الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
فيها كان الفداء بين المسلمين وبين الروم فكانت عئة من فولمحي من المسلمين ثلاثة آلاف إنسان. فيها بعث الخليفة المكتفي خاقان البلخي إلى إقليم أذربيجان لحرب يوسف بن أبي الساج فسار في أربعة آلاف وفيها في ذي القعده مات الخليفة المكتفي بالله أبو محمد علي بن المعتضد بالله أحمد ابن ولي العهد طلحة الموفق ابن الخليفة المتوكل على الله جعفربن محمد المعتصم بن الرشيد هارون بن المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي أمير المؤمنين ولد سنة أربع وستين ومائتين وكان يضرب المثل بحسنه في زمانه كان معتدل القامة دري اللون أسود الشعر حسن اللحية جميل الصورة وأمه أم ولد تسمى " خاضع ". بويع بالخلافة بعد موت والده المعتضد في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين ومائتين وكانت خلافته ستة أعوام ونصفا وبويع بالخلافة بعده أخوه جعفر المقتدر. وخلف المكتفي في بيت المال خمسة عشر ألف ألف دينار وهوالذي خلفه المعتضد وزاد على ذلك المكتفي أمثالها وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن نوح بن عبد الله الحافظ أبوإسحاق النيسابوري كان إمام عصره بنيسابور في معرفة الحديث والعلل والرجال والزهد والورع وكان الإمام أحمد بن حنبل يثني عليه. وفيها توفي أبوالحسين أحمد بن محمد بن الحسين النوري البغدادي المولد والمنشأ وأصله من خراسان من قرية بين هراة ومرو الروذ وإنما سمي النوري لأنه كان إذا حضر في مكان ينور كان أعظم مشايخ الصوفية في وقته كان صاحب لسان وبيان كان من أقران الجنيد بل أعظم. وفيها توفي إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان أحد ملوك السامانية وهم أرباب الولايات بالشاش وسمرقند وفرغانة وما وراء النهر ولي إمرة خراسان بعد عمرو بن الليث الصفار وكان ملكا شجاعا صالحا بنى الربط في المفاوز وأوقف عليها الأوقاف وكل رباط يسع ألف فارس وهوالذي كسر الترك ولما توفي تمثل الخليفة المكتفي بقول أبي نواس: مجزوء البسيط: لم يخلق الدهر مثله أبدًا هيهات هيهات شأنه عجب وفيها توفي أبوحمزة الصوفي الصالح الزاهد الورع كان من أقران الجنيد وأبي تراب النخشبي كان من كبار مشايخ القوم وأزهدهم وأورعهم وأفتاهم وله المجاهدات والرياضات المشهورة الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبوالحسين النوري شيخ الصوفية أحمد بن محمد وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ وإبراهيم بن معقل قاضي نسف والحسن بن علي المعمري والحكم بن معبد الخزافي وأبو شعيب الحراني والمكتفي بالله بن المعتضد وأبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي الفقيه. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وثلاث أصابع. مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا السنة الخامسة من ولاية عيسى النوشري على مصر وهي سنة ست وتسعين ومائتين: فيها خلع الخليفة جعفر المقتدر من الخلافة وبويع عبد الله بن المعتز بالخلافة وسبب خلعه صغر سنه وقصوره عن تدبير الخلافة واستيلاء أمه والقهرمانة على الخلافة وكانت أمه أم ولد تسمى شغب فآتفق الجند على قتله وقتل وزيره العباس بن الحسن وقتل فاتك المعتضدي ووثبوا على هؤلاء وقتلوهم وكان المقتدر بالحلبة يلعب بالصوالجة أعني بالكرة على عاده الملوك فلما بلغه قتلهم نزل وأغلق باب القصرة فبايعوا عبد الله بن المعتز بشروط شرطها عبد الله عليهم وكان عبد الله بن المعتز أشعر بني العباس ومن أخيارهم ولقبوه بالمنصف بالله وقيل: بالغالب بالله وقيل: بالراضي بالله وقيل: بالمرتضى وآستوزر محمد بن داود بن الجراح ولما بلغ هذا الخبر إلى أبي جعفر الطبري قال: ومن رشح للوزارة قالوا: محمد بن داود قال: ومن ذكر للقضاء قالوا: أبوالمثنى أحمد بن يعقوب ففكر طويلا وقال: هذا أمر لا يتم قيل: ولم قال: لأن كل واحد من هؤلاء الذين ذكرتم مقدم في نفسه عالي الهمة رفيع الرتبة في أبناء جنسه والزمان مدبر والدولة مولية. وكان كما قال وخلع عبد الله بن المعتز من يومه وقتل من الغد وكانت خلافته يوما وليلة وقيل: بل نصف نهار وهوالأصح وقتل آبن المعتز ووصيف بن صوارتكين ويمن الخادم وجماعة من القضاة والفقهاء الذين اتفقوا على خلع المقتدر قتلهم مؤذس الخادم وأعيد جعفر المقتدر إلى الخلافة. وفيها استوزر المقتدر أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات. وفيها أمر المقتدر ألا يستخدم أحد من اليهود والنصارى إلا في الطب والجهبذة فقط وأن يطالبوا بلبس العسلي وتعليق الرقاع المصبوغة بين أظهرهم. وفيها وقع ببغداد ثلج في كانون في أول النهار إلى العصر وأقام أياما لم يذب. وفيها آنصرف أبو عبد الله الداعي إلى سجلماسة فافتتحها وأخرج المهدي عبيد الله وولده من حبس اليسع ابن مدرار وأظهر أمره وأعلم أصحابه أنه صاحب دعوته وسلم عليه بأمير المؤمنين وذلك في سابع في الحجة من سنة ست هذه وعبيد الله هذا هو والد الخلفاء الفاطميين وهوأول من ظهر منهم كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب في ترجمة المعز وغيره. وفيها توفي أحمد بن محمد بن هانىء أبو بكر الطائي الأثرم الحافظ سمع الكثير ورحل إلى البلاد وصنف علل الحديث والناسخ والمنسوخ في الحديث كان حافظا ورعا متقنًا. وفيها توفي أمير المؤمنين أبو العباس عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله محمد ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي العباسي البغدادي الشاعر الأديب صاحب الشعر البديع والتشبيهات الرائقة والنثر الفائق أخذ العربية الأدب عن المبرد وثعلب وعن مؤدبه أحمد بن سعيد الدمشقي ومولده في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين وأمه ام ولد تسمى خاين بويع بالخلافة بعد خلع المقتدر وكاد أمره أن يتم ثم تفرق عنه جمعه فقبض عليه وقتل سرا في شهرربيع الاخر كما ذكرناه في أول هذه السنة ومن شعره: البسيط انظر إلى اليوم ما أحلى شمائله صحو وغيم وإبراق وإرعاد كأنه أنت يا من لا شبيه له وصل وهجر وتقريب وإبعاد وله في خال مليح: السريع أسفر ضوء الصبح من وجهه فقام خال الخد فيه بلال كأنما الخال على خده ساعة هجر في زمان الوصال قلت: ويعجبني في هذا المعنى قول السروجي: السريع في الجانب الأيمن من خدها نقطة مسك أشتهي شمها وأخذ في هذا المعنى المعز الموصلي فقال: السريع لحظت من وجنتها شامة فآبتسمت تعجب من حالي قالت قفوا وآسمعوا ما جرى قد هام عمي الشيخ في خالي ومن شعر ابن المعتز أيضًا بيت مفرد: الوافر فنون والمدام ولون خدي شقيق في شقيق في شقيق قلت: ويشبه هذا قول آبن الرومي حيث قال: كأن الكأس في يده وفيه عقيق في عقيق في عقيق قلت: ومن تشابيه ابن المعتز البديعة قوله ينعت البنفسج: البسيط ولازوردية تزهو بزرقتها وسط الرياض على حمر اليواقيت كأنها وضعاف القضب تحملها أوائل النار في أطراف كبريت الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحمد بن نجدة الهروي وأحمد بن يحيى الحلواني وخلف بن عمرو العكبري وعبد الله بن المعتز وأبو الحصين الوادعي محمد بن الحسين ومحمد بن محمد بن شهاب البلخي ويوسف بن موسى القطان الصغير. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وتسع عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة السنة السادسة من ولاية عيسى النوشري على مصر وهي سنة سبع وتسعين ومائتين: فيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي. وفيها وصل الخبر إلى العراق بظهور عبيد الله المسمى بالمهدي أعني جد الخلفاء الفاطميين وأخرج الأغلب من بلاده وبنى المهدية وخرجت بلاد المغرب عن حكم بني العباس من هذا التاريخ وهرب ابن الأغلب وقصد العراق فكتب إليه الخليفة أن يصير إلى الرقة ويقيم بها. وفيها أدخل طاهر وشقوب آبنا محمد بن عمرو بن الليث الصفار بغداد أسيرين. وفيها توفي الجنيدبن محمد بن الجنيد الشيخ الزاهد الورع المشهور أبو القاسم القواريري الخزاز وكان أبوه يبيع الزجاج وكان هو يبيع الخز وأصله من نهاوند إلا أن مولده ومنشأه ببغداد وكان سيد طائفة الصوفية من كبار القوم وساداتهم مقبول القول على جميع الألسن وكان يتفقه على مذهب أبي ثور الكلبي أفتى في حلقته وهوآبن عشرين سنة وأخذ الطريقة عن خاله سري السقطي وكان سري أخذها عن معروف الكرخي ومعروف الكرخي أخذها عن علي بن موسى الرضا قال الجنيد: ما أخرج الله إلى ا لناس علما وجعل لهم إليه سبيلا إلا وقد جعل لي فيه حظا ونصيبا وقيل: إنه كان إذا جلس بدكانه كان ورعه في اليوم ثلاثمائة ركعة وكذا وكذا ألف تسبيحة. وقيل: إنه كان يفتح دكانه ويسبل الستر ويصلي أربعمائة ركعة وقال الجريري: سمعته يقول: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات أوالمستحسنات وذكر أبوجعفر الفرغاني أنه سمع الجنيد يقول: أقل ما في الكلام سقوط هيبة الرب سبحانه وتعالى من القلب والقلب إذا عري من الهيبة عري من الإيمان ويقال: إن نقش خاتم الجنيد: لا إن كنت تأمله فلا تأمنه " وعن الخلدي عن الجنيد قال: أعطي أهل بغداد الشطح والعبادة وأهل خراسان القلب والسخاء وأهل البصرة الزهد والقناعة وأهل الشأم الحلم والسلامة وأهل الحجاز الصبر والإنابة وقال: إسماعيل بن نجيد: هؤلاء الثلاثة لارابع لهم الجنيد ببغداد وأبو عثمان سسابوروأبو عبد الله بن الجلى بالشأم وقال أبو بكر العطوي كنت عند الجنيد حين احتضر فختم القرآن قال: ثم آبتدأ فقرأ من البقرة سبعين آية ثم ما ت وقال أبونعيم: أخبرنا الخلدي كتابة قال: رأيت الجنيد في النوم فقلت: ما فعل الله بك قال: طاحت تلك الإشارات وغابت تلك العبارات وفنيت تلك العلوم ونفدت تلك الرسوم وما نفعنا إلاركعتان كنا نركعهما في الأسحار قال أبو الحسين بن المنادي مات الجنيد ليلة النوروز في شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين قال: فذكر لي أنهم حزروا الجمع الذين صلوا عليه نحو ستين ألف إنسان ثم ما زالوا يتعاقبون قبره في كل يوم نحو الشهر. ودفن عند قبر سري السقطي قال الذهبي: وورخه بعضهم في سنة سبع فوهم. قلت: ورخه صاحب المرآة وغيره في سنة سبع. وفيها توفي عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكي سكن بغداد وكان شيخ القوم في وقته صحب الجنيد وغيره. وفيها توفي الشيخ أبوالحارث الفيض بن الخضر أحمد وقيل: الفيض بن محمد الأولاسي الطرسوسي أحد الزهاد ومشايخ القوم مات بطرسوس وكان صاحب حال وقال وله إشارات ولسان حلو في علم التصوف. وفيها توفي محمد بن داود بن علي بن خلف الشيخ أبو بكر الأصبهاني الظاهري صاحب كتاب الزهرة " كان عالما أديبا فصيحا وكان يلقب بعصفور الشوك لنحافته وصفرة لونه ولما جلس محمد هذا بعد وفاة أبيه في مجلسه آستصغروه عن ذلك فسأله رجل عن حد السكر ما هو ومتى يكون الرجل سكران فقال محمد على البديهة: إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم فآستحسنوا منه ذلك. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي إبراهيم بن هاشم البغوي وإسماعيل بن محمد بن قيراط وعبد الرحمن بن القاسم بن الرواسي الهاشمي وعبيد بن غنام ومحمد بن عبد الله مطين ومحمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة ومحمد بن الماء القديم تسع أذرع وإحدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وإحدى عشرة إصبعًا. ولاية تكين الأولى على مصر هو تكين بن عبد الله الحربي الأمير أبومنصور المعتضدي الخزري ولاه الخليفة المقتدر بالله على صلاة مصر بعد موت عيسى النوشري فدعي له بها في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ثم قدم خليفته إلى مصريوم الأربعاء في ثالث عشرين شوال ودام خليفته بها إلى أن قدمها تكين المذكور في يوم ثاني في الحجة من سنة سبع وتسعين ومائتين. قال صاحب " البغية والاغتباط فيمن ولي الفسطاط: قدم تكين يوم السبت لليلتين خلتا من ذي الحجة موافقا لنا لكنه زاد: في يوم السبت. وتكين هذا مولى المعتضد بالله نشأ في دولته حتى صارمن جملة القواد ثم ولاه المقتدر دمشق ومصر وأقره عليهما القاهر وكان تكين جبارا مهيبا ولكنه كانت لديه فضيلة وحدث عن القاضي يوسف وغيره ودام تكين على إمرة مصر مدة إلى أن بعث للخليفة في سنة تسع وتسعين ومائتين هدايا وتحفا وفي جملة الهدايا ضلع إنسان طوله أربعة عشر شبرا في عرض شبر زعموا أنه من قوم عاد وفي جملة الهدايا أيضًا تيس له ضرع يحلب لبنا وخمسمائة ألف دينار ذكر تكين أنه وجدها في كنز بمصر وآستمر تكين بعد ذلك على إمرة مصر حتى خرج عليها جماعة من الأعراب والأحواش فجهز تكين لحربهم جيشا إلى برقة وجعل على الجيش المذكور أبا اليمني وخرج الجيش إلى برقة وكان هؤلاء الأعراب من جملة عساكر المهلي عبيد الله الفاطمي الذي استولى على بلاد المغرب فلما قارب الجيش برقة خرج إليهم حباسة بن يوسف بعساكر المهلي عبيد الله الفاطمي المقدم ذكره وقاتل أبا اليمني المذكور حتى هزمه وآستولى على برقة ثم سار إلى الإسكندرية في زيادة على مائة ألف مقاتل ولما عاد جيش تكين منهزما إلى مصر أرسل تكين إلى الخليفة يطلب منه المدد فأمده الخليفة بالعساكر وفي العسكر حسين بن أحمد الماذرائي وأحمد بن كيغلغ في جمع من القواد وسار الجميع نحو مصر وكان دخول عسكر المهدي إلى الإسكندرية في أول المحرم سنة آثنتين وثلاثمائة. ووصلت عساكر الخليفة من العراق إلى مصر في صفر ونزلت بها فتلقاهم تكين وأكرم نزلهم ثم تهيا تكين بعساكره إلى القتال وخرج هو بعساكر مصر ومعه عساكر العراق وسار الجميع نحو الإسكندرية ونزلوا بالجيزة في جمادى الأولى ثم سار الجميع حتى وافوا حباسة بعساكره وقاتلوه فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل فيها آلاف من الناس من الطائفتين وثبت كل من العسكرين حتى استظهر عسكر الخليفة على جيش حباسة العبيدي الفاطمي وكسره وأجلاه عن الإسكندرية وبرقة وعاد حباسة بمن بقي معه من عساكره إلى المغرب في أسوإ حال وهذا أول عسكر ورد إلى الإسكندرية من جهة عبيد الله المهدي الفاطمي. ثم عاد تكين إلى مصر بعساكره بعد أن مهد البلاد وعندما قدم تكين إلى مصر وصل إليها بعده مؤنس الخادم مع جمع من القواد أعني الذين قدموا معه من العراق ونزلوا بالحمراء في النصف من شهر رمضان ولقي الناس منهم شدائد إلى أن خرج الأمير أحمد بن كيغلغ إلى الشأم في شهر رمضان المذكور فلم تطل مدة تكين بعد ذلك على مصروصرف عن إمرتها في يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة صرفه مؤنس الخادم المقدم ذكره وأرسل إلى الخليفة بذلك فدام تكين بمصر إلى أن خرج منها في سابع في الحجة سنة آثنتين وثلاثمائة وأقام مؤنس الخادم بمصر يدعى له بها ويخاطب بالأستاذ إلى أن ولى الخليفة المقتدر ذكا الرومي إمرة مصر عوضا عن تكين المذكور فكانت ولايته على مصر خمس سنين وأيامًا. السنة الأولى من ولاية تكين وهي سنة ثمان وتسعين ومائتين: فيها قدم الحسين بن حمدان من قم فولاه المقتدر ديار بكر وربيعة. وفيها توفي محمد بن عمرويه صاحب الشرطة توفي بآمد وحمل إلى بغداد. وفيها توفي صافي الحرفي فقلد المقتدر مكانه مؤنسا الخادم المقدم ذكره. وفيها خرج على عبيد الله المهدي داعياه أبو عبد الله الشيعي وأخوه أبو العباس وجرت لهما وقعة هائلة وذلك في جمادى الآخرة فقتل الداعيان في جندهما ثم خالف على المهدي أهل طرابلس المغرب فجهز إليهم آبنه أبا القاسم القائم بأمر الله فأخذها عنوة في سنة ثلاثمائة وتمهد بأخذها بلاد المغرب للمهدي المذكور. وفيها قدم القاسم بن سيما من غزوة الصائفة بالروم ومعه خلق من الأسارى وخمسون علجا قد شهروا على الجمال وبأيديهم صلبان الذهب والفضة. وفيها استخلف على الحرم بدار الخليفة نظير الحرمي. وفيها توفي أحمد بن محمد بن مسروق الشيخ أبو العباس الصوفي الطوسي أحد مشايخ القوم وأصحاب الكرامات قدم بغداد وحدث بها وفيها توفي أحمد بن يحيى بن إسحاق أبوالحسين البغدادي المعروف بآبن الراوندي الماجن المنسوب إلى الهزل والزندقة كان أبوه يهوديا فأسلم أهو فكانت اليهود تقول للمسلمين: احذروا أن يفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا كتابنا وصنف أحمد هذا في الزندقة كتبا كثيرة منهاكتاب نعت الحكمة " وكتاب " الدامغ للقرآن " وغير ذلك وكان زنديقا وكان يقول: إنا نجد في كلام أكثم بن صيفي أحسن من " ولهذا التعيس الضال أشياء كثيرة من هذا الكفر البارد الذي يسئم أسماع الزنادقة لعدم طلاوة كلامه. وأمره في الزندقة والمخرقة أشهر من أن يذكر عليه اللعنة والخزي ولما تزايد أمره صلبه بعض السلاطين وهو ابن ست وثمانين سنة. وفيها توفي أبو عثمان سعيد بن إسماعيل بن سعيد النيسابوري الحيري الواعظ الإمام مولده بالري ثم قدم نيسابور وسكنها وكان أوحد مشايخ عصره وعنه آنتشرت طريقة التصوف بنيسابور. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبوالعباس أحمد بن محمد بن مسروق وبهلول بن إسحاق الأنباري والجنيد شيخ الطائفة والحسن بن علويه القطان وأبوعثمان الحيري الزاهد ومحمد بن علي بن طرخان البلخي الحافظ ومحمد بن سليمان المروزي ومحمد بن طاهر الأمير ويوسف بن عاصم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثماني أذرع وأربع أصابع مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وثماني أصابع. الأولى على مصر وهي سنة تسع وتسعين ومائتين. فيها قبض المقتدر على وزيره أبي الحسن علي بن الفرات ونهبت دوره وهتكت حرمه بسبب أنه قيل للخليفة: إنه كاتب الأعراب أن يكبسوا بغداد ونهبت بغداد عند القبض عليه واستوزر المقتدر أبا علي محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان. وفيها سار عبيد الله المهدي الفاطمي إلى المهدية ببلاد المغرب ودعي له بالخلافة برقاده والقيروان وتلك النواحي وعظم ملكه فشق ذلك على الخليفة المقتدر العباسي. وفيها توفي أحمد بن نصر بن إبراهيم الحافظ أبوعمرو الخفاف رحل في طلب الحديث ولقي الشيوخ وكان زاهدا متعبدا صام نيفا وئلاثين سنة وتصدق سرا وعلانية بأموال كثيرة. وفيها توفي الحسين بن عبد الله بن أحمد الفقيه أبو علي الخرقي والد الإمام عمر مصنف كتاب مختصر الخرقي في مذهب الإمام أحمد بن حنبل وكان زاهدا عابدا مات يوم عيد الفطر. وفيها توفي محمد بن أحمد بن كيسان الإمام أبو الحسن النحوي اللغوي أحد الآئمة النحاة كان يحفظ مذاهب البصريين والكوفيين في النحو لأنه أخذ عن المبردوثعلب وفيها توفي محمد بن إسماعيل الشيخ أبو عبد الله المغربي الزاهد أستاذ إبراهيم الخواص وإبراهيم بن شيبان وغيرهما كان كبير الشأن في علم المعاملات والمكاشفات وحج على قدميه سبعًا وتسعين حجة. قال إبراهيم بن شيبان: توفي أبو عبد الله على جبل الطور فدفنته إلى جانب أستاذه علي بن رزين بوصية منه وعاش كل واحد منهما عشرين ومائة سنة. قلت: ولهذا حج سبعًا وتسعين حجة. وفيها توفي محمد بن يحيى بن محمد البغدادي المعروف ب حامل كفنه " كان فاضلا وقع له غريبة وهوأنه مرض فأغمي عليه فغسل وكفن ودفن فلما كان الليل جاءه نباش فنبش عنه فلما حل أكفانه ليأخذها آستوى قائما فخرج النباش هاربا فقام هووحمل أكفانه وجاء إلى منزله وأهله وهم يبكون عليه فدق الباب فقالوا: من قال: أنا فلان فقالوا: يا هذا لا يحل لك أن تزيدنا على ما نحن فيه قال: آفتحوا فوالله أنا فلان فعرفوا صوته ففتحوا له وعاد حزنهم فرحا ويسمى من حينئذ حامل كفنه سكن حامل كفنه دمشق وحدث بها قال أبو بكر الخطيب: ومثل هذا سعيد بن الخمس الكوفي فإنه لما دلي في قبره آضطرب فحلت عنه أكفانه فقام ورجع إلى منزله ثم ولد له بعد ذلك آبنه مالك. وفيها توفي ممشاد الدينوري الزاهد المشهور كان من أولاد الملوك فتزهد وترك الدنيا وصحب أبا تراب النخشبي وأبا عبيد البسري وغيرهما وكان عظيم الشأن يحكى عنه خوارق قيل إنه لما احتضر قالوا له كيف تجدك فقال سلوا العلة عني فقيل له قل لا إله إلا الله فحول وجهه إلى الحائط فقال: المجتث # أفنيت كلي الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أحمد بن أنس بن مالك الدمشقي وأبوعمرو الخفاف الزاهد أحمد بن نصر الحافظ والحسين بن عبد الله الخرقي والد مصنف مختصر الخرقي وعلي بن سعيد بن بشير الرازي ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد وممشاد الدينوري الزاهد. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم ست أذرع وإحدى عشرة إصبعا مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وثماني أصابع. السنة الثالثة من ولاية تكين الأولى على مصر وهي سنة ثلاثمائة. فيها تتبع الخليفة أصحاب الوزير أبي الحسن بن الفرات وصودروا وخربت ديارهم وضربوا وعذب ابن الفرات حتى كاد يتلف ثم رفقوا به بعد أن أخذ ت أمواله ثم عزل الخاقاني عن الوزارة ورشح لها علي بن عيسى ويقال: فيها ولدت بغلة فسبحان الله القادرعلى كل شيء وفيها ظهر محمد بن جعفر بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في أعمال دمشق فخرج إليه أمير دمشق أحمد بن كيغلغ ثم آقتتلا فقتل محمد في المعركة وحمل رأسه إلى بغداد فنصب على الجسر وفيها وقع ببغداد والبادية وباء عظيم وموت جارف فمات الناس علىالطريق وفيها ساخ جبل بالدينور في الأرض وخرج من تحته ماء كثيرغرق القرى وفيها وقعت قطعة عظيمة من جبل لبنان في البحر وتناثرت النجوم في جمادى الآخرة تناثراعجيبا وكله إلى ناحية المشرق وفيها حج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي وفيها توفي عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الاموي المغربي أمير الأندلس وأمه أم ولد يقال لها عشار بويع بالإمرة في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين في السنة التي توفي فيها أخوه المنذر في أيام المعتمد وكان زاهدًا تاليًا لكتاب الله تعالى بنى الساباط بقرطبة ولزم الصلوات الخمس بالجامع حتى مات في شهر ربيع الأول وكانت أيامه على الأندلس خمسا وعشرين سنة وستة أشهر وأياما وتولى مكانه آبنه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله في اليوم الذي مات فيه جده المذكور وكنيته أبوالمظفر فلقب نفسه بالناصر وتوفي عبد الرحمن هذا في سنة خمسين وثلاثمائة وقد تقدم الكلام في ترجمة جد هؤلاء الثلاثة عبد الرحمن الداخل أنه فر من الشأم جافلا من بني العباس ودخل المغرب وملكها فسمي لذلك عبد الرحمن الداخل وفيها توفي عبيد الله بن عبد الله بن طاهربن الحسين الأمير أبو محمد الخزاعي كان من أجل الأمراء ولي إمرة بغداد ونيابتها عن الخليفة وعدة ولايات جليلة وكان أديبًا فاضلا شاعرا فصيحا وقد تقدم ذكر والده في أمراء مصر في هذا الكتاب وأيضًا نبذة من أخبار جده في عدة حوادث وفي الجملة هومن بيت رياسة وفضل وكرم الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أبو العباس أحمد بن محمد البراثي وأبوأمية الأحوص بن الفضل الغلابي والحسين بن عمربن أبي الأحوص وعلي بن سعيد العسكرفي الحافظ وعبيد الله بن عبد الله بن طاهربن الحسين الأمير وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الاموي صاحب الأندلس ومحمد بن أحمد بن جعفر أبوالعلاء الوكيعي ومحمد بن الحسن بن سماعة ومسدد بن قطن. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم سبع أذرع وإصبع واحدة مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وإصبع واحدة. السنة الرابعة من ولاية تكين الأولى على مصر هي سنة إحدى وئلاثمائة. فيها قبض المقتدر على وزيره الخاقاني في يوم الاثنين لعشر خلون من المحرم وكانت مدة وزارته سنة واحدة وشهرا وخمسة أيام وكان المقتدر قد أرسل يلبق المؤنسي في ثلاثمائة غلام إلى مكة لإحضار علي بن عيسى للوزارة فقدم آبن عيسى المذكور في المحرم وتولى الوزارة. وفيها في شعبان ركب الخليفة المقتدر من داره إلى الشماسية ثم عاد في دجلة وهي أول ركبة ظهر فيها للعامة منذ ولي الخلافة وفيها في يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأول أدخل الحسين بن منصور المعروف بالحلاج مشهورا على جمل إلى بغداد وصلب وهوحي في الجانب الغربي وعليه جبة عودية ونودي عليه: هذا أحد دعاة القرامطة ثم أنزلوه وحده في دار ورمي بعظائم نسأل الله السلامة في الدين فأحضره علي بن عيسى الوزير وناظره فلم يجد عنده شيئا من القران ولامن الفقه ولا من الحديث ولا من العربية فقال له الوزير: تعلمك الوضوء والفرائض أولى من رسائل ما تدري ما فيها ثم تدعي الإلهية فرده إلى الحبس فدام به إلى ما يأتي ذكره في محله. وفيها أفرج المقتدر عن الوزير الخاقاني فأطلق وتوجه إلى داره. وفيها في شعبان خلع المقتدر على آبنه أبي العباس وقلده أعمال الحرب بمصر والغرب وعمره أربع سنين وآستخلف له على مصر مؤنس الخادم. وفيها توفي الحسن بن بهرام أبو سعيد القرمطي المتغلب على هجر كان أصله كيالا فهرب وآستغوى خلقا من القرامطة والأعراب وغلب على القطيف وهجر وشغل المعتضد عنه الموت فاستفحل أمره ووقع له مع عساكر المكتفي وقائع وأمور وقتل الحجيج وأفسد البلاد وفعل مالايفعله مسلم حتى قتله خادم صقلبي في الحمام أراده على الفاحشة فخنقه الخادم وقتله وذهبت روحه إلى سقر. وفيها توفي حموديه بن أسد الدمشقي المعلم كان من الأبدال وكان مجاب الدعوة وله كرامات وأحوال مات بدمشق. وفيها توفي عبد الله بن علي بن محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب القاضي كان إماما فاضلا عالما استقضاه الخليفة المكتفي على مدينة المنصور في سنة آثنتين وتسعين ومائتين إلى أن نقله المقتدر إلى الجانب الشرقي في سنة ست وتسعين ومائتين فأصابه فالج ومات منه وتوفي آبنه بعده بثلاثة وسبعين يوما وكان يخلفه على القضاء وفيها توفي علي بن أحمد الراسبي الأمير أبو الحسن كان متوليا من حدود واسط إلى جنديسابور ومن السوس إلى شهرزور وكان شجاعًا مات بجنديسابور وخلف ألف ألف دينار ومن آنية الذهب والفضة ما قيمته مائة ألف دينار أومن الخز ألف ثوب وألف فرس وألف بغل وألف جمل وكان له ثمانون طرازا تنسج فيها الثياب التي لملبوسه. وفيها توفي محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زرعة الثقفي مولاهم كان قاضي دمشق ثم ولي قضاء مصر كان إمامًا عالمًا عفيفا ولما أراد أحمد بن طولون خلع الموفق من ولاية العهد أمره بخلعه فوقف بإزاء منبر دمشق وقال: قد خلعت أبا أحمق يعني باأحمد كما خلعت خاتمي من إصبعي ومضى سنون إلى أن ولي المعتضد بن الموفق الخلافة ودخل الشأم يطلب من كان يبغض أباه فأحضر القاضي هذا وجماعة فحملوا في القيود معه وسافر فلما كمان في بعض الأيام رآهم المعتضد في الطريق فطلبهم وأراد الفتك بهم فقال: من الذي قال " أبا أحمق " فخرس القوم فقال له القاضي: يا أمير المؤمنين نسائي طوالق وعبيدي أحرار ومالي في سبيل الله إن كان في هؤلاء القوم من قال هذه المقالة فآستظرفه المعتضد وأطلق الجميع ومشى له ذلك في باب المماجنة. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي أحمد بن محمد بن عبد العزيزبن الجعد الوشاء وأبو بكر أحمد بن هارون البرذعي وإبراهيم بن يوسف الرازي والحسين بن إدريس الأنصاري الهروي وعبد الله بن محمد بن ناجية في رمضان وعمرو بن عثمان المكي الزاهد ومحمد بن العباس بن الأخرم الأصبهاني ومحمد بن يحيى بن منده العبدي. أمر النيل في هذه السنة الماء القديم أربع أذرع واثنتا عشرة إصبعا مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعا وإصبع واحدة.
|