الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
قَوْله (فِي جَنَّة عَدْن).قَالَ اِبْن بَطَّال: لَا تَعَلُّق لِلْمُجَسِّمَةِ فِي إِثْبَات الْمَكَان لِمَا ثَبَتَ مِنْ اِسْتِحَالَة أَنْ يَكُون سُبْحَانه جِسْمًا أَوْ حَالًا فِي مَكَان، فَيَكُون تَأْوِيل الرِّدَاء: الْآفَة الْمَوْجُودَة لِأَبْصَارِهِمْ الْمَانِعَة لَهُمْ مِنْ رُؤْيَته، وَإِزَالَتهَا فِعْل مِنْ أَفْعَاله يَفْعَلهُ فِي مَحَلّ رُؤْيَتهمْ فَلَا يَرَوْنَهُ مَا دَامَ ذَلِكَ الْمَانِع مَوْجُودًا، فَإِذَا فَعَلَ الرُّؤْيَة زَالَ ذَلِكَ الْمَانِع وَسَمَّاهُ رِدَاء لِتَنَزُّلِهِ فِي الْمَنْع مَنْزِلَة الرِّدَاء الَّذِي يَحْجُب الْوَجْه عَنْ رُؤْيَته فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الرِّدَاء مَجَازًا، وَقَوْله: «فِي جَنَّة عَدْن» رَاجِع إِلَى الْقَوْم، وَقَالَ عِيَاض مَعْنَاهُ رَاجِع إِلَى النَّاظِرِينَ أَيْ وَهُمْ فِي جَنَّة عَدْن لَا إِلَى اللَّه فَإِنَّهُ لَا تَحْوِيه الْأَمْكِنَة سُبْحَانه، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ يَتَعَلَّق بِمَحْذُوفٍ فِي مَوْضِع الْحَال مِنْ الْقَوْم مِثْل كَائِنِينَ، فِي جَنَّة عَدْن، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْله فِي جَنَّة عَدْن مُتَعَلِّق بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَار فِي الظَّرْف فَيُقَيَّد بِالْمَفْهُومِ اِنْتِفَاء هَذَا الْحَصْر فِي غَيْر الْجَنَّة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ التُّورْبَشْتِيُّ بِقَوْلِهِ: يُشِير إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِن إِذَا تَبَوَّأَ مَقْعَده وَالْحُجُب مُرْتَفِعَة وَالْمَوَانِع الَّتِي تَحْجُب عَنْ النَّظَر إِلَى رَبّه مُضْمَحِلَّة إِلَّا مَا يَصُدّهُمْ مِنْ الْهَيْبَة كَمَا قِيلَ: أَشْتَاقهُ فَإِذَا بَدَا أَطْرَقْت مِنْ إِجْلَاله فَإِذَا حَفَّهُمْ بِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَته رَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ.6891- عَنْ عَبْد اللَّه وَهُوَ اِبْنُ مَسْعُود.قَوْله: (قَالَ عَبْد اللَّه):وَهُوَ اِبْن مَسْعُود رَاوِيه، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور.قَوْله: (مِصْدَاقه):أَيْ الْحَدِيث، وَمِصْدَاق بِكَسْرِ أَوَّله مِفْعَال مِنْ الصِّدْق بِمَعْنَى الْمُوَافَقَة.قَوْله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ} إِلَى أَنْ قَالَ: {وَلَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه} الْآيَة:كَذَا لِأَبِي ذَرّ وَغَيْره وَالْمُرَاد هُنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَة قَوْله بَعْده {وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ} وَيُؤْخَذ مِنْهُ تَفْسِير قَوْله: «لَقِيَ اللَّه وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان» وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْغَضَب سَبَب لِمَنْعِ الْكَلَام، وَالرُّؤْيَة وَالرِّضَا سَبَب لِوُجُودِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْح هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور.6892- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَة.قَوْله (عَنْ عَمْرو).هُوَ اِبْن دِينَار الْمَكِّيّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيث سَنَدًا وَمَتْنًا فِي كِتَاب الشُّرْب وَتَقَدَّمَ شَرْحه مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِر الْأَحْكَام.6893- حَدِيث أَبِي بَكْرَة:وَعَبْد الْوَهَّاب فِي سَنَده هُوَ اِبْن عَبْد الْمَجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَيُّوب هُوَ السِّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمَّد هُوَ اِبْن سِيرِينَ، وَابْن أَبِي بَكْرَة هُوَ عَبْد الرَّحْمَن كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي كِتَاب الْحَجّ وَالسَّنَد كُلّه بَصْرِيُّونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِعَيْنِهِ فِي بَدْء الْخَلْق وَفِي الْمَغَازِي، وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ ذِكْر هَذَا السَّنَد فِي التَّوْحِيد وَفِي الْمَغَازِي وَهُوَ ثَابِت فِيهِمَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِير عَنْ أَبِي مُوسَى وَلَمْ أَرَهُ فِي التَّفْسِير مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر مِنْهُ فِي بَدْء الْخَلْق إِلَّا قِطْعَة يَسِيرَة إِلَى قَوْله: «وَشَعْبَان» وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ فِي الْمَغَازِي، وَهُنَا إِلَّا أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ وَسَطه هُنَا عِنْد أَبِي ذَرّ عَنْ السَّرَخْسِيّ، قَوْله قَالَ: «فَأَيّ يَوْم هَذَا- إِلَى قَوْله- قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ» وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحه مُفَرَّقًا، أَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِأَوَّلِهِ وَهُوَ «أَنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ» فَفِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِالشَّهْرِ الْحَرَام وَالْبَلَد الْحَرَام. فَفِي بَاب الْخُطْبَة أَيَّام مِنًى مِنْ كِتَاب الْحَجّ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِالنَّهْيِ عَنْ ضَرْب بَعْضهمْ رِقَاب بَعْض فَفِي كِتَاب الْفِتَن، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِالْحَثِّ عَلَى التَّبْلِيغ فَفِي كِتَاب الْعِلْم وَالْمُرَاد مِنْهُ هُنَا قَوْله: «وَسَتَلْقَوْنَ رَبّكُمْ فَيَسْأَلكُمْ عَنْ أَعْمَالكُمْ» وَقَدْ ذَكَرْت مَا فُسِّرَ بِهِ اللِّقَاء فِي الْحَدِيث الْخَامِس، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.تَكْمِلَةٌ:جَمَعَ الدَّارَقُطْنِيُّ طُرُق الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي رُؤْيَة اللَّه تَعَالَى فِي الْآخِرَة فَزَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ، وَتَبِعَهَا اِبْن الْقَيِّم فِي حَادِي الْأَرْوَاح فَبَلَغَتْ الثَّلَاثِينَ وَأَكْثَرهَا جِيَاد، وَأَسْنَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين قَالَ عِنْدِي سَبْعَة عَشَر حَدِيثًا فِي الرُّؤْيَة صِحَاحٌ. اهـ.
.كلام نفيس وجامع لابن القيم: قال عليه الرحمة ما نصه:الباب الخامس والستون: في رؤيتهم ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم جهرة كما يرى القمر ليلة البدر وتجليه لهم ضاحكا إليهم هذا الباب اشرف أبواب الكتاب واجلها قدرا وأعلاها خطرا واقرها عينا أهل السنة والجماعة وأشدها على أهل البدعة والضلالة وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون وتنافس فيها المتنافسون وتسابق إليها المتسابقون ولمثلها فليعمل العاملون إذا ناله أهل الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم وحرمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم اشد عليهم من عذاب الجحيم اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون وأنكرها أهل البدع المارقون والجهمية المتهوكون والفرعونية المعطلون والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون ومن حبل الله منقطعون وعلى مسبة أصحاب رسول الله عاكفون وللسنة وأهلها محاربون ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون وعن بابه مطرودون أولئك أحزاب الضلال وشيعة اللعين وأعداء الرسول وحزبه وقد اخبر الله سبحانه وتعالى عن أعلم الخلق به في زمانه وهو كليمه ونجيه وصفيه من أهل الأرض أنه سال ربه تعالى النظر إليه فقال له ربه تبارك وتعالى: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} وبيان الدلالة من هذه الآية من وجوه عديدة:أحدها أنه لا يظن بكليم الرحمن ورسوله الكريم عليه أن يسأل ربه ما لا يجوز عليه بل ما هو من أبطل الباطل وأعظم المحال وهو عند فروخ اليونان والصابئة والفرعونية بمنزلة أن يسأله أن يأكل ويشرب وينام ونحو ذلك مما يتعالى الله عنه فيا لله العجب كيف صار أتباع الصابئة والمجوس والمشركين عباد الأصنام وفروخ الجهمية والفرعونية أعلم بالله تعالى من موسى بن عمران وبما يستحيل عليه ويجب له واشد تنزيها له منه الوجه الثاني إن الله سبحانه وتعالى لم ينكر عليه سؤاله ولو كان محالا لأنكره عليه ولهذا لما سال إبراهيم الخليل ربه تبارك وتعالى أن يريه كيف يحيي الموتى لم ينكر عليه ولما سأل عيسى بن مريم ربه إنزال المائدة من السماء لم ينكر عليه سؤاله ولما سأل نوح ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله وقال: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين الوجه الثالث أنه أجابه بقوله لن ترني ولم يقل لا تراني ولا إني لست بمرئي ولا تجوز رؤيتي والفرق بين الجوابين ظاهر لمن تأمله وهذا يدل على أنه سبحانه وتعالى يرى ولكن موسى لا تحتمل قواه رؤيته في هذه الدار لضعف قوة البشر فيها عن رؤيته تعالى يوضحه الوجه الرابع وهو قوله ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فأعلمه ان الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت لتجليه له في هذه الدار فكيف بالبشر الضعيف الذي خلق من ضعف الوجه الخامس إن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الجبل مستقرا مكانه وليس هذا بممتنع في مقدوره بل هو ممكن وقد علق به الرؤية ولو كانت مجالا في ذاتها لم يعلقها بالممكن في ذاته ولو كانت الرؤيا محالا لكان ذلك نظير أن يقول: إن استقر الجبل فسوف آكل واشرب وأنام فالأمران عندكم سواء الوجه السادس قوله سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} وهذا من أبين الأدلة على جواز رؤيته تبارك وتعالى فإنه إذا جاز أن يتجلى للجبل الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب عليه فكيف يمتنع أن يتجلى لأنبيائه ورسله وأوليائه في دار كرامتهم ويريهم نفسه فأعلم سبحانه وتعالى موسى إن الجبل إذا لم يثبت لرؤيته في هذه الدار فالبشر اضعف الوجه السابع أن ربه سبحانه وتعالى قد كلمه منه إليه وخاطبه وناجاه وناداه ومن جاز عليه التكلم والتكليم وان يسمع مخاطبه كلامه معه بغير واسطة فرؤيته أولى بالجواز ولهذا لا يتم إنكار الرؤية إلا بإنكار التكليم وقد جمعت هذه الطوائف بين إنكار الأمرين فأنكروا أن يكلم أحدا أو يراه أحد ولهذا سأله موسى عليه السلام النظر إليه واسمعه كلامه وعلم نبي الله جواز رؤيته من وقوع خطا به وتكليمه لم يخبره باستحالة ذلك عليه ولكن أراه أن ما سأله لا يقدر على احتماله كما لم يثبت الجبل لتجليه وأما قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} فإنما يدل على النفي في المستقبل ولا يدل على دوام النفي ولو قيدت بالتأبيد فكيف إذا أطلقت قال تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} مع قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}.فصل:الدليل الثاني قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} وقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلام} وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ} وقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ} وأجمع أهل اللسان على أن اللقاء متى نسب إلى الحي السليم من العمى والمانع اقتضى المعاينة والرؤية ولا ينتقض هذا بقوله تعالى: {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه} فقد دلت الأحاديث الصحيحة الصريحة على أن المنافقين يرونه تعالى في عرصات القيامة بل والكفار أيضا كما في الصحيحين من حديث التجلي يوم القيامة وسيمر بك عن قريب إن شاء الله تعالى وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل السنة احدها أن لا يراه إلا المؤمنون والثاني يراه جميع أهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ثم يحتجب عن الكفار فلا يرونه بعد ذلك والثالث يراه المنافقون دون الكفار والأقوال الثلاثة في مذهب احمد وهي لأصحابه وكذلك الأقوال الثلاثة بعينها لهم في تكليمه لهم وشيخنا في ذلك منصف مفرد وحكى فيه أقوال الثلاثة وحجج أصحابها وكذا قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} إن عاد الضمير على العمل فهو رؤيته في الكتاب مسطورا مثبتا وإن عاد على الرب سبحانه وتعالى فهو لقاؤه الذي وعد به الدليل الثالث قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجهه الكريم كذلك فسرها رسول الله الذي انزل عليه القران فالصحابة من بعده كما روى مسلم في صحيحيه من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا ويريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار فيكشف الحجاب فينظرون الله فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة وقال الحسن بن عرفة حدثنا مسلم بن سالم البلخي عن نوح بن أبي مريم عن ثابت عن أنس قال سئل رسول الله عن هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى وهي الجنة والزيادة وهي النظر إلى وجه الله تعالى وقال محمد بن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج عن عطاء عن كعب بن عجزة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال الزيادة النظر إلى وجه الرحمن جل جلاله قلت لعطاء هذا هو الخراساني وليس عطاء بن أبي رباح قال ابن جرير وحدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال سمعت زهيرا بن محمد قال حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدثوا قال يعقوب ابن سفيان حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا زهير بن محمد قال حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن أبي كعب قال سألت رسول الله عن الزيادة في كتاب الله عز وجل قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل وقال أسد السنة حدثنا قيس بن الربيع عن أبان عن أبي تميمة الهيجمي أنه سمع أبا موسى يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يبعث الله عز وجل يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم أن الله وعدكم الحسنى والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل» وقال ابن وهب أخبرني شبيب عن إبان عن ابن تيمية الهجيمي أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله أن الله عز وجل يأمر يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وأخرهم أن الله وعدكم الحسنى وزيادة الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن وأما الصحابة فقال ابن جرير حدثنا ابن يسار حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال النظر إلى وجه الله الكريم وبهذا الإسناد عن أبي إسحاق عن مسلم بن يزيد عن حذيفة للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال النظر إلى وجه ربهم تعالى وحدثنا على بن عيسى حدثنا شبابة حدثنا أبو بكر الهذلي قال سمعت أبا تميمة الهجيمي يحدث عن أبي موسى الأشعري قال إذا كان يوم القيامة يبعث الله تعالى إلى أهل الجنة مناديا ينادي هل أنجزكم الله ما وعدكم فينظرون إلى ما اعد الله لهم من الكرامة فيقولون نعم فيقول للذين أحسنوا الحسنى وزيادة النظر إلى وجه الرحمن عز وجل.وقال عبد الله بن المبارك عن أبي بكر الهذلي أنبأنا أبو تميمة قال سمعت أبا موسى الأشعري يخطب الناس في جامع البصرة ويقول أن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة فيقول يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم فينظرون فيرون الحلي والحلل والأنهار والأزواج المطهرة فيقولون نعم قد أنجزنا الله ما وعدنا ثم يقول الملك هل أنجزكم الله ما وعدكم ثلاث مرات فلا ينقدون شيئا مما وعدوا فيقولون نعم فيقول قد بقي لكم شيء إن الله عز وجل يقول للذين أحسنوا الحسنى وزيادة إلا أن الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى وفي تفسير أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة قال أما الحسنى فالجنة وأما الزيادة فالنظر إلى وجه الله تعالى وأما القتر فالسواد وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى وعامر بن سعد وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي والضحاك بن مزاحم وعبد الرحمن بن سابط وأبو إسحاق السبيعي وقتادة وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعكرمة مولى ابن عباس ومجاهد بن جبر الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى وقال غير واحد من السلف في الآية ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة بعد النظر إليه والأحاديث عنهم بذلك صحيحة ولما عطف سبحانه الزيادة على الحسنى التي هي الجنة دل على إنها أمر آخر من وراء الجنة وقدر زائد عليها ومن فسر الزيادة بالمغفرة والرضوان فهو من لوازم رؤية الرب تبارك وتعالى.
|