الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
أولاها للمفقود لتناسبهما بوجهين: كون مال أحدهما أمانة في يد الآخر كما أن مال المفقود أمانة في يد الحاضر، وكون الاشتراك قد يتحقق في مال المفقود كما لو مات مورثه وله وارث آخر والمفقود حي والشركة لغة خلط النصيبين بحيث لا يتميز أحدهما وما قيل إنه اختلاط النصيبين تساهل فإن الشركة اسم المصدر والمصدر الشرك مصدر شركت الرجل أشركه شركا فظهر أنها فعل الإنسان وفعله الخلط، وأما الاختلاط فصفة للمال تثبت عن فعلهما ليس لها اسم من المادة ولا يظن أن اسمه الاشتراك؛ لأن الاشتراك فعلهما أيضا مصدر اشترك الرجلان افتعال من الشركة، كذا في فتح القدير وذكر أنها بإسكان الراء في المعروف وسكت عن الأول، وفي القاموس الشرك والشركة بكسرهما وضم الثاني بمعنى، وقد اشتركا وشارك أحدهما الآخر والشرك بالكسر وكأمير المشارك والجمع إشراك وشركاء. ا هـ. وفي التبيين إطلاق الشركة على العقد مجاز لكونه سببا له وفي فتح القدير وركنها في شركة العين اختلاطهما وفي شركة العقد اللفظ المفيد له ويقال الشركة على العقد نفسه فإذا قيل شركة العقد بالإضافة فهي إضافة بيانية وشرعيتها بالكتاب والسنة والمعقول أما الكتاب فقوله تعالى: {فهم شركاء في الثلث}، وهو خاص بشركة العين، وأما السنة فما في سنن أبي داود عن السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «كنت شريكي في الجاهلية» كما في فتح القدير وفي المحيط شرط جوازها كون الواحد قابلا للشركة وحكمها في شركة الملك صيرورة المجتمع من النصيبين مشتركا بينهما وفي شركة العقد صيرورة المعقود عليه أو ما يستفاد به مشتركا بينهما. (قوله: شركة الملك أن يملك اثنان عينا إرثا أو شراء) بيان للنوع الأول منها وقوله إرثا أو شراء مثال لا قيد فلا يرد أن ظاهره القصر عليهما مع أنه لا يقصر عليهما، بل تكون فيما إذا ملكاها هبة أو صدقة أو استيلاء بأن استوليا على مال حربي أو اختلاطا كما إذا اختلط مالهما من غير صنع من أحدهما أو اختلط بخلطهما خلطا يمنع التمييز أو يتعسر كالحنطة مع الشعير. والحاصل أنها نوعان جبرية واختيارية فأشار إلى الجبرية بالإرث وإلى الاختيارية بالشراء كما في المحيط، وذكر أن من الاختيارية أن يوصي لهما بمال فيقبلان وظاهر قولهم عينا يدل على إخراج الدين فقيل إن الشركة فيه مجاز؛ لأنه وصف شرعي لا يملك، وقد يقال: بل يملك شرعا، وقد جازت هبته ممن عليه الدين ودفع بأنها مجاز عن الإسقاط ولذا لم تجز من غير من عليه الدين، وفي فتح القدير والحق ما ذكروا من ملكه ولذا ملك ما عنه من العين على الاشتراك حتى إذا دفع من عليه الدين إلى أحدهما كان للآخر الرجوع عليه بنصف ما أخذ وليس له أن يقول هذا الذي أخذته حصتي وما بقي على المديون حصتك ولا يصح من المديون أيضا أن يعطيه شيئا على أنه قضاه وأخر الآخر وسيأتي في الصلح أن من الحيلة في اختصاص الآخذ بما أخذ دون شريكه أن يهبه من عليه مقدار حصته ويبرئه هو من حصته، فلو قال المصنف أن يملك متعدد عينا أو دينا لكان أولى قوله (: وكل أجنبي في قسط صاحبه) أي وكل واحد من الشريكين ممنوع من التصرف في نصيب صاحبه لغير الشريك إلا بإذنه لعدم تضمنها الوكالة، والقسط بالكسر الحصة والنصيب كذا في القاموس ولم يذكر المصنف حكم بيع أحدهما حصته وحكم الانتفاع بها بلا بيع أما الأول فقالوا يجوز بيع أحدهما نصيبه من شريكه في جميع الصور ومن غير شريكه بغير إذنه إلا في صورة الخلط والاختلاط فإنه لا يجوز إلا بإذنه. والفرق أن الشركة إذا كانت بينهما من الابتداء بأن اشتريا حنطة أو ورثاها كانت كل حبة مشتركة بينهما فبيع كل منهما نصيبه شائعا جائز من الشريك والأجنبي بخلاف ما إذا كانت بالخلط أو الاختلاط كان كل حبة مملوكة بجميع أجزائها ليس للآخر فيها شركة فإذا باع نصيبه من غير الشريك لا يقدر على تسليمه إلا مخلوطا بنصيب الشريك فيتوقف على إذنه بخلاف بيعه من الشريك للقدرة على التسليم والتسلم، والظاهر أن البيع ليس بقيد، بل المراد الإخراج عن الملك بهبة أو وصية أو صدقة أو إمهار أو بدل خلع وسيأتي بيان إجارة المشترك في قوله فيها وفسد إجارة المشاع إلا من الشريك. وأما الثاني ففيه تفصيل ففي الدابة المشتركة لا يركبها بغير إذن شريكه وفي البيت له أن يسكن كله في غيبة شريكه، وكذا الخادم ولا يلزمه أجرة حصة شريكه، ولو كانت الدار معدة للاستغلال وفي الأرض له أن يزرعها كلها على المفتى به إن كان الزرع ينفعها فإذا جاء شريكه زرعها مثل تلك المدة وإن كان الزرع ينقصها أو الترك ينفعها فليس له أن يزرعها وفي الكيلي والوزني له أن يعزل حصته بغيبة شريكه وينتفع بها ولا شيء عليه إن سلم الباقي فإن هلك قبل التسليم إلى شريكه هلك عليهما. وتمامه في جامع الفصولين من الفصل الثالث والثلاثين من الانتفاع بالمشترك وفي الخانية ولو كان بينهما شركة في مال خلطاه ليس لواحد منهما أن يسافر بالمال بغير إذن الشريك فإن سافر به فهلك فإن كان له حمل ومؤنة ضمن وإن لم يكن له حمل ومؤنة لا يضمن ا هـ. وفي الظهيرية ولو قال الآخر ما اشتريت اليوم من أنواع التجارات فهو بيني وبينك، وقال الآخر نعم فهو جائز، وكذلك لو قال كل واحد منهما لصاحبه ذلك؛ لأن هذه شركة في الشراء والشركة في الشراء جائزة وليس لأحد منهما أن يبيع حصة الآخر مما اشترى إلا بإذن صاحبه؛ لأنهما اشتركا في الشراء لا في البيع، ولو اشترى رجل عبدا فقال له رجل أشركني فيه فأشركه، ثم جاء آخر فقال أشركني فيه فأشركه فإن كان الثاني يعلم بمشاركة الأول إياه فله ربع جميع العبد؛ لأنه طلب منه الاشتراك في نصيبه ونصيبه النصف وإن كان الثاني لم يعلم بمشاركة الأول إياه فله نصف جميع العبد؛ لأنه طلب منه الاشتراك في كل العبد فيكون طالبا للنصف، ولو كان بين رجلين عبد فقال أحدهما لثالث أشركتك في هذا العبد ولم يجز صاحبه صار نصيبه بينهما نصفين، ولو كان مكان الشركة بيع بأن باع نصف العبد المشترك نفذ البيع في جميع نصيبه؛ لأن في الأولى نصا على الشركة، ولو صار جميع نصيبه له لا تتحقق الشركة ولا كذلك البيع رجل اشترى حنطة وطحنها فأشرك في طحنها رجلا فإن طحنها بنفسه فعلى الذي أشركه فيه نصف الثمن لا غير وإن استأجر رجلا ليطحنها فعلى الذي أشركه نصف الثمن ونصف أجر الطحن؛ لأنه يجعله شريكا فيه بنصف ما قام عليه، وقد قام عليه بهذا القدر فيقضي عليه بنصفه ا هـ. ولا يصح أن يشرك فيما اشتراه قبل القبض وإن كان بعده فهو بينهما على السواء وإن أشرك فيه اثنين كان بينهم أثلاثا، وإذا لم يعرف الدخيل مقدار الثمن جاز وله الخيار، ولو قال لك شركة يا فلان فعند أبي يوسف بينهما نصفان وأبطله محمد قال أشركت فلانا في نصف هذا العبد فله الربع قياسا والنصف استحسانا، ولو اشتريا عبدا فأشركا فيه آخر فإن أشركاه على التعاقب فله النصف ولهما النصف وإن أشركاه معا فله الثلث استحسانا؛ لأن الإشراك يقتضي المساواة وإن أشركه أحدهما في نصيبه ونصيب صاحبه فإن أجاز صاحبه فله النصف وللشريكين النصف وتمامه في المحيط من باب من يشتري شيئا فيشرك فيه غيره. (قوله: وشركة العقد أن يقول أحدهما شاركتك في كذا ويقبل الآخر) بيان للنوع الثاني ومقصوده بيان ركنها من الإيجاب والقبول الدالين عليها لا خصوص شاركتك؛ لأنها عقد من العقود فينعقد بما يدل عليه ولهذا لو دفع ألفا إلى رجل، وقال أخرج مثلها واشتر وما كان من ربح فهو بيننا وقبل الآخر وأخذها وفعل انعقدت الشركة وقوله في كذا أي في شيء؛ لأن كذا كناية عن الشيء، كذا في القاموس وذلك الشيء أعم من أن يكون خاصا كالبز والبقل أو عاما كما إذا شاركه في عموم التجارات وتخصيص العموم بالمفاوضة والخصوص بالعنان كما في فتح القدير لا وجه له؛ لأن العنان قد تكون عامة أيضا ولذا قال في البزازية شركة العنان عامة بأن يشتركا في أنواع التجارات كلها وخاصة وهو أن يشتركا في شيء واحد كالثياب والرقيق. ا هـ. وفي التتارخانية من شرائط المفاوضة أن تكون عامة في عموم التجارات إليه أشار محمد في الكتاب وذكر شيخ الإسلام في آخر باب شركة المفاوضة أنها تجوز في نوع خاص أيضا. ا هـ. ويندب الإشهاد عليها وذكر محمد كيفية كتابتها فقال هذا ما اشترك عليه فلان وفلان اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، ثم يبين قدر رأس مال كل منهما ويقول وذلك كله في أيديهما يشتريان ويبيعان جميعا وشتى ويعمل كل منهما برأيه ويبيع بالنقد والنسيئة، وهذا وإن ملكه كل بمطلق عقد الشركة إلا أن بعض العلماء يقول لا يملكه واحد منهما إلا بالتصريح به فللتحرز عنه يكتب هذا، ثم يقول فما كان من ربح فهو بينهما على قدر رءوس أموالهما وما كان من وضيعة أو تبعة فكذلك وحاصل ما ذكره المصنف في شركة العقد أنها مفاوضة وعنان وتقبل ووجوه، وذكر الشارح رحمه الله أنها ستة باعتبار أنها شركة بالمال وشركة بالأعمال وشركة الوجوه وكل ينقسم إلى قسمين مفاوضة وعنان وهو الأوجه وهو المذكور للشيخين الطحاوي والكرخي رحمهما الله؛ ولأن الأول يوهم أن الأخيرين لا يكونان مفاوضة ولا عنانا قوله (: وهي مفاوضة إن تضمنت وكالة وكفالة وتساويا مالا وتصرفا ودينا) بيان للنوع الأول من النوع الثاني، قال في القاموس المفاوضة الاشتراك في كل شيء والمساواة. ا هـ. ولذا قال في الهداية؛ لأنها شركة عامة في جميع التجارات يفوض كل واحد منهما أمر الشركة إلى صاحبه على الإطلاق إذ هي من المساواة قال قائلهم لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا أي متساوين فلا بد من تحقيق المساواة ابتداء وانتهاء وذلك بالمال والمراد به ما تصح الشركة فيه ولا يعتبر التفاضل فيما لا تصح فيه الشركة، وكذا في التصرف؛ لأنه لو ملك أحدهما تصرفا لا يملكه الآخر فات التساوي، وكذا في الدين. ا هـ. وفي فتح القدير، قوله إذ هي من المساواة تساهل إذ هي مادة أخرى فكيف يتحقق الاشتقاق، بل هي من التفويض أو من الفوض الذي منه فاض الماء إذا عم وانتشر وإنما أراد أن معناها المساواة، وظاهر كلام المصنف أنه لا يشترط التنصيص على المفاوضة فإن صرحا بها ثبت أحكامها إقامة للفظ مقام المعنى؛ لأنه صار علما على تمام المساواة في أمر الشركة وإن لم يذكراها فلا بد أن يذكر إتمام معناها بأن يقول أحدهما وهما حران بالغان مسلمان أو ذميان شاركتك في جميع ما أملك من نقد، وقدر ما تملك على وجه التفويض العام من كل منا للآخر في التجارات والنقد والنسيئة وعلى أن كلا ضامن عن الآخر ما يلزمه من أمر كل بيع وقدمنا أنها تصح خاصة أيضا لكن قوله إن تضمنت وكالة زائد؛ لأنه لا يخص المفاوضة؛ لأن كل عقد شركة يتضمنها ولا تصح إلا بها والمراد إنما هو بيان خصائصها، ولذا ذكر في المحيط أن حكمها صيرورة كل واحد منهما وكيلا عن صاحبه في التجارة في النصف، وإذا كان لأحدهما دنانير والآخر دراهم أو لأحدهما سود وللآخر بيض جازت المفاوضة إذا استوت قيمتهما في ظاهر الرواية؛ لأنهما متحدا الجنس من حيث المعنى وروى الحسن أنه لا يجوز؛ لأن المساواة بينهما لا تعرف إلا بالقيمة وهي مجهولة وإن تفاضلا في القيمة لا تجوز المفاوضة في ظاهر الرواية كذا في المحيط. (قوله: فلا تصح بين حر وعبد وصبي وبالغ) تفريع على اشتراط المساواة في التصرف؛ لأن الحر البالغ يملك التصرف والكفالة والمملوك لا يملك واحدا منهما إلا بإذن المولى والصبي لا يملك الكفالة ولا يملك التصرف إلا بإذن الولي، أطلق العبد فشمل المكاتب وأشار إلى أنها لا تصح بين العبدين والمكاتبين والصبيين؛ لأن الصبيين ليسا أهلا للكفالة، ولو بإذن الولي، وأما العبدان وإن كانا أهلا لها بإذن المولى لكن يتفاضلان فيها؛ لأنهما يتفاوتان في القيمة، وقضية المفاوضة صيرورة كل واحد منهما كفيلا بجميع ما لزم صاحبه ولم يتحقق كذا في المحيط. (قوله: ومسلم وكافر) أي لا تصح بينهما لعدم المساواة في الدين، وهذا قولهما، وقال أبو يوسف تجوز للتساوي بينهما في الوكالة والكفالة ولا معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما كالمفاوضة بين الشفعوي والحنفي فإنها جائزة ويتفاوتان في التصرف في متروك التسمية إلا أنه يكره؛ لأن الذمي لا يهتدي إلى الجائز من العقود ولهما أنه لا تساوي في التصرف فإن الذمي لو اشترى برأس المال خمورا أو خنازير صح، ولو اشتراها المسلم لا يصح أطلق الكافر فشمل المرتد ولذا قال في المحيط: شارك المسلم المرتد مفاوضة أو عنانا لم تجز عند أبي حنيفة إن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب وإن أسلم جازت، وعندهما تجوز العنان دون المفاوضة وإن شارك المسلم مرتدة صحت عنانا لا مفاوضة وينبغي أن تجوز المفاوضة عند أبي يوسف وتكره؛ لأن تصرفات المرتدة نافذة بالإجماع فساوت المسلم في التجارات وضمانها كالمسلم مع الذمي عنده لهما أنها وإن ساوت المسلم في التجارات لكنها أدون من المسلم في بعض ما يستفاد بالتجارة فإن المرتدة لو اشترت عبدا مسلما أو مصحفا فإنه لا يبقى بيدها ولا يقر على ملكها بخلاف المسلم. وغير المتقرر لا يساوي المتقرر وقيد بالمسلم والكافر؛ لأنها تجوز بين الذميين وإن كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا لاستوائهما في التجارة وضمانها؛ لأن الكتابي لو أجر نفسه للذبح يطالب به المجوسي وإن كان لا يقدر على الذبح بنفسه؛ لأنه يقدر عليه بالمعين أو الأجير، وهذا المجوسي لو آجر نفسه للذبح صح كالقصار مع الخياط إذا تفاوضا صار كل واحد منهما مطالبا بما على الآخر؛ لأنه يقدر عليه بمعين أو أجير كذا في المحيط، ولو ارتد أحد المتفاوضين بطلت المفاوضة أصلا، وقالا تصير عنانا، كذا في التتارخانية معزيا إلى السراجية وذكر قبله أنها موقوفة عنده وأنه يكره للمسلم أن يشارك الذمي ا هـ. يعني: شركة عنان، وفي الهداية وفي كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاستجماع شرائط العنان إذ هو قد يكون خاصا، وقد يكون عاما ا هـ. قال في النهاية بخلاف المفاوضة فإنها عام لا غير. ا هـ. وفيه ما علمت سابقا. (قوله: وما يشتريه كل يقع مشتركا إلا طعام أهله وكسوتهم) لأن مقتضى العقد المساواة وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف فكان شراء أحدهما كشرائهما إلا ما استثناه في الكتاب وهو استحسان؛ لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة فإن الحاجة الراتبة معلومة الوقوع فلا يمكن إيجابه على صاحبه ولا الصرف من ماله ولا بد من الشراء فيختص به ضرورة، والقياس أن يكون على الشركة لما بينا أراد بالمستثنى ما كان من حوائجه فشمل شراء بيت للسكنى أو الاستئجار للسكنى أو الركوب لحاجته كالحج وغيره، وكذا الإدام والجارية التي يطؤها بإذن الشريك فليس الكل على الشركة لما ذكرنا وإنما استثنى الطعام وما معه من الشركة دون الضمان؛ لأنه وإن لم يكن على الشركة فالآخر كفيل عنه حتى كان لبائع الطعام والكسوة له ولعياله أن يطالب الآخر ويرجع الآخر بما أدى على المشتري وإنما قيدنا في الجارية بإذن الشريك؛ لأنه لو اشتراها للوطء أو للخدمة لنفسه بغير إذن شريكه فهي على الشركة كما في المحيط وسنبينه في آخر الباب، وفي المحيط لو اشتريا بالمالين شيئين صفقتين فلكل واحد منهما على صاحبه نصف رأس ماله دينا عليه؛ لأن كل واحد صار مشتريا بالنصف لنفسه والنصف لصاحبه بحكم الوكالة ولا يلتقيان قصاصا؛ لأن صفة المالين مختلفة بخلاف ما لو اشتريا بالمالين شيئين صفقة واحدة فإنه لا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء؛ لأن كل واحد منهما لم يصر وكيلا عن صاحبه في ذلك وتمامه فيه. (قوله: وكل دين لزم أحدهما بتجارة وغصب وكفالة لزم الآخر) لأنه كفيل فدخلت تحت التجارة ثمن المشترى في البيع الجائز وقيمته في الفاسد سواء كان مشتركا أو لنفسه وأجرة ما استأجره سواء كان استأجره لنفسه أو لحاجة التجارة، والمراد بالغصب ما يشبه ضمان التجارة فيدخل ضمان الاستهلاك الوديعة المجحودة أو المستهلكة، وكذا العارية؛ لأن تقرر الضمان في هذه المواضع يفيد له تملك الأصل فيصير في معنى التجارة. وأما لزوم صاحبه بكفالته فهو قول الإمام، وقالا لا يلزمه؛ لأنه تبرع ولهذا لا يصح من الصبي والمجنون والعبد المأذون والمكاتب، ولو صدر من المريض يصح من الثلث وصار كالإقراض والكفالة بالنفس ولأبي حنيفة أنه تبرع ابتداء ومعاوضة انتهاء؛ لأنه يستوجب الضمان بما يؤدي عن المكفول عنه إذا كان الكفالة بأمره فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المفاوضة وبالنظر إلى الابتداء لم يصح ممن ذكره ويصح من الثلث من المريض بخلاف الكفالة بالنفس؛ لأنه تبرع ابتداء وانتهاء، أما الإقراض فعن أبي حنيفة أنه يلزم صاحبه، ولو سلم فهو إعادة فيكون لمثلها حكم عينها لا حكم البدل حتى لا يصح فيه الأجل فلا تتحقق مفاوضة، كذا في الهداية وفي المحيط لو استقرض أحدهما لزم الآخر في ظاهر الرواية وليس لأحدهما الإقراض في ظاهر الرواية. ولو كانت الكفالة بغير أمره لم يلزم صاحبه في الصحيح لانعدام معنى المعاوضة ومطلق الجواب في الكتاب محمول على المقيد وهو الكفالة بأمر المكفول عنه وقيد بالثلاث احترازا عن أرش الجنايات على بني آدم والمهر في النكاح وبدل الخلع والصلح عن دم العمد، وعن النفقة؛ لأن هذه الأشياء لا يصح فيها الاشتراك بخلاف الثلاثة فإنه يصح فيها الاشتراك وإن لم تكن على الشركة كطعام أهله، وفي القاموس التاجر الذي يبيع ويشتري والجمع تجار وتجار وتجر، وتجر كرجال وعمال وصحب وكتب، وقد تجر تجرا وتجارة ا هـ. ولو قال المصنف وكل شيء دون أن يقول كل دين لكان أولى ليشمل ما إذا آجر أحد المتفاوضين عبدا فإن للمستأجر مطالبة الآخر بتسليم العبد كما أن للآخر أخذ الأجرة بخلاف ما إذا آجر عبدا من ميراث أو شيئا له خاصة ليس لشريكه أخذ الأجرة ولا للمستأجر مطالبته بتسليم المستأجر، والفرق أن كل واحد منهما وكيل عن صاحبه في قبض الديون الواجبة في التجارة وكفيل بما وجب عليه بسبب التجارة وإجارة العبد من تجارتهما من باب التجارة فصار كل واحد مطالبا ومطالبا فأما إجارة عبد له خاصة خرجت عن المفاوضة للضرورة بخلاف ما لو أجر أحدهما نفسه؛ لأن منافعه داخلة تحت المفاوضة ولا تبطل المفاوضة إذا آجر عبد الميراث وإن كانت الأجرة نقدا إلا إذا قبضها؛ لأن الدين لا تصح الشركة فيه، كذا في المحيط وأطلق في لزوم الثلاثة فشمل ما إذا لزم أحدهما بإقراره فإنه يكون عليهما؛ لأنه أخبر عن أمر يملك استئنافه. كذا في المحيط إلا إذا أقر لمن لا تقبل شهادته له فإنه يلزمه خاصة كأصوله وفروعه وامرأته، وعندهما يلزم شريكه أيضا إلا لعبده ومكاتبه، ولو أقر لمعتدته المبانة لم يصح عند أبي حنيفة وروى الحسن أنه يصح بناء على أنه لا تقبل شهادته لمعتدته في ظاهر الرواية وفي رواية الحسن تقبل، ولو أعتق أم ولده، ثم أقر لها بدين يلزمهما وإن كانت في عدته بخلاف المبانة المعتدة والفرق أن شهادته لأم ولده المعتقة جائزة بخلاف المعتدة عن نكاح وتمامه في المحيط، وإذا باع أحد المتفاوضين من صاحبه ثوبا من شريكه ليقطعه قميصا لنفسه جاز بخلاف ما إذا باع أحدهما من صاحبه شيئا من الشركة لأجل التجارة حيث لا يجوز، وكذلك لو باع جارية ليطأها أو طعاما ليجعله رزقا لأهله جاز البيع كذا في الظهيرية. وهذا يستثنى من قوله ما لزم أحدهما بالتجارة لزم الآخر فإن المشتري من شريكه في صورة جواز البيع لزمه الثمن ولم يلزم شريكه فيقال إلا إذا كان الدائن الشريك كما لا يخفى وأشار المصنف بلزوم الأنواع الثلاثة إلى أن الدعوى إذا وقعت على أحدهما فأراد المدعي استحلاف الآخر فإن له ذلك. قال الولوالجي في فتاواه لو ادعى على أحد المتفاوضين فجحد فاستحلف فأراد المدعي استخلاف الآخر فإن القاضي يستخلفه على عمله؛ لأن الدعوى على أحدهما دعوى عليهما، ولو ادعى عليهما شيئا كان له أن يستحلف كل واحد منهما ألبتة؛ لأن كل واحد منهما يستحلف على فعل نفسه فأيهما نكل عن اليمين يمضي الأمر عليهما؛ لأن إقرار أحدهما كإقرارهما، ولو ادعى على أحدهما وهو غائب كان له أن يستخلف الحاضر على عمله؛ لأنه فعل غيره فإن حلف، ثم قدم الغائب كان له أن يستحلفه ألبتة؛ لأنه يستحلفه على فعل نفسه، ولو ادعى رجل على أحد المتفاوضين جراحة خطأ لها أرش واستحلفه ألبتة فحلف، ثم أراد أن يستحلف شريكه لم يكن له ذلك، وكذلك المهر والخلع والصلح عن دم العمد؛ لأن هذه الأشياء غير داخلة تحت الشركة فلا يكون فعل أحدهما كفعلهما ا هـ. وشمل قوله بتجارة مهر المشتراة الموطوءة إذا استحقت، قال في الظهيرية: وإذا وطئ أحد المتفاوضين الجارية المشتراة، ثم استحقت الجارية فللمستحق أن يأخذ أيهما شاء بالعقر وليس ذلك كالمهر في النكاح؛ لأن العقر ها هنا وجب بسبب التجارة بخلاف المهر. ا هـ. ولو قال المصنف بعد هذه الكلية وكل شيء ثبت لأحدهما بتجارة ونحوها فللآخر قبضه والمطالبة به لكان أفود لما في الظهيرية فإن باع أحد المتفاوضين أو أدان رجلا أو كفل له رجل بدين أو غصب مالا فلشريكه الآخر أن يطالب وكل شيء هو لأحدهما خاصة إذا باعه لم يكن لشريكه أن يطالب بالثمن ولا للمشتري أن يطالب الشريك بتسليم المبيع. (قوله: وبطلت إن وهب لأحدهما أو ورث ما تصح فيه الشركة) أي المفاوضة لفوات المساواة فيما يصلح رأس المال إذ هي شرط فيه ابتداء وبقاء، وهذا لأن الآخر لا يشاركه فيما أصابه لانعدام السبب في حقه إلا أنها تنقلب عنانا للإمكان فإن المساواة ليست شرطا فيها ولدوامه حكم الابتداء لكونه غير لازم وسيأتي أن ما تصح فيه الدراهم والدنانير والفلوس النافقة وأراد بالهبة الهبة مع القبض والصدقة كالهبة، وكذا الوصية، وكذا لو زادت قيمة دراهم أحدهما البيض على دراهم الآخر السود أو دنانيره قبل الشراء قيد بالزيادة في القدر احترازا عن الزيادة في القيمة فإنها على ثلاثة أوجه فإن حصل الفضل قبل الشراء بالمالين فسدت وإن حصل الفضل بعد الشراء بالمالين وبعد التسليم إلى البائع لا تفسد المفاوضة وإن حصل بعد الشراء بالمالين وقبل التسليم إلى البائع لا تفسد استحسانا وإن حصل الشراء بأحد المالين، ثم فضل أحد المالين فإن فضل المال الذي حصل به الشراء لا تفسد المفاوضة، وإن فضل المال الذي لم يحصل به الشراء فسدت والفرق أنه في القدر إنما هو فضل أحدهما صاحبه فيما يصلح رأس مال المفاوضة فإن المشترى بينهما على الشركة ولأحدهما زيادة دراهم بخلاف الزيادة من حيث القيمة بعد الشراء فإنها حصلت في مال الغير لا في مال أحدهما فلم يفت التساوي في مالهما كذا في المحيط قوله (: لا العرض) أي لا تبطل بملك العرض؛ لأنه لا تصح فيه الشركة فلا تشترط المساواة فيه، ولو قال لا ما لا تصح فيه لكان أولى ليدخل العقار والديون فإنها لا تبطل بهما إلا إذا قبض الديون. (قوله: ولا تصح مفاوضة وعنان بغير النقدين والتبر والفلوس) وقال مالك تجوز بالعروض والمكيل والموزون أيضا إذا كان الجنس واحدا؛ لأنها عقدت على رأس مال معلوم فأشبه النقود بخلاف المضاربة؛ لأن القياس يأباها لما فيها من ربح ما لم يضمن فيقتصر على مورد الشرع ولنا أنه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن؛ لأنه إذا باع كل واحد منهما رأس ماله وتفاضل الثمنان فما يستحقه أحدهما من الزيادة في مال صاحبه ربح ما لم يملك وما لم يضمن بخلاف الدراهم والدنانير؛ لأن ثمن ما يشتريه في ذمته إذ هي لا تتعين فكان ربح ما ضمن؛ ولأن أول التصرف في العرض البيع وفي النقود الشراء وبيع أحدهما ماله على أن يكون الآخر شريكا في ثمنه لا يجوز وشراء أحدهما شيئا بماله على أن يكون المبيع بينه وبين غيره جائز وجعل المصنف التبر كالنقدين، رواية كتاب الصرف بناء على أنه لا يتعين بالتعيين حتى لا ينفسخ العقد بهلاكه قبل التسليم وفي الجامع الصغير لا تكون المفاوضة بمثاقيل ذهب أو فضة ومراده التبر فعلى هذه الرواية التبر سلعة ويتعين بالتعيين فلا يصلح رأس مال في المضاربات والشركات، وصححه في الهداية؛ لأنها وإن خلقت للتجارة في الأصل لكن الثمنية تختص بالضرب المخصوص؛ لأن عند ذلك لا يصرف إلى شيء آخر ظاهر إلا أن يجري التعامل باستعمالها ثمنا فينزل التعامل بمنزلة الضرب فتكون ثمنا وتصلح رأس المال. ا هـ. فيحمل ما في الكتاب على ما إذا جرى التعامل باستعمال التبر ثمنا وهو أولى من حمله على الرواية الضعيفة، والتبر ما ليس بمضروب من الفضة والذهب وأطلق الفلوس وأراد بها الرائجة؛ لأنها تروج رواج الأثمان فألحقت بها قالوا هذا قول محمد؛ لأنها ملحقة بالنقود عنده حتى لا تتعين بالتعيين ولا يجوز بيع اثنين بواحد بأعيانهما على ما عرف أما عند أبي حنيفة وأبي يوسف لا تجوز الشركة والمضاربة بها؛ لأن ثمنيتها تتبدل ساعة فساعة وتصير سلعة وروي عن أبي يوسف مثل قول محمد والأول أقيس وأظهر والأصح أنها جائزة بالفلوس عندهما أيضا؛ لأنها أثمان باصطلاح الكل فلا تبطل ما لم يصطلح على ضده ذكره الإسبيجابي ولذا اختاره في الكتاب وشمل قوله بغير النقدين المكيل والموزون والمعدود المتقارب ولا خلاف فيه بيننا قبل الخلط؛ لأنها عروض محضة، وكذا إن خلطا، ثم اشتركا عند أبي يوسف فلكل منهما متاعه بحصة ربحه ووضيعته، وعند محمد تصح وتصير شركة عقد إذا كان المخلوط جنسا واحدا، وثمرة الاختلاف تظهر في اشتراط التفاضل في الربح فعند أبي يوسف لا تصح، وعند محمد تلزم وقول أبي يوسف هو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة؛ لأنه يتعين بالتعيين فكان عرضا محضا، ولو اختلفا جنسا كالحنطة والشعير والزيت والسمن فخلطا لا تنعقد الشركة بها بالاتفاق، والفرق لمحمد أن المخلوط من جنس واحد من ذوات الأمثال ومن جنسين من ذوات القيم فتتمكن الجهالة كما في العروض، وإذا لم تصح الشركة فحكم الخلط سيأتي في كتاب الوديعة ولم يقيد المصنف المال بالحضرة ولا بد منه، قال في القنية عقدا شركة عنان بالدنانير ورأس مال أحدهما غائب لا تصح، ولو دفعه بعد الافتراق عن المجلس ليشتري الشريك بالمالين على ذلك العقد تنعقد الشركة بالدفع. ا هـ. وفي البزازية لا تصح بمال غائب أو دين ولا بد من أن يكون المال حاضرا مفاوضة كانت أو عنانا وأراد عند عقد الشراء لا عند عقد الشركة فإنه لو لم يوجد عند عقدها تجوز ألا ترى أنه لو دفع إلى رجل ألفا، وقال أخرج مثلها أو اشتر بها وبع والحاصل بيننا أنصافا ولم يكن المال حاضرا وقت الشركة فبرهن المأمور على أنه فعل ذلك وأحضر المال وقت الشراء جاز. ا هـ. وفي الذخيرة إذا قال لغيره أقرضني ألفا أتجر بها ويكون الربح بيننا فأقرضه ألفا فاتجر بها وربح فالربح كله للمستقرض لا شركة للمقرض فيه، ولو دفع إلى رجل ألفا، وقال اشتر بها بيني وبينك نصفين والربح لنا والوضيعة علينا فهلك المال قبل أن يشتري فلا ضمان عليه، وهذا ليس بقرض وإنما هو شركة، ولو اشترى بالمال، ثم هلك المال فعلى الآمر ضمان نصف المال وعلى المشتري نصف ذلك. ا هـ. (قوله: ولو باع كل عرضه بنصف عرض الآخر وعقدا الشركة صح) بيان للحيلة في صحة الشركة بالعروض فإن فساده بها ليس لذاتها، بل للازم الباطل من أمرين أحدهما لزوم ربح ما لم يضمن، والثاني جهالة رأس مال كل منهما عند القسمة وكل منهما منتف في هذه الصورة فيكون كل ما يربحه الآخر ربح ما هو مضمون عليه ولا تحصل جهالة في رأس مال كل منهما عند القسمة حتى يكون ذلك بالحرز فتقع الجهالة؛ لأنهما مستويان في المال شريكان فيه فبالضرورة يكون كل ما يحصل بينهما نصفان وفي قوله وعقدا الشركة إشارة إلى أن بالبيع صارت شركة ملك حتى لا يجوز لكل واحد أن يتصرف في نصيب الآخر، ثم بالعقد بعده صارت شركة عقد فيجوز لكل منهما أن يتصرف في نصيب صاحبه، كذا في التبيين وصرح في الهداية بأن هذا شركة ملك، وفي فتح القدير أنه مشكل ولعله فهم أن الإشارة عائدة إلى الكل وليس كذلك وإنما هي عائدة إلى البيع فقط وأطلق في قيمة مبتاعيهما وقيده في الهداية بأن تستوي القيمتان، ولو كان بينهما تفاوت يبيع صاحب الأقل بقدر ما تثبت به الشركة وأوضحه في النهاية بأن تكون قيمة عرض أحدهما أربعمائة وقيمة عرض الآخر مائة فإنه يبيع صاحب الأقل أربعة أخماس عرضه بخمس عرض الآخر فيصير المتاع كله أخماسا ويكون الربح كله بينهما على قدر رأس ماليهما. ا هـ. ورده في التبيين بأن هذا الحمل غير محتاج إليه؛ لأنه يجوز أن يبيع كل واحد منهما نصف ماله بنصف مال الآخر وإن تفاوتت قيمتها حتى يصير المال بينهما نصفين، وكذا العكس جائز وهو ما إذا كانت قيمتهما متساوية فباعاه على التفاوت بأن باع أحدهما ربع ماله بثلاثة أرباع مال الآخر فعلم بذلك أن قوله باع نصف ماله بنصف مال الآخر وقع اتفاقا أو قصدا ليكون شاملا للمفاوضة والعنان؛ لأن المفاوضة شرطها التساوي بخلاف العنان وقوله بنصف عرض الآخر وقع اتفاقا؛ لأنه لو باعه بالدراهم، ثم عقد الشركة في العرض الذي باعه جاز أيضا ا هـ. وفي الذخيرة وعلى هذا لو كان عبد بين رجلين اشتركا فيه شركة عنان أو مفاوضة جاز. ا هـ. وفي المحيط رجلان لكل واحد منهما طعام فاشتركا بماليهما وخلطاهما وأحدهما أجود من الآخر فالشركة جائزة والثمن بينهما نصفان؛ لأن هذا يشبه البيع حين خلطه على أنه بينهما، وقال في موضع آخر نص في هذا الكتاب يقسم الثمن على قيمة الجيد وقيمة الرديء يوم باعا ا هـ. هذا يقتضي أن تكون شركة ملك لا عقد قوله (: وعنان إن تضمنت وكالة فقط) بالرفع عطف على مفاوضة بيان للنوع الثاني من شركة العقد، وفي القاموس أنها على وزن كتاب في الشركة أن يكون في شيء خاص دون سائر مالهما أو هو أن يعارض رجلا بالشراء فيقول أشركني معك أو هو أن يكونا سواء في الشركة؛ لأن عنان الدابة طاقتان متساويتان. ا هـ. وإنما انعقدت على الوكالة لتحقيق مقصوده كما بينا ومعنى قوله فقط أنها لا تنعقد على الكفالة؛ لأن اللفظ مشتق من الاعتراض، يقال عن له أي اعترض، وهذا لا ينبئ عن الكفالة وحكم التصرف لا يثبت بخلاف مقتضى اللفظ فظاهر كلامه أنهما لو عقداها على الكفالة لا تكون عنانا لكنه مقيد بما إذا كانت باقي شروط المفاوضة متوفرة فحينئذ تكون مفاوضة وإن لم تكن متوفرة ينبغي أن تكون عنانا وأن يكون معنى قولهم لا تنعقد على الكفالة أن ذكر الكفالة فيها ليس بشرط لا أن عدم ذكرها شرط لكن في فتح القدير، ثم هل تبطل الكفالة يمكن أن يقال تبطل؛ لأن العنان معتبر فيها عدم الكفالة ويمكن أن يقال لا تبطل؛ لأن المعتبر فيها عدم اعتبار الكفالة لا اعتبار عدمها فتصح عنانا، ثم كفالة الآخر زيادة على نفس الشركة كما أنها تكون عنانا مع العموم باعتبار أن الثابت فيها عدم اعتبار العموم لا اعتبار عدم العموم إلا أن الأول قد يرجح بأن هذه الكفالة لمجهول فلا تصح إلا ضمنا فإذا لم تكن مما تضمنها الشركة لم يكن ثبوتها إلا قصدا فلا تصح. ا هـ. وفي البزازية ولكونها لا تقتضي الكفالة تنعقد ممن ليس بأهل للكفالة بأن كان أحدهما صبيا مأذونا في التجارة أو كلاهما أو أحدهما معتوها يعقل البيع والشراء أو كلاهما أو أحدهما مأذونا ا هـ. وأطلقها فشمل ما إذا كانت خاصة أو عامة وما إذا كانت مطلقة عن التقييد بوقت أو مقيدة به؛ لأنها مبنية على الوكالة وهي تصح عاما وخاصا مطلقا ومؤقتا فكذا الشركة وهل تتوقت هذه الشركة بالوقت روى بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنها تتوقت حتى لا تبقى الشركة بعد مضي الوقت، وقال الطحاوي هذه الرواية مما لا تكاد تصح على ما روي عنهم في الوكالة أن من وكل رجلا بشراء عبد أو ببيعه اليوم لا تتوقت الوكالة باليوم فإذا لم تتوقت الوكالة لا تتوقت الشركة ضرورة، وقال غيره من مشايخنا بأن هذه الرواية صحيحة في الشركة فصارت الشركة والوكالة على الروايتين في رواية يتوقتان؛ لأنهما يقبلان الخصوص في النوع فيقبلان التوقيت بالوقت وفي رواية لا يتوقتان؛ لأن ذكره قد يكون لقصرهما عليه، وقد يكون لاستعجال العمل فيما لا يحتاج إلى التوقيت وهما ثابتان للحال بيقين ووقع الشك في ارتفاعهما بمضي الوقت فلا يرتفعان بالشك ولهذا لا يتوقت الإذن، كذا في المحيط. (قوله: وتصح مع التساوي في المال دون الربح وعكسه) وهو التفاضل في المال والتساوي في الربح، وقال زفر والشافعي لا يجوز؛ لأن التفاضل فيه يؤدي إلى ربح ما لم يضمن فإن المال إذا كان نصفين والربح أثلاثا فصاحب الزيادة يستحقها بلا ضمان إذ الضمان بقدر رأس المال؛ لأن الشركة عندهما في الربح كالشركة في الأصل ولهذا يشترطان الخلط فصار ربح المال بمنزلة نماء الأعيان فيستحق بقدر الملك في الأصل ولنا قوله عليه السلام: «الربح على ما شرطا والوضيعة على قدر المالين» ولم يفصل؛ ولأن الربح كما يستحق بالمال يستحق بالعمل كما في المضاربة. وقد يكون أحدهما أحذق وأهدى أو أكثر عملا فلا يرضى بالمساواة فمست الحاجة إلى التفاضل قيد بالشركة في الربح؛ لأن اشتراط الربح كله لأحدهما غير صحيح؛ لأنه يخرج العقد به من الشركة ومن المضاربة أيضا إلى قرض باشتراطه للعامل أو إلى بضاعة باشتراطه لرب المال، وهذا العقد يشبه المضاربة من حيث إنه يعمل في مال الشريك ويشبه الشركة اسما وعملا فإنهما يعملان معا فعملنا بشبه المضاربة وقلنا يصح اشتراط الربح من غير ضمان وبشبه الشركة حتى لا تبطل باشتراط العمل عليهما. وقد أطلق المصنف تبعا للهداية جواز التفاضل في الربح مع التساوي في المال وقيده في التبيين وفتح القدير بأن يشترطا الأكثر للعامل منهما أو لأكثرهما عملا أما إن شرطاه للقاعدة أو لأقلهما عملا فلا يجوز، ولم يشترط المصنف لاستحقاق الربح المشروط اجتماعهما على العمل؛ لأنه غير شرط لتضمنها الوكالة، ولذا قال في البزازية اشتركا وعمل أحدهما في غيبة الآخر، فلما حضر أعطاه حصته، ثم غاب الآخر وعمل الآخر، فلما حضر الغائب أبى أن يعطيه حصته من الربح إن كان الشرط أن يعملا جميعا وشتى فما كان من تجارتهما من الربح فبينهما على الشرط عملا أو عمل أحدهما فإن مرض أحدهما ولم يعمل وعمل الآخر فهو بينهما، وفي المحيط. ثم المسألة على ثلاثة أوجه، الأول أن يشترطا العمل عليهما والربح بينهما نصفين والوضيعة على قدر رأس المال فإن عمل أحدهما دون الآخر فالربح بينهما على ما شرطا وإن شرطا العمل على أحدهما ينظر إن شرطا العمل على أكثرهما ربحا جاز وإن شرطاه على أقلهما ربحا خاصة لا يجوز والربح بينهما على قدر رأس مالهما. ا هـ. وفي الظهيرية لو قال أحد الشريكين لصاحبه لا أعمل معك بالشركة فهذا بمنزلة قوله فاسختك. ا هـ. (قوله: وببعض المال) يعني يصح أن يعقدها كل واحد منهما ببعض ماله دون البعض؛ لأن المساواة في المال ليس بشرط إذ اللفظ لا يقتضيه وقدمنا ما تصح به الشركة من الأموال مفاوضة أو عنانا. (قوله: وبخلاف الجنس) بأن يكون من أحدهما دنانير ومن الآخر دراهم لعدم اشتراط الخلط عندنا فجازت في متحد الجنس ومختلفه وتجوز مع اختلاف الوصف فقط بالأولى كما إذا كان من أحدهما دراهم سود ومن الآخر دراهم بيض وإن تفاوتت قيمتهما والربح على ما شرطا. (قوله: وعدم الخلط) أي تصح وإن لم يخلطا المالين؛ لأن الشركة في الربح مستندة إلى العقد دون المال؛ لأن العقد يسمى شركة ولا بد من تحقيق معنى هذا الاسم فيه فلم يكن الخلط شرطا؛ ولأن الدراهم والدنانير لا يتعينان فلا يستفاد الربح برأس المال وإنما يستفاد بالتصرف؛ لأنه في النصف أصيل وفي النصف وكيل، وإذا تحققت الشركة في التصرف بدون الخلط تحققت في المستفاد به وهو الربح بدونه وصارت كالمضاربة. قوله (وطولب المشتري بالثمن فقط) أي دون صاحبه لما بينا أنها تتضمن الوكالة دون الكفالة، والوكيل الأصيل هو في الحقوق. قوله (: ورجع على شريكه بحصته منه) أي من الثمن إذا أدى من مال نفسه؛ لأنه وكيل من جهته في حصته فإذا فقد من مال نفسه رجع عليه فإن كان ذلك لا يعرف إلا بقوله فعليه الحجة؛ لأنه يدعي وجوب المال في ذمة الآخر وهو ينكر والقول للمنكر مع يمينه هذا إذا أدى من ماله مع بقاء مال من الشركة، ولذا قال في المحيط إن لم يكن في يده مال ناض وصار مال الشركة أعيانا أو متعة فاشترى بدراهم أو دنانير نسيئة فالشراء له خاصة دون شريكه؛ لأنه لو وقع على الشركة صار مستدينا على مال الشركة وأحد شريكي العنان لا يملك الاستدانة إلا أن يأذن له في ذلك، وعن الإمام إذا كان في يده دنانير فاشترى بدراهم جاز، ولو اشترى من جنس تجارتهما وأشهد عند الشراء أنه يشتريه لنفسه فهو مشترك بينهما؛ لأنه في النصف بمنزلة الوكيل بشراء شيء معين، ولو اشترى ما ليس من تجارتهما فهو له خاصة؛ لأن هذا النوع من التجارة لم ينطو عليه عقد الشركة ا هـ. (قوله: وتبطل بهلاك المالين أو أحدهما قبل الشراء) لأن المعقود عليه في عقد الشركة المال فإنه يتعين فيه كما في الهبة والوصية وبهلاك المعقود عليه يبطل العقد كما في البيع بخلاف المضاربة والوكالة المفردة؛ لأنه لا يتعين الثمنان فيهما بالتعيين وإنما يتعينان بالقبض على ما عرف، وهذا ظاهر فيما إذا هلك المالان، وكذا إذا هلك أحدهما؛ لأنه ما رضي بشركة صاحبه في ماله إلا بشركته في ماله، وإذا فات ذلك لم يكن راضيا بشركته فبطل العقد لعدم فائدته وأيهما هلك هلك من مال صاحبه إن هلك في يده فظاهر، وكذا إذا كان في يد الآخر؛ لأنه أمانة في يده بخلاف ما بعد الخلط حيث يهلك على الشركة؛ لأنه لا يتميز فيجعل الهلاك من المالين. (قوله: وإن اشترى أحدهما بماله وهلك مال الآخر فالمشترى بينهما) يعني على ما شرطا؛ لأن الملك حين وقع وقع مشتركا بينهما لقيام الشركة وقت الشراء فلا يتغير الحكم بهلاك مال الآخر بعد ذلك وإنما لم يقل على ما شرطا للاختلاف في هذه الشركة فعند محمد هي شركة عقد فيكون الربح على ما شرطا وأيهما باع جاز بيعه؛ لأن الشركة قد تمت في المشترى فلا تنقض بهلاك المال بعد تمامها، وعند الحسن بن زياد هي شركة ملك؛ لأن شركة العقد قد بطلت بهلاك المال كما لو هلك قبل الشراء وإنما بقي ما هو حكم الشراء وهو الملك واعلم أن الواو في قوله وهلك بمعنى ثم؛ لأنه لو هلك مال أحدهما، ثم اشترى الآخر بالمال الآخر إن صرحا بالوكالة في عقد الشركة فالمشترى مشترك بينهما على ما شرطا؛ لأن الشركة إن بطلت والوكالة المصرح بها قائمة وكان مشتركا بحكم الوكالة وتكون شركة ملك ويرجع على شريكه بحصته من الثمن وإن ذكرا مجرد الشركة ولم ينصا على الوكالة فيها كان المشترى للذي اشتراه خاصة؛ لأن الوقوع على الشركة حكم الوكالة التي تضمنتها الشركة فإذا بطلت يبطل ما في ضمنها بخلاف ما إذا صرحا بالوكالة؛ لأنها مقصودة ولهذا جمع في المبسوط بين التناقض الواقع في جواب المسألة حيث قال محمد في بعض المواضع فاشترى بالمال الباقي بعد ذلك يكون لصاحبها وفي بعضها إذا اشترى الآخر بماله بعد ذلك يكون بينهما فجعل محمل الأول ما إذا لم يكن في الشركة وكالة مصرح بها ومحمل الثاني إذا صرح بها على ما ذكر. (قوله: ورجع على شريكه بحصته منه) أي من الثمن؛ لأنه وكيل في حصة شريكه، وقد قضى الثمن من ماله فيرجع عليه بحسابه لعدم الرضا بدون ضمانه وفي المحيط لأحدهما مائة دينار قيمتها ألف وخمسمائة وللآخر ألف درهم فاشتركا عنانا وشرطا الربح والوضيعة على رأس المال فاشترى صاحب الدراهم جارية، ثم هلكت الدنانير فالجارية بينهما وربحها أخماسا ثلاثة أخماسه لصاحب الدنانير وخمسان لصاحب الدراهم لما بينا أن حال شرائها كانت الشركة قائمة وبهلاك أحد المالين لا تنتقض الشركة والربح يقسم على قدر ماليهما يوم الشراء ومقدار رأس ماليهما يوم الشراء على خمسة أسهم خمسان لأحدهما وثلاثة أخماسه للآخر ويرجع صاحب الدراهم على الآخر بثلاثة أخماس الألف؛ لأنه صار وكيلا عن صاحبه بالشراء في ثلاثة أخماس الجارية، وقد نقد ثمن ذلك من ماله، ولو كان على عكسه رجع صاحب الدنانير عليه بخمسي الثمن أربعون دينارا لما عرف فإن اشترى صاحب الدنانير بها غلاما والآخر بألفه جارية وقبضا وهلكا يهلكان من مالهما؛ لأن كل واحد حينما اشترى كانت الشركة بينهما قائمة وتمامه فيه. (قوله: وتفسد إن شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح)؛ لأنه شرط يوجب انقطاع حق الشركة فعساه لا يخرج إلا القدر المسمى لأحدهما ونظيره في المزارعة إذا اشترط لأحدهما قفزانا مسماة وفي الخانية ولو تفاوتا في المال في شركة العنان وشرطا الربح والوضيعة نصفين، قال في الكتاب الشركة فاسدة قالوا لم يرد محمد بهذا فساد العقد وإنما أراد به فساد شرط الوضيعة؛ لأن الشركة لا تبطل بالشروط الفاسدة، وكذا لو شرطا الوضيعة على المضارب كان فاسدا. ا هـ. وهذا صريح في أن الذي يبطل بالشرط الفاسد إنما هو الشرط لا الشركة قال في الفتاوى الصغرى وذكر خواهر زاده في أول المضاربة الشركات لا تبطل بالشروط الفاسدة؛ لأن فيها معنى الوكالة والوكالات لا تبطل بالشروط، وإذا شرط في المضاربة ربح عشرة أو في الشركة تبطل لا؛ لأنه فاسد بل لأنه شرط تنتفي به الشركة وعسى أن يجري على إطلاقه من أن الشركات والمضاربات لا تبطل بالشروط الفاسدة. ا هـ. (قوله: ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع ويستأجر ويودع ويضارب ويوكل) بيان لما لكل منهما أن يفعله أما البضاعة فلأنها معتادة في عقد الشركة وفي القاموس الباضع الشريك والجمع بضع من بضع كمنع بضوعا ا هـ. والمراد هنا دفع المال لآخر ليعمل فيه على أن يكون الربح لرب المال ولا شيء للعامل، وأما الاستئجار فلكونه معتادا بين التجار وأطلقه فشمل ما إذا استأجر رجلا ليتجر له أو ليحفظ المال، وأما الإيداع فجوازه بالأولى؛ لأنه استحفاظ بغير أجر، وأما المضاربة فلكونها دون الشركة فتتضمنها، وعن أبي حنيفة ليس له ذلك؛ لأنه نوع شركة والأول أصح وهو رواية الأصل؛ لأن الشركة غير مقصودة وإنما المقصود تحصيل الربح كما إذا استأجره بأجر، بل أولى؛ لأنه تحصيل بدون ضمان في ذمته بخلاف الشركة حيث لا يملكها؛ لأن الشيء لا يستتبع مثله كذا في الهداية وبهذا علم أنه ليس للشريك أن يشارك بخلاف المضاربة ولذا قال ويضارب ولم يقل ويشارك قال في الجوهرة إلا بإذن شريكه، وأما التوكيل فلأنه من توابع التجارة، والشركة انعقدت للتجارة بخلاف الوكيل بالشراء حيث لا يملك أن يوكل غيره؛ لأنه عقد خاص طلب منه تحصيل المعين فلا يستتبع مثله ولم يذكر المصنف بقية أحكام الشريك وهي مهمة فمنها العارية، قال الحاكم في الكافي ليس له أن يعير في القياس فإن فعل فإن أعار دابة فعطبت تحت المستعير فالقياس فيه أن المعير ضامن لنصف قيمة الدابة لشريكه ولكني أستحسن أن لا أضمنه، وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وكذلك لو أعار ثوبا أو دارا أو خادما. ا هـ. ومنها الرهن فإن كان شريك عنان فليس له ذلك، قال الكرخي في مختصره قال محمد في كتاب الرهن إذا رهن أحد شريكي العنان متاعا من الشركة بدين عليهما لم يجز وكان ضامنا للرهن، ولو ارتهن بدين لهما أداناه وقبض لم يجز على شريكه من قبل أنه لم يسلطه أن يرتهن فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بحصته ويرجع شريكه بحصته على المطلوب ويرجع المطلوب بنصف قيمة الرهن على المرتهن وإن شاء شريك المرتهن ضمن شريكه حصته من الدين؛ لأن هلاك الرهن في يده بمنزلة الاستيفاء، ثم قال بعده ويجوز لأحد المتفاوضين أن يرهن ويرتهن على شريكه، كذا في غاية البيان، وفي المحيط لا يرهن أحدهما شيئا من الشركة بدين عليه إلا بإذن شريكه، وكذا لا يرتهن رهنا بدين من الشركة في نصيب شريكه إلا إذا ولي عقده أو يأمر من يوليه ا هـ. وفي الخانية ولمن ولي المبايعة أن يرهن بالثمن ومنها ليس له أن يكاتب؛ لأنه ليس من عادة التجار، كذا في الجوهرة، وكذا ليس له تزويج الأمة وقضاء الدين كما في المحيط ومنها إذا أخذ أحدهما مالا مضاربة فالربح له خاصة أطلق الجواب في الكتاب وهو على التفصيل إن أخذ مالا مضاربة ليتصرف فيما ليس من تجارتهما فالربح له خاصة؛ لأنه لم يدخل تحت عقد الشركة، وكذلك إن أخذ المال مضاربة بحضرة صاحبه ليتصرف فيما هو من تجارتهما، وأما إذا أخذ المال مضاربة ليتصرف فيما كان من تجارتهما أو مطلقا حال غيبة شريكه يكون الربح بينهما مشتركا نصفه لشريكه ونصفه بين المضارب ورب المال، كذا في المحيط فقوله في الكتاب يضارب معناه يدفع المال مضاربة. وأما أخذه المال مضاربة ففيه التفصيل كما علمت ومنها تأجيل أحدهما الدين قال في المحيط وإن كان لهما دين على آخر فأجله أحدهما فهو على ثلاثة أوجه إن أجله العاقد جاز في النصيبين ولا يضمن نصيب شريكه عندهما، وعند أبي يوسف يجوز في نصيبه ولا يجوز في نصيب شريكه وأصله الوكيل بالبيع إذا أبرأ عن الثمن أو حط أو أجله عندهما خلافا لأبي يوسف إلا أن هناك يضمن من ماله لموكله عندهما وهنا لا يضمن؛ لأن العاقد هنا لو أقال العقد، ثم باعه بنفسه جاز، فلما ملك إنشاء البيع بثمن إلى أجل فلأن يملك التأجيل فيه أولى، ولو أجل غير العاقد أو عقدا جميعا فأجله أحدهما لم يجز عند أبي حنيفة، وعندهما يجوز في نصيبه ومنها أنه لا يملك الإقراض، ولو مفاوضا في ظاهر الرواية؛ لأنه إعادة حكما وعرفا فهي تبرع فلا يملكه أحدهما، كذا في المحيط وقدمنا أن العارية ممنوعة قياسا جائزة استحسانا وهو يقتضي جواز الإقراض؛ لأنه إما عارية وإما معاوضة وكل منهما يملكه أحدهما فلذا روى الحسن أنه يملك الإقراض ومنها أنه يملك السفر بالمال هو والمستبضع والمضارب والمودع عندهما خلافا لأبي يوسف سواء كان له حمل ومؤنة أو لا؛ لأن ما يلحقه من المؤنة فهو ملحق برأس المال ولا يعده التجار من باب الغرامة، ثم اعلم أنه يجوز للمفاوض ما لا يجوز لشريك العنان فيجوز له كتابة العبد والإذن بالتجارة وتزويج الأمة دون شريك العنان ولا يجوز للكل تزويج العبد ولا الإعتاق على المال وقبول هدية المفاوض وأكل طعامه والاستعارة منه بغير إذن شريكه جائز ولا ضمان على الآكل والمتصدق عليه استحسانا، ولو كسي ثوبا أو وهبه لم يجز في حصة شريكه. وإنما يجوز في الفاكهة والخبز واللحم وأشباهه، ولو وكل المفاوض رجلا بشراء شيء فنهاه الآخر صح نهيه وإن لم ينهه حتى اشترى يرجع بالثمن على أيهما شاء ولغير المشتري أن يرد المبيع بالعيب، ولو شارك أحدهما آخر عنانا جاز عليهما؛ لأن شركة العنان أخص وأدون من المفاوضة وإن شارك مفاوضة جاز بإذن شريكه وبدون إذنه تنعقد عنانا. كذا في المحيط وبه تبين أن قولهم كما كتبناه أولا أن الشريك ليس له أن يشارك على إطلاقه، وفي البزازية لكل من الشريكين أن يبيع بالنقد والنسيئة وإن اشترى إن كان في يده مال الشركة فهو على الشركة وإن لم يكن فإن اشترى بدراهم أو دنانير فالشراء له خاصة دون شريكه؛ لأنه لو صار على الشركة يصير مستدينا وأنه لا يملك ذلك وإن قال أحدهما للآخر بع جازت، وإن باع أحدهما متاعا ورد عليه فقبله جاز، ولو بلا قضاء، وكذا لو حط أو أخر من عيب وإن بلا عيب جاز في حصته، وكذا لو وهب، ولو أقر بعيب في متاع باعه جاز عليهما. ولو قال كل منهما للآخر اعمل برأيك فلكل منهما أن يعمل ما يقع في التجارة كالرهن والارتهان والسفر والخلط بماله والشركة بالغير لا الهبة والقرض وما كان إتلافا للمال أو تمليكا بغير عوض فإنه لا يجوز وإن قال له اعمل برأيك ما لم يصرح به نصا وإن أذن كل منهما للآخر بالاستقراض لا يرجع المقرض على الآخر؛ لأن التوكيل به لا يصح، ولو باع أحدهما لم يكن للآخر قبض الثمن. وكذا دين وليه أحدهما وللمديون أن يمتنع من الدفع إليه وإن دفع إلى الشريك برئ من نصيبه ولم يبرأ من حصة الدائن استحسانا، والقياس أن لا يبرأ من حصة القابض أيضا. ا هـ. ثم قال بعده بيع المفاوض ممن لا تقبل شهادته له ينفذ على المفاوضة إجماعا أما الإقرار بالدين لا ينفذ، وفي الخانية ليس لأحدهما أن يخاصم فيما باع صاحبه وقبض الذي باع وتوكيله جائز عليه وعلى شريكه، ولو وكل أحدهما رجلا في بيع أو شراء وأخرجه الآخر عن الوكالة صار خارجا عنها فإن وكل البائع رجلا بتقاضي ثمن ما باع ليس للآخر أن يخرجه عن الوكالة، ولو قال أحدهما لصاحبه اخرج إلى نيسابور ولا تجاوز فجاوز فهلك المال ضمن حصة الشريك، ولو شارك أحدهما رجلا شركة عنان فما اشترى الشريك الثالث كان النصف للمشتري والنصف بين الشريكين الأولين وما اشتراه الشريك الذي لم يشارك فهو بينه وبين شريكه نصفين ولا شيء منه للشريك الثالث، ولو استقرض أحد شريكي العنان مالا للتجارة لزمهما؛ لأنه تمليك مال بمال فكان بمنزلة الصرف، ولو أقر أحد الشريكين أنه استقرض من فلان ألفا من تجارتهما تلزمه خاصة ا هـ. وفي الظهيرية إذا باع أحد المتفاوضين شيئا من تجارتهما، ثم إن البائع وهب الثمن من المشتري أو أبرأه منه جاز في قول أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف، ولو وهب غير البائع جاز في حصته فقط إجماعا قوله (: ويده في المال أمانة) أي الشريك؛ لأنه قبض المال بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة فصار كالوديعة، كذا في الهداية. وخرج بالأول المقبوض على سوم الشراء وبالثاني الرهن كما في النهاية وظاهر كلامهم هنا أنه لو ادعى دفع المال إلى شريكه فالقول له مع اليمين سواء كان في حياته أو بعد موته، وظاهر كلام الولوالجي في الوكالة يفيده فإنه قال إذا ادعى الأمين بعد الموت الدفع في الحياة وأنكر الوارث فإن كان المقصود نفي الضمان عن نفسه كالوكيل بقبض الوديعة، فالقول قوله وإن كان المقصود إيجاب الضمان على الميت كالوكيل بقبض الدين لا يقبل قوله ا هـ. وفي البزازية من باب التحليف، ولو ادعى المضارب أو الشريك دفع المال وأنكره رب المال يحلف المضارب أو الشريك الذي كان في يده المال. ا هـ. ولا يخفى أنه إذا تعدى صار ضامنا؛ لأنه حكم الأمانات قال في البزازية: التقييد بالمكان صحيح حتى لو قال أحد الشريكين لصاحبه اخرج إلى خوارزم ولا تتجاوز عنه صح فلو جاوز عنه ضمن حصة شريكه، والتقييد بالنقد صحيح حتى لو قال لا تبع بالنسيئة صح، ولو اشتركا عنانا على أن يبيعا بالنقد والنسيئة، ثم نهى أحدهما صاحبه عن البيع نسيئة صح. ا هـ. وقد وقعت حادثتان أفتيت فيهما الأولى نهاه عن البيع نسيئة فباع فأفتيت بنفاذه في حصته وبتوقفه في حصة شريكه فإن أجاز قسم الربح بينهما، الثانية نهاه عن الإخراج فخرج، ثم ربح فأجبت بأنه غاصب حصة شريكه بالإخراج فينبغي أن لا يكون الربح على الشرط ولم أر فيهما إلا ما قدمناه، واعلم أنه ذكر الناطفي أن الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث: أحدها متولي المسجد إذا أخذ من غلات المسجد ومات من غير بيان لا يكون ضامنا. والثانية السلطان إذا خرج إلى الغزو وغنموا وأودع بعض الغنيمة عند بعض الغانمين ومات ولم يبين عند من أودع لا ضمان عليه. والثالثة القاضي إذا أخذ مال اليتيم وأودع غيره ومات ولم يبين عند من أودع لا ضمان عليه، وأما أحد المتفاوضين إذا كان المال عنده ولم يبين حال المال الذي كان عنده ذكر بعض الفقهاء أنه لا يضمن وأحاله إلى شركة الأصل وذلك غلط، بل الصحيح أنه يضمن نصيب صاحبه، كذا في فتاوى قاضي خان من كتاب الوقف وبه تبين أن ما في فتح القدير وبعض الفتاوى ضعيف وأن الشريك ضامن بالموت عن تجهيل عنانا أو مفاوضة. قوله (وتقبل إن اشترك خياطان أو خياط وصباغ على أن يتقبلا الأعمال ويكون الكسب بينهما) بالرفع عطف على مفاوضة بيان لشركة الصنائع، وظاهره أن التقبل والوجوه غير المفاوضة والعنان وقدمنا خلافه، وفي البزازية وشركة التقبل والوجوه قد تكون مفاوضة وعنانا فالعنان ما يكون في تجارة خاصة، والمفاوضة ما تكون في كل التجارات. ا هـ. وسيأتي بيان فائدة كونها مفاوضة وإنما جاز هذا النوع من الشركة؛ لأن المقصود منه التحصيل وهو ممكن بالتوكيل؛ لأنه لما كان وكيلا في النصف أصيلا في النصف تحققت الشركة في المال المستفاد وأفاد بقوله أو خياط وصباغ أنه لا يشترط فيه اتحاد العمل قالوا ولا يشترط أيضا اتحاد المكان؛ لأن المعنى المجوز لها وهو ما ذكرنا لا يتفاوت، فالمراد من قوله إن اشترك خياطان صانعان، ولو حكما اتحد عملهما أو اختلف بعد أن يكون عملا حلالا يمكن استحقاقه فشمل ما إذا اشترك معلمان لحفظ الصبيان وتعليم الكتابة والقرآن فإن المختار جوازه كما في البزازية، وما إذا كان له آلة القصارة ولآخر بيت اشتركا على أن يعملا في بيت هذا على أن يكون الكسب بينهما فإنه جائز، وكذا سائر الصناعات، ولو من أحدهما أداة القصارة والعمل من الآخر فسدت والربح للعامل وعليه أجرة مثل الأداة كذا في البزازية، وفي القنية اشترك ثلاثة من الجمالين على أن يملأ أحدهم الجوالق ويأخذ الثاني فمها ويحملها على الثالث فينقله إلى بيت المستأجر والأجر بينهم بالسوية فهي فاسدة، قال رضي الله عنه فسادها لهذه الشروط فإن شركة الحمالين صحيحة إذا اشترك الحمالون في التقبل والعمل جميعا، ولو اشتركا في تقبل كتب الحجاج على أن ما رزقهما الله تعالى فبينهما نصفان فهذه شركة جائزة. ا هـ. وقلنا: ولو كان حكما ليشمل ما إذا اشتركا في صنعة ولم يحسنها أحدهما فإنها صحيحة كما سيأتي وقيدنا بكون العمل حلالا لما في البزازية لو اشتركا في عمل حرام لم يصح. ا هـ. وقيدنا بإمكان استحقاقه لما في القنية ولا تجوز شركة الدلالين في عملهم ولا شركة القراء في القراءة بالزمزمة في المجلس؛ لأنها غير مستحقة عليهم ولا شركة السؤال؛ لأن التوكيل بالسؤال لا يصح ولما في الظهيرية، ولو أن ثلاثة من القراء اشتركوا في المجلس والمعازي بالزمزمة والألحان فهذه الشركة فاسدة؛ لأن ما اشتركوا فيه لا يكون مستحقا عليهم ولا على أحدهم ا هـ. وقوله على أن يتقبلا الأعمال ليس بقيد؛ لأنهما لو اشتركا على أن يتقبل أحدهما المتاع ويعمل الآخر أو يقبل أحدهما المتاع ويقطعه، ثم يدفعه إلى الآخر للخياطة بالنصف جاز، كذا في القنية لكن من شرط عليه العمل فقط لو تقبل جاز فلو شرط على الصانع أن لا يتقبل وإنما عليه العمل فقط لا يجوز؛ لأنه عند السكوت جعل إثباتها اقتضاء ولا يمكن ذلك مع النفي، كذا في المحيط. وشمل قوله والكسب بينهما ما إذا شرطاه على السواء أو شرطا الربح لأحدهما أكثر من الآخر، وقد صرح به في البزازية معللا بأن العمل متفاوت، وقد يكون أحدهما أحذق فإن شرطا الأكثر لأدناهما اختلفوا فيه. ا هـ. والصحيح الجواز؛ لأن الربح بضمان العمل لا بحقيقته، كذا في فتح القدير وفي القاموس، وقد قبل به كنصر وسمع وضرب قبالة وقبلت العامل العمل تقبلا نادر والاسم القبالة وتقبله العامل تقبيلا نادر أيضا ا هـ. (قوله: وكل ما يتقبله أحدهما يلزمهما) يعني فيطالب كل واحد منهما بالعمل ويطالب بالأجر ويبرأ الدافع بالدفع إليه أطلقه فشمل ما إذا كانت مفاوضة وهو ظاهر وما إذا أطلقاها أو صرحا بالعنان وهو استحسان والقياس خلافه؛ لأن الكفالة تقتضي المفاوضة، وجه الاستحسان أن هذه الشركة مقتضية للضمان ألا ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما من العمل مضمون على الآخر ولذا يستحق الأجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل، كذا في الهداية وإنما قيد جريانه مجرى المفاوضة بهذين السببين؛ لأن فيما عدا ذلك لم يجر هذا العقد مجرى المفاوضة حتى قالوا إذا أقر أحدهما بدين من ثمن صابون أو أشنان مستهلك أو أجر أجيرا، وأجرة بيت لمدة مضت لم يصدق على صاحبه إلا ببينة ويلزمه خاصة؛ لأن التنصيص على المفاوضة لم يوجد ونفاذ الإقرار موجب المفاوضة. كذا في النهاية وبه علم فائدة كونها مفاوضة لو صرح بها ليلزم كل واحد ما أقر به صاحبه مطلقا وتقييده بالاستهلاك وبمضي المدة للاحتراز عما إذا كان المبيع لم يستهلك ومدة الإجارة لم تمض فإنه يلزمهما كما في المحيط وفي الخانية ولا يشترط لهذه الشركة بيان المدة وحكمها أن يصير كل واحد منهما وكيلا عن صاحبه بتقبل الأعمال، والتوكيل بتقبل الأعمال جائز سواء كان الوكيل يحسن مباشرة ذلك العمل أو لا يحسن، وهذا النوع من الشركة قد يكون عنانا، وقد يكون مفاوضة عند استجماع شرائط المفاوضة فيكون كل واحد منهما مطالبا بحكم الكفالة بما وجب على صاحبه ومتى كان عنانا فإنما يطالب به من باشر السبب دون صاحبه بقضية الوكالة فإن أطلقت هذه الشركة كانت عنانا وإن شرطا المفاوضة كانت مفاوضة فإذا عمل أحدهما دون صاحبه والشركة عنان أو مفاوضة كان الأجر بينهما على ما شرطا، ولو شرطا لأحدهما فضلا فيما يحصل من الأجرة جاز إذا كانا شرطا التفاضل في ضمان ما يتقبلانه، وعن أبي حنيفة ما جنت يد أحدهما كان الضمان عليهما يأخذ أيهما شاء. وعن أبي يوسف إذا مرض أحد الشريكين أو سافر أو بطل فعمل الآخر كان الأجر بينهما ولكل واحد منهما أن يأخذ الأجر وإلى أيهما دفع الأجر برئ وإن لم يتقاصا، وهذا استحسان؛ لأن تقبل أحدهما العمل جعل كتقبل الآخر فصار في معنى المفاوضة في باب ضمان العمل، ولو ادعى رجل على أحدهما أنه دفع إليه ثوبا للخياطة وأقر به الآخر صح إقراره بدفع الثوب ويأخذ الأجر؛ لأنهما كالمتفاوضين فإقرار أحدهما يصح في حق الآخر، وعن محمد أنه لا يصدق المقر في حق الشريك وأخذ هو بالقياس، ولو أقر أحدهما بدين من ثمن صابون ونحوه لا يلزم الآخر ا هـ. وفيها قبله فإذا كان الشرط على الخياط أنه يخيط بنفسه لا يطالب الآخر بحكم الكفالة ا هـ. وبه علم أن قولهم ما لزم أحدهما من العمل يلزم الآخر مقيد بما إذا لم يشترط المستأجر عمله بنفسه، فإن قلت: ما صورة استجماع شرائط المفاوضة فيها؟ قلت: قال في المحيط بأن اشترط الصانعان على أن يتقبلا جميعا الأعمال وأن يضمنا العمل جميعا على التساوي وأن يتساويا في الربح والوضيعة وأن يكون كل منهما كفيلا عن صاحبه فيما لحقه بسبب الشركة. ا هـ. (قوله: وكسب أحدهما بينهما) يعني إذا عمل أحدهما دون الآخر قسم الأجر بينهما على ما شرطا أما العامل فظاهر، وأما غيره فلأنه لزمه العمل بالتقبل فيكون ضامنا له فيستحقه بالضمان وهو لزوم العمل وعلله في البزازية بأن العامل معين القابل؛ لأن الشرط مطلق العمل لا عمل القابل ألا ترى أن القصار إذا استعان بغيره أو استأجره استحق الأجر. ا هـ. أطلقه فشمل ما إذا عمل أحدهما فقط لعذر بالآخر كسفر أو مرض أو بغير عذر كما لو امتنع عنه بغير عذر به؛ لأن العقد لا يرتفع بمجرد امتناعه واستحقاقه الربح بحكم الشرط في العقد لا العمل، كذا في البزازية وفي فتح القدير ثلاثة لم يعقدوا بينهم شركة تقبل تقبلوا عملا فجاء أحدهم فعمله كله فله ثلث الأجرة ولا شيء للآخرين؛ لأنهم لما لم يكونوا شركاء كان على كل منهم ثلث العمل؛ لأن المستحق على كل منهم ثلثه بثلث الأجر فإذا عمل الكل كان متطوعا في الثلثين فلا يستحق الأجر. ا هـ. وبهذا علم أن قوله اشترك خياطان إلى آخره معناه إن عقدا عقد الشركة فلو تقبلا ولم يعقدا لم تكن شركة قوله (: ووجوه إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا) بالرفع عطف على مفاوضة بيان للنوع الرابع من شركة العقد وقدمنا أنها كالصنائع تكون مفاوضة وعنانا، فقال في النهاية: المفاوضة أن يكون الرجلان من أهل الكفالة وأن يكون ثمن المشتري بينهما نصفين وأن يتلفظا بلفظ المفاوضة زاد في فتح القدير وأن يتساويا في الربح، وإذا ذكر مقتضيات المفاوضة كفى عن التلفظ بها كما سلف، وإذا أطلقت كانت عنانا؛ لأن مطلقه ينصرف إليه لكونه معتادا وهي جائزة عندنا لما بيناه في شركة الصنائع وسميت شركة وجوه؛ لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من له وجاهة عند الناس، وقيل؛ لأنهما يشتريان من الوجه الذي لا يعرف، وقيل لأنهما إذا جلسا ليدبر أمرهما ينظر كل واحد منهما إلى وجه صاحبه وعلى الآخرين فالتسمية ظاهرة وعلى الأول من أنها من الوجاهة أو الجاه، فقال في فتح القدير؛ لأن الجاه مقلوب الوجه لما عرف غير أن الواو انقلبت حين وضعت مع العين للموجب لذلك ولذا كان وزنه عفل ا هـ. وفي الخانية وهما فيما يجب لهما وعليهما بمنزلة العنان، ولو اشتركا بوجوههما شركة مفاوضة كان جائزا ويثبت التساوي بينهما فيما يجب لكل واحد منهما وعليه ما يجب في شركة المفاوضة بالمال ا هـ. وفي البزازية وإذا وقتا شركة الوجوه تصح وهل تتوقف فيه روايتان فعلى الرواية التي لا تتوقف كان شرطا مفسدا ومع هذا لا تفسد واعتبر بالوكالة ا هـ. وحذف مفعول يشتريا بالتقيد أنها تكون عامة وخاصة كالبر. (قوله: وتتضمن الوكالة) يعني أن كل واحد منهما وكيل الآخر فيما اشتراه؛ لأن التصرف على الغير لا يجوز إلا بوكالة أو ولاية ولا ولاية فتعين الأولى ولم يذكر تضمنها للكفالة؛ لأنها لا تكون كذلك إلا إذا كانت مفاوضة كما قدمناه. (قوله: وإن شرطا مناصفة المشتري أو مثالثته فالربح كذلك وبطل شرط الفضل) بيان لما فارقت فيه الوجوه العنان وهي أن الربح فيها على قدر الملك في المشترى بفتح الراء بخلاف العنان فإن التفاضل في الربح فيها مع التساوي في المال صحيح، وهذا لأن الربح لا يستحق إلا بالمال أو بالعمل أو بالضمان فرب المال يستحقه بالمال والمضارب بالعمل والأستاذ الذي يتلقى العمل على التلميذ بالنصف بالضمان ولا يستحق بما سواها ألا ترى أن من قال لغيره تصرف في مالك على أن لي ربحه لا يجوز لعدم هذه المعاني، واستحقاق الربح في شركة الوجوه بالضمان على ما بيناه والضمان على قدر الملك في المشترى فكان الربح الزائد عليه ربح ما لم يضمن فلا يصح اشتراطه إلا في المضاربة والوجوه ليست في معناها بخلاف العنان؛ لأنه في معناها من حيث إن كل واحد يعمل في مال صاحبه فيلحق بها. (قوله: ولا تصح شركة في احتطاب واصطياد واستقاء)؛ لأن الشركة متضمنة معنى الوكالة والتوكيل في أخذ المباح باطل؛ لأن أمر الموكل به غير صحيح والوكيل يملكه بدون أمره فلا يصلح نائبا عنه أشار بالثلاثة إلى أن أخذ كل شيء مباح كالاحتشاش واجتناء الثمار من الجبال والتكدي وسؤال الناس ونقل الطين وبيعه من أرض مباحة أو الجص أو الملح أو الثلج أو الكحل أو المعدن أو الكنوز الجاهلية، وكذا إذا اشتركا على أن يبنيا من طين غير مملوك أو يطبخا آجرا، ولو كان الطين مملوكا أو سهلة الزجاج فاشتركا على أن يشتريا ويطبخا ويبيعا جاز وهو شركة الصنائع كذا في فتح القدير، وذكر البزازي أنها شركة الوجوه. (قوله: والكسب للعامل وعليه أجر مثل ما للآخر) لوجود السبب منه وهو الأخذ والإحراز أفاد أنهما لو أخذاه معا فهو بينهما نصفان لاستوائهما في سبب الاستحقاق وأنه لو أخذه أحدهما ولم يعمل الآخر شيئا فهو للعامل ولا شيء عليه للآخر، وفي البزازية ولكل ما أخذ وإن أخذاه منفردين وخلطا وباعا قسم الثمن على قدر ملكيهما وإن لم يعرف المقدار صدق كل منهما إلى النصف وفيما زاد عليه البينة وعبر بما المفيدة للعموم ليشمل أجرة عمله كما إذا ساعده بالقلع وجمعه الآخر أو قلعه وحمله الآخر فللمعين أجر مثله بالغا ما بلغ عند محمد، وعند أبي يوسف لا يجاوز به نصف ثمن ذلك وشمل ما إذا كان للآخر بغل أو راوية فإن كسب الماء للذي استقى وعليه أجر مثل الراوية إن كان المستقي صاحب البغل وإن كان صاحب الراوية فعليه أجر مثل البغل وما إذا دفع له شبكة ليصيد بها السمك على أن يكون بينهما فالصيد للصائد ولصاحب الشبكة أجر مثلها، كذا في المحيط وفي البزازية اشتركا في الاصطياد ونصبا شبكة أو أرسلا كلبا لهما فالصيد بينهما أنصافا، ولو لأحدهما وأرسلا، فالصيد لصاحب الكلب خاصة؛ لأن إرسال غير المالك مع المالك لا يعتبر وإن أصاب أحد الكلبين صيدا فأثخنه، ثم أدركه الآخر فالصيد لمن أثخنه كلبه لإخراجه عن أن يكون صيدا وإن أثخناه فبينهما أنصافا للاشتراك في السبب. ا هـ. (قوله: والربح في الشركة الفاسدة بقدر المال وإن شرط الفضل) لأن الربح فيه تابع للمال فيقدر بقدره كما أن الريع تابع للزرع في المزارعة، والزيادة إنما تستحق بالتسمية، وقد فسدت فبقي الاستحقاق على قدر رأس المال أفاد بقوله بقدر المال أنها شركة في الأموال فلو لم يكن من أحدهما مال وكانت فاسدة فلا شيء له من الربح؛ ولذا قال في المحيط دفع دابته إلى رجل يؤاجرها على أن الأجر بينهما فالشركة فاسدة والأجر لصاحب الدابة وللآخر أجر مثله، وكذلك السفينة والبيت، ولو دفع دابته إلى رجل ليبيع عليها البر على أن الربح بينهما فالربح لصاحب البر ولصاحب الدابة أجر مثلها؛ لأن منفعة الدابة لا تصلح مالا للشركة كالعروض، ولو اشتركا ولأحدهما دابة وللآخر إكاف وجوالق على أن يؤجر الدابة والأجر بينهما فالشركة فاسدة؛ لأنها وقعت على العين فكانت بمعنى الشركة في العروض فإن أجر الدابة مع الجوالق والإكاف، فالأجر كله لصاحب الدابة وللدخيل معه أجر مثله بالغا ما بلغ، ولو اشتركا ولأحدهما بغل وللآخر بعير على أن يؤجراهما والأجرة بينهما لا تصح فإن أجراهما قسم الأجر بينهما على مثل أجر البغل ومثل أجر البعير ا هـ. وفي القنية له سفينة فاشترك مع أربعة على أن يعملوا بسفينته وآلاتها، والخمس لصاحب السفينة والباقي بينهم بالسوية فهي فاسدة والحاصل لصاحب السفينة وعليه أجر مثلهم. ا هـ. (قوله: وتبطل الشركة بموت أحدهما، ولو حكما) لأنها تتضمن الوكالة ولا بد منها لتحقق الشركة على ما مر والوكالة تبطل بالموت، والموت الحكمي الالتحاق بدار الحرب مرتدا إذا قضى القاضي به؛ لأنه بمنزلة الموت كما قدمناه فلو عاد مسلما لم يكن بينهما شركة وإن لم يقض بلحاقه انقطعت على سبيل التوقف بالإجماع فإن عاد مسلما قبل أن يحكم بلحاقه فهما على الشركة وإن مات أو قتل انقطعت، ولو لم يلحق بدار الحرب وانقطعت المفاوضة على التوقف هل تصير عنانا عند أبي حنيفة لا، وعندهما تبقى عنانا ذكره الولوالجي أطلقه فشمل ما إذا علم الشريك بموت صاحبه أو لم يعلم؛ لأنه عزل حكمي فلا يشترط له العلم، وفي المحيط ولو أبضع أحد المتفاوضين ألفا له ولشريك له شركة عنان برضا شريك العنان ليشتري لهما متاعا، ثم مات أحدهم فإن مات المبضع، ثم اشترى المستبضع فالمتاع للمشتري ويضمن المال ويكون نصفه لشريك العنان ونصفه للمفاوض الحي ولورثة الميت؛ لأنه انعزل المستبضع في حق الكل بموته؛ لأنه انقطع أمر الميت على نفسه وشركائه وإن مات شريك العنان، ثم اشترى المستبضع فالمشترى كله للمتفاوضين؛ لأنه انفسخت الشركة بموته فانعزل المستبضع في حقه وبقي الإبضاع صحيحا في حق المتفاوضين، ثم ورثة الميت إن شاءوا رجعوا بحصتهم على أيهم شاءوا، وإذا لزم أحد المتفاوضين ضمان لزم الآخر وإن شاءوا ضمنوا المستبضع ويرجع به المستبضع على أيهما شاء وإن مات المفاوض الذي لم يبضع، ثم اشترى المستبضع فنصفه للآمر ونصفه لشريك العنان ويضمن المفاوض الحي لورثة الميت حصتهم وإن شاءوا ضمنوا المبضع ويرجع بها على الآمر. ا هـ. وفيه أيضا باع أحد المتفاوضين شيئا نسيئة، ثم مات ليس لصاحبه أن يخاصم فيه؛ لأنه إنما كان له مطالبة المشتري ومخاصمته بحكم الوكالة، وقد انقطعت بالموت فإن أعطاه المشتري نصف الثمن برئ منه؛ لأنه دفع الملك إلى مالكه. ا هـ. وفي الظهيرية ولو كان الشركاء ثلاثة فمات أحدهم حتى انفسخت الشركة في حقه لا تنفسخ في حق الباقين، ثم قال وإذا مات أحد المتفاوضين والمال في يد الحي فادعى ورثة الميت المفاوضة وجحد ذلك فأقام ورثة الميت بينة أن أباهم كان شريكه مفاوضة لم يقض لهم بشيء مما في يد الحي إلا أن يشهد الشهود أن المال كان في يده حال حياة الميت وأنه من شركة بينهما. ا هـ. ولم يذكر المصنف حكم ما إذا فسخها أحدهما، وفي البزازية إنكارها فسخ وإن فسخها أحدهما لا تنفسخ ما لم يعلم الآخر وإن فسخها أحدهما ورأس مالها نقد صح وإن عروضا وضالا رواية فيها إنما الرواية في المضاربة والطحاوي جعلها كالمضاربة في عدم الانفساخ، وذكر بكر أنهما إذا فسخا المضاربة والمال عروض يصح وإن أحدهما لا، وظاهر المذهب الفرق بين الشركة والمضاربة يصح فسخها لو عروضا لا المضاربة، واختاره الصدر وصورته اشتركا واشتريا أمتعة، ثم قال أحدهما لا أعمل معك بالشركة وغاب فباع الحاضر الأمتعة فالحاصل للبائع وعليه قيمة المتاع؛ لأن قوله لا أعمل معك فسخ للشركة معه وأحدهما يملك فسخها وإن كان المال عروضا بخلاف المضاربة وهو المختار وذكر الطحاوي نهاه رب المال عن التصرف إن كان رأس المال من أحد النقدين فله أن يستبدله بالنقد الآخر ولا يعمل النهي وإن عروضا لا يصح النهي والحق الشركة بالمضاربة والحق المختار ما ذكرنا قال أحدهما لصاحبه أريد شراء هذه الجارية لنفسي فسكت الآخر فاشتراها فعلى الشركة ما لم يقل نعم، ولو وكله بشراء جارية بعينها فقال ذلك فسكت الموكل فالمشترى للوكيل؛ لأنه يملك عزل نفسه رضي به الموكل أم لا وأحد الشريكين لا يملك فسخها بلا رضا الآخر ا هـ. وهكذا ذكر في الخلاصة أن أحد الشريكين لا يملك فسخها بلا رضا الآخر، وفي فتح القدير أن هذا غلط، وقد صحح هو انفراد الشريك بالفسخ والمال عروض والتعليل الصحيح ما ذكره في التجنيس أن أحد المتفاوضين لا يملك تغيير موجبها إلا برضا صاحبه وفي الرضا احتمال يعني إذا كان ساكتا والمراد بموجبها وقوع المشترى على الاختصاص ولا يشكل على هذا ما ذكره في الخلاصة في ثلاثة اشتركوا شركة صحيحة على قدر رءوس أموالهم فخرج واحد إلى ناحية من النواحي لشركتهم فشارك الحاضران آخر على أن ثلث الربح له والثلثين بينهم أثلاثا ثلثاه للحاضرين وثلثه للغائب فعمل المدفوع إليه بذلك المال سنين مع الحاضرين، ثم جاء الغائب فلم يتكلم بشيء فاقتسموا ولم يزل يعمل معهم هذا الرابع حتى خسر المال أو استهلكه فأراد الغائب أن يضمن شريكيه لا ضمان عليهما وعمله بعد ذلك رضا بالشركة؛ لأن هذا أخص من السكوت السابق لما فيه من زيادة العمل. ا هـ. وقد ظهر لي أن لا غلط في كلامهم لإمكان التوفيق فقولهم يملك فسخها بلا رضا الآخر حيث أعلمه معناه رفع عقد الشركة بالكلية وقولهم في تعليل هذه المسألة أن أحدهما لا يملك فسخها بلا رضا الآخر معناه رفعها بالنسبة إلى المشتري فقط، وحاصله أن أحدهما إذا أراد أن يشتري شيئا ويختص به ولا يكون على الشركة فلا بد من رضا صاحبه ولا يكفي علمه بخلاف ما إذا فسخها بالكلية، وهذا هو الحق لمن أنصف من نفسه، وفي الظهيرية ثلاثة نفر متفاوضون غاب أحدهم وأراد الآخر أن يتناقضا ليس لهما ذلك بدون الغائب ولا ينتقض البعض دون البعض ا هـ. وفي المحيط جحد أحد المتفاوضين وقعت الفرقة وضمن نصف جميع ما في يده إذا ظهرت المفاوضة بالبينة العادلة؛ لأنه أمين جحد الأمانة فصار غاصبا، وكذلك جحود وارثه بعد موته باع أحد المتفاوضين شيئا، ثم افترقا والمشتري لا يعلم فلكل واحد قبض المال كله فإلى أيهما دفع برئ وإن علم بالفرقة لم يدفع إلا إلى العاقد، ولو دفع إلى شريكه لا يبرأ عن نصيب العاقد، وكذا لو وجد به عيبا لا يخاصم به إلا البائع، ولو رد عليه بالعيب قبل الافتراق وحكم عليه بالثمن ثم افترقا له أن يأخذ أيهما شاء، ولو استحق العبد قبل الفرقة وقبل نقد الثمن له أن يأخذ أيهما شاء. ا هـ. وفيه قبله، ولو أبضع أحدهما رجلا فاشترى المستبضع بالبضاعة شيئا بعد تفرقهما فإن علم بتفرقهما فالمشترى للمبضع خاصة وإن لم يعلم فإن كان الثمن مدفوعا إلى المستبضع نفذ الشراء عليهما وإن لم يكن مدفوعا إليه فالمشترى للمبضع ا هـ. ولم يذكر المصنف حكمها إذا جن أحدهما، وفي التتارخانية سئل أبو بكر عن شريكين جن أحدهما وعمل الآخر بالمال حتى ربح أو وضع، قال الشركة بينهما قائمة إلى أن يتم إطباق الجنون عليه فإذا قضى ذلك الوقت تنفسخ الشركة بينهما فإذا عمل بالمال بعد ذلك فالربح كله للعامل والوضيعة عليه وهو كالغصب لمال المجنون فيطيب له ربح ماله ولا يطيب له ما ربح من مال المجنون فيتصدق به. ا هـ. ثم اعلم أن الشريكين إذا اشتريا بالمال متاعا، ثم أرادا القسمة فإنه يقوم ذلك يوم اشترياه ويكون الربح بينهما على قدره، ولو اشتركا في العروض على أن لكل واحد حصة ماله فاشتريا بها متاعا، ثم باعاه بألف درهم فإنهما يقتسمان الدراهم على قيمة العروض يوم اشترياه، كذا في الينابيع ولم يذكر المصنف حكم اختلافهما ولا بأس ببيانه تتميما للفائدة وفي الظهيرية ادعى أنه شاركه مفاوضة والمال في يد الجاحد، فالقول للجاحد والبينة على المدعي فإن أقامها فإن شهدوا أنه مفاوضة وأن المال الذي في يده بينهما أو من شركتهما قبلت وقضى به بينهما وإن شهدوا أنه مفاوضة فقط ذكر السرخسي قبولها وذكر خواهر زاده قبولها إن شهدوا في مجلس الدعوى وإن بعدما تفرقا لا يقضي ما لم يشهدوا أنه بينهما نصفان أو أنه من شركتهما أو يقر الجاحد أن المال كان في يده يومئذ، ثم إذا قضى به بينهما فادعى ذو اليد شيئا مما في يده لنفسه ميراثا أو هبة أو صدقة من غير جهة المدعي فإن كان شهود مدعي المفاوضة شهدوا أنه مفاوضة وأن المال بينهما نصفان أو شهدوا أنه مفاوضة وأن المال من شركتهما فلا تسمع دعواه ولا تقبل بينته وإن شهدوا أنه مفاوضة وأن المال في يده أو شهدوا أنه مفاوضة ولم يزيدوا قبلت عند محمد خلافا لأبي يوسف، ولو ادعى شيئا مما في يده بطريق التلقي من المدعي تسمع وتقبل مطلقا، وإذا افترق المتفاوضان، ثم ادعى أحدهما أن شريكه كان بالنصف وادعى الآخر بالثلث، وقد اتفقا على المفاوضة فجميع المال بينهما نصفان، وهذا ظاهر وتمامه فيها. (قوله: ولم يزك مال الآخر إلا بإذنه) أي أحدهما؛ لأنه ليس من جنس التجارة فلا يكون وكيلا عنه في أدائها إلا أن يأذن له. (قوله: فإن أذن كل وأديا معا ضمنا، ولو متعاقبا ضمن الثاني) أي إن أذن كل واحد منهما لصاحبه بأداء الزكاة عنه فأديا معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه وإن أديا على التعاقب كان الثاني ضامنا للأول أطلقه فشمل ما إذا علم بأداء صاحبه أو لم يعلم في الوجهين، وهذا عند الإمام، وعندهما لا ضمان إذا لم يعلم وعلى هذا الاختلاف المأمور بأداء الزكاة إذا تصدق على الفقراء بعدما أدى الآمر بنفسه لهما أنه مأمور بالتمليك من الفقير، وقد أتى به فلا يضمن للموكل، وهذا؛ لأن في وسعه التمليك لا وقوعه زكاة لتعلقه بنية الموكل وإنما يطلب منه ما في وسعه وصار كالمأمور بذبح دم الإحصار إذا ذبح بعدما زال الإحصار وحج الآمر لم يضمن المأمور علم أو لا ولأبي حنيفة رضي الله عنه أنه مأمور بأداء الزكاة والمؤدى لم يقع زكاة فصار مخالفا، وهذا لأن المقصود من الآمر إخراج النفس عن عهدة الواجب؛ لأن الظاهر أنه لا يلتزم الضرر إلا لدفع الضرر، وهذا المقصود حصل بأدائه فعرى أداء المأمور عنه فصار معزولا علم أو لم يعلم؛ لأنه عزل حكمي، وأما دم الإحصار فقد قيل إنه على الخلاف، وقيل بينهما فرق ووجهه أن الدم ليس بواجب عليه وأنه يمكنه أن يصبر حتى يزول الإحصار وفي مسألتنا الأداء واجب فاعتبر الإسقاط مقصودا فيه دون دم الإحصار، كذا في الهداية ونقل الولوالجي أن في بعض المواضع لا يضمن عندهما وإن علم بأداء المالك ونص في زيادات العتابي أن عندهما لا يضمن علم بأدائه أو لم يعلم وهو الصحيح عندهما كذا في فتح القدير قوله (وإن أذن أحد المتفاوضين بشراء أمة ليطأ ففعل فهي له بلا شيء) أي عند الإمام، وقالا يرجع عليه بنصف الثمن؛ لأنه أدى دينا عليه خاصة من مال مشترك فيرجع عليه صاحبه بنصيبه كما في شراء الطعام والكسوة؛ لأن الملك وقع له خاصة والثمن بمقابلة الملك وله أن الجارية دخلت في الشركة على البتات جريا على مقتضى الشركة إذ هما لا يملكان تغييره فأشبه حال عدم الإذن، غير أن الإذن يتضمن هبة نصيبه منه؛ لأن الوطء لا يحل إلا بالملك ولا وجه إلى إثباته بالبيع لما بينا أنه يخالف مقتضى الشركة فأثبتناه بالهبة الثانية في ضمن الإذن بخلاف الطعام والكسوة؛ لأن ذلك مستثنى عنها للضرورة فيقع الملك له خاصة بنفس العقد فكان مؤديا دينا عليه من مال الشركة وفي مسألتنا قضى دينا عليهما وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء بالاتفاق؛ لأنه دين وجب بسبب التجارة، والمفاوضة تضمنت الكفالة فصار كالطعام والكسوة قيد بالإذن؛ لأنه لو اشتراها للوطء بلا إذن كانت مشتركة لما قدمناه وقدمنا أن السكوت عند الاستئذان لا يكون إذنا فلا يكون له خاصة، وقد بينا الفرق بينه وبين سكوت الموكل.
|