الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة الأنبياء: آية 47]: {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (47)}.وصفت {الْمَوازِينَ} بالقسط وهو العدل، مبالغة، كأنها في أنفسها قسط. أو على حذف المضاف، أى: ذوات القسط. واللام في {لِيَوْمِ الْقِيامَةِ} مثلها في قولك: جئته لخمس ليال خلون من الشهر. ومنه بيت النابغة:وقيل: لأهل يوم القيامة، أى لأجلهم. فإن قلت: ما المراد بوضع الموازين؟ قلت: فيه قولان:أحدهما: إرصاد الحساب السوىّ، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة، من غير أن يظلم عباده مثقال ذرّة، فمثل ذلك بوضع الموازين لتوزن بها الموزونات.والثاني: أنه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الأعمال. عن الحسن: هو ميزان له كفتان ولسان. ويروى: أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان، فلما رآه غشى عليه، ثم أفاق فقال: يا إلهى من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات، فقال: يا داود، إنى إذا رضيت عن عبدى ملأتها بتمرة.فإن قلت: كيف توزن الأعمال وإنما هي أعراض؟ قلت: فيه قولان، أحدهما: توزن صحائف الأعمال. والثاني: تجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة. وقرئ {مِثْقالَ حَبَّةٍ} على كان التامة، كقوله تعالى {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ}.وقرأ ابن عباس ومجاهد: {أَتَيْنا بِها} وهي مفاعلة من الإتيان بمعنى المجازاة والمكافأة، لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء. وقرأ حميد: {أثبنا بها} من الثواب. وفي حرف أبىّ: جئنا بها.وأنث ضمير المثقال لإضافته إلى الحبة، كقولهم: ذهبت بعض أصابعه، أى: آتيناهما.وتوسمت بالواو تتبعت سمانها وعلاماتها فعرفتها بها. ويروى بالراء، أى: تتبعت رسومها وآثارها فعرفتها، أى: تلك المواضع السابقة.وقوله لستة أعوام أى مستقبلا تمام ستة أعوام مضت من عهدها، وهذا العام الحاضر الذي نحن فيه هو السابع.ولو قال: لسبعة أعوام، لأفاد أن السبعة كلها مضت وليس مرادا. فقول بعضهم: إنه كان يكفيه أن يقول:لسبعة أعوام، فعجز عن إتمامه، وكمله بما لا معنى له، لا وجه له إلا عدم التبصر. .[سورة الأنبياء: آية 48]: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}.{الْفُرْقانَ} وهو التوراة وَأتينا به {ضِياءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} والمعنى: أنه في نفسه ضياء وذكر. أو وآتيناهما بما فيه من الشرائع والمواعظ ضياء وذكرا. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما: الفرقان: الفتح، كقوله: {يَوْمَ الْفُرْقانِ} وعن الضحاك: فلق البحر. وعن محمد ابن كعب: المخرج من الشبهات. وقرأ ابن عباس: {ضياء} بغير واو: وهو حال عن الفرقان. والذكر: الموعظة، أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ومصالحهم. أو الشرف..[سورة الأنبياء: آية 49]: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)}.محل {الَّذِينَ} جرّ على الوصفية. أو نصب على المدح. أو رفع عليه..[سورة الأنبياء: آية 50]: {وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)}.{وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ} هو القرآن. وبركته: كثرة منافعه، وغزارة خيره. اهـ..قال الخازن: {ومن يقل منهم إني إله من دونه}.قيل عنى به إبليس حيث دعا إلى عبادة نفسه فإن أحدًا من الملائكة لم يقل إني إله من دون الله {فذلك نجزيه جنهم كذلك نجزي الظالمين} أي الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها.قوله عزّ وجلّ {أولم ير الذين كفروا} أي ألم يعلم الذين كفروا {أن السموات والأرض كانتا رتقًا} قال ابن عباس كانتا شيئًا واحدًا ملتزقتين {ففتقناهما} أي فصلنا بينهما بالهواء.قال كعب: خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض، ثم خلق ريحًا بوسطهما ففتحهما بها، وقيل كانت السموات مرتتقة طبقة واحدة، ففتقها وجعلها سبع سموات وكذلك الأرض، وقيل كانت السماء رتقًا لا تمطر، والأرض رتقًا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات {وجعلنا من الماء كل شيء حي} أي وأحيينا بالماء الذي ينزل من السماء كل شيء، من الحيوان ويدخل فيه النبات والشجر، وذلك لأنه سبب لحياة كل شيء، وقال المفسرون: معناه أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء وقيل يعني النطفة.فإن قلت قد خلق الله بعض ما هو حي من غير الماء كآدم وعيسى والملائكة والجان.قلت خرج هذا الأمر مخرج الأغلب والأكثر يعني أن أكثر ما على وجه الأرض مخلوق من الماء أو بقاؤه بالماء {أفلا يؤمنون} أي أفلا يصدقون {وجعلنا في الأرض رواسي} أي جبالًا ثوابت {أن تميد بهم} أي لئلا تميد بهم، قيل إن الأرض بسطت على الماء فكانت تتحرك كما تتحرك السفينة في الماء فأرساها الله فأثبتها بالجبال {وجعلنا فيها} أي في الرواسي {فجاجًا} أي طرقًا ومسالك والفج الطريق الواسع بين جبلين {سبلًا} وهو تفسير الفجاج {لعلهم يهتدون} أي إلى مقاصدهم {وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا} أي من أن يسقط ويقع وقيل محفوظًا من الشياطين بالشهب {وهم} يعني الكفار {عن آياتها معرضون} أي عما خلق الله فيها من الشمس والقمر والنجوم، وكيفية حركتها في أفلاكها ومطالعها ومغاربها، والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة القدرة القاهرة، لا يتفكرون ولا يعتبرون بها {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس كل في فلك يسبحون} أي يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء.وإنما قال يسبحون ولم يقل تسبح، على ما يقال لما لا يعقل لأنه ذكر عنها فعل العقلاء، وهو السباحة والجري.والفلك مدار النجوم الذي يضمها وهو في كلام العرب كل شيء مستدير، وجمعه أفلاك وقيل الفلك طاحونة كهيئة فلك المغزل، يريد أن الذي تجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الرحى، وقيل الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيهن وقيل الفلك استدارة السماء، وقيل الفلك موج مكفوف دون السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم وقال أصحاب الهيئة الأفلاك أجرام صلبة لا ثقيلة ولا خفيفة غير قابلة للخرق والالتئام والنمو والذبول، والحق أنه لا سبيل إلى معرفة صفة السموات إلا بأخبار الصادق فسبحان الخالق المدبر لخلقه بالحكمة والقدرة الباهرة غير المتناهية.قوله عزّ وجلّ: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} يعني الدوام والبقاء في الدنيا {أفإن مت فهم الخالدون} نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون نشمت بموته، فنفى الله الشماتة عنه بهذا والمعنى أن الله تعالى قضى أن لا يخلد في الدنيا بشرًّا لا أنت ولاهم فإن مت أنت أفيبقى هؤلاء وفي معناه قول القائل:{كل نفس ذائقة الموت} هذا العموم مخصوص بقوله تعالى: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك فإن الله تعالى حي لا يموت ولا يجوز عليه الموت.والذوق هاهنا عبارة عن مقدمات الموت وآلامه العظيمة قبل حلوله {ونبلوكم} أي نختبركم {بالشر والخير} أي بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر، وقيل مما تحبون وما تكرهون {فتنة} أي ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون وصبركم فيما تكرهون {وإلينا ترجعون} أي للحساب والجزاء.قوله عزّ وجلّ {وإذا رآك الذين كفروا إن} أي ما {يتخذونك إلا هزوًا} أي سخريًّا قيل نزلت في أبي جهل مر به النبي صلى الله عليه وسلم فضحك وقال هذا نبي بني عبد مناف {أهذا الذي يذكر آلهتكم} أي يقول بعضهم لبعض أهذا الذي يعيب ألهتكم والذكر يطلب على المدح والذم مع القرينة {وهم بذكر الرحمن هم كافرون} وذلك أنهم كانوا يقولون لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو مسيلمة الكذاب قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} قيل معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع، وقيل لما دخل الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلًا إلى ثمار الجنة، فوقع فقيل خلق الإنسان من عجل وأورث بنيه العجلة وقيل معناه خلق الإنسان من تعجيل في خلق الله إياهـ. لأن خلقه كان بعد كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس، وقيل خلق بسرعة وتعجيل على غير قياس خلق بنيه لأنهم خلقوا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة أطوارًا أطوارًا طورًا بعد طور وقيل خلق الإنسان من عجل أي من طين قال الشاعر: أي بين الماء والطين.وقيل أراد بالإنسان النوع الإنساني يدل عليه قوله: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} وذلك أن المشركين كانوا يستعجلون العذاب، وقيل نزلت في النظر بن الحرث، ومعنى سأريكم آياتي أي مواعيدي فلا تطلبوا العذاب قبل وقته فأراهم يوم بدر، وقيل كانوا يستعجلون القيامة فلذلك قال تعالى: {ويقولون} يعني المشركين {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} وهذا هو الاستعجال المذموم المذكور على سبيل الاستهزاء فبين تعالى أنهم إنما يقولون ذلك لجهلهم وغفلتهم، بين ما لهؤلاء المستهزئين فقال تعالى: {لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون} يعني لا يدفعون {عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم} قيل السياط {ولا هم ينصرون} أي لا يمنعون من العذاب والمعنى لو علموا لما أقاموا على كفرهم ولما استعجلوا بالعذاب ولما قالوا متى هذا الوعد إن كنتم صادقين {بل تأتيهم} يعني الساعة {بغتة} أي فجأة {فتبهتهم} أي تحيرهم {فلا يستطيعون ردها} اي صرفها ودفعها عنهم {ولا هم ينظرون} أي لا يمهلون للتوبة والمعذرة {وقد استهزىء برسل من قبلك} أي يا محمد كما استهزأ بك قومك {فحاق} أي نزل وأحاط {بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} أي عقوبة استهزائهم وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم أي فكذلك يحيق بهؤلاء وبال استهزائهم.قوله تعالى: {قل من يكلؤكم} أي يحفظكم {بالليل} إذ نمتم {والنهار} إذا انصرفتم في معايشكم {من الرحمن} قال ابن عباس معناه من يمنعكم من عذاب الرحمن {بل هم عن ذكر ربهم} أي عن القرآن ومواعظه {معرضون} أي لا يتأملون في شيء منها {أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا} معناه ألهم آلهة من دوننا تمنعهم ثم وصف آلهتهم بالضعف فقال: {لا يستطيعون نصر أنفسهم} أي لايقدرون على نصر أنفسهم فكيف ينصرون من عبدهم {ولا هم منا يصبحون} قال ابن عباس يمنعون وقيل يجارون وقيل ينصرون وقيل معناه لا يصبحون من الله بخير.{بل متعنا هؤلاء} يعني الكفار {وآباءهم} أي في الدنيا بأن أنعمنا عليهم وأمهلناهم {حتى طال عليهم العمر} أي امتد بهم الزمان فاغتروا {أفلا يرون} يعني هؤلاء المشركين {أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} يعني ننقص من أطراف المشركين، ونزيد من أطراف المؤمنين يريد بذلك ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وفتحه ديار الشرك أرضًا فأرضًا وقرية فقرية، والمعنى أفلا يرى هؤلاء المشركون بالله المستعجلون بالعذاب آثار قدرتنا في إتيان الأرض من جوانبها بأخذ الواحد، بعد الواحد وفتح البلاد والقرى مما حول مكة وإدخالها في ملك محمد صلى الله عليه وسلم، وموت رؤوس المشركين المتنعمين بالدنيا.أما كان لهم عبرة في ذلك فيؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويعلموا أنهم لا يقدرون على الامتناع منا ومن إرادتنا فيهم ثم قال: {أفهم الغالبون} استفهام بمعنى التقريع معناه بل نحن الغالبون وهم المغلوبون {قل} يا محمد {إنما أنذركم بالوحي} أي أخوفكم بالقرآن {ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون} أي يخوفون {ولئن مستهم} أي أصابتهم {نفحة من عذب ربك} قال ابن عباس طرف وقيل شيء قليل {ليقولن يا ويلنا إن كنا ظالمين} دعوا على أنفسهم بالويل بعد ما أقروا على أنفسهم بالظلم والشرك.وقوله عزّ وجلّ {ونضع الموازين القسط} أي ذوات العدل ومعنى وصفها بذلك لأن الميزان قد يكون مسقيمًا وقد يكون بخلافه فبين أن تلك الموازين تجري على حد العدل ومعنى وضعها إحضارها {ليوم القيامة} أي لأهل يوم القيامة قيل المراد بالميزان العدل والقسط بينهم في الأعمال، فمن أحاطت حسناته بسيئاته فاز ونجا وبالعكس ذل وخسر، والصحيح الذي عليه أئمة السلف أن الله سبحانه وتعالى يضع الموازين الحقيقية ويزن بها أعمال العباد، وقال الحسن هو ميزان له كفتان ولسان وأكثر الأقوال أنه ميزان واحد وإنما جمع لاعتبار عدد الأعمال الموزونة به.وروي أن داود سأل ربه عزّ وجلّ أن يريه الميزان فأراه كل كفته ما بين المشرق والمغرب فلما رآه غشي عليه، ثم فاق فقال إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات؟ قال يا داود إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة.فعلى هذا ففي كيفية وزن الأعمال مع أنها أعراض طريقان: أحدهما: أن توضع صحائف الأعمال فتوضع صحائف الحسنات في كفة، وصحائف السيئات في كفة.والثاني: أن يجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة.فإن قلت كيف تصنع بقوله ونضع الموازني القسط مع قوله فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا.قلت هذه في حق الكفار لأنهم ليس لهم أعمال توزن مع الكفر.وقوله تعالى: {فلا تظلم نفس شيئًا} يعني لا تبخس مما لها وما عليها من خير وشر شيئًا {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها} معناه أنه لا ينقص من إحسان محسن، ولا يزاد في إساءة مسيء، وأراد بالحبة الجزء اليسير من الخردل، ومعنى أتينا بها يعني أحضرناها لنجازي بها.وعن عبد الله بن عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله سيخلص رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعين سجلًا، كل سجل مد البصر، ثم يقول أتنكر من هذا شيئًا، أظلمك كتبتي الحافظون، فيقول لا يارب، فيقول أفلك عذر، فيقول لا يا رب. فيقول الله تعلى بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول أحضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء» أخرجه الترمذي.السجل الكتاب الكبير، وأصله من التسجيل لأنه يجمع أحكامًا والبطاقة ورقة صغيرة تجعل في طي الثوب يكتب فيها ثمنه، والطيش الخفة، قلت في الحديث دليل على أن صحائف الأعمال هي التي توزن لا أن الأعمال تتجسد جواهر فتوزن والله أعلم.قوله تعالى: {وكفى بنا حاسبين} قال ابن عباس معناه كفى بنا عالمين حافظين لأن من حسب شيئًا فقد علمه وحفظه، والغرض منه التحذير فإن المحاسب إذا كان في العلم بحيث لا يمكن أن يشبته عليه شيء وفي القدرة بحيث لا يعجز عن شيء فحقيق بالعاقل أن يكون بأشد الخوف منه ويروى عن الشبلي أنه رؤي في المنام فقيل لهم ما فعل الله بك فقال: قوله عزّ وجلّ {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} يعني الكتاب المفرق بين الحق والباطل وهو التوراة، وقيل الفرقان النصر على الأعداء فعلى هذا يكون {وضياء} يعني التوراة ومن قال الفرقان هو التوراة جعل الواو زائدة في وضياء والمعنى آتينا موسى التوراة ضياء {وذكرًا للمتقين} يعني يتذكرون بمواعظها ويعملون بما فيها {الذين يخشون ربهم بالغيب} أي يخافونه ولم يروه، وقيل يخافونه في الخلوات إذا غابوا عن أعين الناس {وهم من الساعة مشفقون} أي خائفون {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} أي كما آتينا موسى التوراة، فكذلك أنزلنا القرآن ذكرًا مباركًا، أي هو ذكر لمن آمن به مبارك يتبرك به ويطلب منه الخير {أفأنتم} يا أهل مكة {له منكرون} أي جاحدون. اهـ.
|