَوَاضِعُ كَسْر هَمْزة "إن" يَجِبُ كَسْرُ همزةِ "إن" في اثْنَي عَشَر مَوْضِعًا: (1) أن تَقَق في الابْتِداء حَقيقةً نحو: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ} (الآية "1" من سورة القدر "97") أو حُكْمًا نحو: {أَلَا إنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون} (الآية "62" من سورة يونس "10") {كَلَّا إنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} (الآية "6" من سورة العلق "96"). (2) أن تَقَعَ تَالِيةً لـ "حَيْثُ" نحو: "جَلَسْتُ حَيْثُ إنَّ عَلِيًَّا جَالِسٌ". (3) أنْ تَتْلُوَ "إذْ" كـ "زُرْتُكَ إذْ إنَّ خَالِدًا أمِيرٌ". (4) أن تَقَعَ تَالِيةً لمَوْصُولٍ اسْمِيٍّ أَوْ حَرْفيٍّ نحو قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِن الكُنُوزِ مَا إنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالْعُصْبَةِ} (الآية "76" من سورة القصص "28") فـ "ما": موصولُ اسميٌّ، وَوَجَبَ كَسْرُ همزة "إن" بعدَها لوُقُوعِها في صَدْر الصِّلة بِخِلاَفِ الوَاقعةِ في حَشْو الصِّلةِ نحو: "جاءَ الَّذِي عِنْدي أَنَّه فَاضِلٌ" ومثلُه قولهم" لا أفعَلُه مَا أنَّ حِرَاءَ مكانه"(حراء: جبل بمكة، وفيه الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم. فتُفْتَح "أنَّ" فيهما لوُقُوعِها في حَشْوِ الصِلة، إذ التقدير: لا أفعلُه ما ثَبتَ أنَّ حِرَاءَ مكانَه، فَلَيْستْ "أنَّ" في التقَّدير تاليةً للمَوْصُول الحَرْفي، لأنَّها فَاعلٌ بفعلٍ مَحْذُوف، والجُملةُ صِلَةٌ و "ما" المَوْصُول الحَرْفي. (5) أَنْ تقعَ بعدَ "حَتَّى" تقول: "قد قالَه القومُ حَتَّى إنَّ زَيْدًا يقولُه". وانطلَقَ القومُ حَتَّى إنَّ زَيْدًا لَمُنْطَلِقٌ" فحتَّى هَهُنا لا تعملُ شَيئًا في" إنَّ" كما لا تَعْملُ "إذا" كَما يقولُ سيبويه: ولو أرَدْتَ أن تقولَ: حتَّى أنَّ، في ذا الوضع، أي حتى أن زيدًا مُنْطلق كنت مُحِيلًا، لأَنَّ أنَّ وصِلَتَها بمنزلِة الانْطِلاق ولو قُلْتَ: انْطلق القومُ حتَّى الانْطِلاقِ كان محالًا. (6) أَنْ تَقَعْ جَوَابًا لقَسم نحو: {حَم وَالكِتَاب المُبِين، إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَة} (الآية "2 - 3" من سورة الدخان "44") (7) أنْ تكونَ مَحْكِيَّةً بالقَول(فإن وقعتْ بعد القول غير محكية فتحت نحو" أخصُّك بالقول أنك فاضل".) نحو{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} (الآية "30" من سورة مريم "19") (8) أنْ تَقَعَ حَالًا نحو{كَمَا أَخْرَجَك رَبُّك مِنْ بَيْتِك بالحَقِّ وَإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُون} (الآية "5" من سورة الأنفال "8".) (9) أن تقعَ صِفَةً نحو "نظَرْتُ إلى خَالِدً إنَّهُ كَبِيرٌ". (10) أنْ تَقَعَ بعدَ عَاملٍ عُلِّقَ بلام الابْتِدَاء التي يُسمُّونها المُزَحْلَقَة نحو: {واللِّه يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ} (الآية "1" من سورة المنافقين "63" أي أن اللام في "لرسوله" سببٌ في كسر همزة إنَّ لأنّ اللام المزحلقة لا تكون في خبر "إن" مفتوحةِ الهمزة. (11) أن تَقَعَ خبرًا عن اسم ذات نحو: "مَحمَّدٌ إنه رَسُول الله". (12) في بابِ الحَصْرِ بالنَّفْي وإلاَّ، بمعنى الأمثلة الآتية تقُول: "ما قَدِم علينا أميرٌ إلاَّ إنَّه مُكْرِمٌ لَنَا". لأنه ليس هَهُنا شيءٌ يَعملُ فيإنَّ ولا يَجُوزُ أنْ تكونَ أنَّ، وإنَّمَا تٌرِيدُ أنْ تقول: ما قَدِم علينا أمِيرٌ إلّا هُو مُكرِمٌ لنا. وقال سبحانه: {وَمَا أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلينَ إلّا إنَّهم لَيَأكُلُون الطَّعام} (الآية "20" من سورة الفرقان "25") ومثل ذلك كُثّيرٍّ: ما أعْطَيَانِي ولا سَأَلْتُهُمَا *** إلاّ وإني لَحَاجِزِي كَرَمِي وبغير معنى ما تقدَّم مِنَ الحَصْر تقول: " ما غَضِبتُ عَليكَ إلْا أنَّكَ فَاسِقٌ" وهذا بفتح همزة أن. [8] مواضع جَوازِ كَسْر "إن" وفتحها: يَجُوزُ كَسْرُ هَمْزةِ "إن" وفَتْحُها في تِسْعِة مَواضِع: (1) أَنْ تَقَعَ بعدَ فاءِ الجَزَاءِ نحو: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وأَصْلَحَ فإنَّهُ غَفُورٌ رحيم} (الآية "54" من سورة الأنعام "6") قُرئ بكسر "إن" وفتحها، فالكَسْرُ على مَعْنَى: فهُو غَفُورٌ رحيم، والفتحُ على تقدير أنها ومَعْمُولَيْها مُفْرَدٌ خَبرُهُ مَحْذُوفٌ، أيْ فالغُفران والرَّحْمة حَاصِلان. (2) أن تقعَ بعدَ "إذا" الفُجائية كقول الشاعر وأنْشَدَه سِيبَويه: وكُنْتُ أرى زَيْدًا كَما قِيلَ سَيِّدًا *** إذا أَنَّه عَبْدُ القَفَا واللِّهازمِ ("أرى" بضم الهمزة: بمعنى أظن يتعدى إلى اثنين و "الهَّهازِم" جمعُ لِهْزمة بكسر اللام: طرفُ الحلْقوم فكسر "إن" على معنى" فإذا هو عبد القفا" والفتح على معنى "فإذا العبودية" أي حاصلةٌ. (3) أنْ تَقَعَ في مَوْضِعِ التَّعليل، نحو: {إِِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْل نَدْعُوه أَءِنَّه (قرأ نافع والكسائي بفتحِ "أن" على تقدير لام العِلة، وقرأ الباقون بالكَسْر، على أنه تعليل مستأنف) هو البَرُّ الرَّحيم} (الآية "28" من سورة الطور "52") ومثله قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ِأَنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (الآية "103" من سورة التوبة "9") ومثله "لَبَّيْكَ إِأَنَّ الحمدَ والنِّعْمَةَ لَكَ" بفتح "إن" وكسرها. (4) أن تقَعَ بعد فَعْلِ قَسَم، ولا لامَ بعدَها كقول رُؤبة: أوْ تَحْلِفِي بَربِّكِ العَلِيّ *** إِأَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيِّ يُرْوَى بكسرِ "إِأَنَّ" وفَتْحِها، فالكَسْرُ على الجَوَابِ لِلْقَسَم(والبصريون يوجبونه) والفتح بتقدير "عَلى أَني" و "أنّ" مُؤَوَّلَة بمصدرٍ عند الكسائي والبَغْدَاديين. (5)أنْ تَقَعَ خَبَرًا عن قَولٍ، ومُخْبَرًا عَنْهَا بِقَوْل (المراد من القول الأول: لفظ القول والمراد بالثاني: أن اللفظ مما يقال قولًا مثلًا: "إني أحمد الله" فإنها تقال قولًا عملًا، بخلاف "إني مؤمن" فالإيمان تصديق بالقلب لا قول باللفظ.)، والقائِلُ واحِدٌ، نحو "قوْلِي أَإِني أَحْمَدُ اللَّه" بفتح إنَّ وَكَسْرها فإذا فتحتَ فَعَلى مَصْدريةُ "قَوْليط؟؟ أي قَوْلي حَمْداص؟؟ لله، وإذا كسرتَ فعلى معنى المقول، أي" مقُولي إني أحمد الله" فالخبر على الأول: مفردٌ، وعلى الثاني جملةٌ مُسْتغنية عن العائد لأنها نفس المبتدأ في المعنى. ولو انْتَفَى القولُ الأَوَّل وجَبَ فَتْحُها نحو "عمَلي أَنَّي أحْمَدُ الله" ولو انْتَفَى القَوْلُ الثاني وَجَبَ كَسْرُها نحو" قَوْلِي إني مُؤْمِن". فالقَولُ الثاني "إني مُؤمن" والإيمان لا يُقال لأنه عقيدةٌ في القلب. ولو أخْتَلفَ القائلُ وَجَبَ كَسْرُها نحو: "قَوْلي إنَّ هِشَامًا يُسِّبحُ رَبَّه". (6) أَنْ تَقَعَ بَعْدَ "وَاوٍ" مَسْبُوقةٍ بِمُفْرَدٍ صَالحٍ للعطفِ عَلَيْه نحو: {إِِنَّ لَكَ أَلّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وأَنَّك}(قرأ نافعُ وأبو بكر بكسر "إن" إمَّا على الاستئناف، وإما بالعطف على جُمْلة "إن" الأولى، وقرأ الباقون بالفَتحُ عطفًا على "ألاَّ = تجوعَ " والتقدير: إنَّ لَك عدمَ الجوعِ وعدَمَ الظمإِ. {لاَ تَظْمَؤُ فيها ولا تَضْحىْ} (الآية "119 - 120" من سورة طه "20") (7) الأكْثَر أن تُكْسَرَ "إن" بعد حَتى، وقد تُفْتَح قَلِيلًا إذا كانت عاطِفَةً، تقول: "عَرَفْتُ أمُورَك حتى أنَّك حَسَنُ الطَّويَّة" كأنَّك قلتَ: عَرَفْت أمُورَكَ حتَّى حُسْنَ طَوِيَّتك، ثُمَّ وَضَعْتَ أنَّ في هذا المَوْضِع. (8) أن تَقَعَ بعدَ "أما" (أنظر "أما" في حرفها) نحو "أما أَإِنَّكَ مُؤَدَّبٌ" فالكَسْر على أَنَّها حرفُ استفتاح بمنزلة "أَلاَ" والفَتْح على أنها بمعنى " أَحَقًا" وهو قَلِيل. (9) أنْ تَقَعَ بَعدَ "لا جَرَمَ"(انظر "لاجرم" في حرفها) والغالِب الفتح نحو{لاَ جَرمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَم} (الآية "23" من سورة النحل "16") فالفتْح على أنَّ جَرمَ فعل ماضٍ مَعناه وَجَبَ و "أنَّ" وصِلتُها فاعل، أيْ وَجَبَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَم، و "لاَ" زائدةٌ، وإمّا على أَنَّ "لاَ جَرمَ" وَمَعْنَاهَا "لا بُدَّ" و "منْ" بَعْدَهُمَا مُقَدَّرَةٌ، والتَّقدِيرُ: لا بُدَّ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَعلَم. والكَسْرُ على أَنَّها مُنَزَّلَةٌ مَنزِلَةَ اليَمينِ عِنْد بعضِ العَرَب فيقول: "لاَ جَرَمَ إنَكَ ذاهبٌ". (=لا جرم). [9] المختارُ أنّ اسْمَ إنَّ مَعْرِفَةٌ وَخَبَرها نكرةٌ. إذا اجْتَمع في اسمِ إنّ وأَخَواتِها وَخَبَرِها فالذِي يُخْتَارُ أَنْ يَكونَ اسْمُها مَعْرِفَةً لأنَّها دَخَلَتْ عَلى الابْتِدَاء والخَبَر، ولا يكونُ الاسمُ نكرةً إلاَّ في الشّعر نحوَ قَولِ الفَرَزْدَق: وإنَّ حَرَامًا أَنْ أَسُبّ مُقاعِسًا *** بآبائي الشُّمِّ الكِرَام الخَضَارِم (الخَضَارِم: جمع خَضْرِم: وهو الجواد المعطاء. وقول الأعشى: إنَّ مَحَلًا وإنَّ مُرْتَحَلًا *** وإنَّ في السَّفْرِ إذْ مَضَى مَهَلا المعنى: إنَّ لنا في الدنيا حُلولًا وإن لنا عنها ارتحالا. [10] حذف خبر "إن" قَدْ يُحذَفُ خَبَرُ "إن" مَعَ المَعْرِفَةِ والنكِرِةِ للعِلْمِ به، يقول الرَّجُلُ للرجل: "هَلْ لكُم أحَدٌ؟ إنَّ النَّاسَ إلْبٌ عَلَيْكم" فيقول: "إنَّ خالدًا وإنَّ بكرًا" أي: لنا، وإنَّما يُحذَف الخَبَر إذا عَلِمَ المُخَاطَبُ مَا يَعْنِي بأنْ تقدَّم ما يُفْهِم الخَبَر، أو يَجرِي القَولُ عَلى لِسانِه. [11] "ما" الزَّائِدة: تَتَّصل "ما" الزَّائِدةُ وهي الكَافّةُ بـ "إنَّ وأَخَواتها"(إلا "لا" النافية للجنس، و "عسى" بمعنى لعل فإنها لا تدخلُ عليها "ما" الكافَّة.). فَتكُفُّها عَن العَمَل وتُهَيِّئُها للدُخُولِ على الجُمَل الفِعْليَّة نحو: {قُلْ إنَّمَا يُوحَى إلَيَّ إَنَّما إلهُكُمْ إلهٌ واحدٌ} (الآية "108" من سورة الأنبياء "21") {كَأَنَّما يُسَاقُونَ إلى المَوْتِ} (الآية "6" من سورة الأنفال "8") [12] العَطْفُ على اسمِ إن وأخَواتِها: لَكَ في هذا العَطْفِ وَجْهان: النصبُ عَطْفًا على اسمِ إنَّ نحو قَوْلِك: "إنَّ زيدًا مُنْطَلِقٌ وعَمْرًا مُقِيمٌ" وعلى هذا قَرَأ مَنْ قَرَأ والبَحْرَ بالفتح من قوله تعالى: {ولو أنَّ مَا فِي الأرضِ مِنْ شَجرَةٍ أقْلَامٌ، والبَحْرَ يَمُدُّه مِنْ بَعْدِه سَبْعةُ أبْحُر} (الآية "27" من سورة لقمان "31") وقد رَفَعَ آخَرُون: والبَحْرُ: والواوُ لِلْحَال. وعلى هذا قَوْلُ الرَّاجِزِ وَهُو رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاج: إنَّ الرَّبيعَ الجَوْدَ والخَريفَا *** يَدَا أبي العَبَّاسِ والضُّيوفَا والوَجْهُ الآخَرُ: عَطْفُه على الابْتِداء الذي هو اسمُ إنَّ قبلَ أَنْ تَدخلَ عليه إنَّ تقول: "إنَّ زيدًا مُنْطَلقٌ وسَعِيدٌ. وفي القرآن الكريم مثله: {إنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكين وَرَسُولُه} (الآية "3" من سورة التوبة "9"). وقال جرير: إنَّ الخِلافَةَ والنُّبوَّةَ فِيهمُ *** والمُكْرَمَاتُ وسَادَةٌ أَطْهارُ وإذا قلت: "إن زَيْدًا مُنْطَلِقٌ لا عَمْرٌو" فتَفْسِيره مَعَ الوَاوِ فِي وَجْهَي النَّصْبِ والرَّفْع، واعْلم أنَّ لَعَلَّ وكَأَنَّ ولَيْتَ يَجوزُ فِيهنَّ جميعُ مَا جَازَ في "إن" إلاَّ أنَّه لا يُرْفَعُ بعدَهُن شَيْءٌ على الابْتِدَاء. وَلَكِنَّ بمنزلةِ "إن" وتقُول: "إنَّ زَيدًا فيها لاَ بَلْ عَمْرٌو". وإنْ شِئْتَ نَصبتَ: أي: لاَ بَلْ عَمْرًا. أنَّ:
من أَخَوَاتِ "إن" وتَشْترِكُ مَعها بأحْكَامٍ: (=إنَّ وأخواتها) وتختصُّ بأَنها تُؤوَّلُ معَ ما بَعْدَها بمَصْدر، وذلكَ حَيْثُ يَسُدُّ المَصْدَرُ مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها. وَمَوَاضِعُ فَتحِ هَمْزَتِها ثَمَانِيَة وهي أنْ تكونَ: (1) فَاعِلَةً نحو: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} (الآية "51" من سورة العنكبوت "29") أَيْ إنْزَالُنا. (2) نَائِبةَ عنِ الفاعل نحو: {قُلْ أُوحِيَ إليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} (الآية "1" من سورة الجن "72") (3) مَفْعُولَةً غيرَ مَحكِيَّةٍ بالقَوْلِ نحو: {وَلاَ تَخَافُونَ أنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ باللهْ} (الآية "81" من سورة الأنعام "6"). (4) مُبْتَدأ نحو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} (الآية "39" من سورة فصلت "41"). ومنه {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} (الآية "143 - 144" من سورة الصافات "37"). والخبرُ محذوف وُجُوبًا(لأنه بعد "لولا" يقول ابن مالك "وبعد لولا غالبًا حذف الخبر"). أي ولولا كَوْنُه من المُسَبِّحين مَوْجُودٌ أو وَاقِعٌ. (5) خَبَرًا عَنِ اسْمِ مَعْنىً، غيرِ قَوْلٍ، ولا صَادِقٍ عليه خَبرُ "أنَّ" نحو: "اعْتِقَادي أَنَّ محمدًا عَالِمٌ"(اعْتِقَادِي: اسمُ مَعْنىً غير قولٍ، ولا يَصْدقُ عليه خبر "أن" لأن "عالم" لا يصدُقُ على الاعتقاد، وإنما فتَحتَ لِسَدِّ المَصْدر مَسَدَّها ومَسَدَّ مَعْمُولَيْها، والتقدير: اعْتِقَادي عِلْمُهُ، بخلافِ "قَوْلي" أنه "فَاضِل" فيجِبُ كسرُها، وبخلافِ "اعْتِقاد زيدٍ إنه حق" فيجب كَسْرها أيضًا، لأنَّ خَبَرَها وهو "حقٌ" صَادقٌ على الاعتقاد. (6) مجرورةً بالحَرفْ نحو: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ} (الآية "6" من سورة الحج "22") (7) مَجْرُورةً بالإِضَافَةِ نحو: {إنَّهُ لَحَقٌ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "23" من سورة الذاريات "51"). أي: مِثْلَ نُطْقِكُمْ و "ما" زائِدَة. (8) تابعةً لشيءٍ ممَّا تَقَدَّم، إمَّا على العَطْفِ نحو: {اُذكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم وَأَنَّيَ فَضَّلْتُكُمْ عَلى العَالَمِينَ} (الآية "40" من سورة البقرة "2") والمَعْنَى: اذكُرُوا نِعمتي وتَفَضُّلي، أَوْ عَلى البَدَلِيَّةِ نحو: {وَإذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتيْن أَنَّها لَكُمْ} (الآية "7" من سورة الأنفال "8") فـ "أَنَّها لكُمْ" بدل اشْتِمال من إحْدَى. والتقديرُ: إحْدَى الطَّائِفَتْين كَونُهَا لكُم. (9) بعدَ حَقًّا، وذلك قولك: "أَحَقًّا أنَّك ذاهبٌ" و "ألْحقَّ أَنَّكَ ذَاهبٌ" وكذلكَ في الخبر إذا قلت: "حَقًّا أَنَّكَ ذاهِبٌ" و "الحَقُّ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وكذَلِكَ: "أأكْبَرُ ظَنِّكَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونَظِير أَحَقًّا أنك ذَاهِبٌ قولُ العَبْدِي: أَحَقًّا أنَّ جِيرَتَنَا اسْتَقَلُّوا *** فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ وقال عمر بن أبي ربيعة: أألْحَقَّ أنْ دَارُ الرَّبَاب تَبَاعَدَت *** أوِ انْبَتَّ أنَّ قَلْبَك طائِر (10) بعد لا جَرَم نحو قوله تعالى: {لا جَرَم أنَّ لَهُمُ النَّارَ} (الآية "62" من سورة النحل "16") ومعناها: لقد حَقَّ أنَّ لهم النار، وهناك كثيرُ من التَّعَابير بِمَعْنَى حقًا تُفْتح أنَّ بعْدَها، فتَقُول مثلًا "أمَّا جَهْدَ رَأْيي فَأَنَّكَ ذَاهِبٌ" ونحو" شَدَّ مَا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" وهذا بِمَنْزِلَةِ: حَقًّا أَنَّك ذَاهِبٌ، وتقول: " أَمَّا أَنَّكَ ذَاهِبٌ" بمنزلَةِ حَقًّا أنَّك ذَاهِبٌ، ومثلُ ذلك قولُه تعالَى: {إنه لحَقٌ مثل ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُون} (الآية "23" من سورة الذاريات "51") وتَقْبَل هَمزة "إن" الفتح والكسر في مواضع(=إنَّ وأخواتها). وقد تخفف "أنَّ" فتكونُ مُخَفَّفة من الثقيلة(=إنْ المخففة من الثقيلة). أَنَّ حَذْفُ حرف البحر قَبْلها قِيَاسًا (= اللازم 4). أنَّ باعتبَارها مصدرية(1 و 2) (=الموصول الحرفي). أنا ضميرٌ مُنْفَصِل للمُتَكَلِّم وَحْدَهُ خاصٌّ بالرفع(=الضمير). إنَّهْ - من أَحْرُفِ الجَوَابِ، فَهُو بمنزِلِةِ: أَجَلْ، وإذا وصَلْتَ قلتَ: "إنَّ يا هذا" قال عبد الله بن قيس الرُّقَيَّات: بَكَرَ العَوَاذِلُ في الصَّبُو *** حِ يَلُمْنَنِي وأَلُومُهُنَّهْ ويَقُلْن شَيْبٌ قَدْ عَلا *** كَ وقد كَبِرتَ فَقُلْت إنَّه (أو معناه: إنه الشيب. على حذف الخبر المفهوم من السياق. (=أحرف الجواب) أَنَّى الاسْتِفْهَامِيَّة:
تَأْتِي بمَعْنَى "مِنْ أَيْنَ" نحو: {أَنّى لَكِ هَذَا} الآية "37" من سورة آل عمران "3") أيْ من أيْنَ لكِ هَذَا وتَأْتِي بمعنى " كَيْفَ" نحو: {أَنَّى شِئْتُمْ} (الآية "223" من سورة البقرة "2"). والمعنى: كَيْفَ شِئْتم ومَتى شِئْتُمْ وحيثُ شِئْتُمْ فتكونُ "أَنَّى" على أربعة مَعَانٍ. أَنَّى الشرطيَّة:
هي مِنْ أَدَوَاتِ المُجَازَاةِ، وهي اسمُ شَرْطٍ جَازِمٍ يُجزَمُ بها فِعْلَانِ، وهِيَ من ظُرُوفِ المَكَان بِمَعْنَى "أَيْنَ". واستَشْهد عليها سيبويه بقَول لَبِيد: فأصْبَحْتَ أَنَّى تَأتِها تَلْتَبٍسْ بها *** كِلاَ مَرْكَبيْك تَحْتَ رِجْلَيْكَ شَاجِرُ (معنَى تَلْتبس: تَنْشَب، شَاجِرِ، مُضْطَرِب. قال ابن السيد: العرب تشبه التَّنَشُّب في العظائم بالرُّكْوبِ على المَراكِب الصَّعْبة.) (=جوازم المضارع 3). أَنْبَأ: من الأفْعالِ التي تَتَعدَّى إلى ثَلاَثَةِ مَفَاعيل تَقُولُ: "أَنْبَأْتُ زَيْدًا أَخَاه قَادِمًا. وقال الأعْشَى مَيْمون بن قَيْس: أُنْبِئْتُ قَيْسًا ولم أَبْلُه *** - كما زَعَموا - خَيْرَ أهلِ اليَمَنْ (=المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل). أَنَتِ: وفُرُوعُها: أَنْتُمَا أَنْتُم أَنْتُنَّ ضمائرُ رفعٍ مُنْفَصِلة. (=الضمير 5). أَنْشَأَ: فعلٌ مَاضٍ يدُلُّ على الشُرُوع، وهي من النَّواسِخِ، يَعْمَلُ عَمَلَ "كانَ" إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أنْ يَكُونَ جملةً فِعليَّةً مُشْتَمِلةٍ على فِعلٍ مُضارعٍ فاعلُه ضميرٌ يَعودُ عَلَى الاسمِ، مجرَّدٍ من "أَنْ"(ذلك لأن أفعال الشروع للحال و "أن" للاستقبال) وهي مُلاَزِمةٌ للمَاضِي نحو "أَنْشَأَ خَالِدٌ يَبْني بيته" فكلمة "يَبْني" مُضارعٌ وفاعِلُها ضميرٌ يعودُ على الاسم وهو خالد. أَنَّما: كُلُّ مَوْضِعٍ تَقَعُ فيه: "أنَّ" تَقَعُ فيه: " أنَّ" تَقَعُ فيه أَنَّما وَمَا ابْتُدِئَ بَعْدَها صِلَةٌ لها - ولا تكونُ هي عامِلَةً فِيمَا بَعْدَهَا، كما لا يَكون الذي عَامِلًا فيما بعده فمن ذلك قوله عز وجل: {قُلْ إنَّما أنا بشرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إليّ أنَّمَا إلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ} (الآية "110" من سورة الكهف) وقال الشاعر ابنُ الإِطْنَابة: أبلغِ الحَارِثَ بنَ ظَالِمٍ المَوْ *** عِدَ والناذِرَ النُّذُورَ عَلَيَّا أَنَّما تَقتُلُ النِّيَامِ وَلاَ تَقْ *** تُلُ يَقْظَان ذا سلاحٍ كَمَّيا فإنَّما وقعتْ "أَنَّما" هَهُنا لأَنَّكَ لَوْ قُلتَ: " يُوحَى إليَّ أنّ إلهكم إلهٌ وَاحِدٌ" و "أنَّك تَقْتُل النِّيامَ كان حَسَنًا" وإنْ شِئْت قُلتَ: إنما تَقْتُل النِّيام، على الابْتداء. إِنَّما: أَصْلُها "إن" ودَخَلَتْ عليها "مَا" الزَّائدةُ فكَفَّتْها عن العملِ، واختلَفَ مَعنَاها، وهي لتَحقيق الشيءِ عَلى وَجْهٍ مع نَفْي غيرهِ عنْه، وهذا مَعنى الحَصْر. يقول سيبويه: واعلَمْ أنَّ الموضِعَ الذي لا يَجُوزُ فيه "أنَّ" لا تكون فيه "إنما" ويقول: ولا تكون إلا مُبْتَدَأَةً، قال كُثيَّر: أُرَاني ولا كُفْرانَ للَّهِ إنما *** أُوَاخِي مِنَ الأقوَام كُلَّ بَخِيلِ أَها: حِكايةُ صَوْتِ الضَّحِك، عن ابنِ الأَعْرابِي وأنْشَدَ: أَهَا أَهَا عندَ زادِ القَوْمِ ضِحْكَتَهُم *** وأنتمُ كُشُفٌ عِند الوَغَى خُورُ أَهْلًا وسَهْلًا: كَلِمَتَا تَرحيبٍ والأصْلُ فيهما: أصَبْتَ أهْلًا لا غُرَباءَ ووَطِئْتَ سَهْلًا، وَهُمَا في مَحَلِّ نَصْبٍ مفعولٍ لفعلٍ مَحْذُوف. أَوْ:
[1] حَرْفُ عَطْف، وهِيَ لأِحدِ الأَمْرَيْن عند شَكِّ المتَكِّلمِ أو قَصْدِه أحدهما، فالأَوَّلُ وهو الشَّكُّ نحو" جَاءَني رَجُلٌ أو امْرَأةٌ". والثاني وهو قصدُ أَحدِ الأمْرَيْن ويكون بعدَ الطَّلَب نحو "تزَوَّجْ هِنْدًا أو أخْتَها" أي لا تَجْمَعْ بَيْنِهُمَا ولكِنْ اخْتَرْ أيَّهُمَا شِئْت، وكذلك اعْطِنِي دينَارًا أو اكْسُني ثَوْبًا. ويكون لها أيضًا موضعٌ آخَرُ وهو الإبَاحة، وذلك قولك: "جالِسِ الحَسَن أو ابْنَ سِيرين" أي قد أذِنْتُ لك في مجالسة هذا النوع من الناس، فإن نَهَيْتَ عن هذا قلتَ: لا تُجَالِسْ زَيْدًا أو عَمرًا، أي لا تُجالِسْ هذا الضَّرب من الناس، وعلى هذا قول الله عز وجل: {وَلاَ تُطِعْ مُنْهُمْ آثِمًا أو كَفوُرًا} (الآية "24" من سورة الدهر "76".) وَتَأْتِي "أو" للشّكَّ أو للإِبْهَامِ على المُخَاطَب، نحو: "{وَإِنَّا وإِيَاكُمْ لَعَلَى هُدىً أو في ضَلالٍ مُبِين} (الآية "24" من سورة سبأ "34") أَوْ لِلْتَّفْضِيل نحو: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارى} (الآية "135" من سورة البقرة "2") أو "للتَّقْسِيمِ" نحو "الكَلِمَةُ": اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أو حَرْفٌ"، وتكونُ بمعنى "الواو" عِنْدَ أَمْنِ اللَّبْسِ كقول حُمَيْد بن ثَوْر الهلالي الصَّحابي: قّوْمٌ إذا سَمِعُوا الصريخ رأيتَهم *** مَا بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أو سَافِعِ (الصريخ: المستغيث، السافع: الآخذ بناصية فرسه، "أو" هنا بمعنى واو، لأن "بين" لا يعطف فيها إلاّ بالواو.) [2] وَقَدْ تَكونُ "أَوْ " للإضراب كـ "بَلْ" وذلكَ بشَرْطَين: تَقَدُّمُ نَفْي أو نَهْي وإعَادَةُ العامِلِ نحو "مَا غَابَ عَلِي أو غَابَ مُحمَّدٌ" ونحو" لاَ يَقُمْ زَيْدٌ أو لا يَقُمْ مُطْلَقًا احتجاجًا بقول جرير: ماذا تَرَى في عِيَالٍ قدْ بَرِمْتُ بهم *** لمْ أُحْصِ عِدَّتَهُمْ إلاَّ بعَدَّادٍ كانوا ثمانِينَ أَوْ زادوا ثَمَانِيِةً *** لَوْلًا رَجَاؤُكَ قَدْ قَتَّلْتُ أوْلاَدِي أوْ: يَنْتَصِبُ المُضَارِعُ بأنْ مُضْمَرةً وُجُوبًا بعد" أوْ" تقول: " لاَلْزَمَنَّك أو تُعْطِينَي حَقّي" كأَنَّه يَقول: لَيَكُونَنَّ اللُّزُومُ أوْ أنْ تُعْطِيَني. وَمَعْنَى مَا انْتَصَبَ بعد "أو" على "إلاَّ أنْ" وعلى هذا قول امرئ القَيْس: فَقُلْتُ له لا تَبْكِ عينُك إنَّما *** نُحاوِلُ مُلكًا أو نَموتَ فَنُعْذَرا وقال زيادُ الأعجم: وكُنْت إذّا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ *** كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أو تَسْتَقِيمَا والمعْنَى فِي البيتَيْن: إلاَّ أنْ نَمُوتَ فُنُعذَر، وكَسَرتُ كُعُوبَها إلاَّ أنْ تَستَقيما(هذا البيت من أبياتٍ ثلاثةٍ قَافِيتُها مَكْسُورةُ الآخِرِ إلاّ البيت الشّاهد ففيه إقْواء على الرفع وسيبويه روى البيت بالنصب وجعلَه شَاهِدًا عليه.) وقال سيبويه: ولو رَفَعْتَ لكَانَ عَرَبِيًَّا جائِزًا على وَجْهَين: على أَنْ تُشرِكَ بينَ الأَوَّل والآخِرِ، وعلى أنْ يكونَ مُبْتَدأ مَقْطُوعًا من الأَوَّل، وعلى هذا فيكونُ تأويلُ قَولِ امْرِئ القَيْس: أو نَحْن مِمَّن يموتُ فيُعذَرُ وقال عز وجل: {سَتُدْعَوْن إلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَديدٍ تُقَاتِلُونهم أو يُسْلِمُون} (الآية "16" من الفتح "48") إن شِئْتَ على الإِشْراك - أي بأن تَعْطِفَ بـ " أو" يُسلِمُون على تُقَاتِلونهم - إنْ شِئْت على تَقْدير: أو هُمْ يُسْلِمُون. وكلمة "أو" إذا كَانَتْ للشَّك، أو للتَّقْسِيم، أو التَّفصِيل، أو الإِبْهام، أو التَسْوِية، أو التَّخيير، أو بمعْنى "بل" أو "ألى؟؟" أو "ألاّ" أو "كَيْف" أو "الواو" كَانَتْ عَاطِفَةً ساكنة. وإذا كانَتْ لِلْتَّقْرير أو التَّوضِيح، أوِ الرَّدِّ، أو الإِنْكَارِ، أو الاسْتِفْهَام، كانت مَفْتُوحةً كقوله تعالى: {أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهم لا يَعْلمُون} (الآية "104" من سورة المائدة "5") أَوْشَكَ:
[1] كلِمةٌ تَدُلُّ على قُرْبِ الخَبَر، وهي فِعْلٌ مَاضٍ من النَّواسِخ تَعْمَلُ عَمَلَ "كان" إلاَّ أَنَّ خَبَرَهَا يَجِبُ أنْ يكونَ جملةً فِعْلِيةً مُشْتَمِلةً على مُضَارِعٍ يَغْلِبُ فيه الاقْتِرَانُ بـ "أَنْ" وفَاعِلُه ضَمِيرٌ يَعُودٌ على الاسْمِ نحو قول الشاعر: وَلَوْ سُئِلَ النَّاسُ التُّرابَ لأَوْشَكُوا *** إذا قِيلَ هَاتَوا أنْ يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا ويُسْتَعْمَلُ لأوْشَكَ: الماضِي والمُضارعُ وهوَ أكْثَرُ اسْتِعْمالًا مِن مَاضِيها، واستُعْمل لها اسمُ فاعِلٍ وهو نادر وذلكَ كقَول كُثَيرِّ عَزَّ: فَإِنَّكَ مُوشِكٌ أَلاَّ تَرَاهَا *** وَتَعدُو دُونَ غَاضِرةَ العَوادِي (غَاضرة: جاريةُ أم البنين بنت عبد العزيز بن مَرْوان، العوادي: عوائق الدهر.) [2] وقد تَأْتي "أوشكَ وعسى واخلولق" تامَّات، وذلك بجواز إسنَادهنَّ إلى "أنْ يَفْعلَ" ولا تحْتَاجُ إلى خَبرٍ منصوب نحو" أَوْشَكَ أنْ يحْضرَ المعلمُ الدرسَ" وينبني على هذا حكمان (= أفعال المقاربة). أَوَّل: أَوَّل الشَيءِ: جُزْؤه الأَسْبَق وهو "أفْعَل" ومُؤنَّثه "أولى" وله اسْتِعْمالاَنِ: (أحدُهُما) أنْ يكونَ اسمًا فينصَرِف، ومنه قولهم "مَاله أولٌ ولا آخِرٌ" وهذا - كما قال أبو حيان - يؤنث بالتاء فتقول: "أوَّلَةٌ وآخِرةٌ" بالتنوين: (الثاني) أن يكونَ صِفةً على وزن "أفْعل" تفضيل، من دُخُولِ "مِنْ" عَلَيه، ومنع الصرف وعدمه. أمَّا إعرابه فله جميعُ أحوالِ أسماءِ الجهات، (=قبل). الأُولى: مَقْصُورًا بدُونَ مدِّ الواو - اسمُ موصولٍ لجمع المذكَّر العَاقِل كَثيرًا، ولغيره قليلًا قال الشاعر: رَأَيْتُ بَني عَمِّي الأُوْلَى يَخْذُلُونَني *** عَلى حَدَثانِ الدَّهْرِ إذْ يَتَقَلَّبُ ومن وقوعها لغير العَاقِل قولُ الشَّاعر: تُهَيِّجُني للوَصْلِ أَيَّامُنَا الأُولى *** مَرَرْنَ علينَا والزَّمانُ وَرِيقٌ أولات: بِمَعْنَى صَاحِبَات مُلْحقٌ بجَمْعِ المُؤنَّث السَّالم ويُعْربُ إعْرَابَه. (= الجمع بألف وتاء مزيدتين 6 و 7). أولُو: جَمْعٌ بمعنى ذوُو أيْ أصْحاب لا وَاحِدَ له، وقيل: اسمُ جَمْعٍ واحِدُه "ذو" بمعنى صَاحب وهو مشنْ حيثُ إعرابُه بالحُرُوفِ مُلحَقٌ بجَمْعِ المذكَّرِ السالمِ. (=جمع المذكَّر السالم). أولاء: اسْمُ إشارَة لجَمعِ المذكَّر العَاقِل وقد يكُونُ لِغيرِ العاقلِ وقد تَسبِقُه "ها" للتَّنْبيه إنْ لمْ تكُنْ كافُ الخِطاب تقول: هؤلاء، وأُولئِكَ. (=اسم الإشارة). أُولَيَّاء: تصغيرُ "أُولاءِ" (= التصغير 14) أولَيَّاء: تصغير "أُولى" (=التصغير 14) أَوَّهْ: اسمُ فعل مضارع بمعنى أَشْكُو وأَتَوَجَّعُ نحو" أَوَّهْ من تَسَاهُلِكَ" (=اسم الفعل 3). إي: حَرْفُ جَوابٍ بمعنى "نَعَمْ" ويقالُ يمعنى "بَلَى" فيكونُ جَوابًا لتصديقِ المُخْبِر والإعلامِ المسْتَخْبِرِ ولوعْدِ الطَّالبِ ولا تَقَعُ إلاَّ قَبْل القَسَم نحو "إي واللَّهِ" وإنْ شِئْتَ قلتَ "إي الله لأفْعَلَنَّ" أي واللهِ، ونُصبَتْ بنزَعِ الخَافِضِ وهُوَ واوُ القَسَم، ولا يُسْتَعمَل فِعلُ القَسَم بعد" أي" فلا يُقال: "إي أَقْسَمْتُ بِرَبّي" ولا يكونُ المُقسَمُ به بعدها إلاَّ " الرَّب، والله وَلَعَمْري" وفي ياء" أي" من "أي الله" ثَلاَثَةُ أَوْجُه: حَذْفُها للسَّاكِنَيْن وفَتْحُها تبيينًا لِحَرْفِ الإيجاب، وإبْقاؤها سَاكِنَةً مع الجمعُ بينَ ساكنين. أَيْ: حَرْفُ تَفْسِير المُفْردات، تقول: "عِندي عَسْجَدٌ أيْ ذَهَبٌ" وما بَعْدَها عَطْفُ بَيَان على مَا قَبْلَها، أَو بَدَل، لا عَطْف نسق، وتَقَعُ تَفْسِيرًا للجمل أيضًا كقوله: وتَرْمِينَنِي بالطَّرْفِ أيْ أنتَ مُذْنِبٌ *** وتَقْلِينَني لكِنَّ إيَّاكِ لاَ أَقْلِي (لكن: أصلها هنا: لكن أنا على حد قوله تعالى{لكن هو الله ربي} أي لكن أنا.) وإذا وقَعتْ بعدَ كلمة "تَقُول" وقبل فعلٍ مُسْنَدٍ حُكِي الضَّميرُ نحو "تقولُ استكتمتُهُ الحديثَ أَيْ سألتُه كِتْمَانَه" بضم التاء من سألتُه ولو جِئْتَ بـ " إذا" التَّفْسِيريَّةٍ فَتَحْتَ التاءَ فقلتَ: "إذَا سألتَهُ". أَيْ: حَرْفُ نِداءٍ للقريب وقيل للبَعِيد(هذا ما يقوله أكثر النحاة وفي السان: وأي حرف ينادى به القريب دون البعيد.) قال كُثَيرِّ: أَلَمْ تَسْمَعِي أيْ عَبْدَ في رَوْنَقِ الضُّحا *** بُكَاءَ حَمَامَاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ أَيّ: أداةٌ تَاتِي على سِتَّةٍ أَوْجُهٍ: -1 الاسْتِفْهام، -2 التَّعَجُبٌ. -3 الشَّرط. -4 الكَمَال. -5 المَوْصُول. -6 النِّداء، وهَاكَهَا مُرتَّبَةً على هذا النَّسَق. أَيّ الاستفْهَامِيَّة: يُسْتَفْهَمُ بِهَا عَن العَاقِلِ وغَيْرِهِ وتَقَعُ عَلَى شَيْءٍ هِيَ بَعْضُه، لا تكونُ إلاَّ على ذلِكَ في الاستِفْهَام، نحو "أيُّ إخْوَتِكَ زَيْدٌ" فزيدٌ أحدُهُم. ويَطْلبُ بها تعيينَ الشَّيْءِ، وتُضَافُ إلى النكرة والمعرفة نحو: {أَيُّكُمْ يَأتيني بِعَرْشِهَا} (الآية "38" من سورة النمل "27") ولا بُدَّ في كلِّ ما وَقَعَتْ عليه" أيّ" الاستفهاميّة من أنْ يَكُونَ تَفْسِيرهُ بهمزةِ الاستفهام و "أمْ" فتَفْسير" أيُّ أخَوايَكْ زَيدٌ" أَهَذَا أمْ هَذا أمْ غَيرهُمَا. وقد تُقْطَعُ عن الإضافة مع نِيَّةٍ المُضَافِ إليه، وحِينَئِذٍ تنَّون نحون "أَيًّا مِن النَّاسِ تُصَادِق؟" و "أيّ" الاستفهاميَّة لا يعملُ فيها ما قبلها، وإنما يُمْكِن أن يَعْملَ فيها ما بَعدَها قال الله عَزَّ وجَلَّ: {لِنَعْلَمَ أيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} (الآية "12" من سورة الكهف "18") فَأَيُّ: رُفعَ بالابتداء، وأَحْصَى هي الخبر، وقال تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26") فـ "أَيَّ" هنا مفعولٌ مُطلَق لـ " يَنقلِبون" التَّقْدير يَنْقَلِبُون انْقِلاَبًا أيَّ انْقِلابٍ، فعمل فيها ما بعدها. أَيّ التَّعَجُّبِيَّة: هي التي يُرادُ بها التَّعجُّبُ كقولك: "أَيُّ رَجلٍ خالدٌ" وأَيُّ"(من غير تاء التأنيث، وفي اللسان: إذا أفردوا "أيًا" - أي لم يضيفوها ثنوها وجمعوها وأنثوها فقالوا: "أية" وأيتان وأيّات، وإذا أضافوها إلى ظاهر أفردوها وذكروها فقالوا" أي الرجلين" و "أي المرأتين" و "أي الرجال" و "أي النساء" وإذا أضافوا إلى المكني - أي الضمي - المؤنث ذكروا وأنثوا فقالوا: " أيهما وأيتهما".) جَارِيَةٍ زَيْنَبٌ" ولا يُجازَى بـ " أَيّ" التَّعجُّبِيَّة. أَيّ الشَّرْطِيَّة: اسمٌ مُبْهَم فيه معنى المُجَازَاة ويَجزِمُ فِعْلَين، ويُضافُ إلى المَعْرفة والنَّكِرة نحو: {أَيَّما الأَجَلَيْنِ قَضَيتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ} (الآية "28" من سورة القصص "28"). و "أيُّ إنسانٍ جَاءَكَ فاخْدِمْه". وقد تُقْطَعُ عن الإضافَةٍ لفظًا مع نيَّة المضافِ إلَيْه، وإذْ ذَاك تُنَوَّن نحو: {أَيًّا مًَّا تَدْعُو فَلَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَى} (الآية "110" من سورة الإسراء "17"). ويجوزُ أن تَقْتَرِنَ بـ "مَا" كَما في الآية وتعرَبُ بالحَرَكَاتِ الثَّلاثِ على حَسَب العَوامِلِ المؤثِّرَةِ فيها. وَقَدْ يَدْخُل عليها حَرْفُ الجَرِّ فَلاَ يُغَيِّرها عَن المُجَازاة نحو" عَلى أَيِّ دَابَّةٍ أُحْمَلْ أَرْكَب" وقد تكون "أَيّ" الشَّرْطِيَّة بمنزلة" الذي" إذا قصدت بها ذلك فيُرفع مَا بَعْدَهَا، تقول: "أَيُّها تَشَاءُ أُعْطِيك". أَيّ الكَمَالِيَّة: وهي الدَّالَةُ عَلَى مَعْنَى الكَمَال، فَتَقَعُ صِفَةً للنَّكِرَة نحو" عُمَرُ رَجُلٌ أيُّ رجُلٍ" أيْ كَامِلٌ في صِفَاتِ الرِّجال. وحَالًا للمعرفة كـ "مَرَرْتُ بعبدٍ اللَّهِ أَيَّ رَجُلٍ" وَلاَ تُضَافُ إلاَّ إلى النَّكِرَةِ لُزومًا. أَيّ المَوْصُولَة: تأتي بمعنى " الَّذِي" وهي و "الذي" عَامَّتَان تَقَعَان على كلِّ شَيْءٍ، ولا بُدَّ لَها كَغَيْرها مِن أَسماءِ المَوْصُول مِن صِلةٍ وَعَائِدٍ وقدْ يُقدَّر العَائدُ وهِيَ مُعْرَبَةٌ تَعْتَرِيها الحَرَكاتُ الثَّلاثُ، إلاَّ في صورةٍ واحدةٍ تكُونُ فيها مَبْنِيَّةً على الضمِّ(هذا قولُ سيبويه، وعليه أكْثر النحاة البصريين وعند الخليل ويونس، والأخفش والزجَّاج والكُوفيين أن "أيّ" الموصولة مُعِرَبَةٌ مطلقًا أُضِيفَتْ أمْ لمْ تُضف، ذُكِرَ صدرُ صِلتِها أم حُذِفَ كالشَّرْطِية والاستِفْهَامِية.) وذلِكَ إذا أُضِفَتْ وحُذِفَ صَدْرُ صِلَتِها نحو: {ثُم لَنَنْزِعَّن مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلى الرَّحْمَنِ عِتيًّا} (الآية "69" من سورة مريم "19") والتَّقْدِير: أَيُّهُمُ هُوَ أَشَدُّ. ولا تُضَافُ المَوْصُولَةُ إلى مَعْرَفَةٍ وقد تُقْطَعُ عَنٍ الإِضافِة مع نِيِة المُضَاف إليه، وإذْ ذَاكَ تُنَوَّن نحو "يعْجِبُني أيٌّ هو يُعَلِّمني". ولا تُسْتَعملُ الموصولة مُبْتَدًا، ولا يَعْمَلُ فيها إلاَّ عَامِلٌ مُسْتَقبلٌ مُتَقَدِّمٌ عَليَها كَما فِي الآية. أَيّ النِّدائِيَّة: تكونُ "أيّ" وَصْلَةً إلى نِدَاءِ مَا فِيه "ألْ" يقالُ "يَا أَيُّها الرَّجُلُ" و "يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا". ويجُوزُ أنْ تُؤَنَّثَ مع المؤنَّث فتقول: "أَيَّتُها المَرْأَة". وإنَّما كَانَتْ "أيّ" وَصْلَةً لأنَّه لا يُقَال "يا الرجل" أو" يا الذي" أو "يا المَرْأة" و "أيّ هذه: اسْمٌ مَبْنيٌ على الضَّمِّ لأنَّه مُنَادىً مُفْرد، و "ها" لازمةٌ لأيّ للتَّنْبِيه، وهِيَ عِوَضٌ مَنَ الإضَافَةِ في "أي" و "الرَّجُلُ" صِفةٌ لاَزَمةٌ لـ "أَيّ"، ولا بُدَّ مِنْ أَنْ تكونَ هذه الصِّفَةُ فيها "أل". أَيَا: مِنْ حُروفِ النِّدَاء يُنادَى بِها القَرِيبُ والبَعِيدُ والأكْثرُ أنها للبَعيد أو للنَّائِم المُسْتَثْقِل لأنَّها لَمدِّ الصَّوت. (=النداء). أيَّاكَ وأن تفعل: لا يُقال إيَّاكَ أَنْ تفعلَ بلا واو، قال ابن بري: المُمْتَنع عند النحويين "إيَّاك الأسَدَ" لا بُدَّ في مثِله من الواو، فأمَّا "إيَّاك أنْ تفعل" فجَائِزٌ على أنْ تجعَلَه مَفْعُولًا من أجْلِهِ، أي مخافة أنْ تَفْعَلَ، وعِند اللُّغَويّين لا بُدَّ فِي مِثلِ هذا مِنَ الوَاوِ، والعِلةُ في ذلك: أَنَّ لكلٍّ مِنْ إيَّاك والاسم فِعْلًا يَنْصِبُه مُقَدّرًا غَيْرَ فِعلِ صَاحِبِهِ وهو مَعْطُوفٌ عَلَيه بالواو فإذا قلنا: "إياكَ والشَّرَّ" فالتَّقُدِيرُ: احْفَظْ نَفْسَكَ وأتِّقِ الشَّرَّ(هذا كلام الجواليقي في شرح أدب الكاتب) إِيَّاكِ: ضَمِيرُ نَصبٍ مُنْفَصِلٍ تَتَّصل به ضَمَائِرُ لتمييز صاحب الضمير نحو: "إيَّاكَ إيَّاكِ إيَّاكُمَا إيَّاكُم إيَّاكنَّ إلخ. " وهذه الضَّمائِر المُلْحَقَةُ حُرُوفٌ وهنالِكَ مَنْ يَرى أَنَّها كلَّها ضميرٌ، و "أيَّاكَ" في "رَأيتُكَ إيَّاك" بدل وفي "رأيتُكَ أَنْتَ" تأكِيدٌ كما يَقُول سيبويه. (=الضمير 5). إيَاكَ: تَأْتِي بِمَعْنى احْذَر، وإيَّاكَ: نَحِّ، وإيَّاكَ: بَاعِد، وإيَّاك: اتَّقٍ، وما أَشْبَه ذا، وإيَّاك هذَا لا يجوزُ فيه إظهارُ فِعْله. إَيَّانَ: مِن أَدَوَات المُجَازَاة الجَازِمة لِفِعْلَين، وهي ظَرْفُ زَمَانٍ تَضَمَّنَ مَعْنَى الشرط نحو: "أيَّانَ تَقْرأ أقْرأْ" ولم يَذْكر سيبويه ولا المبرد "أيَّان" في أدَوَات المُجازاة، وقال ابنُ سِيدّه: أيَّانَ بمعنى "متَى" فينبغي أن تكونَ شرْطًا، قال: ولم يَذْكُرْها أصحابُنا في الظُّروفِ المَشْروطِ بها مثل مَتَى وأَيْنَ(=جوازم المضارع 7) أَيَّانَ الاستِفْهامِيَّة: مَعناها أَيُّ حين وهو سُؤالٌ عنْ زَمانٍ مثلُ "مَتى" قال أبو البقاء: "أيَّان" يُسْأل به عن الزَّمان المُسْتَقْبل، ولا يُسْتَعْملُ إلاَّ فيما يُرادُ تَضْخِيمُ أَمْرِه وتَعْظِيمُ شَأْنِهِ، نحو: {يسأل ايَّانَ يَوْمَ القِيَامَة} (الآية "6" من سورة القيامة "75") إيَّايَ وَإِيَّانَا: ضَمِيرا نَصْبٍ مُنْفَصِلٍ (= الضمير 5). أَيْضًا: مَصْدَرُ "آضَ" بمعنى عَادَ وَرَجَعَ، ولا يُستعملُ إلاَّ مَع شَيْئَين بينهما تَوافُق، ويمكن اسْتِغْنَاءُ كُلّ منهما عنِ الآخر نحو: "أكرَمَني خَالِدٌ ومَنَحَنِي محمدٌ أيْضًا". فلا يُقال: " جَاءَ زيدٌ أيضًا" ولا "جاءَ بكرٌ وماتَ أيضًا" ولا "أخْتَصَمَ زيدٌ وعمرٌو أيضًا". وإعْرَابُه: مَفْعُولٌ مُطْلَق حُذِفَ عامِلُه وجوبًا سَماعًا. ايْمُ اللَّهِ: أصلها: أَيْمنُ اللَّه(أنظر "أيمن الله" بعدها.) ثم كَثُر في كَلامِهِم وخَفَّ على أَلْسِنَتِهِمْ حتى حَذَفُوا النُّون كما حَذَفُوا النُّون كما حَذَفوها من "لمْ يكُنْ" فقالوا: "لم يَكُ" وربَّما حَذَفُوا منه الياء، فقالوا: " أُمُ اللَّهٍ" وربَّما أَبْقَوا الميمَ وَحْدَهَا مضمومةً فقالوا: "مُ اللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ كذا" وهو اسمٌ وُضِعَ للقَسَم، وهَمْزُتُه في الأصل للقَطْع، ثم أصْبَحَتْ بكثرةِ الاسْتعمال همزةَ وصلٍ. ايْمُنُ اللَّه: اسمٌ وُضِعَ للقَسَم، وهو بضم الميم والنُّونِ، وأَلِفُهُ أَلِفُ وَصْل، واشتِقَاقُه مِنَ اليُمْن والبَرَكةِ كما يقول سيبويه، ولم يَجئْ في الأسماءِ أَلِفُ وَصْلٍ مفتوحةً غيرُها. وقد تدخُلُ عليه اللامُ لتأكيدِ الابتداء تقول: "لَيْمُنُ اللَّه" فتذهب الألف في الوصل (وقال الفراء هي ألف قطع، وهي جمع يمين يقال: " يَمِينٌ اللَّه وأيْمُن اللَّه" وقال زهير: فتُؤخذُ ايْمُنٌ مِنَّا ومِنْكُم *** بِمُقْسَمَة نمورُ بها الدِّماء وإلى هذا القوال ذَهَب أبو إسْحاق الزَّجاج.) قال نُصيب: فقالَ فريقُ القومِ لمَّا نشدْتُهم *** نعم، وفريق: لَيْمُنُ اللَّه ما نَدْري وهو مرفوعٌ بالابْتِداء، وخَبَرُه محذوفٌ، والتَّقْدير: ليْمُنُ اللَّه قَسَمي. أيْنَ الاستِفهامِيَّة: اسمُ استِفهامٍ عن مكانٍ، وهي مُغْنِيَةٌ عنِ الكلامِ الكثير، وذلكَ أَنَّكَ إذا قُلتَ: "أَيْنَ بَيْتُكَ". أغناكَ عن ذِكْرِ الأَمَاكِنِ كُلِّها، وهو سُؤالُ عنِ المَكَانِ الَّذي حَلَّ فيه الشيءُ، وإذَا دَخَلَتْهُ "مِنْ" كان سُؤالًا عن مَكانِ بُرُوزِ الشيءِ تقول: "مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ" وهو مبنيٌّ على الفتح في الحالات كلِّها. أيْن الشَّرْطِيَّة: مِنْ أدَوَات المُجَازَاة ولا تكون إلاّ لِلْمكان، وتجزمُ فِعْلين مُلْحَقَةً بـ "ما" أو مجرَّدةً منها، نحو: " أَيْن تَققْ أقِفْ" و "أيْنَما تَذْهَبْ أَذْهَبْ" ولا يقال: " أَيْنَ يَكُنْ أكُنْ" بل يَقول: " أيْنَ يَكُن زَيدُ أكنْ" بإظهار الفاعلِ لأنَّ الظُروفَ التي لا تكونُ فاعِلةً إذا ذكرتَها لم يكُنْ بُدٌّ مِنْ ذكِر الفَاعل مَعَها نحو قول هَمَّام السَّلُولي: أينَ تَضربْ بنا الغَداةَ تَجدْنا *** نصرِفُ العِيسَ نحوها للتَّلاَقي (=جوازم الفعل 3) أيْنَمَا الشَّرْطِيَّة: هي أين بزيادةَ "ما" الزائدة وتَعْمل عَمَلَها نحو قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ المَوْتُ} (الآية "78" من سورة النساء "4") إيهِ: اسْمُ فِعلِ أمْرٍ، ومَعْنَاهُ: الاسْتِزَادَةُ مَنْ حَدِيثٍ مَعْهُودٍ، وإذَا نَوَّنْتَه كان للاسْتِزَادَةٍ من حديثٍ مَّا، وفي الصحاح: إذا قلت إيهِ يا رجُلُ فإنما تأمره بأن يَزيدَك من الحديث المعهودِ بيْنكُما، كأنَّكَ قلتَ: هاتِ الحديثَ وإنْ قلت إيهٍ بالتنوين، فكأنك قلت: هاتِ حديثًا مّا. (=اسم الفعل). إِيهًا: اسمُ فعلٍ أمر بمعنى كُفَّ واسْكتْ يقال: إيهًا عَنّا أيْ كُفَّ وَاسْكُت. (=اسم الفعل) أَيُّها: (= أيّ الندائية).
|