الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ يَسِّرْ وَاخْتِمْ بِخَيْرٍ يَا كَرِيمُ قال أبو محمد : وَأَمَّا الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ فَعَلَى الْعَصَبَةِ وَهُمْ الْعَاقِلَةُ , وَهَذَا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ , إِلاَّ شَيْءٌ ذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ أَدْرِي مَا الْعَاقِلَةُ. قال أبو محمد : وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: قال أبو محمد : لَوْلاَ أُثِرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ , وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ اللَّهُ الْبَيَانَ عَنْ مُرَادِهِ تَعَالَى , فَقَالَ: قال أبو محمد : فَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ نَتَأَيَّدُ. قال أبو محمد : فإن قال قائل : إنَّكُمْ تَقُولُونَ : إنَّ الذِّمِّيَّ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ ذِمَّتُهُ , وَعَادَ حَرْبِيًّا , وَقُتِلَ ، وَلاَ بُدَّ , وَاسْتُفِيءَ مَالُهُ فَكَيْفَ تَقُولُونَ فِيمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ : ثني أَبُو لَيْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ , وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ : أَنْتُمْ وَاَللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا : وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ , ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ , ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ , وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَيَّصَةَ : كَبِّرْ كَبِّرْ يُرِيدُ السِّنَّ فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ , وَأَمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ وَذُكِرَ بَاقِي الْخَبَرِ فَهَذَا قَتْلُ كَافِرٍ لِمُؤْمِنٍ وَفِيهِ الدِّيَةُ. قال أبو محمد : فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ إنَّنَا عَلَى يَقِينٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُلْزِمُ أَحَدًا دِيَةً إِلاَّ قَاتِلاً عَمْدًا , أَوْ عَاقِلَةَ قَاتِلِ خَطَأٍ أَوْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عَمَّنْ لاَ عَاقِلَةَ لَهُ , فَإِلْزَامُهُ عليه السلام الْيَهُودَ الدِّيَةَ لاَ يَخْلُو بِيَقِينٍ لاَ إشْكَالَ فِيهِ مَعَ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونُوا قَاتِلِي عَمْدٍ , أَوْ إمَّا أَنْ يَكُونُوا عَاقِلَةَ قَاتِلِي خَطَأٍ هَذَا مَا لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سِوَاهُ , فَوَجَبَ أَنْ يُنْظَرَ أَيُّ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْمَكَانِ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا حُكْمَ قَاتِلِ الْعَمْدِ بَيَانٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمُهُ عِنْدَ غَيْرِنَا الْقَوَدُ , أَوْ الْعَفْوُ فَقَطْ , أَوْ مَا تَصَالَحُوا بِهِ , وَحُكْمُهُ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَيْضًا بِتَخْيِيرِ الْوَلِيِّ بَيْنَ الْقَوَدِ , أَوْ الْعَفْوِ , أَوْ الدِّيَةِ , وَحُكْمُهُ عِنْدَنَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَوَدِ , أَوْ الْعَفْوِ , أَوْ الدِّيَةِ , أَوْ مَا تَصَالَحُوا عَلَيْهِ , فَالْقَوَدُ عَلَى كُلِّ هَذِهِ الأَقْوَالِ حُكْمُ قَتْلِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ بِلاَ خِلاَفٍ فِيهِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ , وَحُكْمُ قَاتِلِ الْخَطَأِ الدِّيَةُ , أَوْ الْعَفْوُ عَنْهَا فَقَطْ. فَلَمَّا وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ قَوَدًا أَصْلاً فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ , وَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُغْفِلَ حَقًّا لِلْحَارِثِيَّيْنِ إِلاَّ وَيَذْكُرَهُ لَهُمْ , وَلاَ يَسْكُتَ عَنْهُ , فَيَبْطُلَ حَقُّهُمْ عَلِمْنَا أَنَّ حُكْمَهُ بِالدِّيَةِ بِذَلِكَ لاَ يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : مِنْ أَنْ يَكُونَ قَتْلَ عَمْدٍ ، وَلاَ يُعْرَفُ قَاتِلُهُ , فَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ نَاقِضِ الذِّمَّةِ , أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ فَإِنْ كَانَ قَتْلَ عَمْدٍ لاَ يُعْرَفُ قَاتِلُهُ , فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ عليه السلام لاَ يَلْزَمُهُمْ دِيَةٌ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِمْ. وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ لاَ تُؤَدِّي عَنْ قَاتِلِ عَمْدٍ , وَلاَ أَوْجَبَ ذَلِكَ نَصٌّ , فَبَطَلَ هَذَا الْحُكْمُ. وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ قَتْلُ الْخَطَأِ , وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ , لأََنَّ الْقَتْلَ قَدْ صَحَّ بِلاَ شَكٍّ , وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ بِقَصْدٍ , وَمُمْكِنٌ أَنْ لاَ يَكُونَ بِقَصْدٍ , فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ قَصَدُوهُ إِلاَّ بِبُرْهَانٍ مِنْ بَيِّنَةٍ , أَوْ إقْرَارٍ , أَوْ نَصٍّ مُوجِبٍ لِذَلِكَ فَبَقِيَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوهُ , وَهَذَا هُوَ الْخَطَأُ نَفْسُهُ. ثُمَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُمْ بِخُرُوجِهِمْ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ يَنْقُضُونَ الذِّمَّةَ وَيَعُودُونَ حَرْبِيِّينَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَبَيَّنَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْخَطَأِ فِي الْقَتْلِ الْمَوْجُودِ إنْ اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ , ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ حُكْمَ الْعَمْدِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ , وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إنْ حَلَفُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَسْلَمَ إلَيْهِمْ وَلاَحَ وَجْهُ الْحَدِيثِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَإِنْ قَالَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي حَدَّثَكُمْ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ , وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ : أَنْ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ : يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ قَالُوا : أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ. قال أبو محمد : فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَقٌّ , وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نُخَالِفَهُ , بَلْ هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا , وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُدْفَعَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ بِرُمَّتِهِ , وَهَذَا يَقْتَضِي قَتْلَهُ , وَيَقْتَضِي أَيْضًا اسْتِرْقَاقَهُ , لأََنَّهُ عُمُومٌ لاَ يُخْرِجُهُ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ مُقْتَضَى لَفْظِهِ إِلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : فَلْنَذْكُرْ الآنَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَأْيِيدِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ مَا كَانَ بِعَمْدٍ مِنْ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ , لأَِيجَابِ الْقُرْآنِ ذَلِكَ فِي كُلِّ تَعَدٍّ , وَفِي كُلِّ حُرْمَةٍ , وَفِي كُلِّ عُقُوبَةٍ , وَفِي كُلِّ سَيِّئَةٍ , وَوُرُودِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبَقِيَ الْكَلاَمُ : هَلْ فِي ذَلِكَ الْعَمْدِ دِيَةٌ يَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِيهَا , أَوْ فِي الْقِصَاصِ أَمْ لاَ وَهَلْ فِي الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ دِيَةٌ مُؤَقَّتَةٌ أَمْ لاَ قَالَ عَلِيٌّ : فَنَظَرْنَا فِي هَذَا فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ نَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الشِّيرَازِيُّ , قَالَ : أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ الرَّيَّانِ الْمَخْزُومِيِّ وَرَّاقِ بَكَّارِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. قال أبو محمد : وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُتَّصِلاً وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ النَّاسُ هَكَذَا. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَصَحَّ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْخَطَأَ كُلَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ , لاَ جُنَاحَ عَلَى الْإِنْسَانِ فِيهِ , وَإِنَّمَا الأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ. فَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنْ لاَ يُوجَبَ عَلَى أَحَدٍ حُكْمٌ فِي جِنَايَةٍ خَطَأً إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ صَحِيحٌ , أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ , وَإِلَّا فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ غَرَامَةٌ فِي عَمْدٍ ، وَلاَ فِي خَطَأٍ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ صَحِيحٌ , أَوْ إجْمَاعٌ مُتَيَقِّن , وَإِلَّا فَالأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ وَالْغَرَامَةُ سَاقِطَةٌ , لِمَا ذَكَرْنَا فإن قال قائل : قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً الدِّيَةَ كَامِلَةً , وَتَحْرِيرَ رَقَبَةٍ , أَوْ صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ فَإِذَا كَانَ حُكْمُ النَّفْسِ فِي الْخَطَأِ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ فَمَا دُونَهَا فِي الْخَطَأِ كَذَلِكَ تَجِبُ أَيْضًا قلنا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : هَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ , لِوُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ : أَوَّلُهَا : أَنَّهُ خَطَأٌ فِي الْقِيَاسِ عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ , لأََنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ : أَنْتُمْ أَصْحَابُ تَعْلِيلٍ , فَمَاذَا تَقُولُونَ لِمَنْ قَالَ لَكُمْ عَلَى أُصُولِكُمْ : إنَّ النَّفْسَ لاَ شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهَا بَعْدَ الشِّرْكِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى , فَلِذَلِكَ عَظُمَ أَمْرُهَا , وَجُعِلَ فِي الْخَطَأِ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَإِنْ كَانَ لاَ ذَنْبَ لِقَاتِلِ النَّفْسِ خَطَأً بِلاَ خِلاَفٍ , وَأَمَّا مَا دُونَ النَّفْسِ فَلَيْسَ لَهُ عِظَمُ النَّفْسِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى , وَلاَ حُرْمَتُهَا , فَلاَ يَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِي النَّفْسِ , إذْ لَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ الْعِلَّةُ الَّتِي فِي النَّفْسِ. وَالثَّانِي : أَنَّكُمْ قَدْ نَقَضْتُمْ هَذَا الْقِيَاسَ وَتَرَكْتُمُوهُ جُمْلَةً , فَفِي بَعْضِ الْجِنَايَاتِ جَعَلْتُمْ دِيَاتٍ مُؤَقَّتَةٍ , وَفِي بَعْضِهَا لَمْ تَجْعَلُوا دِيَةً أَصْلاً , إِلاَّ إمَّا حُكُومَةٌ , وَأَمَّا أَجْرُ الطَّبِيبِ , وَأَمَّا لاَ شَيْءَ , وَهَذَا نَقْضٌ مِنْكُمْ لِقِيَاسِكُمْ مَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى النَّفْسِ , وَلاَ قِيَاسَ أَفْسَدُ مِنْ قِيَاسٍ نَقَضَهُ الْقَائِلُونَ بِهِ. فَإِنْ قُلْتُمْ : إنَّمَا أَوْجَبْنَا دِيَةً مُؤَقَّتَةً حَيْثُ جَاءَ نَصٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا لَهُمْ : إنْ كَانَ ذَلِكَ النَّصُّ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ لِصِحَّةِ إسْنَادِهِ فَالْقَوْلُ بِهِ فَرْضٌ , وَالطَّاعَةُ لَهُ وَاجِبَةٌ , وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَصِحُّ كَصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَلاَ حُجَّةَ تَقُومُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَأَوَّلُ مَنْ يَشْهَدُ بِهَذَا فَأَنْتُمْ , لأََنَّكُمْ تَتْرُكُونَ كَثِيرًا مِمَّا فِي تَيْنِكَ الصَّحِيفَتَيْنِ. وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَجْعَلُوا بَعْضَ حُكْمٍ جَاءَ مَجِيئًا وَاحِدًا حُجَّةً وَبَعْضَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِلاَ دَلِيلٍ أَصْلاً إِلاَّ تَوْهِينُ ذَلِكَ : مَرَّةً إذَا اشْتَهَيْتُمْ وَلَمْ يُوَافِقُ حُكْمُهَا تَقْلِيدَكُمْ , وَتَوْثِيقُهَا مَرَّةً إذَا اشْتَهَيْتُمْ وَوَافَقَ تَقْلِيدَكُمْ حُكْمُهَا. وَنَحْنُ نُبَيِّنُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ ذَلِكَ فَصْلاً فَصْلاً. وَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ الْمُؤَقَّتَةَ حَيْثُ أَوْجَبَهَا الصَّحَابَةُ ، رضي الله عنهم ،. قلنا : وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنْ كَانَ أَوْجَبَ ذَلِكَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لأَِجْمَاعِهِمْ , لأََنَّ إجْمَاعَهُمْ هُوَ الْحَقُّ الْمَقْطُوعُ بِهِ عَلَى صِحَّتِهِ , وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلاً عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا مُخَالِفُونَ لِذَلِكَ , فَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ تَحْدِيدُ دِيَةٍ , وَأَنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ بِذَلِكَ فَالْإِضْرَابُ عَمَّا صَحَّحْتُمُوهُ خَطَأٌ وَإِفْسَادٌ لأَحْتِجَاجِكُمْ. فَصَحَّ أَنَّكُمْ لَمْ تَتَعَلَّقُوا هَاهُنَا بِقِيَاسٍ , وَلاَ بِقَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ بِنَصٍّ صَحِيحٍ , وَلاَ بِنَصٍّ تَلْتَزِمُونَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ وَمَا كَانَ مِنْ الأَقْوَالِ هَكَذَا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِيَقِينٍ مَقْطُوعٍ , عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِلاَ شَكٍّ. وَالثَّالِثُ : أَنَّكُمْ قَدْ أَبْطَلْتُمْ هَذَا الْقِيَاسَ أَيْضًا , لأََنَّ النَّصَّ فِي الْقُرْآنِ جَاءَ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ النَّفْسِ بِالْخَطَأِ بِرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ , أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَعَ الدِّيَةِ ; فَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنْ تَقِيسُوا مَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى النَّفْسِ فِي إيجَابِ كَفَّارَةٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ , أَوْ إيجَابِ بَعْضِ الدِّيَةِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ , ثُمَّ لاَ تَقِيسُوا مَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى النَّفْسِ فِي إيجَابِ كَفَّارَةٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ حَيْثُ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً , أَوْ بَعْضِ كَفَّارَةٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ حَيْثُ تَجِبُ بَعْضُ الدِّيَةِ فَهَذَا تَحَكُّمٌ فِي الْقِيَاسِ مَا سُمِعَ بِأَسْقَطَ مِنْهُ. وَلَئِنْ كَانَ قِيَاسُ إيجَابِ الدِّيَةِ أَوْ بَعْضِهَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ حَقًّا فَإِنَّ قِيَاسَ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بَعْضِهَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ لَحَقٌّ. وَلَئِنْ كَانَ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَاطِلاً لاَ يَجُوزُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الآخَرَ بَاطِلٌ لاَ يَجُوزُ , وَهَذَا مَا لاَ خَفَاءَ بِهِ عَنْ نَاصِحٍ لِنَفْسِهِ , لاَ سِيَّمَا وَالْكَفَّارَةُ أَوْجَبُ وَأَوْكَدُ مِنْ الدِّيَةِ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ الدِّيَةَ فِي الْقُرْآنِ إِلاَّ وَقَدْ أَوْجَبَ مَعَهَا الْكَفَّارَةَ , وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَّارَةَ وَأَسْقَطَ الدِّيَةَ. قَالَ تَعَالَى فَإِنْ قَالُوا : إنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ عَلَى إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ قلنا لَهُمْ : إذَا صَحَّ هَذَا , فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ أَبْطَلَ هَذَا الْقِيَاسَ فَلاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَصْلاً فِي الدِّيَةِ , وَلاَ فِي الْكَفَّارَةِ , إذْ هُوَ كُلُّهُ قِيَاسٌ وَاحِدٌ وَبَابٌ وَاحِدٌ. وَأَيْضًا : فَإِنَّ جُمْهُورَكُمْ لاَ يُوجِبُونَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ , وَلَمْ يَأْتِ إجْمَاعٌ بِإِسْقَاطِهَا , فَقَدْ تَرَكْتُمْ الْقِيَاسَ فِي هَذَا الْمَكَانِ دُونَ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ دِيَةً فِي كُلِّ قَتْلٍ خَطَأٍ , بَلْ قَدْ جَاءَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِ خَطَأً وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا , وَلاَ دِيَةَ فِيهِ , فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَكُمْ الْحُكْمُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ دِيَةً دُونَ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ دِيَةً وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ : بَلْ لاَ تَجِبُ دِيَةٌ فِي شَيْءٍ مِمَّا دُونَ النَّفْسِ تُصَابُ خَطَأً , قِيَاسًا عَلَى قَتْلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَنَا , فَإِذَا كَانَتْ عِلَّتُكُمْ غَيْرَ مُطَّرِدَةٍ فَالْقِيَاسُ عَلَى أُصُولِكُمْ لاَ يَجُوزُ عَلَيْهَا , فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ دِيَةٌ , لاَ بِقِيَاسٍ , وَلاَ بِقَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ بِنَصٍّ صَحِيحٍ , لأََنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ , وَلاَ لِضَمَانِ الأَمْوَالِ فِي الْخَطَأِ بِنَصٍّ مُلْتَزَمٍ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ. فإن قال قائل : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُكُمْ : إنَّ جِنَايَةَ الْخَطَأِ سَيِّئَةٌ فَبَاطِلٌ , مَا السَّيِّئَةُ إِلاَّ مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , وَلَيْسَ الْخَطَأُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فإن قيل : قَدْ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى ضَمَانِ مَا أُتْلِفَ مِنْ الأَمْوَالِ بِالْخَطَأِ وَبِالْعَمْدِ , فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ فِي الأَمْوَالِ وَبَيْنَ ضَمَانِ الْجِنَايَاتِ فِي الأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ قلنا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّ هَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ , لأََنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ عَلَى إبْطَالِ هَذَا الْقِيَاسِ , لأََنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي تَضْمِينِ كُلِّ مَا أُصِيبَ مِنْ الأَمْوَالِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْجِنَايَاتُ عَلَى الأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ إذْ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ كَثِيرًا مِنْهَا لَيْسَ فِيهِ تَضْمِينٌ بِدِيَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مَحْدُودَةٍ وَكُلُّ قِيَاسٍ لَمْ يَطَّرِدْ فِي نُظَرَائِهِ , وَكُلُّ عِلَّةٍ لَمْ تَجْرِ فِي مَعْلُولاَتِهَا فَهُمَا خَطَأٌ عِنْدَ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ , وَأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الأَمْوَالِ مُدْرَكَةٌ مَضْمُونَةٌ مَعْرُوفَةٌ , إمَّا بِالْقِيمَةِ وَأَمَّا بِالْكَيْلِ , وَأَمَّا بِالْوَزْنِ , وَأَمَّا بِالذَّرْعِ , وَأَمَّا بِالصِّفَةِ , وَلاَ تُدْرَكُ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الأَعْضَاءِ وَالْجِرَاحَاتِ وَبَيْنَ الأَمْوَالِ أَبَدًا , إِلاَّ بِنَصٍّ وَارِدٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ ; هَذَا أَمْرٌ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ , بَلْ الْمُمَاثَلَةُ مُمْتَنِعَةٌ فِي ذَلِكَ جُمْلَةً , لأََنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُمَثِّلَ مَا يُتَمَلَّكُ مِمَّا لاَ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ , فَإِذَا الأَمْرُ كَذَلِكَ فَلاَ سَبِيلَ إلَى الْحُكْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي ذَلِكَ , إِلاَّ بِمَا صَحَّ فِيهِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ , وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ بِيَقِينٍ , إذْ حَكَمَ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي شَيْئَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مِثْلاً لِلآخَرِ , وَأَنَّ تَمَلُّكَ الأَمْوَالِ بِالْخَطَأِ مُمْكِنٌ , وَاسْتِرْجَاعُهَا بِأَعْيَانِهَا مُمْكِنٌ , وَاسْتِرْجَاعُ أَمْثَالِهَا إنْ فَاتَتْ أَعْيَانُهَا مُمْكِنٌ , وَالأَعْضَاءُ وَالْجِرَاحُ لاَ يَصِحُّ لِلْجَانِي تَمَلُّكُهَا لاَ عَمْدًا ، وَلاَ خَطَأً , وَلاَ يَصِحُّ اسْتِرْجَاعُهَا أَصْلاً , وَلاَ اسْتِرْجَاعُ أَمْثَالِهَا , فَقِيَاسُ أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى الآخَرِ قِيَاسٌ فَاسِدٌ , لأََنَّهُ قِيَاسُ الضِّدِّ عَلَى ضِدِّهِ فِي الْحُكْمِ , وَإِنَّمَا يَقُولُ أَصْحَابُ الْقِيَاسِ بِقِيَاسِ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ لاَ عَلَى ضِدِّهِ , وَأَنَّهُمْ قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى إبْطَالِ هَذَا الْقِيَاسِ , مِنْ حَيْثُ هُوَ أَقْرَبُ شَبَهًا بِمَا قَاسُوهُ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ غَصَبَ حُرًّا فَتَمَلَّكَهُ وَاسْتَرَقَّهُ , فَمَاتَ فِي تَمَلُّكِهِ , فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُهُ , وَلاَ يَضْمَنُ فِيهِ قِيمَةً ، وَلاَ دِيَةً , إِلاَّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إنْ بَاعَهُ فَفَاتَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ : أَنَّهُ يُودِي دِيَتَهُ فَإِنْ كَانَ غَصْبُ الْحُرِّ لاَ يُقَاسُ عَلَى غَصْبِ الْمَالِ لاَ فِي الْخَطَأِ , وَلاَ فِي الْعَمْدِ , بِلاَ خِلاَفٍ , فَالْجِرَاحُ , وَكَسْرُ الْعُضْوِ , وَقَطْعُهُ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الأَمْوَالِ وَهَذَا لاَ خَفَاءَ بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَإِنْ ذَكَرُوا : مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ فِي مَنْزِلِهِ بِمَدِينَةِ قُرْطُبَةَ عِنْدَ مَسْجِدِ الْقَصَّارِينَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَنِي جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ وَالْخَبْلُ الْجِرَاحُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي إحْدَى ثَلاَثٍ : إمَّا أَنْ يَعْفُوَ , وَأَمَّا أَنْ يَقْتَصَّ , وَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ. فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ النَّارَ خَالِدًا فِيهَا. وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ أَوْ خَبْلٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ إحْدَى ثَلاَثٍ : إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ , وَأَمَّا أَنْ يَعْفُوَ , وَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ. فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ فَإِنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ خَلَفٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْعَوْجَاءِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ أَوْ خَبْلٍ يَعْنِي جِرَاحًا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَعْفُوَ عَفَا , وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَخَذَ. قلنا : هَذَا لاَ يَصِحُّ , لأََنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إِلاَّ سُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ السُّلَمِيُّ , وَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ ، وَلاَ يُعْرَفُ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ , فَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ مُنْشَرِحَةً صُدُورُنَا بِذَلِكَ , وَلَمَا تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِ أَحَدٍ , وَأَمَّا إذْ لَمْ يَصِحَّ فَلاَ يَجُوزُ الأَخْذُ بِهِ , ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ وَمُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ , لأََنَّهُ إنَّمَا جَاءَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَفِيهِ الْقِصَاصُ مِنْهَا جُمْلَةً لَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا , وَكُلُّهُمْ لاَ يَرَى الْقَوَدَ مِنْهَا , فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ , وَجُمْهُورُهُمْ لاَ يَرَى الْقَوَدَ مِنْهَا , إِلاَّ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ فَقَدْ خَالَفُوا هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا تَرَى. وَأَيْضًا إنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ كَمَا ذَكَرْنَا , لأََنَّ فِيهِ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ , وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الأَمَةِ فِي أَنَّ الْقَوَدَ لَيْسَ إِلاَّ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ وَفِيهِ الْخِيَارُ فِي الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ وَكُلُّهُمْ أَوْ جُمْهُورُهُمْ لاَ يَرَى فِي قَطْعِ الأَعْضَاءِ فِي الْعَمْدِ إِلاَّ الْقَوَدَ فَقَطْ وَقَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ فِي هَذَا الْوَجْهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ لاَ يَرَوْنَ خِيَارًا فِي قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ. وَأَيْضًا إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْ جِرَاحِ الْخَطَأِ , فَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ وِفَاقُهُ لَنَا أَكْثَرَ مِنْ وِفَاقِهِ لَهُمْ , وَلَكَانُوا مُخَالِفِينَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قال أبو محمد : فَبَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فأما جِنَايَاتُ الْعَمْدِ وَجِرَاحِهِ فَإِنَّ مَالِكًا لاَ يَرَى فِيهَا جُمْلَةً , إِلاَّ الْقَوَدَ أَوْ الْعَفْوَ فَقَطْ , وَلاَ يَرَى فِيهَا دِيَةً , فَاتَ الْقَوَدُ أَوْ لَمْ يَفُتْ , إِلاَّ فِي قَلِيلٍ مِنْهَا فَيَرَى فِيهَا الدِّيَةَ لأَمْتِنَاعِ الْقَوَدِ وَيَرَى فِي سَائِرِ جِرَاحَاتِ الْخَطَأِ الدِّيَةَ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهَا فَإِنَّهُ لاَ يَرَى فِيهَا دِيَةً لَكِنْ حُكُومَةً وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابِهِ , وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ , إِلاَّ فِي فُرُوعٍ اخْتَلَفُوا فِيهَا نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَصْحَابِنَا , وَبِهِ نَأْخُذُ , إِلاَّ أَنَّنَا لاَ نَرَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دِيَةً , وَلاَ حُكُومَةً أَمْكَنَ الْقَوَدُ , أَوْ لَمْ يُمْكِنْ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَصٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَثْبُتَ بِهِ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ , وَحَتَّى لَوْ غَابَ عَنَّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعٌ لَمْ نَعْلَمْهُ , لَكِنَّا بِلاَ شَكٍّ عِنْدَ اللَّهِ أَعْذَرُ وَأَسْلَمُ وَأَخْلَصُ , إذْ لَمْ نَقْتَحِمْ مَا لَمْ نَدْرِ وَلَمْ نَقِفْ مَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ مِمَّا لَوْ عَلِمْنَاهُ لَقُلْنَا بِهِ. قَالَ عَلِيٌّ : وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ الآنَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله تعالى عنهم فِي ذَلِكَ , ثُمَّ مَا جَاءَ عَنْ التَّابِعِينَ رحمهم الله فِي ذَلِكَ , ثُمَّ مَا تَيَسَّرَ مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ , إذْ الْعُمْدَةُ فِي الدِّينِ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَاخْتِلاَفُهُمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ ; وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ أُمَّ حَارِثَةَ جَرَحَتْ إنْسَانًا فَاخْتَصَمُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاصُ الْقِصَاصُ. فَقَالَتْ أُمُّ الرَّبِيعِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلاَنَةَ وَاَللَّهِ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أُمَّ الرَّبِيعِ , الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ , قَالَتْ : لاَ , وَاَللَّهِ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَدًا , قَالَ : فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لاََبَرَّهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السَّلِيمِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ ، هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَسَرَتْ الرُّبَيِّعُ أُخْتُ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ , فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْقِصَاصَ , فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا الْيَوْمَ فَقَالَ : يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ , فَرَضُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ , فَعَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لاََبَرَّهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد : سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ : كَيْفَ يُقْتَصُّ مِنْ السِّنِّ قَالَ : يُبْرَدُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ الْفَزَارِيّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَسَرَتْ الرُّبَيِّعُ وَهِيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنْ الأَنْصَارِ , فَطَلَبَ الْقَوْمُ الْقِصَاصَ. فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ , فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : وَاَللَّهِ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ , فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لاََبَرَّهُ. قال أبو محمد : فَهُمَا حَدِيثَانِ مُتَغَايِرَانِ , وَحُكْمَانِ اثْنَانِ , فِي قَضِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لِجَارِيَةٍ وَاحِدَةٍ : أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ فِي جِرَاحَةٍ جَرَحَتْهَا أُمُّ الرُّبَيِّعِ إنْسَانًا , فَقَضَى عليه الصلاة والسلام بِالْقِصَاصِ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ , فَحَلَفَتْ أُمُّهَا أَنَّهَا لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا , فَرَضُوا بِالدِّيَةِ , فَأَبَرَّ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمَهَا وَالْحُكْمُ الثَّانِي فِي ثَنِيَّةِ امْرَأَةٍ كَسَرَتْهَا الرُّبَيِّعُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ , فَحَلَفَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَخُوهَا أَنْ لاَ يُقْتَصَّ مِنْهَا , فَرَضُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ , وَأَبَرَّ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمَهُ فَلاَحَ كَمَا تَرَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ : جِرَاحَةٌ , وَثَنِيَّةٌ وَدِيَةٌ , وَأَرْشٌ , وَحَلَفَتْ أُمُّهَا فِي الْوَاحِدَةِ , وَحَلَفَ أَخُوهَا فِي الثَّانِيَةِ , وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أُحُدٍ , لأََنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ رضي الله عنه قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ بِلاَ خِلاَفٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ أَنَّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ مِنْ جُرْحٍ , أَوْ نَفْسٍ , فَهُوَ دِيَةٌ , سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا مُؤَقَّتًا مَحْدُودًا , وَكَانَ قَدْ تَرَاضَوْا بِهِ فِي تَرْكِ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ. برهان ذَلِكَ : قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " بَابِ دِيَةِ الْمُكَاتَبِ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ بِمِقْدَارِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ , وَبِمِقْدَارِ مَا لَمْ يُؤَدِّ دِيَةَ عَبْدٍ , فَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُعْطَى مِنْ قَتْلِ عَبْدٍ دِيَةً وَهُوَ مُخْتَلِفُ الْمِقْدَارِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ. فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ الَّذِي جَرَحَتْهُ الرُّبَيِّعُ قَدْ أَخَذَ مَالاً بَدَلَ اقْتِصَاصِهِ مِنْ الْجُرْحِ , وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ : أَنَّ الَّذِي أُخِذَ كَانَ عَدَدًا مُؤَقَّتًا مَحْدُودًا فِي ذَلِكَ الْجُرْحِ , فَإِذْ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ وَثَلْجٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي تِلْكَ الْجِرَاحَةِ دِيَةٌ مُؤَقَّتَةٌ , لاَ تَزِيدُ ، وَلاَ تَنْقُصُ , وَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جِرَاحَةٍ مَا دُونَ جِرَاحَةٍ أُخْرَى , لَمَا طَمَسَ اللَّهُ تَعَالَى عَنَّا ذَلِكَ ، وَلاَ عَفَى أَثَرَهُ حَتَّى لاَ يَنْقُلَهُ أَحَدٌ , حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا , وَقَدْ تَكَفَّلَ بِأَنَّهُ حَافِظٌ لِلذِّكْرِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ الْوَحْيُ الَّذِي لاَ يَنْطِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّرِيعَةِ إِلاَّ مِنْهُ فَصَحَّ أَنَّ تِلْكَ الدِّيَةَ الَّتِي أَخَذَ الَّذِي جَرَحَتْ الرُّبَيِّعُ كَانَ فِدَاءً عَنْ الْقِصَاصِ فَقَطْ , وَبِهَذَا نَقُولُ فَوَضَحَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ إِلاَّ أَنَّ الْقَوَدَ جَائِزٌ فِي كُلِّ جِرَاحَةٍ , وَفِي كَسْرِ السِّنِّ , وَأَنَّ الْمُفَادَاةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ جَائِزَةٌ بِمَا تَرَاضَيَا بِهِ عَلَيْهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ وَالْجَانِي لأََنَّ الْقَوْلَ فِي الدِّيَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا حَدِيثُ حُمَيْدٍ فِي كَسْرِ السِّنِّ فَإِنَّمَا فِيهِ : أَنَّهُمْ رَضُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد بْنِ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا فَلاَجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا , فَلَمْ يَرْضَوْا , فَقَالُوا : الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَرْضَوْا , فَقَالَ : لَكُمْ كَذَا وَكَذَا , فَرَضُوا , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي خَاطِبٌ الْعَشِيَّةَ عَلَى النَّاسِ فَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ , قَالُوا : نَعَمْ , فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إنَّ هَؤُلاَءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ , فَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا , وَكَذَا فَرَضُوا , أَرَضِيتُمْ قَالُوا : لاَ , فَهَمَّ الْمُهَاجِرُونَ بِهِمْ , فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ , فَكَفُّوا عَنْهُمْ , فَدَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ , فَقَالَ : أَرَضِيتُمْ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : إنِّي خَاطِبٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ , قَالُوا : نَعَمْ , فَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَرَضِيتُمْ فَقَالُوا : نَعَمْ قال أبو محمد : فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلاَّ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي رَوَاهُ ثَابِتٌ وَهُوَ الْمُفَادَاةُ فِي الشَّجَّةِ الَّتِي وَجَبَ فِيهَا الْقَوَدُ ، وَلاَ مَزِيدَ. وَفِي هَذَا الْخَبَرِ عُذْرُ الْجَاهِلِ , وَأَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مِنْ الإِسْلاَمِ بِمَا لَوْ فَعَلَهُ الْعَالِمُ الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ , لَكَانَ كَافِرًا , لأََنَّ هَؤُلاَءِ اللَّيْثِيِّنَ كَذَّبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْذِيبُهُ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ بِلاَ خِلاَفٍ , لَكِنَّهُمْ بِجَهْلِهِمْ وَأَعْرَابِيَّتهمْ عُذِرُوا بِالْجَهَالَةِ , فَلَمْ يَكْفُرُوا ثنا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُنْقِرِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِي الأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ قال أبو محمد : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لاَ دَاخِلَةَ فِيهِ , الْمُنْقِرِيُّ ثِقَةٌ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد هُوَ الْهَاشِمِيُّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ مِنْ نُظَرَاءِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْهُ , وَسَمَاعُهُ مِنْ سَعِيدٍ صَحِيحٌ , لأََنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَيُّوبَ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ وَجَمَعَ بَيْنَ إبْهَامِهِ وَخِنْصَرِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالأَسْنَانُ سَوَاءٌ , الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ , وَهَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ قال أبو محمد : مَا نَعْلَمُ فِي الدِّيَاتِ فِي الأَعْضَاءِ أَثَرًا يَصِحُّ فِي تَوْقِيتِهَا وَبَيَانِهَا إِلاَّ هَذَا , وَسَائِرُ ذَلِكَ إنَّمَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْإِجْمَاعِ وَالأَسْتِدْلاَلِ مِنْهُ , وَمِنْ النَّصِّ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فِرَاسٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ بِالدِّيَةِ , وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ , وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ , وَفِي الْعَيْنِ خَمْسِينَ , وَفِي الرِّجْلِ خَمْسِينَ , وَفِي الْمُوضِحَةِ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ , وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ دِيَةِ النَّفْسِ , وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ دِيَةِ النَّفْسِ , وَفِي الأَسْنَانِ خَمْسًا خَمْسًا , وَفِيمَا هُنَالِكَ مِنْ الأَصَابِعِ عَشْرًا عَشْرًا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُنْقِرِيُّ قَالاَ جَمِيعًا : نَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقُرِئَتْ بِالْيَمَنِ وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا , وَكَانَ فِي كِتَابِهِ : مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ , فَإِنَّهُ قَوَدٌ , إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ وَفِي النَّفْسِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ , وَفِي الأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَدْعًا الدِّيَةُ , وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ , وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ , وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ , وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ , وَفِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ , وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ , وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ , وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ , وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ , وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ الأَصَابِعِ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشَرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ , وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ الدِّيَةُ وَفِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، هُوَ ابْنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ , وَالسُّنَنُ , وَالدِّيَاتُ , وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ , وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ , وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ , وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ قَيْلِ ذِي رُعَيْنٍ , وَمَعَافِرَ , وَهَمْدَانَ , أَمَّا بَعْدُ " ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ الْحَدِيثِ حَرْفًا حَرْفًا , لاَ زِيَادَةَ فِيهِ ، وَلاَ نَقْصَ , وَلاَ تَقْدِيمَ ، وَلاَ تَأْخِيرَ , إِلاَّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ الْوَاحِدِ , وَقَالَ : قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ زِيَادَةٌ فِي الرِّوَايَةِ وَطُولٌ قال أبو محمد : فَيَجْمَعُ هَذَا كُلَّهُ كِتَابُ ابْنِ حَزْمٍ , وَمُرْسَلُ عِكْرِمَةَ , وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ , وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , وَحَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ , وَحَدِيثُ ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ ; فأما حَدِيثُ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى , وَحَدِيثُ أَبِي تُمَيْلَةَ عَنْ يَسَارٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فَلاَ حَاجَةَ بِنَا إلَيْهِمَا لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا إِلاَّ مَا فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ شُعْبَةَ , وَسَعِيدٍ , لِصِحَّتِهِمَا فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. أَمَّا حَدِيثُ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِيَةِ الأَصَابِعِ سَوَاءً قال أبو محمد : لَمْ يَسْمَعْهُ غَالِبٌ مِنْ مَسْرُوقٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَصَابِعُ سَوَاءٌ عَشْرٌ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حَزْمٍ , وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , وَرَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ , وَابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ , وَخَبَرُ مَكْحُولٍ , وَمُرْسَلُ عِكْرِمَةَ , فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ. أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ صَحِيفَةٌ ، وَلاَ خَيْرَ فِي إسْنَادِهِ لأََنَّهُ لَمْ يَسْنُدْهُ إِلاَّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْجَزَرِيُّ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ وَهُمَا لاَ شَيْءَ وَقَدْ سُئِلَ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَزَرِيِّ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ فَقَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ فَسَاقِطٌ بِالْجُمْلَةِ. وَكَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ فَسَقَطَ ذَلِكَ الْكِتَابُ جُمْلَةً. قال أبو محمد : فَظَهَرَ وَهِيَ هَذِهِ الأَخْبَارُ كُلُّهَا وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ الأَسْنَانِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ , وَفِي الأَضْرَاسِ بَعِيرًا بَعِيرًا , فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ وَقَعَتْ أَضْرَاسُهُ فَقَالَ : أَنَا أَعْلَمُ بِالأَضْرَاسِ مِنْ عُمَرَ فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نَا مُطَرِّفُ بْنُ قَيْسٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلًى لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ وبه إلى مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ. وَقَضَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الأَضْرَاسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ ; قَالَ سَعِيدٌ : فَالدِّيَةُ تَنْقُصُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ وَتَزِيدُ فِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ , فَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَعَلْت فِي الأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ , فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ. وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ غَيْرُ هَذَا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ الأَسْنَانَ سَوَاءٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ فِي كُلِّ ضِرْسٍ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي السُّنَنِ : خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : الأَسْنَانُ سَوَاءٌ اعْتَبِرُوهَا بِالأَصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ : أَنَّ مَرْوَانَ أَرْسَلَهُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا جَعَلَ فِي الضِّرْسِ قَالَ : فِيهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ , قَالَ : فَرَدَّنِي إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَتَجْعَلُ مُقَدَّمَ الْفَمِ كَالأَضْرَاسِ قَالَ : لَوْ لَمْ نَعْتَبِرْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالأَصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ. قال أبو محمد : ادَّعَى قَوْمٌ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ اعْتَبِرُوهَا بِالأَصَابِعِ إنَّمَا هُوَ قِيسُوهَا بِالأَصَابِعِ , وَهَذَا بَاطِلٌ , لأََنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ فِي الآثَارِ الرِّوَايَةَ الثَّابِتَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ الأَصَابِعَ سَوَاءٌ , وَأَنَّ الأَضْرَاسَ سَوَاءٌ , وَأَنَّ الثَّنَايَا سَوَاءٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا اخْتِلاَفَ الصَّحَابَةِ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الأَسْنَانِ وَسَنَذْكُرُ فِي بَابِ الأَصَابِعِ اخْتِلاَفَهُمْ فِي الأَصَابِعِ , فَمِنْ الْبَاطِلِ الْبَحْتِ : أَنْ يَأْمُرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقِيَاسِ الأَضْرَاسِ عَلَى الأَصَابِعِ , وَالنَّصُّ قَدْ جَاءَ فِيهِمَا مَعًا مَجِيئًا وَاحِدًا , وَالْخِلاَفُ فِيهِمَا مَعًا مَوْجُودٌ , وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " اعْتَبِرُوهَا بِالأَصَابِعِ " إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ كَانُوا يُخَالِفُونَهُ , فَيَرَوْنَ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَ الأَسْنَانِ وَالأَضْرَاسِ , لِتَفَاضُلِ مَنَافِعِهِمَا , وَلاَ يَرَوْنَ ذَلِكَ فِي الأَصَابِعِ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَنَافِعِ فَكَانَ يُبَكِّتُهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ , وَيُرِيهِمْ تَنَاقُضَهُمْ فِي تَعْلِيلِهِمْ وَيُبْطِلُ تَعْلِيلَهُمْ بِذَلِكَ , وَيَأْمُرُهُمْ بِأَنْ يَتَفَكَّرُوا فِيهَا بِقَوْلِهِمْ فِي الأَصَابِعِ , لأََنَّ الْعِبْرَةَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ إنَّمَا هُوَ التَّفَكُّرُ , وَالتَّعَجُّبُ وَالتَّدَبُّرُ فَقَطْ. وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الأَسْنَانِ فِي الدِّيَةِ , وَيَقُولُ : إنْ كَانَ لِلثَّنِيَّةِ جَمَالٌ فَإِنَّ لِلضِّرْسِ مَنْفَعَةٌ. وبه إلى وَكِيعٍ نَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ : الأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَقَتَادَةَ , قَالاَ جَمِيعًا : فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ الأَضْرَاسُ وَالأَسْنَانُ سَوَاءٌ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعْت مَكْحُولاً يَقُولُ : الأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالأَسْنَانُ سَوَاءٌ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ فِي كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : فِي الأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ قال أبو محمد : وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمْ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَهُنَا قَوْلٌ آخَرُ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي السِّنِّ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ. قَالَ طَاوُوس : وَتَفْضُلُ كُلُّ سِنٍّ عَلَى الَّتِي تَلِيهَا بِمَا يَرَى أَهْلُ الرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس قَالَ : قُلْت لأََبِي : مِنْ أَيْنَ يُبْدَأُ قَالَ : الثَّنِيَّتَانِ خَيْرٌ مِنْ الأَسْنَانِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُوسًا يَقُولُ : يُفَضَّلُ النَّابُ فِي أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلِهِ عَلَى الأَضْرَاسِ , قَالَ : وَفِي الأَضْرَاسِ صِغَارُ الْإِبِلِ. قال أبو محمد رضي الله عنه: وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : الأَسْنَانُ قَالَ عَطَاءٌ : فِي الثَّنِيَّتَيْنِ وَالرَّبَاعِيَتَيْ نِ وَالنَّابَيْنِ خَمْسٌ خَمْسٌ , وَفِيمَا بَقِيَ بَعِيرَانِ بَعِيرَانِ أَعْلَى الْفَمِ وَأَسْفَلُهُ سَوَاءٌ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ , وَالأَضْرَاسُ سَوَاءٌ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْت لِعَطَاءٍ : أَسْنَانُ الْمَرْأَةِ تُصَابُ جَمِيعًا قَالَ : خَمْسُونَ. قَالَ عَلِيٌّ : فَهَذِهِ الأَقْوَالُ كَمَا أَوْرَدْنَا قَوْلٌ عَنْ عُمَرَ , وَعَلِيٍّ , وَمُعَاوِيَةَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهم ، : أَنَّ دِيَةَ السِّنِّ وَالضِّرْسِ سَوَاءٌ خَمْسٌ خَمْسٌ. وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَشُرَيْحٍ , وَالزُّهْرِيِّ , وَقَتَادَةَ , وَمَكْحُولٍ , وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَّاتِ وَالأَنْيَابِ خَمْسٌ خَمْسٌ , وَفِي سَائِرِ الأَضْرَاسِ وَهِيَ الطَّوَاحِينُ بَعِيرٌ بَعِيرٌ وَهُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَوْلٌ آخَرُ إنَّ الطَّوَاحِينَ مُفَضَّلَةٌ عَلَى الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ. وَهُوَ قَوْلٌ صَحَّ عَنْ مُعَاوِيَةَ , كَمَا أَوْرَدْنَا. وَقَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , وَمُجَاهِدٍ , وَعَطَاءٍ : إنَّ فِي الأَسْنَانِ خَمْسًا خَمْسًا , وَفِي الأَضْرَاسِ بَعِيرَانِ بَعِيرَانِ. وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ فِي الثَّنِيَّةِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ , ثُمَّ تَفْضُلُ عَلَى الَّتِي تَلِيهَا وَتَفْضُلُ الَّتِي تَلِيهَا عَلَى الَّتِي تَلِيهَا , وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْفَمِ وَهُوَ قَوْلُ طَاوُوس. قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمْ يُحْصَلْ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلاَّ عَلَى أَخْبَارٍ مُرْسَلَةٍ لاَ تَصِحُّ , وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْحَاضِرُونَ مِنْ خُصُومِنَا مُخَالِفِينَ لَهَا كَمَا ذَكَرْنَا وَمِنْ الْبَاطِلِ احْتِجَاجُ الْمَرْءِ بِخَبَرٍ لاَ يَرَاهُ عَلَى نَفْسِهِ حُجَّةً , وَهُوَ عِنْدَهُ حُجَّةٌ , لاَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لاَ يَرَاهُ حُجَّةً فِي شَيْءٍ أَصْلاً. قال أبو محمد : لَكِنَّا نَقُولُ قَوْلَ مَنْ يَدْرِي وَيُوقِنُ أَنَّ قَوْلَهُ وَكِتَابَهُ مَعْرُوضَانِ عَلَيْهِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمَا : إنَّ الْخَطَأَ فِي السُّكُوتِ بِالْجَهْلِ أَسْلَمُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْحُكْمِ فِي الدِّينِ بِالْجَهْلِ , بَلْ السُّكُوتُ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمُ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَاجِبٌ , وَالْقَوْلُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ حَرَامٌ عَلَى النَّاسِ. فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : وَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ فِي السِّنِّ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ , فَلاَ يَجِبُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَصْلاً , لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : فأما النَّصُّ الصَّحِيحُ فَقَدْ أَمِنَّا وُجُودَهُ بِيَقِينٍ هَاهُنَا , فَكُلُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مُنْذُ أَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ وَنَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا مِنْ شَرْقِ الأَرْضِ إلَى غَرْبِهَا قَدْ جَمَعْنَاهُ فِي الْكِتَابِ الْكَبِيرِ الْمَعْرُوفِ بِ " كِتَابِ الْإِيصَالِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدْنَا مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَمَا لاَ خَيْرَ فِيهِ أَصْلاً , لَكِنْ مِمَّا لَعَلَّهُ مَوْضُوعٌ مُحْدَثٌ. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلَسْنَا نَعْرِفُهُ , وَقَدْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا وَلَوْ صَحَّ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ إجْمَاعٌ لَبَادَرْنَا إلَى الطَّاعَةِ لَهُ , وَمَا تَرَدَّدْنَا فِي ذَلِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ , فَمَنْ صَحَّ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ إجْمَاعٌ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ، وَلاَ يُخَالِفْهُ , وَمَنْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ إجْمَاعٌ ، وَلاَ نَصٌّ , فَفَرْضُهُ التَّوَقُّفُ , وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ فَيَدَّعِيَ إجْمَاعًا. قال أبو محمد : ثم نقول وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : إنَّهُ لَوْ صَحَّ فِي ذَلِكَ إجْمَاعٌ بِأَنَّ فِيهَا خَمْسًا , فَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى أَنَّ فِي الثَّنِيَّةِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ , فَوَاجِبٌ كَانَ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ سِنٍّ , وَكُلِّ ضِرْسٍ خَمْسٌ خَمْسٌ , لأََنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الأَسْنَانُ سَوَاءٌ , الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ. وَهَذَا الْعُمُومُ لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ خِلاَفُهُ , وَلاَ تَخْصِيصُهُ , فَوَاجِبٌ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَأَنَّهُ فِي الْقِصَاصِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْقُرْآنِ , وَأَمَرَ هُوَ بِهِ عليه الصلاة والسلام بِلاَ شَكٍّ. وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَجَائِزٌ تَرَاضِي الْكَاسِرِ وَالْمَكْسُورِ سِنُّهُ , وَالْقَالِعِ وَالْمَقْلُوعِ سِنُّهُ عَلَى الْفِدَاءِ فِي ذَلِكَ , عَلَى مَا صَحَّ وَثَبَتَ فِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ فِي السِّنِّ : يُسْتَأْنَى بِهَا سَنَةً , فَإِنْ اسْوَدَّتْ فَفِيهَا الْعَقْلُ كَامِلاً , وَإِلَّا فَمَا اسْوَدَّ مِنْهَا فَبِالْحِسَابِ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي السِّنِّ تُصَابُ فَيَخْشَوْنَ أَنْ تَسْوَدَّ : يُنْتَظَرُ بِهَا سَنَةً , فَإِنْ اسْوَدَّتْ فَفِيهَا قَدْرُهَا وَافِيًا , وَإِنْ لَمْ تَسْوَدَّ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ. قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ : وَيَقُولُونَ : فَإِنْ اسْوَدَّتْ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ : أَنَّ فِي كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ , أَوْ عَدْلُهَا مِنْ الذَّهَبِ , أَوْ الْوَرِقِ , فَإِنْ اسْوَدَّتْ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا , فَإِنْ كُسِرَ مِنْهَا إذْ لَمْ تَسْوَدَّ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إذَا اسْوَدَّتْ السِّنُّ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا , فَإِنْ طُرِحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ , فَفِيهَا الْعَقْلُ أَيْضًا كَامِلاً. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ بِمِثْلِهِ . قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَسَمِعْت حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ : سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَسْأَلُ عَنْ سِنٍّ كَانَتْ تَرْجُفُ وَلَمْ تَسْوَدَّ قَالَ : فَفِيهَا الْعَقْلُ كَامِلاً. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , أَنَّهُ كَتَبَ إلَى الأَجْنَادِ : أَنَّ السِّنَّ إذَا اسْوَدَّتْ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا وَمَا كُسِرَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ كَسَرَ سِنَّ رَجُلٍ فَأُقِيدَ مِنْهُ فَأَخَذَ سِنَّهُ فَرَدَّهَا فَثَبَتَتْ , فَخَاصَمَهُ الآخَرُ , فَقَالَ : لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. وَعَنْ شُرَيْحٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي السِّنِّ إذَا كُسِرَتْ : يُؤَجَّلُ صَاحِبُهَا سَنَةً , فَإِنْ اسْوَدَّتْ فَدِيَتُهَا كَامِلَةٌ , وَإِنْ لَمْ تَسْوَدَّ فَبِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهَا. وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ : إنْ سَقَطَتْ سِنٌّ , أَوْ اسْوَدَّتْ , أَوْ رَجَفَتْ قُوِّمَتْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَقَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ : فِي السِّنِّ إذَا اسْوَدَّتْ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ , وَاللَّيْثُ : إذَا ضُرِبَتْ السِّنُّ فَاسْوَدَّتْ فَفِيهَا عَقْلُهَا كَامِلاً , فَإِنْ طُرِحَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهَا الْعَقْلُ كَامِلاً مَرَّةً أُخْرَى وقال مالك : إذَا اسْوَدَّتْ السِّنُّ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا , فَإِنْ طُرِحَتْ مَرَّةً أُخْرَى فَعَقْلُهَا أَيْضًا تَامٌّ وَهَاهُنَا قَوْلٌ آخَرُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ إذَا سَقَطَتْ ثُلُثُ دِيَتِهَا. قال أبو محمد : وَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأَتِّصَالِ سَنَدِهِ , وَجَوْدَةِ رِوَايَتِهِ وَاتِّصَالِهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ . وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : إذَا اسْوَدَّتْ السِّنُّ , أَوْ رَجَفَتْ ثُمَّ طُرِحَتْ فَنِصْفُ قَدْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَدْرُهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ رُبْعَ دِيَتِهَا. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ إذَا كُسِرَتْ خُمْسُ دِيَتِهَا , وَفِي كُلِّ عُضْوٍ. قال أبو محمد : فَفِي اسْوِدَادِهَا كَمَا تَرَى أَقْوَالٌ اُخْتُلِفَ فِيهَا. أَمَّا التَّوْقِيتُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَنِصْفِهَا وَرُبْعِهَا , فَقَوْلٌ لاَ يُعَضِّدُهُ قُرْآنٌ ، وَلاَ سُنَّةٌ ، وَلاَ إجْمَاعٌ , وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ. فَإِذَا كَانَ سَوَادُ السِّنِّ وَاخْضِرَارُهَا وَاحْمِرَارُهَا وَاصْفِرَارُهَا وَصَدْعُهَا وَكَسْرُهَا إذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ خَطَأً : لاَ قُرْآنَ جَاءَ فِيهِ بِإِيجَابِ غَرَامَةٍ , وَلاَ سُنَّةَ صَحِيحَةَ , وَلاَ سَقِيمَةَ , وَلاَ إجْمَاعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصْلاً : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَبَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَصْلاً , لأََنَّ الْخَطَأَ مَرْفُوعٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ , وَالأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ بِالْقُرْآنِ وَبِالسُّنَّةِ , فَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ إيجَابُ غَرَامَةٍ فِي ذَلِكَ , لأََنَّهُ إيجَابُ شَرْعٍ وَالشَّرْعُ لاَ يَجِبُ إِلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ , وَهَذَا مِمَّا لاَ يُشَكَّ فِيهِ ، وَلاَ يُتَرَدَّدُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ : قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ ثُلُثُ دِيَتِهَا. وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : فِيهَا حُكْمٌ. وَبِهَذَا يَقُولُ الثَّوْرِيُّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُهُمْ. وَأَمَّا سِنُّ الصَّغِيرِ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَخِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي سِنِّ صَبِيٍّ كُسِرَتْ قَبْلَ أَنْ يُثْغِرَ بِبَعِيرٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ : قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. قال أبو محمد : وَهِيَ قِيمَةُ الْبَعِيرِ عِنْدَهُمْ فِي الدِّيَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ مَعْمَرٌ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يُثْغِرْ , قَالَ : يَنْظُرُ فِيهِ ذَوَا عَدْلٍ فَإِنْ نَبَتَتْ جُعِلَ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ كَانَ كَسِنِّ الرَّجُلِ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ اسْتَفْتَى فِي غُلاَمٍ لَمْ يُثْغِرْ أُصِيبَتْ سِنُّهُ هَلْ فِيهَا مِنْ عَقْلٍ قَالَ : لاَ , وقال أبو حنيفة : فِيهَا حُكُومَةٌ وقال مالك , وَالشَّافِعِيُّ : إنْ نَبَتَتْ فَلاَ شَيْءَ فِيهَا , وقال مالك : إنْ نَبَتَتْ نَاقِصَةً أُعْطِيَ بِقَدْرِ نَقْصِهَا عَنْ الَّتِي تَلِيهَا , فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَفِيهَا خَمْسُ فَرَائِضَ. وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ : عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنهما فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، قال أبو محمد : فَإِذْ قَدْ صَحَّ الْخِلاَفُ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ أَحَدٌ غَرَامَةً إِلاَّ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ , وَلاَ نَصَّ ، وَلاَ إجْمَاعَ فِي إيجَابِ شَيْءٍ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ فِي الْخَطَأِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ دِيَةَ الْعَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ لَمْ يَأْتِ إِلاَّ فِي صَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , وَخَبَرِ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ , وَخَبَرِ مَكْحُولٍ , وطَاوُوس وَكُلُّهَا لاَ يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ , لِمَا ذَكَرْنَا وَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَسَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِذِكْرِهِ مِمَّا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَعَنْ التَّابِعِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَمَعْمَرٍ , كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : فِي الْعَيْنِ النِّصْفُ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : فِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ , أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ , وَفِي عَيْنِ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَتِهَا , أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ. وَأَمَّا عَيْنُ الأَعْوَرِ فَفِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ : إنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ أَعْوَرَ فُقِئَتْ عَيْنُهُ خَطَأً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ : قَضَى فِيهَا عُمَرُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً , فَقَالَ الرَّجُلُ : إنِّي لَسْت إيَّاكَ أَسْأَلُ , إنَّمَا أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ : ابْنُ عُمَرَ يُحَدِّثُك عَنْ عُمَرَ وَتَسْأَلُنِي. وبه إلى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَعْوَرَ فَقَأَ عَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَمْدًا فَقَالَ : قَضَى فِيهَا الأَمِيرُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً يَعْنِي عُثْمَانَ لأََنَّهُ لاَ يُقْتَصُّ مِنْ الأَعْوَرِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ سَمْعَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : دِيَةُ عَيْنِ الأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ. وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ قَالَ مَالِكٌ : بَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ , وَمَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ , وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ , وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ : عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ : عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ : عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالُوا كُلُّهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : السُّنَّةُ , وَرَأْيُ الصَّالِحِينَ : أَنَّ الأَعْوَرَ إذَا فُقِئَتْ عَيْنُهُ ثَمَنُ عَيْنِ الأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ , وَأَنَّهُ إذَا فَقَأَ الأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ غَرِمَ لَهُ أَلْفَ دِينَارٍ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ قَالَ مَعْمَرٌ : وَقَالَ قَتَادَةُ , وَالزُّهْرِيُّ مَعًا : إذَا فَقَأَ الأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَمْدًا أُغْرِمَ أَلْفَ دِينَارٍ , وَإِذَا فَقَأَهَا خَطَأً أُغْرِمَ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي رَجُلٍ فِي إحْدَى عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ فَأُصِيبَتْ عَيْنُهُ الصَّحِيحَةُ , قَالَ : نَرَى أَنْ يُزَادَ فِي عَقْلِ عَيْنَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ الْأُخْرَى الَّتِي لَمْ تُصَبْ. وَبِهِ يَأْخُذُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَمَالِكٌ , وَاللَّيْثُ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ : فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ خَمْسُونَ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّهُ قَالَ : فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ نِصَابٌ , أَنَا أَدِي قَتِيلَ اللَّهِ فِيهَا نِصْفَ الدِّيَةِ . وَبِهِ يَقُولُ الشَّعْبِيُّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَفْقَأُ عَيْنَ الأَعْوَرِ قَالَ : مَا أَنَا فَقَأْت عَيْنَهُ الْأُخْرَى فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ. وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ نِصْفُ الدِّيَةِ , وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ تُفْقَأُ عَيْنُهُ خَطَأً قَالَ : نِصْفُ الدِّيَةِ . قال أبو محمد : قَوْلُنَا فِي الْعَيْنِ هُوَ قَوْلُنَا فِي السِّنِّ سَوَاءً سَوَاءً , وَأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَتْ فِي دِيَةِ الْعَيْنِ بِالْخَطَأِ آثَارٌ , وَقَدْ تَقَصَّيْنَاهَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يَصِحُّ. وَأَمَّا قَوْلُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَعَلِيٍّ , وَعُثْمَانَ , وَابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَبَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ , وَعَنْ نَفَرٍ مِنْ التَّابِعِينَ نَحْوَ الْعَشَرَةِ , وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ بِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ إِلاَّ غَافِلٌ , أَوْ مُسْتَسْهِلٌ لِلْكَذِبِ وَالْقَطْعِ بِمَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ فَإِنْ صَحَّ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ فِي دِيَةِ الْعَيْنِ , فَنَحْنُ قَائِلُونَ بِهِ , وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلْنَا عَلَى السَّلاَمَةِ , فَالْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ فِي هَذَا بَعِيدٌ مُمْتَنِعٌ أَنْ يُوجَدَ فِي مِثْلِ هَذَا , لأََنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَيَقَّنَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي قَدْ قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الْعُذْرَ , وَأَبَانَ بِهَا الْحُجَّةَ , وَحَسَمَ فِيهَا الْعِلَّةَ , وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَسْتَتِرُ عَلَى أَهْلِ الْبَحْثِ , وَالْحَقَائِقُ لاَ تُؤْخَذُ بِالدَّعَاوَى , فَإِذْ لاَ إجْمَاعَ فِي ذَلِكَ فَلاَ يَجِبُ فِي الْخَطَأِ شَيْءٌ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد : فأما قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّ فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ الدِّيَةَ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِمَا جَاءَ وَصَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ , فَإِنَّهُ قَدْ تَنَاقَضَ فِي الْقِيَاسِ. وَالْعَجَبُ أَنَّ قَوْلاً يَنْسُبُهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقِيَاسَ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ , ثُمَّ هَاهُنَا قَدْ تَرَكَ الْقِيَاسَ الَّذِي لَوْ صَحَّ قِيَاسٌ فِي الْعَالَمِ لَكَانَ هَذَا هُوَ ذَلِكَ الَّذِي يَصِحُّ وَهُوَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ سَمْعِ امْرِئٍ لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ بِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَيَدِ إنْسَانٍ أَقْطَعَ وَرِجْلِ أَقْطَعَ فَلَمْ يَرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِلاَّ نِصْفَ الدِّيَةِ , وَرَأَى فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ الدِّيَةَ كَامِلَةً , وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا فِي هَذَا إجْمَاعًا , لأََنَّ فِي هَذَا اخْتِلاَفًا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " بَابِ يَدِ الأَقْطَعِ , وَسَمْعِ ذِي الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ " وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا قلنا ذَلِكَ , لأََنَّ عَيْنَ الأَعْوَرِ هِيَ بَصَرُهُ كُلُّهُ فَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِي الْبَصَرِ كُلِّهِ قلنا لَهُمْ : هَذَا يَبْطُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ فَيَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُقِيدُوهُ مِنْ عَيْنَيْ الصَّحِيحِ مَعًا , لأََنَّهُ بَصَرٌ بِبَصَرٍ , لاَ عَلَى قَوْلِكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَقُولُونَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي : أَنَّهُ يُقَالُ لَكُمْ : وَسَمْعُ ذِي الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ الصَّمَّاءِ هُوَ سَمْعُهُ كُلُّهُ , وَهُوَ لَهُ أَنْفَعُ وَأَقْوَى , وَأَقْرَبُ مِنْ تَمَامِ السَّمْعِ مِنْ عَيْنِ الأَعْوَرِ , فَإِنَّ الأَعْوَرَ لاَ يَرَى إِلاَّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ , فَإِنَّمَا هُوَ نِصْفُ بَصَرِهِ , وَكَذَلِكَ يَدُ الأَقْطَعِ هِيَ مَحَلُّ تَصَرُّفِهِ , وَرِجْلُ الأَقْطَعِ أَيْضًا , فَاجْعَلُوا فِي كُلِّ ذَلِكَ دِيَةً , وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِكُمْ هَذَا أَنْ تُقِيدُوا ذَا عَيْنَيْنِ فَقَأَ إحْدَاهُمَا أَعْوَرُ فَأَنْتُمْ تُقِيدُونَ مِنْ الأَعْوَرِ , وَلاَ إجْمَاعَ فِي هَذَا , فَقَدْ أَقَدْتُمْ بَصَرًا كَامِلاً بِنِصْفِ بَصَرٍ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى فِي رَجُلٍ أَعْوَرَ فَقَأَ عَيْنَ صَحِيحٍ قَالَ : لاَ قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ عَيْنِهِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : لاَ يُقَادُ مِنْ الأَعْوَرِ وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ : الأَعْوَرُ يُصِيبُ عَيْنَ إنْسَانٍ عَمْدًا أَيُقَادُ مِنْهُ قَالَ : مَا أَرَى أَنْ يُقَادَ مِنْهُ , أَرَى لَهُ الدِّيَةَ وَافِيَةً وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عِيَاضٍ أَنَّ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ الأَعْوَرَ إذَا فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ دِيَةِ عَيْنَيْهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَقَامَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِصَاصَ فِي كِتَابِهِ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَقَدْ عُلِمَ هَذَا , فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئًا. قال أبو محمد : وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ فَإِنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ , وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا : عُمَرَ , وَابْنَ عُمَرَ , وَعَلِيًّا , وَابْنَ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ فِي هَذَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، مُخَالِفٌ , إِلاَّ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهَا عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ فَكُلُّ طَائِفَةٍ تَنْقُضُ أَصْلَهَا وَتَهْدِمُ مَا تَبْنِي , وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِهَذَا ذُو وَرَعٍ وَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ وَأَمَّا الْعَيْنُ الْعَوْرَاءُ قَالَ عَلِيٌّ : نَذْكُرُ الآنَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَقَالَ بِهَذَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ الطَّيِّبِ. كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ إذَا فُضِخَتْ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ إذَا قُطِعَتْ وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ إذَا سَقَطَتْ ثُلُثَ دِيَتِهَا وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ إذَا خُسِفَتْ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَقَوْلٌ آخَرُ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الأَنْصَارِيُّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : قَضَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إذَا بُخِصَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ تُبْخَصُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَقَالَ بِهِ غَيْرُهُ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إذَا بُخِصَتْ خُمْسُ دِيَتِهَا . وَبِهِ يَقُولُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَوْلٌ آخَرُ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , وَمَعْمَرٍ قَالاَ جَمِيعًا : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لاَ تُبْصِرُ : إنْ ثُقِبَتْ , أَوْ بُخِصَتْ فَفِيهَا نِصْفُ قَدْرِ الْعَيْنِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُخِذَ نَذْرُهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَقَوْلٌ آخَرُ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنْ كَانَ لُطِمَتْ الْعَيْنُ فَدَمَعَتْ دُمُوعًا لاَ تُرْقَأُ , فَلَهَا ثُلُثَا دِيَةِ الْعَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ دَمْعَةً لاَ تَجِفُّ دَمْعُهَا وَهِيَ دُونَ الدَّمْعَةِ الْأُولَى فَنِصْفُ دِيَةِ الْعَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ دَمْعَةً مِنْ الْعَيْنِ تَسْحَلُ أَحْيَانًا , وَأَحْيَانًا يَذْهَبُ فِيهَا بَصَرُهُ فَفِيهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ الْقَائِمَةِ إذَا أُصِيبَتْ الدِّيَةُ , فَإِذَا كَانَتْ مَفْقُوءَةً قَائِمَةً فَخُسِفَتْ فَفِيهَا صُلْحٌ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ حُكْمٌ. وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُهُمْ. وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ , رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ قال أبو محمد : هَذَا مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ : يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ , وَهُمْ هَاهُنَا قَدْ خَالَفُوا رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلٍ ثَابِتٍ عَنْهُمَا قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ إذَا تَشَتَّرَتْ ثُلُثُ الدِّيَةِ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ أَنْ يَكْتُبُوا إلَيْهِ بِعِلْمِ عُلَمَائِهِمْ , قَالَ : مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاؤُهُمْ : فِي شَتْرِ الْعَيْنِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : فِي التَّشَتُّرِ فِي الْعَيْنِ رُبْعُ الدِّيَةِ. قال أبو محمد : لَوْ وَجَدَ الْمَالِكِيُّونَ وَالْحَنَفِيُّونَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا لَمَا تَرَدَّدُوا وَأَيُّ إجْمَاعٍ عَلَى أُصُولِهِمْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ هَذَا الْإِجْمَاعِ بِهَذَا السَّنَدِ الثَّابِتِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَكْتُبُ إلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ إجْمَاعِهِمْ وَهُوَ خَلِيفَةٌ لاَ يَشِذُّ عَنْ طَاعَتِهِ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ كُلِّهَا أَوَّلِهَا عَنْ آخِرِهَا , مِنْ آخِرِ الأَنْدَلُسِ , وَطَنْجَةَ , إلَى بِلاَدِ السُّودَانِ إلَى آخِرِ السِّنْدِ , وَآخِرِ خُرَاسَانَ , وَآخِرِ أَرْمِينِيَةَ , وَآخِرِ الْيَمَنِ , فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يُجْمِعُ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ : عَلَى أَنَّ فِي شَتْرِ الْعَيْنِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَلَكِنْ مَا عَلَى الْمُهَوِّلِينَ بِالْإِجْمَاعِ مُؤْنَةٌ فِي خِلاَفِ هَذَا الْإِجْمَاعِ فَلاَ يَرَوْنَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ حُكُومَةً وَلَكِنْ لِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه إذْ يَقُولُ : مَا حَدَّثَنَا بِهِ حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : سَمِعْت أَبِي يَقُولُ فِيمَا يَدَّعِي فِيهِ الْإِجْمَاعَ : هَذَا الْكَذِبُ , مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ , لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا , وَلَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ , فَيَقُولُ : لاَ نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا , هَذَا دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ , وَالأَصَمِّ وَلَكِنْ نَقُولُ : لاَ نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا , وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ قال أبو محمد : هَذَا هُوَ الدِّينُ وَالْوَرَعُ لاَ الْجُسْرُ بِلاَ عِلْمٍ , كَمَا كَانَ يَقُولُ الشَّعْبِيُّ رحمه الله إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مَاذَا قَالَ فِيهَا الْحُكْمُ الْبَائِسُ أَجْسَرُ جَسَّارًا سَمَّيْتُك الْفِسْفَاسَ إنْ لَمْ تَقْطَعْ. قَالَ عَلِيٌّ : إِلاَّ مَا لاَ يَخْتَلِفُ فِيهِ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ مَنْ خَالَفَهُ فَلَيْسَ مُسْلِمًا فَهَذَا إجْمَاعٌ صَحِيحٌ , كَالْإِجْمَاعِ عَلَى قَوْلِ : لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ , وَكَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَشَهْرِ رَمَضَانَ , وَالْحَجِّ , وَجُمْلَةِ الزَّكَاةِ , وَمَا كَانَ هَكَذَا وَمَا تُيُقِّنَ بِلاَ شَكٍّ عِلْمُ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَقَوْلُهُمْ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|