الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَطَاءٌ إِذَا أَجَّلَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ الشرح: قوله: (باب الشروط في القرض) ذكر فيه طرفا من حديث أبي هريرة في قصة الذي أقرض الألف الدينار، وأثر ابن عمر وعطاء في تأجيل القرض، وقد مضى جميع ذلك والكلام عليه في كتاب القرض، وسقط جميع ذلك هنا للنسفي، لكن زاد في الترجمة التي تليه فقال: " باب الشروط في القرض والمكاتب إلخ". *3* وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْمُكَاتَبِ شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَوْ عُمَرُ كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ وَيُقَالُ عَنْ كِلَيْهِمَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ الشرح: قوله: (باب المكاتب، وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله) تقدم في هذه الأبواب " باب ما يجوز من شروط المكاتب " وهذه الترجمة أعم من تلك وإن كان حديثهما واحدا، وتقدم في كتاب العتق أيضا " ما يجوز من شروط المكاتب، ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله " وتقدم أنه قصد تفسير الأول بالثاني، وهنا أراد تفسير قوله: " ليس في كتاب الله " وأن المراد به ما خالف كتاب الله، ثم استظهر على ذلك بما نقله عن عمر أو ابن عمر، وتوجيه ذلك أن يقال: المراد بكتاب الله في الحديث المرفوع حكمه، وهو أعم من أن يكون نصا أو مستنبطا، وكل ما كان ليس من ذلك فهو مخالف لما في كتاب الله. والله أعلم. قوله: (وقال جابر بن عبد الله في المكاتب: شروطهم بينهم) وصله سفيان الثوري في كتاب الفرائض له من طريق مجاهد عن جابر؛ ووقع لنا مرويا من طريق قبيصة عنه. قوله: (وقال ابن عمر أو عمر: كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل إلخ) كذا للأكثر. وفي رواية النسفي " وقال ابن عمر " فقط ولم يقل أو عمر؛ لكن في رواية كريمة من الزيادة " قال أبو عبد الله - أي المصنف - يقال عن كليهما عن عمر وعن ابن عمر، فالله أعلم. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرْتُهُ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ الشرح: حديث عائشة في قصة بريرة قد تقدم الكلام عليه مستوفى في أواخر العتق. *3* وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ أَرْحِلْ رِكَابَكَ فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَخْرُجْ فَقَالَ شُرَيْحٌ مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا وَقَالَ إِنْ لَمْ آتِكَ الْأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ فَلَمْ يَجِئْ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ أَخْلَفْتَ فَقَضَى عَلَيْهِ الشرح: قوله: (باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا) بضم المثلثة وسكون النون بعدها تحتانية مقصور أي الاستثناء (في الإقرار) أي سواء كان استثناء قليل من كثير أو كثير من قليل، واستثناء القليل من الكثير لا خلاف في جوازه، وعكسه مختلف فيه، ذهب الجمهور إلى جوازه أيضا، وأقوى حججهم قوله تعالى: وذهب بعض المالكية كابن الماجشون إلى فساده، وإليه ذهب ابن قتيبة وزعم أنه مذهب البصريين من أهل اللغة، وأن الجواز مذهب الكوفيين، وممن حكاه عنهم الفراء، وسيأتي بسط هذا عند الكلام على الحديث المرفوع في الباب في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى. قوله: (وقال ابن عون إلخ) وصله سعيد بن منصور عن هشيم عنه ولفظه " أن رجلا تكارى من آخر فقال: اخرج يوم الاثنين " فذكر نحوه. قوله: (وقال أيوب عن ابن سرين إلخ) وصله سعيد بن منصور أيضا عن سفيان عن أيوب، وحاصله أن شريحا في المسألتين قضى على المشترط بما اشترطه على نفسه بغير إكراه، وواقفه على المسألة الثانية أبو حنيفة وأحمد وإسحاق. وقال مالك والأكثر: يصح البيع ويبطل الشرط، وخالفه الناس في المسألة الأولى، ووجهه بعضهم بأن العادة أن صاحب الجمال يرسلها إلى المرعى، فإذا اتفق مع التاجر على يوم بعينه فأحضر له الإبل فلم يتهيأ للتاجر السفر أضر ذلك بحال الجمال لما يحتاج إليه من العلف، فوقع بينهم التعارف على مال معين يشترطه التاجر على نفسه إذا أخلف ليستعين به الجمال على العلف. وقال الجمهور: هي عدة فلا يلزم الوفاء بها، والله أعلم. *3* الشرح: قوله: (باب الشروط في الوقف) ذكر فيه حديث ابن عمر في قصة وقف عمر، وسيأتي الكلام عليه في أثناء الكتاب الذي يليه إن شاء الله تعالى. وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أحد عشر أثرا والله أعلم. الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ قَالَ إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا الشرح: حديث ابن عمر في قصة وقف عمر سيأتي الكلام عليه في أثناء الكتاب الذي يليه إن شاء الله تعالى.
|