الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **
(تابع... 1): الآية 7 - 8... ... ثم صف رسول الله على الحياض، فلما طلع المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني - ورسول الله صلى الله عليه وسلم ممسك بعضد أبي بكر يقول: اللهم إني أسألك ما وعدتني - فقال أبو بكر: أبشر فوالذي نفسي بيده لنيجزن الله لك ما وعدك. فاستنصر المسلمون الله واستعانوه، فاستجاب الله لنبيه وللمسلمين، وأقبل المشكون ومعهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي، يحدثهم أن بني كنانة وراءهم قد أقبلوا لنصرهم، وأنه لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم لما أخبرهم من مسير بني كنانة، وأنزل الله وأقبل المشركون حتى نزلوا وتعبوا للقتال والشيطان معهم لا يفارقهم، فسعى حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة فقال له: هل لك أن تكون سيد قريش ما عشت؟ قال عتبة، فأفعل ماذا؟ قال: تجير بين الناس وتحمل دم ابن الحضرمي وبما أصاب محمد من تلك العير، فإنهم لا يطلبون من محمد غير هذه العير ودم هذا الرجل. قال عتبة: نعم، قد فعلت ونعما قلت ونعما دعوت إليه، فاسع في عشيرتك فأنا أتحمل بها. فسعى حكيم في أشراف قريش بذلك يدعوهم فيه، وركب عتبة جملا له فسار عليه في صفوف المشركين في أصحابه فقال: يا قوم أطيعوني فإنكم لا تطلبون عندهم غير دم ابن الحضرمي وما أصابوا من عيركم تلك، وأنا أتحمل بوفاء ذلك ودعوا هذا الرجل فإن كان كاذبا ولي قتله غيركم من العرب، فإن فيهم رجالا لكم فيهم قرابة قريبة، وإنكم إن تقتلوهم لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أبيه وأخيه أو ابن أخيه أو ابن عمه فيورث ذلك فيهم احنا وضغائن، وإن كان هذا الرجل ملكا كنتم في ملك أخيكم، وإن كان نبيا لم تقتلون النبي فتيسئوا به ولن تخلصوا إليهم حتى يصيبوا أعدادهم ولا آمن أن يكون لكم الدبرة عليهم، فحسده أبو جهل على مقالته وأبى الله إلا أن ينفذ أمره، وعمد أبو جهل إلى ابن الحضرمي - وهو أخو المقتول - فقال: هذا عتبة يخذل بين الناس وقد تحمل بدية أخيك يزعم أنك قابلها، أفلا تسحيون من ذلك أن تقبلوا الدية؟ فزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو ينظر إلى عتبة: إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر وإن يطيعوه يرشدوا. فلما حرض أبو جهل قريشا على القتال أمر النساء يعولن عمر. فقمن يصحن: واعمراه واعمراه...! تحريضا على القتال، فاجتمعت قريش على القتال فقال عتبة لأبي جهل: سيعلم اليوم أي الأمرين أرشد. وأخذت قريش مصاف هذا القتال وقالوا لعمير بن وهب: اركب فاحذر محمدا وأصحابه. فقعد عمير على فرسه، فأطاف برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم رجع إلى المشركين فقال: حذرتهم بثلثمائة مقاتل زادوا شيئا أو نقصوا شيئا، وحذرت سبعين بعيرا ونحو ذلك ولكن أنظروني حتى أنظر هل لهم مدد أو كمين، فأطاف حولهم وبعثوا خيلهم معه فأطافوا حولهم، ثم رجعوا فقالوا: لا مدد لهم ولا كمين وإنما هم أكلة جزور، وقالوا لعمير حرش بين القوم، فحمل عمير على الصف بمائة فارس. واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: لا تقاتلوا حتى أؤذنكم وغشيه نوم فغلبه، فلما نظر بعض القوم إلى بعض جعل أبو بكر يقول: يا رسول الله قد دنا القوم ونالوا منا...! فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراه الله إياهم في منامه قليلا وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى طمع بعض القوم في بعض، ولو أراه عددا كثيرا لفشلوا وتنازعوا في الأمر كما قال الله، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد اليوم. فقام عمير بن الحمام من عجين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي الجنة إن قتلت؟ قال: نعم. فشد على أعداء الله مكانه فاستشهد، وكان أول قتيل قتل، ثم أقبل الأسود بن عبد الأسد المخزومي يحلف بآلهته ليشربن من الحوض الذي صنع محمد وليهدمنه، فلما دنا من الحوض لقيه حمزة بن عبد المطلب فضرب رجله فقطعها، فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض وأتبعه حمزة حتى قتله، ثم نزل عتبة بن ربيعة عن جمله ونادى: هل من مبارز، ولحقه أخوه شيبة والوليد ابنه فناديا يسألان المبارزة، فقام إليهم ثلاثة من الأنصار، فاستحيا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فناداهم أن ارجعوا إلى مصافكم وليقم إليهم بنو عمهم. فقام حمزة، وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب، فقتل حمزة عتبة، وقتل عبيدة شيبة، وقتل علي الوليد، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها، فاستنقذه حمزة وعلي فحمل حتى توفي بالصفراء وعند ذلك نذرت هند بنت عتبة لتأكلن من كبد حمزة إن قدرت عليها فكان قتل هؤلاء النفر قبل إلتقاء الجمعين. وعج المسلمون إلى الله يسألونه النصر حين رأوا القتال قد نشب، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى الله يسأله ما وعده ويسأله النصر، ويقول: اللهم إن ظهر على هذه العصابة ظهر الشرك ولم يقم لك دين، وأبو بكر يقول: يا رسول الله والذي نفسي بيده لينصرنك الله وليبيضن وجهك، فأنزل الله جندا في أكناف العدو فقال رسول الله: قد أنزل الله نصره: ونزلت الملائكة عليهم السلام أبشر يا أبا بكر، فإني قد رأيت جبريل معتجرا يقود فرسا بين السماء والأرض، فلما هبط إلى الأرض جلس عليها فتغيب عني ساعة، ثم رأيت على شفته غبارا. وقال أبو جهل: اللهم انصر خير الدينين، اللهم ديننا القديم ودين محمد الحديث ونكص الشيطان على عقبيه حين رأى الملائكة عليهم السلام وتبرأ من نصرة أصحابه، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين، فجعل الله تلك الحصباء عظيما شأنها لم يترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه، والملائكة عليهم السلام يقتلونهم ويأسرونهم ويجدون النفر كل رجل منهم مكبا على وجهه لا يدري أن يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه. ورجعت قريش إلى مكة منهزمين مغلوبين، وأذل الله بوقعة بدر رقاب المشركين والمنافقين، فلم يبق بالمدينة منافق ولا يهودي إلا وهو خاضع عنقه لوقعة بدر، وكان ذلك يوم الفرقان يوم فرق الله بين الشرك والإيمان، وقالت اليهود تيقنا: أنه النبي الذي نجد نعته في التوراة، والله لا يرفع راية بعد اليوم إلا ظهرت. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فدخل من ثنية الوداع، ونزل القرآن يعرفهم الله نعمته فيما كرهوا من خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فقال وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما سمع رسول الله بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال "هذه عير قريش فيها أموالهم فأخرجوا إليها لعل الله يتفلكموها. فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقي حربا، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا عن أمر الناس، حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد استنفر لك أصحابه فحذر من ذلك، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا، فليستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد عرض لها في أصحابه، فخرج سريعا إلى مكة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ واديا يقال له وجران، فأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عن عيرهم، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس؟ فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال فأحسن، ثم قام عمر رضي الله عنه فقال فأحسن، ثم المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال: يا رسول الله امض لم أمرك الله به فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) (المائدة الآية 24) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، فو الله الذي بعثك لئن سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له، وقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه: لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضنا معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن يلقي منا عدونا غد، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، لعل الله تعالى يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله تعالى. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد رضي الله عنه ونشطه ذلك، سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل لرسول الله حين فرغ من بدر: عليك العير ليس دونها شيء، فناداه العباس رضي الله عنه وهو في وثاقه أسير: إنه لا يصلح لك. قال: ولم؟ قال: لأن الله إنما وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك. قال: صدقت. أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو عوانة وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال "حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر نظر النبي إلى أصحابه وهم ثلثمائة رجل وبضعة عشر رجلا، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم مد يده وجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض. فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله تعالى فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله المشركين فقتل منهم سبعون رجلا، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا رضي الله عنهم؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: ما رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فاضرب عنقه حتى يعلم الله تعالى أنه ليس في قلوبنا مودة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم. فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر رضي الله عنه ولم يهو ما قلت وأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر رضي الله عنه: فغدوت إلى النبي وأبو بكر رضي الله عنه وهما يبكيان. فقلت: يا يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما...؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: الذي عرض على أصحابك من أخذ الفداء قد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة الشجرة قريبة، وأنزل الله تعالى (ما كان لنبي أن تكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) (الأنفال الآية 67) إلى قوله (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه. فأنزل الله تعالى وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر رضي الله عنه، ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة. وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة رضي الله عنه "أن رسول الله قال يوم بدر: هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب". وأخرج سنيد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال: ما أمد النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكر الله تعالى في الأنفال، وما ذكر الثلاثة آلاف أو الخمسة آلاف إلا بشرى، ثم أمدوا بالألف ما أمدوا بأكثر منه. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه وكان من أهل بدر قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال "من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها. قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة". وأخرج أبو الشيخ عن عطية بن قيس رضي الله عنه قال: وقف جبريل عليه السلام على فرس أخضر أنثى قد علاه الغبار، وبيد جبريل عليه السلام رمح وعليه درع فقال: يا محمد إن الله بعثني إليك فأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مردفين} يقال: المدد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مردفين} يقال: المدد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {مردفين} قال: وراء كل ملك ملك. وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال: كان ألف مردفين وثلاثة آلاف منزلين فكانوا أربعة آلاف، وهم مدد المسلمين في ثغورهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {مردفين} قال: ممدين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {مردفين} قال: متتابعين، أمدهم الله تعالى بألف، ثم بثلاثة، ثم أكملهم خمسة آلاف وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {مردفين} قال: بعضهم على أثر بعض. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أخرج أبو يعلى والبيهقي في الدلائل عن علي رضي الله عنه قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت الشجرة حتى أصبح. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله {إذ يغشاكم النعاس أمنة منه} قال: بلغنا أن هذه الآية أنزلت في المؤمنين يوم بدر، فيما أغشاهم الله من النعاس أمنة منه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {أمنة} قال: أمنا من الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: النعاس في الرأس، والنوم في القلب. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: كان النعاس أمنة من الله، وكان النعاس نعاسين. نعاس يوم بدر، ونعاس يوم أحد. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهسا، وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد الأرض ولم يمنعهم المسير، وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما. أن المشركين غلبوا المسلمين في أول أمرهم على الماء، فظمئ المسلمون وصلوا مجنبين محدثين فكانت بينهم رمال، فألقى الشيطان في قلوبهم الحزن وقال: أتزعمون أن فيكم نبيا وأنكم أولياء الله وتصلون مجنبين محدثين؟ فأنزل الله من السماء ماء فسال عليهم الوادي ماء، فشرب المسلمون وتطهروا وثبتت أقدامهم وذهبت وسوسته. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله يصلي تلك الليلة ليلة بدر، ويقول: اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد، وأصابهم تلك الليلة مطر شديد، فذلك قوله أخرج ابن أبي حاتم أخبرنا أبو بدر عباد بن الوليد المغبري فيما كتب إلي قال: سمعت أبا سعيد أحمد بن داود الحداد يقول: إنه لم يقل الله لشيء إنه معه إلا للملائكة يوم بدر. قال: إني معكم بالنصر. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: قال أبي: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها نزلوا على الماء يوم بدر فغلبوا المؤمنين عليه، فأصاب المؤمنين الظمأ فجعلوا يصلون مجنبين ومحدثين؟ فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن فقال لهم: أتزعمون أن فيكم النبي وإنكم أولياء الله وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون مجنبين ومحدثين؟ حتى تعاظم ذلك في صدور أصحاب النبي: فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي، فشرب المؤمنون، وملأوا الأسقية، وسقوا الركاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل الله في ذلك طهورا وثبت أقدامهم، وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة، فبعث الله المطر عليها فلبدها حتى اشتدت وثبت عليها الأقدام، ونفر النبي صلى الله عليه وسلم بجميع المسلمين وهم يومئذ ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم سبعون ومائتان من الأنصار وسائرهم من المهاجرين، وسيد المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة لكبر سنه. فقال عتبة: يا معشر قريش إني لكم ناصح وعليكم مشفق لا أدخر النصيحة لكم بعد اليوم، وقد بلغتم الذي تريدون وقد نجا أبو سفيان فارجعوا وأنتم سالمون، فإن يكن محمد صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يك كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه. فالتفت إليه أبو جهل فشتمه وفج وجهه وقال له: قد امتلأت أحشاؤك رعبا. فقال له عتبة: سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه. فنزل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، حتى إذا كانوا أقرب أسنة المسلمين قالوا: ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم. فقام غلمة من بني الخزرج فأجلسهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا بني هاشم أتبعثون إلى أخويكم - والنبي منكم - غلمة بني الخزرج؟ فقام حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، فمشوا إليهم في الحديد فقال عتبة: تكلموا نعرفكم، فإن تكونوا أكفاءنا نقاتلكم. فقال حمزة رضي الله عنه: أنا أسد الله وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له عتبة: كفء كريم. فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله، ثم قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الوليد بن عتبة فاختلفا ضربتين فضربه علي رضي الله عنه فقتله، ثم قام عبيدة فخرج إليه عتبة فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه، وكر حمزة على عتبة فقتله، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال "اللهم ربنا أنزلت علي الكتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولا تخلف الميعاد" فأتاه جبريل عليه السلام، فأنزل عليه (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مردفين) (آل عمران الآية 124) فأوحى الله إلى الملائكة وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه بعدما أصيب بصره يقول: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أتمارى، فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس، وأوحى الله: إليهم إني معكم فثبتوا الذين آمنوا، وتثبيتهم أن الملائكة عليهم السلام تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول: أبشروا فإنهم ليسوا بشيء والله معكم كروا عليهم، فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال: إني بريء منكم وهو في صورة سراقة، وأقبل أبو جهل يحضض أصحابه ويقول: لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه كان على موعد من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم قال: واللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال، فلا تقتلوا وخذوهم أخذا. وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " لما حضر القتال ورسول الله صلى الله عليه وسلم رافع يديه يسأل الله النصر، ويقول: اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك، ولا يقوم لك دين، وأبو بكر رضي الله عنه يقول: والله لينصرنك الله ويبيضن وجهك، فأنزل الله عز وجل ألفا من الملائكة مردفين عند أكتاف العدو، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه السلام معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض، فلما نزل إلى الأرض تغيب عني ساعة ثم نزل على ثنايا النقع، يقول: أتاك نصر الله إذ دعوته". وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة عليهم السلام ممن قتلوهم بضرب على الأعناق وعلى البنان مثل سمة النار قد أحرق به. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى فنعم فوارس الهيجاء قومي * إذا علق الأعنة بالبنان وقال الهذلي في الجسد: لها أسد شاكي البنان مقذف * له لبد أظفاره لم تقلم وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي داود المازني رضي الله عنه قال: بينا أنا أتبع رجلا من المشركين يوم بدر، فأهويت إليه بسيفي فوقع رأسه قبل أن يصل سيفي إليه، فعرفت أن قد قتله غيري. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه
|