الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.106- الآية الثانية منها: قوله تعالى في قصة نوح: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده...} (هود: 28).وقال في قصة صالح عليه السلام في هذه السورة: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة...} (هود: 23). للسائل أن يسأل عن مخاطبة النبيين نوح وصالح على نبينا وعليهما السلام.قوميهما باللفظين تساويا إلا فيما اختلفا فيه من تقديم المفعول الثاني في الآية الأولى على الجار والمجرور، وتأخيره عنهما في الآية الثانية؟والجواب أن يقال: إن المعنيين واحد في الموضعين، وقول النبيين سواء لأمتيهما، وإنما اختلفا بإخبار الله تعالى في موضع خبر قدم فيه المفعول الثاني على الجار والمجرور، لإجراء هذا الفعل ومفعوليه على ما جرى عليه الفعل الذي قبله، وهو: {... ما نراك إلا بشرا مثلنا...} (هود: 27) فـ (بشرا) مفعول ثاني من (نراك)، وقوله: {وما نراك اتبعك} (هود: 27)، فـ (اتبعك) في موضع المفعول الثاني من (نراك) ثم بعده: {بل نظنكم كاذبين} هود: 27 فلما تقدمت أفعال ثلاثة كل واحد منها يتعدى إلى مفعولين، والمفعول الثاني منهما لا يحجزه عن الأول معمول فيه، كان إجراء هذا الفعل الذي هو: {وآتاني رحمة من عنده} مجرى تلك الأفعال التي وقعت {آتاني} في جوابها، وجاءت من كلام نوح عليه السلام في مقابلتها أولى.وأما في قصة صالح عليه السلام فإنه بإزاء قول قومه له: {..يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا..} هود: 62 فوقع خبر كان الذي هو كالمفعول لها، وقد تقدمه الجار والمجرور، فجرى جواب صالح عليه السلام فيما صار عبارة عنه من العربية مجرى الإبتداء في هذا المعنى، فترجح في هذا المكان تقديم الجار والمجرور في قوله تعالى: {وآتاني منه رحمة} على المفعول الثاني، كما ترجح هناك تقديم المفعول الثاني على الجار والمجرور وكل جائز إلا أن كلامنا في الترجيح في الموضعين وفي هذا القدر كفاية والله أعلم..107- الآية الثالثة منها: قوله تعالى في قصة سورة هود عليه السلام وذكر قومه: {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود} هود: 60.وقال في قصة موسى عليه السلام في هذه السورة وإرساله إلى فرعون وملئه: {وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} هود: 99.للسائل أن يسأل عن حذف {الدنيا} من الآية الثانية وإثباتها في الأولى، وهل كان يجوز في الاختيار عكس ذلك؟والجواب أن الاولى أتى فيها بالموصوف والصفة جميعا، وهو الأصل الأول، ثم الاكتفاء بالصفة عن الموصوف بعده لقيام الدلالة على الموصوف، فيجوز لذلك حذفه، وإقامة الصفة مقامه.ولما جاءت الآيتان في سورة واحدة وفيت الأولى ما هو بها أولى من الإجراء على الأصل، والإتيان بالموصوف والوصف فقال تعالى: {في هذه الدنيا} واكتفى في الثانية لما قامت الدلالة على الموصوف بالصفة وحدها فقال: {وأتبعوا في هذه لعنة}..108- الآية الرابعة منها: قوله تعالى في قصة صالح عليه السلام: {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} هود: 62.وقال في سورة إبراهيم عليه السلام 9: {وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب}.للسائل أن يسأل فيقول: لم قال في الأولى: {وإننا لفي شك} على الأصل و{مما تدعونا} بنون واحدة، وقال في الثانية: {وإنا لفي شك} على التخفيف، بحذف إحدى النونات وهي المتوسطة، ثم جاء بعده: {تدعوننا} بنونين؟والجواب أن يقال: أما {تدعونا} في الأولى و{تدعوننا} في الثانية، فلا يصح مكانهما غيرهما، فلا يجوز في الأولى إلا نون واحدة ولا يجوز في الثانية إلا نونان اثنتان، لأن الأولى خطاب لصالح عليه السلام، والنون مع الألف ضمير المتكلم، وتدعو فعل واحد، لا نون فيه، وليس كذلك تدعوننا الثانية، لأنه خطاب للرسل، وهم جماعة، ولا يقال لهم في حال الجمع إلا تدعوننا عند الرفع، ولا تسقط النون إلا لناصب أو جازم، نحو لن تدعونا ولم تدعونا فأما إذا رفعت خطاب الجماعة لم تكن إلا تدعوننا وهذا من مبادئ هذا العلم.وأما {إننا} في الأولى، و{إنا} في الثانية مع جواز اللفظين في كل مكان، فلأن الضمير الذي دخلت عليه إن في هذا المكان هو على لفظ ضمير المنصوب المتصل بالفعل في قوله تعالى: {أتنهانا} وضمير المنصوب إذا اتصل بالفعل لم يغير له آخره كما يغير إذا اتصل به ضمير المرفوع، نحو ضربنا تسكن لصالح عليه السلام، والنون مع الألف ضمير المتكلم، وتدعو فعل واحد، لا نون فيه، وليس كذلك تدعوننا الثانية، لأنه خطاب للرسل، وهم جماعة، ولا يقال لهم في حال الجمع إلا تدعوننا عند الرفع، ولا تسقط النون إلا لناصب أو جازم، نحو لن تدعونا ولم تدعونا فأما إذا رفعت خطاب الجماعة لم تكن إلا تدعوننا وهذا من مبادئ هذا العلم.وأما {إننا} في الأولى، و{إنا} في الثانية مع جواز اللفظين في كل مكان، فلأن الضمير الذي دخلت عليه إن في هذا المكان هو على لفظ ضمير المنصوب المتصل بالفعل في قوله تعالى: {أتنهانا} وضمير المنصوب إذا اتصل بالفعل لم يغير له آخره كما يغير إذا اتصل به ضمير المرفوع، نحو ضربنا تسكن الباء لاتصالها ضمير الفاعلين بها، ولا تسكنها لاتصال ضمير المفعولين بها، إذا قلت: ضربنا فلما أشبه المنصوب ب إن المنصوب في ضربنا، ولم ينازعه شبه الفاعل، سلم لفظ إن عند اتصالها به، ولم يلحقه حذف.ولما كانت إنا في سورة إبراهيم وإن كانت منصوبة مشبهة للفظ الفاعل، إذا قلت ضربنا بكونها على لفظها، وبوقوعها موقع المرفوع المبتدأ، وبأن هذا اللفظ المتقدم عليها في الآية التي قبلها هو ضمير المرفوع خلاف ما تقدم في الآية في سورة هود، وهو قوله: {كفرنا بما أرسلتم به} إبراهيم: 9، وقبل ذلك ضمير مرفوع على غير هذا اللفظ للذين لهم هذا اللفظ، وهو الواو في قوله تعالى: {فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به} ثم قوله تعالى: {إنا كفرنا} حذفت منها النون تشبيها للضمير بعدها بالضمير المرفوع بعد الفعل، وكما أن الفعل يلحقه حذف حركة عند اتصال هذا الضمير به، وكان الضمير الذي يحذف من إن النون، حذفت لينقص لفظها عند اتصاله بما هو كالضمير المرفوع لفظا ومعنى، وموقعا، حملا على ما تقدم، عما يكون عليه إذا لم يواصله، وجاءت تدعوننا على مقتضى الإعراب الواجب لها بنونين. فهذا فرق ما بين الموضعين..109- الآية الخامسة منها: قوله تعالى في قصة صالح عليه السلام: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا ف ديارهم جاثمين} هود: 67.وقال في هذه السورة في قصة شعيب عليه السلام: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} هود: 94.للسائل أن يسأل عن اختلاف الفعلين في اتصال علامة التأنيث بأحدهما، وسقوطها من الآخر، مع أن الفاعل في الموضعين شيء واحد وهو {الصيحة} مع أن الحاجز بين الفعل والفاعل في المكانين حاجز واحد، وهو {الذين ظلموا}؟والجواب أن يقال: إن مثل هذا إذا جاء في كلام العرب سهل الكلام فيه، لأنه يقال: حمل على المعنى، والصيحة بمعنى الصياح، كما أن قول الشاعر:حمل على المعنى إذ الصوت بمعنى الصيحة.غير أن السؤال الذي بنيت الآيات لازم، وهو أن يقال: فهل كان يجوز مكان أخذت أخذ في القرآن؟ وهل لتخصيص قصة شعيب ب أخذت فائدة ليست لها قصة صالح عليه السلام.والجواب عن هذا الموضع هو أن يقال: إن الله تعالى أخبر عن العذاب الذي أهلك به قوم شعيب عليه السلام بثلاثة ألفاظ:منها {الرجفة} في سورة الأعراف فيقوله: {وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون* فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين* الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها} الأعراف: 90-32 وذكر ذلك قبله في مكان آخر.ومنها {الصيحة} في سورة هود في قوله تعالى: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين} هود: 94.ومنها {الظلة} في سورة الشعراء 89 في قوله تعالى: {فأخذهم عذاب يوم الظلة}.وفي التفسير أن هذه الثلاث جمعت لإهلاكهم واحدة بعد أخرى، لأن الرجفة بدأت بهم فانزعجوا لها عن الكن إلى البراح، فلما أصروا نال منهم حر الشمس وظهرت لهم ظلة تبادروا إليها، وهي سحابة سكنوا إلى روح ظل تحتها فجاءت الصيحة فهمدوا لها.فلما اجتمعت ثلاث أشياء مؤنثة الألفاظ في العبارة عن العذاب الذي أهلكوا به غلب التأنيث في هذا المكان على المكان الذي لم تتوال فيه هذه المؤنثات، فلذلك جاء في قصة شعب: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة}. .110- الآية السادسة منها: قوله تعالى: {ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} هود: 68.للسائل أن يسأل عن صرف ثمود في قوله تعالى: {ألا إن ثمودا}، ومنه الصرف بعد قوله تعالى: {ألا بعدا لثمود} وهل كان يجوز أن يمنع الصرف في اللفظ الأول ويصرف اللفظ الثاني؟والجواب أن يقال: الأول بالصرف أولى، والثاني بالامتناع منه أحق، لأنه في الأول ينحي به نحو الأب والأقربين من أولادهم في الكفر، وإذا قصد هذا القصد انصرف هذا الاسم.وفي الثاني قصد ذكر الإهلاك وكان للقبيلة بأسرها لما أصرت عليه من كفرها، فنحى نحو القبيلة، فمنع الصرف للتعريف والتأنيث الحاصلين فيما خرج عن أخف الأصلين، ألا ترى إلى قوله تعالى: {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود} هود: 95 فالكفر من أولهم، والإهلاك قصد به ذكر كلهم، فكان معنى القبيلة به أولى. وبالله التوفيق..111- الآية السابعة منها: قوله تعالى: {قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} هود: 81.وقال في سورة الحجر 65: {فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون}.للسائل أن يسأل عن شيئين في هذا المكان:أحدهما: أن يقول: إنه استثنى في سورة هود من قوله تعالى: {فأسر بأهلك بقطع من الليل} قوله: {إلا امرأتك} ولم يستثن ذلك في سورة الحجر؟والثاني: قوله تعالى في سورة الحجر: {.. واتبع أدبارهم} وتركه في سورة هود؟والجواب عن المسألة الأولى: أن الاستثناء في سورة الحجر أغنى منه قوله تعالى فيما حكى عن الرسل: {..إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته إنها لمن الغابرين} الحجر: 58-60، فهذا الاستثناء الذي لم يقع مثله في سورة هود أغنى عن الاستثناء في قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك}.والجواب عن المسألة الثانية أن يقال: إنه لما اقتص في هذه السورة بعض ما اقتص في الأحرى، فذكر أن الرسل قالوا له: {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} هود: 81 والمعنى: لن يصلوا إليك وإلى المؤمنين من أهلك، قيد ذلك في قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} هود: 81. بأن أمروه بإخراج أهله من بين أظهرهم ليلا من غير أن يعرج أحد منهم على شيء خلفه يعوقه عن المضي إلى حيث ما أمر به.ولما قال في سورة الحجر: {إنا لمنجوهم أجمعين* إلا امرأته} اخبارا عن الرسل أنهم خاطبوا إبراهيم عليه السلام به، ثم أخبر عن مخاطبتهم لوطا في هذه السورة بما يضاهي قولهم لإبراهيم عليه السلام، أردفوا قولهم له: {فأسر بأهلك} بقولهم: {واتبع أدبارهم} لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم كان تحقيقا لخبرهم أنهم منجوهم أجمعين، فزيد: {واتبع أدبارهم} لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم كان من ورائهم كان تحقيقا لخبرهم أنهم منجوهم أجمعين، فزيد: {واتبع أدبارهم} لتجاوب مخاطبتهم له مخاطبتهم لإبراهيم عليه السلام بسببه..112- الآية الثامنة منها: حكم هذه الآية يكون ذكرها في سورة الأعراف، ثم لما تأخرت وجب أن تذكر في سورة العنكبوت، إلا أنا رأيناها تتعلق بهذه السورة فذكرناها فيها، وهي:قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله} الأعراف: 85، هود: 84.ومثله في سورة العنكبوت، يخالفه بزيادة الفاء، وهو قوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله} العنكبوت: 36.ففي كل القرآن: {وإلى مدين أخاهم شعبيا قال يا قوم اعبدوا الله} وفي سورة العنكبوت خصوصا فقال.للسائل أن يسأل عن اختصاص هذا المكان بالفاء، وخلو المكانين قبله منها؟والجواب أن يقال: إن مفتتح قصص الأنبياء عليهم السلام في سورة الأعراف قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه} الأعراف: 59 وبعده: {وإلى عاد أخاهم هودا} الأعراف: 65 وبعده: {وإلى ثمود أخاهم صالحا} الأعراف: 73، وبعده: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} الأعراف: 85 وكذلك في سورة هود على هذا النسق، وإلا أن قصة نوح عليه السلام مفتتحة بالواو: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} هود: 25 وهي في سورة الأعراف بلا واو، وقد ذكرنا السبب في ذلك.فلما تساوت هذه المعطوفات على المعطوف عليها الأول، فكان الفعل المضمر للمعطوف مثل المظهر أولا في التعلق بالمرسل والمرسل إليهم، كعاد المرسل إليهم هود، وكثمود المرسل إليهم صالح، وكمدين المرسل إليهم شعيب عليه السلام جرى الجمع مجرى واحدا، فكان التقدير: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا، وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا، وأرسلنا إلى مدين شعيبا، ولم يعترض بين القصص ما أضمر فيه، خلاف ما أظهر قبل، وهو: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} هود: 25.وكان الأمر في ذلك في سورة العنكبوت مخالفا بعض المخالفة، لأنه افتتحت القصة بقوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} العنكبوت: 14 وجاءت بعدها قصة إبراهيم ولوط عليهما السلام، فلم تجريا على الفعل الأول في التعلق بالمرسل والمرسل إليهم كما كان ذلك في قصة هود وصالح عليهما السلام في السورتين، بل جاء بعد قوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} قوله: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه} العنكبوت: 16 وقوله: {ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} العنكبوت: 28، فلم يكن المعطوف على قصة نوح في هذه السورة كالمعطوف عليها فيما تقدم من سورتي الأعراف وهود، ولم يتعد الفعل المضمر تعدي الفعل المظهر، وكان جائزا أن يكون المعنى: واذكر إبراهيم إذ قال لقومه، واذكر لوطا إذ قال لقومه، ثم جاءت قصة شعيب عليه السلام فأجريت مجرى القصة الأولى التي هي قصة نوح عليه السلام في تعدي الفعل فيها إلى المرسل وإلى المرسل إليهم وقد تخلل ذلك ما ليس مثله من الأفعال المضمرة، فجاء: {وإلى مدين أخاهم شعيبا} العنكبوت: 36 فأقيمت فيها دلالة على أن هذه القصة مجراه مجرى القصة البعيدة عنها دون القريبة منها وكانت الأولى يتساوى عطفها على ما قرب منها، وبعد عنها لاستواء الفعل المظهر والمضمر، فكانت تلك الدلالة التي تدل على أنها مردودة إلى القصة الأولى أن تتلقى بما تلقيت به تلك من الفاء مع صحة المعنى، فلما كان: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة} العنكبوت: 14 قبل {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله} العنكبوت: 36 تعلق ما بعدها بالفاء، كما كانت الفاء في قوله: {فلبث فيهم} لما ذكرنا.
|