الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَالأَعْمَى، وَالْبَصِيرُ، وَالْخَصِيُّ، وَالْفَحْلُ، وَالْعَبْدُ، وَالْحُرُّ، وَوَلَدُ الزِّنَى، وَالْقُرَشِيُّ: سَوَاءٌ فِي الإِمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَكُلُّهُمْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا، وَلاَ تَفَاضُلَ بَيْنَهُمْ إلاَّ بِالْقِرَاءَةِ، وَالْفِقْهِ، وَقِدَمِ الْخَيْرِ، وَالسِّنِّ، فَقَطْ وَكَرِهَ مَالِكٌ إمَامَةَ وَلَدِ الزِّنَى، وَكَوْنَ الْعَبْدِ إمَامًا رَاتِبًا، وَلاَ وَجْهَ لِهَذَا الْقَوْلِ، لاَِنَّهُ لاَ يُوجِبُهُ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ سَقِيمَةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ، وَعُيُوبُ النَّاسِ فِي أَدْيَانِهِمْ وَأَخْلاَقِهِمْ، لاَ فِي أَبْدَانِهِمْ، وَلاَ فِي أَعْرَاقِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُقَلِّدِينَ لَهُ بِأَنْ قَالَ: يُفَكِّرُ مَنْ خَلْفَهُ فِيهِ فَيُلَهَّى عَنْ صَلاَتِهِ قال علي: وهذا فِي غَايَةِ الْغَثَاثَةِ وَالسُّقُوطِ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ فِكْرَةَ الْمَأْمُومِ فِي أَمْرِ الْخَلِيفَةِ إذَا صَلَّى بِالنَّاسِ، أَوْ الأَحْدَبِ إذَا أَمَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْ فِكْرَتِهِ فِي وَلَدِ الزِّنَى، وَلَوْ كَانَ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا حُكْمٌ فِي الدِّينِ لَمَا أَغْفَلَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيًّا. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الإِمَامِ الرَّاتِبِ وَغَيْرِ الرَّاتِبِ وَتَجُوزُ إمَامَةُ الْفَاسِقِ كَذَلِكَ وَنَكْرَهُهُ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الأَقْرَأُ، وَالأَفْقَهُ، فَهُوَ أَوْلَى حِينَئِذٍ مِنْ الأَفْضَلِ، إذَا كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ الْفِقْهِ، وَلاَ أَحَدَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ وَلَهُ ذُنُوبٌ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَالَ تَعَالَى: حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَعْلَى الْوَادِي، هُوَ وَأَبُوهُ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرِ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ، فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ وَهُوَ غُلاَمُهَا لَمْ يُعْتَقْ، فَكَانَ إمَامَ أَهْلِهَا بَنِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُرْوَةَ، وَأَهْلِهَا، إلاَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يَسْتَأْخِرُ عَنْهُ أَبُو عَمْرٍو فَقَالَتْ عَائِشَةُ، رضي الله عنها،: إذَا غَيَّبَنِي أَبُو عَمْرٍو وَدَلاَّنِي فِي حُفْرَتِي فَهُوَ حُرٌّ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: يَؤُمُّ الْعَبْدُ الأَحْرَارَ وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: كَانَ يَؤُمُّنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا عَبْدٌ، فَكَانَ شُرَيْحٌ يُصَلِّي فِيهِ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: وَلَدُ الزِّنَى وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: وَلَدُ الزِّنَى بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، يَؤُمُّ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلاً وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا كَانَتْ إذَا سُئِلَتْ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى: قَالَتْ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ، وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ بُرْدِ أَبِي الْعَلاَءِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ أَئِمَّةٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي مِنْ الزِّنَى. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى، وَالأَعْرَابِيِّ، وَالْعَبْدِ، وَالأَعْمَى: هَلْ يَؤُمُّونَ قَالَ: نَعَمْ، إذَا أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ: وَلَدُ الزِّنَى تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَؤُمُّ وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَأَلْت الزُّهْرِيَّ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى: هَلْ يَؤُمُّ قَالَ: نَعَمْ، وَمَا شَأْنُهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ وَهُوَ مُقْعَدٌ ذَاهِبُ الرِّجْلِ وَقَدْ كَانَ طَلْحَةُ أَشَلَّ الْيَدِ، وَمَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ إمَامَتِهِ، وَقَدْ كَانَ فِي الشُّورَى. وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ لَهُ: إنَّك إمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِك مَا نَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: إنَّ الصَّلاَةَ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ، وَنَجْدَةَ: أَحَدُهُمَا خَارِجِيٌّ، وَالثَّانِي أَفْسَقُ الْبَرِيَّةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: الصَّلاَةُ حَسَنَةٌ مَا أُبَالِي مَنْ شَرِكَنِي فِيهَا وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْت إمَامًا يُؤَخِّرُ الصَّلاَةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مُفَرِّطًا فِيهَا قَالَ: أُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ، قُلْت: وَإِنْ اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ وَلَحِقَتْ بِرُءُوسِ الْجِبَالِ قَالَ: نَعَمْ، مَا لَمْ تَغِبْ، قُلْت لِعَطَاءٍ: فَالإِمَامُ لاَ يُوفِي الصَّلاَةَ، أَعْتَزِلُ الصَّلاَةَ مَعَهُ قَالَ: بَلْ صَلِّ مَعَهُ، وَأَوْفِ مَا اسْتَطَعْت، الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يُوفِ الرَّكْعَةَ فَأَوْفِ أَنْتَ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ وَلَمْ يُوفِ، فَأَوْفِ أَنْتَ، فَإِنْ قَامَ وَعَجَّلَ عَنْ التَّشَهُّدِ فَلاَ تُعَجِّلْ أَنْتَ، وَأَوْفِ وَإِنْ قَامَ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ مَعَ الْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ. وَعَنْ أَبِي الأَشْعَثِ قَالَ: ظَهَرَتْ الْخَوَارِجُ عَلَيْنَا فَسَأَلْت يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، فَقُلْت: يَا أَبَا نَصْرٍ، كَيْفَ تَرَى فِي الصَّلاَةِ خَلْفَ هَؤُلاَءِ قَالَ: الْقُرْآنُ إمَامُك، صَلِّ مَعَهُمْ مَا صَلُّوهَا وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قُلْت لِعَلْقَمَةَ: إمَامُنَا لاَ يُتِمُّ الصَّلاَةَ قَالَ عَلْقَمَةُ: لَكِنَّا نُتِمُّهَا، يَعْنِي نُصَلِّي مَعَهُ وَنُتِمُّهَا وَعَنْ الْحَسَنِ: لاَ تَضُرُّ الْمُؤْمِنَ صَلاَتُهُ خَلْفَ الْمُنَافِقِ، وَلاَ تَنْفَعُ الْمُنَافِقَ صَلاَتُهُ خَلْفَ الْمُؤْمِنِ وَعَنْ قَتَادَةَ قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ قَالَ: إنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ. قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، امْتَنَعَ مِنْ الصَّلاَةِ خَلْفَ الْمُخْتَارِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَالْحَجَّاجِ، وَلاَ فَاسِقَ أَفْسَقُ مِنْ هَؤُلاَءِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
وَمَنْ صَلَّى جُنُبًا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَصَلاَةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ صَحِيحَةٌ تَامَّةٌ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ يَقِينًا فَلاَ صَلاَةَ لَهُ؛ لاَِنَّهُ لَيْسَ مُصَلِّيًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا فَالْمُؤْتَمُّ بِمَنْ لاَ يُصَلِّي عَابِثٌ عَاصٍ مُخَالِفٌ لِمَا أُمِرَ بِهِ، وَمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فِي صَلاَتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وقال أبو حنيفة: لاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ مَنْ ائْتَمَّ بِمَنْ لَيْسَ عَلَى طَهَارَةٍ عَامِدًا كَانَ الإِمَامُ أَوْ نَاسِيًا وقال مالك: إنْ كَانَ نَاسِيًا فَصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَلاَ صَلاَةَ لِمَنْ خَلْفَهُ وقال الشافعي، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، كَمَا قلنا. قَالَ عَلِيٌّ: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكَمْ وَعَلَيْهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ: وَعُمْدَتُنَا فِي هَذَا هُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ فَكَبَّرَ فَأَوْمَأَ إلَيْهِمْ: أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَالَ: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَإِنِّي كُنْتُ جُنُبًا. قَالَ عَلِيٌّ: فَقَدْ اعْتَدُّوا بِتَكْبِيرِهِمْ خَلْفَهُ وَهُوَ عليه السلام جُنُبٌ. قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ فَأَعَادَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّاسَ أَعَادُوا وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ أَبَاهُ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلاَةَ الْعَصْرِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَعَادَ وَلَمْ يُعِدْ أَصْحَابُهُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فِيمَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَنَّهُ يُعِيدُ، وَلاَ يُعِيدُونَ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ نَاسٍ وَعَامِدٍ وَقَالَ عَطَاءٌ: لاَ يُعِيدُونَ خَلْفَ غَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ، وَيُعِيدُونَ خَلْفَ الْجُنُبِ وَهَذَا لاَ مَعْنَى لَهُ. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ خَالَفَهُ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، هَذَا لَوْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ، فَكَيْفَ، وَلاَ يَصِحُّ، لاَِنَّ فِي الطَّرِيقِ إلَيْهِ عَبَّادَ بْنَ كَثِيرٍ، وَهُوَ مُطَّرَحٌ، وَغَالِبَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَكِلاَهُمَا ضَعِيفٌ وَرَوَى الْمُخَالِفُونَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَهُوَ كَذَّابٌ عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ وَهُوَ كَذَّابٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: فِي الْقَوْمِ يُصَلُّونَ خَلْفَ مَنْ لَيْسَ عَلَى طَهَارَةٍ نَاسِيًا: أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ. وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مُرْسَلاً لاَ حُجَّةَ فِيهِ، فَكَيْفَ وَفِيهِ: كَذَّابَانِ وَمَجْهُولٌ فَحَصَلَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، خِلاَفُهَا، وَهِيَ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا الأَلْثَغُ، وَالأَلْكَنُ، وَالأَعْجَمِيُّ اللِّسَانِ، وَاللَّحَّانُ: فَصَلاَةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِمْ جَائِزَةٌ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قَالَ تَعَالَى: وَلاَ تَجُوزُ إمَامَةُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، لاَ فِي فَرِيضَةٍ، وَلاَ نَافِلَةٍ، وَلاَ أَذَانُهُ. وقال الشافعي: تَجُوزُ إمَامَتُهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ، وَيَجُوزُ أَذَانُهُ وقال مالك: تَجُوزُ إمَامَتُهُ فِي النَّافِلَةِ، وَلاَ تَجُوزُ فِي الْفَرِيضَةِ قَالَ عَلِيٌّ: احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ إمَامَتَهُ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حدثنا حَمَّادُ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ أَنَا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إذَا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا إذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا فَأَخْبَرُونَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَا وَقَالَ كَذَا، وَكُنْت غُلاَمًا حَافِظًا، فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا، فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمْ الصَّلاَةَ، وَقَالَ: يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ، فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ، وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ، فَكُنْتُ إذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الإِسْلاَمِ مَا فَرِحْتُ بِهِ فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا فِعْلُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، وَطَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعَهُ، لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، مُخَالِفٌ فَأَيْنَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ: الْمُشَنِّعُونَ بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهُمْ أَتْرَكُ النَّاسِ لَهُ. لاَ سِيَّمَا مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: إنَّ مَا لاَ يُعْرَفُ فِيهِ خِلاَفٌ: فَهُوَ إجْمَاعٌ، وَقَدْ وَجَدْنَا لِعَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ هَذَا: صُحْبَةً، وَوِفَادَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِيهِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حَاجَةَ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إقْرَارٍ، أَوْ قَوْلٍ، أَوْ عَمَلٍ، وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ هَذَا وَأَقَرَّهُ لَقُلْنَا بِهِ، فأما إذَا لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ أَثَرٌ فَالْوَاجِبُ عِنْدَ التَّنَازُعِ أَنْ يُرَدَّ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا الرَّدَّ إلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَكَانَ الْمُؤَذِّنُ مَأْمُورًا بِالأَذَانِ، وَالإِمَامُ مَأْمُورًا بِالإِمَامَةِ، بِنَصِّ هَذَا الْخَبَرِ. وَوَجَدْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: إنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَحْتَلِمَ. فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ، وَلاَ مُكَلَّفٍ. فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالأَذَانِ، وَلاَ بِالإِمَامَةِ، وَإِذْ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِمَا فَلاَ يُجْزِئَانِ إلاَّ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِمَا، لاَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا، وَمَنْ ائْتَمَّ بِمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ أَنْ يُؤْتَمَّ بِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِحَالِهِ فَصَلاَتُهُ بَاطِلٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ، وَظَنَّهُ رَجُلاً بَالِغًا: فَصَلاَةُ الْمُؤْتَمِّ بِهِ تَامَّةٌ، كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ، أَوْ كَافِرٍ لاَ يَعْلَمُ بِهِمَا، وَلاَ فَرْقَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ إمَامَةِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي الْفَرِيضَةِ وَبَيْنَ إمَامَتِهِ فِي النَّافِلَةِ: فَكَلاَمٌ لاَ وَجْهَ لَهُ أَصْلاً؛ لاَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ. وَصَلاَةُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسَاءِ جَائِزَةٌ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَؤُمَّ الرِّجَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ إلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَرِهَ ذَلِكَ، وَأَجَازَ ذَلِكَ: وقال الشافعي: بَلْ هِيَ السُّنَّةُ وَمَنَعَ مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا مَنْعُهُنَّ مِنْ إمَامَةِ الرِّجَالِ: فَلاَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ، وَأَنَّ مَوْقِفَهَا فِي الصَّلاَةِ خَلْفَ الرِّجَالِ، وَالإِمَامُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ التَّقَدُّمِ أَمَامَ الْمُؤْتَمِّينَ، أَوْ مِنْ الْوُقُوفِ عَنْ يَسَارِ الْمَأْمُومِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ. فَلَوْ تَقَدَّمَتْ الْمَرْأَةُ أَمَامَ الرَّجُلِ لَقَطَعَتْ صَلاَتَهُ، وَصَلاَتَهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّتْ إلَى جَنْبِهِ، لِتَعَدِّيهَا الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ، فَقَدْ صَلَّتْ بِخِلاَفِ مَا أُمِرَتْ وَأَمَّا إمَامَتُهَا النِّسَاءَ: فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تَقْطَعُ صَلاَةَ الْمَرْأَةِ إذَا صَلَّتْ أَمَامَهَا أَوْ إلَى جَنْبِهَا، وَلَمْ يَأْتِ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَهُوَ فِعْلُ خَيْرٍ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ: إنْ أَذَّنَّ وَأَقَمْنَ فَهُوَ حَسَنٌ لِمَا ذَكَرْنَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَصِيرِ، حدثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَيْسَرَةَ بْنَ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ هُوَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ رَيْطَةَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَّتَهُنَّ فِي الْفَرِيضَةِ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا زِيَادُ بْنُ لاَحِقٍ عَنْ تَمِيمَةَ بِنْتِ سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّهَا أَمَّتْ النِّسَاءَ فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقَامَتْ وَسَطُهُنَّ وَجَهَرَتْ بِالْقِرَاءَةِ وبه إلى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أُمَّ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ حَدَّثَتْهُمْ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ تَؤُمُّهُنَّ فِي رَمَضَانَ وَتَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ قَالَ عَلِيٌّ: هِيَ خِيرَةُ ثِقَةِ الثِّقَاتِ، وَهَذَا إسْنَادٌ كَالذَّهَبِ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: تُقِيمُ الْمَرْأَةُ لِنَفْسِهَا وَقَالَ طَاوُوس: كَانَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تُؤَذِّنُ، وَتُقِيمُ: وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمَّارِ الدُّهْنِيِّ عَنْ حُجَيْرَةَ بِنْتِ حُصَيْنٍ قَالَتْ أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ، وَقَامَتْ بَيْنَنَا. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ، وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ جَارِيَةً لَهُ تَؤُمُّ نِسَاءَهُ فِي رَمَضَانَ وَعَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، جَوَازُ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ فِي الْفَرِيضَةِ، وَالتَّطَوُّعِ وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ فِي الصَّفِّ وَعَنْ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ بِالنِّسَاءِ فِي رَمَضَانَ، وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ، وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ. قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ لِمَنْعِهَا مِنْ التَّقَدُّمِ حُجَّةً أَصْلاً، وَحُكْمُهَا عِنْدَنَا التَّقَدُّمُ أَمَامَ النِّسَاءِ، وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ إمَامَتَهَا النِّسَاءَ حُجَّةً أَصْلاً. لاَ سِيَّمَا وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَوْرَدْنَا، لاَ مُخَالِفَ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَصْلاً، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ هَذَا إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ، وَيَرَوْنَهُ خِلاَفًا لِلإِجْمَاعِ، وَهُوَ سَهْلٌ عَلَيْهِمْ خِلاَفُهُمْ، إذَا لَمْ يُوَافِقْ أَهْوَاءَهُمْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَإِذَا أَحْدَثَ الإِمَامُ، أَوْ ذَكَرَ: أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ، فَخَرَجَ، فَاسْتَخْلَفَ: فَحَسَنٌ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَلْيَتَقَدَّمْ أَحَدُهُمْ يُتِمَّ بِهِمْ الصَّلاَةَ، وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ يَنْتَظِرُوهُ فَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ انْتِظَارَهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُتِمَّ بِهِمْ صَلاَتَهُمْ، ثُمَّ يُتِمَّ لِنَفْسِهِ أَمَّا انْتِظَارُهُ: فَلِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَنُبَ فَخَرَجَ وَأَوْمَأَ إلَيْهِمْ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ عَادَ، وَقَدْ اغْتَسَلَ فَصَلَّى بِهِمْ وَأَمَّا اسْتِخْلاَفُهُمْ: فَلِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَى إلَى قُبَاءَ فَقَدَّمَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا أَحَسَّ أَبُو بَكْرٍ بِهِ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ عليه السلام فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَلاَِنَّ فَرْضًا عَلَى النَّاسِ أَنْ يُصَلُّوا فِي جَمَاعَةٍ كَمَا قَدَّمْنَا، فَلاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْ إمَامٍ: إمَّا بِاسْتِخْلاَفِ إمَامِهِمْ، وَأَمَّا بِاسْتِخْلاَفِهِمْ أَحَدَهُمْ، وَأَمَّا بِتَقَدُّمِ أَحَدِهِمْ. وقال أبو حنيفة: إنْ أَحْدَثَ الإِمَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ وَاسْتَخْلَفَ: جَازَ ذَلِكَ. وَصَلاَتُهُمْ كُلُّهُمْ تَامَّةٌ. فَلَوْ كَبَّرَ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ بَطَلَتْ صَلاَةُ الْجَمِيعِ. فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ بَطَلَتْ صَلاَةُ الْجَمِيعِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّخْلِيطِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ بَهْجَةِ الْحَقِّ أَثَرٌ وَلَيْتَ شِعْرِي إذَا أَحْدَثَ سَاجِدًا فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ: فِي صَلاَةٍ هُوَ أَمْ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ وَهَلْ إمَامَتُهُ لَهُمْ بَاقِيَةٌ أَوْ لاَ، وَلاَ بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: فَإِنْ قَالُوا: هُوَ فِي صَلاَةٍ وَإِمَامَتُهُ بَاقِيَةٌ، جَعَلُوهُ مُصَلِّيًا بِلاَ وُضُوءٍ، وَإِمَامًا بِلاَ وُضُوءٍ، وَهَذَا خِلاَفُ أَصْلِهِمْ الآخَر الْفَاسِدِ فِي بُطْلاَنِ صَلاَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِإِمَامٍ هُوَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ نَاسِيًا أَوْ ذَاكِرًا ثم نقول لَهُمْ: إذْ هُوَ فِي صَلاَةٍ وَهُوَ بَعْدُ بَاقٍ عَلَى إمَامَتِهِ لَهُمْ فَمَا ذَنْبُهُ إذْ كَبَّرَ فَأَبْطَلَ صَلاَةَ نَفْسِهِ وَصَلاَتَهُمْ هَذِهِ عَدَاوَةٌ مِنْكُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَخِيَّةُ قَوْلِكُمْ: مَنْ عَطَسَ فِي صَلاَتِهِ فَقَالَ بِلِسَانِهِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَلَوْ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَقَذَفَ مُحْصَنَةً، أَوْ ضَرَطَ عَامِدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ تَعَالَى اللَّهُ، مَا أَوْحَشَ هَذِهِ الأَقْوَالَ الَّتِي لاَ يَحِلُّ قَبُولُهَا إلاَّ لَوْ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، الَّذِي لَمْ نَأْخُذْ الصَّلاَةَ، وَلاَ الدِّينَ، وَلاَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى إلاَّ عَنْهُ، فَلاَ يَحِلُّ لَنَا إذَنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلاَّ كَمَا أَمَرَنَا وَإِنْ قَالُوا: بَلْ لَيْسَ فِي صَلاَةٍ، وَلاَ هُمْ بَعْدُ فِي إمَامَتِهِ قلنا لَهُمْ: فَإِذْ قَدْ خَرَجَ بِالْحَدَثِ مِنْ إمَامَتِهِمْ وَعَنْ الطَّهَارَةِ الَّتِي لاَ صَلاَةَ إلاَّ بِهَا: فَمَا الَّذِي وَلَّدَ عَلَيْهِ تَكْبِيرُهُ مِنْ الضَّرَرِ، حَتَّى أَحْدَثَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " اللَّهُ أَكْبَرُ ": بُطْلاَنَ صَلاَتِهِ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ السَّخَافَةِ غَيْرُ قَلِيلٍ وَهَذَا مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ طُولُهُ ثَمَانُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَنَيِّفٍ، وَرُبَّ مَسْجِدٍ لَيْسَ عَرْضُهُ إلاَّ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَطُولُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَقَطْ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَسْلِيمِهِ إيَّانَا مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الأَقْوَالِ الْمُنَافِرَةِ لِصِحَّةِ الدِّمَاغِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ اسْتَخْلَفَ مَنْ دَخَلَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُكَبِّرْ بَعْدُ، أَوْ قَدْ كَبَّرَ، أَوْ مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَوَّلَ صَلاَتِهِ، أَوْ قَدَّمُوا لَهُمْ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، أَوْ تَقَدَّمَ هُوَ: فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، إذْ اسْتِخْلاَفُ إمَامٍ يُتِمُّ بِهِمْ فَرْضٌ كَمَا ذَكَرْنَا، لِوُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَيْهِمْ، فَلْيَبْدَأْ الْمُسْتَخْلِفُ إنْ كَانَ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الصَّلاَةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَاسْتُخْلِفَ فِي الثَّانِيَةِ: فَيُتِمَّ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِهِمْ، ثُمَّ إذَا سَجَدَ سَجْدَتَيْهَا أَشَارَ إلَيْهِمْ فَجَلَسُوا، وَقَامَ هُوَ إلَى ثَانِيَتِهِ، فَإِذَا أَتَمَّهَا جَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ وَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الرَّكْعَةِ: إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ، فَإِنْ كَانَتْ الصُّبْحَ فَكَذَلِكَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ، فَإِذَا أَتَمَّ تَشَهُّدَهُ سَلَّمَ وَسَلَّمُوا فَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ وَاسْتُخْلِفَ فِي الْجُلُوسِ كَبَّرَ وَقَامُوا مَعَهُ بَعْدَ أَنْ يُتِمُّوا تَشَهُّدَهُمْ بِأَسْرَعَ مَا يُمْكِنُ، وَأَتَى بِالرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَهُمْ مَعَهُ، فَإِذَا جَلَسُوا قَامَ إلَى بَاقِي صَلاَتِهِ فَأَتَمَّهَا ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي جُلُوسِ الصُّبْحِ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا فَإِنْ فَاتَتْهُ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ وَاسْتُخْلِفَ فِي أَوَّلِ الرَّابِعَةِ صَلاَّهَا، فَإِذَا رَفَعَ مِنْ آخِرِ سُجُودِهِ قَامَ وَجَلَسُوا، ثُمَّ أَتَى بِرَكْعَةٍ وَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَامَ وَأَتَى بِبَاقِي صَلاَتِهِ، ثُمَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا وَبِالْجُمْلَةِ فَلاَ يُصَلِّي إلاَّ صَلاَةَ نَفْسِهِ، لاَ كَمَا كَانَ يُصَلِّي لَوْ كَانَ مَأْمُومًا، لاَِنَّهُ إمَامٌ وَالإِمَامُ لاَ يَتْبَعُ أَحَدًا فِي صَلاَتِهِ لَكِنْ يُتْبَعُ فِيهَا، وَأَمَّا هُمْ فَيَتْبَعُونَهُ فِيمَا لاَ يُرِيدُونَ بِهِ فِي صَلاَتِهِمْ وُقُوفًا، وَلاَ سَجْدَةً ثَالِثَةً، وَكُلُّ أَحَدٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ قَالَ تَعَالَى: وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَؤُمَّ وَهُوَ يَنْظُرُ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي الْمُصْحَفِ، لاَ فِي فَرِيضَةٍ، وَلاَ نَافِلَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَصَلاَةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ عَالِمًا بِحَالِهِ، عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ. قَالَ عَلِيٌّ: مَنْ لاَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ فَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى قِرَاءَةَ مَا لاَ يَحْفَظُ، لاَِنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي وُسْعِهِ. قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فَضْلاً لَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ، بَلْ صَلَّى جَالِسًا إذْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ، فَصَلاَةُ الْمُعْتَمِدِ: مُخَالِفَةٌ لاَِمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ قَالَ عليه السلام: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَمَنْ نَسِيَ صَلاَةَ فَرْضٍ أَيَّ صَلاَةٍ كَانَتْ فَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي صَلاَةً أُخْرَى أَيَّ صَلاَةٍ كَانَتْ فِي جَمَاعَةٍ: فَفَرْضٌ عَلَيْهِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ فَيُصَلِّي الَّتِي فَاتَتْهُ، وَتُجْزِئُهُ، وَلاَ نُبَالِي بِاخْتِلاَفِ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَجَائِزٌ صَلاَةُ الْفَرْضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ: وَالْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرْضَ، وَصَلاَةُ فَرْضٍ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي صَلاَةَ فَرْضٍ أُخْرَى، كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ، وَسُنَّةٌ وَلَوْ وَجَدَ الْمَرْءُ جَمَاعَةً تُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ، فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ، يَنْوِي فَرْضَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ أَتَمَّ صَلاَتَهُ فَلاَ يُسَلِّمُ، بَلْ يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ الإِمَامُ إلَى الرَّكْعَتَيْنِ: قَامَ هُوَ أَيْضًا فَائْتَمَّ بِهِ فِيهِمَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِسَلاَمِ الإِمَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ صَلاَةً فَائِتَةً وَجَائِزٌ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامٌ وَاحِدٌ بِجَمَاعَتَيْنِ فَصَاعِدًا فِي مَسَاجِدَ شَتَّى صَلاَةً وَاحِدَةً هِيَ لَهُمْ: فَرْضٌ، وَكُلُّهَا لَهُ: نَافِلَةٌ، سِوَى الَّتِي صَلَّى أَوَّلاً. وَكَذَلِكَ مَنْ صَلَّى صَلاَةَ فَرْضٍ فِي جَمَاعَةٍ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلاَةِ جَمَاعَةً أُخْرَى وَجَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ. وَمَنْ فَاتَتْهُ الصُّبْحُ فَوَجَدَ قَوْمًا يُصَلُّونَ الظُّهْرَ صَلَّى مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا الصُّبْحَ، ثُمَّ سَلَّمَ، وَصَلَّى الْبَاقِيَتَيْنِ بِنِيَّةِ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَمَّ ظُهْرَهُ، وَهَكَذَا يَعْمَلُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ عَلَى حَسْبِ مَا ذَكَرْنَا: وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال أبو حنيفة وَمَالِكٌ: لاَ يَجُوزُ أَنْ تَخْتَلِفَ نِيَّةُ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. قَالَ عَلِيٌّ: إنَّ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يَكُونَ الْحَنِيفِيُّونَ يُجِيزُونَ الْوُضُوءَ لِلصَّلاَةِ وَالْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، أَوْ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ. وَفِيهِمْ مَنْ يُجِيزُ صَوْمَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الإِفْطَارِ، وَتَرْكَ الصَّوْمِ وَكُلُّهُمْ يُجِيزُهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ، وَبِنِيَّةِ الْفِطْرِ إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ، فَيُبْطِلُونَ النِّيَّاتِ حَيْثُ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُوجِبُونَهَا هَهُنَا حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَفِي الْمَالِكِيِّينَ مَنْ يُجْزِئُ عِنْدَهُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ، وَدُخُولُ الْحَمَّامِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَيُسْقِطُونَ النِّيَّةَ حَيْثُ هِيَ فَرْضٌ، وَيُوجِبُونَهَا حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَلِيٌّ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْكَلاَمُ فِي وُجُوبِ اتِّفَاقِ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، أَوْ فِي سُقُوطِ وُجُوبِهِ، فَإِذَا سَقَطَ وُجُوبُهُ صَحَّتْ الْمَسَائِلُ الَّتِي ذَكَرْنَا كُلُّهَا، لاَِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الأَصْلِ، وَمُنْتَجَةٌ مِنْهُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إنَّهُ لَمْ يَأْتِ قَطُّ: قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ قِيَاسٌ: يُوجِبُ اتِّفَاقَ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَكُلُّ شَرِيعَةٍ لَمْ يُوجِبْهَا قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، فَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَهَذِهِ شَرِيعَةٌ لَمْ يُوجِبْهَا شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَهِيَ بَاطِلٌ ثُمَّ الْبُرْهَانُ يَقُومُ عَلَى سُقُوطِ وُجُوبِ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ يَكْفِي مِنْ سُقُوطِهِ عَدَمُ الْبُرْهَانِ عَلَى وُجُوبِهِ قَالَ عَلِيٌّ: مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُكَلِّفَنَا اللَّهُ تَعَالَى مُوَافَقَةَ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ مِنَّا لِنِيَّةِ الإِمَامِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَإِنْ قَالُوا: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ قلنا: نَعَمْ، وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَلْزَمُ الاِئْتِمَامَ بِالإِمَامِ فِيهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ عليه السلام: فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا فَهَاهُنَا أَمَرَ عليه السلام بِالاِئْتِمَامِ فِيهِ، لاَ فِي النِّيَّةِ الَّتِي لاَ سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ لِنَاوِيهَا وَحْدَهُ وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا الْخَبَرِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ أَثَرٌ مِنْ إيجَابِ مُوَافَقَةِ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ لِنِيَّةِ الإِمَامِ: أَوَّلُ عَاصِينَ لِهَذَا الْخَبَرِ: فَيَقُولُونَ: لاَ يَقْتَدِي الْمَأْمُومُ بِالإِمَامِ فِي قَوْلِ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: هَذَا قَالُوا: لَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُمْ: وَلاَ نَهَى عَنْهُ، وَلاَ ذَكَرَ عليه السلام أَيْضًا مُوَافَقَةَ نِيَّةِ الْمَأْمُومِ لِلإِمَامِ، لاَ فِي هَذَا، وَلاَ فِي غَيْرِهِ. ثُمَّ خَالَفَهُ الْمَالِكِيُّونَ فِي أَمْرِهِ بِأَنْ نُصَلِّيَ قُعُودًا إذَا صَلَّى قَاعِدًا، فَأَيُّ عَجَبٍ أَعْجَبُ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِخَبَرٍ يُخَالِفُونَ نَصَّ مَا فِيهِ وَيُوجِبُونَ بِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَقَالَ عليه السلام: إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَنَصَّ عليه السلام نَصًّا جَلِيًّا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مَا نَوَى. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ لِلإِمَامِ نِيَّتَهُ، وَلِلْمَأْمُومِ نِيَّتَهُ، لاَ تَعَلُّقَ لاِِحْدَاهُمَا بِالآُخْرَى، وَمَا عَدَا هَذَا فَبَاطِلٌ بَحْتٌ لاَ شَكَّ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشَاءَ الآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلاَةَ وبه إلى مُسْلِمٍ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ، فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقْتَ يَا فُلاَنُ قَالَ: لاَ وَاَللَّهِ، وَلاَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا وَاقْرَأْ بِكَذَا. فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ بِالأَمْرِ وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهَا. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنُ مَيْسَرَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلاَةَ. قَالَ عَلِيٌّ: إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذَا الْخَبَرَ؛ لاَِنَّ بَعْضَ مَنْ لاَ يَرْدَعُهُ دِينٌ عَنْ الْكَذِبِ قَالَ: لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ هَذِهِ اللَّفْظَةَ إلاَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ فَأَرَيْنَاهُ: أَنَّهُ قَدْ رَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى ثِقَتِهِ، ثُمَّ حَتَّى لَوْ انْفَرَدَ بِهَا عَمْرٌو فَكَانَ مَاذَا مَا يَخْتَلِفُ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ عَمْرًا هُوَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ثِقَةً وَحِفْظًا وَإِمَامَةً، وَبِلاَ شَكٍّ فَهُوَ فَوْقَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ اللَّذَيْنِ يُعَارِضُ هَؤُلاَءِ السُّنَنِ بِرَأْيِهِمَا الَّذِي أَخْطَآ فِيهِ؛ لاَِنَّ عَمْرًا لَقِيَ الصَّحَابَةَ وَأَخَذَ عَنْهُمْ. وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ عَمْرٍو: أَنْ يَكُونَ فِي نِصَابِ شُيُوخِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ: كَالزُّهْرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ رَوَى عَنْ عَمْرٍو مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمِثْلِهِمَا: كَأَيُّوبَ، وَمَنْصُورٍ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَسُفْيَانَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِمْ. فَكَيْفَ وَقَدْ صَحَّ فِي هَذَا مَا هُوَ أَجَلُّ مِنْ فِعْلِ مُعَاذٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ الأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الْخَوْفِ، فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَاَلَّذِينَ جَاءُوا بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا، وَلِهَؤُلاَءِ رَكْعَتَيْنِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ الْعَنْبَرِيُّ، حدثنا أَبِي، حدثنا الأَشْعَثُ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَوْفٍ الظُّهْرَ، فَصَفَّ بَعْضَهُمْ خَلْفَهُ، وَبَعْضَهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْطَلَقَ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا وَلاَِصْحَابِهِ: رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ: كَمَا قَدْ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَا أَبُو مُوسَى هُوَ إسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُول: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَأَبُو مُوسَى هَذَا: ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا عَفَّانُ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا أَبَانُ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الآُخْرَى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ جَابِرٌ: فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ. قال علي: وهذا حَدِيثٌ سَمِعَهُ يَحْيَى مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ جَابِرٍ، وَرُوِّينَاهُ كَذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ، اكْتَفَيْنَا بِهَذَا طَلَبَ الاِخْتِصَارِ. فَهَذَا آخِرُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَِنَّ أَبَا بَكْرَةَ شَهِدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ إسْلاَمُهُ يَوْمَ الطَّائِفِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَبَعْدَ حُنَيْنٍ وَقَدْ لَجَأَ بَعْضُهُمْ إلَى مَا يَلْجَأُ إلَيْهِ الْمَفْضُوحُ الْمُبْلِحُ الَّذِي لاَ يَتَّقِي اللَّهَ تَعَالَى فِيمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّهُ سَلَّمَ عليه السلام بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَيُقَالُ لَهُ: كَذَبْت، قَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عليه السلام سَلَّمَ بَيْنَهُمَا. فَقَالُوا: قَدْ تُكُلِّمَ فِي سَمَاعِ قُتَيْبَةَ مِنْ سُلَيْمَانَ . فَقُلْنَا: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: الْمُرْسَلُ كَالْمُسْنَدِ، فَالآنَ أَتَاكُمْ التَّعَلُّلُ بِالْبَاطِلِ فِي الْمُسْنَدِ بِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الْقَوْلُ: أَنَّهُ مُرْسَلٌ، إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ لاَ سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ أَبُو بَكْرَةَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ عليه السلام سَلَّمَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ: أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُسَلِّمْ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ صَحَّ: أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُسَلِّمْ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ لَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَى الْمُخَالِفِينَ، لاَِنَّهُمْ إنَّمَا هُمْ مُقَلِّدُو أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى عَلَى مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَهُوَ مُسَافِرٌ: أَنَّ صَلاَتَهُ فَاسِدَةٌ، إلاَّ أَنْ يَجْلِسَ فِي الاِثْنَتَيْنِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَتَصِحُّ صَلاَتُهُ، وَتَكُونُ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ يَقُومُ إلَيْهِمَا تَطَوُّعًا. فَإِنْ كَانَ عليه السلام لَمْ يَقْعُدْ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَصَلاَتُهُ عِنْدَهُمْ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ أَقْدَمُوا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَفَرُوا بِلاَ مِرْيَةٍ. وَإِنْ كَانَ عليه السلام قَعَدَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ، فَقَدْ صَارَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مُصَلِّيَةً فَرْضَهُمْ خَلْفَهُ، وَهُوَ عليه السلام مُتَنَفِّلٌ، وَهَذَا قَوْلُنَا لاَ قَوْلُهُمْ. وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُسَافِرَ إنْ صَلَّى أَرْبَعًا: فَقَدْ أَسَاءَ فِي صَلاَتِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الْوَقْتِ. فَإِنْ قَالُوا: هَذَا فِي صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِلاَ مِرْيَةٍ، وَإِنْ قَالُوا: بَلْ سَلَّمَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ: أَقَرُّوا بِأَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ، رضي الله عنهم، صَلَّوْا فَرْضَهُمْ خَلْفَهُ عليه السلام وَهُوَ مُتَنَفِّلٌ وَهَذَا إجْمَاعٌ صَحِيحٌ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ حَضَرَ، وَلاَ يَخْفَى مِثْلُ هَذَا عَلَى مَنْ غَابَ، وَكُلُّهُمْ مُسَلِّمٌ لاَِمْرِهِ عليه السلام وَقَدْ لَجَأَ بَعْضُ الْمَفْتُونِينَ مِنْ مُقَلِّدِي مَالِكٍ إلَى أَنْ قَالَ: هَذَا خَاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاَِنَّ فِي الاِئْتِمَامِ بِهِ مِنْ الْبَرَكَةِ فِي النَّافِلَةِ مَا لَيْسَ فِي الاِئْتِمَامِ بِغَيْرِهِ فِي الْفَرِيضَةِ: قَالَ عَلِيٌّ: فَرَّ هَذَا الْبَائِسُ مِنْ الإِذْعَانِ لِلْحَقِّ إلَى الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي دَعْوَاهُ الْخُصُوصَ فِيمَا لَمْ يَقُلْ عليه السلام قَطُّ: إنَّهُ خُصُوصٌ لَهُ. بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْهُ عليه السلام مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّهُ قَالَ صَلُّوا كَمَا تَرَوْنِي أُصَلِّي. وَقَالَ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: وَاعْتَرَضُوا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ بِأَشْيَاءَ نَذْكُرُهَا، وَإِنْ كُنَّا غَانِينَ عَنْ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَجَابِرٍ، لَكِنَّ نَصْرَ الْحَقِّ فَضِيلَةٌ، وَقَمْعَ الْبَاطِلِ وَسِيلَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ يَجُوزُ اخْتِلاَفُ نِيَّةِ الإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لِمَا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سَخْبَرَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسِ الْقِتْبَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الَّتِي أُقِيمَتْ: قال علي: وهذا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ؛ لاَِنَّ رَاوِيَهُ أَبُو صَالِحٍ وَهُوَ سَاقِطٌ. وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ: فَهُوَ مَا رَوَاهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجِ بْنِ سَلَمَةَ وَوَرْقَاءُ بْنُ عَمْرٍو وَزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ كِتَابِ الصَّلاَةِ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا. ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَفْظُ صَالِحٍ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ؛ لاَِنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ؛ لاَِنَّ الْمَالِكِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ مَعًا مُتَّفِقُونَ: عَلَى أَنَّ صَلاَةَ الصُّبْحِ إذَا أُقِيمَتْ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ، وَلاَ رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ: يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الَّتِي أُقِيمَتْ فَسُبْحَانَ مَنْ يَسَّرَهُمْ لِلاِحْتِجَاجِ بِمَا لاَ يَصِحُّ مِنْ الأَخْبَارِ فِي إبْطَالِ مَا صَحَّ مِنْهَا ثُمَّ لاَ مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ خِلاَفِ مَا احْتَجُّوا بِهِ حَيْثُ لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ وَأَيْضًا: فَهُمْ مُصَفِّقُونَ عَلَى جَوَازِ التَّنَفُّلِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ الْبَاطِلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَقُلْنَا بِهِ، وَلاَسْتَعْمَلْنَا مَعَهُ مَا قَدْ صَحَّ مِنْ سَائِرِ الأَخْبَارِ، مِنْ حَدِيثِ: مُعَاذٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا لِشَيْءٍ آخَرَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ خَبَرًا: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمٌ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَظَلُّ فِي أَعْمَالِنَا فَنَأْتِي حِينَ نُمْسِي فَيَأْتِي مُعَاذٌ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ لاَ تَكُنْ فَتَّانًا إمَّا أَنْ تُخَفِّفَ لِقَوْمِكَ، أَوْ تَجْعَلَ صَلاَتَكَ مَعِي. فَادَّعَوْا مِنْ هَذَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يَجْعَلُ الَّتِي يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَافِلَةً قال علي: وهذا تَأْوِيلٌ لاَ يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ، لِوُجُوهٍ سِتَّةٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ كَذِبٌ وَدَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ، وَهَذَا لاَ يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْ لاَ يَحْجُزُهُ عَنْهُ تَقْوَى أَوْ حَيَاءٌ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ؛ لاَِنَّهُ مُنْقَطِعٌ؛ لاَِنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ أَدْرَكَ هَذَا الَّذِي شَكَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُعَاذٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حدثنا أَبُو بَكْرٍ هُوَ عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْت مُعَاذَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ قَالَ سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَنَّ سُلَيْمًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي رَجُلٌ أَعْمَلُ نَهَارِي حَتَّى إذَا أَمْسَيْتُ أَمْسَيْتُ نَاعِسًا، فَيَأْتِينَا مُعَاذٌ وَقَدْ أَبْطَأَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا احْتَبَسَ صَلَّيْتُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَنَّ سُلَيْمًا صَاحِبَ هَذِهِ الْقِصَّةِ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إذَا أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إلاَّ الْمَكْتُوبَةَ. وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ هُنَا بِكَلاَمٍ يُشْبِهُ كَلاَمَ الْمَمْرُورِينَ وَهُوَ، أَنَّهُ قَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ بَعْضَ سَبَبِ التَّطَوُّعِ سَبَبُ الْفَرِيضَةِ، وَأَنَّ مَنْ ابْتَدَأَ صَلاَةً لاَ يَنْوِي بِهَا شَيْئًا كَانَ دَاخِلاً فِي نَافِلَةٍ. قال علي: هذا كَلاَمٌ لاَ يَفْهَمُهُ قَائِلُهُ فَكَيْفَ سَامِعُهُ وَحَقُّ قَائِلِهِ سُكْنَى الْمَارَسْتَانِ وَمُعَانَاةُ دِمَاغِهِ وَيُقَالُ لَهُ: اجْعَلْ هَذَا الْكَلاَمَ حُجَّةً فِي الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ وَأَيْضًا: فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ، بَلْ مَنْ ابْتَدَأَ صَلاَةً لاَ يَنْوِي بِهَا شَيْئًا فَلَيْسَ مُصَلِّيًا، وَلاَ شَيْءَ لَهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. فَنَحْنُ نَدِينُ بِأَنَّ كَلاَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ بِالاِتِّبَاعِ مِنْ كَلاَمِ هَذَا الْمُمَخْرِقِ بِالْهَذَيَانِ ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ أَصْلاً، لاَِنَّهُ وَاضِحُ الْمَعْنَى، وَكَانَ يَكُونُ قَوْلُهُ عليه السلام: إمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ أَوْ اجْعَلْ صَلاَتَكَ مَعِي أَيْ لاَ تُصَلِّ بِهِمْ إذَا لَمْ تُخَفِّفْ بِهِمْ، وَاقْتَصِرْ عَلَى أَنْ تَكُونَ صَلاَتُك مَعِي فَقَطْ، هَذَا مُقْتَضَى ذَلِكَ اللَّفْظِ الَّذِي لاَ يَحْتَمِلُ سِوَاهُ وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ عَامِرٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ الْعَوَالِي يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ وَيُصَلُّونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدُوا الصَّلاَةَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. وَخَبَرٍ آخَرَ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إلَى أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُد بْنُ شَاذِ بْنُ دَاوُد الْمِصْرِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْغَنِيّ بْنُ سَعِيدِ الأَزْدِيُّ الْحَافِظُ، حدثنا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ الرُّعَيْنِيُّ، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الطَّحَاوِيُّ قَالَ: حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: سَمِعْت يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ يَقُولُ: أَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلاَطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَقُلْتُ: أَلاَ تُصَلِّي مَعَهُمْ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ فِي رَحْلِي إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُصَلَّى فَرِيضَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ: فَكَانَتْ صَلاَةُ مُعَاذٍ إذْ كَانَ مُبَاحًا أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلاَةَ مَرَّتَيْنِ فِي الْيَوْمِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ أَيْمَنَ: فَسَاقِطٌ؛ لاَِنَّهُ مُرْسَلٌ. ثُمَّ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا: أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّ قَائِلَ هَذَا قَدْ كَذَبَ، وَمَا كَانَ قَطُّ مُبَاحًا أَنْ تُصَلِّيَ صَلاَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ إلاَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَطْ، حَاشَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْوِتْرِ فَقَطْ، وَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام أَخْبَرَ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهَ بِهِ هَذَا الْمُمَوِّهُ وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَقٌّ، وَمَا حَلَّ قَطُّ، وَلاَ قلنا نَحْنُ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ تُصَلَّى صَلاَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ: وَإِنَّمَا قلنا: أَنْ تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، رضي الله عنهم،، وَتُصَلَّى النَّافِلَةُ خَلْفَ مُصَلِّي الْفَرْضِ، كَمَا أَمَرَ عليه السلام، وَكَمَا يُجِيزُونَ هُمْ أَيْضًا مَعَنَا. وَتُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ خَلْفَ مُؤَدِّي فَرِيضَةٍ أُخْرَى، كَمَا أَخْبَرَ عليه السلام: بِأَنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، وَلَمْ يَنْهَ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ قَطُّ، وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى حَدَثَ مَا حَدَثَ وَإِنَّمَا الْمُجِيزُونَ أَنْ تُصَلَّى صَلاَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ: فَالْمَالِكِيُّونَ الْقَائِلُونَ: بِإِعَادَةِ الصَّلاَةِ فِي الْوَقْتِ، وَبِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ صَلاَةً فِي أُخْرَى: صَلَّى الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ الَّتِي ذَكَرَ، ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي صَلَّى، وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ وَالْعَجَبُ مِنْ احْتِجَاجِهِمْ بِابْنِ عُمَرَ، وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا وقال بعضهم قَوْلاً يَجْرِي فِي الْقُبْحِ مَجْرَى مَا تَقَدَّمَ لَهُمْ وَيُرْبِي عَلَيْهِ، وَهُوَ، أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ لِعَدَمِ مَنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ. قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ اتَّقَى اللَّهَ قَائِلُ هَذَا الْهَوَسِ أَوْ اسْتَحْيَا مِنْ الْكَذِبِ، لَمْ يَنْصُرْ الْبَاطِلَ بِمَا هُوَ أَبْطَلُ مِنْهُ. وَلَوْ عَرَفَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَمَنْزِلَتَهُمْ فِي الْعِلْمِ: لَمْ يَقُلْ هَذَا؛ لاَِنَّنَا نَجِدُ، الزِّنْجِيَّ وَالتُّرْكِيَّ، وَالصَّقْلَبِيَّ وَالرُّومِيَّ وَالْيَهُودِيَّ: يُسَلِّمُونَ، فَلاَ تَمْضِيَ لَهُمْ جُمُعَةٌ إلاَّ وَقَدْ تَعَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ، وَالرَّجُلُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَمَا يُقِيمُونَ بِهِ صَلاَتَهُمْ. وَلَمْ يَسْتَحِ هَذَا الْجَاهِلُ الْوَقَّاحُ أَنْ يَنْسُبَ إلَى حَيٍّ عَظِيمٍ مِنْ أَحْيَاءِ الأَنْصَارِ، وَحَيٍّ آخَرَ صَغِيرٍ مِنْهُمْ، وَهُمْ بَنُو سَلَمَةَ، وَبَنُو أَدَى قَدْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِعَامَيْنِ وَأَشْهُرٍ ثَلاَثَةُ رِجَالٍ، وَأَسْلَمَ جُمْهُورُهُمْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ: أَنَّهُمْ بَقُوا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا بَعْدَ إسْلاَمِهِمْ لَمْ يَهْتَبِلُوا بِصَلاَتِهِمْ، وَلاَ تَعَلَّمُوا سُورَةً يُصَلُّونَ بِهَا، وَهُمْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْبَصَائِرِ فِي الدِّينِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ الْمَفْضُوحِ فَلْيَعْلَمْ أَهْلُ الْجَهْلِ: أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ بَنِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ فِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ثَلاَثُونَ عَقَبِيًّا، وَثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُونَ بَدْرِيًّا سِوَى غَيْرِهِمْ. أَفَمَا كَانَ فِي جَمِيعِ هَؤُلاَءِ الْفُضَلاَءِ أَحَدٌ يُحْسِنُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ. وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدُهُ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الْيَسْرِ وَالْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَمُعَاذٌ، وَمُعَوِّذٌ، وَخَلاَّدٌ بَنُو عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَابِئٍ وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ أَصَحِّ طَرِيقٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى حَفِظْتُ سُوَرًا مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْكِذْبَةَ الَّتِي قَالَهَا هَذَا الْجَاهِلُ دَعْوَى افْتَرَاهَا لَمْ يَجِدْهَا قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ السَّقِيمَةِ فَكَيْفَ الصَّحِيحَةِ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلاَ وَجْهَ لِلشُّغْلِ بِهَا إلاَّ فَضِيحَةُ قَائِلِهَا فَقَطْ، ثُمَّ تَحْذِيرُ الضُّعَفَاءِ مِنْهُ، وَالتَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ وَالثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ لَهُ: هَبْكَ أَنَّ هَذِهِ الْكِذْبَةَ كَمَا ذَكَرْتَ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَكُمْ وَهَلْ يَحِلُّ لَدَيْكُمْ أَنْ تُسْلِمَ طَائِفَةٌ فَلاَ يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ يَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ إلاَّ وَاحِدٌ فَيُصَلِّي ذَلِكَ الْوَاحِدُ مَعَ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَؤُمُّهُمْ فِي تِلْكَ الصَّلاَةِ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: لاَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فَأَيُّ رَاحَةٍ لَكُمْ فِي اسْتِنْبَاطِ كَذِبٍ لاَ تَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي تَرْقِيعِ فَاسِدِ تَقْلِيدِكُمْ ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: احْمِلُوهُ عَلَى مَا شِئْتُمْ، أَلَيْسَ قَدْ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ فَبِأَيِّ وَجْهٍ تُبْطِلُونَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُكْمَهُ وَقَدْ تَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي بَكْرَةَ بِنَحْوِ هَذِهِ الْفَضَائِحِ فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ تُقْصَرَ الصَّلاَةُ، أَوْ فِي سَفَرٍ لاَ تُقْصَرُ الصَّلاَةُ فِي مِثْلِهِ . فَقُلْنَا: هَذَا جَهْلٌ وَكَذِبٌ آخَرُ، أَبُو بَكْرَةَ مُتَأَخِّرُ الإِسْلاَمِ، لَمْ يَشْهَدْ بِالْمَدِينَةِ قَطُّ خَوْفًا، وَلاَ صَلاَةَ خَوْفٍ، وَلاَ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَالَ جَابِرٌ: بِنَخْلٍ، وَبِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَكِلاَ الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الْمَدِينَةِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها،: أَنَّ الصَّلاَةَ أُنْزِلَتْ بِمَكَّةَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِمَّتْ صَلاَةُ الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ فَبَطَلَ كُلُّ عَارٍ أَتَوْا بِهِ فِي إبْطَالِ الْحَقَائِقِ مِنْ السُّنَنِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا ثُمَّ هُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَمَّارِ الْعَنَزِيِّ: أَنَّ عَامِلاً لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ بِكَسْكَرَ فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ، فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ إنِّي رَأَيْتنِي شَاخِصًا عَنْ أَهْلِي وَلَمْ أَرَنِي بِحَضْرَةِ عَدُوٍّ فَرَأَيْت أَنْ أُصَلِّيَ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُسَلِّمَ ثُمَّ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُسَلِّمَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَنْ قَدْ أَحْسَنْت وَمِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا مَعَ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ هُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِنَا صَلاَةَ الصُّبْحِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، فَمَرَّ حِمَارٌ بَيْنَ يَدَيْ الصُّفُوفِ فَأَعَادَ بِهِمْ الصَّلاَةَ، وَقَالَ: قَدْ كَانَ بَيْنَ يَدَيَّ مَا يَسْتُرُنِي يَعْنِي الْعَنَزَةَ وَلَكِنِّي أَعَدْت لِمَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ: فَهَذَا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى نَافِلَةً بِمَنْ يُؤَدِّي فَرِيضَةً وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ: أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى مَعَهُمْ فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً، فَجَعَلَ ثَلاَثًا لِلْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا. وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ هَذَا الْخَبَرَ، وَزَادَ فِيهِ: ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: فِيمَنْ أَتَى التَّرَاوِيحَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَقَدْ بَقِيَ لِلنَّاسِ رَكْعَتَانِ قَالَ: اجْعَلْهُمَا مِنْ الْعِشَاءِ وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: مَنْ صَلَّى مَعَ قَوْمٍ هُوَ يَنْوِي الظُّهْرَ وَهُمْ يُرِيدُونَ الْعَصْرَ، قَالَ: لَهُ مَا نَوَى، وَلَهُمْ مَا نَوَوْا، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ طَاوُوس: مِنْ وَجَدَ النَّاسَ يُصَلُّونَ الْقِيَامَ وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ فَلْيُصَلِّهَا مَعَهُمْ، وَلْيَعْتَدَّهَا الْمَكْتُوبَةَ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ، وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلاَءِ الثِّقَاتِ قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالِفًا أَصْلاً، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ هَذَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَقَوْلُنَا هَذَا: هُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَنْ أَتَى مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَتْ بِهِ صَلاَةُ فَرْضٍ جَمَاعَةٌ بِإِمَامٍ رَاتِبٍ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ صَلاَّهَا: فَلْيُصَلِّهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَيُجْزِئُهُ الأَذَانُ الَّذِي أُذِّنَ فِيهِ قَبْلُ، وَكَذَلِكَ الإِقَامَةُ، وَلَوْ أَعَادُوا أَذَانًا وَإِقَامَةً: فَحَسَنٌ، لاَِنَّهُ مَأْمُورٌ بِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا الأَذَانُ وَالإِقَامَةُ: فَإِنَّهُ لِكُلِّ مَنْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلاَةَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ شَهِدَهُمَا أَوْ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمَا وقال مالك: لاَ تُصَلَّى فِيهِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى إلاَّ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ. وَاحْتَجَّ لَهُ مُقَلِّدُوهُ بِ، أَنَّهُ قَالَ هَذَا قَطْعًا لاََنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الأَهْوَاءِ قَالَ عَلِيٌّ: وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ لاَ يَرَى الصَّلاَةَ خَلْفَ أَئِمَّتِنَا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَهَا فِي مَنَازِلِهِمْ، وَلاَ يَعْتَدُّونَ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ مُبْتَدَأَةً أَوْ غَيْرَ مُبْتَدَأَةٍ مَعَ إمَامٍ مِنْ غَيْرِهِمْ. فَهَذَا الاِحْتِيَاطُ لاَ وَجْهَ لَهُ، بَلْ مَا حَصَلُوا إلاَّ عَلَى اسْتِعْجَالِ الْمَنْعِ مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَدَاءِ الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ خَوْفًا مِنْ أَمْرٍ لاَ يَكَادُ يُوجَدُ مِمَّنْ لاَ يُبَالِي بِاحْتِيَاطِهِمْ وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ بَقِيَ بْنِ زَرْبٍ الْقَاضِي إذَا دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ جَمَعَ فِيهِ إمَامُهُ الرَّاتِبُ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلاَةَ بَعْدُ جَمَعَ بِمَنْ مَعَهُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ. قَالَ عَلِيٌّ: الْقَصْدُ إلَى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ بِذَلِكَ عَجَبٌ آخَرُ. قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لَكِنْ قِلَّةَ اهْتِبَالٍ، أَوْ لِهَوًى، أَوْ لِعَدَاوَةٍ مَعَ الإِمَامِ: فَإِنَّنَا نَنْهَاهُ، فَإِنْ انْتَهَى وَإِلاَّ أَحْرَقْنَا مَنْزِلَهُ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ: فَإِنْ صَلَّوْهَا فِيهِ جَمَاعَةً أَجْزَأَتْهُمْ فَيَا لِلَّهِ وَيَا لِلْمُسْلِمِينَ أَيُّ رَاحَةٍ لَهُمْ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ صَلاَةِ جَمَاعَةٍ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَهِيَ عِنْدَهُمْ جَازِيَةٌ عَمَّنْ صَلاَّهَا فَأَيُّ اخْتِيَارٍ أَفْسَدُ مِنْ هَذَا. وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ الْفَجْرِ وَقَدْ صَلَّيْنَا فَأَقَامَ وَأَمَّ أَصْحَابَهُ وَرُوِّينَا أَيْضًا: أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ نَحْوُ عَشْرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ. وَرُوِّينَا أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ وَسَمَّاهُ حَمَّادُ فَقَالَ: فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ: نَفَرٌ دَخَلُوا مَسْجِدَ مَكَّةَ خِلاَفَ الصَّلاَةِ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، أَيَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ قَالَ: نَعَمْ، وَمَا بَأْسُ ذَلِكَ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: أَمَّنِي إبْرَاهِيمُ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَلاَ إقَامَةٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ صَحِبْت أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَيْنَا مَسْجِدَ أَهْلِ مَاءٍ قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَذَّنَ أَيُّوبُ وَأَقَامَ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِنَا وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ: دَخَلْت مَعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ، فَأَذَّنَ ثَابِتٌ وَأَقَامَ، وَتَقَدَّمَ الْحَسَنُ فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْت: يَا أَبَا سَعِيدٍ: أَمَا يُكْرَهُ هَذَا قَالَ: وَمَا بَأْسُهُ قَالَ عَلِيٌّ هَذَا مِمَّا لاَ يُعْرَفُ فِيهِ لاَِنَسٍ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، هُوَ ابْنُ الأَسْوَدِ النَّاجِي عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ هُوَ عَلِيُّ بْنُ دَاوُد النَّاجِي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا، فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ ظَفِرُوا بِمِثْلِ هَذَا لَطَارُوا بِهِ كُلَّ مَطَار.
وَإِنْ دَخَلَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَوَجَدُوا الإِمَامَ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ فَالأَفْضَلُ لِلَّذِينَ يُتِمُّونَ مَا فَاتَهُمْ أَنْ يَقْضُوهُ بِإِمَامٍ يَؤُمُّهُمْ مِنْهُمْ، لاَِنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالصَّلاَةِ جَمَاعَةً، وَلَوْلاَ نَصٌّ وَرَدَ بِأَنْ يَقْضُوا فُرَادَى لَمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ: وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: دَخَلْت مَعَ ابْنِ سَابِطٍ فِي أُنَاسٍ الْمَسْجِدَ وَالإِمَامُ سَاجِدٌ فَسَجَدَ بَعْضُنَا وَتَهَيَّأَ بَعْضُنَا لِلسُّجُودِ، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ قَامَ ابْنُ سَابِطٍ بِأَصْحَابِهِ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَطَاءٍ فَقَالَ: كَذَلِكَ يَنْبَغِي، فَقُلْت: إنَّ هَذَا لاَ يُفْعَلُ عِنْدَنَا. قَالَ: يَفْرُقُونَ. قال علي: هذا يُبَيِّنُ أَنَّ النَّاسَ مَضَوْا عَلَى أَعْمَالِ سَلاَطِينِ الْجَوْرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: فِي الْقَوْمِ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ فَيُدْرِكُونَ فِيهِ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً قَالَ: يَقُومُونَ فَيَقْضُونَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ، يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ وَهُوَ قَائِمٌ مَعَهُمْ فِي الصَّف.
|