الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.من لطائف وفوائد المفسرين: .قال في ملاك التأويل: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3]، ثم قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4]، للسائل أن يسأل عن وقله في الأولى: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وفي الثانية: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وهل كان يصح ورود الأول مكان الثاني والثاني مكان الأول؟والجواب: أن معتبرات الآية الأولى من مد الأرض وما ذكر بعد ذلك أوضح للاعتبار، ومعتبرات الثانية أغمض، ألا ترى أن تجاوز قطع الأرض وتقاربها في الصفات والهيئات من سهل وحزن، ثم تخرج أنواع الجنات من النخل والأعناب وضروب الأشجار والنبات والزرع، واختلاف الطعوم في ثمراتها والألواح والروائح، وتفاوت الطيب والمنافع الحاصلة عن ذلك من غذاء ودواء نافع وضار مع تقارب الأرض وتجاورها وتشاكلها وسقيها بماء واحد كما قال الله تعالى: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}، وهذا مما تنقطع الأفكار وتقصر العقول عن عجيب الصنع الرباني فيه، وأما معتبرات الأولى فيتوصل بالفكر إلى الحصول على الاعتبار بها وتعقلها وعجيب الحكمة فيها، وغموض ما في الثانية بادولا يتوصل إلى بعض ذلك إلا بعد طول الاعتبار والتأييد منه سبحانه والتوفيق، فلما كان العقل أشرف وأعلى ناسبه ان يتبع به ما هو أغمض وأخفى، وناسب الفكر ما هو أظهر وأجلى، فقيل في عقب الآية الأولى: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وفي عقد الآية الثانية: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ولو ورد العكس لم يكن ليناسب، والله سبحانه أعلم. اهـ..من لطائف القشيري في الآية: قال عليه الرحمة:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} بَسَطَ الأرْضَ ودحاها، الجبالَ أرساها، وفَجَّرَ عيونها، وأجرى أنهارها، وجَنَّسَ بِحارها، ونَوَّعَ من الحيوانات ما جعل البحرَ قرارها، وأنبت أشجارها، وصَنَّفَ أزهارَها وثمارَها، وكوَّر عليها ليلَها ونهارَها.. ذلك تقديرُ العزيز العليم.{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ}فَمِنْ سبخٍ ومن حَجَرٍ ومن رمل.. أنواع مختلفة، وأزواج متفقة. وزروع ونبات وأشجار أشتات، وأصل الكل واحد، فأجزاؤها متماثلة، وأبعاضها متشاكلة، ولكن جعل بعضها غدقًا، وبعضاه قشرًا، وبعضها غُصْنًا، وبعضها جذعًا، وبعضها أزهارًا، وبعضها أوراقًا.. ثم الكلُّ واحد، وإن كان لكلِّ واحدٍ طبعٌ مخصوص وشكلٌ مخصوص، ولون مخصوص وقشر مخصوص مع أنها تُسْقَى بماءٍ واحدٍ؛ إذ يصل إلى كل جزء من الشجر من الماء مقدارُ ما يحتاج إليه،: {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضِ في الأُكُلِ}. اهـ..التفسير المأثور: قال السيوطي:{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}أخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {المر} قال: أنا الله أرى.وأخرج ابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {تلك آيات الكتاب} قال: التوراة والإِنجيل: {والذي أنزل إليك من ربك الحق} قال: القرآن.وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {تلك آيات الكتاب} قال: الكتب التي كانت قبل القرآن: {والذي أنزل إليك من ربك الحق} أي هذا القرآن.{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه قال: قلت لابن عباس- رضي الله عنهما- إن فلان يقول: إنها على عمد، يعني السماء. فقال: اقرأها: {بغير عمد ترونها} أي لا ترونها.وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {رفع السموات بغير عمد ترونها} قال: وما يدريك لعلها بعمد لا ترونها.وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {بغير عمد ترونها} يقول: لها عمد، ولكن لا ترونها. يعني الأعماد.وأخرج ابن جرير، عن إياس بن معاوية رضي الله عنه في قوله: {رفع السماوات بغير عمد ترونها} قال: السماء مقبية على الأرض مثل القبة.وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: السماء على أربعة أملاك، كل زاوية موكل بها ملك.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {بغير عمد ترونها} قال: هي بعمد لا ترونها.وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الحسن وقتادة- رضي الله عنهما- أنهما كانا يقولان: خلقها بغير عمد. قال لها قومي فقامت.وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن معاذ قال: في مصحف أبي {بغير عمد ترونه}.وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى} قال: أجل معلوم، وحد لا يقصر دونه ولا يتعدى.وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يدبر الأمر} قال: يقضيه وحده.وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة في قوله: {لعلكم بلقاء ربكم توقنون} قال: إن الله إنما أنزل كتابه وبعث رسله، ليؤمن بوعده ويستيقن بلقائه.وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمر بن عبد الله، مولى غفرة. أن كعبًا قال لعمر بن الخطاب: إن الله جعل مسيرة ما بين المشرق والمغرب، خمسمائة سنة. فمائة سنة في المشرق، لا يسكنها شيء من الحيوان، لا جن ولا إنس ولا دابة ولا شجرة. ومائة سنة في المغرب بتلك المنزلة، وثلثمائة فيما بين المشرق والمغرب يسكنها الحيوان.وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر: والدنيا مسيرة خمسمائة عام، أربعمائة عام خراب ومائة عمار، في أيدي المسلمين من ذلك مسيرة سنة.وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: ما العمارة في الدنيا في الخراب إلا كفسطاط في البحر.وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي الجلد رضي الله عنه قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، فالسودان اثنا عشر ألفًا، والروم ثمانية، ولفارس ثلاثة، وللعرب ألف.وأخرج ابن أبي حاتم، عن خالد بن مضرب رضي الله عنه قال: الأرض مسيرة خمسمائة سنة، ثلثمائة عمار، ومائتان خراب.وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن حسان بن عطية رضي الله عنه قال: سعة الأرض مسيرة خمسمائة سنة، البحار ثلثمائة، ومائة خراب، ومائة عمران.وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: الأرض سبعة أجزاء: ستة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج، وجزء فيه سائر الخلق.وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لي أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، اثنا عشر ألفًا منه أرض الهند، وثمانية الصين، وثلاثة آلاف المغرب، وألف العرب.وأخرج ابن المنذر عن مغيث بن سمي رضي الله عنه قال: الأرض ثلاثة أثلاث، ثلث فيه الناس والشجر، وثلث فيه البحار، وثلث هواء.أما قوله تعالى: {وجعل فيها رواسي}.أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: إن الله تبارك وتعالى حين أراد أن يخلق الخلق، خلق الريح فنشجت الريح، فأبدت عن حشفة، فهي تحت الأرض. ومنها دُحيت الأرض حيث ما شاء في العرض والطول، فكانت تميد فجعل الجبال الرواسي.وأخرج ابن جرير عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما خلق الله الأرض، قمصت وقالت: أي رب، تجعل عليّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا ويجعلون عليّ الخبث؟ فأرسل الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فكان إقرارها كاللحم ترجرج.وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، عن عطاء رضي الله عنه- قال: أول جبل وضع في الأرض، أبو قبيس.وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {جعل فيها زوجين اثنين} قال: ذكرًا وانثى من كل صنف.وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يغشي الليل النهار} أي يلبس الليل النهار.{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
|