الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال: أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال: أنبأنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن حرب قال: شهد علي بدرًا وهو ابن عشرين سنة وشهد الفتح وهو ابن ثمان وعشرين سنة. روى القزاز بإسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كنت ذات يوم جالسًا بين يدي أبي فجاءت طائفة من الكوفيين فذكروا خلافة أبي بكر وعمر وعثمان بن عفان وذكروا خلافة علي بن أبي طالب فزادوا وأطالوا فرفع رأسه إليهم وقال: يا هؤلاء قد أكثرتم القول في علي والخلافة وإن الخلافة لم تزين عليًا بل علي زينها. قال السياري: فحدثت بهذا بعض الشيعة فقال: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض. باب خلافة علي رضوان الله عليه قال محمد بن الحنفية رضي الله عنه: كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحدًا أحق بهذا الأمر منك لا أقدم سابقةً ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تفعلوا فإني أكون وزيرًا خير من أن أكون أميرًا فقالوا: لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك قال: ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون إلا عن رضا المسلمين. فدخل المهاجرون والأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. وقيل: أول من بايعه طلحة. أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: حدثنا الحسين بن علي الطناجيري قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن شاهين قال: حدًثنا محمد بن سليمان قال: حدَثنا وهب بن بقية قال: أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: رأى أعرابي طلحة يبايع عليًا رضي الله عنه قال: يد شلاء وأمر لا يتم. وقال الزهري: أرسل إلى طلحة والزبير فدعاهما إلى البيعة فتلكأ طلحة فقال الأشتر وسل سيفه: والله لتبايعن أو لأضربن به بين عينيك فقال طلحة: وأين المذهب عنه فبايعه وبايعه الزبير. وهرب قوم إلى الشام فلم يبايعوه ولم يبايعه قدامة بن مظعون وعبد الله بن سلام والمغيرة بن شعبة. قال حبيب بن محمد الهاشمي: تربص سبعة فلم يبايعوه: سعد وابن عمر وصهيب وزيد بن وذكر محمد بن سعد أنه بويع لعلي رضي الله عنه بالمدينة غداة قتل عثمان بايعه طلحة والزبير وسعد وسعيد وجميع من كان بالمدينة ثم ذكر طلحة والزبير أنهما بايعا كارهين فخرجا إلى مكة وبها عائشة رضي الله عنها ثم خرجوا إلى البصرة يطالبون بدم عثمان. أخبرنا محمد بن الحسين وإسماعيل بن أحمد قالا: أخبرنا ابن النقور قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا السري بن يحيى قال: حدَّثنا شعيب قال: حدثنا سيف بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن سواد وطلحة بن الأعلم وأبو حارثة وأبو عثمان قالوا: بقيت المدينة بعد قتل عثمان خمسة أيام وأميرها الغافقي يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه يأتي المصريون عليًا فيختبىء منهم ويلوذ بحيطان المدينة فإذا لقوه باعدهم وتبرأ منهم ومن مقالتهم مرة بعد مرة ويطلب الكوفيون الزبير فلا يجدونه فأرسلوا إليه حيث هو رسلًا فباعدهم وتبرأ منهم ويطلب البصريون طلحة فإذا لقوه باعدهم وتبرأ من مقالتهم مرة بعد مرة وكانوا مجتمعين على قتل عثمان مختلفين فيمن يهوَوْن فلما لم يجدوا ممالِئًا ولا مجيبًا جمعهم الشر على أول من أجابهم وقالوا: لا نولي أحدًا من هؤلاء الثلاثة فبعثوا إلى سعد بن أبي وقاص فقالوا: إنك من أهل الشورى ورأينا فيك مجتمع فأقدم نبايعك فبعث إليهم: إني وابن لا تَخلطَنَّ خَبِيثَاتٍ بِطيبَة واخلع ثيابك منها وانجُ عُريانا ثم وجودا سعدًا والزبير خارجين من المدينة وطلحة في حائط له وبني أمية قد هربوا إلا من لم يطق الهرب وكان الوليد وسعيد ومروان قد لحقوا بمكة. ثم إنهم لقوا عبد الله بن عمر فقالوا: أنت ابن عمر فقم بهذا الأمر فقال: إن لهذا الأمر انتقامًا والله لا أتعرض له فالتمسوا غيري فبقوا حيارى لا يدرون ما يصنعون. وحدثنا سيف عن محمد وطلحة قالا: قالوا: يا أهل المدينة قَد أَجلناكم يومكم فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلن غدًا عليًا وطلحة والزبير وأناسًا كثيرًا فغشي الناس عليًا فقالوا: نبايعك فقد ترى ما نزل بالإسلام فقال: دعوني والتمسوا غيري فقالوا: ننشدك الله إلا ما فعلت فقال: قد أجبتكم لما أرى واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم وإن تركتموني فإنما أنا كأحدكم إلا أني أسمعكم وأطوعكم. فلما أصبحوا من يوم الجمعة حضر الناس المسجد وجاء علي حتى صعد المنبر وجاءوا بطلحة فقالوا: بايع فقال: إني إنما أبايع كرهًا فبايع أول الناس وكان به شلل فقال رجل يعتاف: إنا لله وإنا إليه راجعون أول يد بايعت أمير المؤمنين يد شلاء لا يتم هذا الأمر. ثم جيء بالزبير فقال مثل ذلك ثم بايع. ثم جيء بقوم كانوا قد تخلفوا فقالوا: نبايع على إقامة وبويع علي رضي الله عنه يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أحمد بن علي بن عمر المقرىء أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس حدًثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا عياش بن هشام عن أبيه قال: بويع علي رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة حين قتل عثمان لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة فاستقبل المحرم سنة ست وثلاثين. قال غير عياش: كانت بيعته في دار عمرو بن محصن الأنصاري ثم أحد بني عمرو بن مبذول يوم الجمعة ثم بويع بيعته العامة من الغد يوم السبت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. واسم أبي طالب: عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ويكنى أبا الحسن وأبا تراب. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وعلي عليه السلام أول من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وشهد المشاهد معه ولم يتخلف عن مشهد إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك فقال: أتخلفني في النساء والصبيان فقال: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ". ولما آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس آخا بينه صلى الله عليه وسلم وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكر صفته أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدَّثنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما قلت: ما كانت صفة علي رضي عنه قال: رجل شديد الأدمة ثقيل العينين ذو بطن أصلع إلى القصر أقرب. قال ابن سعد: أخبرنا أبو عمر بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: رأيت عليًا رضي الله عنه وكان عريض اللحية وقد أخذت ما بين منكَبيه أصلع على رأسه قال محمد بن سعد: وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي قال: سمعت أبا حازم يقول: رأيت عليًا أصلع كثير الشعر كأنما اجتاب إهاب شاة. أخبرنا عبد الوهاب ابن المبارك أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا عفان بن أحمد الدقاق حدثنا أبو الحسن بن البراء قال: كان نقش خاتم علي رضي الله عنه " الله الملك ". أخبرنا عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن الشاهد قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن محمد بن البختري قال: أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غَرزة قال: حدًثنا علي بن قادم قال: أخبرنا علي بن عابس عن مسلم عن أنس قال: استنبىء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء. أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدَّثنا محمد بن علي الصلْحي قال: أخبرنا أحمد بن يعقوب الجرجاني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن معاذ الهروي قال: حدثنا أبو داود سلمان بن معبد السبخي قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: حدثنا جعفر بن محمد عن بعث النبي صلى الله عليه وسلم وعليّ ابن سبع سنين. قال مؤلف الكتاب: وفي رواية أخرى أنه كان ابن ثمان سنين. أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحسين بن الفهمِ حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: حدَثني أبي عن الحسن بن زيد: أن عليًا حين دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام كان ابن تسع سنين. قال الحسن بن زيد: ويقال: عون تسع سنين ولم يعبد الأوثان قط لصغره. قال محمد بن سعد: وأخبرنا محمد بن عمر قال: وأصحابنا مجمعون أن أول أهل القبلة الذي استجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد ثم اختلف عندنا في ثلاثة نفر أيهم أسلم أولًا في أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة وما نجد إسلام علي صحيحًا إلا وهو ابن إحدى عشرة سنة. ذكر غزارة علمه كان أبو بكر وعمر يشاورانه ويرجعان إلى رأيه وكان كل الصحابة مفتقرًا إلى علمه وكان عمر يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. كان لعلي من الولد أربعة عشر ذكرًا وتسع عشرة أنثى: الحسن والحسين وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى أمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد الأكبر وهو ابن الحنفية وأمه خولة بنت جعفر وعبيد الله قتله المختار وأبو بكر قتل مع الحسين أمهما ليلى بنت مسعود. والعباس الأكبر وعثمان وجعفر وعبد الله قتلوا الحسين أمهم أم البنين بنت حرام بن خالد ومحمد الأصغر قتل مع الحسين أمه أم ولد. ويحيى وعون أمهما أسماء بنت عميس. وعمر الأكبر ورقية أمهما الصهباء سبية. ومحمد الأوسط أمه أمامة بنت أبي العاص. وأم الحسن ورملة الكبرى أمهما أم سعيد بنت عروة. وأم هانىء ميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر وجمانة ونفيسة وهن لأمهات شتى. وابنة أخرى لم يذكر اسمها هلكت وهي صغيرة. فهؤلاء الذين عرفوا من أولاد علي رضي الله عنه. أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدًثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا الجر بن جرموز عن أبيه قال: رأيت عليًا رضي الله عنه وهو يخرج من القص وعليه قطريتان إزار إلى نصف الساق ورداءه مشمر ومعه درة يمشي بها في الأسواق ويأمرهم بتقوى اللّه وحسن البيع أوفوا الكيل والميزان ويقول: لا تنفخوا اللحم. أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري وأبو القاسم التنوخي قالا: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال: حدثنا محمد بن علي المدائني قال: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه العطار قال: حدثنا حسين الأشقر عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما قال: كان علي رضي الله عنه يدخل السوق وبيده الدرة وعليه عباء قطوافي وقد شق وسطه وكفت حاشيتاه يقول: يا أيها التجار خذوا الحق واعطوا الحق تسلموا لا تردوا قليل الربح فتحرموا كثيره ونظر إلى رجل يقص فقال له: أتقص ونحن قريب عهد برسول الله صلى الله عليه وسلم لأسألنك فإن أجبتني وإلا جَعَفْتُكَ بهذه الدرة ما ثبات الدين وما زواله. قال: أما ثباته فالورع وأما زواله فالطمع قال: أحسنت قص فمثلك من يقص. أخبرنا محمد بن الحسين وإسماعيل قالا: أخبرنا ابن النقور قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد قال: حدَّثنا السري قال: حدثنا شعيب قال: حدَّثنا سيف عن سليمان بن أبي المغيرة عن علي بن الحسين قال: اجتمع الناس إلى علي رضي الله عنه فقالوا: يا علي إنا قد اشترطنا إقامة الحدود فإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في قتل هذا الرجل وأحلوا بأنفسهم فقال لهم: يا إخوتاه إني لست أجهل ما تعلمون ولكن كيف أصنع بقوم يملكونا ولا نملكهم هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عُبدانكم وثابت إليهم أعرابكم وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا فهل ترون موضع القدرة على شيء فما ترون. قالوا: لا قال: فلا والله لا أرى إلا رأيًا ترونه أبدًا إن شاء الله. وحدًثنا سيف عن أبي حمزة عن رجل قال: قال طلحة لعلي: دعني فآتي البصرة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل فقال: حتى أنظر في ذلك. وقال الزبير: دعني آتي الكوفه فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل فقال: حتى أنظر في ذلك. وسمع المغيرة بن شعبة بذلك فدخل عليه فقال: إن لك حق الطاعة والنصيحة أقرر معاوية على عمُله وابن عامر والعمال على أعمالهم حتى إذا أتتك طاعتهم وبيعة الجنود استبدلت أو تركت. فقال: حتى أنظر. فخرج من عنده وعاد إليه من الغد فقال: إني أشرت عليك بالأمس برأي وإن الرأي أن تعاجلهم بالنزوع فيعرف السامع من غيره ويستقبل أمرك ثم خرج وتلقاه ابن عباس خارجًا وهو داخل فلما انتهى إلى علي قال: رأيت المغيرة خرج من عندك ففيم جاءك قال: جاءني أمس بكذا واليوم بكذا فقال: أما أمس فقد نصحك وأما اليوم فقد غشك قال: فما الرأي قال: كان الرأي أن تخرج حين قتل الرجل أو قبله فتأتي مكة فتدخل دارك وتغلق بابك فإن كانت العرب جائلة مضطربة في أثرك لا تجد غيرك فأما اليوم فإن بني أمية يستحسنون الطلب بأن يلزموك شعبة من هذا الأمر ويشبهون على الناس. وروى الواقدي قال: حدًثني ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: دعاني عثمان فاستعملني على الحج فأقمت للناس الحج وقرأت عليهم كتاب عثمان إِليهم ثم قدمت المدينة وقد بويع لعلي فأتيته في داره فوجدت عنده المغيرة بن شعبة مستخليًا به فحبسني حتى خرج من عنده فقلت له: ماذا قال لك قال لي مرة قبل مرته هذه: أرسل إلى عبد الله بن عامر ومعاوية وعمال عثمان بعهودهم وأقرهم على أعمالهم ويبايعون لك الناس فأبيت هذا عليه وقلت: لا وليت هؤلاء أبدًا ولا مثلهم يولى ثم انصرف وأنا أعرف أنه يراني مخطئًا ثم عاد إلي الآن فقال: رأيت بعد ذلك أن تصنع الذي رأيت فتنزعهم وتستعين بمن تثق به. فقلت: أما المرة الأولى فقد نصحك وأما الأخرى فقد غشك لأنك إذا عزلتهم يقولون هو قتل صاحبنا ويؤلبون عليك فقال: والله لا أولي منهم أحدًا أبدًا فإن أقبلوا فذلك خيرٌ لهم وإن أدبروا بذلت لهم السيف. ثم قال لي: سر إلى الشام فقد وليتكهَا فقلت: ما هذا برأي معاوية رجل من بني أمية وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام ولست آمن أن يضرب عُنقي بعثمان أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي ولكن أكتب إلى معاوية فمنَه وعِده فأبى علي وقال: والله لا كان ذلك أبدًا. ومن الحوادث في هذه السنة أنه سار قسطنطين بن هرقل في ألف مركب يريد أرض المسلمين فسلط الله عليهم قَاصِفًا من الريح فغرقهم ونجا قسطنطين فأتى صقلية فصنعوا له حمامًا فدخله فقتلوه فيه وقالوا: قتلت رجالنا. عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد سبق ذكر مقتله. أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال: أخبرنا عاصم بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا عثمان بن أحمد قال: حدَّثنا أبو الحسن بن البراء قال: بلغ عثمان رضي الله عنه من العمر اثنتين وثمانين سنة وترك قيمة ألف ألف درهم. عامر بن ربيعة ابن مالك بن عامر أبو عبد اللّه: كان حليفًا للخطاب بن نفيل وتبناه الخطاب فلما نزل قوله تعالى: وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين ومعه امرأته ليلى بنت أبي حَثْمة العَدويْة وهاجر إلى المدينة فلم يقدمها قبله إلا أبو سلمة وزوجته أول ظعينة قدمت المدينة وشهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخبرنا محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدًثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس وخالد بن مخلد البجلي قالا: حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: قام عامر بن ربيعة يصلي من الليل وذلك حين نشب الناس في الطعن على عثمان فصلى من الليل ثم نام فأتي في المنام فقيل له: قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده. فقام فصلى ثم اشتكى فما أخرج إلا جنازة. قال ابن سعد: وقال محمد بن عمر: كان موت عامر بن ربيعة بعد قتل عثمان بأيام وكان قد لزم بيته فلم يشعر الناس إلا بجنازته وقد أخرجت. معاذ بن عفراء أمه نسب إليها وأبوه الحارث بن رفاعة: شهد معاذ العقبتين وبدرًا. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبعث إلى أهل بدر حللًا فيبعث إليه ويشتري لها رقالًا فيعتقهم. أخبرنا محمد بن عبد الله البيضاوي أخبرنا أبو الحسين الطيوري أخبرنا أبو طالب العشاري حدثنا علي بن الحسين بن سكينة حدثنا محمد بن القاسم بن مهدي حدَثنا علي بن أحمد بن أبي قيس حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدًثني محمد بن قدامة الجوهري قال: حدَّثنا أبو أسامة قال: حدًثني بعض أصحابنا عن رقية بن مصقلة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي كان معاذ بن عفراء لا يدع شيئًا إلا تصدق به فلما ولد له استشفعت عليه امرأته أخواله فكلموه وقالوا له: إنك قد أعلت فلو جمعت لولدك قال: أبت نفسي إلا أن أستتر بكل شيء أجده من النار فلما مات ترك أرضًا إلى جنب أرض لرجل. قال عبد الرحمن: وعليه ملاءة صفراء ما تساوي ثلاثة دراهم ما تسترني الأرض بملآتي هذه فامتنع ولي الصبيان واحتاج إِليها جار الأرض فباعها بثلاثمائة ألف. فمن الحوادث فيها أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد قالا: أخبرنا ابن النقور قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب عن محمد وطلحة قالا: بعث علي رضي الله عنه عماله على الأمصار بعث عثمان بن حنيف على لبصرة وعمارة بن حسان بن شهاب على الكوفة وعبيد الله بن عباس على اليمن وقيس بن سعد على مصر وسهل بن حنيف على الشام. فأما سهل فإنه خرج حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل قالوا: من أنت قال: أمير قالوا: على أي شيء. قال: على الشام قالوا: إن كان عثمان بعثكم فحيًهلًا بك وإن كان بعثك غيره فارجع قال: أو ما سمعتم بالذي كان قالوا: بلى فرجع إلى علي. وأما قيس بن سعد فإنه لما انتهى إلى أيلة لقيته خيل فقالوا: من أنت قال: من قالة عثمان فأنا أطلب من آوي إليه وأنتصر به قالوا: من أنت قال: قيس بن سعد قالوا: امض فمضى حتى دخل مصر فافترق أهل مصر فرقًا فرقة دخلت في الجماعة وكانوا معه وفرقة وقفت واعتزلت وقالوا: إن قتل قتلة عثمان فنحن معكم وإلا فنحن على جديلتنا وفرقة قالوا: نحن مع علي ما لم يُقِدْ إخواننا فكتب قيس إلى علي بذلك. وأما عثمان بن حنيف فسار فلم يرده أحد عن دخول البصرة ولم يوجد في ذلك لابن عامر رأي ولا حزم ولا استقلال بحرب فافترق الناس فاتبعت فرقة القوم ودخلت فرقة في الجماعة وفرقة قالت: ننظر ما يصنع أهل المدينة فنصنع كما صنعوا. وأما عمارة فأقبل حتى إذا كان بزبالة رد وانطلق عبيد الله إلى اليمن ولما رجع سهل بن حنيف من طريق الشام دعا طلحة والزبير فقال: إن الذي كنت أحدثكم قد وقع وسأمسك الأمر ما استمسك فإذا لم أجد بدًا فآخر الدواء الكي. وكتب علي إلى أبي موسى ومعاوية فكتب إليه أبو موسى بطاعة أهل الكوفة وبيعتهم وبين الكاره منهم والراضي وكان الرسول إلى أبي موسى معبد الأسلمي. وكان الرسول إلى معاوية سبرة الجهني فلما قدم على معاوية لم يكتب معه شيء ولم يجبه حتى إذا كان في الشهر الثالث من مقتل عثمان في صفر دعا معاوية برجل من بني عبس يُدْعَى قبيصة فدفع إليه طُومارًا مختومًا عنوانه: من معاوية إلى علي فقال له إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار ثم أوصاه بما يقول وسرح رسول عليّ معه فخرجا فقدما المدينة في غرة ربيع الأول فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره وخرج الناس ينظرون إليه فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أن معاوية معترض ومضى الرسول حتىٍ دخل على عليّ رضي الله عنه فدفع إليه الطومار ففض خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة فقال للرسول: ما وراءك قال: آمن أنا قال: نعم إن الرسل آمنة لا تقتل قال: ورائي أني تركت قومًا لا يرضون إلا بالقود قال: ممن قال من نفسك وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم قد ألبسوه منبر دمشق فقال: أمني يطلبون عثمان ألست موتورًا أكره قتل عثمان اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان اخرج قال: وأنا آمن قال: وأنت آمن فخرج العبسي فصاحت السبئِية: هذا الكلب وافد الكلاب اقتلوه فنادى: يا آل مضر إني أحلف بالله ليردنها عليكم أربعة آلاف خَصي فانظروا كم الفحولة والركاب فمنعته مضر. وحدَّثنا سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: أتى معاوية الخبر بحصر عثمان فأرسل إِلى حبيب بن مسلمة الفهري فقال: إن عثمان قد حصر فأشر عليّ برجل ينفذ لأمري ولا يقصر قال: ما أعرف ذلك غيري قال: أنت لها فأشر علي برجل أبعثه على مقدمتك لا تتهم نصيحته قال: يزيد بن شجعة الحميري فدعا بهما فقال: النجاء سيرا فأعينا أمير المؤمنين وتعجل أنت يا يزيد فإن قدمت يا حبيب وعثمان حي فالأمر أمره فانفذ لما يأمرك به وإن وجدته قد قتل فلا تدعن أحدًا أشار إليه أو أعان عليه إلا قتلته. وبعث مع يزيد ألف فارس فسار بعض الطريق فبلغه الخبر ثم لقيه النعمان بن بشير ومعه القميص الذي قتل فيه عثمان مخضب بالدماء وأصابع امرأته فأمضى حبيب إلى معاوية وأقام فأتاه برأيه فرجع حتى قدم دمشق. ولما قدم النعمان بن بشير على معاوية أخرج القميص وأصابع نائلة بنت الفرافصة إصبعان قد قطعتا ببراجمهما وشيء من الكف وإصبعان مقطوعتان من أصلهما مفترقتان ونصف الإبهام - فوضع معاوية القميص على المنبر وكتب بالخبر إلى الأجناد وثاب إليه الناس وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه والرجال من أهل الشام لا يأتون النساء ولا يمسهم الغسل إلا من الاحتلام ولا ينامون على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان ومن عرض دونهم بشيء أو يفني أرواحهم فمكثوا يبكون حول القميص سنة والقميص موضوع كل يوم وفي أردافه أصابع نائلة معلقة.
|