الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة **
الأولاد تشمل البنين والبنات وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها التربية وهي: تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتى يكونوا على جانب كبير من ذلك، قال الله تعالى: ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق فأضاعوا أولادهم ونسوهم، كأن لا مسئولية لهم عليهم لا يسألون أين ذهبوا؟ ولا متى جاءوا؟ ولا من أصدقائهم وأصحابهم؟ ولا يوجهونهم إلى الخير ولا ينهونهم عن الشر. ومن العجب أن هؤلاء حريصون كل الحرص على أموالهم بحفظها وتنميتها والسهر على ما يصلحها مع إنهم ينمون هذا المال ويصلحون لغيرهم غالبا أما الأولاد فليسوا منهم في شيء مع أن المحافظة عليه أولي وأنفع في الدنيا والآخرة. وكما أن الوالد يجب عليه تغذية جسم الولد بالطعام والشراب وكسوة بدنه باللباس كذلك يجب عليه أن يغذي قلبه بالعلم والإيمان ويكسو روحه بلباس التقوى فذلك خير. ومن حقوق الأولاد أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولا تقصير؛ لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه ممن المال، وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذونه قهرا بعد مماته؟ حتى لو بخل عليهم بما يجب فلهم أن يأخذوا من ماله ما يكفيهم بالمعروف كما أفتي بذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هند بنت عتبة. ومن حقوق الأولاد أن لا يفضل أحدا منهم على أحد في العطايا والهبات فلا يعطي بعض أولاده شيئا ويحرم الآخر، فإن ذلك من الجور والظلم والله لا يحب الظالمين، ولأن ذلك يؤدي إلى تنفير المحرومين وحدوث العداوة بينهم وبين الموهوبين، بل ربما تكون العداوة بين المحرومين وبين آبائهم. وبعض الناس يمتاز أحد من أبنائه على الآخرين بالبر والعطف والديه، فيخصه والده بالهبة والعطية من أجل ما امتاز به من البر ولكن هذا غير مبرر للتخصيص فالمتميز بالبر لا يجوز أن يعطي عوضا عن بره، لأن أجر بره على الله، ولأن تمييز البار بالعطية يوجب أن يعجب ببره ويري له فضلا وأن ينفر الآخرين ويستمر في عقوقه، ثم إننا لا ندري فقد تتغير الأحوال فينقلب البار عاقا والعاق بارًا، لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء. وفي الصحيحين صحيح البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير أن أباه بشير بن سعد وهبه غلاما فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لكن لو أعطي بعضهم شيئا يحتاجه والثاني لا يحتاجه مثل أن يحتاج أحد الأولاد إلى أدوات مكتبة أو علاج أو زواج فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه لأن هذا التخصيص من اجل الحاجة فيكون كالنفقة. ومتي قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فإنه حري أن يوفق الولد للقيام ببر والده ومراعاة الحقوق، ومتي فرق الوالد بما يجب عليه من ذلك كان جديرا بالعقوبة بأن ينكر الولد حقه ويبتلي بعقوقه جزاء وفاقا وكما تدين تدان.
|