الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة
.81- براءة: 1- التعريف:من معاني البراءة في اللغة: السلامة من الذنب، والعيب، يقال: بريء الرجل من التهمة أي سلم منها. وفي الاصطلاح: التخلص والتنزه من الشيء. 2- هل الأصل في المتهم البراءة أم التهمة؟ البراءة حالة أصلية في الأشخاص، فكل شخص يولد وذمته بريئة، وشغلها يحصل بالمعاملات أو الأعمال التي يجريها فيما بعد, فكل شخص يدعي خلاف هذا الأصل يطلب منه أن يبرهن على ذلك، فإذا ادعى شخص على آخر بحق، فالقول قول المدعى عليه لموافقته الأصل, والبينة على المدعي لدعواه ما خالف الأصل, فإذا لم يتمكن من إثبات دعواه بالبينة يحكم ببراءة ذمة المدعى عليه اعتبارا بالقاعدة الفقهية: (الأصل براءة الذمة). قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: (الناس في التهم ثلاثة أصناف: صنف معروف عند الناس بالدين والورع وأنه ليس من أهل التهم. فهذا لا يحبس، ولا يضرب؛ بل ولا يستحلف في أحد قولي العلماء؛ بل يؤدب من يتهمه فيما ذكره كثير منهم. والثاني: من يكون مجهول الحال لا يعرف ببر ولا فجور. فهذا يحبس حتى يكشف عن حاله. وقد قيل: يحبس شهرا. وقيل: يحبس بحسب اجتهاد ولي الأمر. والأصل في ذلك ما روى أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة، وقد نص على ذلك الأئمة، وذلك أن هذه بمنزلة ما لو ادعى عليه مدع فإنه يحضر مجلس ولي الأمر الحاكم بينهما، وإن كان في ذلك تعويقه عن أشغاله, فكذلك تعويق هذا إلى أن يعلم أمره، ثم إذا سأل عنه ووجد بارا أطلق. وإن وجد فاجرا كان من: الصنف الثالث: وهو الفاجر الذي قد عرف منه السرقة قبل ذلك, أو عرف بأسباب السرقة: مثل أن يكون معروفا بالقمار، والفواحش التي لا تتأتى إلا بالمال، وليس له مال، ونحو ذلك فهذا لوث في التهمة; ولهذا قالت طائفة من العلماء إن مثل هذا يمتحن بالضرب يضربه الوالي والقاضي- كما قال أشهب صاحب مالك وغيره- حتى يقر بالمال. وقالت طائفة: يضربه الوالي; دون القاضي, كما قال ذلك طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، كما ذكره القاضيان الماوردي والقاضي أبو يعلى في كتابيهما في الأحكام السلطانية، وهو قول طائفة من المالكية، كما ذكره الطرسوسي وغيره). وقد كتب فضيلة الشيخ العلامة/ عبد الله بن منيع، بحثا نشرته مجلة البحوث الإسلامية في عددها (السابع) صفحة (209) ذكر فيه أن المتهم لا يخلو من ثلاثة أحوال، فإما أن يكون على جانب من الصلاح والاستقامة والتقوى، وإما أن يكون مجهول الحال لا يعرف باستقامة ولا فجور، وإما أن يكون معروفا بالفجور والإجرام، فالأول يعتبر برئيا براءة مطلقة، وأما الثاني والثالث فإن المترجح فيهما هو جانب الاتهام وذلك من أجل حفظ ورعاية الحقوق. .82- بصمات: 1- التعريف:البصمة في اللغة: من بَصَمَ يَبْصِمُ بَصْماً، أي ختم بطرف إصبعه، والبصم: فوت ما بين طرف الخنصر إلى البنصر، والبصمة: أثر الختم بالإصبع. وفي الاصطلاح الجنائي: هي الانطباعات أو العلامات التي تتركها رؤوس الأنامل عند ملامستها أحد السطوح المصقولة سواء أكانت ظاهرة أم خفية، وهذه الانطباعات صور طبق الأصل لأشكال الخطوط الحلمية التي تكسو جلد أصابع الكفين والقدمين. 2- حجية البصمات في الشريعة الإسلامية: لم يتكلم الفقهاء عن البصمات لأنها لم تكن معروفة في عهدهم، فعلم البصمات علم حديث ظهر في غير بلاد المسلمين، بالرغم من ورود الإشارة إليه في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة الآية 4]؛ والبنان طرف الأصبع. قال الدكتور/ محمد حجازي: (والبنان وما فيه من سلاميات ومفاصل، ودقة في الوضع والتركيب، وما في أطرافه التي تختلف بصماتها في كل فرد عن الآخر دليل على كمال القدرة بل يدل على أن القادر على ذلك هو بلا شك قادر على جمع العظام وإحياء الموتى). وقد ثبت في هذا العصر بما لا يدع مجالا للشك أن البصمات من أدق ما يمكن التعرف به على الأشخاص ذلك لأن الخالق جل جلاله أعطى لكل شخص بصمة لا يمكن أن تنطبق على بصمة غيره من البشر، وهذه البصمة لا تتغير مع مراحل العمر، بل ثبت علميا أنها منذ الشهر الحملي الرابع ثابتة إلى نهاية العمر، فهي بذلك تكون من أدق طرق الإثبات، ومن أوضح الحجج والبراهين، فتكون بذلك وسيلة من وسائل إثبات الحق في الشريعة الإسلامية، لأن البينة في الشريعة الإسلامية لم تقصر على نوع معين، بل هي كل ما يظهر الحق ويبينه. قال ابن القيم رحمه الله: (ولم تأت البينة قط في القرآن مرادا بها الشاهدان وإنما أتت مرادا بها الحجة والدليل والبرهان، مفردة مجموعة وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي» المراد به: أن عليه بيان ما يصحح دعواه ليحكم له، والشاهدان من البينة ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها، لدلالة الحال على صدق المدعي. فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد، والبينة والدلالة والحجة والبرهان والآية والتبصرة والعلامة والأمارة: متقاربة في المعنى). وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في مادة: قرينة. 3- الأماكن التي توجد عليها البصمات في مسرح الجريمة: أماكن وجود آثار البصمات هي: الأشياء التي يمكن أن يلمسها المجرم وقت ارتكابه الجريمة مثل: زجاج النوافذ التي دخل منها، أو الأبواب أو المكاتب وأدراجها، أو الصندوق الذي فتحه، أو الأدوات التي كان يحملها واستخدمها في الحادث وتركها، وغير ذلك؛ لذا يجب على المحقق ألا يلمس أي شيء في مكان الحادث حتى يصل خبير البصمات ويتعرف على أماكن وجودها لرفعها وفحصها. 4- حالات البصمات في مسرح الجريمة: تكون آثار البصمات في مسرح الجريمة على ثلاثة أنواع رئيسية هي: أ- البصمات الخفية (المستترة): وهي: البصمة التي تطبع على أي سطح نتيجة ملامسة اليد لها، وذلك بواسطة العرق الذي يفرز من الغدد العرقية الموجودة في باطن اليدين، وهذا النوع من الآثار لا يُرى بالعين المجردة، ويستخدم في إظهارها وسائل خاصة مثل: الطرق الميكانيكية للتعفير بالمساحيق أو وسائل كيميائية بالإضافة إلى الأشعة غير المرئية وأشعة الليزر. ب- البصمات الظاهرة: وهي: البصمة التي تشاهد بالعين المجردة بوضوح، وتُطبع عن طريق ملامسة اليد لأي مادة ملوثة مثل الشحوم أو الدماء أو التراب، وغيرها، ويتم رفعها بالتصوير المباشر. ج- البصمات الغائرة (المطبوعة): وهي البصمات التي تحدث نتيجة الملامسة أو الضغط على مادة طرية أو لينة مثل الصلصال أو الجلود وغيرها، ويلاحظ عادة في هذه الطبعة أن الخطوط الحلمية تظهر وكأنها أخاديد نتيجة ضغط الأصبع على المادة اللينة. 5- أهمية البصمات وأوجه دلالتها: تعتبر البصمات من أهم الأدلة المادية المتخلفة عن الجاني، وذلك لأن دلالة أثر البصمة تتميز بقيمة إثباتية قاطعة لما تستند إليه من أساس علمي ولها من الدلالات الفنية في مجال التحقيق الجنائي الكثير، وعلى سبيل المثال ما يلي: 1- تعتبر وسيلة لتحقيق شخصية صاحبها وتحديد ذاته على وجه اليقين. 2- تعتبر وسيلة للتعرف على الأشخاص في ظروف معينة، كالتعرف على المواليد والوفيات. 3- منع وقوع بعض الجرائم كالتزوير والغش. 4- منع اشتغال المجرمين في بعض الوظائف التي تتطلب، النزاهة والأمانة. 5- معرفة الأجانب المبعدين، ويحاولون العودة بأسماء مستعارة. 6- كشف سجل المتهم لبيان ما عليه من جرائم وما نوعها. 6- البصمة الجينية (بصمة الحامض النوويDNA). أدى اكتشاف البصمة الجينية في عام (1984م) بواسطة البروفيسور (Alice Jeffrey) إلى طفرة حقيقية في مجال تحقيق الذاتية للشخص اعتمادا على الحامض النووي، حيث وجد هذا العالم أن الناس يختلفون عن بعضهم البعض في مواقع محددة على الحامض النووي، وهذا الاختلاف لا يمكن أن يتشابه فيه اثنان إطلاقا، والاستثناء الوحيد هو في حالة التوائم فقط، والتي تكون من بويضة واحدة وحيوان منوي واحد، وقد سمى هذا بصمة الحامض النووي. ويعرف هذا الحامض بالحامض النووي الرايبوزي منقوص الأكسجين (Deoxyribonucleic) ويرمز له بالحروف (DNA) وتظهر أهمية بصمة هذا الحامض في التحقيق الجنائي، إذ يمكن التعرف بواسطتها على المجرمين المشتبه بهم في كثير من الجرائم كالقتل والاغتصاب والسرقة وغيرها، وذلك عن طريق آثارهم ومخلفاتهم البيولوجية في مسرح الحادث مثل: الدماء والشعر والأنسجة، حيث نستطيع تحديد بصمة الحامض النووي من هذه المخلفات والآثار ومطابقتها مع بصمة الحامض النووي المأخوذة من المشتبه فيه. .83- بطالة: 1- التعريف:البطالة لغة: التعطل عن العمل، يقال بطل العامل بطالة، أي: تعطل وتفرغ من العمل. واصطلاحا: هي التوقف عن العمل أو عدم توافر العمل لشخص قادر عليه وراغب فيه. 2- حكم البطالة: يختلف حكم البطالة تبعا للأحوال التي تكون فيها كالآتي: البطالة حتى لو كانت للتفرغ للعبادة، مع القدرة على العمل، والحاجة إلى الكسب لقوته وقوت من يعوله تكون معصية، لخبر: «إن الله يكره الرجل البطال»؛ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف»، وعن ابن مسعود أنه قال: إني لأمقت الرجل فارغا ليس في شيء من عمل دنيا ولا آخرة، وفي الشعب للبيهقي عن عروة بن الزبير أنه سئل: ما شر شيء في العالم؟ فقال: البطالة. والبطالة تهاونا وكسلا مع عدم الحاجة للكسب مكروهة أيضا وتزري بصاحبها. أما البطالة لعذر- كزمانة وعجز لعاهة- فلا إثم فيها ولا كراهة، لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة آية 286]. 3- أضرار البطالة: 1- البطالة معصية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى أمر بالسعي في مناكب الأرض والتماس الرزق، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك الآية 15]. وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة الآية 10]. وكذلك وردت أحاديث شريفة تحث على العمل وترك البطالة، فقد الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن طلب كسب الحلال فريضة بعد الفريضة». 2- البطالة بوابة إلى المخدرات، لأن العاطل عن العمل إنسان كسول خامل، ومروجو المخدرات يبحثون عن أمثال هؤلاء ليكونوا مروجين لسمومهم مقابل مبالغ زهيدة يدفعونها لهم. 3- البطالة تتسبب في تفكيك الأسرة بما ينتج عنها من طلاق بين الزوجين، وذلك لعجز العاطل عن مصاريف البيت، ونفقة الزوجة. 4- البطالة تكون سبباً في الوقوع في الجرائم، كجريمة السرقة، لحاجة العاطل للمال، وجريمة الزنا، لعجز العاطل عن مؤنة الزواج وبالتالي يلجأ لتفريغ شهوته في الحرام. 5- البطالة تسبب عبئا على بيت مال المسلمين، نظرا لكثرة ما تنفقه الدولة على العاطلين. .84- بطلان: 1- التعريف:البطلان في اللغة: الضياع والخسران، يقال: بَطَل الشيءُ يَبْطُل بُطْلاً وبُطُولاً وبُطْلاناً: ذهب ضَياعاً وخُسْراً، فهو باطل. وفي الاصطلاح الفقهي: البطلان عدم وقوع الفعل على الوجه الشرعي. وفي الأنظمة: هو جزاء إجرائي لتخلف كل أو بعض شروط صحة أي إجراء جوهري، فيهدر آثاره القانونية. 2- أوجه البطلان الواردة في نظام الإجراءات: بينت المواد (188 إلى 192) من النظام أوجه البطلان على النحو التالي: 1- كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المستمدة منها يكون باطلاً. (م/188). 2- إذا كان البطلان راجعاً إلى عدم مراعاة الأنظمة المتعلقة بولاية المحكمة من حيث تشكيلها أو اختصاصها بنظر الدعوى فيتمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب. (م/189). 3- في غير ما نص عليه في المادة التاسعة والثمانين بعد المائة إذا كان البطلان راجعاً إلى عيب في الإجراء يمكن تصحيحه فعلى المحكمة أن تصححه. وإن كان راجعاً إلى عيب لا يمكن تصحيحه فتحكم ببطلانه. (م/190). 4- لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه ولا الإجراءات اللاحقة له إذا لم تكن مبنية عليه. (م/191). 5- إذا وجدت المحكمة أن في الدعوى عيباً جوهرياً لا يمكن تصحيحه فعليها أن تصدر حكماً بعدم سماع هذه الدعوى. ولا يمنع هذا الحكم من إعادة رفعها إذا توافرت الشروط النظامية. (م/192). |