الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
*2* 1520- رَعَى فَاقْصَبَ. يقال: قَصَبَ البعيرُ يَقْصِبُ، إذا امتنع من الشرب، و "أقْصَبَ الراعي" إذا فعلت إبلُه ذلك، أي أساء رَعْيَها فامتنعت من الشرب، وليس في قوله "رعى" ما يدل على الإساءة والتقصير، ولكن استدل بقوله "أقصب" على سوء الرَّعْي، وذلك أن الإبل امتنعت من الشرب إما لخَلاَء أجْوَافها وإما لامتلائها، وهما يدلان على إساءة الرعي. يضرب لمن لا ينصح ولا يبالغ فيما تولى حتى يَفْسُدَ الأمرُ. 1521- رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّتْ. هذا المثل لإحدى ضرائر رُهْم بنتِ الخَزْرَج امرأة سَعْد بن زيد مَنَاة رَمَتْها رُهْم بعيبٍ كان فيها، فقالت الضرة: رمتني بدائها - المثلَ، وقد ذكرتُ القصة بتمامها في باب الباء في قوله "ابْدَئِيهِنَّ بعَفَال سُبِيتِ". يضرب لمن يُعَيِّر صاحبه بعيبٍ هو فيه. [ص 287] 1522- رَماهُ بِأقْحَافِ رَأْسِهِ. أي اسكَتَه بداهية أورَدَها عليه، وإنما قيل بلفظ الجمع لأنهم أرادوا رَمَاه به مرةً بعد مرة، ويجوز أن يجمع بما حَوْله إرادةَ أن كل جزء منه قِحْفٌ، كما قالوا: غَلِيظُ المَشَافِرِ، وعظيم المَنَاكِبِ، والقِحْف: اسم لما يعلو الدماغ من الرأس، ولا يرميه به ما لم يُزِلَّهُ عن موضعه وينزعه منه، وهذا كناية عن قَتْله، فكأنه بلَغَ به في الإسكات غايةً لا وراء لها وهو القتل، والمقتول لا يتكلم. 1523- رَمَاهُ اللّهُ بِداءِ الذِّئْب. معناه أهلكه اللّه، وذلك أن الذئب لا داء له إلا الموت، ويقال: معناه رماهُ اللّه بالجوع، لأن الذئب أبدا جائع. 1524- رَمَاهُ اللّه بِثَالِثَةِ الأثافِي. قالوا: هي القطعة من الجبل يُوضَع إلى جَنْبها حَجَران ويُنْصَب عليها القِدْر. يضرب لمن رُمى بداهية عظيمة، ويضرب لمن لا يبقى من الشر شيئاً، لأن الأثْفِيَّةَ ثلاثة أحجارٍ كلُّ حجرٍ مثلُ رأس الإنسان، فإذا رماه بالثالثة فقد بلغ النهاية، كذا قاله الأزهري، قال البديع الهَمَذَاني: وَلِي جِسْمٌ كَوَاحِدَةِ المَثَانِي * له كَبدٌ كَثَالِثَةِ الأثَافِي. يريد القِطْعَةَ من الجبل. 1525- رُمِى فُلاَنٌ بِحَجَرِِه. أي بِقِرْنِهِ الذي هو مثلُه في الصلابة والصعوبة، جعل الحجر مثلا للقِرْن لأن الحجر يختلف باختلاف المَرْمِىِّ، فصغار هذا لصغار ذاك وكباره لكباره. وفي حديث صِفِّين أن معاوية لما بَعَثَ عمرو بن العاص حكَماً مع أبي موسى جاء الأحنفُ بن قَيْس إلى على كرم اللّه وجهه فقال: إنك قد رُمِيتَ بحجر الأرض، فاجعل معه ابنَ عباس، فإنه لا يَشُدُّ عقدةً إلا حَلَّها، فأراد علي أن يفعل ذلك فأبَتِ اليمانيةُ إلا أن يكون أحد الحكَمَيْنِ منهم، فعند ذلك بعث أبا موسى، ومعناه: إنك رُمِيتَ بحجرٍ لا نظير له فهو حَجَرُ الأرض في انفراده، كما تقول: فلانٌ رجُلُ الدهر، أي لا نظير له في الرجال. 1526- رُمِيَ فُلاَنٌ مِنْ فُلاَنٍ في الرَّأسِ. إذا أعرض عنه وساء رأيه فيه حتى لا ينظر إليه. قال أبو عبيد: ومنه حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه حين سَلَّم عليه زياد بن حذير فلم يردَّ عليه، فقال زياد: لقد رُمِيتُ من أمير المؤمنين في الرأس، وكان [ص 288] ذلك لهيئة رآها عليه فكرهها، وأراد زياد لقد ساء رأيُ أمير المؤمنين فيَّ، فإذا قيل "رمي فلان من فلان في الرأس" كان التقدير: رمى في رأسه منه شيء، أي ألقى في دِماغه منه وَسْوَسة حتى ساء رأيُه فيه، والألف واللام من قولهم "في الرأس" ينوبان عن الإضافة كقوله: وآنُفُنَا بَيْنَ اللِّحى وَالْحَوَاجِبِ*. 1527- رَهبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ. أي لأَنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أنْ تُرحَمَ، قال المبرد: رَهَبُوتَي خير من رَحَمُوتَي، ومثله في الكلام جَبَرُوتٌ وجَبَرُوتي. 1528- رُوَيْدَ الغَزْوَ يَنْمَرِقُ. هذه مقالة امرأة كانت تغزو، وتسمى رَقَاشِ، من بني كِنانة، فحملت من أسيرٍ لها، فذُكر لها الغَزْوُ، فقالت: رُوَيْدَ الغزو، أي أمهل الغزو، حتى يخرج الولد. يضرب في التمكث وانتظار العاقبة. ذكر المفضل أن امرأة كانت من طيء يقال لها رقاش، فكانت تغزو بهم ويَتَيَمَّنُونَ برأيها، وكانت كاهنةً لها حَزْم ورأي، فأغارت طيء وهي عليهم على إياد بن نِزَار ابن مَعَدّ يوم رحى جابر، فظفرت بهم وغنمت وسَبَتْ، فكان فيمن أصابت من إياد شاب جميل، فاتخذته خادماً، فرأت عَوْرَته فأعجبها فدَعَتْه إلى نفسها فحملت فأتِيَتْ في إبَّان الغزو، فقالوا: هذا زمانُ الغزو فاغزي إن كنت تريدين الغزو، فجعلت تقول: رويد الغزو ينمرق، فأرسلتها مثلا، ثم جاؤا لعادتهم فوجَدَوها نُفَساء مُرْضِعا قد ولَدَتْ غلاماً، فقال شاعرهم: نُبِّئْتُ أنَّ رَقَاشِ بَعْدَ شِمَاسِهَا * حَبِلَتْ وقد ولَدَتْ غلاما أكْحَلاَ فاللّه يُحْظِيهَا وَيَرْفَعُ بُضْعَهَا * واللّه يُلْقِحُهَا كشافا مقبلا كَانَتْ رَقَاشِ تقودُ جَيْشاً جَحْفَلاً * فَصَبَتْ وأحْرِ بِمَنْ صَبَا أن يَحْبَلاَ
|