الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
مَرْءٌ وامْرُءٌ:
(الأوَّل): بغيرِ همزةِ وصلٍ، والأكثرُ فيه: فَتْحُ المِيمِ، والإِعْرَابُ على هَمْزَتِه فَقَطْ، والراءُ سَاكِنَة، وهذا هو القياسُ، وبِهَذا أُنزِل القُرآن، قَالَ اللهُ تعالى: {يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ} (الآية "24" من سورة الأنفال "8")، {يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} (الآية "34" من سورة عبس "80"). ومِنْهُم من أعْرَبه من مَكَانَيْن: أي إنَّهُ أَتبعَ حَرَكةَ المِيم بحَرَكَةِ الهَمْزَةِ فقالَ: "قَامَ مُرْؤٌ" و "ضربْتُ مَرْءًا" و "مرَرْتُ بمرْءٍ". والأصح ألاَّ إتباعَ فيه. (الثاني) وهو "امْرُءٌ" بِهَمْزَة وَصْل، فالأكثرُ فيه أَنْ تَتْبَعَ حَرَكَةُ الرَّاءِ حَرَكَةَ الهَمْزَةِ في آخِرِه، وحَرَكَةُ الهَمْزة وِفق مَوْقِعِهَا مِنَ الإِعْراب، والمُرَادُ أنه يُعربُ مِنْ مَكانَيْن، تقولُ: "هَذا امْرُؤٌ" و "رأيتُ امْرّءًا" و "نظرتُ إلى امْرِئٍ" وعلى هذا نَزَل القرآنُ قالَ تعالى: {إنِ امْرُؤٌ هَلَك} (الآية "176" من سورة النساء "4"). ومن العَرَب من يَفْتَحُ الرَّاء على كلّ حالٍ فيقول: "هذا امْرَؤٌ" و "رأَيْتُ امْرَءًا" و "نظَرْتُ إلى امرَئٍ" ومنهم من يَضم الراء على كل حال. ولا يجمع امْرؤ على لفظه ولا يُكسَّرُ، فلا يُقال: أَمْراء ولا مَرْءُون ولا أمارِيٌ وقد وَرَدَ في حديث الحسن: أحْسِنُوا مَلأَكم أيُّها المَرْءُون. ومنه قولُ رُؤْبَة لِطَائفةٍ رَآهُم: أيْنَ يُريدُ المَرْءُون. وقد أنَّثُوا فَقالُوا: مَرْأة، وخَفَّفُوا التَّخفيف القياسي فقالوا: مَرَةٌ بترك الهمزةِ وفتح الرَّاءِ، وهذا مطَّرِدٌ، وقال سيبويه: وقد قَالُوا: مَرْاةٌ، وذلك قليل. مَرْحبًا وأَهْلًا: مَفْعُول مُطْلَق لفعلٍ مَحْذُوف تَقْديره: رَحُبَتْ بِلادُكَ رُحْبًا ومَرْحَبًا، وأَهِلَتْ أَهْلًا، ومَعْناهُ الدُّعاء، ولو قلتَ: مَرْحبٌ وأَهْلٌ بالرفع لصَح والتقدير: أمْرُك مَرْحَبٌ. مَرَّة: قال أبو علي الفارسي: هي مَنْصُوبةٌ على الظَّرْفِيَّة في نحو "سَافَرْتُ مَرَّةً". مُجرَّدُ الثُّلاثي: (=الفعل الثُّلاثيّ المُجَرَّد). مُجردُ الرُّبَاعي: (=الفعل الرُّبَاعِي المُجَرَّد). مَزِيدُ الثلاثي: (=الفِعْل الثُّلاثيّ المَزِيد). مَزِيدُ الرُّباعي: (=الفِعْل الرُّباعي المَزِيد). المُسْتَثْنى:
-1 تعريفُه: هو اسْمٌ يُذْكَرُ بَعْدَ "إلاَّ" أو إحْدى أخَواتِها مُخالفًا في الحُكْمِ لما قبلها نَفْيًا وإثباتًا. -2 أدواتُ المستثنى: مَذْهَبُ سيبويهِ وجمهور البصريين أنَّ الأَدَاة تُخْرِج الاسمَ الثاني مِن الاسمِ الأوَّلِ، وحُكْمه من حُكْمِه والأَدَوَات هِن "إلاَّ، غَيْر، سِوَى (وفيها لغات: سوى: كرضى، وسوى: كهدى، وسواء: كسماء)، لَيْسَ، لا يَكون، خَلاَ، عَدَا، حَاشَا". -3 أنواعُها: هذه الأدواتُ أَرْبَعَةُ أَنْواع: (1) حَرْفٌ فَقَط وهو "إلاّ" (=إلاّ). (2) اسمٌ فَقَط، وهو "غَيْر وسِوى" (=غير وسوى). (3) فِعْلٌ فقط، وهو "لَيْسَ وَلاَ يكُونُ" (=ليس ولا يكون). (4) مُتَردِّدُ بَيْنَ الفعلِيّةِ والحَرْفية وهو "خَلا، عَدَا، حَاشا"، (بحث كلّ أداةٍ في حرفِها). -4 أقسام المُسْتَثْنى: المُسْتَثْنى قِسْمان: (1) مُتَّصِلٌ: وهو مَا كَانَ بَعْضًا من المُسْتَثْنى مِنه، مَحْكومًا عَليهِ بِنَقِيضِ ما قَبْله نحو "كُلُّ التلامِيذِ مُجِدُّونَ إلاَّ بَكرًا". (2) ومُنْقَطِعٌ: وهو بخلافِه - وهو ما كانَ المُسْتَثْنى ليس مِنْ نَوْعِ المُسْتَثْنى منه - إمّا لأنه لَيْسَ بَعْضًا نحو: جَاء بَنُوكَ إلاَّ ابنَ خالد" أو لأنَّهُ فقَدَ المُخَالَفَة في الحُكْم لما قَبْله نحو {لاَ يَذُوقُونَ فيها المَوْتَ إِلاَّ المَوْتَةَ الأولى} (الآية "56" من سورة الدخان "44") و{لا تَأكُلُوا أمْوَالَكُمْ بينكم بِالْبَاطِلِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ تجارَةً} (الآية "29" من سورة النساء "4"). والمَقْطوعُ في لُغَةِ الحِجَاز يَخْتارُون فيه النصْبَ في النَّفْي نحو قولِكَ: "مَا فِيها أحَدٌ إلاَّ حِمَارًا" جَاءُوا به على مَعْنى وَلِكنَّ حِمَارًا، وكَرِهُوا أنْ يُبْدِلُوا الآخِرَ مِن الأَوَّل فيَصِيرَ كأَنَّه مِنْ نَوْعِه، فحُمِل على مَعنى "لكنَّ" وعَمِل فيه ما قَبْله، وأمَّا بَنو تميم فيقولون: "لا أَحَدَ فيها إلاَّ حِمَارٌ" أرَادوا ليس فيها إلاَّ حِمَارٌ، ولكنه ذَكَرَ أحَدًا توكيدًا لأَنْ يُعْلَم أنْ لَيْسَ فيها آدَمِيٌّ، ثُمَّ أُبْدِلَ، فَكأَنَّه قال: لَيْسَ فيها إلاَّ حِمَارٌ، ومِثْلُ ذلكَ قَوْلُهُم: "مَا لي عِتَابٌ إلاَّ السَّيفُ" جَعَله عِتابَه، وعلى هذا أنْشَدَتْ بَنُو تَمِيم قولَ النَّابِغَةِ الذُّبْياني: يا دَارَ مَيَّةَ بالعَلْيَاءِ فالسَّنَدِ *** أَقْوَتْ وطَالَ عليها سَالِفُ الأَبَدِ (أقْوتْ: خَلتْ من أهْلها) وقَفْتُ فيها أُصَيْلانًا أُسَائِلُها *** عَيَّتْ جَوَابًا ومَا بالرَّبْعِ مِن أحَدِ (أصيلانا: مصغر أصيل شذوذًا) إلاَّ الأَوَارِيُّ لأْيًا ما أُبَيِّنُها *** والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمَظْلومَة الجَلَدِ (الأواريَّ: محابس الخيل واحدها آري، لأيا: بطءًا. والنُّؤْيُ: حاجِزٌ حولَ الخِباء يَدْفعُ عنه الماء، المظلُومة: أرض حفر فيها الحوض لغير إقامة، الجلَد: الصلبة) ومثلُ ذلك قول جِرَانِ العَوْد: وبَلْدةٍ ليسَ فيها أنيسُ *** إلا اليَعَافيرُ وإلا العِيسُ وهو في كِلاَ المَعنَييْن إذا لم تَنْصِب على لُغَة الحِجَاز فهو بَدَل على لُغَةِ التَّمِيميين، ومثلُ ذلكَ قولُه عزَّ وجلّ: {مَا لَهُم به مِنْ عِلْمٍ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّن} ومثله: {وإنْ نَشَأْ نُغْرِقْهم فلا صَرِيخ لَهُم، ولا هُمْ يُنْقَذُون إلا رحْمةً مِنَّا}. ورَدَت الآيَات على لُغَةِ الحِجَاز. وكلٌّ من المُتَّصلِ والمُنْقَطِعِ إمَّا مُقَدَّمٌ على المُسْتَثْنى منه أو مُؤَخَّرٌ عَنْهُ، في نَفْيٍ أو إثْباتٍ، ويُسَمَّى تَامًّا، أمَّا إذا لَمْ يُذْكَر المُسْتَثْنى منه فإنَّه يُسَمَّى مُفَرَّغًا أو ناقِصًا، وكلُّ أحكام المُسْتَثْنى مُطَبَّقةٌ بـ "إلاَّ". (=إلاَّ الاستثنائية). -5 المُسْتَثْنَيَات المُتكررة بالنظر إلى المعنى نوعان: النوع الأوّل: ما لا يُمْكِن استِثْناء بَعْضِه من بَعْض كـ: "محمّدٍ" و "خالدٍ" وحُكْمُه: أنَّه يَثْبُتُ لباقي المُسْتَثْنَيَتِ حُكْمُ المستثنى الأوَّل من الدُّخول إذا كان مستثنى من غير مُوجب، نحو "ما جاءَ القومُ إلاَّ زيدٌ إلاَّ عمروٌ إلاَّ خَالدٌ". أو الخُروج إذا كان مُسْتَثْنَى من مُوجِب نحو "حَضَر الناسُ إلاَّ عَلِيًَّا وإلاَّ مُحمدًا وإلاَّ زُهَيرًا". النَّوع الثاني: ما يُمْكن فيه الاسْتِثْناء نحو "لِخَالِدٍ عَلَيَّ عَشْرة دَرَاهِمَ إلاَّ أَرْبَعَةٌ إلاَّ اثنين إلاَّ واحدًا" فالصحيح في هذا أنَّ كلَّ عَددٍ تال، مُسْتَثْنى من مَتْلُوِّه، فيكونُ بهذا المِثال مُقِرًّا بِسَبْعَة، إذا أسْقَطْتَ آخِرَ الأَعْداد ممّا قبله. -6 استِثْنَاء الحَصْر: ومن الاسْتِثْناء نَوعٌ سمَّاهُ بعضهُم "اسْتِثْنَاءَ الحَصْر" وهو غَيرُ الاسْتِثْنَاء الذي يُخرج القَليل من الكَثير كَقَول الشاعر: إليكَ وإلاَّ ما تُحَث الرَّكائبُ *** وعَنكَ وإلاَّ فالمُحدِّث كاذبُ والمعنى: لا تُحَث الركائب إلاَّ إليك، ولا يَصْدُق المُحَدِّثُ إلاَّ عنك. مُسَوِّغَات الابتداءِ بالنَّكرَة:
(=المبتدأ 4). المُشْتَقُّ:
-1 تَعْرِيفُه: ما دَلَّ عَلى ذَاتٍ مَعَ مُلاحَظَةِ صِفَةٍ كـ "ناطِق، ومُنْتَظر" ولا يَكُونَ الاشْتِقاقُ إلاَّ مِنْ اسْمِ المعنى وهو المَصْدر ونَدَرَ مِن أسْماءِ الأجْناسِ المَحْسوُسَةِ كـ "نَرْجَسْتُ الدَّواء" و "فلْفَلْتُ الطَّعَامَ". المُشْتَقَّات: (=الاشتقاق). المَصْدَرُ وأَبْنِيَتُهُ وعَمَلُه:
-1 تعريفُ المَصدر: هو الاسْمُ الدّالُّ على مجرَّد الحَدَث. -2 أبْنِيَةُ مَصَادرِ الثلاثي: للفعلِ الثُّلاثيّ ثلاثةُ أوْزَان: (1) "فَعَل" بفتح العين، ويكونُ مُتَعدِّيًا كـ "ضَرَبَه" وقَاصِرًا كـ "قَعَد". (2) "فَعِل" بكَسْر العَيْن، ويكون قاصِرًا كـ "سَلِمَ" ومُتَعَدِّيًا كـ "فَهِمَه". (3) "فَعُل" بضم العين، ولا يكون إلاَّ قَاصِرًا. فأمّا "فَعَلَ وفَعِلَ" المُتَعَدِّيان فقِياسُ مَصْدَرِهما "الفَعْل" بفتح الفاءِ وسُكونِ العين. فالأوَّل: كـ "الأَكْل" و "الضَّرْب" و "الرَّد". والثاني: كـ "الفَهْم" و "اللَّثْم" و "الأَمْن". وأمَّا "فَعِلَ" القَاصِر، فقِياسُ مَصْدَرِه "الفَعَل" كـ "الفَرَح" و "الأشَر" و "الجَوَى" و "الشَّلَل". إلاَّ إنْ دَلَّ على لَوْن فإنَّ مصدَرَه يكونُ على "فُعْلَة" كـ "سُمرة وحُمْرة وصُفْرَة خُضْرَة وأُدْمَة". وأمَّا "فَعَل" القَاصِر، فقياس مَصدَرهِ "الفُعُول" كـ "القُعُود والجُلُوس والخُرُوج". إلاَّ إنْ دَلَّ على امْتِناعٍ، فقياسُ مَصْدَرِهِ "الفِعال" كـ "الإِبَاء والنِّفَار والجِمَاح والإِبَاق". أو دَلَّ على تَقَلُّب واضْطِّرابٍ وحَرَكَة فقِياسُ مَصْدره "الفَعَلان" كـ "الجَوَلاَن والغَلَيَان". أو على دَاءٍ فَقِياسُهُ "الفُعَال" كـ "صُدَاع" و "دوار" و "سعال". أو على سَيْرٍ فَقِيَاسُه "الفَعِيل" كـ "الرَّحيل" و "الذَّمِيل". أو على صَوْتٍ فقِياسُهُ "الفُعَال" أو "الفَعِيل" كـ "الصُّراخ" و "النُّبَاح" و "الصَّهِيل والنَّهِيق والزَّئير" وقد يَجْتَمعان كـ "نَعَبَ الغُرابُ نُعَابًا ونَعِيبًا". ومِنَ المَمْدُود: كُلُّ مَصْدرٍ مَضْموم الأَول في مَعْنى الصَّوتِ، فمن ذلك "الدُّعَاء" و "الرُّغَاء" و "العُواء" كنظيره من غير المعتل. وقَلَّما تَجِد المصْدَرَ مَضْمومَ الأوَّل مَقْصُورًا، وفي المخصِّص (ح 15 ص 108): بل لا أَعْرِف غير "الهُدَى والسُّرى والبُكا". أو على حِرْفَةٍ أو وِلاَيَةٍ فقِيَاسُه: "الفِعَالة" كـ "تَجَر تِجَارَةً" و "خاطَ خِيَاطَةً" و "سفَرَ بينَهم سِفَارَةً" إذا أصْلَح. وأمَّا "فَعُلَ" فقِياسُ مَصدَرِهِ، "الفُعُولة" كـ "الصُّعُوبة والسُّهُولة والعُذُوبَة والمُلُوحة" و "الفَعَالَة" كـ "البَلاغَةِ والفَصَاحَةِ والصَّراحَة" وما جَاءَ مُخَالِفًا لِمَا ذُكر فَبَابُه النَّقْلُ كَقَولهم في "فَعَل" المُتَعدِّي "جَحَدَه جُحُودًا" و "جحْدًا" على القياس و "شكَرَهُ شُكُورًا وشُكْرَانًا". وكَقَوْلهم في "فَعَل" القَاصِر "مَاتَ مَوْتًا" و "فازَ فَوْزًا" و "حكَمَ حُكْمًا" و "شاخَ شَيْخُوخَةً" و "نمَّ نَمِيمَةً" و "ذهَبَ ذَهَابًَا". وكَقَوْلهم في "فَعِل" القَاصِر، "رَغِبَ رَغُوبةً" و "رضِيَ رِضًا" و "بخِلَ بُخْلًا" و "سخِطَ سُخْطًا " وأمّا "البَخَل والسَّخَط" بفتحتين فعلى القِياس كـ "الرَّغَب". وكَقَولهِم في "فَعُل" "حَسُن حُسنًا" و "قبُحَ قُبْحًا". -3 مَصَادر غير الثلاثي: لا بُدَّ لكلِّ فِعلٍ غيرِ ثلاثي مِنْ مَصدَرٍ مَقِيسٍ. فقياسُ "فَعَّل" بالتشديد إذا كانَ صحيحَ اللاّم: "التَّفْعيل" كـ "التَّسْليم" و "التَّكليم" و "التَّطهير". ومُعْتَلُّها كذلك، ولكنْ تُحذَف ياءُ التَّفْعيل، وتُعوَّض منها "التاء" فيَصيرُ وَزْنُه "تَفْعِلَة" كـ "التَّوْصِية والتَّسْمِيَة والتَّزْكِيَة". وقِيَاسُ "أَفْعل" إذا كانَ صَحِيحَ العَيْنِ: "الإِفْعَال" كـ "الإِكْرَام والإِحْسَان" ومُعْتَلَّها كذلك، ولكنْ تُنْقَل حَرَكَتُها إلى الفاء، فتُقْلَبُ أَلِفًا، ثمَّ تُحْذَف الألف الثَّانِية، وتُعوَّض عنها التاء، كـ "أَقَامَ إقَامَةً وأَعَانَ إعانةً". وقدْ تُحْذَفُ التَّاءُ نحو {وإِقَامِ الصَّلاةِ} (الآية "73" من سورة الأنبياء "21"، واعلَم أنَّ حذف التّاءِ على ضربين: كثيرٌ فَصِيح، وقليلٌ غير فصيح، فأمَّا الكثير الفَصيح ففِيما إذا أُضِيفَ المَصْدر، لأنَّ المُضَاف إليه يَقُوم مَقَامَ التّاء، وذلكَ كما في الآية الكريمة، وكما في الحديث "كاستنارِ البدر" والأصل: إقامة الصلاة وكاسْتِنَارَة البدر، وأما القليل غير الفصيح في حذف التاء ففيما إذا لم يُضَف المَصْدر، وذلك كما حكاه الأَخْفش من قولهم: "أَجابَ إجَابَا" والفصيح إجابَةً). وقِيَاسُ ما أوَّلُهُ هَمْزَةُ وصْلٍ: أنْ تَكْسِرَ ثَالِثَهُ، وتَزيد قَبلَ آخِرِه أَلِفًا فيَنْقَلِبُ مَصْدَرًا نحو "اقْتَدَرَ اقْتِدَارًا" و "اصْطَفَى اصطِفاء" و "انْطَلَقَ انْطِلاقًا" و "اسْتَخْرَجَ اسْتِخْراجًا". فإنْ كانَ اسْتَفْعَل مُعْتَلَّ العَيْن عِمِلَ فيهِ مَا عَمِلَ في مَصْدر أَفْعل المُعْتَلِّ العَيْن فتقول: "اسْتَقَامَ اسْتِقامةً" و "اسْتَعَاذَ اسْتِعَاذَةً" (وقد جاءَ على زِنَة مَصدر الصَّحيح "اسْتَحوذ اسْتِحْوَذًا" و "أغْيَمَتِ السِّماءُ إغْيَامًا"). وقياسُ مَصْدر "تَفَعْلَلَ" وما كانَ على وزنه: أنْ يُضَمَّ رَابِعُه فيصيرَ مَصْدرًا كـ "تَدَحْرَج تَدَحْرجًا" و "تجَمَّل تَجمُّلًا" و "تشَيْطَنَ تَشَيْطُنًا" و "تمَسْكَنَ تَمَسْكُنًا". ويَجِبُ إبْدالُ الضَّمةِ كَسْرةً إنْ كانَتْ اللاَّمُ ياءً نحو "التَّواني والتَّداني" وقِياسُ مَصْدَرِ "فَعْلَلَ" ومَا أُلْحِقَ به: "فَعْلَلَة" كـ "دَحْرَجَ دَحْرَجَةً" و "زلْزَلَ زَلْزَلَةً" و "بيْطَرَ بَيْطَرَةً" و "حوْقَلَ حَوْقَلَةً". و "فعْلاَلًا" إنْ كانَ مُضَاعَفًا كـ "زِلْزَال ووِسْوَاس". وهو في غيرِ المُضَاعَف سَمَاعِيّ كـ: "سَرْهَفَ سِرْهَافًا" (سَرْهَفْت الصَّبي: إذا أحْسَنْت غِذاءه) ويجوزُ فتحُ أوَّلِ المُضَاعَف، والأَكثرُ أن يُقْصَدَ بالمَفْتُوح اسْمُ الفاعل نحو: {مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ} (الآية "4" من سورة الناس "114") أيْ المُوَسْوِسُ، وَمِنْ مَجِيء المَفْتُوح مَصْدَرًَا قَوْلُ الأَعْشى: تَسْمَعُ للحَلْيِ وَسْوَاسًا إذا انْصَرفَتْ *** كمَا اسْتَعانَ بِريحٍ عِشْرِقٍ زَجِل (الوسواس: صوت الحلي، العِشْرق: شجر يَنْفَرش على الأرض عَرِيض الوَرَق، وليسَ له شوك، زَجِل: صوَّتَ فيه الريح) وقِياسُ "فاعَل" كـ "ضَارَبَ وخَاصَم وقَاتَل" "لفِعَال والمُفَاعَلَة". ويمتَنِع "الفِعَال" فيما فَاؤُه ياءً نحو: "ياسَرَ ويَامَنَ" وإنما مَصْدَرُهما "مُيَاسَرَةً ومُيَامَنَةً" وشّذَّ "يَاوَمَه يَوَامًا". وَمَا خَرَجَ عمّا ذُكِرَ فَشَذٌّ كقولهم: "كَذَّبَ كِذِّابًا" والقِياسُ تَكْذِيبًا، وقولِه: وَهْي تُنَزِّي دَلْوَها تَنْزِيَّا *** كما تُنَزّي شَهْلَةٌ صَبِيّا (المعْنَى: يصفُ الزَّاجِزُ امْرأةً تُحرِّكُ دَلْوَهَا حَرَكَةً ضَعِيفة عِند الاسْتِقاء كتَحْرِيك امْرأة نَصَفٍ صَبِيَّها عند ترقيصِهَا إيَّاهُ) والقياسُ تَنْزِيَة. وقولُهم: تحمَّلَ تِحِمَّالًا، و "ترامَى القَومُ رِمِيًَّا" و "حوْقَل حِيقَالًا"، و "اقْشَعَرَّ قُشَعْرِيرَة" والقياس: تَحمُّلًا، وتَرَامِيًا، وحَوْقَلَةً، واقْشِعْرَارًا. -4 عَمَلُ المَصْدَرِ - وشُروطه: يَعْمَلُ المَصْدَرُ نَكِرَةً أَوْ مَعْرِفَةً، عَمَلَ فِعْلِهِ المُشْتَقِّ مِنه، تَعَدِّيًا وَلُزُومًا فإنْ كانَ فِعْلُه المُشْتَقُّ منه لازِمًا فهو لاَزمٌ، وإنْ كانَ مُتَعَدِّيًا فهو مُتعَدٍّ إلى ما يَتَعَدَّى إليهِ بِنَفْسِه أَوْ بِحَرْفِ الجر (ولا يُخَالف المصدر فعلَه إلاَّ في أمْرين: الأول: أن في رفعه النائب عن الفاعل خِلافًا ومذهبُ البصريين جَوازُه، الثاني: أن فَاعِلَ المصدر يجوزُ حَذفُه بخلافِ فاعِلِ الفِعل)، ولهذا الإِعمال شُروط: (1) صِحَّةُ أنْ يَحِلَّ مَحَلَّهُ فِعْلٌ مَعَ "أَنْ" المَصْدَرِيَّة، والزَّمَانُ مَاضٍ أوْ مُسْتَقْبلٌ نحو "عَجِبْتُ مِنْ كَلامِكَ محمَّدًا أمْسِ" فتقديره: عجبت مِنْ أنْ كَلَّمْتَهُ أَمْسِ، و "يسُرُّني صُنْعُكَ الخَيْرَ غَدًا" أي يَسُرُّني أنْ تَصْنَعَ الخيرَ غدًا. أو يَصحَّ أنْ يَحُلَّ مَحلَّه فعلٌ مع "مَا" المَصْدريَّة، والزَّمَانُ حَال، نحو "يُبْهِجُني إطْعَامُكَ اليَتِيمَ الآنَ" أي مَا تُطْعِمُهُ. (2) ألاَّ يكونَ مُصغَّرًا، فلا يَجُوزُ "أعْجَبَني كُلَيْمُكَ عَلِيًّا الآنَ". (3) ألاَّ يكُونَ مُضْمَرًا، فلا يَصحُّ "مُرَورِي بزَيدٍ حَسَنٌ وهو بعمروٍ قَبِيحٌ". (4) ألاَّ يكونَ مَحْدُودًا بِتَاءِ الوَحْدَة، فَلا يَجُوزُ "سَاءَتْنِي ضَرْبَتُكَ أَخَاكَ". (5) ألاَّ يَكونَ مَوْصُوفًا قَبْلَ العَمل، فلا يَجُوزُ "سَرَّني كَلامُكَ الجَيِّدُ ابْنَكَ". (6) ألاَّ يكون مَفْصُولًا مِن مَعْمُولِه بأجنبي فلا يُقال "أَعْجَبَني إكْرَامُكَ مَرَّتَيْن أَخَاك" (أما قولُه تعالى: {يومَ تُبْلى السرائر} بعد قوله: {إنَّه على رَجْعِهِ لَقَادِر} فـ "يوم" لَيْسَتْ مَعْمولة لَرجْعه، كما يتوهم، لأنه قد فصل بينهما بخبر "إن" بل تتعلق بمحذوف أيْ يُرْجِعه يَوم تبلى السرائر). (7) وُجوبُ تَقَدُّمِ المَصْدَرِ على مَعْمُولِه فلا يجوزُ "أَعْجَبَني زَيْدًا إكْرامُ خَالِدٍ" إلاَّ إذا كانَ المَعْمُولُ ظَرْفًا أو جارًّا وَمَجْرُورًا نحو "أعجَبَني في الدَّارِ إكرامُ خالدٍ" أو "أعجَبَني لَيْلًا إكرامُ خالدٍ". وهذِه الشُّرُوطُ بالنِّسْبَةِ للمَصْدر الذي يَحُلُّ مَحَلَّه "أنْ" المصدريَّة "والفِعل" أمَّا مَا كانَ واقِعًا مَوْقعَ الأَمرِ نحو "ضَرْبًا الفَاجِرَ" فيجوزُ فيه تَقْديم مَعْمولِه عليه نحو "الفَاجِرَ ضَرْبًا". -5 أقْسَامُ المَصْدر العَامِل: المَصْدرُ العامل أقسام ثَلاثَةٌ: (أ) مضافٌ. (ب) مقرونٌ بأل. (ج) مجرَّدٌ منهما. (أ) المصدر العامل المضاف: عَمَلُ المَصدَر المُضاف أكثرُ وهو على خمْسَةِ أحْوَالٍ: (1) أنْ يُضافَ إلى فَاعِلِهِ ثمَّ يَأْتِي مَفْعُولُه نحو {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} (الآية "251" من سورة البقرة "2"). فلفظ الجَلالةِ فاعِلُ دَفْعِ مُضافٌ إليه، والناسَ: مَفْعُولُه. (2) أنْ يُضَافَ إلى مَفْعولِه ثمَّ يَأْتي فَاعِلُه، وهو قَليل، ومنه قَولُ الأُقَيْشِرِ الأَسَدي: أَفْنَى تِلادي ومَا جَمَّعْتُ من نَشَبٍ *** قرعُ القَواقِيزِ أفْواهُ الأَبَارِيقِ (التِّلاد: المَالُ القديم، النَّشبَ: المالُ الثَّابت، والقَواقِيز: واحِدُها: قَاقُوزَة: وهي أقْدَاح يُشْرب بها الخمر) وَلاَ يختَصُّ ذلكَ بِضَرُورَةِ الشعر، بدَليل الحديث: {وحَجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبيلًا}. ومما جَاءَ مُضَافًَا قولُ لَبِيد: وعَهْدِي بها الحَيَّ الجَمِيعُ وفيهُمُ *** قَبْلَ التَّفَرق مَيْسِرٌ ونِدامُ وتقول: "أَعْجَبني دَقُّ الثَّوبِ القَصَّارُ" و "أكْلُ الخبزِ زيدٌ" و "معاقَبةُ اللِّصِّ الأَميرُ" لا يَصلُحُ إلاَّ أنْ يكونَ الأخيرُ هو الفاعل. ويَقول المبرد: وتقول: "أَعْجَبَني ضربُ زيدٍ عَمْرًا"، وإن شِئتَ قلتَ: "أَعجبني ضَرْبَ زيدٍ عمروٌ"، إذا كان عمروٌ ضَرَب زيدًا، وتضيفُ المَصْدرَ إلى المَفْعُولِ كما أضَفْتَهُ إلى الفَاعِل ومنه يقول سيبويه: سَمْعُ أُذْني زَيْدًا يقول ذلك، قال رؤبة: رَأْيُ عَيْنَيَّ الفَتى أخَاكا *** يُعْطِي الجَزِيلَ فَعَلَيْك ذَاكا (3) أنْ يُضافَ إلى الفَاعِلِ، ثُمَّ لا يُذكر المَفْعول، نحو {وَمَا كانَ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ} (الآية "114" من سورة التوبة "9") أي رَبَّه. (4) عَكْسُه أيْ أنْ يُضافَ إلى المَفْعُولِ، ولا يُذْكَرَ الفاعلُ نحو {لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعاءِ الخَيْرِ} (الآية "49" من سورة فصلت "41") أيْ مِنْ دُعَائِهِ الخَيرَ. (5) أنْ يُضَافَ إلى الظَّرْفِ فيرفَع ويَنْصب كالمنوَّن نحو "سَرَّني انْتِظَارُ يَوْمِ الجُمُعَة النَّاسُ عُلَمَاءَهم". (ب) المَصْدَر العَامِل المَقْرُون بأل: عَمَلُ المَصْدر المَقْرُونِ ب"أل" قَلِيلٌ في السَّماع، ضَعِيفٌ في القِياس، لبُعْدِه مِن مُشَابَهَةِ الفعلِ بدُخُولِ "أل" عَلَيه نحو قول الشاعر: ضَعيفُ النِّكَايَةِ أعْدَاءَهُ *** يَخَالُ الفِرارَ يُراخِي الأَجَلْ وقال مالك بنُ زُغْبة الباهلي: لَقَدْ عَلِمَتْ أُوْلَى المُغِيرة أنَّني *** لحِقْتُ فلم أنْكُلْ عن الضَّرْبِ مِسْمَعا (ج) المَصْدر العامِلُ المجرَّدُ (ومَنع الكوفيون: إعمالَ المصدر المُنَوَّن، وحَمَلوا مَا بَعدَه مِنْ مَرْفُوع أو مَنْصوب على إضْمار فعل) وهو المنون: عَمَلُ المَصْدرِ المجرَّدِ مِن "ألْ" و "الإِضَافَة" أَقْيَسُ من عَمَلِهِ مُضافًا، لأنه يُشْبِه الفِعلَ بالتَّنْكِير نحو {أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} (الآية "14 - 15" من سورة البلد "90"). ومن هذا قولُ المَرَّار الأسدي: أَعَلاقَةً أُمَّ الوُلَيِّدِ بعدَما *** أَفْنَانُ رَأْسِكَ كالثَّغَام المُخْلِسِ (يصفُ عُلُوَّ سِنِّهِ وأنَّ الشَّيْبَ جَلَّلَ رأسَهُ فلا يَليق به اللَّهوُ والصبا. والثغام: نبت أبيض) أمَّ الوُلَيِّد: منصوت بعَلاقَةٍ على أنَّه مفعوله، ومثله: على حينَ ألْهَى الناسَ جُلُّ أمورهم *** فَنَدْلًا زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالب وأنشد سيبويه للمرار بن منقذ: بضَرْبٍ بالسُّيوفِ رُءُوسَ قومٍ *** أَزَلْنا هَامَهُنَّ عن المُقِيلِ -6 تابعُ مَعْمُولِ المَصْدر: المُضَافُ إلى المَصْدرِ العَامِل، إن كانَ فَاعِلًا فَمَحَلُّهُ الرَّفْعُ وإنْ كانَ مَفْعولًا فمحلُّه النَّصبُ، لذلكَ يجوزُ في التابع "الجرُّ" مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ المَتْبُوع، و "الرَّفْعُ" إنْ كانَ المُضافُ إليهِ فَاعِلًا، ونَصْبُه إنْ كانَ مَفْعولًا إتْبَاعًا لِمَحَلِّه نحو "عَجبتُ مِنْ ضَرْبِ زيدٍ الظَّرِيفُِ" بالضم والكسر، بجرّ الظرِيفِ ورفعه، ومن الرَّفع قولُ لَبيد العَامِري: حَتى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهَاجَها *** طَلَبَ المُعَقَّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ (تهجَّر: سار في وقتِ الحرِّ والضمير لحمارِ الوَحْش، الرَّواح: بين الزَّوال والليل، هاجَها: الضمير للأَتَان: أَثَارها، وطَلَبَ المعقب: مفعول مطلَق لهاج مُضافٌ لِفاعله، المعنى: يصف الحمار وأنثاه بالإِسْراع إلى كل نَجْدٍ يطلبانِ الكَلأَ والوِرْد) فَرَفَع "المَظْلومُ" على الإِتْباع لِمحلِّ المُعَقِّب. وتقولُ: "سُرِرْتُ من أكْلِ الخبزِ واللحْمَِ" فالجرُّ على اللَّفْظ والنصب على المَحلِّ، ومثلُه قولُ زِياد العَنْبرِي: قَدْ كُنْتُ دَايَنْتُ بها حَسَّانا *** مَخَافَةَ الإِفْلاسِ واللِّيَانَا (أي مخافتي الإِفْلاس، واللِّيان: المَطْل بالدين، وأراد بقوله "بها" القينة: أي أخذتها في دين لي على حسان) نصبَ "الليانَ" عطفًا على موضع الإِفلاسِ لأَنَّهُ مفعولٌ في المعنى. المصدر الصناعي:
يُصاغُ مِنَ اللفظ مصدرٌ يُسمَّى "المصدرُ الصِّناعي" ويكونُ بزيادة ياءٍ مُشَدَّدة بعدَها تاءٌ كـ: "الحُرِّيَّة" و "الإِنْسانِيَّة" و "الحَجَريَّة" و "الوَطنيَّة" و "الهَمَجِيَّة" و "المَدَنيَّة" والمَسْؤُوليَّة". المَصْدَرُ الميمي:
-1 تعريفُه: هو ما دَلَّ على الحَدثِ وبُدِئ بميمٍ زائدةٍ. -2 صياغته من الثلاثي: يُصاغ من الثلاثي مُطْلَقًا على زِنَةِ: "مَفْعَل" بفتح العين نحو "مَنْظَر" و "مضْرَب" و "مفْتَح" و "موْقَى". وشَذَّ منه "المَرْجِع" و "المَصِير" و "المَعْرِفَة" و "المَغْفِرة" و "المَبِيت" وقد وَرَدَ فيها الفَتْح على القِياس. وقد جَاءَ بالفتح والكسر "مَحْمَـِدَة" و "مذَِمَّة" و "معْجَـِزَة" و "مظْلَـِمَة" و "معْتَـِبَة" و "محْسَـِبَة" و "مظَـِنَّة". وجاءَ بالضَّم والكسر "المَعْذُِرَة". وجاءَ بالتثليث "مَهْـلَـُـِكَة" و "مقْدِرَة" و "مأْدُِبَة". فإذَا أَتَى مِثَالًا صَحيحَ اللام، وتُحْذَفُ فَاؤه في المُضَارع كان على "مَفعِل" كـ "مَوْعِد" و "موْضِع" فإذا لم تُحذَف فَاؤه في المُضَارِع نحو "وَجِل يَوْجَل" يكون مصدره "مَوْجَل" بالفَتح مُرَاعَاة لـ "يَوْجَل" و "موْجِل" بالكسرِ مراعاةً لـِ: "ياجِل". -3 صياغَته من غَير الثلاثي: يكونُ مِنْ غَيرِ الثُّلاثي على زِنَةِ اسمِ المَفْعُول واسْمِ الزَّمان والمَكَان كـ "مُكْرَم" و "متَقَدَّم" و "متَأَخَّر". عَمَل المَصْدَر المِيمي: يَعْملُ المَصْدرُ المِيميُّ اتِّفَاقًا عَمَلَ المَصْدَر لِغَيرِ مُفَاعَلةٍ (قوله: لغير مفاعلة: احترازًا من نحو "مُضَاربة" فإنها مصدر) كـ "المَضْرِب والمَحْمَدة" ومِنْه قولُ الحَارِث بن خَالِد المَخْزُومي: أظَلُومُ إنَّ مُصَابَكم رَجُلًا *** أهْدَى السلامَ تَحيَّةً ظُلْمُ (أظلُومُ: الهَمْزَةُ للنداء، ومُصَابَكم: اسم إن، وهو مَصدر ميمي من إضافة المصدر إلى فاعله و "رجُلًا" مفعول للمصدر الميمي) مَصْدَر المرة: (=اسم المَّرة). مَصدَر الهيئة: (=اسم الهَيْأة). المُضارعُ:
-1 تعريفُه: إنَّما سُمِّي مُضَارِعًا لِمُضَارَعَتِه الأَسْماء، ولولا ذلكَ لم يَجب أن يُعرَب، ويَصلُح المُضَارِعُ لِوقْتين، لما أَنْتَ فيه، ولما لم يَقَعْ، كما يقول المبرد - أي للحال والاستقبال. -2 الزوائِدُ الأَرْبعة: ولا بُدَّ من أنْ يَدْخُلُ على المُضَارِع وَحْدَه زَوائِد أَرْبَعة: الهَمْزةُ، وهي عَلاَمة المُتَكلِّم، والياءُ وهي عَلامةُ الغَائِب، والتاءُ وهي عَلامَةُ المخَاطَب، وعَلامَةُ الأُنْثَى الغَائِبة والنُّون، وهي لِلْمُتكلِّم إذا كان مَعَه غَيرُه يَجْمَعُها كلمة: "أَنَيْتُ" أوْ "أَتَيْن". ويُعَيِّنه للحَال لامُ التَّوكِيد ومَا النَّافية نحو {إنِّي ليَحْزُنُني أنْ تَذْهَبُوا بِهِ} (الآية "13" من سورة يوسف "12")، {ومَا تَدرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (الآية "34" من سورة لقمان "31"). ويُعَيِّنُهُ للاستِقْبَالِ السينُ وسوفَ وَلَنْ وأَنْ وإنْ نحو {سَيَصْلى نارًا} (الآية "3" من سورة اللهب "111")، {سَوْفَ يُرَى} (الآية "40" من سورة النجم "53")، {لَنْ تَراني} (الآية "143" من سورة الأعراف "7")، {وَأَنْ تَصومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (الآية "184" من سورة البقرة "2")، {وَإنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًا مِنْ سَعَتِه} (الآية "130" من سورة النساء "4"). -3 عَلاَمَته: أنْ يَصْلُحَ لأَنْ يَلِيَ "لَمْ" نحو: "لَمْ يَقُمْ" (ومتى دلت كلمة على معنى المضارع، ولم تقبل "لم" فهي اسم فعل مضارع كـ "أوه" بمعنى: أتوجع و "أف" بمعنى أتضجر). -4 بِنَاءُ المُضَارع: المُضَارعُ مُعْرَبٌ كما تَقدَّم، وَقَدْ يُبْنَى إذا باشَرَه إحْدَى نُونَي التَّوكِيدِ، أَوْ نُونُ الإِناثِ، وهو مَبْني على السُّكون نحو: {والمُطَلَّقَاتٌ يَتَرَبْصْنَ} (الآية "228" من سورة البقرة "2") ومبنيٌّ على الفَتْح مع نوني التوكيد المُبَاشرة (أمَّا غيرُ المُبَاشرة، فإن المضارع معها مُعرَب تقديرًا نحو (لتبلوُنَّ) (فإمَّ تَرَيِنَّ) (ولا تتَّبِعانِّ)) نحو {لِيُنْبَذَنَّ}. -5 أخذُه مِنَ المَاضِي وحَرَكة حَرْفِ المُضَارَعَة: يُؤخَذُ المُضَارِعُ من الماضي بِزِيادةِ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الزِّيادَة: "أَنَيْتُ" مَضْمُومًا في الرُّباعِي سَوَاءٌ أكانَ أصْلِيًا كـ "يُدَحْرِجُ" أمْ زَائِدًا، نَحو "يُكْرِمُ". مَفْتُوحًا في غيرِ الرُّباعي مِنْ ثُلاثي، أو خُماسِيّ أوْ سُدَاسِي كـ "يَكتب ويَنْطَلِقُ ويَسْتَغْفِرُ". إلاَّ الثُّلاثي المَكْسُورَ عَيْنِ المَاضي، المَفْتُوحَ عينِ المُضَارعِ فيُكْسَر فيه حَرفُ المُضَارعَةِ عند أهلِ الحجازِ وَحدَهم فهم يَقُولون: "أنْتَ تِعْلَمُ وأنا إعْلَم" وكَذَلِك كلُّ شَيء فيه فَعِل مِنْ بَنَاتِ اليَاء والوَاوِ في لاَمِ الفِعْل أو عَيْنه وذلك قَوْلُك "شَقِيتَ فَأَنْت تِشْقَى وخَشِيتُ فأنا إخْشَى وخِلْنا فنحن نِخَال". أمّا في غيرِ هذا الباب فيفتحون نحو: "تَضْرِب وَتَنْصُر". -6 التَّغَيُّراتُ الطَّارِئَةُ على المَاضِي لِيَصيرَ مُضارعًا: إنْ كانَ الماضي ثلاثيًا تُسَكَّنُ فاؤهُ، وتُحَرَّكُ عَينُه بما يُنَصُّ عليه في اللُّغة من فتح كـ "يَذْهَب" أو ضم كـ "يَنْصُر" أو كسر كـ "يَجْلِسُ" وتَحذَفُ فاؤهُ في المُضَارِعِ المَكْسُورِ العَيْن إنْ كانَ مِثَالًا وَاوِيَّ الفاء كـ "يَعِدُ" مِنْ وَعَدَ و "يرِثُ" من وَرِثَ. وإنْ كانَ غَيرَ ثُلاثيّ أُبْقِيَ على حاله إنْ كانَ مَبْدُوءًا بتَاءٍ زَائِدَةٍ كـ "يَتَشَارَكُ وَيَتَعَلَّمُ". وإنْ لِمْ يَبْدأ بتاءٍ زَائِدَةٍ كُسِرَ مَا قَبْلَ آخِرِه. وتُحْذَفُ همزةُ الوَصْل مِن المُضارعِ إنْ كانَتْ في المَاضِي كـ "يَسْتَغْفِرُ" و "أكرِم" لِثقَل اجْتِماعِ همزتين في المَبْدُوءِ بهَمْزَةِ المُتَكلِّم، وحُمِلَ عليه غيره. المُضَارِعُ المَجْزُوم بِجَوابِ الطَّلَب:
يَنْجَزِمُ المضارعُ بجوابِ الطلبِ إذا كانَ جوابًا لأَمْرٍ، أو نَهْيٍ، أو اسْتِفْهام، أو تَمَنٍّ، أو عَرْضٍ. فأمَّا ما انْجَزَمَ بالأَمْر فقَولُك: "ائْتِني آتِك" ونحو قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} (الآية "151" من سورة الأنعام "6"). وأمّا ما انْجَزَمَ بالنَّهْي فقولك: "لا تَفْعلْ يَكُنْ خَيْرًا لك". وأمّا ما انْجَزَم بالاستِفهام فَقولُك: "أيْنَ تكونُ أزُرْكَ". وأمّا ما انْجَزم بالتَّمني فقَولُك: "لَيْتَكَ عِنْدنا تُحَدِّثْنا". وأمَّا ما انْجَزم بالعَرْض فقولُكَ: "ألا تَنْزِلُ عندنا تُصِبْ خَيْرًا". وإنَّما انْجَزَم المُضَارِعُ بجَوابِ الطَّلب كما انْجَزَم جَوابُ "إنْ تَأْتِني أُكْرِمْكَ" أي لا يَكُونُ بمَعْنى الشَّرْط، فإذا قال: "ائْتِني آتِك" فإنَّ معنى كلامِه: إنْ تأْتِني آتِك، أو إنْ يَكُن مِنك إتْيانٌ آتِك. وإذا قال: "أيْنَ بيتُك أزُرْك" فكأنَّه قال إنْ أعلَم مَكَانَ بَيْتِكَ أَزُرْكَ، ومِمَّا جَاءَ مِن هذا الباب في القُرآن قولُه عزَّ وجَلَّ: {فقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أَبناءنا وأبناءَكم.. الآية} (الآية "61" من سورة آل عمران "3") وقوله تعالى: {هَلْ أدُلُّكُم على تِجَارَةٍ تُنْجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَليم} إلى قوله تعالى. {يَغْفِرْ لكم} (الآية "10 - 12" من سورة الصف "61") ومما جاء مُنْجَزِمًا بالاستِفهام قولُ جابرِ بنِ جُنَيّ: إلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلُوكٌ وَتَتَّقِي *** مَحَارِمَنَا لا يَبُؤ الدَّمُ بالدَّمِ (لا يَبُؤ من البواء: وهو القَوَد، والشاهد جَزْم لا يَبُؤ بجوَابِ: إلاّ تَنتهِي) وهُنَاكَ كَلِمَاتٌ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الأَمْرِ والنَّهي لأنَّ فيها مَعْنَى الأَمْرِ والنَّهي - يُجْزم المضارعُ بعدها بجوابِ الطَّلَب. فمن تلكَ الكَلِمات: حَسْبُكَ، وكَفْيُك، وشَرْعُك، وأشْباهُها تقول: حَسْبُك يَنَمِ الناس، وشَرْعُك يَرْتَحِ النَّاس، ومثلُ ذلك: "اتَّقَى اللَّهَ امْرؤٌ وفَعَل خَيْرًا يُثَبْ عَليه" لأنَّ فيه مَعْنى لِيَتَّقِ الله اِمْرؤٌ وليفعلْ خَيْرًا، وكذلكَ ما أشْبَهَ هذا. يقول سيبويه: وسأَلْتُ الخَليلَ عن قولِه عزّ وجلّ: {فأصَّدَّقَ وأكُنْ مِنَ الصَّالِحينَ} (الآية "10 من سورة المنافقين "63" وأول الآية: {وأنفقوا مِن مَا رَزَقْناكم من قبلِ أنْ يأتي أحدَكُم الموتُ فيقول: رَبِّ لولا أخَّرْتَني إلى أجل قريب فأصَّدَّق وأكن من الصالحين}) فقال: لمَّا كانَ الفِعلُ الذي قَبْلَه قد يكونُ جَزْمًا ولا فاءَ فيه تَكَلَّموا بالثاني، وكأنَّهم جَزَمُوا ما قَبْلَه، فَعَلى هذا تَوَهَّموا هذا. وإذا لَمْ يَأْتِ جَوَابُ الطَّلبِ بمعنى الشَّرط فيرفعُ نحو قولك: "لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ يأكُلُك" فلا يصح فيها الجَزْمُ لأَنَّ مَعْنَاها حينئذٍ إنْ لا تدْنُ من الأسد يأكلك، ففي حالةِ الجَزْم يَجْعلُ تَبَاعُدَه من الأسَدِ سَبَبًا لأَكْلِهِ، وهذا غيرُ صحيح، وكلُّ مَوْضِعٍ تَصلُح فيه الفاءُ السَّبَبِيَّةُ يَصْلُحُ فيه الجَزْمُ إِلاَّ النَّفْي بشرطِ أنْ يَقْبَل إنْ الشرطية كما تقدَّم. المُضارعُ المُعْتَلُّ الآخِر:
-1 تعريفه: هو ما آخرُهُ حَرْفُ عِلَّةٍ "ألفٌ" كـ "يَخْشَى" أوْ "وَاوٌ" كـ "يَدْعُو" أو "ياءٌ" كـ "يَرْمي". -2 إعرابه: يُرْفَع المُضارعُ بضمَّةٍ مُقدَّرةٍ على الواو والياءِ للثِّقلِ، وعلى الألفِ للتَّعَذُّر، نحو "العالِمُ يَسْمُو ويَرتَقي" ونحو "المُجِدُّ يَسْعَى للفوزِ"، ويُنْصَبُ بفَتْحةٍ ظاهرةٍ على "الوَاوِ والياء" لِخَفَّتِها، نحو: "لَنْ يَسْمُوَ الكسولُ ولن يَرْتَقِيَ" أمّا إعرابُ المُعْتَلِّ الآخِرِ بالألِفِ فينصب ويرفع. أمّا على الألف فالنّصبُ بفتحةٍ وضَمَّة مُقَدَّرَتان للتَّعَذُّر، نحو "يَسُرُّني أنْ يَسْعَى المُتَخلِّف"، ونحو "يَخْشَى العَاقِلُ أن يَزِل"ويجزم بِحَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ مِنْ آخره نحو "لمْ يَخْشَ" "لمْ يَدْعُ" "لمْ يَرْمِ". فأمّا قولُ قَيْسِ بنِ زُهير: أَلَمْ يَأتِيكَ والأَنْبَاءُ تُنْمَى بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيَادِ فضَرورة. -3 حذف العِلَّة إذا كان مُبْدلًا من همزة: يُحْذَفُ في الأصل حَرْفُ العِلَّةِ للجَازم إذا كان أصْليًّا، أمَّا إذا كان حَرْفُ العِلَّةِ بَدَلًا من هَمْزة كـ "يَقْرأ" مُضَارِعُ قَرَأ، و "يقْرئ" مضارع أَقْرأ، و "يوْضُؤُ" مضارع وَضُؤَ بمعنى حَسُنَ - فإن كانَ إبدالُ الهمزةِ بعدَ دُخُولِ الجَازِم على المُضَارِعِ - وإبدالُ الهَمْزِ السَّاكن من جِنس حَرَكَةٍ ما قبله قِيَاسي وحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ حَذْفُ حَرْفِ العِلَّةِ لاستِيْفَاءِ الجازمِ مُقتضاه وإنْ كانَ الإبدالُ قبلَ دُخُولِ الجازِمِ فهو إبدالٌ شَاذٌّ، لأَنَّ الهَمْزَة المُتَحَرِّكَةَ تَمْتَنِعُ عن الإِبْدال، وإبْدَالُ الهَمْزَةِ المُتَحَرِّكَةِ من جِنْسِ حركةِ مَا قَبْلَهَا شَاذٌّ، ويجوزُ حينئذٍ مع الجَازِم الإِثْبَات للحَرْف المُبْدل، والحذف. المضارع المرفوع: (=رفع المضارع). المضارع المنصوب: (=نواصب المضارع). المضافُ: (=الإضافة). المُضافُ إلى الجُمَل:
(=الجُمَل التي لا محلَّ لها مِنَ الإِعراب). المُضافُ إلى معرفة: من المعارِفِ المُضَافُ إلى أحدِ المَعَارِفِ الخَمْس: الضَّميرِ، العَلَمِ اسمِ المَوْصول، اسم الإِشارة ما فيه أل، إلاَّ إِذَا كانَ مُشْتَقًّا مُضافًا إلى معمولِهِ فيبقى نكرة وإضافته لفظِية (انظر الإِضافة اللفظية). ودَرَجةُ المُضَافِ إلى المَعَارِفِ كَدَرجَةِ مَا أُضِيفَ إليه، إلاَّ المُضَافَ إلى الضَّمير فإنَّه بدَرَجة العَلَم، وأَعْرَفُ المَعَارِفِ: الضَّميرُ، ثمَّ العَلَمُ، ثم المَوْصُولُ، ثُمَّ الإِشَارةُ، ثم المُحلَّى بـ "أل". المُضَافُ إلى يَاءِ المُتَكَلِّم:
-1 حُكْمُه، وحُكْمُ ياءِ المتكلِّم: يَجِبُ كَسْرُ آخِرِ "المُضَافِ لياءِ المُتَكَلِّم" لِمُنَاسَبَةِ الياءِ، أمّا الياءُ فيجوزُ إسكانها وفَتْحُها نحو: "هذا كِتَابي" أو "كِتَابِيَ". ويكونُ هذا في أربَعِة أشياء: المُفْرد الصَّحيح، كما مَثَّلنا. والمُعْتَلُّ الجَارِي مَجْراه كـ "ظَبِيي" و "دلْوَي". وجَمْع التكسير نحو "أولادِي". والجَمْع بالألف والتاء كـ: "مُسْلِمَاتي". -2 ما يُسْتَثْنى مِنْ هَذَين الحُكْمَين: يُسْتَثْنى مِن هذَينِ الحُكْمَين خَمْسُ مَسَائل يجبُ فيها سُكُونُ آخِرِ المُضَاف وفَتْحُ الياء، وهي: (1) ما كانَ آخرهُ ألفًا، وهو المقصور كـ "هُدى" و "عصَا" تَقولُ فيهما "هُدَايَ" و "عصَايَ". وقال جَعْفرُ بنُ عُلْبَة: هَوَايَ مع الركب اليَمانينَ مُصْعِدٌ *** جَنِيبٌ وجُثْمانِي بمَكةَ مُوثَقُ والمشهور في هذا بَقَاءُ أَلِفِهِ والنُّطْقُ بها كَما مَثَّلْنا، وعِندَ هُذَيْلٍ انْقِلابُها ياء حسَن نحو "عَصَيَّ" ومِنْه قول أبي ذُؤيب: سَبَقُوا هَوَيَّ وأعنَقُوا لِهَواهُمُ *** فَتُخُرِّمُوا ولكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ (2) أَوْ كَانَتْ أَلِفهُ للتَّثْنِيَةِ نحو: "يَدَايَ" أو للمحْمُولِ على التثنية نحو "ثِنْتَاي" وهذه الألف لا تَنْقَلِبُ "يَاء" بالاتِّفَاق. (3) الاسْمُ المَنْقُوص كـ "رَامٍ" و "قاضٍ" وتُدْغَم "ياءُ" المَنْقُوصِ في "ياءِ" الإِضَافَة، وتُفْتَح ياءُ الإِضَافَةِ فَنَقُول: "جَاءَ رَامِيَّ" و "رأيتُ قَاضِيَّ". (4) المُثَنَّى في حَالَتِيِ النَّصْبِ والجَر، وتُدْغَم أيضًا "ياء" المُثَنى في "ياء" المُتَكَلِّم، تَقُولُ: "قَرَأْتُ كِتَابَيَّ" و "نظَرْتُ إلى ابْنَيَّ". (5) المَجْمُوعُ المُذَكَّر السَّالِم، فإنْ كانَ في حَالَةِ الرَّفْعِ وقَبْلَ الوَاو ضَمٌّ، قُلِبَت الضمَّةُ كَسْرَةً نحو قوله عليه الصلاة والسلام (أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ) وقَولِ الشاعر: أوْدَى بَنِيَّ وأعْقَبُوني حَسْرةً *** عِنْدَ الرُّقَادِ وَعَبْرَةً لا تُقْلِعُ وإنْ كانَ قَبْلَ الوَاو فَتْح كـ: "مُصْطَفَوْنَ" بَقِي الفَتْحُ فَتَقول: "جَاءَ مُصْطَفَيَّ". -3 أَلف "على وَلَدَى" في حَالَتي الجَرِّ والإِضافَةِ: المتَّفقُ عليه عندَ الجميع على قَلْبِ الألفِ ياءً في "على وَلَدَى" ولا يختص ذلك بيَاءِ المتكلمِ، بل هُو عَامٌّ في كل ضميرٍ نحو "لَدَيْه وَعَليْهِ" و" لَدَيْنَا وعَلَيْنَا" و "لدَيَّ، وَعَلَيَّ ". -4 إعرابُ المضافِ إلى ياءِ المتكلم: يُعرَبُ المضافُ إلى ياءِ المتكلم بحَرَكاتٍ مُقَدَّرَةٍ على ما قَبْلَ الياءِ في الأَحْوَالِ الثَّلاَثَةِ عِند الجُمْهُور، وقيل في الجَرِّ خَاصَّةً: بكَسْرةٍ ظَاهِرةٍ. المُضَعَّفُ منَ الأفعال:
-1 تعريفه: هُوَ - من الثلاثي -: ما كانتْ عينُه ولامُهُ مِنْ جِنْسٍ واحدٍ نحو "مَدَّ وَجَرَّ" ومثله المزيدُ على الثلاثي كـ "امْتَدَّ" و "اسْتَمَدَّ". ومِنَ الرُّباعي: مَا كَانَتْ فَاؤُهُ ولاَمُهُ الثَّانِيَةُ من جِنْسٍ، وعَيْنُهُ ولاَمُهُ الثَّانِيَةُ من جِنْسٍ آخَر نحو "زَلْزَل" ومثله المَزيدُ على الرُّباعي نحو "تَزَلْزَل". -2 حكمُه: أما الثُّلاثِي والمَزِيدُ عَلَيه، فإنْ كانَ مَاضِيًا وَجَبَ فيه الإِدْغَام - وهو إدْخَالُ أحَدِ الحَرْفَين المُتَمَاثِلَين في الآخر - كـ "مّدَّ" و "اسْتَمَدَّ" و "مدُّوا" و "اسْتَمَدُّوا" إلاَّ إذا اتَّصَلَ به ضَميرُ رَفْعٍ مُتَحرِّكٍ وَجَبَ الفَكُّ لِسُكونِ آخِرِ الفِعلِ عِنْدئذٍ نحو "مَدَدْتُ" و "النِّسْوَةُ مَدَدْنَ" و "اسْتَمْدَدْتُ" و "النسوةُ اسْتَمْدَدْنَ"، أمَّا المضارِعُ فيجبُ فيه الإِدغامُ أيضًا إذا كانَ مَرْفوعًا أو منصوبًا كـ "يَرُدُّ" و "يسْتَرِدُّ" و "لنْ يَرُدَّ" و "لنْ يَسْتَرِدَّ". أو كانَ منصوبًا أو مجْزومًا بحذفِ النون نحو "لمْ يَرُدَّا" و "لنْ يَرُدَّا" و "لمْ يَسْتَرِدُّوا" و "لنْ يَسْتَرِدُّوا" وهكذا أمّا إذا جُزِمَ بالسُّكونِ فيجُوزُ الإِدْغَامُ والفَكُّ نحو "لَمْ يَرُدَّ" و "لمْ يَرْدُدْ" و "لم يستَرِدَّ" و "لم يَسْتَرْدِدْ". ولا يَجبُ في المضارع الفَكُّ إلاَّ إذا اتَّصَلَ به "نُونُ النِّسْوَة" لِسِكُونِ ما قَبْلَها نحو "النِّسْوَةُ يَرْدُدْنَ" و "يسْتَرْدُدْنَ" والمُضَارِعُ في هذا مَبْنيٌّ على السكون والأَمْرُ كالمُضَارِع المَجْزُومِ في جَميعِ ما تَقَدَّمَ نحو "رُدَّ"، و "ارْدُدْ"، و "ردَّا، واسْتَرِدَّا، ورُدُّوا، واستَرِدُّوا، ورُدِّي واسْتَرِدِّي، واسْتَرِدَّ، واسْتَرْدِدْ، واسْتَرْدِدْنَ يا نِسْوةُ". مَعَ: اسْمٌ لمكانِ الاجْتِماع، مُعْرَبٌ، إلاَّ في لُفَةِ رَبيعَةَ فيُبنى على السُّكون كقول جرير: فَرِيشِي مِنْكُمُ وهَوَايَ مَعْكُمُ *** وإنْ كانَتْ زيارَتُكُم لِماما (وقال سيبويه: تسكين العين ضرورة وقيل: إنها لغةُ ربيعة وغَنم كما في الأشْموني) فإن لَقِيَ مع السَّاكِنَةِ سَاكِنٌ جَازَ كَسْرُها وفَتْحُها نحو: "مَعَ القَوْم". ولا يَجُوزُ تَكْرَارُ "مَعْ" إلاَّ مع حَرْفِ العَطْفِ، فلا يَجُوزُ: جاءَ زيْدٌ مع عَمْروٍ مَعَ خالد، وإنما "جَاءَ زِيْدٌ مع عَمْروٍ ومَعَ خالدٍ". مَعًا:
هي مَعْ التي قَبْلها، ولكنها أُفْرِدَتْ عن الإِضَافة، تقول: "خَرَجْنا مَعًا" أي في زَمَانٍ واحدٍ، و "كنَّا مَعًَا" أي في مَكَانٍ وَاحِد، فهُو على هذا مَنْصُوبٌ على الظَّرْفِيَّة الزَّمانِيَّة أو المَكَانِيَّة، وقِيل: تُنْصَب على الحَالِ، أي مُجْتَمعين وتُسْتَعمل للاثْنين كقول مُتَمِّمِ بنِ نُوَيْرَة يَرْثي أَخَاه مَالِكًا: فَلمَّا تَفَرَّقْنَا كأَنِّي ومَالِكًا *** لِطُولِ اجْتِماعٍ لم نَبِتْ ليلةً معًا كما تُسْتَعْملُ للجَمْعِ كقَوْل الخَنْساء: وأَفْنَى رِجَالِي فَبَادُوا مَعًا *** فأصْبَحَ قَلْبي بِهم مُسْتَفِزَّا والفَرْق بين "قَرَأْنا مَعًا" و "قرَأْنا جَمِيعًا" أنَّ "مَعًا" يُفِيد الاجْتِماع حَالةَ الفِعْل، و "جمِيعًا" يجوزُ فيها الاجتماع والافْتِراق. مَعَاذَ اللَّهِ: المعنَى: أعوذُ باللَّهِ مَعَاذًا، والمَعَاذ: مَصْدر مِيميّ، وهو مَفْعولٌ مطلَقٌ عامِلُه محذوفٌ كـ "سُبْحَان اللَّهِ" ولا يكون إلاَّ مضافًا. المُعْتِلُّ مِنَ الأفْعَالِ:
-1 تعريفُه: هو ما في حُرُوفِهِ الأَصْلِيَّةِ أحَدُ حُرُوفِ العلة التي هي "الوَاوُ والأَلِفُ والياءُ". -2 أقسامه: المُعْتَلُّ أربَعَةُ أقْسَام: (1) المِثَال. (2) الأَجْوَفُ. (3) النَّاقِصُ. (4) اللَّفِيفُ. ولكلٍّ منها تعريفٌ وأحكام (=في أحرفها). المُعْرَب: (=الإِعراب 1 و 2). المَعْرَفَة:
-1 تَعْرِيفُها: هي مَا يُفْهَم مِنْهُ مُعَيَّن. -2 أَقْسامُها سَبْعَةٌ: (1) الضَّمِيرُ. (2) العَلَمُ. (3) اسْمُ الإِشارة. (4) اسمُ المَوْصُول. (5) المُحَلَّى بأل. (6) المُضَافُ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكر. وأعْرفُها الضميرُ ثم العَلَمُ. وهكذا بهذا الترتيب إلاّ المُضَافَ إلى الضمير فإنَّه يَنْزِلُ إلى رُتْبَةِ العَلَم كما يقولون. (7) المُنَادَى النكرة المقصودة. (=تفصيلها في أحرفها). -3 لا يَدخُلُ تَعْرِيفٌ على تَعْريف: ومِن ثَمَّ لا تَقُول: "يا الرجل". وأمَّا قولهم: "يا اللَّه" فإنما دَخَلَ النِّداءُ مَعَ وُجُود "أل" لأَنَّها كأَحَدِ حُرُوفِه، أَلاَ تَرَى أَنَّها لا تُفْصَلُ عن لَفْظِ الجَلاَلَةِ. المَفْعُول به:
-1 تعريفُه: هو اسمٌ دلَّ على مَا وَقَعَ عليه فِعْلٌ الفَاعل، ولم يَتَغَيَّرْ لأجْلهِ صورةُ الفعلِ، نحو "يُحِبُّ اللَّهُ المُتْقِنَ عِمَلَه" ويَكُونُ ظَاهرًا كما مُثِّل، وضَمِيرًا مُتَّصِلًا نحو: "أَرْشَدَني الأُسْتاذُ" ومُنْفَصِلًا نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (الآية "4" من سورة الفاتحة "1"). -2 ذِكْرُ عَامِل المَفْعُولِ به وحَذْفُه: الأَصْلُ في عَامِل المَفْعُولِ بِهِ أنْ يُذكر، وقدْ يُحذَف إمَّا جَوازًا، وذلك إذا دَلَّتْ عليهِ قَرِينَة نحو "صَدِيقَك" في جواب "مَنْ أَكْرَمْتَ؟". وَهَذَا كَثِير، نحو قَوْلِكَ "هَلاَّ خَيْرًا مِن ذلك" أيْ هَلاَّ تَفْعلُ خَيْرًا من ذلك. ومن ذلِكَ "ادْفَعِ الشَّرَّ ولو إصْبعًا" أي ولو دَفَعْته إصبِعا ومِثْلُهُ تَقُول لِمَن قَدِم: "خَيْرَ مَقْدَم" ويجوزُ فيه الرَّفْع، ومِثْلُه تقول "مَبْرُورًَا مَأْجُورًا". قَدْ يُحذَفُ الفِعلُ ويَبْفَى مَفْعُولُه لِكَثْرَته في كَلامِهم حتى صار بِمَنْزِلةِ المَثَل من ذلك قول ذي الرُّمة: دِيَارَ مَية إذ مَيٌّ مُسَاعِفَةٌ *** ولا يَرى مِثلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ كأنه قال: اذْكُرْ دِيَارَ مَيَّة، ومن ذلِكَ قَولُ العرب "كِلَيْهما وتَمْرًا" (وفي أمثال الميداني: كلاهما وتمرًا، كلاهما: أي زَبَد وسَنَام) يُريدُ أعْطِني كِلَيْهما وَتَمْرًا. ومن ذَلِكَ قَوْلُهم: "كلَّ شَيْءٍ وَلاَ شَتِيمةَ حُرّ" أي ائْتِ كُلَّ شيءٍ، ولا تَرْتكِبْ شَتِيمَةَ حُرّ، ومن العَرَب من يقول: "كِلاهُما وتَمْرًا" كأنَّه قال: كلاهما لي ثَابتان وزِدْني تمرًا، وكلُّ شيء قد يقبل ولا تَرْتَكِبْ شَتِيمَةَ حُرٍّ. ومما يَنْتَصِب في هذا الباب على إضمارِ الفِعْل المَتْرُوكِ إظهاره، قولُه تعالى: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} (الآية "171" من سورة النساء "4") "وَرَاءَكَ أوْسَعَ لَك" والتقدير: انْتَهُوا وأْتُوا خَيْرًا لكم، لأنَّك حينَ قلت: انتهِ فأنْتَ تُريدُ أنْ تُخْرجه مِن أمرٍ وتُدخِلَه في آخر، ويجوزُ في مِثل هذا إظهار الفعل، ومعنى "وَرَاءَك أوْسَعَ لك" تَأَخَّرْ تَجْدْ مَكانًا أَوْسَعْ لَكَ، ومثله قولُ ابنِ الرُّقَيَّات: لَنْ تَرَاهَا ولو تَأَمَّلْتَ إلاَّ *** وَلَها في مَفَارِق الرَّأْس طِيبَا والمَعْنى: إلاَّ ورَأيْتَ لَها طِيبًا. ومثلُه قولُ ابنِ قَمِيئَة: تذكَّرتْ أرْضًا بها أهْلُها *** أخْوالها فيها وأعْمامَها والمعنى: وتَذَكَّرْت أخْوالَها وأعْمَامَها. وإمَّا وُجُوبًا وذلِكَ في سبعةِ أنواع: (1) الأَمْثالُ ونحوُها ممّا اشتُهر بحذفِ العَامِلِ نحو قولك للقادِمِ عليكَ "أَهْلًا وسَهْلًا" أي جِئْتَ أَهْلًا، ونَزَلْتَ مكانًا سَهْلًا، وفي المثل: "أمْرَ مُبْكِيَاتِكِ لا أمْرَ مُضْحِكَاتِكِ" (مثل يضرب لاسْتِماع النصيحة، ويصبح فيه - كما يقول سيبويه - الضم) تَقْدِيرُه: اقْبَلي أمْرَ مُبْكيَاتِكِ، وفي المثل: "الكلابَ على البَقَر" (مثلٌ، معناهُ: خلِّ الناس خَيرَهم وشرهم واغتنم طريق السلامة) أي أرسِلْ. (2) النُّعوتُ المقطوعَة إلى النَّصْب للتَّعْظِيم، نحو "الحَمْدُ للَّهِ الحَمِيدَ" (=النعت). (3) الاسمُ المشتغلُ عنه نحو: "محمَّدًا سَامِحْهُ" (=الاشتغال). (4) الاختصاصُ نحو "نَحْنُ العَربَ أسْخى مَنْ بَذَل" (=الاختصاص). (5) التَّحْذِيرُ بشرْطِ العَطْفِ أو التكرارِ بغير "إِيَّا" نحو "رأسَكَ والسَّيفَ" و "الكَسَل الكَسَلَ" ونحو "إيَّاكَ والكذِبَ". (=التحذير). (6) الإِغْراءُ بشَرْطِ العَطْفِ أو التَّكْرار أيضًا نحو "المُرُوءَةَ والنَّجْدَةَ" (=الإِغْراء). (7) المُنَادَى نحو "يا سَيَّدَ القَوم" (الأَصْل في نَصْب المُنادى بـ "أدعو" المُقَدَّرة، فإذا قلت: "يا سيدَ القَوْم" فكأنك قلت: أَدْعو سَيِّدَ القوم) أيْ أَدْعُو سَيِّدَ القوم. (=النداء). -3 حَذْفُ المفعولِ به: الأصلُ في المَفْعُولِ به أنْ يُذْكَرَ، وقدْ يُحْذَفُ جَوازًا لِغَرَضٍ لَفْظي: كتناسُب الفَواصِل، نحو: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلى} (الآية "3" من سورة الضحى "93"). أيْ وَمَا قَلاَكَ، أو الإِيجازِ نحو: {فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولنْ تَفْعَلُوا} (الآية "24" من سورة البقرة "2"). أو غَرَضٍ مَعْنَويٍ: كاحْتِقَارِه نحو: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ} (الآية "21" من سورة المجادلة "58") أيْ الكَافِرين، أوِ اسْتِهْجَانِهِ كقولِ عَائِشةَ "ما رَأى مِنِّي، ولا رَأَيْتُ مِنْه" أيْ العَوْرة. ويُحْذَفُ وُجُوبًا في بابِ التَّنازُعِ (=التنازع) إنْ أُعْمِلَ الثاني، نحو "قَصَدتُ وعَلَّمني أستاذي". ويَمتنعُ حذفُهُ في مَواضِعَ أشْهَرُها: المَفْعُولُ المسؤول عنه نحو "عَليًّا" في جَوَابِ "مَنْ أكرمتَ؟" والمَحْصُور فيه نحو "مَا أدَّبْتُ إلاَّ إبراهيمَ". المَفْعُولُ فيه (الظرف):
-1 تعريفُه: هُوَ اسمُ زَمَانٍ أو مَكَانٍ، أو اسْمٌ عُرِضَتْ دَلاَلتُه على أحدِهِمَا، أو جَرَى مَجْرَى الزَّمانِ، وضُمِّنَ مَعْنى "في" باطِّرَادٍ، فاسْمُ الزَّمَانِ والمَكَانِ نحو "سَافَرَ لَيْلًا" و "مشَى مِيلًا". والذي عُرِضَتْ دَلاَلَتُه على أحَدِهما أَرْبَعَةُ أَشْياء: (1) أسْماءُ العَدَد المُمَيَّزَةُ بالزمانِ أو المَكَانِ نحو "سِرْتُ عِشرينَ يَومًا تِسعينَ مِيلًا". (2) ما أُفِيدَ به كُلِّيَّةَ الزَّمَان أو المَكان، أو جُزْئيتهُمَا نحو "سرْتُ جميعَ النَّهَار كلَّ الفَرْسَخِ" أو" بَعْضَ اليَوْمِ نصفَ مِيلٍ". (3) مَا كانض صِفَةً لأحَدِهِمَا نحو: جَلَسْتُ طَوِيلًا من اليومِ عِنْدَكَ، والمَعْنَى: جَلَستُ زَمَنًا طَوِيلًا. (4) ما كَانَ مَخْفُوضًا بإضَافَةِ أحَدِهِما، ثمَّ أُنيبَ عَنْه بَعدَ حَذْفِه، والغَالبُ في النَّائِب أنْ يَكُونَ مَصْدرًا، وفي المَنُوبِ عنه أنْ يَكونَ زَمانًا مُعَيَّنًا لِوقْتٍ أو لِمِقْدَارٍ نحو: "جِئْتُكَ صَلاةَ العصرِ" و "انْتَظَرْتُكَ جِلسَة خطيب" ونحو "مَوْعِدُكَ مَقْدِمَ الحجَّاج" و "أتيك خُفُوقَ النجم". وقَدْ يكونُ النَّائبُ اسمَ عَيْنٍ نحو "لا أُكَلِّمُه القَارِظَين" (القارِظان: تثنية قارظة، وهو الذي يجني القرظ - وهو ثمر السلم - يدبغ به، وهما: شخصان خرجا في طلبه، فلم يرجعا، فضرب برجوعهما المثل لما لا يكون أبدًا) أي مُدَّةَ، غيبةِ القَارِظَين، وقد يَكُونُ المَنُوبُ عنهُ مَكانًا، نحو "جَلَسْتُ قُرْبَ محمَّدٍ" أي مكانَ قُربه. وأمَّا الاسْمُ الجَارِي مَجْرَى الزَّمان: فهو أَلْفَاظٌ مَسْمُوعَةٌ، تَوَسَّعوا فيها فَنَصبُوها على تَضْمِين مَعْنَى "في" نحو "أحَقًّا أنَّكَ ذَاهِبٌ" والأصلُ: أفي حقٍّ. (=في حرفها). وقد نَطَقُوا بالجَرِّ "بفي" قال قائد ابنُ المُنْذر: أفي الحَقِّ أَني مُغْرَمٌ بكِ هائمٌ *** وأنَّكِ لا خَلٌّ هَواكِ ولا خَمْرُ ومِثْلُه "غَيْرَ شَك" أو "جَهْدَ رأيي" أو "ظَنًَّا مني أنَّكَ عالم". -2 ما لا يَنْطبقُ عليه التعريف: تبين من تفصيلات التَّعْريف أنَّه ليس من المَفْعول فيه نحو: {وتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (الآية "127" من سورة النساء "4") إذا قُدِّر "بفي" فإنَّ النكاح ليسَ بواحدٍ ممَّا ذُكر، ولا نحو: {يَخَافُونَ يَوْمًا} (الآية "37" من سورة النور "24"). لأنَّه ليسَ على معنى "في" فهو مفعولٌ به، ونحو "دخلْتُ الدَّار" و "سكَنْتُ البيتَ" لأنَّه لا يَطّرد تَعَدِّي الأفعالِ، إلى الدَّار والبيت على معنى "في" فلا تقول: "صليتُ الدَّارَ"، ولا: "نِمْتُ البَيْتَ"، لأنَّه مَكانٌ مُخْتَصٌّ، والمَكانُ لا يُنْصَبُ إلاَّ مُبْهَمًا فَنَصْبُهما إنَّما هُوَ على التَّوَسُّع بإسْقَاطِ الخَافِضِ. -3 حُكْم المفعول فيه: حكمُ المفعولِ فيه النَّصبُ، ونَاصِبُه اللَّفْظُ الدَّالُّ على المعنى الوَاقِعِ فيه، ولِهَذا اللَّفْظ ثلاثُ حَالات: (إحداها) أنْ يُذْكَرَ نحو "سرتُ بَيْن الصَّفين سَاعةً" وهو الأصل. فناصب "بين وساعة" الفعل المذكور: سرت. (الثانية) أنْ يُحذَفَ جَوازًَا كقولك "مِيلًا" أو لَيْلًا" جَوَابًَا لِمَنْ قال: كم سِرْتُ؟ ومَتَى سَافَرْتَ؟. (الثالثة) أنْ يُحذَفَ وُجُوبًا وذلك في ستِّ مسائل: أنْ يَقَعَ: (1) صِفةً نحو "رأيتُ طائرًا فَوقَ غُصْنٍ". (2) صِلةً، نحو "جَاءَني الذي عِنْدك". (3) خَبَرًا نحو "الكتابُ أمامَكَ". (4) حَالًا نحو "الْتَمَعَ البرقُ بينَ السُّحبِ". (5) مشْتَغَلًا عَنْه "يومَ الخَمِيسِ سَافَرتُ فيه". (6) أنْ يُسْمَعَ بالحَذْفِ لا غَيرُ، كقَولِهم في المَثَل لمن ذَكَرَ أمْرًا تَقَادَمَ عَهْدُه "حِينَئِذٍ الآنَ" (يُقصَد من المثل: نَهي المتكلم عن ذِكْرِ ما يقوله وأمره بسَمَاع ما يُقَال له) أي كان ذلك حينئذٍ، واسمع الآن. -4 ما يُنْصَبُ ومَا لاَ يُنْصَبُ مِنْ أَسْمَاءِ الزَّمان والمَكَان: أسْماءُ الزَّمانِ كُلُّها صَالِحةٌ للنَّصْبِ على الظَّرفيَّة، سَوَاءٌ في ذلك مُبْهَمُها كـ "حِين" و "مدَّة" أو مُخْتَصُّها كـ "يومِ الخَمِيس" و "شهْر رَمَضَان" أمْ مَعْدودُها كـ "يَوْمَيْن" و "أسْبُوعَيْن"، أمَّا أَسْماءُ المَكان فلا يُنْصَب مِنها إلاَّ نَوْعَان. (أحدهما): المُبْهَم: وهو ما افْتَقَر إلى غيرهِ في بَيَانِ مَعْنَاه كأَسْماء الجِهَاتِ السِّت، وهي "فَوْق، تَحْتِ، يَمِين، شِمال، أَمَام، وَرَاء" وشِبْهِهِا في الشُّيُوع كـ: "نَاحِيَة، وجَانِب، ومَكَان، وبَدَل"، وأَسْماء المَقَادِير نحو: "مِيل، وفَرْسَخ، وبَريد". (الثاني): ما اتَّحَدَتْ مَادَّتُه، ومَادَّة عَامِلِه، نحو "رَمَيْتُ مَرْمَى سُليمان" و "جلَسْتُ مَجْلِسَ القَاضِي" ومِنْه قولُه تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ للسَّمْع} (الآية "9" من سورة الجن "72"). وعلى هذا فلا يُنْصَبُ المختصّ من اسْمِ المكانِ، وهو ما لَهُ حُدُودٌ مُعَيَّنَة كالدَّارِ، والمَدْرَسَةِ، بل يُجَرُّ بِفِي. -5 حذفُ "في" واعْتِبارُ مَا بَعْدها ظَرْف مكان: يَكْثُر حَذْفُ "في" مِنْ كل اسْمِ مَكانٍ يَدُلُّ على مَعْنَى القُربِ أو البُعْدِ حتَّى يَكَادَ يُلْحَقُ بالقِياس نحو: "هُوَ منِّي مَنزِلَةَ الولَد" و "هو مِني مَنَاط الثُّرِّيا فالأَوَّل: في قربِ المَنْزِلة، والثاني: في ارتفاعِ المَنْزِلَةِ، ومن الثاني قول الشاعر: وإنَّ بَنِي حَرْبٍ كَمَا قَدْ عَلِمْتُم *** مَنَاطَ الثُّريَّا قَدْ تَعَلَّتْ نُجومُها (يقول: هُمْ في ارتفاع المَنْزِلَةِ كالثُّريا إذا استَعْلَت، ومَنَاطُهَا السَّماء ونُطْتُ الشَيْءَ بالشيء إذا عَلَّقْتَه به) -6 الظَّرْفُ نوعان: مُتصرِّفٌ، وغَيْرُ مُتَصَرِّفٍ: فالمُتَصَرِّف: ما يُفَارِقُ الظَّرفيَّةَ إلى حَالَةٍ لا تُشْبِهُهَا، كأن يَقَعَ مُبْتَدأ أو خبرًا، أو فاعلًا، أو مَفعُولًا، أو مُضافًا إليه، كـ: "اليوم، والميل، والفَرْسَخ" تقول: "اليَوْمُ يومٌ مُبَارَكٌ" و "أحْبَبْتُ يَوْمَ قدُومِكَ" و "الميلُ ثُلُثُ الفَرْسَخ". وغَيرُ المُتَصَرِّف: وهو نَوْعَان ما لا يُفارِقُ الظَّرْفِيَّةَ أصْلًا كـ: "قَطْ" و "عوْض" (انظرهما في حرفيهما) و "بيْنَا أو بَيْنَمَا" (انظرهما في حروفهما). تَقُولُ: "مَا هَجَرْتُه قَطُّ" و "لا أُفَارِقُه عَوْضَ" و "بيْنَا أو بَيْنَما أَنَا ذَاهِبٌ حضَرَ الغَائبُ". ومِن هَذا: الظُّرُوف المُرَكَّبَة كـ: "صَباحَ مَسَاءَ" و "بيْنَ بَيْنَ". ومِنْ غَيْرِ المُتَصرِّف "سَحَر" المَعْرِفَة (=سحر) و "ذاتَ مَرَّة" (=ذات مرة) ومنه "بَكَرًا" و "ذو صَبَاح" و "صبَاحَ مساءَ" ومِمَّا يَقْبح أنْ يَكونَ غَيرَ ظَرْفٍ صِفَةُ الأَحْيان، تقول "سيرَ عَليه طَوِيلًا" أي سَيْرًا طَوِيلًا و "سير عليه حَدِيثًا" أي سَيْرًا حديثًا. وما لا يخْرجُ عنها إلاَّ حالة تُشْبِهُها، وهي دُخُول الجَارِّ نحو: "قَبْلُ، وبَعْدُ، ولَدُنْ، وَعِنْد" (انظرها في حروفها) فتَدْخُلُ عَلَيْهنَّ "مِن". -7 الظُّروفُ التي لا يَدْخُل عليها مِنْ حُرُوف الجَرِّ إلاَّ "مِنْ": هي ستَّةٌ: "عِنْدَ، ولَدَى، ولَدُن، وقَبْلُ، وبَعْدُ، وأسماءُ الجهَات". -8 مُتَعَلَّق المَفعولِ فِيه: يَجبُ أنْ يكونَ للمَفْعُولِ فيهِ مُتَعَلَّقٌ سَوَاءٌ أَكَانَ زَمَانِيًا أمْ مَكانِيًّا وشُرُوطُ تعلُّقِهِ كشرُوطِ تعلُّقِ الجَار والمَجْرُور"، (=الجار والمجرور رقم 28). المَفْعول لأجْلِه:
-1 تَعْرِيفه: هُوَ اسمٌ يُذْكَرُ لِبيان سَبَبِ الفِعل، نحو: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاَقٍ} (الآية "31" من سورة الإسراء "17"). فانتصَبَ لأَنَّهُ مَوْقُوعٌ له، ولأَنَّه تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَه لِمَ كان؟ على حدِّ قولِ سيبَويه. -2 شُروطُه: يُشْتَرطُ لِجَوَازِ نَصْبِهِ خَمْسَةُ شُروط: (1) كَوْنُهُ مَصْدَرًَا. (2) قَلْبيًّا (القلبي: هو الذي يكون مَعْناه عقليًا غيرَ مَادِّي). (3) مُفيدًا للتَّعْليل. (4) متَّحِدًا مَعه في الفَاعل. فإنْ فُقِدَ شَرْطٌ من هذه الشروط: وَجَبَ جَرُّهُ بحرفِ الجرِّ نحو: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ} (الآية "10" من سورة الرحمن "55") لفقد المصدرية، ونحو: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ} (الآية "151" من سورة الأنعام "6") لفقد القَلبية، ونحو "أحْسَنْتُ إليك لإِحْسَانِكَ" لأنَّ الشيءَ لا يُعَلَّلُ بِنَفْسِهِ ونحو "جئتُكَ اليومَ للإِكْرَامِ غَدًا" لِعَدَمِ اتِّحاد الوَقْت، ومِنْه قَوْلُ امْرِئ القيس: فَجِئْتُ وقَدْ نَضَّتْ لِنَومٍ ثِيابَها *** لَدَى السِّترِ إلاّ لِبْسَةَ المتَفضِّلِ (نضت: خلعت، المتفضل: من بقي في ثوب واحد، وظاهرٌ أن مجيئَهُ وخلعَ ثِيابها لم يَتَّحدَا زَمَنًا) ومِنْ فَقْدِ الاتِّحَادِ في الفَاعِلِ قَول أبي صَخْرٍ الهُذَلي: وإنِّي لَتَعرُوني لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ *** كما انْتفَضَ العُصْفُور بَلَّلَه القَطْرُ (تَعْروني: تَغشاني، والشَّاهد: اخْتِلافُ الفاعل في: "تَعْروني، وذِكْراك" ففاعلُ تعروني: "الهَزة، وفاعل: "لذكراك" المتكلم، لذلك وجَبَ جرُّ "لِذكراك" بلام التعليل) وقد انْتَفَى الاتَّحاد في الزَّمنِ والفَاعل في قولِه تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (الآية "78" من سورة الإسراء "17") لأنَّ زَمَنَ الإِقَامَةِ المُخَاطَب، وفاعل الدُّلُوكِ الشمس. -3 أَنْواع المَفْعول لأجله المُسْتَوفي الشُّرُوط، فهو: (1) إمّا أنْ يكونَ مُجَرَّدًا مِنْ "أَلْ وَالإِضَافَة". (2) أو مَقْرونًا بـ "أل". (3) أو "مُضافًا". فإنْ كانَ الأَوَّل: فالمُطَّرِد نَصْبُه، نحو "زُيِّنَتِ المَدِينَةُ إكْرامًا للقَادِم"، ومِثْلُه قولُ الشَاعِرِ وهو حَاتَم الطائي: وأغْفُر عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادِّخَارَه *** وأعْرِضُ عَنْ شَتْم اللَّئِيم تَكَرُّمَا (ادِّخاره: ابْقاءً عليه) وقال النَّابِغَة الذُّبياني: وحَلَّتْ بُيُوتي في يَفَاعٍ مُمَنَّعٍ *** يَخَال بِه رَاعِي الحُمُولة طَائِرًا (اليَفَاع: المُرتَفع من الأرض، الحُمولة: الإبل قَد أطاقت الحمل، والمَعْنى لارْتِفاعه وعُلُوه يَرى الإِبل كالطيور) حِذَارًا على أنْ لا تُنَال مَقَادَتي *** ولا نِسْوَتي حتَى يَمُتْنَ حَرَائِرًا وقال الحارِث بنُ هشام: فصَفَحتُ عَنْهُم والأَحبَّةُ فيهم *** طَعَمًا لَهُم بِعِقَابِ يومٍ مُفْسِدِ ويُجَرُّ على قِلَّةٍ كقَولِ الراجزِ: مَنْ أَمَّكم لِرَغْبةٍ فيكُمْ جُبِر *** وَمَنْ تَكُونُوا ناصِرِيه ينتَصِرْ (المعنى: مَن قَصَدَكم في إحْسانكم فقَد ظَفِر الشَّاهد في "لرغبة" إذ بَرَزَت فيه اللاَّمُ والأَرْجح نصبُه) وإن كان الثاني - وهو المقترن بأل فالأَكثرُ جرُّه بالحرفِ، نحو "أَصْفَحُ عنه للشفقةِ عليهِ"، يُنصب على قِلَّةٍ، كقولِ الرَّاجز: لا أقْعُدُ الجُبْنَ عن الهَيْجاءِ *** وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ (الهَيْجَاء: الحَرْب، والشَّاهد في "الجُبُنْ" حيث نصبَه، والأَرْجَحُ جَرُّه باللام) ومثلُه قولُ الشاعر: فَلَيْتَ لي بِهِمُ قَومًا إذا رَيكِبُوا *** شَنُّوا الإِغارةَ فُرْسَانًا ورُكْبانًا نَصَب الإِغَثارَة مَفْعُولًا لأَجْله، والأولى أن تُجَرَّ باللام. وإنْ كانَ الثالث - أيْ أنْ يكونَ مُضَافًا - جازَ فيهِ الأَمْرَان على السَّواءِ نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} (الآية "207" من سورة البقرة "2") {وإنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله} (الآية "74" من سورة البقرة "2") جاء ابْتِغَاءَ مَفْعُولًا لأَجْلِه مع الإِضافَةِ وفي الآية الثانِيةِ جُرَّ بِمن: من خَشْية اللهِ.
|