الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
أن الاقتناع بالله من تعظيم الله، لأن الحالف أكد ما حلف عليه بالتعظيم باليمين وهو تعظيم المحلوف به، فيكون من تعظيم المحلوف به أن يصدق ذلك الحالف، وعلى هذا يكون عدم الاقتناع بالحلف بالله فيه شيء من نقص تعظيم الله، وهذا ينافي كمال التوحيد، والاقتناع بالحلف بالله لا يخلو من أمرين: الأول: أن يكون ذلك من الناحية الشرعية، فإنه يجب الرضا بالحلف بالله فيما إذا توجهت اليمين على المدعى عليه فحلف،فيجب الرضا بهذا اليمين بمقتضى الحكم الشرعي. الثاني: أن يكون ذلك من الناحية الحسية، فإن كان الحالف موضع صدق وثقة، فإنك ترضى بيمينه، وإن كان غير ذلك، فلك أن ترفض الرضا بيمينه، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لحويصة ومحيصة: ] فأقرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك. **** عن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: قولـه في الحديث: (لا تحلفوا).(لا): ناهية، ولهذا جزم الفعل بعدها بحذف النون، و (آباؤكم): جمع أب، ويشمل الأب والجد، وإن علا فلا يجوز الحلف بهم، لأنه شرك، وقد سبق بيانه. قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: الأمر الأول: للحالف، فقد أُمر أن يكون صادقا، والصدق: هو الإخبار بما يطابق الواقع، وضده الكذب، وهو: الإخبار بما يخالف الواقع، فقوله: (من حلف بالله، فليصدق)، أي: فليكن صادقا في يمينه، وهل يشترط أن يكون مطابقا للواقع أو يكفي الظن؟ الجواب: يكفي الظن، فله أن يحلف على ما يغلب على ظنه، كقول الرجل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فأقره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. الثاني: للمحلوف له،فقد أمر أن يرضى بيمين الحالف له. فإذا قرنت هذين الأمرين بعضهما ببعض، فإن الأمر الثاني ينزل على إذا كان الحالف صادقا، لأن الحديث جمع أمرين: أمرا موجها للحالف، وأمرا موجها للمحلوف له، فإن كان الحالف صادقا، وجب على المحلوف له الرضا. فإن قيل: إن كان صادقا فإننا نصدقه وإن لم يحلف؟ أجيب: أن اليمين تزيده توكيدا. قوله: **** فيه مسائل: الأولى: النهي عن الحلف بالآباء. الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى. الثالثة: وعيد من لم يرض. فيه مسائل: الأولى: النهي عن الحلف بالآباء. لقوله: (لا تحلفوا بآبائكم)، والنهي للتحريم. الثانية: الأمر للمحلوف له بالله أن يرضى. لقوله: (من حلف له بالله، فليرض)، وسبق التفصيل في ذلك. الثالثة: وعيد من لم يرض. لقوله: (ومن لم يرض، فليس من الله). الرابعة: ولم يذكرها المؤلف -: أمر الحالف أن يصدق لأن الصدق واجب في غير اليمين، فكيف باليمين؟ وقد سبق أن من حلف على يمين كاذبة أنه آثم، وقال بعض العلماء: أنها اليمين الغموس. وأما بالنسبة للمحلوف له، فهل يلزمه أن يصدق أم لا؟ المسألة لا تخلو من أحوال خمس: الأولى: أن يعلم كذبه، فلا أحد يقول: إنه يلزم تصديقه. الثانية: أن يترجح كذبه، فكذلك لا يلزم تصديق. الثالثة: أن يتساوى الأمران، فهذا يجب تصديقه. الرابعة: أن يترجح صدقه، فجب أن يصدق. الخامسة: أن يعلم صدقه، فيجب أن يصدق. وهذا في الأمور الحسية، أما الأمور الشرعية في باب التحاكم، فيجب أن يرضى باليمين ويلتزم بمقتضاها، لأن هذا من باب الرضا بالحكم الشرعي، وهو واجب. أن قول: (ما شاء الله وشئت) من الشرك الأكبر أو الأصغر، لأنه إن اعتقد أن المعطوف مساو لله، فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنه دونه لكن أشرك به في اللفظ، فهو أصغر، وقد ذكر بعض أهل العلم: أن من جملة ضوابط الشرك الصغر أن ما كان وسيلة للأكبر فهو أصغر.
|