الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن العربي: قَوْله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّك تَرْضَى}.فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:المسألة الأُولَى:قَوْله تعالى: {وَمِنْ آنَاءِ} وَزْنُهُ أَفْعَالٌ، وَاحِدُهَا إنْيٌ مِثْلُ عَدْلٍ، وَإِنًى مِثْلُ عِنَبٍ فِي السَّالِمِ قَالَ اللَّهُ تعالى {غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ}.المسألة الثَّانِيَةُ:لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تعالى هَاهُنَا: {سَبِّحْ}، صَلِّ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ التَّسْبِيحِ وَأَشْرَفُهُ.وَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ ذَلِكَ بَيَانٌ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ أَمْ لِصَلَاةِ النَّفْلِ؟ فَقِيلَ: قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَعْنِي الصُّبْحَ.وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْعَصْرَ.وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَلَّا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا».وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَيْضًا: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ».المسألة الثَّالِثَةُ:قَوْله تعالى: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} يَعْنِي سَاعَاتِهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ قِيَامَ اللَّيْلِ كُلِّهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.وَفِي الثَّانِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ عَلَى حَدِّ قَوْله تعالى: {حِينَ تُمْسُونَ} فِي الْفَرْضِ، وَعَلَى حَدِّ قَوْله تعالى: {يَأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إلَّا قَلِيلًا}، عَلَى حَدِّ قَوْلِنَا فِي أَنَّهُ النَّفَلُ.المسألة الرَّابِعَةُ:قَوْله تعالى: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ}: يَعْنِي فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ صَلَاةَ الظُّهْرِ.وَقِيلَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا فِي الطَّرَفِ الثَّانِي.وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ مِنْ طَرَفِ اللَّيْلِ، لَا مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ.وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي بِعْنِي بِهِ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ.وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.المسألة الخَامِسَةُ:قَوْله تعالى: {لَعَلَّكَ تَرْضَى}: هُوَ مُجْمَلُ قَوْلِهِ الْمُفَسِّرِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، وَيُمَاثِلُ قَوْله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. اهـ..قال الماوردي: قوله عز وجل: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ} فيه وجهان:أحدهما: بأن جعل الجزاء يوم القيامة، قاله ابن قتيبة.الثاني: بتأخيرهم إلى يوم بدر. {لَكَاَن لِزَامًا} فيه وجهان:أحدهما: لكان عذابًا لازمًا.الثاني: لكان قضاء، قاله الأخفش.{وَأَجَلٌ مُسَمّىً} فيه وجهان:أحدهما: يوم بدر.والثاني: يوم القيامة، قاله قتادة. وقال في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزامًا.قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} يعني من الإِيذاء والافتراء.{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} قبل طلوع الشمس صلاة الفجر، وقبل غروبها صلاة العصر.{وَمِنْ ءَاناءِ اللَّيْلِ} ساعاته، وأحدها إنىً، وفيه وجهان:أحدهما: هي صلاة الليل كله، قاله ابن عباس.الثاني: هي صلاة المغرب والعشاء والآخرة.{أَطْرَافِ النَّهَارِ} فيه وجهان:أحدهما: صلاة الفجر لأنها آخر النصف الأول، وأول النصف الثاني: قاله قتادة.الثاني: أنها صلاة التطوع، قاله الحسن.{لَعَلّكَ تَرْضَى} أي تعطى، وقرأ عاصم والكسائي {تُرضى} بضم التاء يعني لعل الله يرضيك بكرامته، وقيل بالشفاعة.قوله عز وجل: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} فيه وجهان:أحدهما: أنه أراد بمد العين النظر.الثاني: أراد به الأسف.{أَزْوَاجًا} أي أشكالًا، مأخوذ من المزاوجة.{زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال قتادة: زينة الحياة الدنيا.{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} يعني فيما متعاناهم به من هذه الزهرة، وفيه وجهان:أحدهما: لنفتنهم أي لنعذبهم به، قاله ابن بحر.الثاني: لنميلهم عن مصالحهم وهو محتمل.{وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} فيه وجهان:أحدهما: أنه القناعة بما يملكه والزهد فيما لا يملكه.الثاني: وثواب ربك في الآخرة خير وأبقى مما متعنا به هؤلاء في الدنيا.ويحتمل ثالثًا: أن يكون الحلال المُبْقِي خيرًا من الكثير المُطْغِي.وسبب نزولها ما رواه أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من يهودي طعامًا فأبى أن يسلفه إلا برهن، فحزن وقال: «إني لأمين في السماء وأمين في الأرض، أحمل درعي إليه» فنزلت هذه الآية.وروى أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى: من لم يتأدب بأدب الله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات. اهـ..قال ابن عطية: ثم ابتدأ يوبخهم ويذكرهم العبر بقوله: {أفلم يهدِ لهم}.وقرأت فرقة {يهد} بالياء بمعنى يتبين، واختلفت هذه الفرقة في الفاعل فقال بعضها الفاعل {كم} وهذا قول كوفي. ونحاة البصرة لا يجيزونه لأن {كم} لها صدر الكلام، وفي قراءة ابن مسعود {أفلم يهد لهم من أهلكنا} فكأن هذه القراءة تناسب ذلك التأويل في {كم} وقال بعضهم الفاعل الله عز وجل، والمعنى {أفلم يهد لهم} ما جعل الله لهم من الآيات والعبر فأضاف الفعل إلى الله عز وجل بهذا الوجه قاله الزجاج، وقال بعضهم الفاعل مقدر الهدى أو الأمرع أو النظر أو الاعتبار هذا أحسن ما يقدر به عندي، وقرأت فرقة {نهد} بالنون وهذه القراءة تناسب تأويل من قال في التي قبلها الفاعل الله تعالى. و{كم} على هذه الأقوال نصب ب {أهلكنا}، ثم قيد {القرون} بأنهم يمشي هؤلاء الكفرة {في مساكنهم} فإنما أراد عادًا أو ثمود أو الطوائف التي كانت قريش تجوز على بلادهم في المرور إلى الشام وغيره، وقرأت فرقة {يمشون} بفتح الياء، وقرأت فرقة {يُمشّون} بضم الياء وفتح الميم وشد الشين، و{النهى} جمع نهية وهو ما ينهى الإنسان عن فعل القبيح، ثم أعلم عز وجل قبله أن العذاب كان يصير لهم {لزامًا} {لولا كلمة سبقت} من الله تعالى في تأخيره عنهم إلى {أجل مسمى} عنده فتقدير الكلام {ولولا كلمة سبقت} في التأخير {وأجل مسمى} لكان العذاب {لزامًا} كما تقول لكان حتمًا أو واجبًا واقعًا لكنه قدم وأخر لتشتبه رؤوس الآي. واختلف الناس في الأجل فيحتمل أن يريد يوم القيامة والعذاب المتوعد به على هذا هو عذاب جهنم، ويحتمل أن يريد ب الأجل موت كل واحد منهم فالعذاب على هذا هو ما يلقى في قبره وما بعده، ويحتمل أن يريد بالآجال يوم بدر فالعذاب على هذا هو قتلهم بالسيف وبكل احتمال مما ذكرناه، قالت فرقة، وفي صحيح البخاري، أن يوم بدر وهو اللزام وهو البشطة الكبرى، ثم أمره تعالى بالصبر على أقوالهم إنه ساحر وإنه كاهن وإنه كذاب إلى غير ذلك، والمعنى لا تحفل بهم فإنهم مدركة الهلكة وكون اللزام يوم بدر أبلغ في آيات نبينا عليه السلام وقوله تعالى: {وسبح بحمد ربك} قال أكثر المتأولين هذه إشارة إلى الصلوات الخمس {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر و{من آناء الليل} العتمة {وأطراف النهار} المغرب والظهر.وقالت فرقة {آناء الليل} المغرب والعشاء، {وأطراف النهار} الظهر وحدها، ويحتمل اللفظ أن يراد قول سبحان الله وبحمده من بعد صلاة الصبح إلى ركعتي الضحى وقبل غروب الشمس فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من سبح قبل غروب الشمس سبعين تسبيحة غربت بذنوبه» ع وسمى الطرفين أطرافًا على أحد وجهين إما على نحو فقد صغت قلوبكما: وإما على أن يجعل النهار للجنس، فلكل يوم طرف وهي التي جمع، وأما من قال: {أطراف النهار} لصلاة الظهر وحدها فلابد له من أن يتمسك بأن يكون النهار للجنس كما قلنا أو نقول إن النهار ينقسم قسمين فصلهما الزوال ولكل قسم طرفان فعند الزوال طرفان الآخر من القسم الأول والأول من القسم الآخر فقال عن الطرفين أطرافًا على نحو فقد صغت قلوبكما، وأشار إلى هذا النظر ابن فورك في المشكل والآناء جمع أنى وهي الساعة من الليل ومنه قول الهذلي:وقالت فرقة في الآية إشارة إلى نوافل، فمنها {آناء الليل} ومنها {قبل طلوع الشمس} وركعتا الفجر والمغرب {أطراف النهار}، وقرأ الجمهور: {لعلك تَرضى} بفتح التاء أي لعلك تثاب على هذه الأعمال بما ترضى به، وقرأ الكسائي وأبو بكر عن عاصم {لعلك تُرضى} أي لعلك تُعطى ما يرضيك.{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.قال بعض الناس سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل به ضيف فلم يكن عنده شيء فبعث إلى يهودي ليسلفه شعيرًا فأبى اليهودي إلا برهن فبلغ الرسول بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال «والله إني لأمين في السماء وأمين في الأرض» فرهنه درعه فنزلت الآية في ذلك.قال القاضي أبو محمد: وهذا معترض أن يكون سببًا لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّه مات ودرعه مرهونة بهذه القصة التي ذكرت، وإنما الظاهر أن الآية متناسقة مع ما قبلها وذلك أن الله تعالى وبخهم على ترك الأعتبار بالأمم السالفة ثم توعدهم بالعذاب المؤجل ثم أمر نبيه بالاحتقار لشأنهم والصبر على أقوالهم والإعراض عن أموالهم وما في أيديهم من الدنيا إذ ذاك منحصر عندهم صائر بهم إلى خزي، وقوله: {ولا تمدن عينيك} أبلغ من ولا تنظر، لأن الذي يمد بصره إنما يحمله على ذلك حرص مقترن، والذي ينظر قد لا يكون ذلك معه. والأزواج الأنواع فكأنه قال: {إلى ما متعنا به} أقوامًا منهم وأصنافًا. وقوله تعالى:. شبه نعم هؤلاء الكفار بالزهر وهو ما اصفر من النور، وقيل الزهر النور جملة لأن الزهر له منظر ثم يضمحل فكذلك حال هؤلاء، ونصب. يجوز أن ينصب على الحال وذلك أن تعرفها ليس بمحض، وقرأت فرقة {زهْرة} بسكون الهاء، وفرقة {زهَرة} بفتح الهاء ثم أخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن ذلك إنما هو ليختبرهم به ويجعله فتنة لهم وأمرًا يجازون عليه بالسوء لفساد تقلبهم فيه، {ورزق} الله تعالى الذي أحله للمتقين من عباده {خير وأبقى} أي رزق الدنيا ورزق الآخرة أبقى وبين أنه خير من رزق الدينا. اهـ. .قال ابن الجوزي: قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لهم}.أي: أفلم يتبيَّن لكفار مكة إِذا نظروا آثار مَنْ أهلكْنا مِنَ الأمم؛ وكانت قريش تتَّجر وترى مساكن عاد وثمود وفيها علامات الهلاك، فذلك قوله تعالى: {يمشون في مساكنهم}.وروى زيد عن يعقوب: {أفلم نَهْدِ} بالنون.قوله تعالى: {ولولا كلمة سبقتْ من ربِّك} في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إِلى يوم القيامة، وقيل: إِلى يوم بدر، وقيل: إِلى انقضاء آجالهم {لكان لزامًا} أي: لكان العذاب لزامًا، أي: لازمًا لهم.واللِّزام: مصدر وُصف به العذاب.قال الفراء وابن قتيبة: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى: ولولا كلمة وأَجَل مسمّىً لكان لزامًا.قوله تعالى: {فاصبر على ما يقولون} أمر الله تعالى نبيَّه بالصبر على ما يسمع من أذاهم إِلى أن يحكم الله فيهم، ثم حكم فيهم بالقتل، ونسخ بآية السيف إِطلاق الصّبر.قوله تعالى: {وسبِّح بحمد ربِّك} أي: صلِّ له بالحمد له والثناء عليه {قبل طلوع الشمس}: يريد الفجر {وقبل غروبها} يعني: العصر {ومن آناء الليل} الآناء: الساعات، وقد بيَّنَّاها في [آل عمران: 113]، {فسبِّح} أي: فصلِّ.وفي المراد بهذه الصلاة أربعة أقوال:أحدها: المغرب والعشاء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة.والثاني: جوف الليل، رواه العوفي عن ابن عباس.والثالث: العشاء، قاله مجاهد، وابن زيد.والرابع: أول الليل وأوسطه وآخره، قاله الحسن.قوله تعالى: {وأطرافَ النهار} المعنى: وسبِّح أطرافَ النهار.قال الفراء: إِنما هم طَرَفان، فخرجا مخرج الجمع، كقوله تعالى: {إِن تتوبا إِلى الله فقد صَغَتْ قلوبُكما} [التحريم: 4].وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال:أحدها: أنها الظُّهر، قاله قتادة؛ فعلى هذا، إِنما قيل لصلاة الظهر: أطراف النهار، لأن وقتها عند الزوال، فهو طَرَف النِّصف الأول وطرف النِّصف الثاني.والثاني: أنها صلاة المغرب وصلاة الصبح، قاله ابن زيد؛ وهذا على أن الفجر في ابتداء الطَّرف الأول، والمغرب في انتهاء الطَّرف الثاني.والثالث: أنها الفجر والظهر والعصر؛ فعلى هذا يكون الفجر من الطرف الأول، والظهر والعصر من الطرف الثاني، حكاه الفراء.قوله تعالى: {لعلَّك ترْضَى} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم: {ترضى} بفتح التاء.وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم بضمها.فمن فتح، فالمعنى: لعلَّك ترضى ثواب الله الذي يُعطيك.ومَنْ ضمَّها، ففيه وجهان.أحدهما: لعلَّكَ ترضى بما تُعطى.والثاني: لعلَّ الله أن يرضاك.قوله تعالى: {ولا تَمُدَّنَّ عينيكَ}.سبب نزولها، ما روى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نزل ضيف برسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني فأرسلني إِلى رجل من اليهود يبيع طعامًا، فقال: قل له: إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بعني كذا وكذا من الدقيق، أو أسلفني إِلى هلال رجب» فأتيته فقلت له ذلك، فقال اليهودي: والله لا أبيعه ولا أسلفه إِلا برهن، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه، فقال: «والله لو باعني أو أسلفني لقضيته، وإِني لأمين في السماء أمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إِليه» فنزلت هذه الآية تعزية له عن الدنيا.قال أُبيّ بن كعب: من لم يتعزَّ بعزاء الله تقطَّعت نفسه حسراتٍ على الدنيا.وقد مضى تفسير هذه الآية في آخر [الحجر: 88].قوله تعالى:. وقرأ ابن مسعود، والحسن، والزهري، ويعقوب: {زَهَرة} بفتح الهاء.قال الزجاج: وهو منصوب بمعنى {متَّعنا}، لأن معنى {متَّعنا}: جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة، {لنفتنهم فيه} أي: لنجعل ذلك فتنة لهم.وقال ابن قتيبة: لنختبرهم.قال المفسرون: زهرة الدنيا: بهجتها وغضارتها وما يروق الناظر منها عند رؤيته، وهو من زهرة النبات وحسنه.قوله تعالى: {ورزق ربِّك خير وأبقى} فيه قولان:أحدهما: أنه ثوابه في الآخرة.والثاني: القناعة. اهـ.
|