الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
فاجتمعوا وجاؤا إلى قومهم وفرت أحياء زغبة واجتمع بنو عبيد الله وإخوانهم من ذوي منصور وذوي حسان وارتفع أمر البكرات من زغبة لهذا العهد ثم حدث بين يغمراسن وبينهم فتنة هلك فيها عمر بن مهدي وابن حلوا وانزلوهم عن التلول والأرياف من بلاد عبد الواد إلى القفر المحاذي لأوطان بني توجين على المهادنة والمصاهرة فصاروا لهم حلفاء على بني عبد الواد ومن عجز منهم عن الظعن نزل ببسائط البطحاء وسارت بطونهم كلها من شبابة ومجاهر وغفير وشافع ومالف وبو رحمة وبو كامل ونزل محيسن بن عمارة وأخوه سويد بضواحي وهران فوضعت عليهم الأتاوات والمغارم وصاروا من عداد الرعايا أهل الجباية وولي عثمان بن عمر أمر الظعون من سويد ثم هلك وقام بأمره ابنه ميمون وغلب عليه أخوه سعيد واستبد وكان بين سويد وبين بني عامر بن زغبة فتنة اتصلت على الأيام وثقلت وطأة الدولة الزيانية عليهم وزحف يوسف بن يعقوب إلى منازلة تلمسان وطال مقامه عليها فوفد عليه سعيد بن عثمان بن عمر بن مهدي شيخهم لعهده فأتى مجلسه وأكرم وادته ثم أجمع قتله ففر ولحق وأجلب على أطراف التلول وملك السرسو قبلة بلاد توجين ونزعت إليه طائفة من عكرمة بني يزيد وعجزوا عن الظعن وأنزلهم بجبل كريكرة قبلة السرسو ووضع عليهم الأتاوة ولم يزل كذلك إلى أن هلك يوسف بن يعقوب واتصل سلطان آل يغمراسن.ولما ولي أبو تاشفين بن موسى بن عثمان بن يغمراسن استخلص عريف بن يحيى لديه صحابة كانت له معه قبل الملك ثم آسفه ببعض النزعات الملوكية وكان هلال مولاه المستولي عليه يغص بما كان عريف منه فنزع عريف بن يحيى إلى بني مرين ملوك المغرب الأقصى ونزل على السلطان أبي سعيد منهم سنة عشرين وسبعمائة واعتقل أبو تاشفين عمه سعيد بن عثمان إلى أن هلك في محبسه قبيل فتح تلمسان ولحق أخوه ميمون بن عثمان وولده بملك المغرب وأنزل عريف بن يحيى من سلطان بني مرين أكرم نزل وأدنى مجلسه وأكرم مثواه ثم اتخذه ابنه السلطان أبو الحسن من بعده بطانة لشواره ونجيا لخلواته ولم يزل يحرضهم على آل زيان بتلمسان ونفس ميمون بن عثمان وولده عريف رتبته عند السلطان أبي الحسن فنزعوا إلى أخيه أبي علي بتافيلات فلم يزالوا بها إلى أن هلك ميمون تغلب السلطان أبو الحسن على أخيه أبي علي وصار أولاد ميمون في جملته وزحف السلطان أبو الحسن إلى تلمسان يجر أمم المغرب وأحجر على زيان بتلمسان ثم اقتحمها عليهم عنوة وأبتزهم ملكهم وقتل السلطان أبا تاشفين عند شدونة وبعث كلمته في أقطار المغرب الأقصى والأدنى إلى تخوم الموحدين من أندلس وجمع كلمة زناتة واستتبعهم تحت لواتة وفر بنو عامر من زغبة أولياء بني عبد الواد إلى القفر كما نذكره ورفع السلطان أبو الحسن قوم عريف بن يحيى بمحلته على كل عربي في إيالته من زغبة والمعقل وكان عقد سمعون بن سعيد على الناجعة من سويد وهلك أيام نزول السلطان بتاسالة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة قبل فتح تلمسان.وولي من بعده أخوه عطية وهلك لأشهر من ولايته بعد فتح تلمسان فعقد السلطان لوزمار بن عريف على سويد وسائر بني مالك وجعل رياسة البدو حيث كان من أعماله وأخذ الصدقات منهم والأتاوات فعكفت على هيئة أمم البدو واقتدى بشواره رؤساؤهم وفر ابن عمه المسعود بن سعيد ولحق ببني عامر وأجلبوا على السلطان بدعاء جزار شبة ابنه أبي عبد الرحمن فجمع لهم وزمار وهزمهم كما نذكره وسفر عريف بين السلطان أبي الحسن وبين الملوك لعهده من الموحدين بأفريقية وبني الأحمر بالأندلس والترك بالقاهرة ولم يزل على ذلك إلى أن هلك السلطان أبو الحسن.ولما تغلب السلطان أبو عنان على تلمسان كما سنذكره رعى لسويد ذمة الانقطاع إليه فرفع وزمار بن عريف على سائر رؤساء البدو من زغبة وأقطعه السرسو وقلعة ابن سلامة وكثيرا من بلاد توجين وهلك أبو عريف بن يحيى فاستقدمه من البدو وأجلسه بمكان أبيه من مجلسه جوار أريكته ولم يزل على ذلك وعقد لأخيه عيسى على البدو من قومه ثم بني عبد الواد بعد ملك السلطان أبي عنان عادت لهم الدولة بأبي حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن أبي يغمراسن من أعياص ملوكهم.وتولى كبر ذلك صغير بن عامر وقومه لما لهم مع آل زيان من الولاية وما كان لبني مرين فيهم من النعمات فملكوا تلمسان ونواحيها وعقدوا على سويد لميمون بن سعيد ابن عثمان وتاب وزمار بن عريف ورأى الترهب والخروج عن الرياسة فبنى حصنا بوادي ملوية من تخوم بني مرين ونزل به وأقام هنالك لهذا العهد وملوك بني مرين يرعون له ذمة اختصاصه سلفهم فيؤثرونه بالشورى والمداخلة في الأحوال الخاصة مع الملوك والرؤساء من سائر النواحي فتوجهت إليه بسبب ذلك وجوه أهل الجهات من الملوك وشيوخ العرب ورؤساء الأقطار.ولحق أخواه أبو بكر ومحمد بقومهم فمكروا بالميمون ودسوا عليه من قتله غيلة من ذويهم وحاشيتهم واستبدوا برياسة البدو ثم لما نصبت بنو حصين بن زيان ابن عم السلطان أبي حمو للملك كما نذكره ورشحوه للمنازعة سنة سبع وستين وسبعمائة هبت من يومئذ ريح العرب وجاش مرجلهم على زناتة ووطئوا من تلول بلادهم بالمغرب الأوسط فأعجزوا عن حمايته وولجوا من فروجها ما قصروا عن سده ودبوا فيها دبيب الظلال في الفيوء فتملكت زغبة سائر البلاد بالأقطاع من السلطان طوعا وكرها رعيا لخدمته وترغيبا فيها وعدة وتمكينا لقوته حتى أفرجت لهم زناتة عن كثيرها ولجؤا إلى سيف البحر.وحصل كل منهم في الفلول على ما يلي موطنه من بلاد القفز فاستولى بنو يزيد على بلاد حمزة وبني حسن كما كانوا من قبل ومنعوا المغارم واستولى بنو حسين على ضواحي المدينة أقطاعا والعطاف على نواحي مليمانة والديالم على وزينة وسويد على بلاد بني توجين كلها ما عدا جبل ونشريس لتوعره بقيت فيه لمة من توجين رياستهم لأولاد عمر بن عثمان من الجشم بني تيغرين كما نذكره وبني عامر على تاسالة وميلانة إلى صيرور إلى كيدزة الجبل المشرف على وهران.وتماسك السلطان بالأمصار وأقطع منها كلميتو لأبي بكر بن عريف ومازونة لمحمد بن عريف ونزلوا لهم عن سائر الضواحي فاستولوا عليها كافة وأوشك بهم أن يستولوا على الأمصار وكل أول فإلى آخر ولكل أجل كتاب وهم على ذلك لهذا العهد.ومن بطون سويد هؤلاء بطن بنواحي البطحاء يعرفون بهبرة ينسبهم الناس إلى مجاهد ابن سويد وهم يزعمون أنهم من قوم المقداد بن الأسود وهم بهذا من قضاعة ومنهم من يزعم أنهم من تجيب إحدى بطون كندة والله أعلم.ومن ظواعن سويد هؤلاء ناجعة يعرفون بصبيح ونسبهم إلى صبيح بن علاج بن مالك ولهم عدد وقوة وهم يظعنون بظعن سويد ويقيمون بمقامهم.وأما الحرث بن مالك وهم العطاف والديام فموطن العطاف قبلة مليانة ورياسة ظعونهم لولد يعقوب بن نصر بن عروة من منصور بن أبي الذئب بن حسن بن عياض بن عطاف بن زيان بن يعقوب وابن أخيه علي بن أحمد وبنيهم ومعهم طائفة من براز إحدى بطون الأثبج وأقطعهم السلطان مغارم جبل دراك وما إليه من وادي شلب وحال بينهم وبين موطن سويد ونشريس ولهم بلاد وزينة في قبلة الجبل رياستهم في ولد إبراهيم بن زروق بن رعاية من مزروع بن صالح بن ديلم والسعد بن العباس بن إبراهيم منهم لهذا العهد وكانت من قبل لعمه أبي يحيى بن إبراهيم وتقبض عليه السلطان أبو عثمان بإشارة عريف بن يحيى وأغرى به وهلك به وهلك في محبسه.وفيهم بطون كثيرة منهم بنو زيادة بن إبراهيم بن رومي والدهاقنة أولاد هلال بن حسن وبنو نوال بن حسن أيضا وكلهم إخوة ديلم بن حسن وابن عكرمة من مزروع بن صالح ويعرفون بالعكارمة وهؤلاء العطاف والديالم أقل عددا من سويد وأولياؤهم في فتتتهم مع بني عامر لمكان العصبية من نسب مالك ولسويد عليهم اعتزاز بالكثرة والديالم أبعد مجالا منهم في القفر ويحاذيهم في مواطنهم من جانب التلول بطن من بطون الحرث يعرفون بغريب نسبهم إلى غريب بن حارث حي حلول بتلك المواطن يطلبهم السلطان في العسكرة ويأخذ منهم المغارم وهم أهل شاء وبقر ورياستهم في أبناء مزروع بن خليفة بن خلوف بن يوسف بن بكرة بن منهاب بن مكتوب بن منيع بن مغيث بن محمد الغريب وهو جدهم ابن حارث وترادفهم في رياستهم على غريب أولاد يوسف وهم جميعا أولاد بني منيع وسائر غريب من الأحلاف شيوخهم أولاد كامل والله مالك الخلق والأمر.
|