الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
1 - العمى في اللّغة: ذهاب البصر كلّه، يقال: عمي يعمى عمىً فهو أعمى: إذا فقد بصره فلا يرى شيئاً، والأنثى عمياء، ولا يقع هذا النّعت على العين الواحدة ؛ لأنّ المعنى يقع عليهما جميعاً، ويطلق على فقد البصيرة، يقال: عمي فلان عن رشده، وعمي عليه طريقه، قال تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
أ - العور: 2 - العور: نقص بصر العين، يقال عورت العين عوراً نقصت أو غارت فالرّجل أعور والأنثى عوراء. فالعمى: فقد البصر، والعور: نقص البصر. ب - العمش: 3 - العمش هو سيلان الدّمع مع ضعف البصر، يقال عمشت العين عمشاً من باب تعب سال دمعها في أكثر الأوقات مع ضعف البصر، فالرّجل أعمش والأنثى عمشاء.
4 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ العمى لا يزيل الأهليّة فالمصاب بهذه الآفة كالبصير في الأحكام إلاّ في بعض أمور اقتضتها الضّرورة فلا تسقط عنه التّكاليف الشّرعيّة بدنيّةً كانت أم ماليّةً، إلاّ ما أسقط لعذر أو لضرورة.
5 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الجمعة تجب على الأعمى إذا كان يهتدي بنفسه أو يجد من يقوده ولو بأجرة، وإلى هذا ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف ومحمّد من الحنفيّة. وقال أبو حنيفة: لا يجب عليه حضور الجمعة وإن وجد متبرّعاً يقوده مجّاناً أو بأجرة المثل. وتفصيل ذلك في مصطلح: (صلاة الجمعة ف 15).
6 - قال الشّافعيّة والحنابلة: يكره أذان الأعمى إذا لم يكن معه بصير يعلمه دخول الوقت ؛ لأنّه ربّما يغلط في الوقت، أو يفوّت على النّاس فضيلة أوّل الوقت باشتغاله بالسّؤال عنه، والتّحرّي فيه، وقال الحنفيّة: لا يكره أذانه ؛ لأنّ قوله مقبول في الأمور الدّينيّة فيكون مقبولاً فيحصل به الإعلام. والتّفصيل في: (أذان). وقال المالكيّة أذان الأعمى جائز وكان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذّناً، ولا يختلف في جواز أذانه إذا كان من أهل الثّقة والأمانة.
7 - قال الحنفيّة، والحنابلة تكره إمامة الأعمى في الصّلاة إلاّ أن يكون أعلم القوم فلا كراهة حينئذ. وقال المالكيّة والشّافعيّة إنّه كالبصير في إمامة الصّلاة، لتعارض فضيلتهما ؛ لأنّ الأعمى لا ينظر ما يشغله فهو أخشع والبصير يرى الخبث لتجنّبه عن النّجاسات. والتّفصيل في مصطلح: (إمامة الصّلاة ف 24).
8 - لا تقبل شهادة الأعمى على المرئيّات، وتقبل شهادته فيما يدرك بالذّوق، واللّمس، والشّمّ ؛ لأنّ الإدراك بهذه الحواسّ يستوي فيها الأعمى والبصير، واختلفوا في جواز شهادته بالمسموعات. وتفصيل ذلك في مصطلح: (شهادة ف 19).
9 - ذهب الحنفيّة والحنابلة والمالكيّة إلى أنّه يصحّ بيع الأعمى بالصّفة لما يصحّ السّلم فيه، ويصحّ شراؤه بالصّفة لما يصحّ السّلم فيه. وقال الشّافعيّة: كلّ عقد يشترط فيه الرّؤية لا يصحّ من الأعمى، كالبيع والإجارة، والرّهن، والارتهان ونحو ذلك ممّا يشترط لصحّته رؤية المعقود عليه، أمّا ما لا يشترط فيه الرّؤية كالسّلم فيصحّ مباشرة الأعمى به إن كان رأس المال في الذّمّة ؛ لأنّ السّلم يعتمد بالوصف لا الرّؤية ؛ ولأنّه يعرف صفته بالسّماع، ويتخيّل ما يميّزه. ويوكّل غيره فيما لا يجوز مباشرته في العقود.
10 - يصحّ لعان الأعمى بزنا تيقّنه: بلمس، أو سماع ؛ لأنّ العلم به يحصل له بأكثر من طريق: من جسّ، أو حسّ، والتّفصيل في مصطلح: (لعان).
1 - العمارة في اللّغة ما يعمر به المكان، يقال: عمّر اللّه بك منزلك: وأعمره جعله آهلاً عامراً بك، وعمّرت الخراب أعمره عمارةً أحييته، ويطلق على البناء. وفي الاصطلاح: القيام بما يصلح العقار، أو البناء من إحياء الأرض، وترميم البناء، وتجصيصه، وغير ذلك ممّا يصلحه عرفاً.
أ - البناء: 2 - البناء: وضع شيء على شيء على وجه يراد به الثّبوت. فالبناء أخصّ من العمارة. ب - التّرميم: 3 - التّرميم: إصلاح البناء. وهو نوع من العمارة. ج - الإحياء: 4 - الإحياء: عمارة الأرض الخربة ببناء، أو غرس، أو سقي ويختلف معناه باختلاف المضاف إليه فيقال: إحياء السّنّة وإحياء اللّيل ونحوهما. وعلى ذلك فهو أعمّ من العمارة.
5 - تختلف أحكام العمارة باختلاف المعمور، فقد قال الشّافعيّة: يجب على ناظر الوقف عمارة الموقوف من ريع الوقف، أو من جهة شرطها الواقف، كما يجب على الوليّ عمارة عقار مولّيه من ماله، أو من غيره ممّا هو له، وعلى النّاظر في المشترك بطلب شريكه، سواء الموقوف والمملوك لنحو مسجد، وعلى وليّ المحجور عليه عمارة أملاكه، وعلى وليّ الأمر في مال غائب، أو ميّت لا وارث له، وعليه ديون، أمّا البالغ الرّشيد فلا تجب عليه عمارة أملاكه ممّا لا روح له كقناة ودار، وأرض له خراب ؛ لأنّ تنمية المال غير واجبة، لكنّه يندب عمارتها، ويكره تركها حذراً من إضاعة المال بغير الفعل.
6 - عمارة المساجد مأمور بها بالكتاب الكريم والسّنّة المطهّرة، وهي فرض كفاية إن قام بها بعض المسلمين سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوها جميعاً أثموا جميعاً، قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }. قال ابن كثير في تفسير الآية: إنّما يستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلميّة والعمليّة، ومن عمارتها: بناؤها، وتزيينها بالفرش، وتنويرها بالسّرج، وإدامة العبادة ودرس العلم فيها، وصيانتها عمّا لم تبن له كحديث الدّنيا، وفي الحديث القدسيّ: قال تعالى: » إنّ بيوتي في أرضي المساجد، وإنّ زوّاري عمّارها، فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي فحقّ على المزور أن يكرم زائره «. والتّفصيل في مصطلح: (مسجد).
1 - العمامة لغةً: اللّباس الّذي يلاث - يلفّ - على الرّأس تكويراً، وتعمّم الرّجل: كوّر العمامة على رأسه، والجمع عمائم. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
أ - العذبة: 2 - العذبة: طرف الشّيء كعذبة الصّوت واللّسان أي: طرفهما، والطّرف الأعلى للعمامة يسمّى عذبةً وإن كان مخالفاً للاصطلاح العرفيّ. ب - الذّؤابة: 3 - الذّؤابة تطلق على الضّفيرة من الشّعر إذا كانت مرسلةً كما تطلق على طرف العمامة، والجمع ذوائب ويستعملها الفقهاء بهذين المعنيين. فالعذبة والذّؤابة جزء من العمامة. ولا يفرّق بعضهم بين العذبة والذّؤابة. ج - العصابة: 4 - للعصابة في الاستعمال العربيّ عدّة معان متشابهة: العصابة بمعنى العمامة، فهي مرادفة لها. قال الجاحظ: والعصابة والعمامة سواء. فهي مرادفة للعمامة، كما ورد في الحديث: » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعث سريّةً فأصابهم البرد فلمّا قدموا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب «، وفسّرت العصائب هنا بالعمائم. وتطلق العصابة على ما يشدّ به الرّأس وغيره، فهي بهذا المعنى أعمّ من العمامة. د - المعجر: 5 - المعجر: ثوب أصغر من الرّداء وأكبر من المقنعة تعتجر به المرأة فتلفّه على استدارة رأسها ثمّ تجلبب فوقه بجلبابها، والجمع المعاجر. ويكون الاعتجار بالمعجر بالنّسبة للنّساء وبالعمامة بالنّسبة للرّجال، وهو ليّ الثّوب على الرّأس من غير إدارة تحت الحنك، وفي بعض العبارات أنّه لفّ العمامة دون التّلحّي. والاعتجار بالعمامة أن يلفّها على رأسه ويردّ طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه. والصّلة بين المعجر والعمامة أنّ المعجر والعمامة كليهما يلفّ به الرّأس غير أنّ المعجر للمرأة والعمامة للرّجل. هـ – القناع: 6 – يطلق القناع والمقنّع والمقنّعة على نوع من القماش يضعه الجنسان على الرّأس. ويطلق أيضاً على الخمار الّذي تغطّي به المرأة وجهها. وفسّر بعضهم القناع بما يفيد خصوصيّته بالمرأة فقال: القناع والمقنّعة: ما تتقنّع به المرأة من ثوب يغطّي رأسها ومحاسنها. ووصف البعض الرّجل بالتّقنّع فقال: رجل مقنّع إذا كان عليه بيضة ومغفر. فالقناع يستعمل للنّساء، والعمامة للرّجال. و - القلنسوة: 7 - القلنسوة لغةً من ملابس الرّءوس وتجمع على قلانس، والتّقليس لبس القلنسوة. واصطلاحاً: ما يلبس على الرّأس ويتعمّم فوقه أو هي الطّاقيّة. والصّلة أنّ العمامة تلفّ على القلنسوة غالباً.
8 - للعمامة عدّة أشكال منها: أن يلفّ الشّخص العمامة على رأسه ويسدلها على ظهره، وتسمّى بهذه الهيئة القعاطة. أن تلفّ على الرّأس دون التّلحّي بها، وتسمّى الاعتجار. أن يرخى طرفاها من ناحيتي الرّأس وتسمّى الزّوقلة. أن تلاث على الرّأس ولا تسدل على الظّهر ولا تردّ تحت الحنك وتسمّى القفداء.
9 - روى الصّحابة رضي الله عنهم أخباراً تتعلّق بعمامة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نصّت على لونها وشكلها ونوعها. فعن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما: » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكّة وعليه عمامة سوداء «. والعمامة بهذا اللّون استعملها صلى الله عليه وسلم حين الخطابة، فعن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه: » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خطب النّاس، وعليه عمامة سوداء «. وعن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر عن أبيه قال: » رأيت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثوبين مصبوغين بزعفران رداءً وعمامةً «. وكانت لعمامته صلى الله عليه وسلم عذبة وكان يسدلها بين كتفيه، فعن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: » كأنّي أنظر إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المنبر، وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه «. تضمّن هذا الحديث بالإضافة إلى التّنصيص على لون عمامة النّبيّ صلى الله عليه وسلم الإخبار بإرخائه طرفها بين كتفيه. وأخبر عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما بذلك فقال: » كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا اعتمّ سدل عمامته بين كتفيه «. وثبت أنّه صلى الله عليه وسلم تعمّم بعمامة قطريّة، فعن أنس بن مالك قال: » رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم توضّأ وعليه عمامة قطريّة، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدّم رأسه ولم ينقض العمامة « وفسّرت العمامة القطريّة بتفسيرين: الأوّل: قيل هي ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام وفيها بعض الخشونة. الثّاني: قيل هي حلل جياد تحمل من قرية في البحرين يقال لها قطر. وأمّا مقدارها فقد لاحظ السّيوطيّ أنّه لم يثبت حديث في مقدار عمامته صلى الله عليه وسلم، واستنتج من حديث نسبه إلى البيهقيّ يصف تعمّمه عليه الصلاة والسلام بأنّها عدّة أذرع، ثمّ قال: والظّاهر أنّها كانت نحو العشرة أذرع أو فوقها بيسير. ومن الأوصاف الّتي وقفنا عليها: سدل العمامة. وصف عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنه عمامته فقال: » عمّمني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يديّ ومن خلفي «. وكان عبد اللّه بن عمر يسدل عمامته بين كتفيه، وممّن فعل ذلك من التّابعين سالم بن عبد اللّه والقاسم بن محمّد. وثبت أنّ من الصّحابة من جعل في عمامته علامةً ليعرف بها. ومنهم من اتّخذ العمامة نفسها سمةً فقد كان حمزة يوم بدر معلّماً بريشة نعامة حمراء، وكان الزّبير معلّماً بعمامة صفراء.
10 - لبس أهل الذّمّة العمائم الملوّنة تمييزاً لهم فكانت عمائم المسيحيّين زرقاء وعمائم اليهود صفراء ويذكر أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه هو الّذي ألزمهم بذلك. بيد أنّ هذه التّعليمات لم تطبّق بعد ذلك حيث تعمّم المسلمون بالعمائم الملوّنة، ومن صفات عمائم أهل الذّمّة خلوّها من العذبة، عدم إدارتها تحت الحنك عند التّعمّم، قال ابن قدامة: ".. وإن لم يكن تحت الحنك منها شيء، ولا لها ذؤابة لم يجز المسح عليها ; لأنّها على صفة عمائم أهل الذّمّة ".
11 - اتّفق الفقهاء على استحباب ستر الرّأس في الصّلاة للرّجل بعمامة وما في معناها ; لأنّه صلى الله عليه وسلم كان يصلّي بالعمامة. أمّا المرأة فواجب ستر رأسها. ونصّ الحنفيّة على كراهة صلاة الرّجل مكشوف الرّأس إذا كان تكاسلاً لترك الوقار، لا للتّذلّل والتّضرّع انظر مصطلح: (رأس ف 5).
12 - ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز السّجود على كور العمامة وغيرها ممّا هو متّصل بالمصلّي من غير عذر من حرّ أو برد مع الكراهة التّنزيهيّة عند الحنفيّة لحديث أنس رضي الله عنه قال: « كنّا نصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شدّة الحرّ فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكّن جبهته من الأرض يبسط ثوبه فيسجد عليه » وروي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « أنّه سجد على كور عمامته ». وعن الحسن قال: كان أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرّجل على عمامته، وفي رواية: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويده في كمّه. وذهب الشّافعيّة وهو رواية عن أحمد إلى وجوب كشف الجبهة ومباشرتها بالمصلّى، وعدم جواز السّجود على كمّه وذيله ويده وكور عمامته أو قلنسوته وغير ذلك ممّا هو متّصل به، ويتحرّك بحركته لقولـه صلى الله عليه وسلم: « إذا سجدت فمكّن جبهتك من الأرض » الحديث، ولما روي عن خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه قال: « أتينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه حرّ الرّمضاء فلم يشكنا »، وفي رواية: « فما أشكانا ». وقال المالكيّة: السّجود على الجبهة فرض، ويكره السّجود على كور عمامته إن كان لفّتين من شال رقيق كشاش ولا يعيد الصّلاة، فإن كان أكثر من لفّتين واستقرّت عليه الجبهة فيعيد في الوقت وإن كانت العمامة مشدودةً على الرّأس وسجد على كورها ولم تمسّ جبهته الأرض فصلاته باطلة يعيدها أبداً وجوباً. وانظر تفصيل ذلك في مصطلح: (سجود ف 7)، ومصطلح: (صلاة ف 101).
13 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يجوز المسح على العمامة ; لأنّه لا حرج في نزعها. وقال المالكيّة: يجوز المسح على العمامة إن خيف ضرر بسبب نزعها من الرّأس ولم يمكن حلّها، وإن قدر على مسح بعض رأسه مباشرةً مسحه وكمّل على عمامته وجوباً. وقال الشّافعيّة: يجوز المسح على العمامة وإن لبسها على حدث سواء عسر عليه تنحيتها أم لا، ولا يكفي الاقتصار على العمامة بل يمسح بناصيته وعلى العمامة والأفضل أن لا يقتصر على أقلّ من النّاصية، لحديث مسلم عن المغيرة: « أنّه صلى الله عليه وسلم توضّأ فمسح بناصيته وعلى العمامة ». وقال الحنابلة: يجوز المسح على العمامة وبه قال عمر وأنس وأبو أمامة، وروي عن سعيد بن مالك وأبي الدّرداء رضي الله عنهم وبه قال عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة ومكحول والأوزاعيّ وأبو ثور وابن المنذر، قال ابن المنذر: ممّن مسح على العمامة أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه. واستدلّ الحنابلة بما روي عن المغيرة بن شعبة: « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: توضّأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفّين ». وتفصيل ذلك في مصطلح: (مسح، ووضوء).
14 - ذهب أبو حنيفة ومالك إلى استحباب اشتمال الكفن على قميص وعمامة، واعتمد الحنفيّة في ذلك على حديث سعيد بن منصور أنّ ابن عمر كفّن ابنه واقداً في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاث لفائف وأدار العمامة إلى تحت حنكه. وأمّا مالك فقد روي عنه أنّه قال: والرّجل أحبّ إليّ أن يعمّم. قال: إنّ من شأن الميّت عندنا أن يعمّم. وذهب الشّافعيّ وأحمد إلى أنّ الأفضل أن لا يكون في كفن الميّت قميص ولا عمامة، واستدلّوا بقول عائشة رضي الله عنها: « كفّن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحوليّة من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة » متّفق عليه.
15 - العمامة من اللّباس المحرّم في الإحرام، نصّ على ذلك الرّسول صلى الله عليه وسلم في حديث بيّن فيه ما يمنع على المحرم لباسه، فعن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما: « أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه: ما يلبس المحرم من الثّياب ؟ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السّراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلاّ أحد لا يجد نعلين فيلبس خفّين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثّياب شيئاً مسّه زعفران أو ورس ». قال النّوويّ: نبّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالعمائم والبرانس على كلّ ساتر للرّأس مخيطاً كان أو غيره حتّى العصابة فإنّها حرام، فإن احتاج إليها لشجّة أو صداع أو غيرهما شدّها، ولزمته الفدية.
16 - التّعزير عقوبة فيما لا حدّ ولا كفّارة، يجتهد القاضي في تقديرها. وممّا يعزّر به خلع العمامة، قال ابن شاس: كانوا يعاقبون الرّجل على قدره وقدر جنايته، منهم من يضرب ومنهم من يحبس، ومنهم من يقام واقفاً على قدميه في المحافل، ومنهم من تنزع عمامته، ومنهم من يحلّ إزاره.
1 - العمد في اللّغة: قصد الشّيء والاستناد إليه، وهو المقصود بالنّيّة يقال: تعمّد وتعمّد له وعمد إليه وله، أي قصده. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
أ - القصد: 2 - يقال: قصدت الشّيء وله وإليه قصداً: إذا طلبته بعينه، وقصد الأمر: توجّه إليه عامداً، والمقصد: موضوع القصد، وقصد في الأمر: توسّط ولم يجاوز الحدّ فيه، وقصد الطّريق: أي: استقام. والقصد أعمّ من العمد. ب - العزم: 3 - العزم في اللّغة: عقد القلب على إمضاء الأمر، يقال: عزم فلان عزماً أي: جدّ وصبر، وعزم الأمر أي: عقد نيّته وضميره على فعله. ج - الخطأ: 4 - الخطأ في اللّغة: ضدّ الصّواب وهو اسم من أخطأ فهو مخطئ، يقال لمن يذنب على غير عمد، ولمن أراد الصّواب فصار إلى غيره، قال الرّاغب الأصفهانيّ: الخطأ العدول عن الجهة. والخطأ في الاصطلاح: فعل يصدر من الإنسان بلا قصد إليه عند مباشرة أمر مقصود سواه
وردت الأحكام المتعلّقة بالعمد في أبواب من كتب الفقه، منها: أ - في الصّلاة: 5 - ذهب الفقهاء إلى أنّ المصلّي إذا ترك ركناً من أركان الصّلاة عمداً أو انتقل إلى ما بعده بطلت صلاته، وكذا إن تكلّم في صلاته أو أكل أو شرب عمداً. وفي المسألة تفصيل ينظر في مصطلح: (صلاة ف 107 وما بعدها). ب - في الصّوم: 6 - لو أكل الصّائم أو شرب أو باشر أهله عامداً أفطر بالإجماع. وتفصيل ذلك في مصطلح: (صوم ف 37 وما بعدها). ج - في الجنايات: 7 - القتل العمد محرّم بالإجماع مستوجب للقصاص والنّار كما جاء في قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا }. وقد اختلفوا في قبول توبة قاتل العمد: فذهب جمهور فقهاء المذاهب الأربعة إلى قبول توبته، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ ََلا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَََلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إََِلا بِالْحَقِّ وَََلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً، إََِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ }. وقولـه تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } ; ولأنّ الكفر أعظم من قتل العمد بإجماع الفقهاء فإذا قبلت التّوبة منه فقبول التّوبة من القتل أولى. وذهب جماعة من علماء السّلف ومنهم ابن عبّاس رضي الله عنهما إلى أنّه ليس لقاتل العمد توبة، لقوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }. د - في الرّدّة: 8 - ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا فعل الإنسان ما يكفر به عمداً أو قال قولاً يخرجه عن الملّة عمداً فقد ارتدّ وتجرى عليه أحكام المرتدّ. والتّفصيل في مصطلح: (ردّة ف 10 وما بعدها). هـ - في الطّلاق: 9 - اتّفق الفقهاء على وقوع الطّلاق ممّن يتعمّده، فإن مرّ لفظ الطّلاق بلسان نائم أو تلفّظ به من زال عقله بسبب لم يعص اللّه فيه أو سبق لسانه إلى لفظ الطّلاق أو تلفّظ بالطّلاق حاكياً كلام غيره أو كرّر الفقيه لفظ الطّلاق في الدّرس فلا يقع الطّلاق في هذه المسائل كلّها. و - الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عمداً: 10 - أجمع الفقهاء على أنّ تعمّد الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار ». وقوله صلى الله عليه وسلم: « إنّ من أعظم الفرى أن يدعى الرّجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ». ولكنّهم اختلفوا في كفر من تعمّد الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: فقال الذّهبيّ وابن حجر الهيتميّ: ذهبت طائفة من العلماء إلى أنّ الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كفر ينقل عن الملّة، ولا ريب أنّ تعمّد الكذب على اللّه ورسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنّما الكلام في الكذب عليه فيما سوى ذلك. واتّفق العلماء على أنّه لا تقبل رواية متعمّد الكذب في حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أبداً وإن تاب وحسنت طريقته تغليظاً عليه وزجراً عن الكذب على النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعظم مفسدته فإنّه يصير شرعاً مستمرّاً إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره صلى الله عليه وسلم فإنّ مفسدته ليست عامّةً بل تكون قاصرةً. ز - حلف اليمين كذباً عمداً: 11 - أجمع الفقهاء على أنّ حلف اليمين كذباً عمداً حرام من كبائر الذّنوب، لقول اللّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. وقوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي اللّه وهو عليه غضبان ». ولما رواه عبد اللّه بن عمرو رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: « الكبائر: الإشراك باللّه، وعقوق الوالدين، وقتل النّفس، واليمين الغموس ». واليمين الّتي يتعمّد فيها الكذب سمّيت غموساً ; لأنّها تغمس الحالف في الإثم في الدّنيا وتغمسه في النّار يوم القيامة. وقال ابن قدامة: الكذب حرام فإذا كان محلوفاً عليه كان أشدّ في التّحريم، وإن أبطل به حقّاً أو اقتطع به مال معصوم كان أشدّ. راجع مصطلح: (أيمان ف 108 - 114). ح - الحنث في اليمين عمداً: 12 - تعمّد الحنث في اليمين تجري عليه الأحكام الخمسة: فقد يكون الحنث واجباً وذلك إذا كان الحلف على ترك واجب عينيّ أو على فعل محرّم، فإذا حلف مثلاً على أن لا يصلّي إحدى الصّلوات الخمس المفروضة وجب عليه الحنث. وقد يكون الحنث مندوباً وذلك إذا حلف على ترك مندوب كسنّة الضّحى أو على فعل مكروه كأن يلتفت بوجهه في الصّلاة فيندب الحنث وقد يكون الحنث مباحاً وذلك إذا حلف على ترك مباح أو فعله كدخول دار وأكل طعام معيّن ولبس ثوب فقال بعض الفقهاء: الأفضل في هذا ترك الحنث لما فيه من تعظيم اللّه تعالى. وقد يكون الحنث حراماً وذلك إذا حلف على فعل واجب أو ترك حرام فعليه أن ينفذ ما حلف عليه لقولـه تعالى: {وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }. وقد يكون تعمّد الحنث مكروهاً وذلك إذا حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه للأحاديث السّابقة. وتفصيل ذلك في مصطلح: (حنث ف 6).
1 - العُمْرى لغةً: بضمّ العين وسكون الميم وألف مقصورة: ما تجعله للرّجل طول عمرك أو عمره، وقال ثعلب: العمرى: أن يدفع الرّجل إلى أخيه داراً فيقول: هذه لك عمرك أو عمري أيّنا مات دفعت الدّار إلى أهله. وفي الاصطلاح: عرّفها الحنفيّة، والحنابلة بأنّها جعل المالك شيئاً يملكه لشخص آخر عمر أحدهما. وعرّفها المالكيّة والشّافعيّة: بأنّها جعل المالك شيئاً يملكه لشخص آخر عمر هذا الشّخص.
أ - الإعارة: 2 - الإعارة تمليك منفعة مؤقّتة بلا عوض. والفرق بينهما أنّ العمرى مقيّدة بالعمر. ب - العريّة: 3 - أن يهب له ثمر نخلة أو ثمر شجرة دون أصلها فالعريّة تنفرد بأنّها بثمر، وأمّا العمرى فهي بثمر وبغيره مدّة العمر. ج - المنحة: 4 - المنحة أن يعطيه شاةً أو بقرةً أو ناقةً يحلبها في أيّام اللّبن ثمّ تعود إلى ربّها فالمنحة خاصّة بلبن شاة أو بقرة أو ناقة وليس كذلك العمرى. د - الرّقبى: 5 - الرّقبى في اللّغة من المراقبة، يقال أرقبت زيداً الدّار إرقاباً، والاسم الرّقبى ; لأنّ كلّ واحد من طرفيها يرقب موت صاحبه لتبقى له. وفي الاصطلاح: عند جمهور الفقهاء هي أن يقول الشّخص أرقبتك الدّار مثلاً أو هي لك رقبى مدّة حياتك على أنّك إن متّ قبلي عادت إليّ وإن متّ قبلك فهي لك ولعقبك. وقال المالكيّة: هي أن يقول الرّجل للآخر إن متّ قبلي فدارك لي وإن متّ قبلك فداري لك.
6 - ذهب الفقهاء في الجملة إلى جواز العمرى لقوله صلى الله عليه وسلم: « من أعمر عمرى فهي للّذي أعمرها حيّا وميّتاً ولعقبه ». ولقولـه صلى الله عليه وسلم: « العمرى جائز لأهلها ». والعمرى نوع من الهبة يفتقر إلى ما يفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض، أو ما يقوم مقام ذلك. 7- وقد اختلف الفقهاء في كون العمرى تمليك عين أو منفعة: فقال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة: إنّها تمليك عين في الحال، وتنقل إلى المعمر لما روى جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: « أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنّه من أعمر عمرى فهي للّذي أعمرها حيّاً وميّتاً ولعقبه » وفي لفظ: « قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالعمرى أنّها لمن وهبت له ». وقال المالكيّة واللّيث: إنّه ليس للمُعْمَر فيها إلاّ المنفعة فإذا مات عادت إلى المعمِر، لما روى يحيى بن سعيد عن عبد الرّحمن بن القاسم قال: سمعت مكحولاً يسأل القاسم بن محمّد عن العمرى ما يقول النّاس فيها ؟ فقال القاسم: ما أدركت النّاس إلاّ على شروطهم في أموالهم وما أعطوا. وقال إبراهيم بن إسحاق الحربيّ عن ابن العربيّ: لم يختلف العرب في العمرى والرّقبى والمنحة ونحوها أنّها على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له ; ولأنّ التّمليك لا يتأقّت كما لو باعه إلى مدّة فإذا كان لا يتأقّت حمل قوله على تمليك المنافع ; لأنّه يصلح توقيته. وفصّل الشّافعيّة، فقالوا: للعمرى ثلاثة أحوال: أحدها: إذا قال الرّجل: أعمرتك هذه الدّار فإذا متّ فهي لورثتك أو لعقبك فيصحّ وهي الهبة بعينها، فإذا مات فالدّار لورثته فإن لم يكونوا فلبيت المال، ولا تعود إلى الواهب بحال. الثّاني: يقتصر على قوله: جعلتها لك عمرك لم يتعرّض لما سواه ففيه قولان: أظهرهما وهو الجديد: أنّه يصحّ وله حكم الهبة، وفي القديم: أنّه باطل. الثّالث: أن يقول جعلتها لك عمرك فإذا متّ عادت إليّ أو إلى ورثتي إن كنت متّ، فالأصحّ أنّ ذلك هبة إلغاء للشّرط الفاسد، مقابل الأصحّ بطلان العقد لفساد الشّرط. وأمّا الحنابلة فلم يفرّقوا بين هذه الكلمات حتّى قال البهوتيّ: فتصحّ الهبة في جميع ما تقدّم وهي أمثلة العمرى، وتكون العين الموهوبة للمعمر ولورثته من بعده إن كانوا، فإن لم يكن له ورثة فلبيت المال كسائر الأموال المتخلّفة.
1 - العُمْرة: بضمّ العين وسكون الميم لغةً: الزّيارة، وقد اعتمر إذا أدّى العمرة، وأعمره: أعانه على أدائها. واصطلاحاً عرّفها جمهور الفقهاء بأنّها الطّواف بالبيت والسّعي بين الصّفا والمروة بإحرام.
الحجّ: 2 - الحجّ في اللّغة: القصد، أو القصد إلى معظّم. وفي الاصطلاح: عرّفه الدّردير بأنّه الوقوف بعرفة والطّواف بالكعبة والسّعي بين الصّفا والمروة محرماً بنيّة الحجّ. والصّلة بين العمرة والحجّ وثيقة، فالحجّ يتضمّن أعمال العمرة ويزيد عليها بأشياء كالوقوف بعرفة، والمبيت بمنًى وغير ذلك من أعمال الحجّ.
3 - ذهب المالكيّة وأكثر الحنفيّة إلى أنّ العمرة سنّة مؤكّدة في العمر مرّةً واحدةً. وذهب بعض الحنفيّة إلى أنّها واجبة في العمر مرّةً واحدةً على اصطلاح الحنفيّة في الواجب. والأظهر عند الشّافعيّة وهو المذهب عند الحنابلة أنّ العمرة فرض في العمر مرّةً واحدةً، ونصّ أحمد على أنّ العمرة لا تجب على المكّيّ ; لأنّ أركان العمرة معظمها الطّواف بالبيت وهم يفعلونه فأجزأ عنهم. استدلّ الحنفيّة والمالكيّة على سنّيّة العمرة بأدلّة منها: حديث جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال: « سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي ؟ قال: لا، وأن تعتمروا هو أفضل ». وبحديث طلحة بن عبيد اللّه رضي الله عنه: « الحجّ جهاد والعمرة تطوّع ». واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة على فرضيّة العمرة بقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ } أي: افعلوهما تامّين، فيكون النّصّ أمراً بهما فيدلّ على فرضيّة الحجّ والعمرة. وبحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: « قلت: يا رسول اللّه هل على النّساء جهاد ؟ قال: نعم، عليهنّ جهاد لا قتال فيه: الحجّ والعمرة ».
4 - ورد في فضل العمرة أحاديث كثيرة منها: ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: « العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة ». وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: « الحجّاج والعمّار وفد اللّه، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم ».
5 - تتأدّى العمرة على ثلاثة أوجه وهي: أ - إفراد العمرة: وذلك بأن يحرم بالعمرة أي: ينويها ويلبّي - دون أن يتبعها بحجّ - في أشهر الحجّ، أو يحجّ ثمّ يعتمر بعد الحجّ، أو يأتي بأعمال العمرة في غير أشهر الحجّ فهذه كلّها إفراد للعمرة. ب - التّمتّع: وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجّ ويأتي بأعمالها ويتحلّل، ثمّ يحجّ، فيكون متمتّعاً ويجب عليه هدي التّمتّع بالشّروط المقرّرة للتّمتّع. ر: (تمتّع ف 7 وحجّ ف 37). ج - القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحجّ معاً في إحرام واحد، فيأتي بأفعالهما مجتمعين، وتدخل أفعال العمرة في الحجّ عند الجمهور، ويجزئه لهما طواف واحد وسعي واحد عندهم، ويظلّ محرماً حتّى يتحلّل بأعمال يوم النّحر في الحجّ. ومذهب الحنفيّة: أنّ القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، طواف وسعي لعمرته، ثمّ طواف وسعي لحجّه، ولا يتحلّل بعد أفعال العمرة، بل يظلّ محرماً أيضاً حتّى يتحلّل تحلّل الحجّ. ر: (قران، وحجّ ف 37 ب). وكيفما أدّى العمرة على أيّ وجه من هذه الوجوه تجزئ عنه، ويتأدّى فرضها عند القائلين بفرضيّتها كما تتأدّى سنّيّتها على القول بسنّيّتها. قال ابن قدامة في المغني: وتجزئ عمرة المتمتّع وعمرة القارن، والعمرة من أدنى الحلّ عن العمرة الواجبة، ولا نعلم في إجزاء عمرة التّمتّع خلافاً، كذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما وعطاء وطاوس ومجاهد، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم. وروي عن أحمد أنّ عمرة القارن لا تجزئ، وهو اختيار أبي بكر، وعن أحمد: أنّ العمرة من أدنى الحلّ لا تجزئ عن العمرة الواجبة، وقال: إنّما هي من أربعة أميال، واحتجّ على أنّ عمرة القارن لا تجزئ بأنّ عائشة رضي الله عنها حين حاضت أعمرها من التّنعيم، فلو كانت عمرتها في قرانها أجزأتها لما أعمرها بعدها. واستدلّ ابن قدامة بقول الصّبيّ بن معبد: إنّي وجدت الحجّ والعمرة مكتوبين عليّ فأهللت بهما، فقال عمر: هديت لسنّة نبيّك. وهذا يدلّ على أنّه أحرم بهما يعتقد أداء ما كتبه اللّه عليه منهما والخروج عن عهدتهما، فصوّبه عمر وقال: هديت لسنّة نبيّك. وبحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لها لمّا جمعت بين الحجّ والعمرة: « يجزئ عنك طوافك بالصّفا والمروة عن حجّك وعمرتك »، وقال ابن قدامة: وإنّما أعمرها النّبيّ صلى الله عليه وسلم من التّنعيم قصداً لتطييب قلبها وإجابة مسألتها، لا لأنّها كانت واجبةً عليها، ثمّ إن لم تكن أجزأتها عمرة القران فقد أجزأتها العمرة من أدنى الحلّ، وهو أحد ما قصدنا الدّلالة عليه ; ولأنّ الواجب عمرة واحدة وقد أتى بها صحيحةً فتجزئه كعمرة المتمتّع ; ولأنّ عمرة القارن أحد نسكي القران فأجزأت كالحجّ، والحجّ من مكّة يجزئ في حقّ المتمتّع، فالعمرة من أدنى الحلّ في حقّ المفرد - للعمرة – أولى.
6 - من أراد العمرة فإنّه يستعدّ للإحرام بالعمرة متى بلغ الميقات أو اقترب منه إن كان آفاقيّاً، أو يحرم من حيث أنشأ أي: من حيث يشرع في التّوجّه للعمرة إن كان ميقاتيّاً، أي يسكن أو ينزل في المواقيت أو ما يحاذيها، أو في المنطقة الّتي بينها وبين الحرم. أمّا إن كان مكّيّاً أو حرميّاً أو مقيماً أو نازلاً في مكّة أو في منطقة الحرم حول مكّة فإنّه يخرج من الحرم إلى أقرب مناطق الحلّ إليه، فيحرم بالعمرة متى جاوز الحرم إلى الحلّ ولو بخطوة. 7- والاستعداد للإحرام أن يفعل ما يسنّ له، وهو: الاغتسال والتّنظّف وتطييب البدن، ثمّ يصلّي ركعتين سنّة الإحرام، وتجزئ عنهما صلاة المكتوبة، ثمّ ينوي بعدهما العمرة، بنحو: " اللّهمّ إنّي أريد العمرة فيسّرها لي وتقبّلها منّي إنّك أنت السّميع العليم "، ثمّ يلبّي قائلاً: " لبّيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك " وبهذا يصبح محرماً أي: داخلاً في العمرة، وتحرم عليه محظورات الإحرام، ويستمرّ يلبّي حتّى يدخل مكّة ويشرع في الطّواف. 8- فإذا دخل المعتمر مكّة بادر إلى المسجد الحرام، وتوجّه إلى الكعبة المعظّمة بغاية الخشوع والاحترام، ويبدأ بالطّواف من الحجر الأسود، فيطوف سبعة أشواط طواف ركن العمرة، فينويه ويستلم الحجر في ابتداء الطّواف، ويقبّله إن لم يخش الزّحام أو إيذاء أحد ويكبّر وإلاّ أشار إليه وكبّر، ويقطع التّلبية باستلام الحجر في ابتداء الطّواف أو الإشارة إليه، وكلّما مرّ بالحجر استلمه وقبّله أو أشار إليه. 9- ويسنّ له أن يضطبع في أشواط طوافه هذا كلّها، والاضطباع أن يجعل وسط الرّداء تحت إبطه اليمنى، ويردّ طرفيه على كتفه اليسرى ويبقي كتفه اليمنى مكشوفةً، كما يسنّ للرّجل الرّمل في الأشواط الثّلاثة الأولى، ويمشي في الباقي، وليكثر المعتمر من الدّعاء والذّكر في طوافه كلّه. 10 - ثمّ إذا فرغ من طوافه يصلّي ركعتي الطّواف ثمّ يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله إن تيسّر ويكبّر أو يشير إليه ويكبّر، ويذهب إلى الصّفا، ويقرأ الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }. ويبدأ السّعي بين الصّفا والمروة من الصّفا، فيرقى على الصّفا حتّى يرى الكعبة المعظّمة، فيقف متوجّهاً إليها ويهلّل ويكبّر ويدعو ثمّ ينزل متوجّهاً إلى المروة ويسرع الرّجل بين الميلين الأخضرين، ثمّ يمشي المعتمر حتّى يبلغ المروة، فيقف عليها يذكر ويدعو بمثل ما فعل على الصّفا، ثمّ ينزل فيفعل كما في الشّوط الأوّل حتّى يتمّ سبعة أشواط تنتهي على المروة، وليكثر من الدّعاء والذّكر في سعيه، ثمّ إذا فرغ المعتمر من سعيه حلق رأسه أو قصّره وتحلّل بذلك من إحرامه تحلّلاً كاملاً، ويمكث بمكّة حلالاً ما بدا له. 11 - ثمّ عليه طواف الوداع إذا أراد السّفر من مكّة - ولو كان مكّيّاً - وجوباً عند الشّافعيّة وسنّةً عند المالكيّة، ويجب عليه طواف الوداع عند الحنابلة إلاّ إن كان مكّيّاً أو منزلـه في الحرم، فلا يجب عليه الوداع، أمّا الحنفيّة فلا يجب عندهم طواف الوداع على المعتمر لكن يستحبّ خروجاً من الخلاف ; لأنّ طواف الوداع عندهم من مناسك الحجّ، شرع ليكون آخر عهده بالبيت.
12 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ أركان العمرة ثلاثة هي: الإحرام والطّواف والسّعي، وهو مذهب المالكيّة والحنابلة، وقال بركنيّتها الشّافعيّة، وزادوا ركناً رابعاً هو: الحلق. ومذهب الحنفيّة أنّ الإحرام شرط للعمرة، وركنها واحد هو: الطّواف.
13 - الإحرام بالعمرة عند الجمهور هو نيّة العمرة. وعند الحنفيّة: نيّة العمرة مع الذّكر أو الخصوصيّة. ومرادهم بالذّكر: التّلبية ونحوها ممّا فيه تعظيم اللّه تعالى، والمراد بالخصوصيّة: ما يقوم مقام التّلبية من سوق الهدي أو تقليد البدن. ويشترط في الإحرام مقارنته بالتّلبية عند أبي حنيفة ومحمّد، والتّلبية شرط عند ابن حبيب من المالكيّة، فلا يصحّ الإحرام بدون التّلبية أو ما يقوم مقامها عندهم. والجمهور على أنّ التّلبية ليست شرطاً، فقال المالكيّة: هي واجبة في الأصل، والسّنّة قرنها بالإحرام، وقال الشّافعيّة والحنابلة: إنّها سنّة في الإحرام مطلقاً. وصيغة التّلبية هي: لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك. 14 - يجب في العمرة الإحرام من الميقات، وتجنّب محظورات الإحرام
الميقات قسمان: ميقات زمانيّ، وميقات مكانيّ:
15 - ذهب الفقهاء إلى أنّ ميقات العمرة الزّمانيّ هو جميع العام لغير المشتغل بالحجّ، فيصحّ أن يحرم بها الإنسان ويفعلها في جميع السّنة، وهي أفضل في شهر رمضان منها في غيره، لما سيأتي. وذهب الحنفيّة في ظاهر الرّواية إلى أنّ العمرة تكره تحريماً يوم عرفة، وأربعة أيّام بعده، واستدلّوا بقول عائشة رضي الله عنها: " حلّت العمرة في السّنة كلّها إلاّ في أربعة أيّام: يوم عرفة ويوم النّحر ويومان بعد ذلك ". ولأنّ هذه الأيّام أيّام شغل بالحجّ، والعمرة فيها تشغلهم عن ذلك، وربّما يقع الخلل فيه فتكره.
أ - ميقات الآفاقيّ: 16 - والآفاقيّ: هو من منزله خارج منطقة المواقيت، ومواقيت الآفاقيّ هي: ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مرّ بها، والجحفة لأهل الشّام ومن جاء من قبلها كأهل مصر والمغرب، ويحرمون الآن من رابغ قبل الجحفة بقليل، وقرن المنازل " ويسمّى الآن السّيل " لأهل نجد، ويلملم لأهل اليمن وتهامة والهند، وذات عرق لأهل العراق وسائر أهل المشرق. ب - الميقاتيّ: 17 - والميقاتيّ: هو من كان في مناطق المواقيت أو ما يحاذيها أو ما دونها إلى مكّة. وهؤلاء ميقاتهم من حيث أنشئوا العمرة وأحرموا بها، إلاّ أنّ الحنفيّة قالوا: ميقاتهم الحلّ كلّه، والمالكيّة قالوا: يحرم من داره أو مسجده لا غير، والشّافعيّة والحنابلة قالوا: ميقاتهم القرية الّتي يسكنونها لا يجاوزونها بغير إحرام. ج - الحرميّ: 18 - والحرميّ وهو المقيم بمنطقة الحرم والمكّيّ ومن كان نازلاً بمكّة أو الحرم، هؤلاء ميقاتهم للإحرام بالعمرة الحلّ، فلا بدّ أن يخرجوا للعمرة عن الحرم إلى الحلّ ولو بخطوة واحدة يتجاوزون بها الحرم إلى الحلّ. والتّفصيل في مصطلح: (إحرام ف 39 - 52 - 53). والدّليل على تحديد هذه المواقيت للإحرام بالعمرة السّنّة والإجماع، فمن السّنّة حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما: « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشّام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هنّ لهنّ، ولمن أتى عليهنّ من غيرهنّ ممّن أراد الحجّ والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتّى أهل مكّة من مكّة ». وأمّا الإجماع فقال النّوويّ: إذا انتهى الآفاقيّ إلى الميقات وهو يريد الحجّ أو العمرة أو القران حرم عليه مجاوزته غير محرم بالإجماع. وأمّا ميقات الحرميّ والمكّيّ للعمرة فقد خصّ من الحديث السّابق بما ورد عن عائشة رضي الله عنها في قصّة حجّها قالت: « يا رسول اللّه، أتنطلقون بعمرة وحجّة وأنطلق بالحجّ ؟ فأمر عبد الرّحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التّنعيم فاعتمرت بعد الحجّ في ذي الحجّة ».
19 - محظورات الإحرام للعمرة هي محظورات الإحرام للحجّ، منها: أ - يحرم على الرّجل: لبس المخيط وكلّ ما نسج محيطاً بالجسم أو ببعض الأعضاء كالجوارب، ويحرم عليه وضع غطاء على الرّأس وتغطية وجهه، ولبس حذاء يبلغ الكعبين. ب - يحرم على المرأة المحرمة ستر الوجه بستر يلامس البشرة، ولبس قفّازين، وتلبس سوى ذلك لباسها العاديّ. ج - يحرم على الرّجال والنّساء الطّيب وأي شيء فيه طيب، وإزالة الشّعر من الرّأس ومن أيّ موضع في الجسم، واستعمال الدّهن المليّن للشّعر أو الجسم - ولو غير مطيّب - وتقليم الأظفار، والصّيد والجماع ودواعيه المهيّئة له، والرّفث " أي: المحادثة بشأنه " وليجتنب المحرمون الفسوق أي: مخالفة أحكام الشّريعة، وكذا الجدال بالباطل. ويجب في ارتكاب شيء من محظورات الإحرام الجزاء، وفي الجماع خاصّةً فساد العمرة والكفّارة والقضاء، عدا ما حرم من الرّفث والفسوق والجدال ففيها الإثم والجزاء الأخرويّ فقط. انظر مصطلح: (إحرام: ف 145 - 185).
20 - يكره في إحرام العمرة ما يكره في إحرام الحجّ، مثل تمشيط الرّأس أو حكّه بقوّة، وكذا حكّ الجسد حكّاً شديداً، والتّزيّن. ر: (إحرام ف 95 - 98).
21 - يسنّ في الإحرام للعمرة أربع خصال هي: الاغتسال، وتطييب البدن لا الثّوب، وصلاة ركعتين، يفعل هذه الثّلاثة قبل الإحرام. ثمّ التّلبية عقب النّيّة، والتّلبية فرض في الإحرام عند الحنفيّة خلافاً للجمهور. ر: (إحرام ف 108 - 116) ويسنّ للمعتمر أن يكثر من التّلبية منذ نيّة الإحرام بالعمرة إلى بدء الطّواف باستلام الحجر الأسود عند الجمهور، وقال المالكيّة: المعتمر الآفاقيّ يلبّي حتّى يبلغ الحرم، لا إلى رؤية بيوت مكّة، والمعتمر من الجعرانة أو من التّنعيم يلبّي إلى دخول بيوت مكّة.
22 - الطّواف بالكعبة المعظّمة ركن في العمرة، وفرضه سبعة أشواط عند الجمهور، وقال الحنفيّة: الأربعة فرض، والثّلاثة الباقية واجبة. ويشترط في هذا الطّواف: سبق الإحرام بالعمرة، ثمّ سائر شروط الطّواف العامّة، وهي: أصل نيّة الطّواف، ووقوع الطّواف حول الكعبة، وأن يشمل الحِجْر - أي الحطيم - والتّيامن، والطّهارة من الأحداث والأنجاس وستر العورة. وهذه كلّها شروط عند الجمهور، وجعل الحنفيّة شمول الطّواف للحجر وما ذكر بعده واجبات في الطّواف. واشترط المالكيّة والحنابلة موالاة أشواط الطّواف، وهي عند الحنفيّة والشّافعيّة سنّة. ويجب في طواف العمرة: المشي للقادر عليه، وركعتان بعد الطّواف، وقال الشّافعيّة: كلا هذين سنّة. ويسنّ في طواف العمرة: الرّمل في الأشواط الثّلاثة الأولى، ثمّ يمشي في الباقي، والاضطباع فيه كلّه، وهذان للرّجال دون النّساء ; لأنّهما سنّتان في كلّ طواف بعده سعي، وهذا طواف بعده سعي، ويسنّ ابتداء الطّواف قبل الحجر الأسود بقليل، واستقبال الحجر، واستلامه وتقبيله إن تيسّر وإلاّ استقبله وأشار إليه بيديه، واستلام الرّكن اليمانيّ والدّعاء. وتفصيل ذلك في مصطلح: (طواف ف 12 وما بعدها).
23 - السّعي بين الصّفا والمروة ركن في العمرة عند المالكيّة والشّافعيّة ورواية عند الإمام أحمد، وهو واجب عند الحنفيّة وهو الرّاجح عند الحنابلة. وأحكام السّعي في العمرة هي أحكام السّعي في الحجّ فيشترط فيه سبق الإحرام بالعمرة، وأن يسبقه الطّواف، وأن يبدأ السّعي بالصّفا فالمروة، فلو عكس لغا الشّوط واحتسب من عند الصّفا. وركن السّعي سبعة أشواط عند الجمهور، وأربعة عند الحنفيّة والباقي واجب عندهم. ويجب المشي في السّعي على القادر عليه عند الحنفيّة والمالكيّة، ويسنّ عند الشّافعيّة والحنابلة. وتسنّ الموالاة بين السّعي والطّواف، ونيّة السّعي، والسّعي الشّديد بين الميلين الأخضرين، كما تسنّ الموالاة بين أشواط السّعي عند الجمهور، وهي شرط لصحّة السّعي عند المالكيّة. وللتّفصيل انظر مصطلح: (سعي ف 5 وما بعدها).
24 - شروط فرضيّة العمرة عند القائلين بفرضيّتها هي شروط فرضيّة الحجّ، وكذا على القول بوجوبها وسنّيّتها. فيشترط لفرضيّة العمرة: العقل والإسلام والبلوغ والحرّيّة والاستطاعة، والاستطاعة شرط لفرضيّة العمرة فقط، لكن لا يتوقّف عليها سقوط الفرض عند من يقول بفرضيّة العمرة أو وجوبها، فلو اعتمر من لم تتوفّر فيه شروط الاستطاعة صحّت عمرته وسقط الفرض عنه. وتتلخّص الاستطاعة في ملك الزّاد والقدرة على آلة الرّكوب، وذلك بالنّسبة للرّجال والنّساء. وتختصّ النّساء بشرطين آخرين وهما: مصاحبة الزّوج أو المحرم، وعدم العدّة. ويجزئ عند الشّافعيّة رفقة نساء ثقات عوضاً عن المحرم أو الزّوج في سفر الفرض. أمّا البلوغ والحرّيّة فهما شرطان لوجوب العمرة وإجزائها عن الفرض، فلو اعتمر الصّبيّ أو العبد صحّت عمرتهما، ولم يسقط فرضها عنهما عند البلوغ أو العتق. وأمّا العقل والإسلام: فهما شرطان لوجوب العمرة وصحّتها، فلا تجب العمرة على كافر، ولا مجنون ولا تصحّ منهما، لكن يجوز أن يحرم بالعمرة عن المجنون وليّه ويؤدّي المناسك عنه، ويجنّبه محظورات الإحرام وهكذا، لكن لا يصلّي عنه ركعتي الإحرام أو الطّواف، بل تسقطان عنه عند الحنفيّة والمالكيّة، أمّا عند الشّافعيّة فيصلّيهما عنه، وهو ظاهر كلام الحنابلة. ر: (إحرام ف 135 وحجّ ف 104 - 106).
25 - يجب في العمرة أمران: الأوّل: السّعي بين الصّفا والمروة عند الحنفيّة والحنابلة، وقال غيرهم: هو ركن. الثّاني: الحلق أو التّقصير عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، وقال الشّافعيّة في الرّاجح عندهم: إنّه ركن. والقدر الواجب هو حلق شعر جميع الرّأس أو تقصيره عند المالكيّة والحنابلة، وربع الرّأس على الأقلّ عند الحنفيّة، وثلاث شعرات على الأقلّ عند الشّافعيّة. والحلق للرّجال أفضل في العمرة إلاّ للمتمتّع، فالتّقصير له أفضل، لكي يبقي شعراً يأخذه في الحجّ. والسّنّة للنّساء التّقصير فقط، ويكره الحلق في حقّهنّ ; لأنّه مثلة.
26 - يسنّ في العمرة ما يسنّ في الأفعال المشتركة بينها وبين الحجّ: في الإحرام والطّواف، والسّعي، والحلق.
27 - يمنع في العمرة مخالفة أحكامها بحسب الحكم الّذي تقع المخالفة له. فمحرّمات العمرة: هي ترك شيء من أركانها، فيحرم ترك شيء من الطّواف، أو السّعي أو الحلق، على القول بركنيّتهما، ولا يتحلّل من إحرام العمرة حتّى يتمّ ما تركه. ومكروهات العمرة: ترك واجب من واجباتها، وترك الواجب مكروه كراهة تحريم عند الحنفيّة، وعند غيرهم حرام، والمعنى واحد ; لأنّه يلزم الإثم عند الجمع، ويلزم الدّم عند الحنفيّة وغيرهم. ويكره ترك سنّة من السّنن، ولا تسمّى كراهة تحريم، ولا يلزم جزاء بتركها.
28 - يباح في العمرة كلّ ما لا يخلّ بأحكامها، وخصوصاً أحكام الإحرام الّتي سبقت.
29 - تندب العمرة في شهر رمضان، صرّح بذلك الحنفيّة، لما ثبت في الحديث عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: « ما منعك أن تحجّي معنا ؟ قالت: لم يكن لنا إلاّ ناضحان، فحجّ أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحاً ننضح عليه، قال: فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإنّ عمرةً فيه تعدل حجّةً » وفي رواية: « تقضي حجّةً، أو حجّةً معي ».
30 - اختلف الفقهاء في أيّ الحلّ أفضل للإحرام بالعمرة لمن كان بمكّة أو الحرم. فعند الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة أنّ الإحرام من التّنعيم أفضل لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرّحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التّنعيم، فهو أفضل تقديماً لدلالة القول على دلالة الفعل. وقال الحنابلة يلي الإحرام من التّنعيم في الأفضليّة الإحرام من الجعرانة ثمّ الحديبية. وقال الشّافعيّة والحنابلة في وجه: الإحرام من الجعرانة أفضل، ثمّ من التّنعيم ثمّ من الحديبية لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أحرم من الجعرانة وأمر عائشة بالاعتمار من التّنعيم وبعد إحرامه بها بذي الحليفة عام الحديبية همّ بالدّخول إليها من الحديبية فصدّه المشركون عنها، فقدّم الشّافعيّ ما فعله صلى الله عليه وسلم ثمّ ما أمر به ثمّ ما همّ به. وقال أكثر المالكيّة: التّنعيم والجعرانة متساويان، لا أفضليّة لواحد منهما على الآخر، وتوجيهه ظاهر، وهو ورود الأثر في كلّ منهما.
31 - يستحبّ الإكثار من العمرة، ولا يكره تكرارها في السّنة الواحدة عند الجمهور - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ومطرّف وابن الماجشون من المالكيّة - وهو قول عليّ وابن عمر وابن عبّاس وأنس وعائشة رضي الله تعالى عنهم وعطاء وطاوس وعكرمة رحمهم الله، وتدلّ لهم الأحاديث الواردة في فضل العمرة، والحثّ عليها، فإنّها مطلقة تتناول تكرار العمرة تحثّ عليه. وفصّل ابن قدامة ما يستحبّ فيه الإكثار فقال: قال عليّ رضي الله عنه في كلّ شهر مرّةً، وكان أنس إذا حمّم رأسه خرج فاعتمر، وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره، وقال عطاء: إن شاء اعتمر في كلّ شهر مرّتين، وقال أحمد: إذا اعتمر فلا بدّ أن يحلق أو يقصّر وفي عشرة أيّام يمكن حلق الرّأس. وقال الشّافعيّ: إن قدر أن يعتمر في الشّهر مرّتين أو ثلاثاً أحببت له ذلك. والمشهور عند المالكيّة: يكره تكرار العمرة في السّنة مرّتين، وهو قول الحسن وابن سيرين، وتندب الزّيادة على المرّة لكن في عام آخر. والمراد بالتّكرار في العام السّنة الهجريّة، فلو اعتمر في ذي القعدة ثمّ في المحرّم لا يكره ; لأنّه اعتمر في السّنة الثّانية. ومحلّ كراهة التّكرار في العام الواحد ما لم يتكرّر دخول مكّة من موضع عليه فيه إحرام، كما لو خرج مع الحجيج ثمّ رجع إلى مكّة قبل أشهر الحجّ، فإنّه يحرم بعمرة ; لأنّ الإحرام بالحجّ قبل أشهره مكروه. وقد استدلّ المالكيّة بأنّه عليه الصلاة والسلام لم يكرّرها في عام واحد مع قدرته على ذلك. ومقابل المشهور عند المالكيّة قول مطرّف وابن الماجشون من جواز التّكرار، بل قال ابن حبيب: لا بأس بها في كلّ شهر مرّةً. وعلى المشهور عندهم من أنّه يكره تكرارها في السّنة الواحدة لو أحرم بثانية انعقد إحرامه إجماعاً، قاله سند وغيره. ويشمل استحباب العمرة واستحباب تكرارها أشهر الحجّ ; لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم اعتمر فيها، وفي ذلك إبطال لزعم الجاهليّة أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور، بل إنّ عمراته صلى الله عليه وسلم - هي أربع - كانت كلّها في أشهر الحجّ كما ثبت عن أنس رضي الله عنه: « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلّهنّ في ذي القعدة إلاّ الّتي مع حجّته: عمرةً من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرةً من العام المقبل في ذي القعدة وعمرةً من جعرانة حيث قسّم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرةً مع حجّته ». ودرءاً لما قد يفهم من تعارض بين هذا وما سبق من أفضليّة العمرة في رمضان قال الكمال ابن الهمام: إنّ رمضان أفضل بتنصيصه صلى الله عليه وسلم على ذلك، وتركه لذلك لاقترانه بأمر يخصّه كاشتغاله بعبادات أخرى في رمضان تبتّلاً، وأن لا يشقّ على أمّته، فإنّه لو اعتمر فيه لخرجوا معه، ولقد كان بهم رحيماً، وقد أخبر في بعض العبادات أنّ تركه لها ; لئلاّ يشقّ عليهم مع محبّته لها كالقيام بهم في رمضان، ومحبّته لأن يسقي بنفسه مع سقاة زمزم ثمّ تركه كي لا يغلبهم النّاس على سقايتهم، ولم يعتمر عليه الصلاة والسلام في السّنة إلاّ مرّةً. وما قاله الكمال يتّفق وما هو مقرّر عند الأصوليّين، من أنّ دلالة القول مقدّمة على دلالة الفعل. لكن استثنى الحنفيّة من ذلك الاعتمار في أشهر الحجّ للمكّيّ، والمقيم بها، ولأهل المواقيت ومن بينها وبين مكّة، فيكره لهؤلاء الاعتمار في أشهر الحجّ عند الحنفيّة ; لأنّ الغالب عليهم أنّهم يحجّون، فيصبحون متمتّعين، ويلزمهم دم جزاءً إن فعلوه عند الحنفيّة. أمّا عند الجمهور فلا حرج عليهم في ذلك ; لأنّهم يجيزون لهم التّمتّع، ويسقطون عنهم دم التّمتّع أيضاً. ر: (تمتّع ف 11 12).
32 - يعتبر المنع من ركن من أركان العمرة بمانع قاهر إحصاراً يبيح التّحلّل من إحرام العمرة، ويتفاوت اعتباره إحصاراً باختلاف المذاهب في أركان العمرة، وفيما يعتبر سبباً للإحصار، وما يترتّب على ذلك من أحكام. انظر: (إحصار ف 12 - 25).
33 - من ترك شيئاً من أركان العمرة كالطّواف أو السّعي - عند القائل بركنيّته - فإنّه يكون قد فعل حراماً، ويجب عليه الإتيان بما تركه، ويظلّ محرماً يجب عليه اجتناب محظورات الإحرام كلّها حتّى يرجع ويأتي بما تركه، ولا تفوت عليه العمرة أبداً ; لأنّه ليس لأركانها وقت معيّن.
34 - لا تفسد العمرة بترك ركن من أركانها، ولا بترك واجب فيها، إلاّ بالجماع قبل التّحلّل من إحرامها، على التّفصيل التّالي: ذهب الحنفيّة إلى أنّه لو جامع قبل أن يؤدّي ركن العمرة - وهو الطّواف أربعة أشواط عندهم - فإنّه تفسد عمرته، أمّا لو وقع المفسد بعد ذلك فلا تفسد العمرة ; لأنّه بأداء الرّكن أمن الفساد. وذهب المالكيّة إلى أنّ المفسد إن حصل قبل تمام سعيها ولو بشوط فسدت، أمّا لو وقع بعد تمام السّعي قبل الحلق فلا تفسد ; لأنّه بالسّعي تتمّ أركانها، والحلق من شروط الكمال عندهم. ومذهب الشّافعيّة والحنابلة أنّه إذا حصل المفسد قبل التّحلّل من العمرة فسدت، والتّحلّل يحصل بالحلق عند الفريقين، وهو ركن عند الشّافعيّة واجب عند الحنابلة. ويجب في إفساد العمرة ما يجب في إفساد الحجّ من الاستمرار فيها، والقضاء، والفداء. 35 - واختلفوا في فداء إفساد العمرة: فمذهب الحنفيّة والحنابلة أنّه يلزمه شاة ; لأنّ العمرة أقلّ رتبةً من الحجّ، فخفّت جنايتها، فوجبت شاة. ومذهب المالكيّة والشّافعيّة أنّه تلزمه بدنة قياساً على الحجّ. أمّا فداء الجماع الّذي لا يفسد العمرة فشاة فقط عند الحنفيّة، وبدنة عند المالكيّة. ر: (إحرام ف 174 - 175).
36 - من ترك واجباً في العمرة، كالسّعي عند الحنفيّة وفي القول الرّاجح عند الحنابلة، وكالحلق عند الجمهور خلافاً للشّافعيّة، فإنّه يأثم بهذا، ويجب عليه الدّم عندهم.
37 - تارك السّنّة يحرم نفسه الثّواب والفضل الّذي أعدّه اللّه لمن أتى بالسّنّة، وصرّح الحنفيّة في تارك السّنّة بكونه مسيئاً، ولا يلزمه جزاء ولا فداء.
38 - ذهب الفقهاء في الجملة إلى أنّه يجوز أداء العمرة عن الغير ; لأنّ العمرة كالحجّ تجوز النّيابة فيها ; لأنّ كلاً من الحجّ والعمرة عبادة بدنيّة ماليّة ولهم في ذلك تفصيل: ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز أداء العمرة عن الغير بأمره ; لأنّ جوازها بطريق النّيابة، والنّيابة لا تثبت إلاّ بالأمر، فلو أمره أن يعتمر فأحرم بالعمرة واعتمر جاز ; لأنّه فعل ما أمر به. وذهب المالكيّة إلى أنّه تكره الاستنابة في العمرة وإن وقعت صحّت. وقال الشّافعيّة: تجوز النّيابة في أداء العمرة عن الغير إذا كان ميّتاً أو عاجزاً عن أدائها بنفسه، فمن مات وفي ذمّته عمرة واجبة مستقرّة بأن تمكّن بعد استطاعته من فعلها ولم يؤدّها حتّى مات، وجب أن تؤدّى العمرة عنه من تركته، ولو أدّاها عنه أجنبيّ جاز ولو بلا إذن كما أنّ له أن يقضي دينه بلا إذن. وتجوز النّيابة في أداء عمرة التّطوّع إذا كان عاجزاً عن أدائها بنفسه، كما في النّيابة عن الميّت. وذهب الحنابلة إلى أنّه لا تجوز العمرة عن الحيّ إلاّ بإذنه ; لأنّها عبادة تدخلها النّيابة، فلم تجز إلاّ بإذنه، أمّا الميّت فتجوز عنه بغير إذنه.
1 - العمريّة - ويعبّر عنها جمهور الفقهاء " بالعمريّتين " لها صورتان لمسألة في الفرائض، أو هما مسألتان اشتهرتا بهذا الاسم نسبةً إلى عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه ; لأنّه أوّل من قضى فيهما، وتسمّيان أيضاً: بالغرّاوين تشبيهاً بالكوكب " الأغرّ " لشهرتهما وبالغريبتين ; لأنّهما لا نظير لهما. وصورتا المسألتين أو المسألة: أ - زوج، وأبوان. ب - أو زوجة وأبوان.
2 - نصيب الأمّ في الفروض المقدّرة في كتاب اللّه تعالى إمّا السّدس أو الثّلث، فتأخذ السّدس في حالتين: أ - إذا كان للميّت ولد، أو ولد ولد. ب - إذا كان معها عدد من الإخوة والأخوات وليس للميّت ولد أو ولد ولد. وتأخذ ثلث التّركة إن لم يكن معها من ذكر وتفرّد الأبوان بالميراث، لقوله تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ }. فإن كان مع الأبوين أحد الزّوجين فإنّ فرض الأمّ لم يرد في القرآن الكريم، وهي المسألة العمريّة. وقد اختلف الصّحابة في فرضها، فذهب أكثر الصّحابة وجمهور الفقهاء إلى أنّ فرضها ثلث ما يبقى بعد فرض الزّوج أو الزّوجة، ففي حالة زوج وأبوين تصحّ المسألة من ستّة فيأخذ الزّوج النّصف وهو ثلاثة، وتأخذ الأمّ ثلث الباقي وهو واحد، ويأخذ الأب الباقي وهو اثنان، وفي زوجة وأبوين تصحّ المسألة من أربعة، فتأخذ الزّوجة الرّبع، وهو واحد، وتأخذ الأمّ ثلث الباقي وهو واحد، وللأب ما بقي هو اثنان، وحجّة الجمهور في هذا: أنّ اللّه سبحانه وتعالى إنّما أعطاها الثّلث كاملاً إذا انفرد الأبوان بالميراث ; لأنّ قوله سبحانه وتعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ } شرط في استحقاق الثّلث عدم الولد، وتفرّدهما بميراثه ; لأنّه لو لم يكن تفرّدهما شرطاً لم يكن في قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ } فائدة، وكان تطويلاً يغني عنه قوله: فإن لم يكن له ولد فلأمّه الثّلث، فلمّا قال: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ } علم أنّ استحقاق الأمّ الثّلث موقوف على الأمرين، وهو سبحانه وتعالى ذكر أحوال الأمّ كلّها: نصّاً وإيماءً فذكر أنّ لها السّدس مع الإخوة أو الولد، وأنّ لها الثّلث كاملاً مع عدم الولد وتفرّد الأبوين بالميراث بقيت حالة ثالثة وهي عدم الولد وعدم تفرّد الأبوين بالميراث، وذلك لا يكون إلاّ مع الزّوج أو الزّوجة، فإمّا أن تعطى في هذا الحال الثّلث كاملاً، وهو خلاف مفهوم القرآن في قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } وإمّا أن تعطى السّدس واللّه لم يجعله فرضها إلاّ في موضعين: مع الولد ومع عدد من الإخوة والأخوات، فإن امتنع الأمران كان الباقي بعد فرض الزّوجين: هو المال الّذي يستحقّه الأبوان ولا يشاركهما مشارك فهو بمنزلة المال كلّه إذا لم يكن زوج ولا زوجة، فإذا تقاسماه أثلاثاً كان الواجب أن يتقاسما الباقي بعد فرض الزّوجين كذلك، والقياس المحض أنّ الأمّ مع الأب كالبنت مع الابن، والأخت مع الأخ ; لأنّهما ذكر وأنثى من جنس واحد فأعطى اللّه الأب ضعف ما أعطى الأمّ تفضيلاً بجانب الذّكورة. وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: إنّ الأمّ تأخذ في المسألتين ثلث أصل التّركة مستدلاً بأنّ اللّه سبحانه وتعالى: جعل لها أوّلاً: سدس التّركة مع الولد بقوله تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } ثمّ ذكر سبحانه أنّ لها مع عدم الولد الثّلث، فيفهم منه أنّ المراد هنا ثلث أصل التّركة أيضاً، وقد تناظر ابن عبّاس مع زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم في العمريّتين فقال له: أين في كتاب اللّه ثلث ما بقي، فقال زيد: وليس في كتاب اللّه إعطاؤها الثّلث كلّه مع الزّوجين. وقال أبو بكر الأصمّ: إنّ للأمّ مع الزّوج ثلث ما بقي بعد فرضه، ومع الزّوجة ثلث أصل التّركة ; لأنّه لو جعل لها مع الزّوج ثلث جميع المال لزاد نصيبها على نصيب الأب ; لأنّ المسألة حينئذ من ستّة لاجتماع النّصف والثّلث، فيأخذ الزّوج ثلاثةً، وللأمّ اثنان على ذلك التّقدير فيبقى للأب واحد، وفي هذا تفضيل الأنثى على الذّكر، وإذا جعل لها ثلث ما بقي بعد فرض الزّوج كان لها واحد، وللأب اثنان، ولو جعل لها مع الزّوجة ثلث الأصل لم يلزم ذلك التّفضيل ; لأنّ المسألة من اثني عشر، لاجتماع الرّبع والثّلث، فإذا أخذت الأمّ أربعةً - وهو ثلث التّركة - بقي للأب خمسة فلا تفضيل لها عليه. والتّفصيل في مصطلح: (إرث ف 151). والأمّ تأخذ سدس التّركة في حالة الزّوج والأبوين، وتأخذ الرّبع في حالة الزّوجة والأبوين، ولم يعبّر الصّحابة ومن بعدهم بالسّدس، والرّبع تأدّباً مع ظاهر القرآن.
انظر: أضحيّة.
1 - العمل في اللّغة: المهنة والفعل، والجمع: أعمال. وفي الكلّيّات: العمل يعمّ أفعال الجوارح والقلوب. وقال آخرون: هو إحداث أمر قولاً كان أو فعلاً بالجارحة أو القلب. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
2 - تعتري العمل الأحكام الخمسة: فما طلبه الشّارع منه على سبيل الإلزام: فهو واجب، وما طلبه على سبيل التّرجيح في غير إلزام فهو مندوب، وما طلب الشّارع تركه على سبيل الإلزام فهو حرام، وما طلب تركه على سبيل التّرجيح من غير إلزام فهو مكروه، وما خيّر الشّارع بين عمله وتركه فهو مباح. وتختلف الأعمال الّتي يعملها العبد باختلاف متعلّقها من عبادات ومعاملات، فيثاب على الطّاعات ويعاقب على المعاصي إلاّ أن يشمله اللّه بعفوه. والتّفصيل في مصطلح: (ثواب ف 13، عقاب، تكليف ف 4) وغيرها.
1 - يستعمل الفقهاء عبارة " عمل أهل المدينة " فيما أجمع على عمله علماء المدينة في القرون الثّلاثة الأولى الّتي وردت الآثار على أنّها خير القرون وتوارثوه جيلاً بعد جيل.
2 - اختلف العلماء في حجّيّة عمل أهل المدينة: فذهب الجمهور إلى أنّ إجماع أهل المدينة على عمل ليس حجّةً على من خالفهم. وذهب مالك إلى أنّ عمل أهل المدينة حجّة على غيرهم، ونقل عنه أنّه قال: إذا اجتمع أهل المدينة على شيء لم يعتد بخلاف غيرهم، وقال بعض أصحابه: إنّما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم، وقال بعضهم: أراد به أن يكون إجماعهم أولى من غيرهم، ولا يمتنع مخالفتهم، وقال آخرون منهم: إنّه أراد بذلك أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والصّحيح الرّاجح الّذي تدلّ عليه عباراتهم: أنّه إذا اجتمع أهل المدينة على أمر لم يجز لأحد أن يقول بخلافه. وتفصيل ذلك: في الملحق الأصوليّ.
1 - العمّ في اللّغة هو: أخو الأب، وجمع العمّ أعمام وعمومة. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
تتعلّق بالعمّ أحكام منها: 2 - اتّفق الفقهاء على أنّ العمّ من العصبات في الميراث، فإذا انفرد بأن لم يكن معه صاحب فرض ولم يوجد من يحجبه استغرق المال كلّه وإذا كان معه أحد من أصحاب الفروض أخذ الباقي بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم، وإذا كان معه عمّ آخر يساويه في الدّرجة والقرابة كأن يكونا لأب وأمّ أو يكونا لأب اقتسما التّركة بالتّساوي، وأمّا إذا اجتمع عمّ شقيق مع عمّ غير شقيق أي لأب فقط فإنّ العمّ الشّقيق ينفرد بالمال كلّه ويحجب العمّ لأب كما اتّفق الفقهاء على أنّ العمّ لأبوين يحجب بالأب والجدّ وإن علا والابن وابنه وإن سفل وأخ لأبوين وأخ لأب وابن الأخ لأبوين وابن الأخ لأب وإن سفل، وأنّ العمّ لأب يحجب بهؤلاء وبالعمّ لأبوين، وأنّ ابن العمّ لأبوين يحجبه هؤلاء والعمّ لأب، وأنّ ابن العمّ لأب يحجبه هؤلاء وابن العمّ لأبوين. أمّا عمّ الأب وعمّ الجدّ وبنوهما فهم محجوبون بابن عمّ الميّت وإن نزل كما أنّ عمّ الأب لأبوين يحجب عمّ الأب لأب، وابن عمّ الأب لأبوين يحجب ابن عمّ الأب لأب. وعمّ الجدّ محجوب بأبناء عمّ الأب وإن سفلوا وهكذا أبداً لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم لقوله صلى الله عليه وسلم: « ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ». وأمّا العمّ لأمّ وهو أخو أب الميّت لأمّه فهو من ذوي الأرحام الّذين اختلف في توريثهم. وتفصيل ذلك في مصطلح: (إرث ف 74 وما بعدها).
3 - اختلف الفقهاء في ترتيب العمّ لولاية أمور الميّت من الغسل وإدخال القبر والصّلاة عليه: فذهب الجمهور إلى أنّه يأتي بعد الإخوة وأبناء الإخوة وإن سفلوا، وأنّ العمّ الشّقيق مقدّم على العمّ لأب، وذهب المالكيّة إلى أنّ ترتيبه يأتي بعد الجدّ.
4 - اختلف الفقهاء في ترتيب العمّ بالنّسبة لأولياء النّكاح وذلك بعدما اتّفقوا على أنّ العمّ لأمّ فقط لا ولاية له في النّكاح: فذهب الحنفيّة إلى أنّ ترتيب العمّ في النّكاح يأتي بعد كلّ من ابن المرأة وإن سفل ثمّ الأب ثمّ الجدّ وإن علا ثمّ الأخ الشّقيق ثمّ الأخ لأب ثمّ ابن الأخ لأبوين ثمّ ابن الأخ لأب ثمّ يأتي دور العمّ الشّقيق ثمّ العمّ لأب ثمّ ابن العمّ لأبوين ثمّ ابن العمّ لأب ثمّ عمّ لأب كذلك ثمّ ابنه كذلك ثمّ عمّ الجدّ بذلك ثمّ ابنه كذلك. وذهب المالكيّة إلى أنّ ترتيبه يأتي بعد ابن المرأة وابنه وإن سفل ثمّ الأب ثمّ الأخ لأبوين ثمّ الأخ لأب ثمّ ابن الأخ لأبوين ثمّ ابن الأخ لأب ثمّ الجدّ ثمّ العمّ الشّقيق ثمّ العمّ لأب ثمّ ابن العمّ الشّقيق ثمّ ابن العمّ لأب وإن سفل. أمّا الشّافعيّة فيرون أنّ ترتيب العمّ في الأولياء يأتي بعد الأب ثمّ الجدّ وإن علا ثمّ الأخ لأبوين ثمّ الأخ لأب ثمّ ابن الأخ لأبوين ثمّ ابن الأخ لأب وإن سفل ثمّ العمّ الشّقيق ثمّ عمّ الأب ثمّ ابن العمّ لأبوين ثمّ ابن العمّ لأب وإن سفل. وذهب الحنابلة إلى أنّ أحقّ النّاس بنكاح المرأة أبوها ثمّ أبوه أي: جدّها وإن علا ثمّ ابنها ثمّ ابنه وإن سفل ثمّ أخوها لأبيها وأمّها وأخوها لأبيها ثمّ أولادهم وإن سفلوا ثمّ عمّها لأبوين وعمّها لأب ثمّ بنوهم وإن سفلوا ثمّ عمّ أبيها لأبوين ولأب ثمّ بنوهم وإن نزلوا ثمّ عمّ جدّها لأبوين وعمّ جدّها لأب ثمّ بنوهم وإن نزلوا وعلى هذا فلا يلي النّكاح بنو أب أعلى من بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم. واختلف الفقهاء في إجبار العمّ لمولّيته - بنت أخيه - فذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ العمّ ليس له حقّ إجبار مولّيته فلا يزوّج صغيرةً بحال سواء كانت بكراً أو ثيّباً وسواء كانت عاقلةً أو مجنونةً، ولا يزوّج كذلك كبيرةً مجنونةً سواء كانت بكراً أو ثيّباً. وذهب الحنفيّة والأوزاعيّ والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء وطاووس وقتادة وابن شبرمة إلى أنّ للعمّ ولغيره من الأولياء العصبة بأنفسهم إجبار الصّغيرة سواء أكانت بكراً أم ثيّباً عاقلةً أو مجنونةً، كما أنّه له إجبار الكبيرة سواء كانت بكراً أو ثيّباً إذا كانت مجنونةً أو معتوهةً، وللصّغيرة الخيار في فسخ النّكاح عند بلوغها، وللمجنونة كذلك عند إفاقتها من الجنون. ومثل الصّغيرة عندهم الولد الصّغير وكذا الكبير المجنون فللعمّ إجبارهما، ولهما الخيار في فسخ النّكاح إذا بلغ الصّغير وأفاق المجنون. كما أنّ للعمّ كغيره من الأولياء العصبة عند الحنفيّة الاعتراض على نكاح مولّيته إذا تزوّجت زوجاً غير كفؤ لها بغير رضاً منه.
5 - يأتي ترتيب العمّ في الحضانة كترتيبه في ولاية النّكاح عند الشّافعيّة، وبعد العمّات عند الحنابلة، وكترتيبه في الإرث عند الحنفيّة بالنّسبة لترتيب الرّجال، ويأتي ترتيبه بعد الأخ وابن الأخ وإن سفل عند المالكيّة، إلاّ أنّ العمّ لأمّ فقط يشترك في الحضانة عندهم ويقدّم على العمّ لأب فقط لزيادة الحنان والشّفقة فيه. والتّفاصيل في مصطلح: (حضانة ف 9 - 13، نفقة).
1 - العمّة في اللّغة هي أخت الأب، والجمع عمّات، ولفظ العمّة يشمل أخوات الأجداد. قال ابن قدامة: والعمّات أخوات الأب من الجهات الثّلاث وأخوات الأجداد من قبل الأب ومن قبل الأمّ قريباً كان الجدّ أو بعيداً وارثاً أو غير وارث. لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ }.
2 - أجمع الفقهاء على تحريم نكاح العمّة من النّسب ومن الرّضاع ; لأنّها من المحارم المحرّم نكاحهنّ بالكتاب والسّنّة، لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ }. وللحديث المشهور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: « لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها ». ولقولـه صلى الله عليه وسلم: « يحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب ». وتفصيله في مصطلح: (محرّمات، نكاح).
3 - العمّة في النّسب في الميراث من قبيل ذوي الأرحام، وقد اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام فمنهم من قال بتوريثهم ومنهم من منع ذلك. واختلف القائلون بتوريثهم في كيفيّة توريث ذوي الأرحام. وذلك على تفصيل ينظر في مصطلح: (إرث ف 74).
4 - يكون للعمّة حقّ الحضانة إذا عدم المستحقّ لها ممّن هو أولى منها، وقد اختلف الفقهاء في ترتيب من له حقّ الحضانة ومنهم العمّة. وتفصيل ذلك في مصطلح: (حضانة ف 9 وما بعدها).
5 - اختلف الفقهاء في وجوب النّفقة للعمّة: فذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى عدم وجوب النّفقة للعمّة. وذهب الحنفيّة إلى أنّ النّفقة تجب لكلّ ذي رحم محرم. وذهب الحنابلة إلى أنّ النّفقة تجب لكلّ فقير يرثه قريبه الغنيّ بفرض أو تعصيب لا برحم كخال ممّن سوى عمودي نسبه سواء ورثه الآخر كأخ للغنيّ أو لا كعمّة فإنّ العمّة لا ترث ابن أخيها بفرض ولا تعصيب وهو يرثها بالتّعصيب فتجب النّفقة على الوارث، وخالف القاضي من الحنابلة في ذلك فقال: لا تجب النّفقة لذوي الأرحام الّذين لا يرثون بفرض ولا تعصيب روايةً واحدةً ; لأنّ قرابتهم ضعيفة. وتفصيل ذلك ينظر في مصطلح: (نفقة).
نهاية الجزء الثلاثين / الموسوعة الفقهية
|