الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
قـال فـي " التعريـف ": وأقسامهـا لا تخرج عن ثمانية أقسام: إلى الوجه القبلي وإلى الوجه البحري وإلى عامة الديار المصرية وإلى بعض البلاد الشامية وإلى البلاد المصرية والشامية وإلى الممالك الإسلامية وما جاورها وإلى بعض أولياء الدولة كالأمراء بدمشق أو حلب وإلى قبائل العرب أو التركمان أو الأكراد أو بعضهم. قلت: والقاعدة في المطلقات أنه إذا اجتمع في المطلق كبار وصغار يغلب حكم الأكبر منهم على الأصغر: تعظيماً لأمر الأكابر. فإن كان في المطلق من الألقاب ما تختص به الأكابر دون غيرهم استوفي للكبير ما يختص به من الألقاب وأتي بالقدر المشترك فيه بعد ذلك. ثم المطلقات منهـا مـا يختـم. قـال فـي " التعريـف ": وهـو مـا كـان لبعـض أوليـاء الدولـة إذا كـان فـي سـر يكتم ولا يراد إظهاره إلا عند الوقوف عليه فيختم على عادة الكتب. وهذا يكون عنوان بظاهره كما في غيره من المكاتبات المفردة. ومنهـا مـا لا يختـم وهـو سائـر المطلقات. قال في " التعريف ": وعنوانها " مخالف لعنوان " الكتب المفردة للآحاد: فإن تلك في ظاهر الورق وهذه في باطن الورق فوق وصلين أو ثلاثة فوق البسملـة. ويقـال فيهـا: مثال شريف مطلق إلى الولاة والنواب أو غير ذلك من نحو ما في الصدر فيضمن العنوان ملخص ما فيه. ثم يقال: على ما شرح فيه أو حسب ما شرح فيه. ومن قاعدتهـا أن يصرح بذكر المكتوب إليهم في المطلق بخلاف غيرها من المكاتبات المفردة. قال في " التعريـف ": ثـم بعـد التعريـف فـي المطلقـات الدعـاء ثم الإفضاء إلى الكلام وفي آخرها يتعين أن يقال: " فليعلموا ذلك ويعتمدوه ". وحاصل مرجوعها إلى ثلاثة أضرب: الضرب الأول المطلقات المكبرة قال في " التعريف ": وهي ما يكتب إلى سائر النواب بالممالك الشريفة خلا سيس فإنهـا مستجدة غير أنه إن رسم بإضافته إليهم فيحتاج إلى تحرير يكون بعد مقدم العسكر بغزة ولا نائب الكرك لأن رتبته في المكاتبة أعلـى منهمـا. فإنهـا نظيـر مكاتبـة نائـب طرابلـس وحمـاة وصفد. قلت: هذا على ما كان الأمر استقر عليه من كونها نيابة في أول الأمر أما بعد استقرارها تقدمة عسكر فإنه يكون بعد مقدم العسكر بغزة: لأن كلاً منهما مقدم عسكر ومقدم العسكر بغزة أقدم من مقدم العسكر بسيس. وأيضاً فإن غزة مضافة إلى دمشق وسيس مضافة إلى حلب ودمشق أكبر من حلب. قـال فـي " التثقيـف ": وصـورة هـذا المطلـق أن يكتـب فـي الطـرة: " مثـال شريـف مطلـق إلـى الجنابين الكريمين العاليين الأميريين الكافليين الفلانيين نائب السلطنة الشريفة بالشام وحلب المحروستين أعـز اللـه تعالى نصرتهما إلى الجنابات العالية الأميرية الفلانية أو الفلاني والفلاني " على الترتيب. ثـم يقـال: " نـواب السلطنـة الشريفـة بطرابلـس وصفـد وحمـاة المحروسـات. وإلـى الجنـاب العالـي والمجلـس العالـي الأميـري الأميرييـن الفلانييـن أو الفلانـي والفلاني. وإلى الجناب العالي والمجلس العالي الأميري الأميريين الفلانيين أو الفلانـي والفلانـي مقـدم العسكـر المنصـور بغـزة المحروسـة ونائـب السلطنـة الشريفة بالكرك المحروس أدام الله تعالى نعمتهما بما رسم لهم به أن يتقدم أمرهم الكريم بكذا وكذا ويشرح ما رسم به إلى آخـره. ثـم يخلـي بياضـاً يسيـراً. ثـم يكتـب " علـى مـا شـرح فيـه " ويتـرك ثلاثـة أوصـال بياضـاً بالوصـل الـذي تكتـب فيـه الطـرة. ثـم تكتـب البسملة في أعلى الوصل الرابع. ثم يكتب قبل آخره بإصبعيـن مـا صورتـه: " أعـز اللـه تعالـى نصـرة الجنابيـن الكريميـن! وضاعـف وأدام نعمة الجناب العالي والمجلس العالي الأميرية الكبيرية العالية العادلية المؤيدية الزعيميـة الغوثيـة الغياثيـة المثاغريـة المرابطية المشيدية الظهيرية الكافلية الفلانية أو الفلاني والفلاني " إلى آخرهم: " أعزاء الإسلام والمسلمين سادات الأمراء في العالمين أنصار الغـزاة والمجاهديـن زعمـاء الجيـوش مقدمـي العساكـر ممهـدي الـدول مشيـدي الممالـك عمـادات الملة أعوان الأمة ظهيري الملوك والسلاطين سيوف أمير المؤمنين نواب السلطنة الشريفة بالشام وحلب وطرابلس وحمـاة وصفـد المحروسـات ومقـدم العسكـر المنصور بغزة المحروسة ونائب السلطنة الشريفة بالكـرك المحـروس " ثم الدعاء لهم بصيغة الجمع. ثم يقال: " صدرت هذه المكاتبة إلى الجنابين الكريمين والجنابات العالية والمجلس العالي تهدي إليهم من السلام كذا وتوضـح لعلمهـم الكريـم كذا وكذا فيحيط علمهم الكريم بذلك والله تعالى يؤيدهم بمنه وكرمه ". وتكمل بالمشيئة وما بعدها. والعلامة " أخوهم ". قال: في " التثقيف ": وإن أضيف إليهم نائب سيـس. في الطرة والصدر حسب ما تقدم ذكره. قـال فـي " التثقيـف ": وممـا ينبـه عليـه أنـه قـد يكتب تارة إلى بعض هؤلاء النواب ويختصر البعض بحسب ما تدعو الحاجة إليه فيكتب كذلك ويختصر منـه مـن رسـم باختصـاره ويذكـر كـل واحـد منهـم فـي محلـه ومرتبتـه علـى الصـورة المتقدمة من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقص. ثم قال: وهذا هو الذي لم يزل الحال مستقراً عليه حين كانت مكاتبة نائب الشام " الجنائب الكريم " نظير نائب حلب. أما الآن حيث استقرت مكاتبته " المقر الكريم ". فإنه لا يليق أن يكتـب لغيـره بألقابـه الخاصـة بـه. وإن اختصرت الألقاب الخاصة به كان فيه نقص لرتبته فيلزم من ذلك أن يكتب إليه على انفراده ويكتب المطلق لمن رسم به ممن عداه من النواب المذكورين. قلت: وقد رأيت في بعض الدساتير كتابة المطلق الشامل لكافل الشام وغيره من النواب بعد استقرار مكاتبة نائب الشام بالمقر الكريم على صورتين: الصورة الأولى - أن تستوفى ألقاب المقر الكريم بدعائه ويؤتى بألقابه الخاصة به ثم يعطف عليه الجناب الكريم والجنابات العالية والمجلس العالي بالألقاب المشتركة ويميز ما يمكن تمييـزه منها ويكمل على نحو ما تقدم: وذلك بان يكتب في الطرة " مثال شريف مطلق إلى كافل السلطنـة الشريفة بالشام المحروس أعز الله تعالى أنصاره ونواب السلطنة الشريفة بحلب وطرابلس وحماة وصفـد ضاعـف اللـه تعالـى نعمتهـم ومقـدم العسكـر المنصـور بغـزة وسيـس المحروستيـن أدام اللـه تعالـى نعمتهمـا بمـا رسم لهم به " إلى آخره. ثم يخلي ثلاثة أوصال على ما تقدم ويكتب تلو البسملة في أول الوصل الرابع: " أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي المولـوي الأميـري الكبيـري العابـدي الناسكـي الأتابكـي ونصرة الجناب الكريم ضاعف وأدام نعمـة الجنابات والمجالس العالية الأميرية الكبيرية العالمية العادلية المثاغرية المرابطية العونية الذخرية الغياثية الممهدية المشيديـة المقدميـة الظهيريـة الكافليـة الفلانـي والفلانـي " إلـى آخرهـم: " معـز وعـز الإسلام والمسلمين سيدي الأمراء في العالمين ناصر ونصرة الغزاة والمجاهدين زعماء الجيـوش أتابـك ومقدمـي العساكـر ممهـدي الـدول مشيـدي الممالـك أعـوان الأمـة كهـوف الملـة ظهـراء الملـوك والسلاطيـن عضـد وسيـوف أميـر المؤمنيـن كافـل السلطنـة الشريفـة بالشـام المحروس ونواب السلطنة الشريفة بحلب وطرابلس وحماة ومقدم العسكر بغـزة وسيـس ونائـب السلطنة الشريفة بالكرك المحروس " ولا زال إلى آخره. " أصدرناها إلى المقر والجناب الكريم والجنابات والمجالس العالية تهدي إليهم من السلام كذا ومن الثناء كذا وتبدي لعلمهـم الكريـم كذا وكذا. ومرسومنا للمقر والجناب الكريم والجنابات والمجالس العالية أن يتقدموا بكذا وكذا فيحيط علمهم بذلك ". الصورة الثانية - أن تكتب الطرة على ما تقدم ثم تكتب ألقاب المقر إلى آخرها. ثم يقال: " وتبـدي لعلمـه الكريـم وعلـم الجنـاب الكريـم والجنابـات العاليـة والمجالـس العاليـة الأميريـة الكبيرية " إلى آخر الألقاب " أن الأمر كذا وكذا. ومرسومنا لمقر والجناب الكريمين والجنابات العالية والمجلس العالـي أن يتقدمـوا بكـذا وكـذا فيحيـط علمهـم بذلـك " والعلامـة فـي هـذا المطلـق " أخوهـم " اعتبـاراً بالعلامة إلى كافل الشام ونائب السلطنة بحلب.
وقد ذكر لها في " التعريف " قواعد كلية وأشار إلى اختلاف مقاصدها في ضمن الكلام الجملـي فقـال: وفـي كلهـا يكتـب: " مثالنـا هـذا إلـى كـل واقـف عليـه مـن المجالس السامية الأمراء الأجلاء الأكابر المجاهدين المؤيدين الأنصار الغزاة الأنجاد الأمجاد أمجاد الإسلام أشـراف الأمـراء أعـوان الدولـة عـدد الملـوك والسلاطيـن: الولـاة والنـواب والشاديـن والمتصرفيـن بالوجـه الفلانـي أو بالديـار المصريـة أو بالبلاد الشامية " أو بالبلاد الفلانية أو بالديار المصرية والبلاد الشامية " وسائر الممالك الإسلامية ". قال: وقد يزاد في هـذا لمقتضيـه: " والثغـور والحصـون والأطراف المحروسة ". قال: فإذا كان إلى الممالك الإسلامية قيل " بالديـار المصريـة والبلـاد الشاميـة وسائـر الممالـك المحروسـة ومـا جاورهـا مـن البلـاد الشرقيـة والممالـك القانيـة ". وقد تكـون إلـى جهـة الروم. فيقال: " وما جاورها من البلاد الرومية وما يليها ". ثم عقب ذلك بأن قـال: فأما إذا كان إلى بعض أولياء الدولة نظر: فإن كان إلى عامة أمراء دمشق قيل: صدرت هذه المكاتبة إلى المجالس العالية الأمراء ". وبقية الألقاب من نسبه ما يكتب للمجلس العالي. فـإذا انتهـى إلـى أعضـاد الملـوك والسلاطيـن " أو عضـد الملوك والسلاطين ويجوز إطلاق هذا الإفراد على الجمع " قال: جماعة الأمراء مقدمي الألوف وأمراء الطبلخاناه وسائر " مجالس الأمراء " أمراء العشرات ومقدمي الحلقة المنصـورة. وإن كـان يكتـب إلـى حلـب أو غيرهـا مـن الممالـك فبالسامية. وإن كان لأمراء العربان أو التركمان أو الأكراد كتب على عـادة المطلقـات بالساميـة وكتـب بعـد عـدد الملـوك والسلاطيـن " الجماعـة الفلانيـة " أو غيـر ذلـك ممـا يقتضـي التعريف بمن كتب إليه. أما في " التثقيف " فقد رتب المطلقات المصغرة على ستة أصناف: الصنف الأول - المطلقات إلى جميع نواب القلاع بالمملكة الشامية أو بالمملكة الحلبية. وصورة ما يكتب إليهم في الطرة: " مثال شريف مطلق إلى المجالس العالية والسامية الأميرية ومجالس الأمراء النواب بالقلاع الفلانية المحروسة أدام الله تعالى نعمتهم بما رسم لهم به من كذا وكـذا " إلـى آخـره. ثم يقال: على ما شرح فيه ثم يخلى وصلان بياضاً بوصل الطرة ثم تكتب البسملة في أعلى الوصل الثالث ثم يكتب بعد البسملة: " صدرت هذه المكاتبة إلى المجالس العالية والسامية الأميرية " وبقية ألقابهم. " ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر المجاهديـن المؤيديـن الأنصار أمجاد الإسلام والمسملين شرف الأمراء في العالمين أنصـار الغـزاة والمجاهديـن مقدمـي العساكر كهوف الملة أعوان الأمة ظهيري الملـوك والسلاطيـن النـواب بالقلـاع المنصـورة بالمملكـة الفلانيـة المحروسـة ". والدعـاء إلـى آخـره " موضحة لعلمهم كذا وكذا. ومرسومنا للمجالس العالية والساميـة ومجالـس الأمراء أن يتقدموا بكذا وكذا فيحيط علمهم بذلك. والله تعالى يؤيدهم بمنه وكرمه ". والعلامة " والدهم ".
ممن يكتب إليه بالسامي بالياء أو بالسامي بغير ياء أو بمجلس الأمير. وصورة ما يكتب إليهم في الطرة: " مثال شريف مطلق إلى المجالس السامية ومجالس الأمراء النواب بالقلاع الفلانية أو بولاية فلانة وفلانة أدام الله تعالى علوهم " بما رسم لهم به نظير ما تقدم. وبعد البسملة: " مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر الغزاة المجاهدين المؤيدين الأنصار أمجاد الإسلام أشراف الأمراء زيون المجاهدين عمد الملوك والسلاطين أو عدد الملوك والسلاطين النواب بالقلاع الفلانية المحروسة " حسب ما كتب في الطرة والدعاء " يتضمن إعلامهم أن الأمر كذا وكذا ومرسومنا للمجالس السامية ومجالس الأمراء أن يتقدموا بكذا وكذا فليعلموا ذلـك ويعتمـدوه ويعملـوا بحسبـه واللـه الموفق بمنه وكرمه " والعلامة الاسم الشريف. الصنف الثالث - المطلقات إلى عربان الطاعة بالممالك الشامية. والأمر فيه كما في الصنـف الـذي قبلـه. قـال فـي " التثقيـف ": فـإن كـان المطلـق إلـى طائفـة مـن العربـان ممن لله عادة بمكاتبة جليلة: بأن تكون العلامة " والده " أو نحو ذلك: كآل مهنا وآل فضل وآل علي وآل مرا ونحوهم فإنه تكون صورة ما يكتب في الطرة: " مثال شريف مطلق إلى جماعة العربان آل فلان " إلى آخره. وفي الصدر بعد البسملة: " مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء " وبقية الألقاب " الكشـاف والولـاة والنـواب بالوجهيـن القبلـي والبحري ". ثم الدعاء. ثم يقال: " يتضمن إعلامهم كذا وكذا ". ثم البقية من نسبة ما تقدم. قال في " التثقيف ": وغالباً يفرد الوجه القبلي بمطلق شريف والوجه البحري بمطلق شريف. قـال: وقـد تضاف إلى الوجه البحري الثغور. فيقال: " الكشاف والولاة والنواب بالوجه البحري والثغور المحروسة ". قال: وإضافة الثغور لا تقع إلا نادراً لا سيما وقد صار ثغر الإسكندرية نيابـة لا ولايـة. ثـم قـال: وفـي هـذا الوقـت قـد يتعـذر إضافـة نائـب الوجـه القبلـي مع الولاة في المطلق لارتفاع مكاتبته عنهم بدرجات فيفرد بمثال شريف ويكتب المطلق إلى بقية الكشاف والولاة. ثم قال: هذا الذي يظهر. قلت: ويمكن أن يجمـع معهـم بـان يكتـب: " أدام اللـه تعالـى نعمـة الجنـاب العالـي " إلـى آخـره. ثـم يقـال: " صدرت هذه المكاتبة إلى الجنـاب العالـي " إلـى آخـره " وتوضـح لعلمـه الكريـم وعلـم المجالـس الساميـة ومجالس الأمراء " إلى آخر ألقابهم " الولاة بالوجه القبلي " أن الأمر كذا وكذا: ويكمل على ما تقدم. قـال فـي " التثقيـف ": وممـا جـرت العـادة بـه أن يكتـب مطلـق شريـف إلـى الأمراء بالمملكة الطرابلسية أو الحموية أو الصفدية وغيرها عند ولاية نائب السلطنة بتلك المملكة بإعلامهم بذلك فيكتب علـى هـذا الحكـم ولكنـه بعنـوان بغيـر طـرة. قـال: وصورتـه فـي الصـدر بعـد البسملة: " مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر " إلى آخر الألقاب والدعاء " يتضمن إعلامهم كذا وكذا " إلى آخره كما تقدم ولكنه لا يصرح بذكر الولاة والنواب كمـا يصـرح بذكـر مـن يكتـب إليـه المطلـق فـي غيـر هـذه الحالة. والعنوان: " المجالس السامية ومجالس الأمـراء الأجـلاء الأكابـر " إلـى آخـر الألقاب والنعوت جميعها والدعاء والتعريف " أمراء الطبلخانات والعشرات بطرابلس المحروسة أو بحماة أو بصفد أو بغزة. قال: أم مملكتا الشام وحلب فإنه لم تجر العادة بكتابة مطلق بولاية نائبهما بل يكتب إلى أمير حاجب بتك المملكة بإعلامه بذلك. وأمـا الكـرك: فإنـه يكتـب إلـى والـي القلعـة بـه بمثـل ذلك. وكذلك يكتب إلى الحاجب بالإسكندرية مثل ذلك. وهذا شيئان يجب التنبه لهما. أحدهما كل ما كان من ألقاب المطلقات بصيغـة الجمـع وهـو. كأعضـاد فإنـه يجوز فيه الإفراد فيقال فيه عضد وهذا مما نبه عليه في " التعريف " في الكلام على المطلقات. الثاني - قال في " التثقيف ": فإن قلت: لـأي شـيء تذكـر أسمـاء الولـاة والنـواب والعربـان وغيرهـم فـي الصـدر بعـد تمام النعوت وقبل الدعاء ولا تكتب في صدر المطلقات إلى الأمراء المتقدمة الذكر عنـد ولايـة النائب بها أو غيره فالجواب أن ذلك في صدر المثال الشريف هو التعريف الذي من عادته أن يكون في العنوان ولا يستغنى عنه فهو قائم مقامه حيث لا عنوان لذلك المطلق إنما هـو بطـرة لا غيـر ولهـا عنوانـات والتعريـف مذكـور فيها فلا حاجة إلى ذكره في الصدر. ثم قال: ومن الجماعة من ينازع في ذلك ويدعي أن ذلك في الطرة كاف ومغن عن ذكره في الصدر وقائم مقام التعريف في العنوان. ثم قال: وهو خطأ وليس بشيء. والأصح ما قلناه. " الصنـف " الرابـع - قال في " التثقيف ": إذا كان المطلق في أمر يتعلق بالديار المصرية والبلاد الشامية تكون صورته " إلى الكشاف والولاة والنواب والشادين والمتصرفين بالطرقات المصرية والبلاد الشامية. وإن كان يتعلق بالبلاد الشامية خاصة اختصر منه ذكر الطرقات المصرية ". " الصنف " الخامس - ذكر في " التعريـف " أنـه يقـال فـي آخـر المطلقـات بعـد فليعلمـوا ذلـك ويعتمـدوه: " بعد الخط الشريف ". قال في " التثقيف " ولعل هذا كـان فـي الزمـن الـذي كـان هـو مباشـراً فيـه أمـا الآن فإنه لم تجر بذلك عادة ولم يكتب ذلك في مطلق شريف مكبر ولا غيره أصلاً. " الصنـف " السـادس - ذكـر في " التثقيف " أنه رأى بخط القاضي ناصر الدين ابن النشائي أنه كتـب مطلقـاً إلـى المجاهديـن بمصيـاف بعنـي الفداويـة صورتـه: " يعلـم كل واقف على مثالنا هذا من المقدميـن الأجلاء الغزاة المجاهدين المؤيدين الأنصار الأتابك فلان والأتابك فلان جماعة المجاهدين " ثم الدعاء.
في عاشر شهر رجب الفرد سنة تسع وعشرين وسبعمائة لتمربغا الرسول الواصل إلى الديار المصرية عن القان أبي سعيد صاحب مملكة إيران بالإكرام والمسامحة بما يلزمه. وصورته في أول الدرج. مثال شريف مطلق إلى كافة من يصل إليه ويقف عليه للمجلس السامي الأميري السيفي تمربغا الرسول بالطرخانية وتمكين أصحابه من التردد إلى الممالك الشريفة الإسلامية وإكرام حاشيتهم وتسهيل مطلبهم ومسامحتهم في البيع والشراء بما طلب من الحقوق على اختلافها وتحذير من الحمد لله الذي بسط أيدينا الشريفـة بالجـود ونصـب أبوابنـا الشريفـة كعبـة تهـوي إليهـا أفئـدة الوفود وأطاب مناهلها لكافة الأمم لتنتابها في الصدور والورود. نحمده على نعمه التي كم بلغت راجياً ما يرجوه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبيض بها الوجوه ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي ندب إلى مكارم الأخلاق بقوله: " إذا أتاكـم كريـم قـوم فأكرمـوه " صلى الله عليه صلاة تزيد من يقرن الثناء بها تكريماً ثم على آله وصحبه وسلم تسليماً. وبعد: فإنه لما حضـر المجلـس السامـي الأميـر الاسفهسلـاري السيفـي مجـد الإسلـام والمسلميـن شـرف الأمـراء المقدميـن ناصـح الدولتيـن ثقـة المملكتيـن فخـر الخـواص المقربين عضد الملوك والسلاطيـن تمربغا الرسول - أنجح الله مساعيه وأوجب الرعاية لمن يراعيه - إلى أبوابنا الشريفة ونـور ولائـه يسعى بين يديه وإخلاص نيته يظهر عليه بلغ إلينا ما أرسل فيه عن الحضرة الشريفة العالية السلطانية العالمية العادلية الشاهنشاهية القانية الأوحدية الولدية العزيزيـة المعظمية الملكية العلائية أبي سعيد بهادر خان - زيدت عظمته - وظهر لنا من كمال صفاته ما رمى البدر التمام بنقصه ومن حسن تأتيه في خدمة من أرسله ما يعرف به أن أرسل حكيماً ولم يوصه وعرض على نظرنا الشريف البرلغ الشريف المكتتب له عن الحضرة الشريفة السلطان الأعظم الولد العزيز المعظم الملك بو سعيد أعز الله تعالى شأنه بالطرخانية وما نبه عليه من مكانته العلية ورفه مطالبه من تأكيد الوصية ثم رغب إلينا في الكتابة على حكمه إلى كافة الممالك وأن يسطر له منها صحائف حسنات تقضي بها الملوك وترضى بها الملائك فأجرته حراحمنا الشريفة على كرمها المعتاد وأجارته نعمنا الجزيلة وجاورته حيث سار من الأرض أو أقام من البلاد وأجابت صدقاتنا الشريفة بتحقيق المأمول وأكرمت كتابه بما يستحق أن يكـرم بـه كتـاب الرسـول. ومرسومنـا إلـى كـل واقـف عليه من النواب والولاة والشادين والمتصرفين والمباشرين والمتحدثين وبقية الحكام أجمعين إلى كافة الممالك الشريفة الإسلامية شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً أيدهم الله بالتوفيق ويسر لهم الطريق وجعل حسن تلقيهم الوفود يأتي بهم من كل فج عميق أن يجرى الأمير الكبير المقرب تمربغا الرسول على ما ألفه في أبوابنا الشريفة من كرم إكرامهـه وفارقنـا عليـه مـن توقير جانبه وتوفير احترامه ويفسح لكل من يصل من جهته في التردد إلـى هـذه الممالـك الشريفـة والتـردي بملابـس النعـم المطيفـة وأن تضاعف له الإعانة والعناية والمراعاة والرعاية ولا يطلب أحد منهم في البيع والشراء والأخذ والعطاء بشيء من المقررات الديوانية والموجبات السلطانية ولا يؤخذ منهم عليها شيء سواء كان قليلاً أو كثيراً جليلاً أو حقيراً ولا يتأول عليهم أحد هذا المرسوم الشريف ولا يتعدى حكمه في تصرف ولا تصريف بل يقف كل واقف عليه عنده ويعمل به في اليوم وما بعده ويلحظ منه على من خالفه سيفاً مسلولاً وعلى من تجاوز حده فنحن نحذر وننذر من سطواتنا الشريفة من سمعه ثم زاغ قلبه عنـه أو مـن بلغـه مـن لا يفهـم مضمونـه ثم لا يسأل عما هو فرب حامل كلام إلى من هو أوعى منه فلتكن عيونهم له مراعية ومسامعهم منصتة إلى سماعـه بـأذن واعيـة والاعتمـاد علـى الخـط الشريف أعلاه الله تعالى وشرفه. المقصد الثالث في المكاتبات في أوراق الجواز وبطائق الحمام وفيه جملتان الجملة الأولى في أوراق الجواز وهـي المعبـر عنـه فـي زماننـا بـأوراق الطريـق. قـال فـي " التثقيـف ": تكون ورقة الطريق في ثلاثة أوصـال فـي قطـع العـادة يكتـب فـي أعلاهـا سطـر واحد صورته: " ورقة طريق على يد فلان بن فلان الفلاني " لا غير. ثـم يخلـى بيـت العلامـة تقديـر شبـر ويكتـب فـي بقيـة ذلـك الوصـل قبـل الوصـل الثانـي بأربعـة أصابـع مطبوقـة بغيـر بسملـة: " رسـم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلانـي - أعلـاه اللـه تعالـى وشرفـه وأنفـذه وصرفـه - أن يمكـن فلان الفلاني ". وتذكر ألقابه إن كان أميراً أو متعمماً كبيراً أو ممن له قدر أو له ألقاب معهودة أو غير ذلك بحسب ما يقتضيه الحال " مـن التوجه إلى جهة قصده والعود. ويحمل على فرس واحد أو أكثر من خيل البريد المنصور مـن مركـز إلـى مركز على العادة متوجهاً وعائداً " فإن كان متميز المقدار كتب: " ويعامل بالإكرام والاحترام والرعاية الوافرة الأقسام فليعتمد ذلك ويعمل بحسبه من غير عدول عنه بعد الخط الشريـف أعلـاه اللـه تعالى أعلاه ". قال: وما تقدم من كتابة أنه يمكن من التوجه والعود هو فيما إذا كان عائداً ورسم بتمكينه من العود وإلا فيكتب " أن يمكن من التوجه إلى جهة قصده ". فـإن كـان قـد حضـر إلـى الأبـواب وهـو عائـد فالأحسـن أن يكتـب فيه " أن يمكن من العود إلى جهة قصـده ". وكـذا " ويعامـل بالإكـرام والاحتـرام " لا يكتـب إلا لأميـر أو ذي قـدر كبيـر. فإن كان غيره كتـب " بـد " لـه " مـع الوصيـة بـه ورعايته " ونحو ذلك. وإن رسم له بنفقة كتب بعد ذكر خيل البريـد: ويصـرف لـه مـن النفقـة فـي كـل يـوم كـذا وكـذا درهمـاً " خـلا الأماكـن المرسوم بإبطالها. وذلك أن الطرقات أماكن لا يصرف فيها شيء الآن فيحتاج إلى أن تستنثى وكانت قبل ذلك تعين! وهي: بلبيس وطفيس وأربد وغيرها. ثم كثرت عن التعداد فصار يكتب كذلك. ثم قال: ومما ينبه عليه أن صاحب ورقة الطريق إن كان من مماليك النواب أو رسل أحد من أكابر البلاد ذكر فيه بعد ذكر ما يليق به من الألقاب: " فلان مملوك فلان أو رسول فلان ". وتذكر ألقاب مخدومه التي كوتب بها اختصاراً. وإلا تذكر نعوته على يد من رسم بنفيه كتب: " أن يمكن الأمير فلان الدين فلان من التوجه صحبة فلان البريدي بالأبواب الشريفة أو أحد النقباء بالباب ليوصله إلى المكان الفلاني ويحمل على كذا كذا فرساً من خيل البريد المنصور " إن كان قد رسـم لـه بشـيء مـن خيـل البريـد " ويحمـل البريدي على كذا من خيل البريد المنصور " أو " ويحمل النقيـب علـى فـرس واحـد مـن خيـل الكـراء مـن ولاية إلى ولاية على العادة في ذلك ويمكن البريدي إن كـان بريديـاً أو النقيـب إن كـان نقيبـاً مـن العـود إلى الباب الشريف ". ثم يكمل بنسبة ما تقدم. وإذا فرغ من صورته كتب بعد ذلك " إن شاء الله تعالى " ثم التاريخ والمستند على العادة. قال: في " التثقيف " والمستند في أوراق الطريق أحد ثلاثة أمور: إما خط كاتب السر وهو الغالب. أو رسالة الدوادار وهو كثير أيضاً. أو إشارة نائب السلطان إن كان ثم نائب وهو نـادر. فـإن كان بخط كاتب السر كتب على الهامش من الجانب الأيمن سطر واحد يكون آخره يقابل السطر الأول الذي هو رسم بالأمر الشريف وهو " حسب المرسوم الشريف ". وكذا إن كان بإشارة النائب كتب سطران على الهامش المذكور آخرهما أيضاً يقابل أول السطر الأول " بالإشـارة العاليـة " كمـا تقـدم في الكلام على المستندات في المقالة الثانية. قال: وفي هاتين لا يكتب في ذيلهما بعد التاريخ سوى الحسبلة لا غير. وإن كان برسالة الداوادار كتب على الهامش " حسب المرسوم الشريف " فقط وكتب تحت التاريخ سطران هما " رسالة المجلس العالي الأميري الفلاني فلان الدوادار المنصوري أدام الله تعالى نعمته " ثم الحسبلة. الجملة الثانية في نسخ البطائق وهي على ضربين الضرب الأول أن تكون البطاقة بعلامة شريفة قال في " التثقيف ": وتكون نحو ثلثي وصل من ورق البطائق. قال: وصورتها أن يكتب في رأس الـورق المذكـور فـي الوسـط سـواء " الاسـم الشريـف " وتحته ملصقاً به من غير بياض سطر واحـد كامـل مـن يميـن الـورق بغيـر هامـش بمـا يأتـي ذكـره. ثـم يخلى بيت العلامة تقدير أربعة أصابع مطبوقة ثم تكتب تتمة الكلام أسطراً متلاصقة بنسبة الأول بغير هامش أصلاً إلى آخره. والـذي يكتـب مـن يميـن الـورق: " اللـه الهـادي. سـرح الطائر الميمون ورفيقه هداهما الله تعالى في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من سنة كذا وكذا إلى المجلس الكريم أو السامي الأمير فلان والي فلانة أو نحو ذلك يعلمه أن الأمر كذا وكذا. ومرسومنا له أن يتقدم بكذا وكذا. فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى حسبنا الله ونعم الوكيل ". والمستند لها " حسب المرسوم الشريف ".
وصورتهـا أن يكتـب فـي رأس الورقة في الوسط موضع الاسم: " الله الهادي بكرمه " والأسطر متلاصقة بغير هامش ولا يخلى فيها بيت علامة. وصورة ما يكتب فيها: " المرسوم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني أعلاه الله تعالى وصرفه - أن يسـرح هـذا الطائـر الميمـون ورفيقـه هداهمـا اللـه تعالـى فـي وقـت كـذا وكذا ". ويكمل على حسب مـا تقـدم " واللـه الموفـق حسـب المرسـوم الشريـف إن شـاء اللـه تعالـى ". قـال في " التثقيف ": وقد يقتضـي الحـال نقلهـا مـن مكـان إلـى مكان آخر مثل أن تنثل من بلبيس إلى قطيا فيكتب بعد ذكر المرسـوم بـه: " ويتقـدم بنقـل هـذه البطاقـة إلـى فلان الفلاني ليعتمد مضمونها ويعمل بحسبها ". فإن كانـت منقولـة إلـى مكـان ثالـث كتب بعد ذلك: " ثم ينقلها إلى فلان ليعتمد مضمونها أيضاً ويعمل بمقتضاها فيعلم ذلك ويعتمده ". والتتمة حسب ما تقدم. الطرف الثالث ومن انطوت عليه ممالكهم ممن دونهم من الملوك والحكام المنفردين ببعض البلدان والأمراء والوزراء وسائر من ضمه نطاق كل مملكة من تلك الممالك ممن جرت العادة بمكاتبته عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية ممن هو مستمر المكاتبة أو زالت مكاتبته بزواله ليقاس عليه من لعله يظهر مظهره واعلـم أن كتـاب الديـار المصريـة يراعـون في المكاتبة إلى كل مملكة صورة المكاتبة الواردة عن تلك المملكة في غالب حالها: في الابتداء والخطاب والاختتام وغير ذلك. وفيه أربعة مقاصد: المقصد الأول في المكاتبات إلى عظماء ملوك الشرق ومن انطوت عليه كل مملكة من ممالكهم ممن جرت العادة بمكاتبته وفيه أربعة مهايع المهيع الأول في المكاتبة إلى الملوك والحكام ومن جرى مجراهم بمملكة إيران وهي مملكة الأكاسرة الصائرة إلى بيت هولاكو من بني جنكزخان وقـد تقـدم فـي المقالـة الثالثـة فـي الكلام على المسالك والممالك ذكر حدود هذه المملكة وقواعدها ومدنها وإلى من تنسب ومن ملكها جاهلية وإسلاماً إلى زماننا. والمقصود هنا ذكر المكاتبات فقط ويشتمل المقصود منها على ثلاث جمل. الجملة الأولىفي رسم المكاتبة إلى قانها الأعظم الجامع لحدودها على ما كان الأمر عليه من مبدأ ملك بيت هولاكو وإلى آخر دولة أبي سعيد وله حالتان الحالـة الأولـى - مـا كـان الأمـر عليـه في رسم المكاتبة في أوائل الدولة التركية والعداوة بعد قائمة بين ملوك الديار المصرية وبين ملوكها. وفيه أسلوبان: الأسلـوب الـأول - أن يكتـب تحـت البسملـة مـن الجانـب الأيمـن " بقـوة اللـه تعالـى " ويكـون " بقوة الله " سطـراً و " تعالـى " سطـراً ثـم يكتـب مـن الجانب الأيسر: " بإقبال دولة السلطان الملك الفلاني ". ويكون " بإقبال دولـة " سطـراً وباقـي الكلـام سطـراً ثانيـاً. ثـم يكتـب تحـت ذلـك " كلـام فلـان " سطـراً ثانياً " إلى السلطان فلان " سطراً ثالثاً. ثم يؤتى ببعدية وخطبة ويؤتى بالمقصود. وطريقهم فيه على التكلم عن لسان صاحب مصر بنون الجمع والخطاب لسلطان إيران بميم الجمع الغائب مضاهاة لمكاتبتهم الواردة عنهم في جميع ذلك. وهذه نسخة كتاب كتب به عن السلطان الملك المنصور قلاوون صاحب الديار المصرية في جـواب كتـاب ورد عـن السلطان أحمد القان بإيران في زمانه. يذكر فيه أن أسلم إذ كان أول من أسلم من ملوكهم ويذكر فيه أن أخاه الكبير كان قد عزم على دخول ممالك الديار المصرية قبل موته وأنه منع ذلك وأنه لا يحب المسارعة إلى القتال وأن المشير بذلك الشيخ عبد الرحمن: أحد صلحـاء بلادهـم وأنـه حـرم علـى عساكـره الغـارات علـى البلـاد وتعـرض فيـه إلـى أمـر الجواسيس وأشار إلى أن الاتفاق فيه صلاح العالم وأشار إلى أشياء حملها لرسله يذكرونها مشافهة ووقع الجواب عن جميع ذلك على ما سيأتي ذكره في الكتب الواردة على الديار المصرية. وكتب بخط ناصر الدين شافع ابن علي بن عباس: أحد كتاب الإنشاء في رمضان سنـة إحـدى وثمانيـن وستمائـة. والتكلـم بنـون الجمـع والخطـاب بالجمـع الغائـب كمـا تقـدم فـي الأسلوب الأول وهي: بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله بإقبال دولة تعالى السلطان الملك المنصور كلام قلاوون إلى السلطان أحمد أمـا بعـد حمد الله الذي أوضح بنا ولنا الحق منهاجا وجاء فجاء نصر الله والفتح ودخل الناس فـي ديـن اللـه أفواجـا والصلـاة علـى سيدنـا ونبينا محمد الذي فضله الله على كل نبي نجى به أمته وعلى كل نبي ناجا صلاة تنير مادجا فقد وصـل الكتـاب الكريـم المتلقـى بالتكريـم المشتمـل علـى النبـأ العظيـم مـن دخوله في الدين وخروجه عمن سلف من العشيرة الأقربين ولما فتح هذا الكتـاب بهـذا الخبـر العلـم المعلم والحديث الذي صحح عند أهل الإسلام إسلامه وأصح الحديث ما روي عن مسلم توجهت الوجوه بالدعاء إلى الله سبحانه في أن يثبته على ذلـك بالقـول الثابت وأن ينبت حب حب هذا الدين في قلبه كما أنبته أحسن النبت من أخشن المنابت وحصل التأمل للفضل المبتدئ بذكره من حديث إخلاصه في أول عنفوان الصبا إلى الإقرار بالوحدانية ودخوله في الملة المحمدية بالقول والعمل والنية فالحمـد للـه علـى أن شـرح صـدره للإسلام وألهمه شريف هذا الإلهام فحمدنا الله على أن جعلنا من السابقين إلى هذا المقال والمقام وثبت أقدامنا في كل موقف اجتهاد وجهاد تتزلزل دونه الأقدام. وأما إفضاء النوبة في الملك وميراثة بعد والده وأخيه الكبير إليه وإفاضة جلابيب هذه النعمة العظيمة عليه وتوقله للأسرة التي طهرها الله بإيمانه وأظهرها بسلطانه فلقد أورقها الله مـن اصطفاه من عباده وصدق المبشرات من كرامة أولياء الله وعباده. وأما حكاية الإخوان والأمراء الكبار ومقدمي العساكر وزعماء البلاد في مجمع فورلياي الذي ينقـدح فيـه زنـد الـآراء وأن كلمتهـم اتفقـت على ما سبقت به كلمة أخيه الكبير في إنقاذ العساكر إلى هذا الجانب وأنه قد فكر فيما اجتمعت عليه آراؤهم وانتهت إليه أهواؤهم فوجده مخالفاً لما في ضميره: إذ قصده الصلاح ورأيه الإصلـاح وأنـه أطفـأ تلـك النائـرة وسكـن تلـك الثائـرة فهذا فعل الملك المتقي المشفق من قومه على من بقي المفكر في العواقب بالرأي الثاقب وإلا فلو تركوا وآراءهم حتى تحملهم الغرة لكانت تكون هذه هي الكرة لكن هو كمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فلم يوافق قول من ضل ولا فعل من غوى. وأمـا القـول منـه إنـه لا يحـب المسارعـة إلـى المقارعـة إلا بعـد إيضـاح المحجـة وتركيـب الحجة فبانتظامـه فـي سلـك الإيمـان صـارت حجبتنا وحجته متركبة على من غدت طواغيته عن سلوك هـذه المجبـة متنكبـة فـإن اللـه سبحانـه وتعالـى والناس كافة قد علموا أن قيامنا إنما هو لنصرة هذه الملة وجهادنا واجتهادنا إنما هو لله وحيث قد دخل معنا في الدين هذا الدخول فقد ذهبت الأحقاد وزالت الذحول وبارتفاع المنافرة تحصل المظافرة فالإيمان كالبنيان يشد بعضه ببعـض ومن أقام مناره فله أهل بأهل في كل مكان وجيران بجيران بكل أرض. وأما ترتيب هذه الفوائد الجمة علـى إذكـار شيـخ الإسلـام قـدوة العارفيـن كمـال الديـن عبـد الرحمن أعاد الله تعالى من بركاته فلم ير لولي قبله كرامة كهذه الكرامة والرجاء ببركته وبركة الصالحين أن تصبح كل دار إسلـام دار إقامـة حتـى تتـم شرائـط الإيمـان ويعـود شمـل الإسلـام مجتمعـاً كأحسـن مـا كان ولا ينكر لمن بكرامته ابتداء هذا التمكين في الوجود أن كل حق ببركته إلى نصابه يعود. وأما إنفـاذ أقضـى القضـاة قطـب الملـة والديـن والأتابـك بهـاء الديـن الموثـوق بنقلهمـا فـي إبلـاغ رسائل هذه البلاغة فقد حضرا وأعادا كل قول حسن من أحوال أحواله وخطـرات خاطـره ومسطرات ناظره ومن كل ما يشكر ويحمد ويعنعن حديثهما فيه عن مسند أحمد. وأمـا الإشـارة إلـى أن النفـوس إن كانـت تتطلع في إقامة دليل تستحكم " به " دواعي الود الجميل فلينظر إلى ما ظهر من مآثره في موارد الأمر ومصادره: من العدل والإحسان بالقلب واللسان والتقدم بإصلاح الأوقات فهذه صفات من يريد لملكه الدوام فلما ملك عدل ولم يلتفت إلـى لؤم من عدا ولا لوم من عذل. على أنها وإن كانت من الأفعال الحسنة والمثوبات التي تستنطق بالدعاء الألسنة فهي واجبات تؤدى وهو أكبر من أنه يؤخر غيره أو عليه يقتصر أو له يدخر إنما يفتخر الملك العظيم بأن يعطي ممالك وأقاليم وحصون أو يبذل في تشييد ملكه أعز مصون. وأمـا تحريمـه علـى العساكـر والقراغولـات والشحانـي بالأطراف التعرض إلى أحد بالأذى و " تحتيم " إصفاء موارد الواردين والصادرين من شوائب القذى فمن حين بلغنا تقدمه بذلك تقدمنا أيضاً بمثله إلى سائر النواب بالرحبة وحلب وعينتاب وتقدمنـا إلـى مقـدم العساكـر بأطـراف تلـك الممالك بمثل ذلك وإذا اتحد الإيمان وانعقدت الأيمان تحتم إحكام هذه الأحكام وترتب عليـه جميع الأحكام. وأما الجاسوس الفقير الذي أمسك وأطلق وأن بسبب من تزيا من الجواسيس بزي الفقراء قتل جماعـة مـن الفقراء الصلحاء رجماً بالظن فهذا باب من ذلك الجانب " ستروه وإلى الاطلاع على الأمـور صـوروه فظفـر النـواب منهم بجماعة فرفع عنهم السيف ولم يكشف ما غطته خرقة الفقر ولا كيف ". وأما الإشارة إلى أن في اتفاق الكلمة " يكون صلاح العالم وينتظم شمل بني آدم فلا راد لمن طرق باب الاتحاد ومن جنح للسلم فما جار ولا حاد ومن ثنى عنانه عن المكافحة كمن يريد المصافحة للمصالحة " والصلح وإن كان سيد الأحكام فلا بد من أمور تبنى عليها قواعـده وتعلـم من مدلولها فوائده فإن الأمور المسطورة في كتابه " عن كليات لازمة ينعم بها كل معنى معلـوم " إن تهيـأ صلـح أو لـم وثم أمور لا بد أن تحكم وفي سلكها عقود العهود تنظم قد تحملها لسان المشافهة التي إذا أوردت أقبلت من معنى دخوله في الدين وانتظام عقده بسلك المؤمنين وما بسطه من عدل وإحسان وسيرة مشهورة بكل لسان فالمنة لله في ذلك فلا يشيبها منه بامتنان وقد أنزل اللـه تعالـى علـى رسولـه صلـى اللـه عليـه وسلـم فـي حـق مـن امتـن بإسلامـه: " قـل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ". ومـن المشافهـة أنـه قـد أعطـاه مـن العطـاء مـا أغنـاه بـه عن امتداد الطرف إلى ما في غيره من أرض ومال فإن حصلت الرغبة في الاتفاق على ذلك فالأمن حاصل فالجواب أن ثم أمـوراً متـى حصلت عليها الموافقه تمت المصاحبة والمصادقة ورأى الله تعالى والناس كيف يكون " إذلال معادينا وإعزاز مصافينا " فكم من صاحب وجد حيث لا يوجد الأب والأخ والقرابة وما تم أمر الدين المحمدي واستحكم في صدر الإسلـام إلا بمظافـرة الصحابـة فـإن كانـت لـه رغبـة مصروفة إلى الاتحاد وحسن الوداد وجميل الاعتضاد وكبت الأعداء والأضداد والاستناد إلى من يشتد به الأزر عند الاستناد فقد فهم المراد. ومن المشافهة إذا كانت رغبتنا غير ممتدة إلى ما ي يده من أرض ومال فلا حاجة إلى إنفاذ المغيرين الذين يؤذون المسلمين بغير فائدة تعود فالجواب أنه لو كف كف العدوان من هنالك وخلي لملوك المسلمين ما لهم من ممالك سكنـت الدهمـاء وحقنـت الدمـاء ومـا أحقـه بـأن لا ينهى عن خلق ويأتي مثله ولا يأمر بشيء وينسى فعله وقنغرطاب بالروم الآن وبين بلاد في أيديكم خراجها يجبى إليكم فقد سفك فيهـا وفتـك وسبـى وهتـك وبـاع الأحـرار وأبـى إلا التمادي على ذلك والإصرار. ومن المشافهـة أنـه إن حصـل التصميـم علـى أن لا تبطـل هـذه الإغـارات ولا يقتصـر عـن هـذه الإثارات فتعين مكاناً يكون فيـه اللقـاء ويعطـي اللـه النصـر لمـن يشـاء فالجـواب عـن ذلـك أن الأماكن التي اتفق فيها ملتقى الجمعين مرة ومرة ومرة قد عاف مواردها من سلف من أولئك القوم وخاف أن يعاودها فيعاوده مصرع ذلك اليوم ووقت اللقاء علمه عند الله لا يقدر وما النصر إلا من عند الله لمن أقدر لا لمن قدر وما نحن ممن ينتظر فلته ولا ممن له إلى غير ذلك لفته وما أمر ساعة النصر إلا كالساعة التي لا تأتي إلا بغته والله تعالى الموفق لما فيه صلاح هذه الأمة والقادر على إتمام كل خير ونعمه إن شاء الله تعالى. مستهل شهر رمضان المعظم قـدره سنـة إحـدى وثمانيـن وستمائـة. الحمـد للـه وحـده وصلواتـه علـى سيدنا محمد وآله وصحبه. حسبنا الله ونعم الوكيل. الأسلوب الثاني " أن يكتب تحت البسملة على حيال وسطها " بقوة الله تعالى وميامين الملة المحمدية " " ويكون " بقوة اللـه تعالـى " سطـراً. و " مياميـن الملـة المحمديـة " سطـراً ثانيـاً. ثـم يؤتـى ببعديـة وخطبـة مختصـرة ثم يكتب سطران ببياض من الجانبين فيهما: بإقبال دول السلطان الملك " وباقي الكلام في السطر الثاني. ثم يقال: " فليعلم السلطان فلان ". ويؤتى على المقصود إلى آخره. وهـذه نسخـة كتـاب من إنشاء القاضي علاء الدين علي بن فتح الدين محمد ابن محيي الدين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية في جواب كتاب ورد عن السلطان محمود غازان القان بمملكة إيران يذكر فيه أن جماعة من عساكر البلاد الشامية أغارواعلـى مارديـن وأن الحمية اقتضت الركوب في مقابلة ذلك. وذكر أنه قدم الرسول بالإنذار. ويذكر فيه أنهم صبـروا علـى تماديهـم فـي غيهـم ويذكـر فيـه نصرتـه علـى العساكـر الإسلاميـة فـي المـرة السابقة. ويذكر فيه أنه أقام بأطراف البلاد. ولم يدخلها خوف التخريب والفساد. ويذكر فيه جمع العساكر وتهيئة المجانيق وغير ذلك من آلة القتال. ويذكر أنه إذا لم تجر موجبات الصلـح كانـت دمـاء المسلمين مطلولة ويذكر إرسال رسله بكتابه ويلتمس التحف والهدايا مما كتب به عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في المحرم سنة إحدى وسبعمائة وهي: بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله تعالى وميامين الملة المحمدية أمـا بعـد حمـد اللـه الـذي جعلنـا مـن السابقيـن الأوليـن الهاديـن المهتديـن التابعيـن لسنـة سيد المرسلين بإحسان إلى يوم الدين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الذين فضل الله من سبق منهم إلى الإيمـان فـي كتابـه المكنـون. فقـال سبحانـه وتعالـى: " والسابقـون السابقـون أولئك المقربون ". بإقبال دولة السلطان الملك الناصر كلام محمد بن قلاوون. فليعلم السلطان المعظم محمـود غـازان أن كتابـه ورد فقابلنـاه بمـا يليـق بمثلنـا لمثلـه مـن الإكـرام ورعينـا لـه حـق القصـد فتلقينـاه منـا بسلـام وتأملنـاه تأمـل المتفهم لدقائقه المستكشف عن حقائقه فألفيناه قد تضمن مؤاخذات بأمورهم بالمؤاخذة عليها أحرى معتذراً في التعدي بما جعله ذنوباً لبعض طالب بها الكل والله تعالى يقول: " ولا تزر وازرة وزر أخرى ". أما حديث من أغار علـى مارديـن مـن رجالـة بلادنـا المتطرفـة ومـا نسبـوه إليهـم مـن الأمـور البديعة والآثام الشنيعة وقولهم: إنهم أنفوا من تهجمهم وغاروا من تقحمهم واقتضت الحميـة ركوبهـم فـي مقابلـة ذلـك فقـد تلمحنـا هـذه الصـورة التـي أقاموهـا عـذراً في العدوان وجعلوها سبباً إلـى مـا ارتكبـوه مـن طغيـان والجـواب عـن ذلك أن الغارات من الطرفين " و " لم يحصل من المهادنة والموادعة ما يكف يدنا الممتدة ولا يفتر هممها المستعدة وقد كان آباؤكم وأجدادكم على ما علمتـم مـن الكفـر والشقـاق وعـدم المصافـاة للإسلـام والوفـاق ولـم يـزل ملـك مارديـن ورعيته منفذين ما يصدر من الأذى للبلاد والعباد عنهم متولين كبر نكرهم والله تعالى يقول: وحيث جعلتم هذا ذنباً للحمية الجاهلية وحاملاً على الانتصار الـذي زعمتـم أن همتكـم بـه ملية فقد كان هذا القصد الذي ادعيتموه يتم بالانتقام من أهل تلك الأطراف التي أوجب ذلك فعلها والاقتصار على أخـذ الثـار ممـن ثـار اتباعـاً لقولـه تعالـى: وأما ما ادعوه من سلـوك سنـن المرسليـن واقتفـاء آثـار المتقدميـن فـي إنفـاذ الرسـل أولاً فقـد تلمحنا هذه الصورة وفهمنا ما أوردوه من الآيات المسطورة والجواب عن ذلك أن هؤلاء الرسل ما وصلوا إلينا إلا وقد دنت الخيام من الخيام وناضلت السهام السهام وشارف القوم ولم يبق للقاء إلا يوم أو بعض يوم وأشرعت الأسنة من الجانبين ورأى كل خصمه رأي العين وما نحن ممن لاحت له رغبة راغب فتشاغل عنها ولا ممن يسالم فيقابل ذلك بجفوة النفار والله تعالى يقول: كيف والكتاب بعنوانه! وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقـول: " مـا أضمـر إنسـان شيئـاً إلا ظهـر فـي صفحـات وجهـه وفلتـات لسانـه ". ولو كان حضور هؤلاء الرسل والسيوف وادعة في أغمادها والأسنة مستكنة في أعوادها والسهام غير مفوقة والأعنة غير مطلقة لسمعنا خطابهم وأعدنا جوابهم. وأما ما أطلقوا به لسان قلمهم وأبدوه من غليظ كلمهم في قولهم: فصبرنا على تماديكم في غيكم وإخلادكم إلى بغيكم فأي صبر ممن أرسل عنانه إلـى المكافحـة قبـل إرسـال رسـل المصالحـة وجـاس خلـال الديـار قبـل مـا زعمـه مـن الإعذار والإنذار وإذا فكروا في هذه الأسباب ونظروا ما صدر عنهم من خطاب علموا العذر في تأخير الجواب وما يتذكر إلا أولوا الألباب. وأمـا مـا تبجحـوا بـه ممـا اعتقـدوه من نصرة وظنوه من أن الله جعل لهم على حزبه الغالب في كل كـرة الكـرة فلـو تأملـوا مـا ظنـوه ربحاً لوجدوه هو الخسران المبين ولو أنعموا النظر في ذلك لما كانوا بـه مفتخريـن ولتحققـوا أن الـذي اتفـق لهـم كـان غرمـاً لا غنماً وتدبروا معنى قوله تعالى: " إنما نملي لهـم ليـزدادوا إثمـاً ". ولـم يخـف عنهـم مـا نالتـه السيوف الإسلامية منهم وقد رأروا عزم من حضر من عساكرنا التي لو كانت مجتمعة عند اللقاء ما ظهر خبر عنهم فإنا كنا في مفتتح ملكنا ومبتدئ أمرنا حللنا بالشام للنظر فـي أمـور البلـاد والعبـاد فلمـا تحققنـا خبركـم وقفونـا أثركـم بادرنا نقد أديم الأرض سيراً وأسرعنا لندفع عن المسلمين ضرراً وضيراً ونؤدي من الجهاد السنة والفرض ونعمل بقوله تعالى: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والـأرض ". فاتفـق اللقـاء بمـن حضـر من عساكرنا المنصورة وثوقاً بقوله تعالى: " كم من فئة قليلة غلبـت فئـة كثيـرة ". وإلا فأكابركـم يعلمون وقائع الجيوش الإسلامية التي كم وطئت موطئاً بغيظ الكفـار فكتب لها عمل صالح وسارت في سبيل الله ففتح عليها أبواب المناجح وتعددت أيام نصرتهـا التـي لـو دققتـم الفكـر فيهـا لأزالـت مـا حصـل عندكـم مـن لبـس ولما قدرتم أن تنكروها وفي تعب من ينكر ضوء الشمس وما زال الله نعـم المولـى ونعـم النصيـر وإذا راجعتموهـم قصـوا عليكم نبأ الاستظهار " ولا ينبئنك مثل خبير " وما زالت تتفق الوقائع بين الملوك والحروب وتجـري المواقـف التي هي بتقدير الله فلا فخر فيها للغالب ولا عار على المغلوب وكم من ملك استظهر عليه ثم نصر وعاوده التأييد فجبر بعدما كسر خصوصاً ملوك هذا الدين فإن الله تعالى تكفل لهم بحسن العقبى فقال تعالى: " والعاقبة للمتقين ". وأما إقامتهم الحجة علينا ونسبتهم التفريط إلينا في كوننا لم نسير إليهم رسولاً عندما حلوا بدمشـق فنحـن عندمـا وصلنـا إلـى الديـار المصريـة لم نزد على أن اعتدينا وجمعنا جيوشنا من كل مكان وبذلنا في الاستعداد غاية الجهد والإمكان وأنفقنا جزيل الأموال في العساكر والجحافل ووثقنـا بحسـن الخلـف لقولـه تعالـى: " مثـل الذيـن ينفقـون أموالهـم فـي سبيـل اللـه كمثـل حبـة أنبتـت سبع سنابل ". ولما خرجنا من الديار المصرية بلغنا خروج الملك من البلاد لأمر حال بينه وبيـن المراد فتوقفنا عن المسير توقف من أغنى رعبه عن حث الركاب وتثبتنا تثبـت الراسيـات " وتـرى الجبـال تحسبهـا جامـدة وهـي تمـر مـر السحـاب ". وبعثنا طائفة من العساكر لمقاتلة من أقام بالبلـاد فمـا لـاح لنـا منهـم بـارق ولا ظهـر وتقدمـت فتخطفـت مـن حملـه علـى النأخـر الغـرر ووصلت إلى الفرات فما وقفت للقوم على أثر. وأما قولهم: إننا ألقينا في قلوب العساكر والعوام أنهم فيما بعد يتلقونا على حلب أو الفرات وأنهم جمعوا ورحلوا إلى الفرات وإلى حلب مرتقبين فالجواب عن ذلك أنهم حين بلغنا حركتهم جزمنا وعلى لقائهم عزمنا وخرجنا وخرج أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله ابن عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الواجب الطاعة على كل مسلم المفترض المبايعة والمتابعة على كل منـازع ومسلـم طائعيـن للـه ولرسولـه فـي أداء مفتـرض الجهـاد باذليـن فـي القيـام بمـا أمرنـا اللـه تعالـى غاية الاجتهاد عالمين بأنه لا يتم أمر دين ولا دنيا إلا بمشايعته ومن والاه فقد حفظه الله تعالى وتولاه ومن عانده أو عاند من أقامه فقد أذله الله فحين وصلنا إلى البلاد الشامية تقدمت عساكرنا تملأ السهل والجبل وتبلغ بقوة الله تعالى في النصر الرجاء والأمل ووصلت أوائلها إلى أطراف حماة وتلك النواحي فلم يقدم أحد منهم عليها ولا جسر أن يمد حتى ولا اطرف إليها فلم نزل مقيمين حتى بلغنا رجوع الملك إلى البلاد وإخلافه موعد اللقاء والله لا يخلف الميعاد فعدنا لاستعداد جيوشنا التي لم تـزل تندفـع فـي طاعتنـا اندفـاع السيـل عامليـن بقولـه تعالـى " وأعـدوا لهـم مـا استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ". وأمـا مـا جعلـوه عـذراً في الإقامة بأطراف البلاد وعدم الإقدام عليها وأنهم لو فعلوا ذلك ودخلوا بجيوشهم ربما أخرب البلاد مرورها وبإقامتهم فسدت أمورها فقد فهم هذا المقصود ومتى ألفت العباد والبلاد منهم هذا الإشفاق ومتى اتصفت جيوشهم بهـذه الأخلـاق وهـا آثارهـم موجودة على ملك آل سلجوق وما تعرضوا لدار ولا جار ولا عفوا أثراً من الآثار ولا حصل لمسلم منهم ضرر ولا أوذي في ورد ولا صدر وكان أحدهم يشتري قوتـه بدرهمـه ودينـاره ويأبى أن تمتد إلى أحد من المسلمين يد إضراره هذه سنة أهل الإسلام وفعل منن يريد لملكه الدوام. وأما ما أرعدوا به وأبرقوا وأرسلوا به عنان قلمهم وأطلقـوا ومـا أبـدوا مـن الاهتمـام بجمـع عساكرهم وتهيئة المجانيق إلى غير ذلك مما ذكره من التهويل فالله تعالى يقول: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ". وأما قولهم: وإلا فدماء المسلمين مطلولة فما كان أغناهم عن هذا الخطاب وأولاهم بـأن لا يصـدر إليهـم عن ذلك جواب ومن قصد الصلح والإصلاح كيف يقول هذا القول الذي عليه فيه من جهة الله تعالى ومن جهة رسوله أي جناح وكيف يضمر هذه النية ويتبجج بهذه الطوية ولم يخف مواقع زلل هذا القول وخلله والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " نية المرء أبلغ من عمله " وبأي طريق تهـدر دمـاء المسلميـن التـي مـن تعـرض إليهـا يكـون اللـه لـه فـي الدنيـا والآخـرة مطالبـاً وغريماً ومؤاخذاً بقوله تعالى: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليـه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً " وإذا كان الأمر كذلك فالبشرى لأهل الإسلام بما نحن عليه من الهمم المصروفة إلى الاستعداد وجمع العساكر التي تكون لها الملائكة الكرام إن شاء الله تعالى من الأنجاد والاستكثار من الجيـوش الإسلاميـة المتوفـرة العـدد المتكاثـرة المـدد الموعـودة بالنصر الذي يحفها في الظعـن والإقامـة الواثقـة " بـه " مـن قولـه صلـى اللـه عليـه وسلـم: " لا تـزال طائفـة مـن أمتـي ظاهريـن علـى عدوهـم إلـى يـوم القيامـة ". المبلغـة فـي نصر دين الله آمالاً المستعدة لإجابة وأمـا رسلهـم فلـان وفلـان فقـد وصلـوا إلينـا ووفـدوا علينـا وأكرمنا وفادتهم وغزرنا لأجل مرسلهـم مـن الإقبال مأدتهم وسمعنا خطابهم وأعدنا عليهم جوابهم هذا مع كوننا لم يخف علينا انحطاط قدرهم ولا ضعف أمرهم وأنهم ما دفعوا لأفواه الخطوب إلا لما ارتكبوه من ذنـوب وما كان ينبغي أن يرسل مثل هؤلاء لمثلنا من مثله ولا ينتدب لمثل هذا الأمر المهم إلا أن يجمع على فصل خطابه وفضله. وأما ما التمسوه من الهدايا والتحف فلو قدموا من هداياهم حسنة لعوضناهم بأحسن منها ولو أتحفونا بتحفة لقابلناها بأجل عوض عنها. وقـد كـان عمهـم الملـك أحمـد راسـل والدنـا الشهيد وناجى بالهدايا والتحف من مكان بعيد وتقرب إلى قلبه بحسن الخطاب فأحسن له الجواب وأتى البيوت من أبوابها بحسن الأدب وتمسك من الملاطفة بأقوى سبب. والآن فحيث انتهت الأجوبة إلى حدها وأدركت الأنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها فنقـول: إذا جنـح الملـك للسلـم جنحنا لها وإذا دخل في الملة المحمدية متمثلاً ما أمر الله تعالى به مجتنباً ما عنه نهى وانتظم في سلك الإيمان وتمسك بموجباته تمسك المتشرف بدخوله فيه لا المنان وتجنب التشبـه بمـن قـال اللـه تعالـى فـي حقهـم: " قـل لا تمنـوا علـي إسلامكـم بـل اللـه يمـن عليكـم أن هداكم للإيمـان ". وطابـق فعلـه قولـه ورفـض الكفـار الذيـن لا يحـل لـه أن يتخذهـم حولـه وأرسـل إلينـا رسـولاً مـن جهتـه يرتـل آيات الصلح ترتيلاً ويروق خطابه وجوابه حتى يتلو كل أحد عند عوده: " يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ". صارت حجتنا وحجته مركبة على من خالف ذلك وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك في سائر الممالك ومظافرتنا له تكسب الكافرين هوانـا والشاهـد لمصافاتنـا مفاد قوله تعالى: " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ". وينتظم إن شاء الله تعالى شمل المصالح أحسـن انتظـام ويحصل التمسك من الموادعة والمظافرة بعروة لا انفصال لها ولا انفصام وتستقر قواعد الصلح على ما يرضي الله تعالى ورسوله عليه أفضل السلام والسلام.
محمد بن قلاوون " إلى أبي سعيد بهادرخان بن خدابندا: آخر ملوك بني هولاكو ملك إيران " قـال فـي " التعريـف ": وهـو كتـاب يكتـب فـي قطـع البغـدادي الكامـل يبتـدأ فيـه بعـد البسملة وسطر من الخطبة الغراء المكتتبة بالذهب المزمك بألقاب سلطاننا على عادة الطغـراوات ثـم تكمـل الخطبـة وتفتتـح ببعدية إلى أن تساق الألقاب وهي: " الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية الشاهنشاهية الأوحدية الأخوية القانية الفلانية " من غير أن يخلط فيها " الملكيـة " لهوانها عليهم وانحطاطها لديهم ثـم يدعـى لـه بالأدعيـة المعظمـة المفخمـة الملوكيـة: مـن إعـزاز السلطان ونصر الأعوان وخلود الأيام ونشر الأعلام وتأييد الجنود وتكثير الوفود. وغير ذلك مما يجري هذا المجرى. ثم يقال ما فيه التلويح والتصريح بدوام الوداد وصفاء الاعتقاد ووصف الأشواق وكثرة الأتواق وما هو من هذه النسبة. ثم يؤتى على المقاصد ويختم بدعاء جليل وتستعرض المراسيم والخدم ويوصف التطلع إليها ويظهر التهافت عليها. وهـذا الكتـاب تكتـب جميع خطبته وطغراه " وعنوانه " بالذهب المزمك وكذلك كل ما وقع في أثنائـه مـن اسـم جليل وكل ذي شأن نبيل: من اسم الله تعالى أو لنبينا صلى الله عليه وسلم أو لأحد من الأنبياء أو الملائكة عليهـم السلـام أو ذكـر ديـن الإسلـام أو ذكـر سلطاننـا أو السلطـان المكتوب إليه أو ما هو متعلق بهما. مثاله " عندنا وعندكـم " و " لنـا ولكـم " و " كتابنـا وكتابكـم ". كل هذا يكتب بالذهب وما سواه يكتب بالسواد. فأما العنوان فهو بهذه الألقاب إلى أن ينتهي إلى اللقب الخاص ثم يدعى له بدعوة أو اثنتين نحـو: " أعـز اللـه سلطانهـا وأعلـى شانهـا " أو نحو ذلك. ثم يسمى اسم السلطان المكتوب إليه ثم يقال " خان " كما كنا نكتب فنقول: " بو سعيد بهادرخان " فقط. ويطمغ بالذهب بطمغات عليها ألقاب سلطاننا تكون على الأوصال يبدأ بالطمغة على اليمين في أول وصل ثم على اليسار في ثاني وصل ثم علـى هـذا النمـط إلـى أن ينتهـي فـي الآخـر إلـى اليميـن. ولا يطمـغ علـى الطـرة البيضاء. والكاتب يخلي لمواضع الطمغة مواضع الكتابة تارة يمنة وتارة يسرة. وأوضـح ذلـك فـي " التثقيـف " وبينـه فقـال: والمكاتبـة إليـه فـي عـرض البغـدادي الكامل والطرة ثلاثة أوصال والبسملة ذهب مزمك بألفات طوال بالمسطرة بخط الذهب ثم الخطبة وأولها " الحمد للـه " والسطـر الـذي يلـي البسملـة الشريفـة وثانيـه مـن أوائل الورق زائدان عن بقية السطور التي من أول السطر الثالث إلى آخر الكتاب. وبين هذين السطرين المذكورين )وهو موضع بيت العلامة الشريفة( طرة ذهب بالألقاب الشريفة ثم بعد هذين السطرين الملاصقين للطرة المذكورة بقية السطـور بهامـش جيـد فـي يميـن الـورق علـى العـادة. وجميـع السطـور مكملـة إلـى آخر الورق لا يخلى فيها للطمغة مكان. وبعد الخطبة ما يناسب الابتداء إن كان أو الجواب إلى أن يتصل الكلام بالألقاب وهي: " الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الأكملية القانية الشاهنشاهية الولدية العزيزية الملكية الفلانية ". ثم الدعاء. وفي أثناء خطابه " الحضرة الشريفة " تارة وتارة " الحضرة العالية " والدعاء في أوساطه نحو " زيدت عظمتـه ودامـت معدلتـه وأعلـى اللـه مقامـه وأعز الله شانه ". والخطبة جميعها بالذهب المزمك. وبعدها بالأسود خلا ذكر الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو ما أضيف إليهما أو ما يعظم ذكره: كالحق والعدل وأمثالهما أو كل لقب أو نعت أو كلمة مضافة إلى المكتوب عنه أو المكتوب إليه أو ضمير فيهما فإنه بالذهب. والعنوان بألقابه كاملة وفي آخرها الدعاء له من غير توقف. قال: وكان قد استقر من أمر العلامة الشريفة أن يكتب على جانـب يميـن السطريـن: الثانـي والثالث وهو مما يلي بيت العلامة " المشتاق محمد ". ثم قال: ورأيت بخط القاضي المرحوم ناصر الدين بن النشائي أن ذلك نظيـر الكتـاب الـوارد منـه فـي رجـب سنـة تسـع وعشريـن وسبعمائة. ثم قال: وقد ذكر في " التعريف " ثلاثة أمور زائدة. التنبيه عليها. أحدهـا - أنـه يذكـر تعريفـه في العنوان. فيكتب بعد ذكر الاسم " خان ". فيقال: " بو سعيد بهادرخان ". ثانيهما - أنه تستعمل الطمغات على الأوصال. ثالثهمـا - أنـه لا يكتـب فـي ألقابـه " الملكيـة ". وذكـر أنـه لـم يكتـب لأحـد بهـذه المكاتبـة بعـد السلطان أبي سعيد خلا ما ذكر القاضي ناصر الدين بن النشائي أنه كتب نظير ذلك بعد أبي سعيد لطغاي تمرخان. قال: ولو كتب بالمغلية كتب في القطع المذكـور. أمـا الملطفـات ففـي قطـع الثلث. وهـذه نسخـة مكاتبـة كتـب بهـا المقر الشهابي بن فضل الله عن السلطان الملك الناصر " محمد بن الحمد لله الذي جعلنا بنعمته إخوانا وجمعنا على طاعته أصولاً لا تتفرق أغصانا نحمده على ما أولانا ونشكره على ما ولانا ونرغب إليه في مزيد ألطافه التي شملت أقصانا وأدنانا ونشهد أن لا إلـه إلا اللـه وحـده لا شريـك لـه شهـادة كالشمـس لا تـدع فـي الـأرض مكانا ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي شيد بنا لشريعته أركانا وشد بعضنا ببعض لنكون كما شهبنا به بناناً أو بنيانا صلى الله عليه وعلى آله صلاة لا تتوانى ورضي الله عن أصحابه والتابعين لهم بإحسان وزادهم إحسانا وسلم تسليماً كثيراً. وبعد: فإن من أعظم المبهجتـا لدينـا المنهجـات لطريـق السـرور إلينـا الملهجـات بوصـف أكـرم وارد علينا هو الكتاب الشريـف بـل السحـاب المطيـف بـل البحـر الـذي يقـذف درراً ويقـص عن السحاب أثـراً ويرفـع سـرراً ويطلـع قمـراً ويطـول أوضاحـاً وغـرراً ويحـدث عـن العجائـب خبراً بل ينشر الروض حبراً ويهب الرياح سحراً ويبرق ذهبه المموه آصالاً وبكراً الصادر عن الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الشاهنشاهية الأخوية القانية زادها الله شرفاً وأدام بها تحفا وصاغ بها لكل سمع شنفا وأيدها بزائد مزيده حتى تقول: حسبـي وكفـى فإنـه وصـل صحبـة المجلـس السامي الأمير الكبير المقرب المجتبى المرتضى المختار شرف الدين مجد الإسلام زين الأنام جمال المقربين مرتضى الملـوك والسلاطيـن الحـاج أحمـد الأشقـر والشـوق إليـه شديـد والتطلـع إليـه كمثـل العيـد فقربنـاه إلينـا نجيـاً وتلقينـا منـه مهدياً وكأن السماء ألقت منه حلياً أو أقلت كوكباً درياً أو مـدت مـن المجـرة درجـا وعطفـت من مهندات البروق خلجا وقدت من سواد القلوب شطر كل سطر فيها وأغارت مقلة كل ريم قام بسواد ناظره يفديها وسرحنا منه الحدق في حدائق ونفحنا به للحقائب حقائق واستطلعنا بـه شموس الافتقاد واطلعنا منه على نفوس نفائس الوداد وصادف منا قلباً صادياً إلى ما يروق من أخباره وشوقاً إلى ما يهب من نسيم دياره وتطلعنا إلى من يرد من رسله الكرام ويقص علينـا ما لا يستقصى من مواقع الغمام وعلمنا منه ومما ذكره المقرب الحاج شرف الدين أحمد ما للحضرة الشريفة عليه من نعمة يلتحف بملابسها ويقتطف من مغارسها وتجري فـي السيـف رونقـاً وتزيـن بالكواكـب أفقـاً وتجـر علـى الكثبـان مـن الشمـوس رداء مخلقـاً. وأحضرنا الحاج شـرف الديـن أحمـد بيـن أيدينـا الشريفـة وشملنـاه بحسـن ملاحظتنـا التـي زادت تشريفـه وكان حضوره وركابنا الشريف بهيجان الصيد المحمود ونحن نلهج بذكره عند انتهاز كل فرصة في الصيود وما حصلنا فيه على لذة ظفر إلا وتمنينا أن يكون له فيها مشاركة شهود أو أن يكون حاضراً يرى كيف يسهل الله لنا بلوغ كل مقصود وخرج معنا إلى المصايد وتفرج على الصائد ورأى ما حف بموكبنا المنصور من ذوات الوبر والجناح وما سخـر لنـا مـن جيـاد الخيـال مـن الرياح فشاهد ما أوتينا من الملك السليماني في سرعة السير واختلاف ما جم لنا من الإنس والوحش والطير واستغرقت أوقاتنا الشريفة في السؤال عن مزاجه الكريم وما هو عليه من السرور المستديم والتأييد الذي انقلب به أولياؤه بنعمة من الله وفضل لم يمسهم سوء واتبعوا رضـوان اللـه واللـه ذو فضـل عظيـم وتجـددت المسـرات بهـذه البشائـر المسرات وأضفنا هذه النعمـة إلـى مـا نحمـد اللـه عليـه ممـا أدينـا به من النصر والظفر والتأييد والنعم التي توالت إلينا ونحن نرجو المزيد ونضاعف الحمد والشكر لله على هذه المواهب التي أطافت بنا بطاقاتها الثمينة وأنـارت فـي آفاقنـا أقمارهـا المبينـة وشملـت ملـوك الإسلـام نعمهـا من كل جانب وأشرقت شموسها حتى ملأت بأنوارها المشارق والمغارب. وأما ما أتحفـت بـه مـن البلكـات الشريفـة فقـد وصلـت وتقبلـت وقبلـت وأكرمـت لـأن مهديهـا كريم وأعظمت لأنها تحفة من عظيم وأثنينا عليه بما طاب وشكر بحرنا الزاخر جود أخيه السحاب. وأما الإشارة العالية إلى تقاضي تجهيزة من الملاكمين والسواقين فقد رسمنا بالانتهاء إليه لأنه لا فـرق بيننـا وبيـن أخينـا فيمـا يخـص مراسمنـا جميعاً عليه وقد جهز من الملاكمين والطين المختوم ما أمكن الآن ومنه ما كنا رسمنا باستعماله من البلكات باسمه الشريف وتأخر فلما فرغ جهز معه وبعد هذا نجهز من يتوجه إلى حضرته العالية ليجدد عهداً ويؤدي إليه وداً وما يتأخر إلا ريثما تنجلي السحب المتوالية ويمكن التوصل سالماً إلى حضرته العالية. وأما غير هذا: فهو أن الحاج أحمد أحضر إلينا ورقة كريمة بل درة يتيمية بخط يد الحضرة الشريفة فأعجبنا بها ووجدناها في غاية الحسن التي لا يعد زهر الرياض لها مشبها وما رأينا مثل ما كتب فيها كأن السماء قد نظمت في سطورها النجوم الزهر من دراريها فأكرم بيد كتبت سطوراً اعترف بها الرمح للقلم! واستمد السحاب من طروسها الكرم! وجرت بجامد ذهـب وسائـل دم وتنافسـت على إثباتها صحائفه وأقلامه ودويه والجور والبروق والديم وطلعت منها تباشير النجاح وتحاسد عليها مسك الليل وكافور الصباح واتفقت على معنى واحـد وقـد تنوعـت قسمـاً وأشرقـت فتمنت السماء أن تكون لها صحيفة والبرق قلماً فأرخصت قدر ياقوت في التقليب وحسنت بمحاسنها هجران حبيب لقد أوتيت من الخط غاية الكمال وبسطت يد ابن هلال فيه عن فم ابن هلال فأما الولي فإنه من أوليائها وأنواؤه مما فـاض مـن إنائهـا طالما حدق إليه أبو علي فاختطف برقه أباه مقله وفطن ابن أسد أنه لو أدركه أبوه لنسي شبله فسبحان من صرف في يمينه القلم بل الأقاليم ووهبه من أفضل كل شيء وقد أعيد المقـرب شـرف الديـن أحمـد وحمـل مـن المشافهـات الشريفـة مـا تفـض علـى أخينـا عقوده وتفاض بروده والحضرة الشريفة لا نقطع أخبارها عنا التي تسر بأنبائه وتسيـر بنجـوم سمائه لا زالت مناقبه مسموعة والقلوب علـى مـا يجمـع كلمـة الإيمـان مجموعـة. إن شـاء اللـه تعالى. تنبيـه - أمـا الملطفات التي كانت تكتب إلى هذا القان فقد ذكر في " التثقيف " أنها في قطع الثلث وكذا ما يكتب به بالمغلبي فإنه يكون في القطع المذكور.
|