الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
: هذه الدار من الدور القديمة وهي بخط سويقة المسعوديّ إلى خط بين السورين وقد تغيرت معالمها. قال ابن عبد الظاهر: دار ابن قرقة هي الآن سكن الأمير صارم الدين المسعوديّ والي القاهرة بأوّل حارة زويلة من جهة باب الخوخة على يسرة السالك إلى داخل الحارة وهي معروفة اليوم وإلى جانبها الحمام المعروفة بابن قرقة أيضًا وهذه الدار والحمام أنشأهما أبو سعيد بن قرقة الحكيم وباعهما في حال مصادرته مما خرج عليه فابتاعهما منه علم السعداء ثم سكنها الكامل بن شارو وهما من جهة الخليج. انتهى. وهذه الدار والحمام قد قدمتا وصار موضع الدار الجامع المعروف بجامع ابن المغربيّ برأس سويقة الصاحب وما يجاوره من ابن أبي شاكر وآخر ما بقي منها شيء هدمه الوزير الصاحب تاج الدين عبد الرحيم بن الوزير الصاحب فخر الدين عبد الله بن تاج الدين موسى بن أبي شاكر في رمضان سنة أربع وتسعين وسبعمائة. وابن قرقة: هذا كان يتولى الاستعمالات بدار الديباج وخزائن السلاح وكان ماهرًا في علم الطب والهندسة ونحو ذلك من علوم الأوائل وقتله الخليفة الحافظ لدين الله من أجل أنه دبر السم لابنه حسن بن الحافظ عندما تشاور والجند وطلبوا من الخليفة قتل ابنه حسن كما تقدّم ذكره فلما سكنت الدهماء قبض عليه الخليفة واعتقله بخزانة البنود وقتله في سنة تسع وعشرين وخمسمائة. دار خوند: هذه الدار من حقوق حارة زويلة عرفت بالست الجليلة خوندار دوتكين ابنة نوغية السلاح دار الططريّ تزوّج بها الملك الأشرف خليل بن قلاون ومات عنها فتزوّجها من بعده أخوه الملك الناصر محمد بن قلاون وولدت منه ولدين وماتا ثم طلقها ونزلت من القلعة فسكنت هذه الجار وأنشأت لها تربة بالقرافة تعرف الآن بتربة الست وجعلت لها عدّة أوقاف وكانت من الخير على جانب عظيم لها معروف وصدقات وإحسان عميم وماتت ولها ما ينيف على الألف ما بين جارية وخادم أعتقتهم كلهم وخلّفت أموالًا تخرج عن الحدّ في الكثرة وكانت وفاتها في ليلة السبت ثالث عشري المحرم سنة أربع وعشرين وسبعمائة ودفنت بتربتها فتقدّم أمر السلطان للأمراء والقضاة لشهود جنازتها وحمل ما تركته من الأموال والجواهر وطُلب أخوها جمال الدين خضر بن نوغية وصُولح على إرثه منها بمائة وعشرين ألف درهم عنها يومئذ سبعة آلاف دينار ولم تزل هذه الجار إلى أن هُدمت فأخذها الأمير صلاح الدين محمد استادار السلطان ابن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله في شهر رجب سنة أربع وعشرين وثمانمائة وأدخلها في داره التي أنشأها من أجلّ دور القاهرة. دار الذهب: هذه الدار خارج القاهرة فيما بين باب الخوخة وباب سعادة بناها الأفضل أبو القاسم شاهنساه بن أمير الجيوش بدر الجمالي وكان فيما بين باب القنطرة وباب الخوخة منظرة اللؤلؤة التي تقدّم ذكرها عند ذكر مناظر الخلفاء ويجاروها من حيز باب الخوخة دار الفلك وبناها فلك الملك أحد الأستاذين الحاكمية ويلاصقها دار الذهب هذه ويجاور دار الذهب دار الشابورة ودار الذهب عرفت أخيرًا بدار الأمير بها در الأعسر شادّ الدواوين ثم الآن عرفت بدار الأمير الوزير المشير الأستادار فخر الدين عبد الغني ابن الأمير الوزير استادار تاج الدين عبد الرزاق بن أبي الفرج الأرمنيّ الأصل وعني بها وهدم كثيرًا من الدور التي كانت تجاهها على برّ الخليج الشرقيّ وأنشأ هناك دارًا يتطرّق إليها من هذه الدار بساباط وأنشأ بجوارها جامعه الآتي ذكره وحمامه ثم هدم كثيرًا من الدور التي كانت على الخليج وما وراءها بتلك الأحكار التي في الجانب الغربيّ من الخليج وغرس في أراضي تلك الدور الأشجار وجعلها بستانًا تجاه داره فمات قبل أن تكمل وصار أكثر مواضع الدور التي خربها هناك كيمانًا. دار الحاجب: خارج باب النصر تجاه مصلى الأموات هذه الدار أنشأها الأمير سيف الدين كهرداش المنصوريّ أحد المماليك الزراقين وهو الذي فتح جزيرة أرواد في المراكب المتوجهة إلى بلاد الفرنج وتولى عمارة مأذنة المدرسة المنصورية لما تهدّمت في الزلزلة وتقدم وكثرت أمواله ومات بدمشق في سنة أربع عشرة وسبعمائة فاشترى هذه الدار الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب ولم تزل بها ذريته من بعد الأمير جمال الدين عبد الله وبها الآن ولدا الأمير بكتمر الحاجب: الأمير سيف الدين كان أميرا خور ثم وليّ شدّ الدواوين بدمشق في نيابة الأفرام ولم يكن لأحد معه كلام في عزل ولا ولاية ثم ولي الحجوبية وتوجه إلى صفد كاشفًا على الأمير ناهض الدين عمر بن أبي الخير والي الولاة وشادّ الدواوين بها ومعه معين الدين بن حشيش فحرّر الكشف ورفعه حتى قال فيه زين الدين عمر بن حلاوات موقع صفد: يا قاصدًا صفدًا فعد عن بلدةٍ من جور بكتمر الأمير خرابُ لا شافعٌ تغني شفاعتهُ ولا جارٌ له مما جناه جنابُ حشرٌ وميزانٌ ونُشرُ صحائفٍ وجرائدٌ معروضةٌ وحسابُ وبها زبانيةٌ تحثُ على الورى وسلاسلٌ ومقامعٌ وعقابُ ما فاتهم من كلِّ ما وعدوا به في الحر إلاَّ راحمٌ وهابُ ولما قدم الملك الناصر محمد بن قلاون من الكرك إلى دمشق ولاّه الحجوبية ودخل في خدمته إلى مصر وهو حاجب ثم أخرجه ثانيًا إلى غزة في سنة عشر وسبعمائة فأقام بها قليلًا وطلبه وولاّه الوزارة بالديار المصرية عوضًا عن الصاحب فخر الدين ابن الخليليّ في رمضان سنة عشر فباشر الوزارة إلى أن قبض عليه مستهل ربيع الأوّل سنة خمس عشرة واعتقل مدّة سنة ونصف وأخذ كير ماله ثم أُفرج عنه وأُخرج إلى صفد نائبًا في سنة ست عشرة وأنعم عليه بمائة ألف درهم عنها يومئذ خمسة آلاف دينار فأقام بها عشرة أشهر وطُلب إلى مصر فصار من الأمراء المشهورة فإذا تكلم السلطان في المشورة لا يردّ عليه غيره لما عنده من المعرفة والخبرة وتزوّج بابنة الأمير جمال الدين أقوش المعروف بنائب الكرك وأولاده الذين ذكرنا منها وسرق له مال كثير من خزانته بهذه الدار ادّعى أنه مبلغ مائتي ألف درهم وكان في الباطن على ما قيل سبعمائة ألف درهم فما جسر يتفوّه خوفًا من السلطان وكان إذ ذاك والي القاهرة الأمير سيف الدين قدادار المنسوب إليه القنطرة على الخليج فتقدّم أمر السلطان إليه بتتبع من سرق المال فدسّ إليه الأمير بكتمر الساقي والوزير مغلطاي الجمالي والقضي فخر الدين ناظر الجيش في السرّ أن يتهاون في أمر السرقة نكاية لبكتمر وأخذوا يحتجون لكل من اتهم ويقولون للسلطان لعن الله ساعة العملة كل يوم يموت من الناس تحت المقارع عدّة وإلى متى يقتل المتهم الذي لا ذنب له فلما طار الأمر شكا بكتمر إلى السلطان في دار العدل فأحضر الوالي وسبّه السلطان فقال ياخوند: اللصوص الذين أمسكتهم وعاقبتهم أقرّوا أن سيف الدين بخشي خزنداره اتفق معهم على أخذ المال وجماعة من إلزامه الذين في بابه. فقال السلطان للجمالي الوزير: احضر هؤلاء المذكورين وعاقبهم فأخذ بخشي وعصره وكان عزيزًا عند بكتمر قد زوجه بابنته وهو يثق بعقله ودينه وأمانته فشق ذلك عليه واغتم غمًا شديدًا مات منه فجاءة فيما بين الظهر إلى العصر من يومه سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وكان خبيرًا بالأمور بصيرًا بالحوادث طويل الروح في الكلام لا يمل من تطويله ولو قعد في الحكم الواحد بين الأمير واليهودي ثلاثة أيام ولا يلحقه من ذلك سآمة البتة مع معرفة تامّة وخبرة بالسياسة لم ير مثله في حق أصحابه لكثرة تذكهم في غيبتهم والفكر في مصالحهم وتفقد أحوالهم ومن جفاه منهم عتب عليه وكان سمحًا بجاهه بخيلًا بماله إلى الغاية ساقط الهمة في ذلك وله متاجر وأملاك وسعادة لا تكاد تنحصر ومع ذلك فله قدور يكريها لصلاقي الفول والحمص وغير ذلك من العدد والآلات ويماحك على أجرها مماحكة يستحى من ذكرها وأنشأ عدّة دور واقتنى كثيرًا من البساتين وولي من بعده ابنه الأمير جمال الدين عبد الله الإمرة وكان حاجبًا ولأبيه في سيرة البخل والحرص الشديد تابعًا ومقلدًا وتولى أمره الحاج غير مرّة وخرج في سنة ست وثمانين وسبعمائة من القاهرة لولاية كشف الجسور بالغربية فورد عليه كتاب السلطان الملك الظاهر برقوق بالإنكار وفيه تهديد مهول فداخله الخوف ومرض فحُمل في محفة إلى القاهرة فدخلها يوم الأربعاء النصف من جمادى الأولى من تلك النة فمات من يومه وأخذ أقطاعه الأمير يودي وصار ابنه ناصر الدين أحد الأمراء العشراوات سالكًا طريق أبيه وجدّه في الإمساك إلى أن مات خامس عشري شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثمانمائة ودفن بتربتهم خارج دار الجاولي: هذه الدار من جملة الحجر التي تقدّم ذكرها وهي تجاه الخان المجاور لوكالة قوصون أنشأها الأمير علم الدين سنجر الجاولي وجعلها وقفًا على المدرسة المعروفة بالجاولية بخط الكبش جوار الجامع الطولوني وعرفت في زماننا بقاعة البغادّة لسكنى عبد الصمد الجوهريّ البغدادايّ بها هو وأولاده في سنة سبع وأربعين وسبعمائة إلى بعد سنة ست عشرة وثمانمائة وهي من الدور الجليلة إلاّ أنها قد تشعثت لطول الزمن. دار أمير أحمد: هذه الدار بجوار دار الجاوليّ من غربيها عرفت بأمير أحمد قريب الملك الناصر محمد بن قلاون وعرفت في زماننا بسكن أبو ذقن ناظر المواريث وهي من جملة ما اغتصبه جمال الدين يوسف الأستادار من الدور الوقف وجعلها لأخيه شمس الدين محمد البيري قاضي حلب وشيخ الخانقاه البيبرسية فغير بابها في عمارتها فقبض عليه عند القبض على أخيه وهو بها. دار اليوسفي: هذه الدار بجوار باب الجوّنية فيما بينها وبين الحوض المعدّ لشرب الدواب أنشأها هي والحوض الأمير سيف الدين بهادر اليوسفيّ السلاح دار الناصريّ. دار ابن البقري: هذه الدار أنشأها الوزير الصاحب سعد الدين سعد الله بن البقريّ بن أخت القاضي شمس الدين شاكر بن غزيل البقريّ صاحب المدرسة البقرية اظهر الإسلام وباشر في الخدمة الديوانية إلى أن ولاه الملك الظاهر برقوق وظيفة نظر الديوان المفرد ونظر الخاص عوضًا عن الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن مكانس في ثالث شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة فباشر ذلك إلى تاسع شهر رمضان سنة خمس وثمانين فقبض عليه ونزل الأمير يونس الدوادار والأمير قرقماش الخازندار إلى داره هذه وأحاط بها وأخذ جميع ما فيها من المال والثياب والأواني والحلي والجواري وغير ذلك وحُمل إلى القلعة فبلغ قيمة ما وجد بداره في هذه النوبة مائتي ألف دجينار وسلم ابن البقريّ لشادّ الدواوين بقاعة الصاحب من القلعة فضرب بالمقارع نيفًا وثلاثين شيبًا وولي موفق الدين أبو الفرج نظر الخاص ثم أ الملك الظاهر لما عاد إلى المملكة بعد ثورة الأمير بلبغا الناصريّ والأمير تمربغا منطاش عليه وخلعه من الملك وسجنه بالكرك ثم قيامه بأهل الكرك ودخوله إلى القاهرة وعوده إلى المملكة ولي ابن البقريّ الوزارة في يوم الإثنين سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثين وتسعين وسبعمائة عوضًا عن موفق الدين أبي الفرج ثم صرف في يوم الخميس لعشرين من شهر رمضان وأعيد الوزير أبو الفرج وأحيط بدور ابن البقريّ وأسلم هو وابنه تاج الدين عبد الله إلى الأمير ناصر الدين محمد بن اقبغا آض فلما استقرّ الأمير ناصر الدين محمد بن الحسان الصفديّ في الوزارة يوم الثلاثاء سابع عشري ذي الحجة منها عوضًا عن الوزير أبي الفرج اشترط على السلطان أمورًا منها استخدام الوزراء المعزولين فجلس بشباك قاعة الصاحب من القلعة وبعث إلى منبالقاهرة من الوزراء المعزولين وهم شمس الدين عبد الل المقسي وعلم الدين عبد الوهاب بن الطنساويّ المعروف بسنّ إبرة وسعد الدين سعد الله بن البقريّ وعلم الدين عبد الوهاب بن الطنساويّ المعروف بسنّ إبرة وسعد الدين سعدالله بن البقريّ وموفق الدين أبو الفرج الطنساويّ المعروف بسنّ إبرة وسعد الدين بن ابراهيم بن مكناس فأقرّ المقسيّ وسنّ إبرة معًا في نظر الدولة وأقرّ ابن البقريّ ناظر البيوت ومستوفي الدولة وقرّر أبا الفرج في استيفاء الصحبة وابن مكانس في استيفاء الدولة شريكًا لابن البقريّ فكانوا يركبون في خدمته دائمًا ويجلسون بين يديه وربما وقف ابن القريّ على قدميه بحضرته بعد أن كان ابن الحسان دواداره ولا يزال قائمًا بين يدي فعدّ الناس هذا من أعظم المحن التي لم يشاهد في الدولة التركية مثلها وهو أن يصير الرجل خادمًا لمن كان في خدمته فنعوذ بالله من المحن ثم إن الوزير ابن الحسام قبض على ابن البقريّ وألزمه بحمل سبعين ألف درهم ثم أُعيد إلى الوزارة بعد القبض على الصاحب تاج الدين عبد الرحيم بن عبد الله بن موسى بن أبي بكر ابن أبي شاكر في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وقبض عليه وعلى ولده في حادي عشري شهر ربيع الأوّل سنة ست وتسعين وسلما على عدّة من الكتاب لشادّ الدواوين ثم أفرج عنهما على حمل مال فلما ولي الأمير ناصر الدين محمد بن رجب بن كلفت الوزارة بعد الوزير أبي الفرج قرّر ابن البقريّ في نظر الدولة عوضا عن بدر الدين الأقفهسيّ واستخدم بقية الوزارء كما فعل الوزير ابن الحسام فلما خلع السلطان على الأمير ناصر الدين محمد بن تنكر وجعل استادار الأملاك في رجب سنة سبع وتسعين على الأمير ناصر الدين محمد بن تنكر وجعله استادار الأملاك في رجب سنة سبع وتسعين قرّر ابن البقريّ ناظر الأملاك وخلع عليه فصار يتحدّث في نصر الدولة ونظر الأملاك فلما كان يوم الخميس رابع رجب سنة ثمان وتسعني أعيد إلى الوزارة وصرف عنها الأمير مبارك شاه ناظر الظاهريّ واستقرّ بدر الدين سنة تسع وتسعين وأحيد بسائر ما قدر عليه من موجوده وولي الوزارة بعده ابن الطوخيّ وعوقب عقابًا شديدًا في دار الأمير علاء الدين عليّ بن الطبلاويّ ثم أخرج نهارًا وهو عار مكشوف الرأس وبيده حبل يجرّبه وثيابه مضمومة بيده الأخرى والناس تراه من درب قراصيا برحبة باب العيد في السوق إلى دار ابن الطبلاويّ وقد انتهك بدنه من شدّة الضرب فسجن بدار هناك. ثم خنق في ليلة الإثنين رابع جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وسبعمائة وكان أحد كتاب الدنيا الذين انتهت إليهم السيادة في كتابة الرسوم الديوانية مع عفة الفرج وجودة الراي وحسن التدبير إلاّ أنه لم يؤت سعدًا في وزارته وما برح يُنْكب كل قليل وكان يُظهر الإسلام ويكتب بخطه كتب الحديث وغيرها ويُتهم في باطن الأمر بالتشدّد في النصرانية وولي ابنه تاج الدين عبد الله الوزارة ونظر الخاص ومات قتيلًا تحت العقوبة عند الأمير جمال الدين يوسف الأستادار في سنة ثمان وثمانمائة ودار ابن البقريّ هذه من أعظم دور القاهرة وهي من جملة خط حارة الجوّانية في أوّلها. دار طولباي: هذه الدار بجوار حمذام الأعسر برأس حارة الجوّانية تجاه درب الرشيديّ أنشأها الأمير شمس الدين سنقر الأعسر الوزير ثم عرفت بخوند طولباي الناصرية جهة الملك الناصر. طلنباي: ويقال دليبة ويقال طلوبية ابنة طفاجي ابن هندر بن بكر بن دوشي خان ابن حنكيزخان ذات الستر الرفيع الخاتوني كان السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون قد جهز الأمير إيدغدي الخوارزميّ في سنة ست عشرة وسبعمائة يخطب إلى أزبك ملك التتار بنتًا من الذرية الجنكزية فجمع أزبك أمراء التومانات وهم سبعون أميرًا وكلمهم الرسول في ذلك فنفروا منه ثم اجتمعوا ثانيًا بعدما وصلت إليهم هداياهم وأجابوا ثم قالوا إلاَّ أن هذا لايكون إلا بعد أربع سنين سنة سلام وسنة خطبة وسنة مهاداة وسنة زواج واشتطوا في طلب المهر فرجع السلطان عن الخطبة ثم توجه سيف الدين طوخي بهدية وخلعة لأزبك فلبسها وقال لطوخي: قد جهزت لأخي الملك الناصر ما كان طلب وعينت له بنتًا من بيت جنكزخان من نسل الملك ياطرخان. فقال طوخي: لم يرسلني السلطان في هذا. فقال أزبك: أنا أرسلها إليه من جهتي وأمر طوخي بحمل مهرها فاعتذر بعدم المال. فقال: نحن نقترض من التجار فاقترض عشرين ألف دينار وحملها ثم قال لابدّ من عمل فرح تجتمع فيه الخواتين فاقترض مالًا آخر نحو سبعة ألاف دينار وعمل الفرح. وجهزت الخاتون طلنباي ومعها جماعة من الرسل وهم بانبجار من كبار المغل وطقبغا ومنعوش وطرحي وعثمان وبكتمر وقرطبا والشيخ برهان الدين أمام الملك أزبك وقاضي حراي فساروا في زمن الخريف وأقلعوا فلم يجدوا ريحاص تسير بهم فأقاموا في برّ الروم على مينا ابن مشتا خمسة أشهر وقام بخدمتهم هو والأشكريّ ملك قسطنطينية وأنفق عليهم الأشكريّ ستين ألف ينار فوصلوا إلى الإسكندرية في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وسبعمائة فلما طلعت الخاتون من المراكب حملت في خركاة من الذهب على العجل وجرّها المماليك إلى جار السلطنة بالإسكندرية وبعث السلطان إلى خدمتها عدّة من الحجاب وثماني عشرة من الحرم ونزلت في الحراقة فوصلت إلى القلعة يوم الإثنين خامس عشري ربيع الأول المذكور وفرش لها بالمناظر في الميدان دهليز أطلس معدني ومدّ لهم سماط وفي يوم الخميس ثاني عشرية أحضر السلطان رسل أزبك ووصل رسل ملك الكرج ورسل الأشكريّ بتقادمهم ثم بعث إلى الميدان الأمير سيف الدين أرغون النائب والأمير بكتمر الساقي والقاضي كريم الدين ناظر الخاص فمشوا في خدمة الخاتون إلى القلعة وهي في عز ثم عقد عليها يوم الإثنين سادس ربيع الآخر على ثلاين ألف دينار حالة المعجل منها عشرون ألفًا وعقد قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة وقبل عن السلطان النائب أرغون وبنى عليها وأعاد الرسل بعد أن شملهم من الأنعام ما أربى على أملهم ومعهم هدية جليلة فساروا في شعبان وتأخر قاضي حراي حتى حج وعاد في سنة إحدى وعشرين وماتت في رابع عشري ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفنت بتربتها خارج باب البرقية بجوار تربة خوند طغاي أم أنوك. دار حارس الطير: هذه الدار بداخل درب قراصيا بخط رحبة باب العيد عرفت بالأمير سيف الدين سنبغا حارس الطير ترقى في الخدم إلى أن صار نائب السلطنة بديار مصر في أيام السلطان حسن بن محمد بن قلاون بعد يلبغا روس ثم عزل بالأمير قبلاي وجهز إلى نيابة غزة فقام بها شهرًا وقبض عليه وحضر مقيدًا إلى الإسكندرية في شعبان سنة اثنين وخمسين وسبعمائة فسجن بها مدّة ثم أخرج إلى القدس فأقام بطالًا مدّة ثم نقل إلى نيابة غزة في شعبان سنة ست وخمسين وسبعمائة. الدار القردمية: هذه الدار خارج باب زويلة بخط الموازيين من الشارع المسلوك فيه إلى رأس المنجبية بناها الأمير الجاي الناصريّ مملوك السلطان الملك ناصر محمد بن قلاوون وكان من أمره أنه ترقي في الخدم السلطانية حتى صار دوادار السلطان بغير أمرة رفيقًا للأمير بهاء الدين أرسلان الدوادار فلما مات بهاء الدين استقرّ مكانه بأمرة عشرة مدّة ثلاث سنين ثم أعطى أمرة طبلخاناه وكان فقيهًا حنفيًا يكتب الخط المليح ونسخ بخطه القرآن الكريم في ربعة وكان عفيفًا عن الفواحش حليمًا لا يكاد يغضب مكبًا على الاشتغال بالعلم محبًا لاقتناء الكتب مواظبًا على مجالسة أهل العلم وبالغ في إتقان عمارة هذه الدار بحيث أنه أنفق على بوّابتها خاصة مائة ألف درهم فضة عنها يومئذٍ نحو الخمسة آلاف مثقال من الذهب فلما تمّ بناؤها لم يمتع بها غير قليل ومرض فمات في أوائل شهر رجب وقيل في رمضان سنة اثنين وثلاثين وسبعمائة وهو كهل فدفن بقرافة مصر. فسكنها من عبده خوند عائشة خاتون المعروفة بالقردمية ابنة الملك الناصر محمد بن قلاوون زمانًا فعرفت بها وكانت هذه المرأة ممن يضرب بغناها وسعاتها المثل إلاّ أنها عمرت طويلًا وتصرّفت في مالها تصرّفًا غير مرضيّ فتلف في اللهو حتى صارت تعدّ من جملة المساكين وماتت في الخامس من جمادى الولى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ومخدّتها من ليف. ثم سكن هذه الدار الأمير جمال الدين محمود بن عليّ الاستادار مدّة وأنشأ تجاهها دار الصالح: هذه الدار بحارة قريبًا من السجن وكانت دار الصالح طلائع بن رزبك يسكنها وهو أمير قبل أني لي الوزارة بناها في سنة سبع وأربعين وخمسمائة وبناها على ما هي عليه الآن. دار بهادر: هذه الدار بالقاهرة جوار المشهد الحسيني في درب جرجي المقابل للابارين المسلوك منه إلى دار الضرب وغيره أنشأها الأمير بهادر رأس نوبة أحد مماليك الملك المنصور قلاوون واتفق أنه كان ممن مالأ الأمير بدر الدين بيدرا على قتل الملك الأشرف خليل بن قلاوون فلما قدّر الله بانتقاض أمر بيدر أو قتله وإقامة الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد أخيه الأشرف خليل قبض على جماعة ممن وافق على قتل الملك الأشرف خليل وقد تجمعت المماليك الأشرفية مع الأمير علم الدين سنجر الشجاعي وهو يومئذٍ وزير الديار المصرية في دار النيابة من قلعة الجبل عند الأمير زين الدين كتبغا نائب السلطنة وإذا بالأمير بهادر المذكور قد حضر هو والأمير جمال الدين أقوش الموصلي الحاجب المعروف بنميلة وكانا قد اختفيا فرقًا من سطوة الأشرفية حتى دبر أمرهما النائب وأذن لهما في طلوع القلعة فما هو إلاّ أن أبصرهما الأشرفية سلوا سيوفهم وضربوا رقبتيهما في أسرع وقت فدهش الحاضرون وما استطاعوا أن يتكلموا خوفًا من الأشرفية واتفق في بناء هذه الدار ما فيه عبرة لمن اعتبر وذلك أن بهادر هذا لما حفر أساسها وجد هناك قبورًا كثيرة فأخرج تلك العظام ورماها فبلغ ذلك قاضي القضاة تقيّ الدين ابن دقيق العيد فبعث إليه ينهاه عن نبش القبور ورمي العظام ويخوّفه عاقبة ذلك فقال: إذا مت يجرّوا رجلي ويرموني فقال القاضي: لما أعيد عليه هذا الجواب: وقد يكون ذلك. فقدّر الله أنه لما ضربت رقبته ورقبة أقوش ربط في رجليهما حبل وجرّا من دار النيابة بالقلعة إلى المجاير بالكيمان نعوذ بالله من سوء عاقبة الفضاء ثم عرفت هذه الدار ببيت الأمير جركتمر بن بهادر المذكور وكان خصيصًا بالأمير قوصون فبعثه لقتل السلطان الملك المنصور أبي بكر بن الملك الناصر محمد بن قلاوون لمّا نفاه إلى مدينة قوص بعد خلعه فتولى قتله فلما قبض على قوصون قبض على جركتمر في ثاني شعبان سنة اثنين وأربعين وسبعمائة وقتل بالإسكندرية هو وقوصون في ليلة الثلاثاء ثامن عشر شوال تولى قتلهما الأمير ابن طشتمر طلبة وأحمد بن صبيح وكان جركتمر هذا فيه أدب وحشمة وأوّل أمره كان من أصحاب الأمير بيبرس الجاشنكيري فقدّمه وأعطاه أمرة عشرة ثم اتصل بالأمير أرغون النائب فأعطاه أمرة طلبخاناه وكان يلعب بالأكرة ويجيد في لعبها إلى الغاية. ثم عرفت هذه الدر بالأمير سيف الدين المنجكي أستادار الملك الظاهر برقوق لسكنها بها وتجيد عمارتها وأنشأ بجوارها حمامًا وكانت وفاته يوم الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سنة تسعين وسبعمائة وهذه الدار باقية إلى اليوم تسكنها الأمراء.
|