الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
2550- أََعْطِنِي حَظيَّ مِنْ شُوَايَةَ الرَّضْفِ قَال يونس: هذا مثل قَالته امرَأة كانت غريرة، وكان لها زوج يكرمها في المطعم والملبس، وكانت قد أوتيت حظاً من جمال فَحُسِدتْ على ذلك، فابتدرت لها امرَأة لتَشِينها، فسألتها عن صنيع زوجها، فأخبرتها بإحسانه إليها، فلما سمعت ذلك قَالت، وما إحسانه، وقد منعك حظك من شُواية الرضف؟ قَالت: وما شُوَاية الرضف؟ قَالَت: هي من أطيب الطعام، وقد استأثر بها عليك فاطْلُبيها منه، فأحبَّتْ قولها لغَرارَتها، وظنت أنها قد نصحت لها، فتغيرت على زوجها، فلما أتاها وجدها على غير ما كان يعهدها، فسألها ما بالها، قَالت: يا ابن عمِّ تزعم أني عليك كريمة، وأنَّ لي عندك مزية، كيف وقد حرمتني شُوَاية الرَّضْف؟ بَلِّغْنِي حظي منها فلما سمع مقَالتها عرف أنها قد دُهِيَتْ، فأصاخ وكره أن يمنعها فترى أنه إنما منعها إياها ضَنّاً بها، فَقَال: نعم وكرامة، أنا فاعل الليلة إذا راح الرعاء، فلما راحوا وَفَرَغُوا من مهنهم وَرَضَفُوا غَبُوقهم دعاها فاحتمل منها رضفة فوضعها في كفها، وقد كانت التي أوردتها قَالت لها: إنك ستجدين لها سخنا في بطن كفك فلا تطرحيها فتفسد، ولكن عَاقِبِي بين كفيك ولسانك، فلما وضعها في كفها أحرقتها فلم تَرْمِ بها، فاستعانت بكفها الآخَرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فمجلت يديها، ونفطت لسانها، وخاب مطلبها، فَقَالت: قد كان عِيِّ وشِيِّ يَصْريِني عن شر، فذهبت مَثَلاً. يضرب في الذرابة على العاثر الذي يتكلَّفُ ما قد كُفِيَ قَال: وقولها " أََعطِنِي حظي من شُوَاية الرَّضْف" يضرب للذي يسمو إلى ما لاحظ له فيه هذا ما حكاه يونس عن أبي عمرو، وكذلك في أمثال شمر. [ص 37] قلت: قولها "شُوَاية الرَّضْف" الشُّوَاية بالضم: الشَيء الصغير من الكبير كالقطعة من الشاة، يُقَال: ما بقي من الشاة إلا شُواية وشُواية الخبز: القُرص منه، وشُواية الرضف: اللبن يغلي بالرَّضْفة، فيبقى منه شَيء يسير قد انشوى على الرضْفة وقولها "قد كان عِيِّ وشِيِّى يَصْرِيني" الصَّرْي: القَطع، ومنه: هَواهُنَّ أنْ لَمْ يصره الله قَاتِلُهْ* والعى: مصدر قولهم: عَيَ بالكلام يَعْيَا عِيَّا، والشَيء: إتباع له، ويقَال "عَيِيٌّ شَيِيٌ" إتباع له، وبعضهم يقول: شَوِىّ، ويقَال: ما أَعْيَاه وما أَشْياه وما أَشْواه، أي ما أصغره، وجاء بالعى والشَي، فالعى: من بنات الياء، والشَيء: من بنات الواو وصارت الواوْ ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ومعناه جاء بالشَيء الذي يَعْيَا فيه لحقارته. ومعنى المثل قد كان عجزى مِن الكلام وسكوني يدفع عني هذا الشر، تَنْدَمُ على ما فَرَطَ منها 2551- أَعِلَّةً وَبُخْلاً قَاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تَعالى عنها حين قَالَ لها: أرخي علَىَّ مرطَك، فَقَالت: أنا حائض 2552- أعْشَبْتَ فَانْزِلْ أي أصبت حاجتك فاقنع، يُقَال: أَعْشَبَ الرجلُ، إذا وجد عُشْباً، وأَخْصَبَ إذا وجد خِصْباً. 2553- العُقُوبَةُ أَلأَمُ حَالاتِ القُدْرَةِ يعني أن العفو هو الكرم 2554- العَجَلَةُ فُرْصَةُ العَجَزَةِ يضرب في مدح التأني وذم الاستعجال 2555- العَاقِلُ مَنْ يَرى مَقَرَّ سَهْمِهه مِنْ رَمْيَتِهِ يضرب في النظر في العواقب 2556- العَيْنُ أَقْدَمُ مِنَ السِّنِّ أي أن الحديث لا يغلب القديم 2557- عِنْدَ الامْتِحَانِ يُكْرَمُ المَرْءُ أَويُهانُ 2558- عِنْدَ النَّازِلَةِ تَعْرِفُ أَخَاكَ 2559- عَلَيْهِ مِنَ الله إِصْبَع حَسنٌ أي أثر حسن، ويقَال: للراعي على ماشيته إصبع، أي أثر حسن. 2560- عَلَيْهِ وَاقِيَةٌ كَوَاقِيةَ الكِلاَبِ يضرب للئم الموقّى. [ص 38] والواقية: الوقاية، وهو في المثل مصدر أضيف إلى الفاعل، أي كما تقي الكلابُ أولادَهَا. 2561- عَلَيْكَ نَفْسَكَ أي اشتغِلْ بشأنك، وهذا يسمى إغراء ونصباً على الإغراء، وحروف الإغراء: عليك، وعندك، ودونك، وهنَّ يقمن مقام الفعل، ومعنى كلها خُذْ، ويجوز "عَلَيْكَ نفسُكَ" بالضم، إذا أَردت أن تؤكد الضمير المرفوع المستتر في النية، كأنك قلت: عليك أنت نفسُك زيداً، ويجوز "عليك نفسكَ" بالخفض، إذا أردت أن تؤكد الكاف وحده كأنك قلت: عليك نفسٍكَ زيداً 2562- عَقْراً حَلْقاً في الدعاء بالهلكة، وفي الحديث حين قيل له عليه السلام: إن صفية بنت حُيَيٍّ رضي الله تعالى عنها حائض، فَقَال: عَقْرَى حَلْقِى، ما أراها إلا حابستَنَا، قَال أبو عبيد، هو عَقْراً حلقا بالتنوين، والمحدِّثون يقولون: هو عَقْرى حَلْقَى، وأصل هذا ومعناه عَقَرَها الله وحَلَقها، وهذا كما تَقول: رَأَسْتُهُ وَعَضَدتْهُ وبَطَنْته، وقَال أبو نصر أحمد بن حاتم: يُقَال عند الأمر يعجب منه: خَمْشَى عَقْرَى حَلْقَى، كأنهُ الحلق والعَقر والخدش، وقال: ألا قَوْمي أولو عَقْرى وحَلقَى * لَمَا لاَقَتْ سَلاَمانُ بنُ غَنْمِ يعني قومي أولو نساء عقرى وحَلقى، أي قدّ عقرن وجوههن وحلَقنَ شعورهن متسلبات على أزواجهن. قُلت: عقرى وحلقى في البيت جمع عقير وحليق، يقال: عقره إذا جرحه فهو عقير: أي جريح، والجمع عَقْرَ مثل قتيل وقتلى. قَالَ الليث: يقال للمرأة عقرى حلقى، يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم بشؤمها. 2563- عَرَكَهُ عَرْكَ الأْدِيمِ و "عَرْكَ الرَّحَى بثفالها" و "عَرَكَ الصَّناع أديم غير مدهون" 2564- عَالَى بِهِ كلَّ مَرْكَب إذا كلَّفه كلَّ أمر شاق. 2565- عَسَى غَدٌ لِغَيْرِكَ يُريد عسى غدٌّ يكون لغيرك، أي لا تؤخر أسَر اليوم إلى الغد، فلعلك لا تدركه 2566- عَسَ البَرِقَ لاَ تُخْلِفُ البارقة: السحاب ذات البرق. يضرب في تَعليقْ الرجاء بالإحسان. [ص 39] 2567- عَذَرْتُ القِرْدَانَ فَمَا بَالُ الحَلَمِ القِرْدان: جمع قُرَاد، والحَلَم: جنس منه صغار، وهذا قريب من قولهم "اسْتَنَّتِ الفِصَالُ حتى القَرْعَى" 2568- عَاثّ فِيهِمْ عَيْثَ الذِّئَابِ يَلْتَبِسْنَ بِالغَنَمِ العَيث: الفساد يضرب لمن يجاوز الحد في الفساد بين القوم. 2569- أَعْرَبَ عَنْ ضَمِيِرِهِ الفَارِسِيُّ يضرب لمن ما في قلبه. 2570- عِنْدَ فُلانٍ كَذِبٌَ قَليل أي هو الصدوقَ الذي لا يكذب، وإذا قَالوا "عنده صدق" فهو الكذوب 2571- عَلَيْهِ العَفَارُ والدَّبارُ وَسُوءُ الدَّارِ العَفار: التراب، والعفَر مقصور منه كالزَّمان والزَّمَن، والدَّبار: اسم من الإدبار كالعّطَاء من الإعطاء، ويجوز أن تكون الباء بدلاً من الميم فيراد به الَّدمار وهو الهلاك وسوء الدار قَال المفسرون: هو جهنم، نعوذ بالله تعالى منها 2572- عَلَيهِ العَفَاءُ وَالذِّئْبُ العَوَّاءُ العَفَاء: بالفتح والمد: التراب، قَال صفوان بن محرز: إذا دخلتُ بيتي فأكلت رغيفاً وشربت عليه ماء فعلى الدنيا العَفَاء، وقَال أبو عبيد: العَفَاء الدُّرُوس والهلاك، وأنشد لزهير يذكر دارا: تَحَمَّلَ أهْلُهَا عَنْهَا فَبَانُوا * عَلَى آثارِهَا ذَهَبَ العَفَاءُ قَال: وهذا كقولهم "عليه الدبار" إذا دعا عليه أن يدبر فلا يرجع. والذئب العَوَّاء: الكثير العُواَء. 2573- عَرَفْتُ شَوَاكِلَ ذّلِكَ الأمْر أي ما أشكل من أمرهم، قَاله عمارة بن عقيل. 2574- عَجَبٌ مِنْ أَنْ يَجِيءَ مِنْ جَحِنٍ خيْرٌ الجَحِن: القصير النبات، يعني النماء، يُقَال: جَحِن يَجْحَن فهو جَحِن، إذا كان سيء الغذاء، وأجحنه غيره؛ إذا أساء غذاءه يضرب للقصير لا يجيء منه خير. 2575- أَعَانَكَ العَوْنُ قَلِيلاً أوْأَباهُ وَالعَوْنُ لا يُعِينُ إلاَّ ما اشْتَهاهُ قَال أبو الهيثم: يعني مَنْ أعانك من غير أن يكون ولداً أوْأخاً أوْعبداً يهمه [ص 40 ] ما أهمك ويسعى معك فيما ينفعك فإنما يعينك بقدر ما يحب ويشتهى، ثم ينصرف عنك. 2576- العَجْزُ وَطِئُ يُقَال: وَطُؤ فهو وطئ بين الوَطَاءة، وفراشٌ وَطِئ: أي وَثير. يضرب لمن استوطأ مركب العجز وقعد عن طلب المكاسب والمحامد، ولمن ترك حقه مخافة الخصومة. 2577- العَجْزُ رِيبَةٌ يعني أن الإنسان إذا قَصَدَ أمراً وجدَ إليه طريقاً، فإن أقرَّ بالعجز على نفسه ففي أمره ريبة، قَال أبو الهيثم: هذا أحَقَ مثلٍ ضربته العرب. 2578- عّهْدُكَ بِالْفَالِياَتِ قَدِيمُ يضرب لما فات ويُتَعَذَّر تداركُه وأصله في الرأس يَبْعد عهدُه بالدهن والفَلْيِ 2579- عُرْفُطَةٌ تُسْقَي مِنَ الغَوادِقِ الْعُرْفُطة: شجرة من العَضَاه خَشِنةُ المس، والغَدَق: الماء الكثير، وهو في الأصل مصدر يُقَال: غَدقَتْ عين الماء، أي غَزُرت، ثم يوصف به فيقَال: ماء غَدَق، ويقَال: سحابة غَادَقَة، والغوادق: السحاب الكثير الماء يضرب للشرير يكرم ويبجل. 2580- عَوْرَاءُ جَاءَتْ وَالنَّدِىُّ مُقْفِر العَوْراء: الكلمة الفاحشة، والنَّدِىُّ والنادي: المجلس، والمقفر: الخالي. يضرب لمن يؤذي جليسه بكلامه وتعظمه عليه من غير استحقاق. 2581- عَرْجَلَةٌ تَعْتَقِلُ الرَّمَاحَ العَرْجَلَة: الرَّجَّالة في الحرب، والاعتقَال: أن يُمْسِكَ الفارسُ رمحه بين جنب الفرس وفخذه. يضرب لمن يخبر عن نفسه بما ليس في وُسْعِه. 2582- أُعْتُوبَةٌ بَيْنَ ظِمَاءٍ جُوَّعِ يُقَال: بينهم أُعْتُوبة يتعاتَبُون بها، أي إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب. يضرب لقوم فقراء أذلاء يفتخرون بما لا يملكون. 2583- عَارِيَةُ الفَرْجِ وَبَتٌ مُطَّرَحٌ البَتُّ: كِساء غليظ النسج، ويقَال: هو طيلسان من خز. يضرب لمن رضي بالتقشف وهو قادر على ضده. أي هي عارية الفرج وعندها بَتٌ مطروح، ويحتمل أن يعني به أنها تتجمل وقد عجزت عما يستر عورتها. [ص 41] 2584- عَشيِرَةٌ رِفَاغها تُوَسَّعُ يعني أن أفْنِية العشيرة أوسَعُ وأحمل لجناياته يضرب لمن يرجع بجنايته إلى العشيرة ويؤذيهم بالقول والفعل. 2585- عَيْنٌ بِذَاتِ الْحَبَقَاتِ تَدْمَعُ العين: عين الماء، والحَبَق: بَقْل من بقول السهل والحزن، وتدمع: كناية عن قلة الماء فيها. يضرب لمن له غنى وخيره قليل، ولا ينتفع به إلا الأخسَّاء، لأنه قَال فيما بعد وارِدُهَا الذئْبُ وكّلْبٌ أبْقَعُ* 2586- عَيْشُ المُضِرِّ حُلْوُهُ مُرٌّ مَقِرٌ المضر: الذي له ضرائر، والمقِر: الشديد المرارة. يُقَال: إنه يضرب لمن كان له كَفَاف فطلب عيشا أرفع وأنفع فوقع فيما يتعبه. 2587- عَيْنُكَ عَبْرَى وَالفُؤَادُ في دّدِ الدَّد، والدَّدَن، والدَّدَاء: اللعبُ واللهو ويقَال: رجل عَبْرَان، وامرَأة عَبْرَى، أي باكية. يضرب لمن يظهر حزنا لحزنك وفي قلبه خلاف ذلك. 2588- أََعْلاَمُ أََرْضٍ جُعِلَتْ بَطَاَئِحاً الأعلام: الجبال، واحدها عَلَم، والبطائح: جمع البَطيحة، وهي الأرض المنخفضة. يضرب لأشراف قوم صاروا وضُعَاء، ولمن كان حقه أن يشكر فكفر. 2589- عَافِيكُمْ في القِدْرِ ماءٌ أَكْدَرُ العافي: ما يبقى في أسفل القدر لصاحبها وقَال: إذا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتعِيرُهَا* وماء كدر وأكدر: في لونه كُدْرَة، يضرب لمن أحسن إليه فأساء المكافأةَ 2590- عُرَاضَةٌ تُورِى الزِّنَادَ الكائلِ العُراضة: الهدية، والزَّنْد الكائل: الكابي، يُقَال: كان الزَنْدُ يَكيل كيلا، إذا لم تخرج ناره، وإنما قيل "الزند الكائل" ولم يقل الكائلة لأن الزناد إن كان جمع زَنْد فهو على وزن الواحد مثل الكتاب والجدار، وهذا كما قَالَ امرؤ القيس: نُزُولَ اليَمَاني ذي العِياب المُحَمَّل* (صدره* وألقى بصحراء الغبيط بعاعه*) وكما قَال زهير: [مَغَانِمُ شتَّى] من إفالٍ مُزَنَّمِ* (صدره*وأصبح يحذى فيهم من تلادكم*) يضرب لمن يخدع الناس بحسن منطقه ويضرب في تأثير الرُّشَا عند إنغلاقَ المراد [ص 42] 2591- عَشَّرَ والمَوْتُ شَجَا الوَريدِ التعشير: نهيقَ الحمار عشرةَ أصواتٍ في طلقَ واحد، قَال الشاعر: لَعَمْرِي لئن عَشَّرتُ من خِيفةِ الرَّدى * نُهَاقَ الحمير إنَّني لَجَزُوعُ وذلك أنهم كانوا إذا خافوا من وَبَاء بلدٍ عَشَّروا تعشير الحمير قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أن ذلك ينفعهم، يقول: عشَّرَ هذا الرجل والموتُ شَجَا وريده، أي مما شجِىَ به وريده، يريد قرب الموت منه يضرب لمن يجزع حين لا ينفعه الجزع 2592- أَعْلَمُ بِمَنْبِتِ القَصِيصِ والمعنى: أنه عارف بموضع حاجته، والقصيص: منابت الكمأة، ولا يعلم بذلك إلا عالم بأمور النبات، وأما قولهم: 2593- أَعْلَمُ مِنْ أَينَ يُؤْكَلُ الْكَتِفُ فزعم الأَصمَعي أن العرب تقول للضعيف الرأي: إنه لا يحسن أكل لحم الكتف قلت: أورد حمزة هذين المثلين في كتاب أفعل، وهما إن كانا على أفعل فهذا الموضع أولى بهما؛ لأنهما عَرِيَا مِنْ من *3* 2594- أَعَزُّ مِنْ كلَيْبِ وَائِلٍ هو كُلَيب بن ربيعة بن الحارث بن زهير، وكان سيد ربيعةَ في زمانه، وقد بلغ من عزه أنه كان يَحْمي الكلأ فلا يُقرَبُ حِماه، ويُجِير الصيد فلا يهاج، وكان إذا مر بروضة أعجبته أوْغَدير ارتضاه كّنَّعَ كُليباً ثم رمى به هناك، فحيثُ بلغ عُواؤه كان حِمَىً لا يُرْعى، وكان اسم كليب بن ربيعة وائلا: فلما حَمَى كليبة المرْمىُّ الكلأ قيل: أعز من كليب، ثم غلب هذا الاسمُ عليه حتى ظَنُّه اسمه، وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه، ولا يَحْتَبِي أحَدٌ عنده، ولذلك قَال أخوه مهلهل بعد موته: نُبَّثْتُ أن النارَ بعدك أوقِدَتْ * واسْتَبَّ بَعْدَكَ يا كليبُ المجلِسُ وتَكلَّموا في أمْرِ كُلِّ عَظِيمَةٍ * لو كُنْتَ شاهدَهُمْ بِهَا لم يَنْسُبوا وفيه أيضاً يقول معبد بن عبد سعنة التميمي: كفعل كُلَيبٍ كنت خُبِّرْتُ انَّه * يُخَطِّطُ أكلاء المِياه وَيَمْنَعُ يُجِيرُ على أفناء بَكْرِ بن وَائِلٍ * أرانب ضاح والظباء فَتَرْتَعُ [ص 43] وكليب هذا هو الذي قتله جساس بن مرة الشيباني وقد ذكرت قصته عند قولهم "أشأم من البسوس" في باب الشين . 2595- أَعْيَا مِنْ بَاقِلٍ هو رجل من إياد، قال أبو عبيدة: باقل رجل من ربيعة، بلغ من عِيِّه أنه اشترى ظبياً بأحدَ عشَرَ درهماً، فمر بقوم فقالوا له: بكم اشتريت الظبي؟ فمد يده ودلعَ لسانه يريد أحد عشر، فَشَرَدَ الظبي وكان تحت إبطه، قال حميد الأرقط في ضَيْف له أكثر من الطعام حتى منعه ذلك من الكلام: أَتَانَا وَمَا دَاناهُ سَحْبَانُ وَائِلٍ * بَيَاناً وَعِلماً بِالَّذِي هُوَ قَائِلٌ فمَا زَالَ مِنهُ اللَّقْمُ حتى كَأَنَهُ * مِنَ الْعِيِّ لما أن تَكَلَّمَ بَاقِلُ يَقُولُ وَقَدّ أَلْقَى المَرَسِيَ لِلْقُرِى * أبن ليَ مَا الحَجَّاجُ بالناس فَاعِلُ يدلل كفاه ويحدر حلقه * إلى الْبَطْنِ ما ضُمَّتْ عليه الأَنَامِلَ فَقُلْتُ: لَعَمْرِي مَا لِهَذَا طَرَقْتَنَا * فَكُلْ وَدَعِ الإرْجَافَ مَا أَنْتَ آكِلُ 2596- أَعَزُّ مِنَ الزّبَّاءِ هي امرَأة من العماليق، وأمها من الروم وكانت ملكة الحِيرة تغزو بالجيوش، وهي التي غزت مارداً والأبلق، وهما حصانان كانا للسَّمَوأل بن عاديا اليهودي، وكان ماردا مبنيّاً من حجارة سُودٍ، والأبلقَ من حجارة سود وبيض، فاستصعبا عليها، فَقَالت: تَمَّرد مارد وعَزَّ الأبلق، فذهبت مَثَلاً، وقد تقدمت قصتها مع جَذِيمة قَبْلُ 2597- أعْيَا مِنْ يَدٍ في رَحِمٍ يضرب لمن يتحير في الأمر ولا يتوجه له قَال أبو الندى: ما في الدنيا أعيا منها؛ لأن صاحبها يَتَّقِي كل شَيء، قد دهن يده بدهن وغسلها بماء حتى تلين ولا يلتزقَ بها الرحم؛ فهو لا يكاد يمسُّ بيده شيئاً حتى يفرغ. 2598- أَعَزُّ مِنْ الأبْلَقَ العَقُوقِ يضرب لمن يعزُّ وجودُه. وذلك لأن العَقُوقَ في الإناث، ولا تكون في الذكور. قَال المفضل: إن المثل لخالد بن مالك النشهلى، قَاله للنعمان بن المنذر، وكان أسَرَ ناساً من بني مازن بن عمر بن تميم فقال: من يكفل بهؤلاء؟ فَقَال خالد: أنا، فَقَال النعمان: وبما أحدثوا؟ فَقَال خالد: نعم، وإن كان الأبلقَ العَقُوقَ، فذهبت مَثَلاً. [ص 44] يضرب في عزة الشَيء والعرب كانت تسمي الوفاء الأبلَقَ العَقُوق؛ لعزة وجوده. 2599- أَعْقَرُ مِنْ بَغْلَةٍ 2600- وأَعْقَمُ مِنْ بَغْلَةٍ 2601- أَعزُّ مِنْ بَيْضِ الأنُوقِ قَالوا: الأنوقَ الرَّخمة، وعز بيضها لأنه لا يظفر به؛ لأن أوكارها في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة، قَال الأخطل: مِنْ الجَارياتِ الحُورِ، مَطْلَبُ سِرِّهَا * كَبَيْضِ الأنُوقَ المُسْتَكِنَّةِ في الوَكْرِ 2602- أَعَزُّ مِنَ الغُرَابِ الأعْصَمِ قَال حمزة: هذا أيضاً في طريقَ الأبلقَ العقوقَ في أنه لا يُوجَد، وذلك أن الأعصم الذي تكون إحدى رجليه بيضاء، والغراب لا يكون كذلك، وفي الحديث "أن عائشة في النساء كالغُرَابِ الأعصم" 2603- أَعَزُّ مِنْ قَنُوع هو من قول الشاعر: وكُنْتَ أَعَزَّ عِزَاً مِنْ قَنُوعِ * تَرَفَّعَ عَنْ مُطالَبَةِ المَلُولِ فَصِرْتُ أذلَّ مِنْ مَعْنىً دَقِيقٍَ* بِهِ فَقْرٌ إلى ذِهْنٍ جَلِيلِ وأما قولهم: 2604- أَعَزُّ مِنَ الكِبْرِيتِ الأحمَرِ فيقَال: هو الذهب الأحمر، ويقَال: بل هو لا يوجد إلا أن يذكر، وقَال عَزَّ الوَفَاءُ - فَلاَ وَفَاءَ وإنه * لأعَزُّ وُجْدَاناً مِنْ الكِبْريتِ
|