الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ عَنْ يَحْيَى يَعْنِي: ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ قَالَ: فَلَقِيت ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ يَعْنِي فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ صَدَقَ وَأَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سُكُوتُ هِشَامٍ عَنْ تَسْمِيَةِ الرَّجُلِ الَّذِي حَدَّثَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ, وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلَّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ قَالَ: فَلَقِيت ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَقَالَ صَدَقَ أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ مَثَلَهُ سَمِعْت ابْنَ أَبِي دَاوُد يَقُولُ قَالَ: أَبُو مَعْمَرٍ هَكَذَا قَالَ: عَبْدُ الْوَارِثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَالصَّوَابُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو و قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ أَبِي دَاوُد فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَبَا يَعِيشَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقَالَ فِيهِ مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَهَكَذَا يَقُولُ الْعِرَاقِيُّونَ فِي نَسَبِ هَذَا الرَّجُلِ, وَأَمَّا الشَّامِيُّونَ فَيَقُولُونَ فِيهِ مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَهُمْ بِهِ أَعْرَفُ; لأَنَّهُ مِنْهُمْ وَهُوَ يَعْمُرِيٌّ وَقَدْ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجُودِيِّ عَنْ بَلْجٍ رَجُلٍ مِنْ مَهْرَةَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: قُلْت لِثَوْبَانَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَأَفْطَرَ. حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ وحَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالُوا جَمِيعًا أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا أَلَمْ تُصْبِحْ صَائِمًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى, وَلَكِنِّي قِئْت. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْزُوقٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. فَقَالَ قَائِلٌ هَذَا حَدِيثُ الْعُلَمَاءِ جَمِيعًا عَلَى خِلاَفِهِ; لأَنَّهُ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُفْطِرًا. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذِهِ الآثَارِ مَا تَوَهَّمَهُ; لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي جَاءَ بِهِ كَلاَمٌ عَرَبِيٌّ يَقَعُ فِيهِ الْكِنَايَاتُ لِفَهْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِمَا خُوطِبُوا بِهِ مِنْهُ وَبِمُرَادِ مُخَاطِبِهِمْ بِهِ فِيهِ, وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الأَوَّلِ قَاءَ فَأَفْطَرَ أَيْ: قَاءَ فَضَعُفَ فَأَفْطَرَ وَكَنَّى عَنْ ضَعْفٍ كَمِثْلِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ فِي آيَةِ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ بِمَعْنَى ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ فَحَنِثْتُمْ; لأَنَّهُ لاَ اخْتِلاَفَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَلَمْ يَحْنَثْ فِيهَا أَنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهَا لاَ بِالْحَلِفِ بِهَا, وَكَذَلِكَ حَدِيثُ فَضَالَةَ, وَلَكِنِّي قِئْتُ, وَلَكِنِّي قِئْتُ فَضَعُفْت. وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ تَبَيَّنَ فِيهِ حُكْمُ الْقَيْءِ فِي الصِّيَامِ كَيْفَ هُوَ. كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ فَاتَّفَقَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ, وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ. فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه أَنَّهُ شَفَعَ لِسَارِقٍ, وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خِلاَفِ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ وَالزُّبَيْرُ رضي الله عنه لَمْ يَأْتِ مَا أَتَى مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُ, وَذَلِكَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ رَأْيًا, وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ تَوْقِيفًا وَالتَّوْقِيفُ فِي مِثْلِ هَذَا فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ الْفُرَافِصَةِ أَنَّ الزُّبَيْرَ رضي الله عنه مَرَّ بِلِصٍّ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ دَعُوهُ اُعْفُوا عَنْهُ فَقَالُوا تَأْمُرُنَا بِهَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الزُّبَيْرُ إنَّ الْحُدُودَ يُعْفَى عَنْهَا مَا لَمْ تُرْفَعْ إلَى السُّلْطَانِ فَإِذَا رُفِعَتْ إلَى السُّلْطَانِ فَلاَ أَعْفَاهُ اللَّهُ إنْ عَفَا عَنْهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فُرَافِصَةَ الْحَنَفِيِّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُمْ مَرُّوا عَلَيْهِ بِسَارِقٍ فَقَالَ أَرْسِلُوهُ فَقَالُوا: أَتَأْمُرُنَا بِذَلِكَ؟ فَقَالَ نَعَمْ مَا لَمْ يُرْفَعْ إلَى الإِمَامِ فَإِذَا رُفِعَ إلَى الإِمَامِ فَلاَ أَعْفَاهُ اللَّهُ إنْ عَفَاهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَبَيَّنَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ لِلنَّاسِ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مَوْضِعَ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا وَعِيدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, وَأَنَّهَا الشَّفَاعَةُ عَلَى مَا قَدْ أُنْهِيَ إلَى الإِمَامِ وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ قَبْلَ أَنْ تُنْهَى إلَى الإِمَامِ بِخِلاَفِهَا وَأَنْ لاَ وَعِيدَ فِيهَا, وَمِثْلُ الَّذِي قَالَ: ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَحْتَمِلُهُ الرَّأْيُ وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ, وَسَنَذْكُرُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي السَّارِقِ الَّذِي جَاءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَرَقَ خَمِيصَتَهُ فَوَهَبَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوَلاَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟, إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الآُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: يَزِيدُ هَذَا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ قَالَ: مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْهُ الْجَدُّ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْت هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذِهِ الأَعْوَادِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ: مُعَاوِيَةُ فِي حَجَّتِهِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى هَذِهِ الأَعْوَادِ اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَرَادٍ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ جَرَادًا هَذَا فَقَالَ هُوَ جَرَادُ بْنُ مُجَالِدٍ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا قَالاَ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ وَحِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ فِي حَدِيثِهِ مَكَانَ ذَلِكَ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالُوا ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ, وَكَانَ لاَ يَكَادُ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا وَإِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مَعْبَدًا هَذَا فَقَالَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِالْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: الْبُخَارِيُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ آلِ سَبْرَةَ الَّذِينَ بِالْمَرْوَةِ صَاحَبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ رَاشِدَ بْنَ أَبِي سَكَنَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْبَغْدَادِيُّ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادَ فِي إسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاَللَّهُ يُعْطِي. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي الْمُرَادِ بِالْفِقْهِ الْمَذْكُورِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لاَ فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ مَا نَحْنُ بِهِ مُسْتَغْنُونَ عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا إذْ كَانَ مِنْ شَكْلِ مَا يُحْتَاجُ إلَى إبَانَتِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ كَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِقْهَ هُوَ الْفَهْمُ. وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ سَالِمٍ حَدَّثَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَهِّمْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى يُفَقِّهُهُ عَلَى مَعْنَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُفَهِّمُهُ غَيْرَ أَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لاَ فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ فِي مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَفْهُومٍ بِمَعْنَى كُلِّ مَا فَقِهَ وَأَنَّ لَمَّا فَقِهَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ دَرَجَةً زَائِدَةً عَلَى كُلِّ مَفْهُومٍ سِوَاهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ قَالَ: أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلَّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَ بِي النَّاصُورُ فَسَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلاَةِ, فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا, فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَقَاعِدًا, فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلَى جَنْبٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلَّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ, قَالَ: سَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ, وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ, وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى اضْطِرَابِ حَدِيثِ عِمْرَانَ هَذَا لاِخْتِلاَفِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ فِيمَا رَوَيَاهُ عَلَيْهِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلَّمِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرُوا, وَلَكِنَّهُمَا حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ فَحَدِيثُ إبْرَاهِيمَ مِنْهُمَا جَوَابٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعِمْرَانَ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا وَحَدِيثُ عِيسَى مِنْهُمَا إخْبَارٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَدْلِ صَلاَةِ الْقَاعِدِ الْمُتَطَوِّعِ مِنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ, وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الْمُصَلِّي تَطَوُّعًا قَاعِدًا وَهُوَ يُطِيقُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَيَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ نِصْفُ مَا يَكُونُ لَهُ لَوْ صَلَّى قَائِمًا, وَلَيْسَ هُوَ عَلَى صَلاَتِهِ قَاعِدًا وَهُوَ لاَ يُطِيقُ الْقِيَامَ ذَلِكَ صَلاَتُهُ قَاعِدًا فِيمَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ بِهَا كَصَلاَتِهِ إيَّاهَا قَائِمًا; لأَنَّهُ هَاهُنَا وَقَدْ قَصَدَ إلَى الْقِيَامِ وَقَصَّرَ بِهِ عَنْهُ فَاسْتَحَقَّ مِنْ الثَّوَابِ مَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْ صَلَّاهَا قَائِمًا, فَكَانَ إذَا كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ فَصَلَّى قَاعِدًا قَدْ تَرَكَ الْقِيَامَ اخْتِيَارًا فَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ ثَوَابُهُ, وَكُتِبَ لَهُ ثَوَابُ الْمُصَلِّي قَاعِدًا عَلَى صَلاَتِهِ كَذَلِكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فَوَجَدْنَا الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا الَّذِي يَسْتَطِيعُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي قُعُودِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ نَائِمًا عَلَى جَنْبِهِ. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَنْ يُصَلِّي نَائِمًا وَهُوَ يُطِيقُ الصَّلاَةَ قَاعِدًا يَرْكَعُ فِيهَا وَيَسْجُدُ فِيهَا, فَكَانَ مَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا مِمَّنْ لاَ يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ إِلاَّ بِالإِيمَاءِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ النَّائِمُ الْمَكْتُوبُ لَهُ بِصَلاَتِهِ كَذَلِكَ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ; لأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا يُومِئُ فِي قُعُودِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَصَلَّى نَائِمًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِذَلِكَ عَلَى صَلاَتِهِ قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ نِصْفَ أَجْرِ الْقَاعِدِ لاَ مَا فَوْقَهُ مِنْ أَجْرِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ: مُحَمَّدٌ وَلاَ أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ عَلَيْك أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهَشَّ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهَشَّ لَهُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْت وَسَوَّيْتَ ثِيَابَك؟ فَقَالَ أَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ مِنْ الْعَوْرَةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ الأَنْصَارِ فَإِذَا بِئْرٌ فِي الْحَائِطِ فَجَلَسَ عَلَى رَأْسِهَا, وَدَلَّى رِجْلَيْهِ, وَبَعْضُ فَخِذِهِ مَكْشُوفٌ, وَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ عَلَى الْبَابِ, فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَطَّى فَخِذَهُ قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَطَّيْت فَخِذَك حِينَ جَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ: إنِّي لاََسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِثْلُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَخِذِ أَنَّهُ مِنْ الْعَوْرَةِ. كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَخِذُ عَوْرَةٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى فَخِذَ رَجُلٍ فَقَالَ: فَخِذُ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى مَعْمَرٍ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَاشِفًا عَنْ طَرَفِ فَخِذِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمِّرْ فَخِذَك يَا مَعْمَرُ إنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ الْعَلاَءِ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَخِذُ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ أَوْ قَالَ: مِنْ الْعَوْرَةِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرْهَدٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَرْهَدٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ أَنَّهُ قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدِي وَفَخِذِي مُنْكَشِفَةٌ فَقَالَ: خَمِّرْ عَلَيْك أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعْدٍ عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَمِّهِ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ جَدِّهِ جَرْهَدٍ قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ قَدْ كَشَفْتُ عَنْ فَخِذِي فَقَالَ: غَطِّ فَخِذَك, الْفَخِذُ عَوْرَةٌ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ, وَلَمَّا اخْتَلَفَ فِي حُكْمِ الْفَخِذِ أَنَّهُ عَوْرَةٌ, وَفِي أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذَكَرْنَا طَلَبْنَا الأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ. فَوَجَدْنَا الْفَخِذَ مِنْ الْمَرْأَةِ مِنْ عَوْرَتِهَا لاَ يَحِلُّ لِذِي رَحِمِهَا الْمَحْرَمَةِ مِنْهَا وَلاَ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ سِوَى زَوْجِهَا النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا كَمَا لاَ يَحِلُّ لَهُمْ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى فَرْجِهَا وَلاَ إلَى بَطْنِهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِخِلاَفِ صَدْرِهَا وَبِخِلاَفِ رَأْسِهَا وَبِخِلاَفِ سَاقِهَا; لأَنَّ ذَلِكَ يَنْظُرُ إلَيْهِ ذَوُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمَةِ مِنْهَا وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُونَ مِنْ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ مِنْهَا سِوَى زَوْجِهَا الأَجْنَبِيُّونَ مِنْهَا. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ فَخِذَهَا مِنْ عَوْرَتِهَا كَمَا فَرْجُهَا وَكَمَا بَطْنُهَا مِنْ عَوْرَتِهَا لاَ كَرَأْسِهَا وَلاَ كَسَاقِهَا وَلاَ كَصَدْرِهَا اللَّاتِي لَيْسَتْ مِنْ عَوْرَتِهَا, وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ كَانَ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا كَذَلِكَ وَكَانَ فَخِذُهُ مِنْ عَوْرَتِهِ لاَ كَمَا سِوَاهُ مِنْ بَدَنِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ عَوْرَتِهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي رُكْبَتَيْهِ هَلْ حُكْمُهُمَا كَحُكْمِ فَخِذِهِ أَوْ كَحُكْمِ سَاقِهِ. فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ وَفَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ: اسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ رضي الله عنه فَأَذِنَ لَهُ فَإِذَا هُوَ يَشْرَبُ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُهُ فِيمَا فَعَلَ بِشَارِفَيْ عَلِيٍّ وَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ ثُمَّ نَظَرَ إلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إلَى سُرَّتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِي؟ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ثَمِلٌ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَوَجَدْنَا عُبَيْدَ بْنَ رِجَالٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ حُكْمَ الرُّكْبَةِ كَحُكْمِ السَّاقِ لاَ كَحُكْمِ الْفَخِذِ. وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَبِعَ رَجُلاً مِنْ ثَقِيفٍ حَتَّى هَرْوَلَ فِي إثْرِهِ حَتَّى أَخَذَ بِثَوْبِهِ فَقَالَ: ارْفَعْ إزَارَك فَكَشَفَ الرَّجُلُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَحْنَفُ وَتَصْطَكُّ رُكْبَتَايْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم كُلُّ خَلْقِ اللَّهِ حَسَنٌ فَلَمْ نَرَ ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلاَّ وَإِزَارُهُ إلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ حَتَّى مَاتَ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ كَالْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ أَيْضًا. وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا عَنْ طَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ فَأَسْرَعْت إلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْت فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ وَتَحَرَّزَ مِنِّي بِدَارِهِ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَك أَبَا بَكْرٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ إنَّ عُمَرَ قَدِمَ فَأَقْبَلَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي؟ مَرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْضًا وَوَجَدْنَا أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ كَلاَمِهِ كَلاَمٌ قَدْ خَلَطَهُ بِوَعِيدٍ لِمَنْ خَالَفَهُ مِمَّا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ رَأْيًا; لأَنَّ الْوَعِيدَ لاَ يَكُونُ فِي مَا قَدْ قِيلَ بِالرَّأْيِ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ لِغَيْرِ قَائِلِهِ أَنْ يَقُولَ بِخِلاَفِ مَا قَدْ خَالَفَ هَذَا الْمَعْنَى. كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْت أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ يَقُولُ لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدًا نَظَرَ مِنْ جَارِيَةٍ إِلاَّ إلَى مَا فَوْقَ سُرَّتِهَا وَأَسْفَلَ مِنْ رُكْبَتَيْهَا لاَ أَعْرِفَنَّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ إِلاَّ عَاقَبْتُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَجَازَ لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا أَنْ يُضَادَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلَهُ الْمُخَالِفَةَ لَهُ ثُمَّ عُدْنَا إلَى طَلَبِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ فَوَجَدْنَا الْفَخِذَ وَالسَّاقَ عُضْوَيْنِ مَوْصُولَيْنِ أَحَدُهُمَا مُرَكَّبٌ عَلَى الآخَرِ, وَكَانَا إذَا نَشَطَا بَدَا مِنْهُمَا كَالْفَلَكَةِ وَهُمَا كَعَظْمَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْفَخِذِ وَالآخَرُ فِي السَّاقِ وَتِلْكَ الْفَلَكَةُ هِيَ الرُّكْبَةُ, وَكَانَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي الْفَخِذِ لَهُ حُكْمُ الْفَخِذِ فِي أَنَّهُ عَوْرَةٌ, وَكَانَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي السَّاقِ لَهُ حُكْمُ السَّاقِ وَلَيْسَ هُوَ بِعَوْرَةٍ, وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَفْصِيلِهِ مِنْ الْعَظْمِ الَّذِي فِي السَّاقِ وَلاَ عَلَى مِقْدَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَمِنْ الْعَظْمِ الَّذِي فِي السَّاقِ إنَّمَا يُرَيَانِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَكَانَ الأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنْ نَحْكُمَ لَهُ بِحُكْمِ الْعَوْرَةِ لاَ بِحُكْمِ مَا سِوَاهُ. وَأَمَّا السُّرَّةُ فَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهَا لَيْسَ مِنْ الْعَوْرَةِ, وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ. الَّذِي حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالاَ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَة، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَيْرِيزٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ فِي حَدِيثِ الأَذَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَاصِيَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ ثُمَّ أَمَرَّهَا عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ عَلَى كَبِدِهِ ثُمَّ بَلَغَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُرَّةَ أَبِي مَحْذُورَةَ. وَقَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السُّرَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي السُّرَّةِ مِمَّا قَدْ قَامَتْ الْحَجَّةُ فِيهِ أَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ أَبُو مُوسَى فِيهِ, وَقَدْ خَالَفَ أَبَا مُوسَى فِي ذَلِكَ أَيْضًا ثَلاَثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْت مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: اُدْنُ مِنِّي حَتَّى أُقَبِّلَ مِنْك حَيْثُ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُهُ مِنْك فَرَفَعَ ثَوْبَهُ فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْتِينَا فِي الْجَامِعِ فَأَتَانَا وَقَدْ اتَّزَرْتُ أُزْرَةَ الْفِتْيَانِ فَعَلَّقَ أُصْبُعَهُ فِي إزَارِي حَتَّى طَأْطَأَهُ تَحْتَ السُّرَّةِ فَكَانَ هَذَا هُوَ الأَوْلَى فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى مِمَّا يُخَالِفُهُ; لأَنَّ السُّرَّةَ بِالصَّدْرِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالْعَوْرَةِ, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي: ابْنَ الْعَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَبِسٌ مِرْطَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَذِنَ لَهُ فَقَضَى إلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ لِعَائِشَةَ اجْمَعِي عَلَيْك ثِيَابَك فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَا لَك لَمْ تَفْزَعْ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا فَزِعْت لِعُثْمَانَ؟ فَقَالَ: إنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ كَثِيرُ الْحَيَاءِ وَلَوْ أَذِنْت لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ خَشِيت أَنْ لاَ يَبْلُغَ فِي حَاجَتِهِ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ قَالَ: قَالَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْت هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ الأَوَّلِ وَذَكَرْت فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عُثْمَانَ أَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الاِخْتِلاَفِ مَا لاَ خَفَاءَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ. وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَاهُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ فِي مِرْطٍ وَاحِدٍ فَأَذِنَ لَهُ فَقَضَى إلَيْهِ حَاجَتَهُ وَهُوَ مَعِي فِي الْمِرْطِ ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه فَأَذِنَ لَهُ فَقَضَى إلَيْهِ حَاجَتَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ فَأَصْلَحَ ثِيَابَهُ وَجَلَسَ فَقَضَى إلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْك أَبُو بَكْرٍ, فَقَضَى إلَيْكَ حَاجَتَهُ عَلَى حَالِكَ تِلْكَ, ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْكَ عُمَرُ فَقَضَى إلَيْك حَاجَتَهُ عَلَى حَالِكَ تِلْكَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَيْك عُثْمَانُ فَكَأَنَّكَ احْتَفَظْتَ فَقَالَ إنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ وَلَوْ أَنِّي أَذِنْت لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَحَسِبْتُ أَنْ لاَ يَقْضِيَ إلَيَّ حَاجَتَهُ قَالَ: الزُّهْرِيُّ وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُ الْكَذَّابُونَ: أَلاَ أَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ. قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نِسْبَةُ الزُّهْرِيِّ رَاوِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ إلَى الْكَذِبِ فِي رِوَايَتِهِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلاَ أَسْتَحِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِ مَنْ يُكَذِّبُهُ الزُّهْرِيُّ مَعَ جَلاَلَةِ مِقْدَارِ الزُّهْرِيِّ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ مِنْ الْجَلاَلَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَسْنَا نَظُنُّ بِهِ أَطْلَقَ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ لِجَلاَلَةِ مِقْدَارِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ وَلَقْيِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَقِيَهُ وَمَوْضِعُهُ فِي الرِّضَا فِي الأَخْذِ عَنْهُ عَنْ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ. فَمِنْهُمْ إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ. مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أَبِي سَلَمَةَ تُوُفِّيَتْ وَطَارِقٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَأُتِيَ بِجِنَازَتِهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ فَوُضِعَتْ بِالْبَقِيعِ قَالَ: وَكَانَ طَارِقٌ يُغَلِّسُ بِالصُّبْحِ قَالَ: ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ فَسَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لأَهْلِهَا: إمَّا أَنْ تُصَلُّوا عَلَى جِنَازَتِكُمْ الآنَ, وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَمِنْهُمْ ابْنُ عُيَيْنَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عُقَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفَضْلُ أَخِي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ:, وَاَلَّذِي عِنْدَنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّا نَظُنُّهُ بِالزُّهْرِيِّ فِي إطْلاَقِهِ هَذَا الْقَوْلَ فِيمَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُرِدْ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَرْمَلَةَ لِجَلاَلَةِ مُحَمَّدٍ, وَاسْتِقَامَةِ حَدِيثِهِ وَإِمَامَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ حَدَّثُوا عَنْهُ وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَتِهِ, وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِ رَجُلاً مَجْهُولاً قَدْ حَدَّثَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ, وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا خَالِدٍ. كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ ابْنَةُ عُمَرَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ فَتَجَلَّلَهُ فَتَحَدَّثُوا ثُمَّ خَرَجُوا فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِك, وَأَنْتَ عَلَى حَالِكَ فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ تَجَلَّلْتَ ثَوْبَك قَالَ: أَوَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ قَالَ: وَسَمِعْت أَبِي, وَغَيْرَهُ يُحَدِّثُونَ نَحْوًا مِنْ هَذَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَلاَمُ الزُّهْرِيِّ الَّذِي ذَكَرْتُهُ أَنَّهُ الْمُخَاطَبُ لَنَا هُوَ عِنْدَنَا عَلَى قَصْدِ الزُّهْرِيِّ بِهِ إلَى أَبِي خَالِدٍ هَذَا أَوْ إلَى مَنْ سِوَاهُ وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَمْثَالِهِ لاَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ وَأَمْثَالِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى, وَاَلَّذِي نَقُولُهُ: نَحْنُ أَنْ نُصَحِّحَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا فَنَجْعَلَهُمَا كَانَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ, قَالَ: فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِمَا, وَفِي ذَلِكَ اجْتِمَاعُ الْفَضِيلَتَيْنِ جَمِيعًا لِعُثْمَانَ رضي الله عنه بِاسْتِحْيَاءِ الْمَلاَئِكَةِ مِنْهُ وَبِحَيَائِهِ فِي نَفْسِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالاَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِقَوْمٍ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ قُلْت: يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الآُنْثَى قَالَ: مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِي شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فَشِيصَ فَأُخْبِرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ فَلْيَفْعَلُوهُ, فَإِنِّي إنَّمَا ظَنَنْت ظَنًّا فَلاَ تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ, وَلَكِنْ إذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوهُ, فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ, وَلاَ تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ وَقَالَ مَكَانَهُ: وَالظَّنُّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَوْمٍ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ؟ قَالُوا: يُؤَبِّرُونَ النَّخْلَ قَالَ: لَوْ تَرَكُوهُ لَصَلُحَ فَتَرَكُوهُ فَشِيصَ فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لاَ لِقَاحَ أَوْ مَا أَرَى اللِّقَاحَ شَيْئًا, فَتَرَكُوا اللِّقَاحَ فَجَاءَ ثَمَرُ النَّاسِ شِيصًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَهُ, مَا أَنَا بِصَاحِبِ زَرْعٍ وَلاَ نَخْلٍ لَقِّحُوا. قَالَ قَائِلٌ فِيمَا رَوَيْتُمْ اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا أَظُنُّ ذَاكَ يُغْنِي شَيْئًا. وَفِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ تَرَكُوهُ لَصَلُحَ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ لاَ لِقَاحَ أَوَمَا أَرَى اللِّقَاحَ شَيْئًا فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الإِنَاثَ فِي غَيْرِ بَنِي آدَمَ لاَ تَأْخُذُ مِنْ الذُّكْرَانِ شَيْئًا, وَهُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الْقُلُوبِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إخْبَارًا عَنْ وَحْيٍ, وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهُ عَلَى قَوْلٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ ظَاهِرٍ مِمَّا يَتَسَاوَى فِيهِ النَّاسُ فِي الْقَوْلِ, ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فَيَتَبَيَّنُ ذَوُو الْعِلْمِ بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ, وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ كَانَ يُعَانِي ذَلِكَ وَلاَ مِنْ بَلَدٍ يُعَانِيهِ أَهْلُهُ; لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا بَلَدُهُ مَكَّةُ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ نَخْلٍ يَوْمَئِذٍ, وَإِنَّمَا كَانَ النَّخْلُ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْمَدِينَةِ الَّتِي صَارَ إلَيْهَا صلى الله عليه وسلم, وَكَانَ مَعَ أَهْلِهَا مِنْ مُعَانَاةِ النَّخْلِ وَالْعَمَلِ مَا يُصْلِحُهَا مَا لَيْسَ مِثْلُهُ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ الْقَوْلُ فِي الأَمْرِ الَّذِي قَالَ: فِيهِ مَا قَالَ: وَاسِعًا لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ عَلَى مَا نَفَى مَا يَسْتَحِيلُ عِنْدَهُ وَيَكُونُ مِنْهُ عَلَى الظَّنِّ بِهِ, فَقَالَ صلى الله عليه وسلم مَا حَكَاهُ عَنْهُ طَلْحَةُ لِبَعْضِ مَنْ رَآهُ يُعَانِي اللِّقَاحَ ثُمَّ قَالَ: مَا حَكَتْهُ عَنْهُ عَائِشَةُ وَأَنَسٌ فِي قَوْمٍ آخَرِينَ مِمَّنْ رَآهُمْ يُعَانُونَ التَّلْقِيحَ وَقَالَ: مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لِقَوْمٍ آخَرِينَ, وَأَنَّهُمْ يُعَانُونَ التَّلْقِيحَ فَحَكَى كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: شَيْئًا مِمَّا سَمِعَهُ يَقُولُهُ وَكُلُّهُمْ صَادِقٌ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ, وَكُلُّ أَقْوَالِهِ الَّتِي قَالَهَا صلى الله عليه وسلم مِمَّا حَكَاهُ عَنْهُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ كَمَا قَالَ: وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْد عَنْ أَبِي عُشَانَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: بَلَغَنِي قُدُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَأَنَا فِي غُنَيْمَةٍ لِي, فَرَفَضْتُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ, فَقُلْتُ: جِئْتُ أُبَايِعُك فَقَالَ: بَيْعَةً أَعْرَابِيَّةً تُرِيدُ أَوْ بَيْعَةَ هِجْرَةٍ قَالَ: قُلْت: بَيْعَةَ هِجْرَةٍ قَالَ: فَبَايَعْتُهُ, وَأَقَمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ مُعَدٍّ فَلْيَقُمْ فَقَامَ رِجَالٌ وَقُمْت مَعَهُمْ فَقَالَ لِي اجْلِسْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا مِنْ مُعَدٍّ؟ قَالَ: لاَ قُلْت: فَمِمَّنْ نَحْنُ قَالَ: مِنْ قُضَاعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ عُقْبَةَ فَبَايَعْتُهُ وَأَقَمْت أَيْ: بِدَارِ الْهِجْرَةِ أَنَّ الْبَيْعَةَ مِنْ الْمُهَاجِرِ تُوجِبُ عَلَيْهِ الإِقَامَةَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَتَصَرَّفَ فِيمَا يَصْرِفُهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُمُورِ الإِسْلاَمِ, وَأَنَّ الْبَيْعَةَ الأَعْرَابِيَّةَ بِخِلاَفِهَا مِمَّا لاَ يُوجِبُ الإِقَامَةَ عَلَى أَهْلِهَا عِنْدَهُ. وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ الْجَرْمِيُّ ثنا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي نَاسٍ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَفِيقًا رَحِيمًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا وَاشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرَنَا فَقَالَ: ارْجِعُوا إلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَأْمُرُوهُمْ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ أَحْفَظُهَا وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُتَبَايِعِينَ عَلَى الْهِجْرَةِ الإِقَامَةَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى يَصْرِفَهُمْ هُوَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ خُلَفَاؤُهُ رضوان الله عليهم مِنْ بَعْدِهِ فِيمَا يَصْرِفُونَهُمْ فِيهِ مِنْ غَزْوِ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْكُفْرِ, وَمِنْ حِفْظِ مَا عَسَى أَنْ يَفْتَتِحُوهُ مِنْ بُلْدَانِ أَهْلِهِ وَكَانَ رُجُوعُهُمْ إلَى دَارِ أَعْرَابِيَّتِهِمْ حَرَامًا عَلَيْهِمْ; لأَنَّهُمْ يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُرْتَدِّينَ عَنْ الْهِجْرَةِ إلَى الأَعْرَابِيَّةِ وَمَنْ عَادَ كَذَلِكَ كَانَ مَلْعُونًا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: آكِلُ الرِّبَا وَمُوكِلُهُ وَكَاتِبُهُ وَشَاهِدُهُ إذَا عَلِمُوا بِهِ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ لِلْحُسْنِ وَلاَوِي الصَّدَقَةِ وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: وَشَاهِدَاهُ إذَا عَلِمَا بِهِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَنْبَأَ إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي: ابْنَ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُرَّةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَايَعَهُ فَلَمَّا وُعِكَ بِالْمَدِينَةِ سَأَلَهُ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَيْعَتِهِ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم إنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: وَهِيَ عَلَى الإِسْلاَمِ أَيْ: عَلَى الإِسْلاَمِ الَّذِي يَكُونُ بِبَيْعَتِهِ إيَّاهُ مُهَاجِرًا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ الْمَقَامُ عِنْدَهُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ مِنْ الإِقَامَةِ عِنْدَهُ لِيَصْرِفَهُ فِيمَا يَصْرِفُهُ فِيهِ, وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ بَانَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعَةِ الْمُهَاجِرِ وَبَيْنَ بَيْعَةِ الأَعْرَابِيِّ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|