الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة (نسخة منقحة)
.ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية: ولا يتوقف هذا الهذيان الذي يطالعنا به الجيلي في كتابه لحظة واحدة فهو يزعم أنه قد كشفت له الحجب فرأى العالم عاليه وسافله وشاهد الملائكة جميعًا وخاطبهم والرسل والأنبياء؛ فها هو يقول ويدعي: وفي هذا المشهد (يعني بالمشهد اتصال الصوفي بأرواح المخلوقات التي وجدت في الحياة والتي لم توجد أيضًا لأن الأرواح في زعمه مخلوقة أبدًا لا تفنى)، اجتماع الأنبياء والأولياء بعضهم ببعض أقمت فيه بزبيد (زبيد: مدينة من مدن اليمن المشهورة) بشهر ربيع الأول في سنة ثمانمائة من الهجرة النبوية فرأيت جميع الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والأولياء والملائكة العالين، والمقربين، وملائكة التسخير، ورأيت روحانية الموجودات جميعها، وكشفت عن حقائق الأمور على ما هي عليه من الأزل إلى الأبد. (انظر) ويستطرد قائلًا: وتحققت بعلوم إلهية لا يسع الكون أن نذكرها فيه. (ص97 ج2).ويستطرد الجيلي في هذيانه وكفرياته قائلًا عن مشاهداته المزعومة في خلق السماء الثانية: رأيت نوحًا عليه السلام في هذه السماء جالسًا على سرير خلق من نور الكبرياء بين أهل المجد والثناء فسلمت عليه وتمثلت بين يديه فرد علي السلام ورحب بي وقام.إلى أن يقول: وروحانية الملك الحاكم على جميع ملائكة هذه السماء عجائب من آيات الرحمن وغرائب من أسرار الأكوان لا يسعنا إذاعتها في أهل هذا الزمان. (ص100). اهـ..ويستطرد الجيلي مبينًا مشاهداته المزعومة في السماء الثالثة وأنه رأى يوسف عليه السلام وأنه دار بينهما هذا الحديث الذي يزعم الجيلي في آخره أنه كان يعلم هذه العلوم التي أخبره يوسف بها قبل أن يتفوه بها يوسف. وما هذه العلوم.. إنها هذه الكفريات والهذيانات نفسها وهذا نص عبارته في ذلك:اجتمعت في هذه السماء مع يوسف عليه السلام، فرأيته على سرير من الأسرار كاشفًا عن رمز الأنوار عالمًا بحقيقة ما انعقدت عليه أكلة الأحبار متحققًا بأمر المعاني، مجاوزًا عن قيد الماء والأواني فسلمت إلى تحية وافد إليه فأجاب وحيًا ثم رحب بي وبيا، فقلت له: سيدي أسألك عن قولك {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث} [يوسف: 101]. أي المملكتين تعني وعن تأويل أي الأحاديث تكنى فقال: أردت المملكة الرحمانية المودعة في النكتة الإنسانية (يعني أن يوسف عليه السلام أجابه بأن الله أطلعه عل وجود الرحمن في كيان الإنسان) وتأويل الأحاديث: الأمانات الدائرة في الألسنة الحيوانية، فقلت له يا سيدي أليس هذا المودع في التلويح حللًا من البيان والتصريح. فقال: اعلم أن للحق تعالى أمانة في العباد يوصلها المتكلمون بها إلى أهل الرشاد، قلت: كيف يكون للحق أمانة وهو أصل الوجود في الظهور والإبانة، فقال: ذلك وصفه وهذا شأنه وذاك حكمه وهذه عبارته، والأمانة يجعلها الجاهل في اللسان ويحملها العالم في السر والجنان، والكل في حيرة عنه، ولم يفز غير العارف بشيء منه، فقلت: وكيف ذلك. فقال: اعلم أيدك الله وحماك أن الحق تعالى جعل أسراره كدرر إشارات مودعة في أسرار عبارات (يعني أن سر الخلق قد صحبه الله في أسرار العبارات التي يوحيها إلي)، فهي ملقاة في الطريق دائرة على ألسن الفريق، يجهل العام إشارتها، ويعرف الخاص ما سكن عبارتها، فيؤولها على حسب المقتضى ويؤول بها إلى حيث المرتضى، وهل تأويل الأحلام إلا رشحة من هذا البحر أو حصاة من جنادل هذا القفر فعلمت ما أشار إليه الصديق ولم أكن قبله جاهلًا بهذا التحقيق، ثم تركته وانصرفت في الرفيق الأعلى ونعم الرفيق. اهـ. (ص101).ثم يزعم الجيلي أن السماء الرابعة هي قلب الشمس وأن فيها إدريس وأن أكثر الأنبياء في دائرة هذا الفلك المكين مثل عيسى وسليمان وداود وإدريس وجرجيس.. وغيرهم.. إلخ.أسمعتم يا مسلمون نبيًا من أنبياء الله يسمى جرجيس،.. ها هو الجيلي اطلع عليه في السماء وجاءكم باسمه كما جاءكم باسم ملك يسمى توحائيل.. أنظرتم كيف يكون الكشف وعلم الغيب. هذه هي نماذجه. وأما السماء الخامسة عند الجيلي فهي سماء الكوكب المسمى بهرام.. وحاكم هذه السماء عزرائيل وهو روحانية المريخ صاحب الانتقام والتوبيخ.. (هكذا والله..) ويستطرد الجيلي فيصف السماء السادسة فهي عنده كوكب المشتري.. ويقول: رأيت فيها موسى عليه السلام متمكنًا في هذا المقام واضعًا قدمه على هذه السماء قابضًا بيمينه (يلاحظ في هذا التخليط والتقول على الله أن هؤلاء الكاذبين يعمدون إلى الوحي القرآني والحديثي فيأخذون منه ما يشاءون ويخلطونه بهذه الأكاذيب ويزعمون أن ذلك هو الكشف الذي كشف لهم فذكر منصبة موسى على ساق سدرة المنتهى مأخوذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أكون أول من يفيق فأجد موسى باطشًا بساق العرش» ساق سدرة المنتهى سكران من خمر تجلي الربوبية.. أي موسى انطبعت في مرآة علمه أشكال الأكوان وتجلت فيه ربوبية الملك الديان.. وأنه دار بينه وبين الجيلي هذا الحوار.. يقول الجيلي بالنص:فوقفت متأدبًا بين يديه، وسلمت بتحقيق مرتبته عليه، فرفع رأسه من سكرة الأزل ورحب بي ثم أهل، فقلت له: يا سيدي قد أخبر الناطق بالجواب الصادق في الخطاب، أنه قد برزت لك خلعة لن تراني من ذلك الجناب، وحالتك هذه غير حالة أهل الحجاب، فأخبرني بحقيقة هذا الأمر العجاب، فقال: اعلم أنني لما خرجت من مصر أرضي إلى حقيقة فرضي، ونوديت من طور قلبي بلسان ربي من جانب شجرة الأحدية في الوادي المقدس بأنوار الأزلية {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} [طه: 14]. فلما عبدته كما أمر في الأشياء، وأثنيت عليه بما يستحقه من الصفات والأسماء تجلت أنوار الربوبية لي فأخذني عني، فطلبت البقاء في مقام اللقاء، ومحال أن يثبت المحدث لظهور القديم، فنادى لسان سري مترجمًا عن ذلك الأمر العظيم، فقلت: {رب أرني أنظر إليك} [الأعراف: 143]. فأدخل بانيتي في حضرة القدس عليك فسمعت الجواب من ذلك الجناب {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل} [الأعراف: 143]. وهي ذاتك المخلوقة من نوري في الأزل، {فإن استقر مكانه} [الأعراف: 143].. بعد أن أظهر القديم سلطانه {فسوف تراني فلما تجلّى ربه للجبل} [الأعراف: 143]. وجذبتني حقيقة الأزل وظهر القديم على المحدث {جعله دكًا وخر موسى صعقًا} [الأعراف: 143]. فلم يبق في القديم إلا القديم، ولم يتجل بالعظمة إلا العظيم، هذا على أن استيفاؤه غير ممكن وحصره غير جائز، فلا تدرك ماهيته ولا ترى ولا يعلم كنهه ولا يدري، فلما اطلع ترجمان الأزل على هذا الخطاب أخبركم به من أم الكتاب (أي أن الجيلي اطلع على هذه المكاشفة من أم الكتاب) فترجم بالحق والصواب، ثم تركته وانصرفت وقد اغترفت من بحره ما اغترفت (ص104). اهـ..ويستطرد الجيلي مبينًا مشاهداته في هذه السماء فيقول: ثم إني رأيت ملائكة هذه السماء مخلوقة على سائر أنواع الحيوانات فمنهم من خلقه الله تعالى على هيئة الطائر وله أجنحة لا تنحصر للحاصر، وعبادة هذا النوع خدمة الأسرار ورفعها من حضيض الظلمة إلى عالم الأنوار، ومنهم من خلقه الله تعالى على هيئة الخيول المسومة، وعبادة هذه الطائفة المكرمة رفع القلوب من سجن الشهادة إلى فضاء الغيوب، ومنهم من خلقه الله تعالى على هيئة النجائب وفي صورة الركائب، وعبادة هذا النوع رفع النفوس إلى عالم المعاني من عالم المحسوس، ومنه من خلقه الله تعالى على هيئة البغال والحمير!! وعبادة هذا النوع رفع الحقير وجبر الكسير والعبور من القليل إلى الكثير ومنهم من خلقه الله تعالى على صرة الإنسان وعبادة هؤلاء حفظ قواعد الأديان، ومنهم من خلق على صفة بسائط الجواهر والأعراض وعبادة هؤلاء إيصال الصحة إلى الأجسام المراض، ومنهم من خلق على أنواع الحبوب والمياه وسائر المأكولات والمشروبات، وعبادة هؤلاء إيصال الأرزاق إلى مرزوقها من سائر المخلوقات، ثم إني رأيت في هذه السماء ملائكة مخلوقة بحكم الاختلاط مزجًا، فالنصف من نار والنصف من ماء عقد ثلجًا، فلا الماء يفعل في إطفاء النار ولا النار تغير الماء عن ذلك القرار. (ص105).وأما السماء السابعة التي شاهدها الجيلي وجاء يقص علينا مشاهداته فهي السماء السابعة، وهي عنده زحل، ويحكى أنه شاهد فيها إبراهيم عليه السلام قائمًا في هذه السماء وله منصة يجلس عليها على يمين العرش من فوق الكرسي وهو يتلو آية {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق} [إبراهيم: 39].ويستطرد الجيلي بعد ذلك تبجحًا أنه صعد إلى سدرة المنتهى وأنه رأى هناك الملائكة وأنها على هيئات مختلفة وأمامهم سبعة، ثم ثلاثة ثم ملك مقدم يسمى عبدالله.. وأنهم أخبروه أنهم لم يسجدوا لآدم- هكذا.. علمًا بأن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} [الحجر: 30-31].فأكد الله سبحانه سجود الملائكة بكل وجميع ولكن جاءنا الجيلي ليخبرنا بأن الملائكة هؤلاء الذين شاهدهم في السماء لم يؤمروا بالسجود لآدم فاكتشف ما لم يعلمه الله ورسوله. وهذا نص عبارته في ذلك:ثم رأيت سبعة جملة هذه المائة متقدمة عليهم يسمون قائمة الكروبيين، ورأيت ثلاثة مقدمين على هذه السبعة يسمون بأهل المراتب والتمكين، ورأيت واحدًا مقدمًا على جميعهم يسمى عبدالله، وكل هؤلاء عالون ممن لم يؤمروا بالسجود لآدم، ومن فوقهم كالملك المسمى بالنون والملك المسمى بالقلم وأمثالهم أيضًا عالون، وبقية ملائكة القرب دونهم، وتحتهم مثل جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل (ليس في ملائكة الله عز وجل ملك يسمى عزرائيل ولم يثبت ذلك في حديث صحيح أو ضعيف ولكنه اسم يجري على ألسنة العامة، ولكن هؤلاء الجهلة يلتقطون مثل هذه الأسماء ويجعلونها كشفًا وعلمًا لدنيًا وروحيًا وإلهامًا لهم فانظر وتعجب..) وأمثالهم.ورأيت في هذا الفلك من العجائب والغرائب ما لا يسعنا شرحه. (ص107).ولا يكتفي الجيلي ببيان كفرياته وهذيانه في السماء فينتقل إلى الأرض وهي عنده ليست أرضًا واحدة بل هو يزعم أنه شاهد سبعة أرضين وسبعة بحار ومحيطات وهاك بعضًا من هذا الهذيان الذي يزعم فيه الجيلي أنه رأى فيه الخضر وموسى، وأفلاطون وأرسطو والاسكندر، إلى هذيان وكفر لا يسع المؤمن عند سماعه وقراءته إلا أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك» وأن يقول أيضًا: «الحمد لله الذي عافانا وما علينا ووقانا» وهاك أخي القارئ شيئًا من هذا الهذيان:إن الله تعالى لما بسط الأرض جعلها على قرني ثور يسمى البرهوت وجعل الثور على ظهر الحوت في هذا البحر يسمى البهموت، وهو الذي أشار إليه الحق تعالى بقوله: {وما تحت الثرى} [طه: 6]. ومجمع البحرين هذا هو الذي اجتمع فيه موسى عليه السلام بالخضر على شطه، لأن الله تعالى كان قد وعده بأن يجتمع بعبد من عباده على مجمع البحرين، فلما ذهب موسى وفتاه حاملًا لغذائه ووصلا إلى مجمع البحرين لم يعرفه موسى عليه السلام إلا بالحوت الذي نسيه الفتى على الصخرة وكان البحر مدًا، فلما جزر بلغ الماء إلى الصخرة فصارت حقيقة الحياة في الحوت، فاتخذ سبيله في البحر سربًا، فعجب موسى من حياة حوت ميت قد طبخ على النار، وهذا الفتى اسمه يوشع بن نون، وهو أكبر من موسى عليه السلام في السن سنة شمسية وقصتهما مشهورة، وقد فصلنا ذلك في رسالتنا الموسومة (بمسامرة الخليل ومسايرة الصحيب) فليتأمل فيه.سافر الإسكندرية ليشرب من هذا الماء اعتمادًا على كل كلام أفلاطون أن من شرب من ماء الحياة فإنه لا يموت، لأن أفلاطون كان قد بلغ هذا المحل وشرب من هذا البحر فهو باق إلى يومنا هذا في جبل يسمى دواوند، وكان أرسطو تلميذ أفلاطون وهو أستاذ الاسكندر صحب الاسكندر في مسيره إلى مجمع البحرين، فلما وصل إلى أرض الظلمات ساروا وتبعهم نفر من العسكر وأقام الباقون في مدينة تسمى ثُبُتْ برفع الثاء المثلثة والباء الموحدة وإسكان التاء المثناة من فوق وهو حد ما تطلع الشمس عليه، وكان في جملة من صحب الاسكندر من عسكر الخضر عليه السلام، فساروا مدة لا يعلمون عددها ولا يدركون أمدها وهم على ساحل البحر، وكلما نزلوا منزلًا شربوا من الماء، فلما ملوا من طول السفر أخذوا في الرجوع إلى حيث أقام العسكر، وقد كانوا مروا بمجمع البحرين على طريقهم من غير أن يشعروا به، فما أقاموا عنده ولا نزلوا به لعدم العلامة، وكان الخضر عليه السلام قد ألهم بأن أخذ طيرًا فذبحه وربطه على ساقه، فكان يمشي ورجله في الماء، فلما بلغ هذا المحل انتعش الطير واضطرب عليه، فأقام عنده وشرب من ذلك الماء واغتسل منه وسبح فيه، فكتمه عن الاسكندر وكتم أمره إلى أن خرج، فلما نظر أرسطو إلى الخضر عليه السلام علم أنه قد فاز من دونهم بذلك، فلزم خدمته إلى أن مات واستفاد من الخضر هو والاسكندر علومًا جمة. (ص117).ويستطرد الجيلي شارحًا له عن طريق كشوفاته وهذيانه فيقول:.. واعلم أن الخضر عليه السلام قد مضى ذكره فيما تقدم، خلقه الله تعالى من حقيقته: {ونفخت فيه من روحي} [الحجر: 29]. فهو روح الله، فلهذا عاش إلى يوم القيامة، اجتمعت به وسألته، ومنه أروي جميع ما في هذا البحر المحيط (جميع الصوفية يزعمون أن كل ما ينقلونه من علومهم يسمعونه من الخضر، وقد زاد الجيلي أن الخضر مخلوق من روح الله.. ولا يعلم هذا الجاهل أن آدم هو الذي أمر الله جبريل أن ينفخ فيه وجبريل هو روح الله وليس الخضر خلقًا خاصًا).واعلم أن هذا البحر المحيط المذكور، وما كان منه منفصلًا عن جبل (ق) مما يلي الدنيا فهو مالح وهو البحر المذكور، وما كان منه متصلًا بالجبل فهو وراء المالح، فإنه البحر الأحمر الطيب الرائحة وما كان من وراء جبل (ق) متصلًا بالجبل الأسود فإنه البحر الأخضر، وهو من الطعم كالسم القاتل، ومن شرب منه قطرة هلك، وفني لوقته، وما كان منه وراء الجبل يحكم الانفصال والحيطة والشمول بجميع الموجودات فهو البحر الأسود الذي لا يعلم له طعم ولا ريح ولا يبلغه أحد، بل وقع به الأخبار، فعلم وانقطع عن الآثار فكتم.وأما البحر الأحمر الذي نشره كالمسك الأذفر فإنه يعرف بالبحر الأسمى ذي الموج الأنمى، رأيت على ساحل هذا البحر رجالًا مؤمنين، ليس لهم عبادة إلا تقريب الخلق إلى الحق، قد جبلوا على ذلك، فمن عاشرهم أو صاحبهم عرف الله بقدر معاشرتهم، وتقرب إلى الله بقدر مسايرتهم، وجوههم كالشمس الطالع والبرق اللامع، يستضيء بهم الحائر في تيهات القفار، ويهتدي بهم التائه في غيابات البحار، إذا أرادوا السفر في هذا البحر نصبوا شركًا لحيتانه، فإذا اصطادوا ركبوا عليها لأن مراكب هذا البحر حيتانه، ومكتسبه لؤلؤه ومرجانه، ولكنهم عند أن يستووا على ظهر هذا الحوت ينتعشون بطيب رائحة البحر فيغمى عليهم، فلا يفيقون إلى أنفسهم، ولا يرجعون إلى محسوسهم ما داموا راكبين في هذا البحر، فتسير بهم الحيتان إلى أن يأخذوا حدها من الساحل، فتقذف بهم في منزل من تلك المنازل، فإذا وصلوا إلى البر وخرجوا من ذلك البحر، رجعت إليهم عقولهم، وبان لهم محصولهم فيظفرون بعجائب وغرائب لا تحصر، أقل ما يعبر عنها، بأنها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. (ص118).وفي ختام هذا الهذيان يقول الجيلي: وأما البحر السابع فهو الأسود القاطع، لا يعرف سكانه، ولا يعلم حيتانه، فهو مستحيل الوصول غير ممكن الحصول، لأنه وراء الأطوار وآخر الأكوار والأدوار، لا نهاية لعجائبه، ولا آخر لغرائبه، قصر عنه المدى فطال، وزاد على العجائب حتى كأنه المحال، فهو بحر الذات الذي حارت دونه الصفات، وهو المعدوم الموجود والموسوم والمفقود والمعلوم والمجهول والمنقول والمحتوم والمعقول، وجوده فقدانه، أوله محيط بآخره وباطنه مستو على ظاهره، لا يدرك ما فيه، ولا يعلمه أحد فيستوفيه، فلنقبض العنان عن الخوض فيه والبيان {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل} [الأحزاب: 4]. وعليه التكلان. (ص118). اهـ..وهكذا يكون الهذيان مختومًا بقوله تعالى: {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل..} [الأحزاب: 4]... أعرفتم الحق الذي يدعونا إليه الجيلي ومن على شاكلته من هؤلاء الملاحدة والزنادقة؟ إنه هذا الهذيان الذي لا أول له ولا آخر.ما الذي يريده هؤلاء الملاحدة؟!وقد يسأل سائل: وما الذي يريده هؤلاء من تأليف هذه الكتب، ونشر هذا الجنون والهذيان؟! ولست أنا الذي سأجيب عن هذا السؤال، وإنما سأثبت الجواب من كلام الجيلي نفسه. إنه يقول بالنص:اعلم أن الله تعالى إنما خلق جميع الموجودات لعبادته، فهم مجبولون على ذلك مفطورون عليه من حيث الأصالة، فما في الوجود شيء إلا هو يعبد الله بحاله ومقاله وفعاله، بل بذاته وصفاته، فكل شيء في الوجود مطيع لله تعالى، لقوله تعالى للسماوات والأرض: {ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11]. وليس المراد بالسماوات إلا أهلها، ولا بالأرض إلا سكانه. وقال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]. ثم شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يعبدونه بقوله: «كل ميسر لما خلق له» لأن الجن والإنس مخلوقون لعبادته وهم ميسرون لما خلقوا له، فهم عباد الله بالضرورة، ولكن تختلف العبادات لاختلاف مقتضيات الأسماء والصفات، لأن الله تعالى متجل باسمه المضل، كما هو متجل باسمه الهادي، فكما يجب ظهور أثر اسمه المنعم، كذلك يجب ظهور أثر اسمه المنتقم. واختلاف الناس في أحوالهم لاختلاف أرباب الأسماء والصفات، قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة} [البقرة: 213]. يعني عباد الله مجبولون على طاعته من حيث الفطرة الأصلية، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ليعبده من اتبع الرسل من حيث اسمه المضل، فاختلف الناس وافترقت الملل وظهرت النحل، وذهبت كل طائفة إلى ما علمته أنه صواب.ولو كان ذلك العلم عند غيرها خطأ ولكن حسنه الله عندها ليعبدوه من الجهة التي تقتضيها تلك الصفة المؤثرة في ذلك الأمر، وهذا معنى قوله: {ما من دابة في الأرض إلا هو آخذ بناصيتها} [هود: 56]. فهو الفاعل بهم على حسب ما يريد مريده، وهو عين ما اقتضته صفاته، فهو سبحانه وتعالى يجزيهم على حسب مقتضى أسمائه وصفاته، فلا ينفعه إقرار أحد بربوبيته ولا يضره جحود أحد بذلك، بل هو سبحانه وتعالى يتصرف فيهم على ما هو مستحق لذلك من تنوع عباداته التي تنبغي لكماله، فكل من في الوجود عابد لله تعالى، مطيع لقوله تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44].، لأن من تسبيحهم ما يسمى مخالفة ومعصية وجحودًا وغير ذلك، فلا يفقهه كل أحد، ثم إن النفي إنما وقع على الجملة، فصح أن يفقهه البعض؛ فقوله: {ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44]. يعني من حيث الجملة، فيجوز أن يفقهه بعضهم. (ص120).وبعد أن يذكر الجيلي طوائف الناس ومللهم يقول: فكل هذه الطوائف عابدون لله تعالى كما ينبغي أن يعبد لأنه خلقهم لنفسه لا لهم فهم له كما يستحق ثم إنه سبحانه وتعالى أظهر في هذه الملل حقائق أسمائه وصفاته فتجلى في جميعها بذاته فعبدته جميع الطوائف. (ص122).ويشرح هذا المعنى تفصيليًا فيقول:فأما الكفار فإنهم عبدوه بالذات، لأنه لما كان الحق سبحانه وتعالى حقيقة الوجود بأسره والكفار من جملة الوجود وهو حقيقتهم فكفروا أن يكون لهم رب لأنه تعالى حقيقتهم ولا رب له بل هو الرب المطلق، فعبدوه من حيث ما تقتضيه ذواتهم التي هو عينها (وما دام أنهم في زعمه وكفره هم عين الله فهم ينفذون لثبته وأمره بل هم الله فلا حاجة بهم إلى أن يعلموا ذلك أو لا يعلموه. وبالتالي فكفرهم بإله غيرهم وخارج عن طبيعتهم هو عين الإيمان وعين الحق في نظر الجيلي الزنديق ومن على شاكلته من هؤلاء الملاحدة الذين لم تعرف الأرض أفجر ولا أكفر منهم).ثم من عبد منهم الوثن فلسر وجوده سبحانه بكماله بلا حلول ولا مزج في كل فرد من أفراد ذوات الوجود، فكان تعالى حقيقة تلك الأوثان التي يعبدونها فما عبدوا إلا الله. (ص122).وأظن أنه ليس هناك عبارة أصرح وأوضح من هذه العبارات تبين المقصود والمآل الذي يرمي المتصوفة والوصول إليه.ويستطرد الجيلي مبينًا عقائد الناس وأنهم جميعًا على حق. فيقول عن اليهود: وأما اليهود فإنهم يتعبدون بتوحيد الله تعالى ثم بالصلاة في كل يوم مرتين.. ويتعبدون بالاعتكاف يوم السبت، وشرط الاعتكاف عندهم أن لا يدخل في بيته شيئًا مما يتمول به، ولا مما يؤكل، ولا يخرج منه شيئًا، ولا يحدث فيه نكاحًا ولا بيعًا ولا عقدًا، وأن يتفرغ لعبادة الله تعالى لقوله تعالى في التوراة:(أنت وعبدك وأمتك لله تعالى في يوم السبت)، فلأجل هذا حرم عليهم أن يحدثوا في يوم السبت شيئًا مما يتعلق بأمر دنياهم، ويكون مأكوله مما جمعه يوم الجمعة، وأول عندهم إذا غربت الشمس من يوم الجمعة، وآخره الاصفرار من يوم السبت.وهذه حكمة جليلة؛ فإن الحق تعالى خلق السماوات والأرضين في ستة أيام، وابتدأها في يوم الأحد ثم استوى على العرش في اليوم السابع وهو يوم السبت، فهو يوم الفراغ، فلأجل هذا عبد الله اليهود بهذه العبادة في هذا اليوم إشارة إلى الاستواء الرحماني وحصوله في هذا اليوم فافهم. (ص127).ثم يقول مادحًا النصارى كذلك فيقول:وأما النصارى فإنهم أقرب من جميع الأمم الماضية إلى الحق تعالى، فهم دون المحمديين، سببه أنهم طلبوا الله تعالى فعبدوه في عيسى ومريم وروح القدس، ثم قالوا بعدم التجزئة، ثم قالوا بمقدمه على وجوده في محدث عيسى وكل هذا تنزيه في تشبيه لائق بالجناب الإلهي.أي أن فعل النصارى هذا من تشبيه الله بخلقه ومن عبادة الثلاث ومن اتخاذ أرباب مع الله كل ذلك لائق في عقيدة عبدالكريم الجيلي ولكنه يراهم أيضًا مقصرون لأنهم حصروا الله في ثلاث نقط، والله عنده لا ينحصر في ثلاثة لأن كل موجود هو الله.هذه هي الغاية التي يسعى هؤلاء الزنادقة سعيًا حثيثًا إليها. إنها التسوية بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والكفر والإيمان، وإبليس وجبريل، ومحمد صلى الله عليه وسلم وأبو جهل، والخمر والماء، والأخت والأجنبية، والزواج والزنا واللواط، والقتل ظلمًا والرحمة، والتوحيد والشرك، فلا ضلال في الأرض إلا في نظر القاصرين فقط، وأما العارفون فكل هذه الموجودات شيء واحد بل ذات واحدة تعددت وجوداتها، وتعددت أشكالها وألوانها وهي حقيقة واحدة- وبهذا الدين الذي لم تعرف البشرية أظلم ولا أفجر ولا أكفر منه- اعتقد هؤلاء الزنادقة وألبسوا هذا الدين الفاجر آيات القرآن وأحاديث النبي الكريم، ووصفوا أنفسهم بأنهم خير الناس وأعلمهم وأتقاهم، وهذه هي حالهم في الظلم والكفر والفجور، وهدم دين الإسلام وإحلال شرائع الشيطان مكان شريعة الرحمن، وطمس صفات الله ونوره سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. وأستغفر الله من نقل هذا الكفر وتسطيره. فإنه كفر لم تقله اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا الصابئة.. ورحم الله الإمام عبدالله بن المبارك الذي كان يقول: إنا لنحكي كفر اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي كفر الجهمية.. فكيف لو رأى كفر هؤلاء الصوفية الملاحدة ماذا كان يقول في ذلك؟!حقًا إن هذا لشيء عظيم ولكننا مضطرون أن نذكر كفرهم لندحضه ولنبينه للناس ليحذرون بعد أن عم شرهم البلاد والعباد، وبعد أن اغتر بهم جمع غفير من المسلمين، فظنوا أن الحق مع هؤلاء فاتبعوهم حتى صرفوهم عن دين الرسول صلى الله عليه وسلم وأوصلوهم إلى هذه النهاية المزرية التي يستحيل على الإنسان إذا وصلها أن يميز بين خير وشر، وهدى وضلالة، لأن كل هذه الأضداد ستكون عنده شيئًا واحدًا.ومع ذلك فإن الجيلي يستطرد في هذا الباب شارحًا مراده تمامًا فيقول:ولم يفتقر في ذلك إلى علمهم، ولا يحتاج إلى نياتهم، لأن الحقائق ولو طال إخفاؤها لا أن تظهر. اهـ.. يعني أن الله لا يحتاج أن يعلم الكافر به ما دام أن وجود هذا الكافر هو وجود الله، وأن هذه الحقيقة لا بد وأن تظهر للعيان يومًا ما..ويمضي الجيلي شارحًا معتقده فيقول..وأما الطباعية فإنهم عبدوه من حيث صفاته الأربع..، لأن أربعة الأوصاف الإلهية.. التي هي الحياة والعلم والقدرة والإرادة أصل بناء الوجود فالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة مظاهرها في عالم الأكوان، فالرطوبة مظهر الحياة، والبرودة مظهر العلم، والحرارة مظهر الإرادة، واليبوسة مظهر القدرة. وحقيقة هذه المظاهر ذات الموصوف بها سبحانه وتعالى.. فعبدت هذه الطبائع لهذا السر فمنهم من علم ومنهم من جهل العالم سابق، والجاهل لاحق فهم عابدون للحق من حيث الصفات، ويؤول أمرهم إلى السعادة كما آل أمر من قبلهم إليها بظهور الحقائق التي بني أمرهم عليها. (ص123-124).وهكذا يقرر الجيلي أن الفلاسفة الطبائعيين الذين قالوا برجوع الطبيعة إلى العناصر الأربعة هم عابدون لله شاؤوا أم أبوا، علموا أم جهلوا، وأن أمرهم إلى السعادة الأبدية. ويستدل لهذا الكفر الشنيع أيضًا بالقرآن فيقول: والدليل من القرآن أن الله قال في الأحزاب المختلفين {كل حزب بما لديهم فرحون} [المؤمنون: 53]. فيقول: إن فرحهم هذا في الدنيا والآخرة، فكل حزب يفرح بما عنده في الدنيا، ويفرح به أيضًا في الآخرة عندما يطلع الجميع أنه لا ثمة إلا الله وأنهم جميعًا مظاهر للذات الإلهية، وليسوا شيئًا خارجًا عنها.وهكذا يستخدم القرآن أيضًا في هذا الكفر والباطل الذي لم تعرف البشرية له مثيلًا في كل تاريخها فقد ارتكز في الفطرة أن هناك حقًا وباطلًا، هدى وضلالًا، نورًا وظلامًا، كذبًا وصدقًا، وإيمانًا..، ولكن عند هؤلاء الصوفية كل هذا شيء واحد وحق واحد اختلفت مظاهره ولم تختلف حقيقته فالجنة والنار كلاهما نعيم، وإبليس وجبريل كلاهما عابد، بل معبود، بل شيء تعددت صفاته بتعدد موجوداته..ويستطرد الجيلي في شرح كفره وفجوره فيقول:وأما الثنوية فإنهم عبدوه من حيث نفسه تعالى، لأنه تعالى جمع الأضداد بنفسه، فشمل المراتب الحقية والمراتب الخلقية، وظهر في الوصفين بالحكمين، وظهر في الدارين بالنعتين، فما كان منسوبًا إلى الحقيقة الحقية فهو الظاهر في الأنوار وما كان منسوبًا إلى الحقيقة الخلقية فهو عبارة عن الظلمة، فعبدوا النور والظلمة لهذا السر الإلهي الجامع للوصفين والضدين والاعتبارين والحكمين كيف شئت من أي حكم شئت، فإنه سبحانه يجمعه وضده بنفسه.فالثنوية عبدوه من حيث هذه اللطيفة الإلهية مما يقتضيه في نفسه سبحانه وتعالى، فهو المسمى بالحق، وهو المسمى بالخلق، فهو النور والظلمة. (ص125). اهـ..بهذا الوضوح شرح الجيلي مذهب الفلاسفة الصوفية الزنادقة الملاحدة، وبهذا التفصيل والبيان يستطرد أيضًا قائلًا:وأما المجوس فإنهم عبدوه من حيث الأحدية، فكما أن الأحدية مفنية لجميع المراتب والأسماء والأوصاف، كذلك النار فإنها أقوى الاستقصاءات وأرفعها، فإنها مفنية لجميع الطبائع بمحاذاتها، لا تقاربها طبيعة إلا تستحيل إلى النارية لغلبة قوتها، فكذلك الأحدية لا يقابلها اسم ولا وصف إلا يندرج فيها ويضمحل، فلهذه اللطيفة عبدوا النار وحقيقتها ذاتها وتعالى.فيجعل المجوس قسمًا غير الثنوية والمعلوم أنهم قسم واحد فالثنوية القائلون بالنور والظلمة وإله للخير وإله للشر هم أيضًا المجوس عبدة النار التي يجعلونها ستارًا وعلامة لإلهم إله الخير في زعمهم ولكن الجيلي الملحد يجعل هؤلاء أيضًا عبدة النيران من أهل الحق والتوحيد وأن عبادتهم للنار حق أقوى العناصر وأرفعها ويقول والنار حقيقتها ذات الله تعالى. فأي كفر يا قوم في الأرض أعظم من هذا وأكبر.. ويمدح الجيلي المجوس فيقول:فلما انتشقت مشام أرواح المجوس لعطر هذا المسك زكمت عن شمه سواه فعبدوا النار وما عبدوا إلا الواحد القهار. اهـ. (ص126).فأي تصريح عن عقائد القوم أبلغ من هذا..ثم يقول: وأما الدهرية (أي الاسم) فإنهم عبدوه من حيث الهوية (الدهرية: هم القائلون بأنه لا إله والحياة مادة فما هي أرحام تدفع وأرض يبلع واسمهم هذا مأخوذ من قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} [الجاثية: 24] فقال عليه السلام: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر».قلت: هذا إبليس والزنادقة لم يصل إلى هذا الحد في الكفر فالمقصود بقول رسول الله: «إن الله هو الدهر» هو أنه سبحانه وتعالى مقدر المقادير؛ فسب الأيام سب لله لأنه هو مقدر المقادير سبحانه وتعالى والزمان لا دخل له في ذلك. فنهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن سب الزمان لأن هذا من ثم يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى. وليس مقصود الرسول حتمًا أن الله هو الزمان لأن الله جل وعلا هو خالق الزمان والمكان والخالق غير المخلوق. وأما الدهرية فإنهم لا يؤمنون بإله أصلًا والجيلي يجعل هؤلاء الملاحدة عبادًا لله.. انظر..
|