الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
أما عبارة السمين: قرأ نافع {يرسل} برفع اللام وكذلك {فيوحي} فسكنت ياؤه والباقون بنصبها فأما القراءة الأولى ففيها ثلاثة أوجه:1- أحدها أنه رفع على إضمار مبتدأ أي أو هو يرسل.2- والثاني أنه عطف على {وحيا} على أنه حال لأن {وحيا} في تقدير الحال أيضا فكأنه قال إلا موحيا أو مرسلا.3- الثالث أن يعطف على ما يتعلق به {من وراء} إذ تقديره أو يسمع من وراء حجاب و{وحيا} في موضع الحال عطف عليه ذلك المقدّر المعطوف عليه {أو يرسل} والتقدير إلا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا.وأما الثانية ففيها ثلاثة أوجه:1- أحدها: أن يعطف على المضمر الذي يتعلق به {من وراء حجاب} إذ تقديره أو يكلمه من وراء حجاب وهذا الفعل المقدّر معطوف على {وحيا} والمعنى إلا بوحي أو إسماع من وراء حجاب أو إرسال رسول ولا يجوز أن يعطف على يكلمه لفساد المعنى، قلت إذ يصير التقدير وما كان لبشر أن يرسله اللّه رسولا فيفسد لفظا ومعنى، قال مكّي: لأنه يلزم منه نفي الرسل ونفي المرسل إليهم.2- الثاني: أن ينصب بأن مضمرة وتكون هي وما نصبته معطوفين على {وحيا} و{وحيا} حال فتكون هنا أيضا حالا والتقدير إلا موحيا أو مرسلا.3- الثالث: أنه عطف على معنى {وحيا} فإنه مصدر مقدر بأن والفعل والتقدير إلا بأن يوحى إليه أو بأن يرسل، ذكره مكّي وأبو البقاء.وقوله: {أو من وراء حجاب}، العامة على الإفراد وابن أبي عبلة حجب جمعا وهذا الجار يتعلق بمحذوف تقديره أو يكلمه من وراء حجاب، وقد تقدم أن هذا الفعل معطوف على معنى {وحيا} أي إلا أن يوحي أو يكلمه، قال أبو البقاء: ولا يجوز أن يتعلق من بيكلمه الموجودة في اللفظ لأن ما قبل الاستثناء لا يعمل فيما بعد إلا ثم قال: من متعلقة بيكلمه لأنه ظرف والظرف يتسع فيه.وقال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون معطوفا على أن يكلمه لأنه يصير معناه ما كان لبشر أن يكلمه اللّه ولا أن يرسل إليه رسولا وهذا فاسد.2- نصب الفعل المضارع جوازا: ينصب الفعل المضارع جوازا بأن مضمرة بعد أحرف خمسة وهي: اللام الجارّة إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا فإن سبقت اللام بالكون المذكور وجب إضمار أن وإن قرن الفعل بلا نافية أو زائدة مؤكدة وجب إظهارها لئلا يتوالى مثلان وهما لام كي ولام لا من غير إدغام وهو ركيك في الكلام نحو {لئلا يكون للناس عليكم حجة} بإدغام النون في لا النافية ونحو {لئلا يعلم أهل الكتاب} بإدغام النون في لا الزائدة المؤكدة وتسمى هذه اللام لام كي ولام العاقبة ولام التوكيد، والأحرف الأربعة الباقية من الأحرف الخمسة التي تضمر أن بعدها جوازا هي الواو وأو وثم والفاء إذا كان العطف بها على اسم ليس في تأويل الفعل وهو نوعان مصدر وغيره فغير المصدر كقول حصين بن حمام المري:
فأسوءك معطوف على رجال وهو ليس في تأويل الفعل، ورزام حيّ من نمير، وعلقما منادى مرخم، والمصدر نحو: {وما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا} في قراءة غير نافع بالنصب بإضمار أن بعد أو والتقدير إلا وحيا أو إرسالا ووحيا مصدر ليس في تأويل الفعل، وقول ميسون بنت بجدل الكلابية زوج معاوية بن أبي سفيان وأم ابنه يزيد: فتقرّ منصوب بأن مضمرة جوازا وهي والفعل في تأويل مصدر مرفوع بالعطف على لبس بالواو العاطفة على قولها قبله: ويقال قرّت عينه تقرّ إذا كان دمعها نادرا ولا يكون ذلك إلا في الفرح وهو مشتق من القرّ ويقال سخنت إذا كان دمعها حارّا ولا يكون إلا في الترح، وقوله: فأرضيه منصوب بأن مضمرة جوازا بعد الفاء وان وأرضى في تأويل مصدر معطوف على توقع والتقدير لو لا توقع معتر فإرضائي إياه وتوقع ليس في تأويل الفعل والمعتر المعترض للمعروف والأتراب جمع ترب بكسر التاء وهو من يولد معك في الوقت الذي تولد فيه فيساويك في سنك والمعنى لولا توقع من يصرف عن فعل المعروف وإرضاؤه ما آثر الشاعر المساوي لغيره في السن على المساوي له في سنّه، وقول أنس بن مدركة الخثعمي: فأعقله مضارع عقل منصوب بأن مضمرة جوازا بعد ثم وأن وأعقله في تأويل مصدر معطوف على قتلي والتقدير وقتلي سليكا ثم عقلي إياه وقتلي ليس في تأويل الفعل، وسليكا بالتصغير اسم رجل مفعول قتلي وكالثور خبر إن والمراد بالثور ذكر البقر لأن البقر تتبعه فإذا عاف الماء عافته فيضرب ليرد الماء فترد معه واعقله من عقلت القتيل:أعطيت ديّته، ولأبي العلاء رأي طريف في الثور قال هو ثور الطحلب وهو الذي يعلو على الماء فيصدر البقر عنه فيضرب به صاحب البقر ليفحص عن الماء فيشربه قال: وسمّاه بالثور وذكره مع البقر ليلغز به على السامع، على أن هذا محض تكلّف والصواب الأول. اهـ.
ويجوز أن تجعل {ما} على هذا المذهب بمعنى الذي، وفيه ضعف.قوله تعالى: {الجوار} مبتدأ أو فاعل ارتفع بالجار و{في البحر} حال منه، والعامل فيه الاستقرأر، ويجوز أن يتعلق في بالجوار، و{كالأعلام} على الوجه الأول حال ثانية، وعلى الثاني هي حال من الضمير في الجوار، و{يسكن} جواب الشرط {فيظللن} معطوف على الجواب، وكذلك {أو يوبقهن} {ويعف}.وأما قوله تعالى: {ويعلم الذين} فيقرأ بالنصب على تقدير: وإن يعلم لأنه صرفه عن الجواب وعطفه على المعنى، ويقرأ بالكسر على أن يكون مجزوما حرك لالتقاء الساكنين، ويقرأ بالرفع على الاستئناف.قوله تعالى: {ما لهم من محيص} الجملة المنفية تسد مسد مفعولي عملت.قوله تعالى: {فمتاع الحياة} أي فهو متاع.قوله تعالى: {والذين يجتنبون} معطوف على قوله تعالى: {للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعنى، أو رفع على تقديرهم.و{كبائر} بالجمع واحدتها كبيرة، ومن أفرد ذهب به إلى الجنس، و{هم} مبتدأ، و{يغفرون} الخبر، والجملة جواب إذا، وقيل هم مرفوع بفعل محذوف تقديره: غفروا فحذف الفعل لدلالة يغفرون عليه.قوله تعالى: {ولمن صبر} (من) شرطية، وصبر في موضع جزم بها، والجواب (إن ذلك) وقد حذف الفاء، وقيل (من) بمعنى الذي، والعائد محذوف: أي إن ذلك منه.قوله تعالى: {ينصرونهم} يجوز أن يكون في موضع جر حملا على لفظ الموصوف ورفعا على موضعه.قوله تعالى: {فإن الإنسان كفور} أي إن الإنسان منهم.قوله تعالى: {ذكرانا وإناثا} هما حال، والمعنى يقر بين الصنفين.قوله تعالى: {أن يكلمه الله} {أن} والفعل في موضع رفع بالابتداء، وما قبله الخبر أو فاعل بالجار لاعتماده على حرف النفي، و{إلا وحيا} استثناء منقطع، لأن الوحي ليس بتكليم {أو من وراء حجاب} الجار متعلق بمحذوف تقديره: أو أن يكلمه، وهذا المحذوف معطوف على وحى تقديره: إلا أن يوحى إليه أو يكلمه، ولا يجوز أن يتعلق من بيكلمه الموجودة في اللفظ، لأن ما قبل الاستثناء المنقطع لا يعمل فيما بعد إلا، وأما {أو يرسل} فمن نصب فمعطوف على موضع {وحيا}: أي يبعث إليه ملكا، وقيل في موضع جر: أي بأن يرسل.وقيل في موضع نصب على الحال، ولا يجوز أن يكون معطوفا على {أن يكلمه} لأنه يصير معناه: ما كان لبشر أن يكلمه الله، ولا أن يرسل إليه رسولا.وهذا فاسد ولأن عطفه على {أن يكلم} الموجودة يدخله في صلة {أن} و{إلا وحيا} يفصل بين بعض الصلة وبعض لكونه منقطعا، ومن رفع {يرسل} استأنف، وقيل (من) متعلقة بيكلمه لأنه ظرف، والظرف يتسع فيه.قوله تعالى: {ما كنت تدري} الجملة حال من الكاف في إليك.قوله تعالى: {صراط الله} هو بدل من صراط مستقيم بدل المعرفة من النكرة.والله أعلم. اهـ.
|