الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **
وما من الله به من حمايته له أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي وأبو محمد بن عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قراءة عليهما وأنا حاضر فالأول قال أنا أبو اليمن الكندي والثاني قال أنا أبو علي بن أبي القاسم البغدادي قالا أنا محمد بن عبد الباقي قال أنا ابن حسنون قال أنا أبو القاسم السراج هو موسى بن عيسى بن عبد الله ثنا محمد بن محمد بن سليمان ثنا أبو طاهر أحمد بن عمر بن السرج ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني الليث بن سعد عن اسحق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن العباس بن عبد المطلب قال كنت يوماً في المسجد فأقبل أبو جهل فقال إن لله علي إن رأيت محمداً أن أطأ على عنقه فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت عليه فأخبرته بقول أبو جهل فخرج غضبان حتى دخل المسجد فعجل أن يدخل من الباب فاقتحم من الحائط فقلت هذا يوم شر نبشته فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ " قرأت على الإمام الزاهد أبي اسحق إبراهيم بن علي بن أحمد بسفح قاسيون أخبركم أبو البركات داود بن أحمد بن محمد البغدادي قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به قال أنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف قال أنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد بن المأمون قال أنا الشيخ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز ومحمد بن هارون الحضرمي قالا ثنا محمد بن منصور الطوسي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا عبد السلام هو ابن حرب عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزل " قرأت على أبي عبد الله محمد بن عثمان بن سلامة بدمشق أخبركم أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الأسدي قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به قال أنا جدي قال أنا القاسم بن أبي العلاء قال أنا أبو محمد بن أبي نصر قال أنا خيثمة ثنا هلال يعني ابن العلاء الرقي ثنا سعيد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد هو ابن أبي أنيسة عن أبي اسحق عن عمرو ابن ميمون الأودي ثنا عبد الله بن مسعود قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام ورفقة من المشركين من قريش ونبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد نحر قبل ذلك جزور وقد بقي فرثه وقذره فقال أبو جهل ألا رجل يقوم إلى هذا القذر يلقيه على محمد ونبي الله صلى الله عليه وسلم ساجد إذ انبعث أشقاها فقام ألقاها عليه قال عبد الله فهبنا أن نلقيه حتى جاءت فاطمة رضي الله عنها فألقته عنه فقام فسمعته يقول وهو قائم يصلي اللهم اشدد وطأتك على مضر سنين كسني يوسف عليك بأبي الحكم بن هشام - وهو أبو جهل - وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وعقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف ورجل آخر ثم قال رأيتهم من العام المقبل صرعى بالطوى طوى بدر صرعى بالقليب. وأخبرنا ابن الواسطي فيما قرأت عليه قال أنا ابن ملاعب قال أنا الأرموي قال أنا ابن المأمون ثنا الدارقطني ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن صالح الأزدي ثنا الزبير بن بكار قال حدثني أبو يحيى هارون بن بكر بن عبد الله الزهري عن عبد الله بن سلمة عن عبد الله بن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده عن عروة بن الزبير قال حدثني عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه عثمان بن عفان قال أكثر ما نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيت يوماً قال عمرو فرأيت عيني عثمان بن عفان زرفتا من تذكر ذلك قال عثمان بن عفان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويده في يد أبي بكر وفي الحجر ثلاثة نفر جلوس عقبة بن أبي معيط وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حاذاهم أسمعوه بعض ما يكره فعرف ذلك في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فدنوت منه حتى وسطته فكان بيني وبين أبي بكر وأدخل أصابعه في أصابعي حتى طفنا جميعاً فلما حاذاهم قال أبو جهل والله ما نصالحك ما بل بحر صوفة وأنت تنهي أن نعبد ما يعبد آباؤنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى ذلك ثم مضى عنهم فصنعوا به في الشوط الثالث مثل ذلك حتى إذا كان في الشوط الرابع ناهضوه ووثب أبو جهل يريد أن يأخذ بمجامع ثوبه فدفعت في صدره فوقع على استه ودفع أبو بكر أمية بن خلف ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط ثم انفرجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف ثم قال أما والله لا تنتهون حتى يحل بكم عقابه عاجلاً قال عثمان فوالله ما منهم رجل إلا أخذه أفكل وهو يرتعد فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بئس القوم أنتم لنبيكم ثم انصرف إلى بيته وتبعناه خلفه حتى انتهى إلى باب بيته ووقف على السدة ثم أقبل علينا بوجهه فقال أبشروا فإن الله عز وجل مظهر دينه ومتمم كلمته وناصر نبيه إن هؤلاء الذين ترون مما يذبح الله بأيديكم عاجلاً ثم انصرفنا إلى بيوتنا فوالله لقد رأيتم قد ذبحهم الله بأيدينا. ومن ذلك خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: روينا عن ابن اسحق قال حدثني رجل من أسلم وكان واعية أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحاً سيفه راجعاً من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي قريش إلا وقف وتحدث معهم وكان أعز فتى في قريش وأشده شكيمة فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفاً من أبي الحكم بن هشام وجده هاهنا جالساً فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى ولم يقف على أحد معداً لأبي جهل إذا لقيه أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه فأنا على دينه أقول ما يقول فرد على ذلك إن استطعت فقامت رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيك سباً قبيحاً. وتم حمزة على إسلامه وعلى ما تبايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. وروينا عن ابن اسحق قال حدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي قال حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيداً قال يوماً وهو جالس في نادي قريش والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثرون ويزيدون فقالوا بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السلطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت بهم جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد أسمع قال يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له حتى إذا فرغ منه عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه قال قد أفرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فاسمع مني قال افعل قال " بسم الله الرحمن الرحيم وروينا عن الطبراني ثنا القاسم بن عياش بن حماد أبو محمد الجهني الحذاء الموصلي ثنا محمد بن موسى الحرشي ثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى الخراز ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أن قريشاً دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء فقالوا هذا لك عندنا يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح قال ما هي قالوا تعبد آلهتنا سنة اللات والعزى ونعبد إلهك سنة قال حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي من عند الله عز وجل من اللوح المحفوظ " وروينا من طريق الترمذي ثنا عبد بن حميد قال أنا عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن ابن عباس " قال ثنا أبو سعد الأشج ثنا أبو خالد عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال ألم أنهك عن هذا ألم أنهك عن هذا فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فزبره فقال أبو جهل إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله تعالى " وروينا عن ابن عباس من طريق محمد بن اسحق اجتماع قريش وعرضهم على النبي صلى الله عليه وسلم ما عرضوا عليه من الأموال وغير ذلك وقوله عليه السلام ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل علي كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقالوا له فسل ربك أن يسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط علينا بلادنا وليخرق فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عن ما تقول أحق هو أم باطل. وفيه وقالوا له سل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك ما تقول ويراجعنا عنك واسأله فليجعل لنا جناناً وقصوراً وكنوزاً من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش وذكر قولهم فأسقط السماء علينا كسفاً كما زعمت أن ربك إن شاء الله يفعل وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً وقال أنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا الرجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لن نؤمن بالرحمن أبداً فلما قالوا له ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ومعه عبد الله بن أبي أمية المخزومي وهو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال والله لا نؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك بملك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك كما تقول وأيم الله إن لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك. وقال أبو جهل يا معشر قريش إني أعاهد الله لأجلسن له غداً بحجر ما أطيق حمله أو كما قال فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه فأسلموني عند ذلك أو امنعوني فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم قالوا والله لا نسلمك لشيء أبداً فامض لما تريد فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقع لونه مرعوباً قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده وقامت إليه رجال قريش فقالوا مالك يا أبا الحكم قال قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه فحل قط فهم بي أن يأكلني. قال ابن اسحق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جبريل لو دنا لأخذه. وذكر في الخبر بعث قريش النضر بن الحارث بن كلدة وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا بهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة وسألا أحبار يهود فقالت لهما سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو وإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي وإن لم يفعل فهو رجل متقول فأقبل النضر وعقبة فقالا قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون فقال عليه السلام أخبركم غداً ولم يستثن فانصرفوا ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحياً ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غداً واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه حتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف قال ابن اسحق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد احتبست عني يا جبريل فقال " قال وحدثت عن ابن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالت أحبار يهود يا محمد أرأيت قولك " فقال أبو جهل يوماً وهو يهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد إنما جنود الله الذين يعذبونكم في النار ويحبسونكم فيها تسعة عشر وأنتم الناس كثر وعدداً أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم فأنزل الله عز وجل في ذلك قوله " وروى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس إنما نزلت هذه الآية " ولقي السلمون من كفار قريش وحلفائهم من الأذى والعذاب والبلاء عظيماً ورزقهم الله من الصبر على ذلك عظيماً ليدخر لهم ذلك في الآخرة ويرفع به درجاتهم في الجنة. والإسلام في كل ذلك يفشوا في ذلك ويظهر في الرجال والنساء. وأسلم الوليد بن الوليد بن المغيرة وسلمة بن هشام أخو أبي جهل وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وجماعة أراد الله هداهم. وأسرف بنو جمح على بلال بالأذى والعذاب فاشتراه أبو بكر الصديق منهم واشترى أمه حمامة فأعتقها وأعتق عامر بن فهيرة. وروى أن أبا قحافة قال لابنه أبي بكر يا بني أراك تعتق قوماً ضعفاء فلو أعتقت قوماً جلداء يمنعوك فقال يا أبت إني أريد ما أريد فقيل فيه نزلت " وذكر الزهري أنا أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد أن لا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم ذهب حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد فقال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها قال الأخنس وأنا الذي حلفت به ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد قال ماذا سمعت تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجازينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه وذكر ابن اسحق حديث الأراشي الذي ابتاع منه أبو جهل الإبل ومطله بأثمانها ودلالة قريش إياه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينصفه من أبي جهل استهزاء لما يعلمون من العداوة بينهما قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه فقال من هذا فقال محمد فخرج إليه وما في وجهه من رائحة قد انتقع لونه فقال أعط هذا حقه قال نعم لا تبرح حتى أعطيه الذي له فدفعه إليه فذكر لهم الأراشي ذلك فقالوا لأبي جهل ويلك ما رأينا مثل ما صنعت قال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب على بابي وسمعت صوته فملئت رعباً ثم خرجت إليه وأن فوق رأسه لفحلاً من الإبل وما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط والله لو أبيت لأكلني. وذكر الواقدي عن يزيد بن رومان قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد معه رجال من أصحابه أقبل رجل من بني زبيد يقول يا معشر قريش كيف تدخل عليكم المادة أو يجلب إليكم جلب أو يحل تاجر بساحتكم وأنتم تظلمون من دخل عليكم في حرمكم يقف على الحلق حلقة حلقة حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ظلمك فذكر أنه قدم بثلاثة أجمال كانت خيرة إبله فسامه بها أبو جهل ثلث أثمانها ثم لم يسمه به لأجله سائم قال فأكسد علي سلعتي وظلمني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأين أجمالك قال هي هذه بالجزورة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم معه وقام أصحابه فنظر إلى الجمل فرأى جمالاً فرهاً فساوم الزبيدي حتى ألحقه برضاه فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع جملين منها بالثمن وأفضل بعيراً باعه وأعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه وأبو جهل جالس في ناحية من السوق لا يتكلم ثم أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابي فترى مني ما تكره فجعل يقول لا أعود يا محمد لا أعود يا محمد فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عليه أمية بن خلف ومن حضر من القوم فقالوا ذللت في يدي محمد فإما أن تكون تريد أن تتبعه وإما رعب دخلك منه قال لا أتبعه أبداً إن الذي رأيتم مني لما رأيت معه لقد رأيت رجالاً عن يمينه وشماله معهم رماح يشرعونها إلي لو خالفته لكانت إياها أي لأتوا على نفسي. قال أبو عمر وكان المستهزئون الذين قال الله فيهم "
|