الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآيات (29- 36): {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}{وإذا انقَلَبوا إلى أهْلِهم انقَلَبوا فَكِهينَ} قرأ عاصم في رواية حفص فكهين بغير ألف وقرأ غيره بألف، وفي القراءتين أربعة تأويلات:أحدها: فرحين، قاله السدي.الثاني: معجبين، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر:الثالث: لاهين.الرابع: ناعمين، حكى هذين التأويلين عليّ بن عيس.وروى عوف عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قال ربكم عز وجل: وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمني في الدنيا أخفته يوم القيامة».{هل ثوِّب الكفارُ ما كانوا يَفْعَلونَ} هذا سؤال المؤمنين في الجنة عن الكفار حين فارقوهم، وفيه تأويلان:أحدهما: معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر، قاله قتادة.الثاني: هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون، قاله مجاهد.فيكون {ثُوِّب} مأخوذاً من إعطاء الثواب.ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ، ويكون مأخوذاً من المثابِ الذي هو الرجوع، لا من الثواب الذي هو الجزاء، كما قال تعالى: {وإذا جعَلْنا البيتَ مثابةً للناس} أي مرجعاً.ويحتمل تأويلاً رابعاً: هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا. .سورة الانشقاق: .تفسير الآيات (1- 15): {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15)}قوله عز وجل: {إذا السماءُ انشَقّتْ} وهذا من أشراط الساعة، قال عليّ رضي الله عنه: تنشق السماء من المجرة، وفيه ثلاثة أوجه:أحدها: أنه محذوف الجواب وتقديره: إذا السماء انشقت رأى الإنسان ما قدّم من خير وشر.الثاني: أن جوابه {كادح إلى ربك كدحاً}.الثالث: معناه أذكر إذا السماء انشقت.{وأَذِنَتْ لِرّبها وحُقّتْ} معنى أذنت لربها أي سمعت لربها، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء كإذانه لنبي يتغنى بالقرآن أي ما استمع الله لشيء، وقال الشاعر:أي سمعوا.{وحُقّتْ} فيه وجهان:أحدهما: أطاعت، قاله الضحاك.الثاني: معناه حق لها أن تفعل ذلك، قاله قتادة، ومنه قول كثيّر: ويحتمل وجهاً ثالثاً: أنها جمعت، مأخوذ من اجتماع الحق على نافيه وحكى ابن الانباري أن {أذنت لربها وحقت} جواب القسم، والواو زائدة.{وإذا الأرضُ مُدَّتْ} فيها قولان:أحدهما: أن البيت كان قبل الأرض بألفي عام، فمدت الأرض من تحته، قاله ابن عمر.الثاني: أنها أرض القيامة، قاله مجاهد، وهو أشبه بسياق الكلام.وفي {مُدَّتْ} وجهان:أحدهما: سويت، فدكّت الجبال ويبست البحار، قاله السدي.الثاني: بسطت، قاله الضحاك، وروى عليّ بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مدّ الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدمه».{وأَلقْتْ ما فيها وتَخلّتْ} فيه وجهان:أحدهما: ألقت ما في بطنها من الموتى، وتخلت عمن على ظهرها من الأحياء، قاله ابن جبير.الثاني: ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها وتخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها، وهو معنى قول قتادة.ويحتمل ثالثاً: هو أعم، أنها ألقت ما استوعدت، وتخلت مما استحفظت لأن الله استودعها عباده أحياء وأمواتاً، واستحفظها بلاده مزارع وأقواتاً.{يا أيها الإنسانُ إنك كادحٌ إلى ربك كدْحاً فملاقيه} فيه قولان:أحدهما: إنك ساعٍ إلى ربك سعياً حتى تلاقي ربك، قاله يحيى بن سلام، ومنه قول الشاعر: أي أعمل للحياة. ويحتمل قولاً ثالثاً: أن الكادح هو الذي يكدح نفسه في الطلب إن تيسّر أو تعسّر.{فأمّا مَنْ أَوتي كِتابَه بيمينه} روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يعرض الناس ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وفي الثالثة تطير الكتب من الأيدي، فبين آخذٍ كتابه بيمينه، وبين آخذٍ كتابه بشماله».{فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً} وفي الحساب ثلاثة أقاويل:أحدها: يجازى على الحسنات ويتجاوز له عن السيئات، قاله الحسن.الثاني: ما رواه صفوان بن سليم عن عائشة قالت: سئل رسول الله عن الذي يحاسب حساباً يسيراً، فقال: «يعرف عمله ثم يتجاوز عنه، ولكن من نوقش الحساب فذلك هو الهالك».الثالث: أنه العرض، روى ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً} فقال: «ذلك العرض يا عائشة، من نوقش في الحساب يهلك».{وَيَنقَلِبُ إلى أهْلِه مَسْروراً} قال قتادة: إلى أهله الذين قد أعدهم الله له في الجنة.ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أهله الذين كانوا له في الدنيا ليخبرهم بخلاصه وسلامته.{إنَّه ظَنَّ أن لن يَحُورَ} أي لن يرجع حياً مبعوثاً فيحاسب ثم يثاب أو يعاقب، يقال: حار يحور، إذا رجع، ومنه الحديث: «أعوذ بالله من الحْور بعد الكْور»، يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وروي: «بعد الكوْن»، ومعناه انتشار الأمر بعد تمامه.وسئل معمر عن الحور بعد الكْون فقال: الرجل يكون صالحاً ثم يتحول امرء سوء.وقال ابن الأعرابي: الكُنْنّي: هو الذي يقول: كنت شاباً وكنت شجاعاً، والكاني: هو الذي يقول: كان لي مال وكنت أهب وكان لي خيل وكنت أركب، وأصل الحور الرجوع، قال لبيد: وقال عكرمة وداود بن أبي هند: يحور كلمة بالحبشية، ومعناها يرجع وقيل للقصار حواري لأن الثياب ترجع بعمله إلى البياض.{بلى إنّ ربّه كان به بَصيراً} يحتمل وجهين:أحدهما: مشاهداً لما كان عليه.الثاني: خبيراً بما يصير إليه. .تفسير الآيات (16- 25): {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}{فلا أُقْسِمُ بالشّفَقِ} فيه أربعة أقاويل:أحدها: أنه شفق الليل وهو الحمرة، قاله ابن عباس.الثاني: أنه بقية ضوء الشمس، قاله مجاهد.الثالث: أنه ما بقي من النهار، قاله عكرمة.الرابع: أنه النهار، رواه ابن ابي نجيح.{واللّيلِ وما وَسقَ} فيه أربعة تأويلات:أحدها: وماجمع، قاله مجاهد، قال الراجز:الثاني: وما جَنّ وستر، قاله ابن عباس.الثالث: وما ساق، لأن ظلمة الليل تسوق كل شيء إلى مأواه، قاله عكرمة. الرابع: وما عمل فيه، قاله ابن جبير، وقال الشاعر: أي كالعامل.{والقَمَرِ إذا اتّسَق} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: إذا استوى، قاله ابن عباس، وقولهم اتسق الأمر إذا انتظم واستوى.قال الضحاك: ليلة أربع عشرة هي ليلة السواء.الثاني: والقمر إذا استدار، قاله عكرمة.الثالث: إذا اجتمع، قاله مجاهد، ومعانيها متقاربة.ويحتمل رابعاً: إذا طلع مضيئاً.{لَتَرْكَبُنَّ طُبقاً عَنِ طَبَقٍ} فيه سبعة تأويلات:أحدها: سماء بعد سماء، قاله ابن مسعود والشعبي.الثاني: حالاً بعد حال، فطيماً بعد رضيع وشيخاً بعد شاب، قاله عكرمة، ومنه قول الشاعر: الثالث: أمراً بعد أمر، رخاء بعد شدة، وشدة بعد رخاء، وغنى بعد فقر، وفقراً بعد غنى، وصحة بعد سقم، وسقماً بعد صحة، قاله الحسن.الرابع: منزلة بعد منزلة، قوم كانوا في الدنيا متضعين فارتفعوا في الآخرة، وقوم كانوا مرتفعين في الدنيا فاتضعوافي الآخرة، قاله سعيد بن جبير.الخامس: عملاً بعد عمل، يعمل الآخر عمل الأول، قاله السدي.السادس: الآخرة بعد الأولى، قاله ابن زيد.السابع: شدة بعد شدة، حياة ثم موت ثم بعث ثم جزاء، وفي كل حال من هذه شدة، وقد روى معناه جابر مرفوعاً.{واللهُ أعْلَمُ بما يُوعُونَ} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: بما يُسِرون في قلوبهم، قاله ابن عباس.الثاني: بما يكتمون من أفعالهم، قاله مجاهد.الثالث: بما يجمعون من سيئاتهم، مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه وهو معنى قول ابن زيد.{فلهم أَجْرٌ غيرُ ممنون} فيه أربعة تأويلات:أحدها: غير محسوب، قاله مجاهد.الثاني: غير منقوص، قاله السدي.الثالث: غير مقطوع، قاله ابن عباس.الرابع: غير مكدّر بالمن والأذى، وهو معنى قول الحسن.
|