الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***
492- مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه أنه سأل أبا هريرة كيف تصلي على الجنازة فقال أبو هريرة أنا لعمر الله أخبرك أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول اللهم إنه عبدك وبن عبدك وبن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده في هذا الحديث جواب السائل على أكثر مما سأل عنه وذلك إذا أراد المسؤول تعليم ما يعلم أن به الحاجة إليه وفيه قصد الجنازة إلى موضعها في حين حملها وفيه أن الصلاة على الجنازة ليس فيها قراءة وهذا موضع اختلف فيه العلماء سنبين ذلك بعد في هذا الباب إن شاء الله. وأما الدعاء فليس فيه شيء موقت عند أحد من العلماء معنى قوله وزد في إحسانه والله أعلم يضاعف له الأجر فيما أحسن فيه ويتجاوز عن سيىء عمله وفيه أن المصلي على الجنازة له أن يشرك نفسه في الدعاء بما شاء والله أعلم لقوله اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ومن الدعاء على الميت ما روى أبو هريرة قال كنا نقول على الجنازة اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها للإسلام وأنت قبضتها وأنت تعلم سرها وعلانيتها جئنا شفعاء لها فاغفر لها وعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه كان يقول اللهم هذا عبدك خرج من الدنيا ونزل بك أفقر ما كان إليك وأنت غني عنه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك فاغفر له وتجاوز عنه فإنا لا نعلم منه إلا خيرا وعن محمد بن سيرين وإبراهيم أنه كان من دعائهما على الميت الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ثم يدعوان بنحو ما ذكرنا عن عمر وأبي هريرة والدعاء للميت استغفار له ودعاء بما يحضر الداعي من القول الذي يرجو به الرحمة له والعفو عنه وليس فيه عند الجميع شيء موقت. 493- مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يقول صليت وراء أبي هريرة علي صبي لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول اللهم أعذه من عذاب القبر وفي هذا الحديث من الفقه الصلاة على الأطفال والسنة فيها كالصلاة على الرجال بعد أن يستهل الطفل وعلى هذا جماعة الفقهاء وجمهور أهل العلم والاختلاف فيه شذوذ والشذوذ قول من قال لا يصلى على الأطفال وهو قول تعلق به بعض أهل البدع وللفقهاء قولان في الصلاة على الأطفال قال أحدهم ما يصلى على السقط منهم وغير السقط والثاني لا يصلى على الطفل حتى يستهل صارخا والقول الذي تركه أهل الفتوى بالحجاز والعراق أن لا يصلى على الطفل ! روي عن سمرة بن جندب وسعيد بن جبير وسويد بن غفلة وممن قال لا يصلى عليه حتى يستهل صارخا الزهري وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وحماد والشعبي ومالك والشافعي وسائر الفقهاء بالكوفة والحجاز وممن قال يصلى على السقط وغيره أبو بكر الصديق وعبد الله بن عمر وروي عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال في السقط يقع ميتا إذا تم خلقه ونفخ فيه الروح صلى عليه وهو قول بن أبي ليلى وبن سيرين وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث المغيرة بن شعبة أنه قال الطفل يصلى عليه وهذا يحتمل أن يكون يصلى عليه إذا استهل وذكر بن أبي شيبة قال حدثنا بن علية عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه صلى على سقط. وأما قوله لم يعمل خطيئة قط فمأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة فذكر منهم الصبي حتى يحتلم وقال عمر بن الخطاب الصغير تكتب له الحسنات ولا تكتب عليه السيئات وسنبين هذا المعنى عند قوله صلى الله عليه وسلم في الصبي ألهذا حج قال نعم ولك أجر. وأما قوله في الصبي اللهم أعذه من عذاب القبر فيشهد له قول الله تعالى (فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) [الفتح 14]. ولو عذب الله عباده أجمعين كان غير ظالم لهم كما أنه إذا هدى ووفق من شاء منهم وأضل وخذل من شاء منهم كان غير ظالم لهم وإنما الظالم من فعل غير ما أمر به والله تعالى غير مأمور لا شريك له وعذاب القبر غير فتنة القبر بدلائل واضحة من السنة الثابتة قد ذكرناها في غير هذا الموضع وإذا دعي للصبي أن يعيذه الله من عذاب القبر فالكبير أولى بذلك ومن الدعاء المحفوظ في الصلاة على الميت اللهم قه فتنة القبر وعذاب النار. 494- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة واختلف العلماء في هذا المعنى فروي عن بن عمر وأبي هريرة وفضالة بن عبيد أنهم كانوا لا يقرؤون في الصلاة على الجنازة وروي عن بن عباس وعثمان بن حنيف وأبي أسامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقرؤون بفاتحة الكتاب على الجنازة وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين بمكة والمدينة والبصرة كلهم كان يرى قراءة فاتحة الكتاب مرة واحدة في الصلاة على الجنازة في أول تكبيرة في الصلاة إلا ما رواه حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ في الصلاة على الميت في الثلاث تكبيرات بفاتحة الكتاب وذكر بن أبي شيبة عن أزهر السمان عن بن عون قال كان الحسن يقرأ بفاتحة الكتاب في كل تكبيرة على الجنازة واما اختلاف أئمة الفتوى بالأمصار في ذلك فقال مالك في الصلاة على الجنازة إنما هو الدعاء وإنما فاتحة الكتاب ليس بمعمول بها في بلدنا وقال الثوري يستحب أن يقول في أول تكبيرة سبحانك اللهم وبحمدك وهو قول الحسن بن حي قال الحسن بن حي ثم يصلي على النبي -عليه السلام- ثم يكبر الثانية ثم يدعو للميت ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ثم يكبر الرابعة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم عن يمينه ويساره. وقال أبو حنيفة وأصحابه يحمد الله ويثني عليه بعد التكبير ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر الثالثة فيشفع للميت ثم يكبر الرابعة ثم يسلم وليس في الدعاء شيء موقت ولا يقرأ فيها. وقال الشافعي يكبر ثم يقرأ بفاتحة الكتاب ثم يكبر الثانية ثم يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ثم يكبر الرابعة ويسلم وقول أحمد بن حنبل كقول الشافعي وهو قول داود في قراءة فاتحة الكتاب وذكر الطحاوي قال حدثنا إبراهيم بن أبي داود البرلسي قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وكان من كبراء الأمصار وعلمائهم وأبناء الذين شهدوا بدرا وكان من الذين شهدوا بدرا مع النبي (عليه الصلاة والسلام) أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن السنة على الجنازة في الصلاة أن يكبر الإمام ثم يقرأ فاتحة الكتاب سرا في نفسه ثم يختم الدعاء في التكبيرات الثلاث قال بن شهاب فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في الصلاة على الجنائز مثل الذي حدثك به أبو أمامة وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري قال سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث بن المسيب قال السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى ثم يسلم في نفسه وعن يمينه وروى الثوري وشعبة وإبراهيم بن سعد وجماعة عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف أنه أخبره قال صليت خلف بن عباس فقرأ بفاتحة الكتاب حتى أسمعنا فسألته عن ذلك فقال سنة وحق وفي رواية بعضهم إنما جهرت لتعلموا أنها سنة وروي من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى وليس بثابت عن جابر واحتج داود في هذا الباب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهي صلاة عند جميعهم لا تجوز إلى غير القبلة ولا بغير وضوء إلا الشعبي فإنه شذ فأجازها بغير وضوء وقال إنما هو دعاء ولم يتابع على ذلك وممن رأى القراءة بفاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة الحسن بن علي وعبد الله بن مسعود ومكحول والضحاك بن مزاحم ذكر ذلك كله أبو بكر بن أبي شيبة قال. وحدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبيد بن السباق أنه حدثه أنه رأى سهل بن حنيف صلى على ميت فقرأ بفاتحة الكتاب في أول تكبيرة وفيما أجاز لنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي وكتب به إلينا قال حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا علي بن شيبة قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا داود بن قال قلت لعبد الله بن عبيد بن عمير كيف كان شيخاك عبد الله بن الزبير وعبيد بن عمير يصليان على الجنائز قال كانا يقرآن بأم القرآن ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم ويستغفران للمؤمنين والمؤمنات ثم يقولان اللهم افسح له في قبره واعرج إليك بروحه وألحقه بنبيه واخلفه في عقبه بخير وممن كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة ويقول ليس فيها قراءة وينكر القراءة فيها أبو العالية ومحمد بن سيرين وأبو بردة بن أبي موسى وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي وبكر بن عبد الله المزني وميمون بن مهران وسالم بن عبد الله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني ذكر ذلك كله أبو بكر بن أبي شيبة عنهم بأسانيد جياد. 495- مالك عن محمد بن أبي حرملة مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبقيع قال وكان طارق يغلس بالصبح قال بن أبي حرملة فسمعت عبد الله بن عمر يقول لأهلها إما أن تصلوا على جنازتكم الآن وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس قال أبو عمر أتيت بمعنى الحديث دون لفظه وقد أوضحنا في التمهيد علة حديث مالك عن هشام بن عروة إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز وأن هذه اللفظة حتى تبرز لا تصح لاضطراب الرواة فيها فمنهم من يقول حتى تشرق ومنهم من يقول حتى ترتفع وحتى تبيض وهو الصحيح بدليل حديث مالك عن محمد بن أبي حرملة هذا من قول بن عمر وفعله وهو حديث لم يضطرب رواته واضطربوا في حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه على ما وصفت لك واختلفوا في إسناده وأصح ما فيه رواية مالك مرسلة ويقضي على هذا كله حديث عمرو بن عنبسة وأبي أمامة والصنابحي وغيرهم أن الشمس تطلع مع قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ولم يقل إذا برزت فارقها بل قد جاء في الأحاديث الثابتة حتى ترتفع وحتى تبيض وهذا يوضح لك أن معنى قوله في حديث هشام بن عروة عن أبيه حتى تبرز أي حتى تبرز مرتفعة بيضاء وعلى هذا يصح استعمال الأحاديث كلها. 496- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال يصلي على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما وهذا باب اختلف العلماء فيه قديما وحديثا وقد ذكرناه في كتاب الصلاة من كتابنا هذا مبسوطا والحمد لله. وأما اختلاف الفقهاء أئمة الفتوى في ذلك فقال مالك في رواية بن القاسم عنه لا بأس بالصلاة على الجنائز بعد العصر ما لم تسفر الشمس فإذا اصفرت لم يصل عليها إلا أن يكون يخاف تغيرها فإن خيف ذلك صلى عليها قال ولا بأس بالصلاة على الجنائز بعد الصبح ما لم يسفر فإذا أسفر فلا تصلوا إلا أن تخافوا عليها وهذا معنى الحديثين المتقدمين عن بن عمر ومذهب بن عمر معلوم قد تقدم ذكره أنه لا يمنع من الصلاة إلا عند الطلوع أو الغروب وقد ذكر بن عبد الحكم عن مالك أن الصلاة على الجنائز جائزة في ساعات الليل والنهار عند طلوع الشمس وعند غروبها في كل وقت وهو قول الشافعي قال الشافعي يصلى على الجنائز في كل وقت لأن النهي عنده إنما ورد في التطوع لا في الواجب ولا في المسنون من الصلوات وقد بينا وجوه أقوال العلماء في هذا الباب في كتاب الصلاة من هذا الكتاب وقال الثوري لا يصلى على الجنازة إلا في مواقيت الصلاة ويكره الصلاة عليها نصف النهار وحين تغرب الشمس وبعد الفجر حتى تطلع الشمس قال الليث أيضا لا يصلى عليها في الساعات التي تكره الصلاة فيها وقال الأوزاعي يصلى عليها ما دام في ميقات العصر فإذا ذهب وقت العصر لم يصل عليها حتى تغرب الشمس. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يصلى عليها عند الطلوع ولا عند الغروب ولا نصف النهار ويصلى عليها في غيرها من الأوقات وحجتهم حديث عقبة بن عامر رواه الليث بن سعد وعبد الله بن وهب ووكيع وغيرهم عن موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر قال ثلاث ساعات نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا عند طلوع الشمس حتى تبيض وعند انتصاف النهار حتى تزول وعند اصفرار الشمس حتى تغيب. 497- مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له فأنكر ذلك الناس عليها فقالت عائشة ما أسرع الناس ! ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد. 498- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال صلي على عمر بن الخطاب في المسجد قال أبو عمر قد روى الضحاك بن عمر وغيره حديث عائشة هذا عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة متصلا مسندا وصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء من أصح ما يروى عن النبي من أخبار الآحاد العدول حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن علي قال حدثنا أحمد بن شعيب النسوي قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن حجر قالا حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الواحد بن حمزة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد واللفظ لإسحاق قال. وأخبرنا سويد بن نصر قال أخبرنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عقبة عن عبد الواحد بن حمزة أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره أن عائشة قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد وفي هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان أحدهما حديث عائشة هذا والثاني حديث يروى عن أبي هريرة لا يثبت عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له وقد يحتمل قوله في حديث أبي هريرة هذا فلا شيء له أي فلا شيء عليه كما قال عز وجل (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) [الإسراء 7]. بمعنى عليها وسئل أحمد بن حنبل - وهو إمام أهل الحديث والمقدم في معرفة علل النقل فيه - عن الصلاة على الجنازة في المسجد فقال لا بأس بذلك وقال بجوازه فقيل فحديث أبي هريرة فقال لا يثبت أو قال حتى يثبت ثم قال رواه صالح مولى التوأمة وليس بشيء فيما انفرد به فقد صحح أحمد بن حنبل السنة في الصلاة على الجنائز في المسجد وقال بذلك وهو قول الشافعي وجمهور أهل العلم وهي السنة المعمول بها في الخليفتين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عمر على أبي بكر الصديق في المسجد وصلى صهيب على عمر في المسجد بمحضر كبار الصحابة وصدر السلف من غير نكير وما أعلم من ينكر ذلك إلا بن أبي ذئب ورويت كراهية ذلك عن بن عباس من وجوه لا تصح ولا تثبت وعن بعض أصحاب مالك ورواه عن مالك وقد روي عنه جواز ذلك من رواية أهل المدينة وغيرهم وقد قال في المعتكف لا يخرج إلى جنازة فإن اتصلت الصفوف به في المسجد فلا يصلي عليها مع الناس وقال عبد الملك بن حبيب إذا كان مصلى الجنائز قريبا من المسجد أو لاصقا به مثل مصلى الجنائز بالمدينة فإنه لاصق بالمسجد من ناحية الشرق فلا بأس من أن توضع الجنازة في المصلى خارجا من المسجد وتمدد الصفوف بالناس في المسجد وكذلك قال مالك قال. وقال مالك لا يعجبني أن يصلى على أحد في المسجد قال مالك ولو فعل ذلك فاعل ما كان ضيقا ولا مكروها فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد وصلى عمر على أبي بكر في المسجد وصلى صهيب على عمر في المسجد وكذلك قال عبد الملك ومطرف وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما صلى على أبي بكر إلا في المسجد قال. وحدثنا وكيع عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال صلي على أبي بكر وعمر تجاه المنبر قال. وحدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح بن سليمان عن صالح بن عجلان عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد وذكر عبد الرزاق عن معمر والثوري عن هشام بن عروة قال رأى أبي الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة فقال ما يصنع هؤلاء ما صلي على أبي بكر إلا في المسجد فإن قيل إن الناس الذين أنكروا على عائشة أن يمر عليها سعد بن أبي وقاص في المسجد هم الصحابة وكبار التابعين لا محالة قيل لهم ما رأت عائشة إنكارهم بكبير ورأت الحجة في رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو الأسوة الحسنة والقدوة وأين المذهب والرغبة عن سنته صلى الله عليه وسلم ولم يأت عنه ما يخالفها من وجه معروف ولو لم تكن في هذا الباب سنة ما وجب أن تمنع عن ذلك لأن الأصل الإباحة حتى يرد المنع والحظر فكيف وفي إنكار ذلك جهل السنة والعمل الأول القديم بالمدينة ألا ترى أن قول عائشة (ما أسرع الناس) تريد إلى إنكارها ما يعلمون وترك السؤال عما يجهلون وقد روي (ما أسرع ما ينسى الناس وليس من نسي علما بحجة على من ذكره وعلمه وبالله التوفيق وقد احتج بعض من تعميه نفسه من المنتسبين إلى العلم في كراهية الصلاة على الجنائز في المسجد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي وخرج بهم إلى المصلى فصفهم وكبر أربع تكبيرات قال ولم يصل عليه في المسجد وفي احتجاجه هذا ضروب من الإغفال منها أنه لا يرى الصلاة على الغائب وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي خصوص له عنده ومنها أنه ليس في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنازة في موضع ولا صلاة العيد في موضع دليل على أن صلاة العيد وصلاة الجنائز لا تجوز إلا في ذلك الموضع والمسلمون في كل أفق لهم مصلى في العيد يخرجون إليه ويصلون فيه ولا يقول أحد من علمائهم إن الصلاة لا تجوز إلا فيه وكذلك صلاتهم في المقابر على جنائزهم ليس فيه دليل على أنه لا يصلى على الجنائز إلا في المقبرة وما لم ينه عنه الله ورسوله فمباح فعله فكيف بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. 9- باب جامع الصلاة على الجنائز. 499- مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة هكذا روى هذا الحديث يحيى بن يحيى وأكثر الرواة للموطأ وروته طائفة من رواة الموطأ عن مالك عن بن شهاب أنه بلغه أن عثمان بن عفان مثله إلى آخره سواء وذكر الدارقطني أن محمد بن مخلد رواه عن أحمد بن إسماعيل المديني عن مالك عن بن شهاب عن أنس أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة كانوا يصلون فذكره إلى آخره سواء وهو عندي وهم والله أعلم والصحيح ما في الموطأ قال أبو عمر على ما ذكره مالك عن عثمان وبن عمر وأبي هريرة أكثر العلماء في موضع الرجال يلون النساء والنساء أمامهم روي ذلك عن عثمان وأبي هريرة وبن عمر من وجوه وروي ذلك أيضا عن أبي قتادة الأنصاري وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وواثلة بن الأسقع والحسن والحسين وعن الشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب والزهري واختلف في ذلك عن عطاء كل ذلك من كتاب عبد الرزاق وأبي بكر بن أبي شيبة من طرق شتى حسان كلها وذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن نافع أن بن عمر صلى كذلك على جنازة فيها بن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة والأمير يومئذ سعيد بن العاص فسألهم عن ذلك أو أمر من سألهم فقالوا هي السنة وفي المسألة قول ثان ذكر عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن الحسن قال الرجال يلون القبلة والنساء يلين الإمام وذكر أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر عن سالم والقاسم قالوا النساء مما يلي الإمام والرجال مما يلي القبلة قال. وحدثنا بن علية عن ليث عن عطاء قال الرجال بين يدي النساء وعن مسلمة بن مخلد أنه كان يصلي بمصر كذلك على الجنائز وفيها قول ثالث عن عبد الله بن معقل ومحمد بن سيرين قالا يصلى على الرجال أو الرجل على حدة وعلى النساء أو على المرأة على حدة قال أبو بكر. وحدثنا بن علية عن أيوب عن بن سيرين أنه قال في جنائز الرجال والنساء إن أبا السوار لما اختلفوا عليه صلى على هؤلاء ضربة وصلى على هؤلاء ضربة قال أبو عمر القول الأول أعلى وأولى لما فيه من الصحابة وقد قالوا إنها السنة وعليها جماعة الفقهاء. وأما أين يقوم الإمام من الرجل إذا صلى عليه ومن المرأة فالاختيار عندي أن يقوم منهما وسطا وقد اختلفت الآثار المرفوعة في ذلك واختلف فيه السلف ف روى بن المبارك عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قام على امرأة فقام وسطها وروى وكيع عن همام عن غالب أو أبي غالب عن أنس أنه أتى بجنازة رجل فقام عند رأس السرير وأتى بجنازة امرأة فقام أسفل من ذلك عند الصدر فقال العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قال نعم فأقبل عليه العلاء فقال احفظوا وقال حميد الطويل عن يزيد بن أبي منصور قال قلت لأبي رافع أين أقوم من الجنازة قال وسطها قال حميد وصليت مع الحسن ما لا أحصي على الرجال والنساء فما رأيته يبالي أين قام منها وقال الشعبي يقوم الذي يصلي على الجنازة عند صدرها وهشام بن حسان عن الحسن قال يقوم من المرأة في حيال ثدييها ومن الرجل فوق ذلك وأشعث عن الحسن قال يقوم للمرأة عند فخذيها والرجل عند صدره وعن بن مسعود وعطاء وإبراهيم يقوم الذي يصلي على الجنازة عند صدرها ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة قال أبو عمر ليس في ذلك حد لازم من جهة كتاب ولا سنة ولا إجماع وما كان هذا سبيله لم يحرج أحد في فعله كل ما جاء عن السلف وليس في قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم منها في موضع ما يمنع من غيره لأنه لم يوقف عليه وليس عن مالك والشافعي شيء وقال بن القاسم يقوم من الرجل عند صدره ومن المرأة عند منكبيها وقال الثوري يقوم منهما عند الصدر وهو قول أبي حنيفة ومحمد. 500- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنازة يسلم حتى يسمع من يليه قال أبو عمر قد تقدم في باب التكبير على الجنائز في حديث مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربع تكبيرات وقد ذكرنا من زاد فيه وسلم وذكرنا اختلاف العلماء في التسليم على الجنازة وأوردنا هناك ذكر القائلين بتسليمة واحدة والقائلين بتسليمتين فلا معنى لإعادة ذلك ها هنا فنذكر هنا من كان يخفي التسليم ومن كان يجهر به ولم يذكر مالك في حديثه عن نافع عن بن عمر أنه كان يسلم تسليمة واحدة لا تسليمتين والمحفوظ عن بن عمر أنه كان يسلم واحدة ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا قضى الصلاة على الجنائز سلم عن يمينه وذكر بن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا صلى على جنازة سلم على يمينه واحدة ومن هذين الكتابين أن بن عمر وأبا هريرة وبن سيرين كانوا يجهرون بالسلام ويسمعون من يليهم وأن علي بن أبي طالب وبن عباس وأبا أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن جبير كانوا يخفون التسليم وإبراهيم النخعي أيضا كان يسلم تسليمه خفية قال بن القاسم عن مالك تسليم الإمام على الجنازة واحدة يسمع من يليه يسلم من وراءه واحدة في أنفسهم وإن أسمعوا من يليهم فلا بأس وقال الثوري يسلم عن يمينه تسليمة خفيفة وقال الأوزاعي يسمع من يليه وقال الحسن بن حي يسلم عن يمينه وعن شماله ويخفيه ولا يجهر به. وقال الشافعي مثله ولا يجهر. وقال أبو حنيفة تسليمتان يسمع من يليه. 501- مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر وهو إجماع العلماء والسلف والخلف إلا الشعبي فإنه أجاز الصلاة عليها على غير وضوء فشذ عن الجميع ولم يقل بقوله أحد من أئمة الفتوى بالأمصار ولا من حملة الآثار وقد قال بن علية وهو ممن يرغب عن كثير من قوله الصلاة على الميت استغفار له والاستغفار يجوز بغير وضوء وهذا نحو قول الشافعي إلا أنه قال السنة في الصلاة على الموتى أن يتطهر لها ومن خشي فوتها تيمم لها وهو القياس قال أبو عمر قول الشعبي هذا لم يلتفت أحد إليه ولا عرج عليه وقد أجمعوا أنه لا يصلي عليها إلا إلى القبلة ولو كانت دعاء كما زعم الشعبي لجازت إلى غير القبلة ولما اجمعوا على التكبير فيها واستقبال القبلة بها علم أنها صلاة ولا صلاة إلا بوضوء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور ذكر بن أبي شيبة قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن عاصم قال سألت أشياخنا يسلم في الصلاة على الجنازة قالوا نعم أو لست في صلاة !. وقال مالك في آخر هذا الباب لم أر أحدا من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنى وأمه وهذا ما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على ولد زنا وأمه ماتت من نفاسها وقال أبو وائل يصلى على كل من صلى إلي القبلة وسئل أبو أمامة عن الصلاة على جنازة شارب الخمر قال نعم إذا شهد بشهادة الحق وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أبي الزبير عن جابر قال سألته عن المرأة تموت في نفاسها من الفجور أن يصلى عليها فقال صل على من قال لا إله إلا الله قال. وحدثنا جرير عن مغيرة عن حماد عن إبراهيم قال يصلى على الذي قتل نفسه وعلى النفساء من الزنى وعلى الذي يموت غريقا من الخمر قال. وحدثنا أبو خالد الأحمر عن عثمان بن الأسود عن عطاء قال تصلي على من صلى إلى قبلتك قال. وحدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن بن سيرين قال ما أعلم أحدا من الصحابة والتابعين ترك الصلاة على أحد من أهل القبلة آثما وقال بن عبد الحكم عن مالك لا تترك الصلاة على أحد مات ممن يصلي إلى القبلة وهو قول الشافعي وجماعة الفقهاء يصلى على كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره مالك من بين سائر العلماء أن يصلي أهل العلم والفضل على أهل البدع. 502- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء وصلى الناس عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد فقال ناس يدفن عند المنبر وقال آخرون يدفن بالبقيع فجاء أبو بكر الصديق فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه فلما كان عند غسله أرادوا نزع قميصه فسمعوا صوتا يقول لا تنزعوا القميص فلم ينزع القميص وغسل وهو عليه صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر قد ذكرنا ما يسند من هذا الحديث في كتاب التمهيد ولم يختلف العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميصه واختلفوا هل كفن في سائر القميص مع سائر أكفانه أو في قميص غيره على ما أوضحنا فيما مضى والحمد لله وقد روى حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أين تدفنونه فقال أبو بكر في المكان الذي مات فيه قالت وكان بالمدينة قباران أحدهما يلحد والآخر يشق أو يضرح فبعث إليهما فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قبض النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ولم يدفن ذلك اليوم ولا تلك الليلة حتى كان من آخر يوم الثلاثاء قال وغسل وعليه قميص وكفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وبرد حبرة وصلي عليه بغير إمام ونادى عمر في الناس خلوا الجنازة وأهلها قال. وأخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب قال لم يؤمهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد كانوا يدخلون أفواجا الرجال والنساء والصبيان إلى البيت الذي هو فيه والحجرة فيدعون ثم يخرجون ويدخل آخرون حتى فرغ الناس وفي حديث هذا الباب من الفقه والعلم أيضا ما يدل على أن معرفة السير وأيام الإسلام وتواريخ أعمال الأنبياء والعلماء والوقوف على وفاتهم من علم خاصة أهل العلم وأنه مما لا ينبغي لمن وسم نفسه بالعلم جهل ذلك وأنه مما يلزمه من العلم العناية به وسنذكر اختلاف الآثار في مبلغ عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاريخ وفاته ومدة مقامه بمكة من مبعثه وبالمدينة بعد هجرته إليها في كتاب الجامع من هذا الكتاب إن شاء الله لأنه هناك ذكره مالك (رحمه الله) ولا خلاف بين العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن في الموضع الذي مات فيه من بيته بيت عائشة (رضي الله عنها) ثم أدخلت بيوته المعروفة لأزواجه بعد موته في مسجده فصار قبره في المسجد صلى الله عليه وسلم. وأما قول مالك أنه صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين فهذا مما لا خلاف فيه. وأما قوله ودفن يوم الثلاثاء فمختلف فيه قيل يوم الثلاثاء وقيل يوم الأربعاء وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله. 503- مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد فقالوا أيهما جاء أول عمل عمله فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا معاني هذا الحديث مسندة في التمهيد فروى هذا الحديث جرير وهشام عن فقهاء أهل المدينة قال كان بالمدينة رجلان يحفران القبور وكان أحدهما يشق والآخر يلحد فذكره سواء أبو بكر عن جرير وذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال لحد له صلى الله عليه وسلم وجعل على لحده اللبن وفيه أن اللبن في القبر مباح وأنه كان من العمل القديم وأنه لا وجه فيه لمن كرهه وفيه أن اللحد أفضل من الشق الذي اختاره الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جرير وغيره أنه قال اللحد لنا والشق لغيرنا ومن هنا كره الشق من كرهه والله أعلم لقوله صلى الله عليه وسلم والشق لغيرنا وروي عن نافع عن بن عمر قال ألحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وأوصى بن عمر أن يلحد له وذكر أبو بكر قال حدثنا بن مهدي عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين مات وكان رجل يلحد والآخر يشق فقالوا اللهم خر له فطلع الذي كان يلحد فلحد له أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ومحمد بن إبراهيم قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال حدثنا جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب العلوي الموساوي قال حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي سنة إحدى وسبعين ومئتين قال حدثنا داود بن عبد الله الجعفري قال حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الذي لحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة والذي ألقى القطيفة شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 504- مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما صدقت بموت النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين هذا الحديث لا أحفظه لأم سلمة وهو محفوظ لعائشة ذكر عبد الرزاق عن بن جريج وغيره عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة قالت ما شعرنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر السحر وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت محمد عن عمرة عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء قال أبو عمر قوله في هذا الحديث المساحي تفسير الكرازين وفي هذا الحديث إباحة الدفن بالليل وعلى إجازته أكثر العلماء وجماعة الفقهاء لأن الليل ليس فيه وقت تكره فيه الصلاة ذكر معمر عن أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ليلا وقد كره قوم من السلف منهم الحسن وقتادة الدفن بالليل إلا لضرورة وروي في النهي عن الدفن بالليل حديث لا تقوم بإسناده حجة وروي ما يعارض ذلك من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفن الأعرابي الذي قال فيه إنه أواه ليلا وكان يرفع صوته بالقراءة والدعاء وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسكينة التي دفنت ليلا هلا آذنتموني بها دليل واضح على جواز الدفن بالليل وقد تقدم ذلك في حديث بن شهاب عن أبي أمامة من هذا الكتاب ولم يختلفوا أن أبا بكر دفن ليلا وقد روي أن عمر دفن ليلا ودفن علي فاطمة ليلا ودفن الزبير بن مسعود ليلا. وأما الاختلاف في وقت دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثر الآثار على أنه دفن يوم الثلاثاء وهو قول أكثر أهل الأخبار والله أعلم. 505- مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري (حجرتي) فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق قالت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن في بيتها قال لها أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها قال أبو عمر روى هذا الحديث سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عائشة رأت ثلاثة أقمار فذكر مثل حديث مالك سواء في هذا الحديث ما كان القوم عليه في الرؤيا واعتقاد صحتها وأنه ما لم يكن من أضغاث الأحلام فهو حق وصدق وحسبك أنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كما جاء في الآثار الصحاح وسنوضح ذلك في موضعه إن شاء الله وقد قلنا في ذلك في التمهيد ما فيه كفاية والحمد لله ويحتمل حديث عائشة أن يكون أبو بكر لم يجبها في حين قصت عليه رؤياها ثم قال لها ما حكته بعد ويحتمل أن يجمل لها الجواب حينئذ ويؤكده بالبيان في حين موت النبي صلى الله عليه وسلم وقد فهمت عنه والله أعلم أنه أراد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه كما كان ولم يدفن في بيتها غيرهم وقد رام ذلك قوم فلم يقدره الله لهم وفيه دليل على أن القمر قد يكون في تأويل الرؤيا الملك الأعظم كما تكون الشمس وكان أبو بكر معبرا محسنا وقد عبر لها رؤياها في يوم الجمل روى هشيم وأبو بكر بن عياش عن مجالد عن الشعبي عن عائشة أنها رأت كأنها على ظرب وحولها بقر يذبح وينحر فقصت ذلك على أبي بكر فقال إن صدقت رؤياك ليقتلن حولك جماعة من الناس الظرب جمعه ظراب وهي الجبال الصغار مالك عن غير واحد ممن يثق به أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل توفيا بالعقيق وحملا إلى المدينة ودفنا بها قال أبو عمر الخبر بذلك عن سعد وسعيد كما حكاه مالك صحيح ولكنها مسألة اختلف السلف ومن بعدهم فيه باختلاف الآثار في ذلك فمن كره ذلك احتج بحديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقتلى أن يردوا إلى مضاجعهم وبحديث جابر أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح وبالحديث عن عائشة أنها قالت في أخيها عبد الرحمن لو شهدته ما دفن إلا حيث مات وكان دفن بالحبش مكان بينه وبين مكة اثنا عشر ميلا أو نحوها قال أبو عمر قد أجمع المسلمون كافة بعد كافة على جواز نقل موتاهم من دورهم إلى قبورهم فمن ذلك البقيع مقبرة المدينة ولكل مدينة جبانة يتدافن فيها أهلها فدل ما ذكرناه من الإجماع على فساد نقل من نقل تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح إلا أن يكون أراد البلد والحضرة وما لا يكون سفرا والله أعلم وليس في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد القتلى يوم أحد إلى مضاجعهم ما يرد ما وصفنا والحديث المأثور ما دفن نبي إلا حيث قبض دليل ووجه على تخصيص الأنبياء بذلك والله أعلم. وأما حديث عائشة في أخيها بذلك والله أعلم لأنها أرادت دفنه بمكة لزيارة الناس القبور بالسلام عليهم والدعاء لهم وقد نقل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق ونحوه إلى المدينة وذلك بمحضر جماعة من الصحابة وكبار التابعين من غير نكير ولعلهما قد أوصيا بذلك وما أظن إلا وقد رويت ذلك والله أعلم وليس في هذا الباب - أعني نقل الموتى - بدعة ولا سنة فليفعل المؤمن ذلك ما شاء وبالله التوفيق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال ما أحب أن أدفن بالبقيع لأن أدفن بغيره أحب إلي من أن أدفن فيه إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه وقد بين عروة (رحمه الله) وجه كراهته الدفن بالبقيع وظاهر خبره هذا أنه لم يكره نبش عظام الظالم وليس المعنى كذلك لأن عظم المؤمن يكره من كسره ميتا ما يكره منه وهو حي وفي خبر عروة هذا دليل على أن الناس بظلمهم يعذبون في قبورهم والله أعلم ولذلك استحبوا الجار الصالح في المحيا والممات وعروة رحمه الله ابتنى قصره بالعقيق وخرج من المدينة لما رأى من تغير أحوال أهلها ومات هناك (رحمه الله) وخبره هذا عجيب قد ذكرناه من طرق في آخر كتاب جامع بيان العلم وفضله. 506- مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد هكذا قال يحيى بن يحيى واقد بن سعد بن معاذ ينسبه إلى جده وغيره من رواة الموطأ وغيرهم يقولون واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وهو الصواب وما أظن يحيى قصد أن ينسبه إلى جده ولكنه سقط من كتابه بن عمرو والله أعلم وقد ذكرنا نسبه وخبره في التمهيد وذكرنا جده سعد بن معاذ في كتاب الصحابة وذكرنا مسعود بن الحكم هناك أيضا لأنه ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرنا نافع بن جبير بن مطعم مثله في التمهيد والحمد لله وهذا الحديث ناسخ لما كان في أول الإسلام من قيام النبي صلى الله عليه وسلم للجنائز إذا مرت به وللقيام فيها إذا اتبعها حتى توضع بالأرض للصلاة عليها والقيام على قبرها حتى تدفن والله أعلم لأن قول علي (رضي الله عنه) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الجنائز ثم جلس قول عام يحتمل جميع ما ذكرنا حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع قال الحميدي وهذا منسوخ وقد رواه معمر وغيره عن الزهري بإسناد هذا مثله ورواه أيوب عن نافع عن بن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وروى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع وروى في القيام إلى الجنازة عبد الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت وأخوه يزيد بن ثابت وقيس بن سهل وسعد بن حنيف كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ذلك في التمهيد وقد روى جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد فمر حبر من اليهود فقال هكذا نفعل فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال اجلسوا خالفوهم وهذا في معنى حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نسخ القيام بالجلوس وروى أبو معمر عبد الله بن سخبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتشبه بأهل الكتاب فيما لم ينزل فيه وحي وكان يقوم للجنازة فلما نهي انتهى وفي رواية أخرى عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة أيضا عن علي (رضي الله عنه) أنهم كانوا عنده فمرت بهم جنازة فقاموا لها فقال علي ما هذا فقالوا أمر أبي موسى فقال إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة ثم لم يعد واختلف العلماء في هذا الباب فممن روي عنه أنه قال بالأحاديث المتواترة التي رواها من ذكرنا من الصحابة وذكرنا أنها منسوخة وقالوا لا يجلس من اتبع جنازة حتى توضع عن أعناق الرجال أبو هريرة والمسور بن مخرمة وبن عمر وبن الزبير وأبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي وبن سيرين وإلى ذلك ذهب الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وبه قال محمد بن الحسن. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق من قام لها فلا يعبه ومن قعد فأرجو أن لا يأثم وجاءت الرواية عن أبي مسعود البدري وأبي سعيد الخدري وسهل بن حنيف وقيس بن سعد أنهم كانوا يقومون للجنازة إذا مرت وروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس أن القيام في الجنائز كان قبل الجلوس فبان بهذا أنهما رضي الله عنهما قد علما في ذلك الناسخ والمنسوخ وليس من علم شيئا كمن جهله فالصواب في هذا الباب إلى ما قاله علي وبن عباس فقد حفظا الوجهين جميعا وعرفا الناس أن الجلوس كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد القيام وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ومالك بن أنس والشافعي. وقال الشافعي القيام لها منسوخ حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان قالا حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين أن جنازة مرت بعبد الله بن عباس والحسن بن علي فقعد بن عباس فقام الحسن وقعد بن عباس فقال الحسن أليس قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي فقال بن عباس بلى ثم جلس بعد وذكر عبد الرزاق عن معمر عن هشام عن أبيه أنه كان يعيب من قام إلى الميت وينكر ذلك عليه واختلفوا أيضا في القيام على القبر بعد أن توضع الجنازة في اللحد فكره ذلك قوم وعمل به آخرون. 507- ذكر مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول كنا نشهد الجنائز فما يجلس آخر الناس حتى يؤذنوا وهذا عندي ممكن أن لا يدخل في المنسوخ لأن النسخ إنما جاء في القيام للجنازة عند رؤيتها وإذا شيعت حتى توضع وقد قال بهذا قوم من أهل العلم وقال منهم قائلون نسخ القيام كله في الجنازة على ما قدمنا ذكره والقول الأول عندي أولى لأن عليا (رضي الله عنه) روى النسخ ثم قد روي عنه أنه قام على قبر بن المكفف فقيل له ألا تجلس يا أمير المؤمنين فقال قليل لأخينا القيام على قبره وقد ذكرنا هذا الخبر من طرق بإسناده في التمهيد وفيه دليل على أن النسخ عند علي وهو الذي رواه لم يدخل فيه القيام على القبر ومن شهد الخبر وعلم مخرجه أولى أن يسلم له وقال سعيد بن جبير رأيت بن عمر قام على قبر وقال يستحب إذا أنس من الرجل الخير أن يفعل به ذلك وعن ميمون بن مهران أنه وقف على قبر فقيل له أواجب هذا فقال لا ولكن هؤلاء أهل بيت هذا لهم مني قليل ومن حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على قبر حتى دفن ومن حديث عثمان بن عفان (رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل وكان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى تبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار ولا تبكي وتبكي من هذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القبر أول منازل الآخرة فمن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه وقد ذكرنا أسانيد هذه الأخبار في التمهيد والحمد لله. 508- مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويضطجع عليها قال أبو عمر الآثار مروية من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن القعود على القبور من حديث عقبة بن عامر وجابر وأبي هريرة وغيرهم ومن الرواة لها من يوقف حديث عقبة وحديث أبي هريرة ويجعله من حديثهما. وأما حديث جابر فذكر عبد الرزاق قال حدثنا بن جريج قال أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقعد الرجل على القبر ويقصص أو يبني عليه وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقعد عليها يعني القبور وعن بن مسعود لأن أطأ على جمرة حتى تطفأ أحب إلي من أن أقعد على قبر وعن أبي بكرة مثله سواء وعن أبي هريرة قال لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق رداءه ثم قميصه ثم إزاره حتى تخلص إلى جلده أحب إلي من أن يجلس على قبر وهذا الجلوس يحتمل أن يكون لحاجة الإنسان كما قال مالك ومن تبعه على ذلك وروى الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أن عقبة بن عامر قال لأن أطأ على جمرة أو على حد سيف حتى يخطف رجلي أحب إلى من أن أمشي على مسلم وما أبالي في القبور قضيت حاجتي أو في السوق والناس ينظرون وعن الحسن وبن سيرين ومكحول كراهية المشي على القبور والقعود عليها. وقال مالك (رحمه الله) وإنما نهي عن القعود على القبور فيما نرى للمذاهب يريد حاجة الإنسان وحجته أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور ويضطجع عليها وإذا جاز ذلك جاز المشي والقعود فلم يبق إلا أن ذلك لحاجة الإنسان والله أعلم وهو قول زيد بن ثابت وعلى ذلك حديث عقبة بن عامر ما أبالي قضيت حاجتي على القبور أو في السوق والناس ينظرون لأن الموتى يجب الاستحياء منهم كما يجب من الأحياء والله أعلم وكذلك جاءت السنة المتواترة النقل بالسلام على القبور عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من أصحابه والتابعين ولا أعلم أحدا إلا وهو مجيز ذلك من فقهاء المسلمين إلا شيء روي عن حماد بن أبي سليمان لا وجه له وروى أبو أمامة بن سهل بن حنيف أن زيد بن ثابت قال له هلم يا بن أخي إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر لحدث بول أو غائط وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن فضيل عن مجاهد قال لا تخل وسط مقبرة ولا تبل فيها وعلى هذا معنى الآثار المروية في الكراسة في هذا الباب والله أعلم مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول كنا نشهد الجنائز فما يجلس آخر الناس حتى يؤذنوا قد مضى القول في معنى الحديث فيما تقدم من هذا الباب وأبو بكر هذا لا يوقف له على اسم وقد رواه عنه كما رواه مالك بن المبارك إلا أنه قال فيه فما ينصرف الناس حتى يؤذنوا وهذه مسألة اختلف العلماء فيها قديما فيروى عن عمر وعلي وأبي هريرة والمسور بن مخرمة وإبراهيم النخعي أنهم كانوا لا ينصرفون حتى يؤذن لهم أو يستأذنوا وروي عن بن مسعود وزيد بن ثابت وعروة وبن الزبير والقاسم بن محمد والحسن وقتادة وعمر بن عبد العزيز أنهم كانوا ينصرفون إذا وريت الجنازة ولا يستأذنون هذا معنى ما روي عنهم (رحمهم الله) وهو الصواب إن شاء الله للحديث المرفوع من شيع جنازة كان له قيراط من الأجر ومن قعد حتى تدفن كان له قيراطان وهو قول مالك والشافعي وأكثر العلماء. وأما رواية مالك فما يجلس الناس حتى يؤذنوا فقد ذكرنا القيام على القبر وما جاء عن العلماء في ذلك وروينا ذلك أيضا عن علي وعلقمة وعبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد أنهم كانوا يقومون على القبور ويجيزون القيام عليها حتى تدفن وروينا كراهية القيام على القبر عن أبي قلابة والشعبي وإبراهيم النخعي والقول الأول أولى لأنه أعلى ما روي في ذلك واتباع الصحابة أوقع وأصوب من اتباع من بعدهم ولو علم الذين جاء عنهم خلافهم فعلهم ما خالفوهم إن شاء الله. فيه لمالك حديثه عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك على حسب ما في الموطأ. 509- عن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل جابر يسكتهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا يا رسول الله وما الوجوب قال إذا مات فقالت ابنته والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا فإنك كنت قد قضيت جهازك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته وما تعدون الشهادة قالوا القتل في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله المطعون شهيد والغرق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد والمبطون شهيد والحرق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيد ولم يختلف الرواة للموطأ فيما علمت في إسناد هذا الحديث ولا في متنه إلا أن غير مالك يقول فيه دعهن يبكين ما دام عندهن وفي حديث مالك من الفقه معان حسنة منها عيادة الفضلاء من الخلفاء وغيرهم المرضى تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي فضل عيادة المرضى أحاديث كثيرة حسان وهي سنة مسنونة مندوب إليها لا خلاف عن العلماء فيها وفيه جواز مناداة العليل ليجيب عن حاله فإن لم يقدر على الاجابة فلا بأس بالاسترجاع عليه حينئذ وإن كان يسمع بدليل هذا الحديث والاسترجاع على المصيبة سنة قال الله عز وجل (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) [البقرة 156]. وفيه تكنية الرئيس الكبير لمن دونه ألا ترى قوله عليه السلام غلبنا عليك يا أبا الربيع ولم يستكبر عن ذلك من الخلفاء والأمراء إلا من حرم التقوى وفيه إباحة البكاء على المريض بالصياح وغير الصياح عند حضور وفاته ألا ترى إلى قوله فصاح النسوة وبكين فجعل جابر يسكتهن وتسكيت جابر لهن والله أعلم لأنه كان قد سمع النهي عن البكاء على الموتى فاستعمل ذلك على عمومه حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن يبكين حتى يموت فإذا مات فلا تبكين باكية وهذا معنى قوله فإذا أوجب فلا تبكين باكية يريد لا ترفع صوتها بالبكاء باكية وذلك مفسر في الحديث وهذا دليل على جواز البكاء على الموتى في تلك الحال وإن النهي عن البكاء عليهم هذا معناه والله أعلم حدثنا سعيد قال حدثنا قاسم قال حدثنا محمد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثني إسرائيل عن عبد الله بن عيسى عن جابر بن عتيك عن عمه قال دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم على ميت من الأنصار وأهله يبكون عليه فقلت أتبكون عليه وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعهن ما دام عندهن فإذا وجب فلا يبكين وقوله عليه السلام فإذا وجب فلا تبكين باكية يعني بالوجوب الموت فإن المعنى والله أعلم أن الصياح والنياح لا يجوز شيء منه بعد الموت. وأما دمع العين وحزن القلب فالسنة ثابتة بإباحته وعليه جماعة العلماء بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراهيم ابنه وقال إنها رحمة من حديث جابر وحديث أنس وبكى على زينب ابنته فقيل له تبكي فقال إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده من حديث أسامة بن زيد وروى أبو إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي عن أبي مسعود الأنصاري وثابت بن زيد وقرظة بن كعب قالوا رخص لنا في البكاء على الميت من غير نوح وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النوح من حديث عمر وحديث علي وحديث المغيرة وحديث أم عطية وحديث أم سلمة وحديث أبي مالك الأشعري وحديث أبي هريرة وغيرهم وأجمع العلماء على أن النياحة لا تجوز للرجال ولا للنساء ورخص الجمهور في بكاء العين في كل وقت وجاء في حديث بن عمر لكن حمزة لا بواكي له وروى هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سلمة بن الأزرق عن أبي هريرة قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة يبكي عليها وأنا معه وعمر بن الخطاب فانتهر اللاتي يبكين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن يا بن الخطاب فإن النفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب وفيه أن المتجهز للغزو إذا حيل بينه وبينه يكتب له أجر الغازي ويقع أجره على قدر نيته والآثار بهذا المعنى متواترة صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم منها من كانت له صلاة بالليل فغلبه عليها نوم كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة ومنها حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة تبوك أو غيرها لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه قالوا يا رسول الله كيف يكونون معنا وهم بالمدينة قال حبسهم العذر وقد زدنا هذا المعنى بيانا بالآثار في كتاب الصلاة والحمد لله وفيه طرح العالم على المتعلم لقوله وما تعدون الشهادة ثم أجابهم بخلاف ما عندهم وقال لهم الشهداء سبعة سوى القتيل في سبيل الله ثم ذكرهم. وأما قوله المطعون شهيد فهو الذي يموت في الطاعون وقد جاء تفسير الطاعون في حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فناء أمتي بالطعن والطاعون قالت أما الطعن فقد عرفناه فما الطاعون قال غدة كغدة البعير تخرج في المراق والأباط من مات منه مات شهيدا وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده في التمهيد وذكرنا هناك ما كان في معناه من الأحاديث المرفوعة والحمد لله. وأما المبطون فقيل المحبوق وقيل صاحب انخراق البطن بالإسهال. وأما الغرق فمعروف وهو الذي يموت في الماء وذات الجنب قيل هي الشوصة وقيل إنها في الجانب الآخر من موضع الشوصة وذلك معروف أنها تكون منها المنية في الأغلب وصاحبها شهيد على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض الآثار المجنوب شهيد يريد صاحب ذات الجنب يقال له رجل جنب (بكسر النون وفتح الجيم) إذا كانت به ذات الجنب. وأما الحرق فالذي يموت في النار محترقا من النار والذي يموت تحت الهدم لا يحتاج إلى تفسير. وأما قوله المرأة تموت بجمع شهيد ففيه قولان لكل واحد منهما وجهان أحدهما المرأة تموت من الولادة وولدها في بطنها قد تم خلقه وقد ذكرنا الشواهد بذلك في التمهيد وقيل إذا ماتت من النفاس فهي شهيدة سواء ألقت ولدها أو مات وهو في بطنها والقول الآخر هي المرأة تموت قبل أن تحيض وتطمث وقيل بل هي المرأة تموت عذراء لم يمسها الرجال والقول الأول أشهر في اللغة وأكثر عند العلماء وفي جمع لغتان الضم والكسر في العذراء والنفساء معا قيل تموت بجمع وشواهد ذلك في التمهيد أيضا وقد ذكرنا في الشهادة والشهداء آثارا كثيرة في التمهيد فيها بيان وشفاء والحمد لله وفي هذا الباب أيضا. 510- مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول (وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي) فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودية يبكي عليها أهلها فقال إنكم لتبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال منهم قائلون معناه أن يوصي بذلك الميت فيعذب حينئذ بفعل نفسه لا بفعل غيره وقال آخرون معناه أن يمدح الميت في ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية أو نحوه من الفتكات والغدرات والغارات والقدرة على الظلم وشبه ذلك من الأفعال التي هي عند الله ذنوب فهم يبكونه لفقدها ويمدحونه بها وهو يعذب من أجلها وقال آخرون في هذا الحديث وفي مثله النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود ونوع هذا من أنواع النياحة. وأما بكاء العين فلا وذهبت عائشة (رضي الله عنها) إلى أن أحدا لا يعذب بفعل غيره وهو الأمر المجتمع عليه لقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [الأنعام 164]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لآبي رمثة في ابنه إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك وقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر والمغيرة بن شعبة وغيرهم أنه قال يعذب الميت بما نيح عليه وقد ذكرنا الآثار بذلك من طرق شتى في التمهيد ومعناه النهي عن النياحة على الموتى وكل حديث أتى فيه ذكر البكاء فالمراد به النياحة عند جماعة العلماء إلا أن الله تعالى يقول (أضحك وأبكى ) [النجم 43]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وقال لعمر إذ نهى النساء عن البكاء دعهن يا عمر فإن النفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النياحة ولعن النائحة والمستمعة ونهى عن شق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية وقال ليس منا من حلق ولا من سلق ولا من خرق وقال ثلاث من أفعال الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة على الموتى والاستسقاء بالأنواء وكل ذلك بالأسانيد مذكور في التمهيد قال الشافعي (رحمه الله) أرخص في البكاء على الميت بلا ندب ولا نياحة لما في النياحة من تجديد الحزن ومنع الصبر وعظيم الإثم قال وما ذهبت إليه عائشة (رضي الله عنها) أشبه بدلائل الكتاب ثم تلا (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [الأنعام 164]. وذكر حديث أبي رمثة قال وما زيد في عذاب الكافر فباستيجابه لا بذنب غيره وقول الشافعي في تصويب عائشة في إنكارها على بن عمر هو تحصيل مذهب مالك وما دل عليه الموطأ لأنه ذكر فيه حديث عائشة ولم يذكر فيه خلافه فمذهب مالك والشافعي في معنى هذا الباب سواء وقال آخرون منهم داود بن علي وأصحابه ما روي عن عمر وبن عمر والمغيرة وعمران بن حصين وغيرهم في هذا الباب أولى من حديث عائشة وقولها قالوا ولا يجوز أن ترد رواية العدل الثقة بمثل هذا من الاعتراض وذكروا نحو ما ذكرنا من الأحاديث في النياحة ولطم الخدود وشق الجيوب وقالوا قال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) [التحريم 60]. وقال (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه 132]. قالوا فواجب على كل مسلم أن يعلم أهله ما بهم الحاجة إليه من أمر دينهم وينهاهم عما لا يحل لهم قالوا فإذا علم المسلم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النياحة على الميت من الكراهة والنهي عنها والتجديد فيها ولم ينه عن ذلك أهله ونيح عليه عند موته وعلى قبره فإنما يعذب بما نيح عليه بفعله لأنه لم يفعل ما أمر به ولا نهاهم عما نهي عنه فإذا عذب على ذلك عذب بفعل نفسه لا بفعل غيره وقال المزني بلغهم أنهم كانوا يوصون بالبكاء عليهم أو بالنياحة وهي معصية ومن أمر بها ففعلت بعده كانت له ذنبا فيجوز أن يجازى بذنبه ذلك عذابا والله أعلم وقد حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا زهير عن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الميت يعذب ببكاء الحي عليه إذا قالت النائحة واعضداه واناصراه واكاسياه جيء بالميت وقيل له أنت عضدها أنت ناصرها أنت كاسيها فقلت سبحان الله يقول الله تبارك وتعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [الأنعام 164]. فقال ويحك أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا فأينا كذب والله ما كذبت على أبي موسى ولا كذب أبو موسى على النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر هذا كله في النياحة والصراخ والصياح والصحيح الأولى بكاء النفس ودمع العين وعلى هذا تهذيب آثار هذا الباب والله الموفق للصواب.
|