الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن ***
قَالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْعَام: 38]. وَقَالَ: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النَّحْل: 89]. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ قِيلَ: وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ فِيهِ خَبَرَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَعْنِي أُصُولَ الْعِلْمِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً مِنْهَا: التَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَالْفُرْقَانَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الثَّلَاثَةِ الْفُرْقَانَ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَمِيعُ مَا تَقُولُهُ الْأُمَّةُ شَرْحٌ لِلسُّنَّةِ وَجَمِيعُ السُّنَّةِ شَرْحٌ لِلْقُرْآنِ. وَقَالَ أَيْضًا: جَمِيعُ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقَرْآنِ. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحَرِّمُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ» أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا وَجَدْتُ مِصْدَاقَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثٍ أَنْبَأَتْكُمْ بِتَصْدِيقِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. أَخْرَجَهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: لَيْسَتْ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ فِي الدِّينِ نَازِلَةٌ إِلَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ الدَّلِيلُ عَلَى سَبِيلِ الْهُدَى فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً بِالسُّنَّةِ. قُلْنَا: ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَوْجَبَ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ عَلَيْنَا الْأَخْذَ بِقَوْلِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً بِمَكَّةَ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ أُخْبِرْكُمْ عَنْهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ؟ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الْحَشْر: 7]. وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ». وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُحْرِمِ الزَّنْبُورَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ «عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَوَشِّمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ! فَقَالَ: وَمَالِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ كَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيْهِ، أَمَا قَرَأْت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الْحَشْر: 7]. قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ». وَحَكَى ابْنُ سُرَاقَةَ فِي كِتَابِ الْإِعْجَازِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا: مَا مِنْ شَيْءٍ فِي الْعَالَمِ إِلَّا وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ: فَأَيْنَ ذِكْرُ الْخَانَاتِ فِيهِ فَقَالَ: فِي قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النُّور: 29]. فَهِيَ الْخَانَاتِ. وَقَالَ ابْنُ بُرْجَانَ: مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِيهِ أَصْلُهُ، قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، فَهِمَهُ مَنْ فَهِمَهُ، وَعَمِهَ عَنْهُ مَنْ عَمِهَ، وَكَذَا كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ قَضَى بِهِ وَإِنَّمَا يُدْرِكُ الطَّالِبُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ وَبَذْلِ وُسْعِهِ وَمِقْدَارِ فَهْمِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنَ الْقُرْآنِ لِمَنْ فَهَّمَهُ اللَّهُ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَنْبَطَ عُمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً مِنْ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [الْمُنَافِقُونَ: 11]. فَإِنَّهَا رَأْسُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سُورَةً، وَعَقَّبَهَا بِالتَّغَابُنِ لِيَظْهَرَ التَّغَابُنُ فِي فَقْدِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيُّ فِي تَفْسِيرِه: جَمَعَ الْقُرْآنُ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ بِحَيْثُ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا حَقِيقَةً إِلَّا الْمُتَكَلِّمُ بِهَا، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَا مَا اسْتَأْثَرَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ وَرِثَ عَنْهُ مُعْظَمَ ذَلِكَ سَادَاتُ الصَّحَابَةِ وَأَعْلَامُهُمْ، مِثْلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى قَالَ: لَوْ ضَاعَ لِي عِقَالُ بَعِيرٍ لَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ وَرِثَ عَنْهُمُ التَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ، ثُمَّ تَقَاصَرَتِ الْهِمَمُ، وَفَتَرَتِ الْعَزَائِمُ، وَتَضَاءَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَضَعُفُوا عَنْ حَمْلِ مَا حَمَلَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ مِنْ عُلُومِهِ وَسَائِرِ فُنُونِهِ، فَنَوَّعُوا عُلُومَهُ، وَقَامَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ بِفَنٍّ مِنْ فُنُونِهِ فَاعْتَنَى قَوْمٌ بِضَبْطِ لُغَاتِهِ، وَتَحْرِيرِ كَلِمَاتِهِ، وَمَعْرِفَةِ مَخَارِجِ حُرُوفِهِ وَعَدَدِهَا وَعَدَدِ كَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ، وَسُوَرِهِ وَأَحْزَابِهِ، وَأَنْصَافِهِ وَأَرْبَاعِهِ، وَعَدَدِ سَجَدَاتِهِ وَالتَّعْلِيمِ عِنْدَ كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَصْرِ الْكَلِمَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ، وَالْآيَاتِ الْمُتَمَاثِلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَعَانِيهِ، وَلَا تَدَبُّرٍ لِمَا أُودِعُ فِيهِ، فَسُمُّوا الْقُرَّاءَ. وَاعْتَنَى النُّحَاةُ بِالْمُعْرَبِ مِنْهُ وَالْمَبْنِيِّ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ وَالْحُرُوفِ الْعَامِلَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَوْسَعُوا الْكَلَامَ فِي الْأَسْمَاءِ وَتَوَابِعِهَا وَضُرُوبِ الْأَفْعَالِ، وَاللَّازِمِ وَالْمُتَعَدِّي وَرُسُومِ خَطَّ الْكَلِمَاتِ، وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ أَعْرَبَ مُشْكِلَهُ، وَبَعْضُهُمْ أَعْرَبَهُ كَلِمَةً كَلِمَةً، وَاعْتَنَى الْمُفَسِّرُونَ بِأَلْفَاظِهِ فَوَجَدُوا مِنْهُ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَلَفْظًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ، وَلَفْظًا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرِ، فَأَجْرَوُا الْأَوَّلَ عَلَى حُكْمِهِ، وَأَوْضَحُوا مَعْنَى الْخَفِيِّ مِنْهُ، وَخَاضُوا فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ مُحْتَمَلَاتِ ذِي الْمَعْنَيَيْنِ وَالْمَعَانِي، وَأَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِكْرَهُ، وَقَالَ بِمَا اقْتَضَاهُ نَظَرُهُ. وَاعْتَنَى الْأُصُولِيُّونَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّوَاهِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاء: 22]. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ أَدِلَّةً عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَوُجُودِهِ وَبَقَائِهِ وَقِدَمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَسَمَّوْا هَذَا الْعِلْمَ بِأُصُولِ الدِّينِ. وَتَأَمَّلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَانِيَ خِطَابِهِ فَرَأَتْ مِنْهَا مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَمِنْهَا مَا يَقْتَضِي الْخُصُوصَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ أَحْكَامَ اللُّغَةِ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَتَكَلَّمُوا فِي التَّخْصِيصِ، وَالْإِخْبَارِ، وَالنَّصِّ، وَالظَّاهِرِ، وَالْمُجْمَلِ، وَالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالنَّسْخِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ وَاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَالِاسْتِقْرَاءِ وَسَمَّوْا هَذَا الْفَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ. وَأَحْكَمَتْ طَائِفَةٌ صَحِيحَ النَّظَرِ وَصَادِقَ النَّظَرِ فِيمَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَأَسَّسُوا أُصُولَهُ، وَفَرَّعُوا فُرُوعَهُ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بَسْطًا حَسَنًا، وَسَمَّوْهُ بِعَلَمِ الْفُرُوعِ وَبِالْفِقْهِ أَيْضًا. وَتَلَمَّحَتْ طَائِفَةٌ مَا فِيهِ مِنْ قَصَصِ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَنَقَلُوا أَخْبَارَهُمْ، وَدَوَّنُوا آثَارَهُمْ وَوَقَائِعَهُمْ حَتَّى ذَكَرُوا بَدْءَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ الْأَشْيَاءِ وَسَمَّوْا ذَلِكَ بِالتَّارِيخِ وَالْقَصَصِ. وَتَنَبَّهَ آخَرُونَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ الَّتِي تُقَلْقِلُ قُلُوبَ الرِّجَالِ وَتَكَادُ تُدَكْدِكُ الْجِبَالَ فَاسْتَنْبَطُوا مِمَّا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَالتَّحْذِيرِ وَالتَّبْشِيرِ، وَذِكْرِ الْمَوْتِ وَالْمَعَادِ، وَالنَّشْرِ وَالْحَشْرِ، وَالْحِسَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فُصُولًا مِنَ الْمَوَاعِظِ، وَأُصُولًا مِنَ الزَّوَاجِرِ فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْخُطَبَاءَ وَالْوُعَّاظَ. وَاسْتَنْبَطَ قَوْمٌ مِمَّا فِيهِ مِنْ أُصُولِ التَّعْبِيرِ مِثْلَ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ فِي الْبَقَرَاتِ السِّمَانِ، وَفِي مَنَامَيْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ، وَفِي رُؤْيَاهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ سَاجِدَةً، وَسَمَّوْهُ تَعْبِيرَ الرُّؤْيَا وَاسْتَنْبَطُوا تَفْسِيرَ كُلِّ رُؤْيَا مِنَ الْكِتَابِ، فَإِنْ عَزَّ عَلَيْهِمْ إِخْرَاجُهَا مِنْهُ فَمِنَ السُّنَّةِ الَّتِي هِيَ شَارِحَةٌ لِلْكِتَابِ، فَإِنْ عَسِرَ فَمِنَ الْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ. ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى اصْطِلَاحِ الْعَوَامِ فِي مُخَاطِبَاتِهِمْ وَعُرْفِ عَادَتِهِمُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ بِقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الْأَعْرَاف: 199]. وَأَخَذَ قَوْمٌ مِمَّا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مِنْ ذِكْرِ السِّهَامِ وَأَرْبَابِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَاسْتَنْبَطُوا مِنْهَا مِنْ ذِكْرِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالسُّدُسِ وَالثُّمُنِ حِسَابَ الْفَرَائِضِ وَمَسَائِلَ الْعَوْلِ وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ أَحْكَامَ الْوَصَايَا. وَنَظَرَ قَوْمٌ إِلَى مَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَنَازِلِهِ، وَالنُّجُومِ وَالْبُرُوجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ عِلْمَ الْمَوَاقِيتِ. وَنَظَرَ الْكُتَّابُ وَالشُّعَرَاءُ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ جَزَالَةِ اللَّفْظِ، وَبَدِيعِ النَّظْمِ، وَحُسْنِ السِّيَاقِ، وَالْمَبَادِئِ وَالْمَقَاطِعِ وَالْمَخَالَصِ، وَالتَّلْوِينِ فِي الْخِطَابِ، وَالْإِطْنَابِ وَالْإِيجَازِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ الْمَعَانِيَ وَالْبَيَانَ وَالْبَدِيعَ. وَنَظَرَ فِيهِ أَرْبَابُ الْإِشَارَاتِ وَأَصْحَابُ الْحَقِيقَةِ فَلَاحَ لَهُمْ مِنْ أَلْفَاظِهِ مَعَانٍ وَدَقَائِقُ جَعَلُوا لَهَا أَعْلَامًا اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، مِثْلَ: الْفَنَاءِ، وَالْبَقَاءِ، وَالْحُضُورِ، وَالْخَوْفِ، وَالْهَيْبَةِ، وَالْأُنْسِ، وَالْوَحْشَةِ، وَالْقَبْضِ، وَالْبَسْطِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، هَذِهِ الْفُنُونُ الَّتِي أَخَذَتْهَا الْمِلَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْهُ. وَقَدِ احْتَوَى عَلَى عُلُومٍ أُخْرَى مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ مِثْلَ: الطِّبِّ، وَالْجَدَلِ، وَالْهَيْئَةِ، وَالْهَنْدَسَةِ، وَالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ، وَالنِّجَامَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. أَمَّا الطِّبُّ فَمَدَارُهُ عَلَى حِفْظِ نِظَامِ الصِّحَّةِ وَاسْتِحْكَامِ الْقُوَّةِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِاعْتِدَالِ الْمِزَاجِ بِتَفَاعُلِ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُتَضَادَّةِ، وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الْفُرْقَان: 67]. وَعَرَفْنَا فِيهِ بِمَا يُفِيدُ نِظَامَ الصِّحَّةِ بَعْدَ اخْتِلَالِهِ وَحُدُوثِ الشِّفَاءِ لِلْبَدَنِ بَعْدَ اعْتِلَالِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النَّحْل: 69]. ثُمَّ زَادَ عَلَى طِبِّ الْأَجْسَامِ بِطِبِّ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الصُّدُورِ. وَأَمَّا الْهَيْئَةُ فَفِي تَضَاعِيفِ سُوَرِهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بُثَّ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ. وَأَمَّا الْهَنْدَسَةُ فَفِي قَوْلِه: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} الْآيَةَ [الْمُرْسَلَات: 4]. وَأَمَّا الْجَدَلُ فَقَدْ حَوَتْ آيَاتُهُ مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّتَائِجِ وَالْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ وَالْمُعَارَضَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمُنَاظَرَةُ إِبْرَاهِيمَ نَمْرُوذَ وَمُحَاجَّتُهُ قَوْمَهُ أَصْلٌ فِي ذَلِكَ عَظِيمٌ. وَأَمَّا الْجَبْرُ وَالْمُقَابَلَةُ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَائِلَ السُّوَرِ فِيهَا ذِكْرُ مُدَدٍ وَأَعْوَامٍ وَأَيَّامٍ لِتَوَارِيخِ أُمَمٍ سَالِفَةٍ، وَإِنَّ فِيهَا تَارِيخَ بَقَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَتَارِيخَ مُدَّةِ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مَضْرُوبٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. وَأَمَّا النِّجَامَةُ فَفِي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الْأَحْقَاف: 4]. فَقَدْ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَفِيهِ أُصُولُ الصَّنَائِعِ وَأَسْمَاءُ الْآلَاتِ الَّتِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَيْهَا. كَالْخَيَّاطَةِ فِي قَوْلِه: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} [الْأَعْرَاف: 22]. وَالْحِدَادَةِ {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الْكَهْف: 96]. الْآيَةَ {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سَبَأٍ: 10]. وَالْبِنَاءِ فِي آيَاتٍ. وَالنِّجَارَةِ {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هُودٍ: 37]. وَالْغَزْلِ {نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النَّحْل: 92]. وَالنَّسْج: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [الْعَنْكَبُوت: 41]. وَالْفِلَاحَةِ {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} الْآيَاتِ [الْوَاقِعَة: 63]. وَالصَّيْدِ فِي آيَاتٍ. وَالْغَوْص: {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} [ص: 37]. {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} [النَّحْل: 14]. وَالصِّيَاغَةِ {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا} [الْأَعْرَاف: 148]. وَالزِّجَاجَة: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النَّمْل: 44]. {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} [النُّور: 35]. وَالْفِخَارَة: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} [الْقَصَص: 38]. وَالْمِلَاحَة: {أَمَّا السَّفِينَةُ} الْآيَةَ [الْكَهْف: 79]. وَالْكِتَابَة: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [الْعَلَق: 4]. وَالْخَبْز: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا} [يُوسُفَ: 36]. وَالطَّبْخ: {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هُودٍ: 69]. وَالْغَسْلِ وَالْقِصَارَة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [الْمُدَّثِّر: 4]. {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 52]: وَهُمْ الْقَصَّارُونَ. وَالْجِزَارَةِ {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [الْمَائِدَة: 3]. وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي آيَاتٍ. وَالصَّبْغ: {صِبْغَةَ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: 138]، {جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ} [فَاطِرٍ: 27]. وَالْحِجَارَة: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [الشُّعَرَاء: 149]. وَالْكِيَالَةِ وَالْوَزْنِ فِي آيَاتٍ. وَالرَّمْي: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [الْأَنْفَال: 17]. {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الْأَنْفَال: 60]. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْآلَاتِ، وَضُرُوبِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَنْكُوحَاتِ وَجَمِيعِ مَا وَقَعَ وَيَقَعُ فِي الْكَائِنَاتِ مَا يُحَقِّقُ مَعْنَى قوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْعَام: 38]. انْتَهَى كَلَامُ الْمُرْسِيِّ مُلَخَّصًا. وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: مِنْ بَعْضِ وُجُوهِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ أَعْدَادِ الْحِسَابِ وَالْجَمْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالضَّرْبِ، وَالْمُوَافَقَةِ وَالتَّأْلِيفِ وَالْمُنَاسَبَةِ وَالتَّنْصِيفِ وَالْمُضَاعَفَةِ، لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحِسَابِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ عِنْدِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ خَالَطَ الْفَلَاسِفَةَ وَلَا تَلَقَّى الْحُسَّابَ وَأَهْلَ الْهَنْدَسَةِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا جَعَلَ نُبُوَّةَ النَّبِيِّينَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَتَمَةً، وَشَرَائِعَهُمْ بِشَرِيعَتِهِ مِنْ وَجْهٍ مُنْتَسَخَةً وَمِنْ وَجْهٍ مُكَمِّلَةً مُتَمِّمَةً، جَعَلَ كِتَابَهُ الْمُنَزَّلَ عَلَيْهِ مُتَضَمِّنًا لِثَمَرَةِ كُتُبِهِ الَّتِي أَوْلَاهَا أُولَئِكَ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقوله: {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [الْبَيِّنَة: 2، 3]. وَجَعَلَ مِنْ مُعْجِزَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ مَعَ قِلَّةِ الْحَجْمِ مُتَضَمِّنٌ لِلْمَعْنَى الْجَمِّ، بِحَيْثُ تَقْصُرُ الْأَلْبَابُ الْبَشَرِيَّةُ عَنْ إِحْصَائِهِ، وَالْآلَاتُ الدُّنْيَوِيَّةُ عَنِ اسْتِيفَائِهِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لُقْمَانَ: 27]. فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو لِلنَّاظِرِ فِيهِ مِنْ نُورِ مَا يُرِيهِ، وَنَفْعِ مَا يُولِيه: كَالْبَدْرِ مِنْ حَيْثُ الْتَفَتَّ رَأَيْتَهُ *** يَهْدِي إِلَى عَيْنَيْكَ نُورًا ثَاقِبَا كَالشَّمْسِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَضَوْؤُهَا *** يَغْشَى الْبِلَادَ مَشَارِقًا وَمَغَارِبَا وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ قَالَ: قِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا مُوسَى، إِنَّمَا مَثَلُ كِتَابِ أَحْمَدَ فِي الْكُتُبِ بِمَنْزِلَةِ وِعَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ كُلَّمَا مَخَّضْتَهُ أَخْرَجْتَ زُبْدَتَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي قَانُونِ التَّأْوِيل: عُلُومُ الْقُرْآنِ خَمْسُونَ عِلْمًا وَأَرْبَعُمِائَةِ عِلْمٍ، وَسَبْعَةُ آلَافِ عِلْمٍ، وَسَبْعُونَ أَلْفِ عِلْمٍ، عَلَى عَدَدِ كَلِمِ الْقُرْآنِ، مَضْرُوبَةً فِي أَرْبَعَةٍ، إِذْ لِكُلِّ كَلِمَةٍ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ، وَحَدٌّ وَمَطْلَعٌ، وَهَذَا مُطْلَقٌ دُونَ اعْتِبَارِ تَرْكِيبٍ وَمَا بَيَّنَهَا مِنْ رَوَابِطَ، وَهَذَا مَا لَا يُحْصَى وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: وَأَمَّا عُلُومُ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ: تَوْحِيدٌ وَتَذْكِيرٌ وَأَحْكَامٌ. فَالتَّوْحِيدُ يَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَعْرِفَةُ الْخَالِقِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَالتَّذْكِيرُ مِنْهُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَتَصْفِيَةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ. وَالْأَحْكَامُ مِنْهَا التَّكَالِيفُ كُلُّهَا وَتَبْيِينُ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالنَّدْبُ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْفَاتِحَةُ أُمَّ الْقُرْآنِ; لِأَنَّ فِيهَا الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ ثُلُثَهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ التَّوْحِيدُِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: التَّوْحِيدُ وَالْأَخْبَارُ وَالدِّيَانَاتُ، وَلِهَذَا كَانَتْ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ ثُلُثَهُ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ التَّوْحِيدَ كُلَّهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِينَ شَيْئًا: الْإِعْلَامُ، وَالتَّشْبِيهُ، وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَوَصْفُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَتَعْلِيمُ الْإِقْرَاءِ بِسْمِ اللَّهِ، وَبِصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَتَعْلِيمُ الِاعْتِرَافِ بِإِنْعَامِهِ، وَالِاحْتِجَاجِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ، وَالرَّدِّ عَلَى الْمُلْحِدِينَ، وَالْبَيَانِ عَنْ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ، وَنَعْتِ الْحِكْمَةِ، وَفَضْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَمَدْحِ الْأَبْرَارِ، وَذَمِّ الْفُجَّارِ، وَالتَّسْلِيمِ، وَالتَّحْسِينِ، وَالتَّوْكِيدِ، وَالتَّقْرِيعِ، وَالْبَيَانِ عَنْ ذَمِّ الْأَخْلَاقِ، وَشَرَفِ الْآدَابِ. وَقَالَ شَيْذَلَةُ: وَعَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ تِلْكَ الثَّلَاثَ الَّتِي قَالَهَا ابْنُ جَرِيرٍ تَشْمَلُ هَذِهِ كُلَّهَا بَلْ أَضْعَافَهَا فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَا يُسْتَدْرَكُ وَلَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ. وَأَنَا أَقُولُ: قَدِ اشْتَمَلَ كِتَابُ اللَّهِ الْعَزِيزُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، أَمَّا أَنْوَاعُ الْعُلُومِ فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ وَلَا مَسْأَلَةٌ هِيَ أَصْلٌ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، وَفِيهِ عَجَائِبُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَمَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَا فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى وَتَحْتَ الثَّرَى، وَبَدْءُ الْخَلْقِ وَأَسْمَاءُ مَشَاهِيرِ الرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَعُيُونُ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، كَقِصَّةِ آدَمَ مَعَ إِبْلِيسَ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفِي الْوَلَدِ الَّذِي سَمَّاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، وَرَفْعِ إِدْرِيسَ، وَغَرَقِ قَوْمِ نُوحٍ، وَقِصَّةِ عَادٍ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَثَمُودَ وَالنَّاقَةِ، وَقَوْمِ يُونُسَ، وَقَوْمِ شُعَيْبٍ، وَالْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، وَقَوْمِ لُوطٍ، وَقَوْمِ تُبَّعٍ، وَأَصْحَابِ الرَّسِّ، وَقِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ فِي مُجَادَلَتِهِ قَوْمَهُ وَمُنَاظَرَتِهِ نُمْرُوذَ، وَوَضْعِهِ إِسْمَاعِيلَ مَعَ أُمِّهِ بِمَكَّةَ، وَبِنَائِهِ الْبَيْتَ، وَقِصَّةِ الذَّبِيحِ، وَقِصَّةِ يُوسُفَ وَمَا أَبْسَطَهَا، وَقِصَّةِ مُوسَى فِي وِلَادَتِهِ وَإِلْقَائِهِ فِي الْيَمِّ، وَقَتْلِ الْقِبْطِيِّ، وَمَسِيرِهِ إِلَى مَدْيَنَ وَتَزَوُّجِهِ بِنْتَ شُعَيْبٍ، وَكَلَامِهِ تَعَالَى بِجَانِبِ الطُّورِ وَمَجِيئِهِ إِلَى فِرْعَوْنَ، وَخُرُوجِهِ وَإِغْرَاقِ عَدُوِّهِ، وَقِصَّةِ الْعِجْلِ وَالْقَوْمِ الَّذِينَ خَرَجَ بِهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّعْقَةُ، وَقِصَّةِ الْقَتِيلِ، وَذَبْحِ الْبَقَرَةَِ، وَقَصَّتِهِ مَعَ الْخَضِرِ، وَقِصَّتِهِ فِي قِتَالِ الْجَبَّارِينَ، وَقِصَّةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَارُوا فِي سِرْبٍ فِي الْأَرْضِ إِلَى الصِّينِ، وَقِصَّةِ طَالُوتَ وَدَاوُدَ مَعَ جَالُوتَ وَفِتْنَتِهِ، وَقِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَخَبَرِهِ مَعَ مَلِكَةِ سَبَأٍ وَفَتَنْتِهِ، وَقِصَّةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ، وَقِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَسِيرِهِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَمَطْلَعِهَا وَبِنَائِهِ السَّدَّ، وَقِصَّةِ أَيُّوبَ وَذِي الْكِفْلِ وَإِلْيَاسَ، وَقِصَّةِ مَرْيَمَ وَوِلَادَتِهَا وَعِيسَى وَإِرْسَالِهِ، وَرَفْعِهِ، وَقِصَّةِ زَكَرِيَّا وَابْنِهِ يَحْيَى، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الرَّقِيمِ، وَقِصَّةِ بُخْتَنَصَّرَ، وَقِصَّةِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لِأَحَدِهِمَا الْجَنَّةُ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، وَقِصَّةِ مُؤْمِنِ آلِ يس، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ. وَفِيهِ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ بِهِ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَبَعْثُهُ وَهِجْرَتُهُ، وَمِنْ غَزَوَاتِهِ سَرِيَّةُ ابْنِ الْحَضْرِمِيِّ فِي الْبَقَرَةِ، وَغَزْوَةُ بَدْرٍ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَأُحُدٍ فِي آلِ عِمْرَانَ، وَبَدْرٍ الصُّغْرَى فِيهَا، وَالْخَنْدَقِ فِي الْأَحْزَابِ، وَالْحُدَيْبِيَةِ فِي الْفَتْحِ، وَالنَّضِيرِ فِي الْحَشْرِ، وَحُنَيْنٍ وَتَبُوكَ فِي بَرَاءَةٌ، وَحَجَّةُ الْوَدَاعِ فِي الْمَائِدَةِ، وَنِكَاحُهُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَتَحْرِيمُ سُرِّيَّتِهِ، وَتَظَاهُرُ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ، وَقِصَّةُ الْإِفْكِ، وَقِصَّةُ الْإِسْرَاءِ، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ، وَسِحْرُ الْيَهُودِ إِيَّاهُ. وَفِيهِ بَدْءُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ إِلَى مَوْتِهِ، وَكَيْفِيَّةُ الْمَوْتِ، وَقَبْضُ الرُّوحِ وَمَا يُفْعَلُ بِهَا بَعْدُ، وَصُعُودُهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَفَتْحُ الْبَابِ لِلْمُؤْمِنَةِ وَإِلْقَاءُ الْكَافِرَةِ، وَعَذَابُ الْقَبْرِ وَالسُّؤَالُ فِيهِ، وَمَقَرُّ الْأَرْوَاحِ، وَأَشْرَاطُ السَّاعَةِ الْكُبْرَى، وَهِيَ: نُزُولُ عِيسَى، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَالدَّابَّةُ، وَالدُّخَانُ، وَرَفْعُ الْقُرْآنِ، وَالْخَسْفُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَغَلْقُ بَابِ التَّوْبَةِ، وَأَحْوَالُ الْبَعْثِ مِنَ النَّفَخَاتِ الثَّلَاث: نَفْخَةِ الْفَزَعِ، وَنَفْخَةِ الصَّعْقِ، وَنَفْخَةِ الْقِيَامِ، وَالْحَشْرُ وَالنَّشْرُ، وَأَهْوَالُ الْمَوْقِفِ، وَشِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ، وَظِلُّ الْعَرْشِ، وَالْمِيزَانُ وَالْحَوْضُ، وَالصِّرَاطُ، وَالْحِسَابُ لِقَوْمٍ وَنَجَاةُ آخَرِينَ مِنْهُ، وَشَهَادَةُ الْأَعْضَاءِ، وَإِيتَاءُ الْكُتُبِ بِالْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ، وَخَلْفَ الظَّهْرِ وَالشَّفَاعَةُ، وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ، وَالْجَنَّةُ وَأَبْوَابُهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي وَالدَّرَجَاتُ وَرُؤْيَتُهُ تَعَالَى، وَالنَّارُ وَأَبْوَابُهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَوْدِيَةِ، وَأَنْوَاعِ الْعِقَابِ، وَأَلْوَانِ الْعَذَابِ، وَالزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ وَفِيهِ جَمِيعُ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ مُطْلَقًا أَلْفُ اسْمٍ، وَمِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةٌ، وَفِيهِ شُعَبُ الْإِيمَانِ الْبِضْعُ وَالسَّبْعُونَ، وَشَرَائِعُ الْإِسْلَامِ الثَّلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ. وَفِيهِ أَنْوَاعُ الْكَبَائِرِ وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّغَائِرِ، وَفِيهِ تَصْدِيقُ كُلِّ حَدِيثٍ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ شَرْحُهُ إِلَى مُجَلَّدَاتٍ. وَقَدْ أَفْرَدَ النَّاسُ كُتُبًا فِيمَا تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْأَحْكَامِ كَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَلَاءِ، وَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ، وَالْكَيَا الْهَرَّاسِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ، وَعَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ الْفَرَسِ، وَابْنِ خُوَيْزِ مِنْدَادُ، وَأَفْرَدَ آخَرُونَ كُتُبًا فِيمَا تَضْمَنَهُ مِنْ عِلْمِ الْبَاطِنِ، وَأَفْرَدَ ابْنُ بُرْجَانَ كِتَابًا فِيمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ مُعَاضَدَةِ الْأَحَادِيثِ. وَقَدْ أَلَّفْتُ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ: الْإِكْلِيلَ فِي اسْتِنْبَاطِ التَّنْزِيلِ، ذَكَرْتُ فِيهِ كُلَّ مَا اسْتُنْبِطَ مِنْهُ مِنْ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوْ اعْتِقَادِيَّةٍ، وَبَعْضًا مِمَّا سِوَى ذَلِكَ كَثِيرَ الْفَائِدَةِ جَمَّ الْعَائِدَةِ، يَجْرِي مَجْرَى الشَّرْحِ لِمَا أَجْمَلْتُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ، فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ: آيَاتُ الْأَحْكَامِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ. قِيلَ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمُ الْمُصَرَّحُ بِهِ، فَإِنَّ آيَاتِ الْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ وَغَيْرِهَا، يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ. قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ الْإِمَامُ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ: مُعْظَمُ آيِ الْقُرْآنِ لَا تَخْلُو عَنْ أَحْكَامٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى آدَابٍ حَسَنَةٍ، وَأَخْلَاقٍ جَمِيلَةٍ، ثُمَّ مِنَ الْآيَاتِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِالْأَحْكَامِ، وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ، إِمَّا بِلَا ضَمٍّ إِلَى آيَةٍ أُخْرَى، كَاسْتِنْبَاطِ صِحَّةِ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مِنْ قَوْلِه: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [الْمَسَد: 4]. وَصِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ مِنْ قَوْلِه: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} إِلَى قَوْلِه: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 187]. وَإِمَّا بِه: كَاسْتِنْبَاطِ أَنَّ أَقَلَّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِه: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لُقْمَانَ: 14]. قَالَ: وَيُسْتَدَلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ تَارَةً بِالصِّيغَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَتَارَةً بِالْإِخْبَارِ مِثْلَ: {أُحِلَّ لَكُمْ} [الْبَقَرَة: 187]. {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [الْمَائِدَة: 3]. {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [الْبَقَرَة: 183]. وَتَارَةً بِمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا فِي الْعَاجِلِ أَوِ الْآجِلِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، أَوْ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ، وَقَدْ نَوَّعَ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً، تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا وَتَقْرِيبًا إِلَى أَفْهَامِهِمْ، فَكُلُّ فِعْلٍ عَظَّمَهُ الشَّرْعُ أَوْ مَدَحَ فَاعِلَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ أَحَبَّهُ أَوْ أَحَبَّ فَاعِلَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ رَضِيَ عَنْ فَاعِلِهِ، أَوْ وَصَفَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ أَوِ الْبَرَكَةِ أَوِ الطَّيِّبِ أَوْ أَقْسَمَ بِهِ أَوْ بِفَاعِلِهِ كَالْإِقْسَامِ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وَبِخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ، وَبِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، أَوْ نَصَبَهُ سَبَبًا لِذِكْرِهِ لِعَبْدِهِ، أَوْ لِمَحَبَّتِهِ أَوْ لِثَوَابٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ، أَوْ لِشُكْرِهِ لَهُ، أَوْ لِهِدَايَتِهِ إِيَّاهُ، أَوْ لِإِرْضَاءِ فَاعِلِهِ، أَوْ لِمَغْفِرَةِ ذَنْبِهِ، وَتَكْفِيرِ سَيِّئَاتِهِ، أَوْ لِقَبُولِهِ، أَوْ لِنُصْرَةِ فَاعِلِهِ، أَوْ بِشَارَتِهِ، أَوْ وَصَفَ فَاعِلَهُ بِالطَّيِّبِ، أَوْ وَصَفَ الْفِعْلَ بِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا، أَوْ نَفَى الْحُزْنَ وَالْخَوْفَ عَنْ فَاعِلِهِ، أَوْ وَعَدَهُ بِالْأَمْنِ، أَوْ نَصَبَ سَبَبًا لِوِلَايَتِهِ، أَوْ أَخْبَرَ عَنْ دُعَاءِ الرَّسُولِ بِحُصُولِهِ، أَوْ وَصْفِهِ بِكَوْنِهِ قُرْبَةً، أَوْ بِصِفَةِ مَدْحٍ كَالْحَيَاةِ وَالنُّورِ وَالشِّفَاءِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ. وَكُلُّ فِعْلٍ طَلَبَ الشَّارِعُ تَرْكَهُ، أَوْ ذَمَّهُ أَوْ ذَمَّ فَاعِلَهُ، أَوْ عَتَبَ عَلَيْهِ، أَوْ مَقَتَ فَاعِلَهُ أَوْ لَعَنَهُ، أَوْ نَفَى مَحَبَّتَهُ أَوْ مَحَبَّةَ فَاعِلِهِ، أَوِ الرِّضَى بِهِ أَوْ عَنْ فَاعِلِهِ، أَوْ شَبَّهَ فَاعِلَهُ بِالْبَهَائِمِ أَوْ بِالشَّيَاطِينِ، أَوْ جَعَلَهُ مَانِعًا مِنَ الْهُدَى أَوْ مِنَ الْقَبُولِ، أَوْ وَصَفَهُ بِسُوءٍ أَوْ كَرَاهَةٍ، أَوِ اسْتَعَاذَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْهُ أَوْ أَبْغَضُوهُ، أَوْ جُعِلَ سَبَبًا لِنَفْيِ الْفَلَاحِ أَوْ لِعَذَابٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ، أَوْ لِذَمٍّ أَوْ لَوْمٍ أَوْ ضَلَالَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، أَوْ وُصِفَ بِخُبْثٍ أَوْ رِجْسٍ أَوْ نَجَسٍ، أَوْ بِكَوْنِهِ فِسْقًا أَوْ إِثْمًا، أَوْ سَبَبًا لِإِثْمٍ أَوْ رِجْسٍ، أَوْ لَعْنٍ أَوْ غَضَبٍ، أَوْ زَوَالِ نِعْمَةٍ، أَوْ حُلُولِ نِقْمَةٍ، أَوْ حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ، أَوْ قَسْوَةٍ أَوْ خِزْيٍ، أَوِ ارْتِهَانِ نَفْسٍ، أَوْ لِعَدَاوَةِ اللَّهِ وَمُحَارَبَتِهِ، أَوْ لِاسْتِهْزَائِهِ أَوْ سُخْرِيَّتِهِ أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَبًا لِنِسْيَانِهِ فَاعِلَهُ، أَوْ وَصَفَهُ نَفْسَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ أَوْ بِالْحِلْمِ أَوْ بِالصَّفْحِ عَنْهُ، أَوْ دَعَا إِلَى التَّوْبَةِ مِنْهُ، أَوْ وَصَفَ فَاعِلَهُ بِخُبْثٍ أَوِ احْتِقَارٍ، أَوْ نَسَبَهُ إِلَى عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَوْ تَزْيِينِهِ، أَوْ تَوَلِّي الشَّيْطَانِ لِفَاعِلِهِ، أَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ ذَمٍّ كَكَوْنِهِ ظُلْمًا أَوْ بَغْيًا أَوْ عُدْوَانًا أَوْ إِثْمًا أَوْ مَرَضًا، أَوْ تَبَرَّأَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْهُ أَوْ مِنْ فَاعِلِهِ، أَوْ شَكَوْا إِلَى اللَّهِ مِنْ فَاعِلِهِ، أَوْ جَاهَرُوا فَاعِلَهُ بِالْعَدَاوَةِ، أَوْ نُهُوا عَنِ الْأَسَى وَالْحُزْنِ عَلَيْهِ، أَوْ نُصِبَ سَبَبًا لِخَيْبَةِ فَاعِلِهِ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا أَوْ رُتِّبَ عَلَيْهِ حِرْمَانُ الْجَنَّةِ وَمَا فِيهَا أَوْ وُصِفَ فَاعِلُهُ بِأَنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ، أَوْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدُوُّهُ، أَوْ أُعْلِمَ فَاعِلُهُ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ حَمَّلَ فَاعِلَهُ إِثْمَ غَيْرِهِ، أَوْ قِيلَ فِيه: لَا يَنْبَغِي هَذَا أَوْ لَا يَكُونُ، أَوْ أَمَرَهُ بِالتَّقْوَى عِنْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ، أَوْ أَمَرَ بِفِعْلِ مُضَادِّهِ، أَوْ بِهَجْرِ فَاعِلِهِ، أَوْ تَلَاعَنَ فَاعِلُوهُ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ تَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، أَوْ دَعَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ وُصِفَ فَاعِلُهُ بِالضَّلَالَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، أَوْ لَيْسَ مِنَ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ، أَوْ جُعِلَ اجْتِنَابُهُ سَبَبًا لِلْفَلَاحِ أَوْ جَعَلَهُ سَبَبًا لِإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ قِيلَ: هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ؟، أَوْ نَهَى الْأَنْبِيَاءَ عَنِ الدُّعَاءِ لِفَاعِلِهِ أَوْ رَتَّبَ عَلَيْهِ إِبْعَادًا أَوْ طَرْدًا، أَوْ لَفْظَةُ (قُتِلَ مَنْ فَعَلَهُ) أَوْ قَاتَلَهُ اللَّهُ، أَوْ أَخْبَرَ أَنَّ فَاعِلَهُ لَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلَا يُزَكِّيهِ، وَلَا يُصْلِحُ عَمَلَهُ وَلَا يَهْدِي كَيْدَهُ أَوْ لَا يُفْلِحُ أَوْ قَيَّضَ لَهُ الشَّيْطَانَ، أَوْ جُعِلَ سَبَبًا لِإِزَاغَةِ قَلْبِ فَاعِلِهِ أَوْ صَرْفِهُ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ وَسُؤَالِهِ عَنْ عِلَّةِ الْفِعْلِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْفِعْلِ وَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْكَرَاهَةِ، وَتُسْتَفَادُ الْإِبَاحَةُ مِنْ لَفْظِ الْإِحْلَالِ، وَنَفْيِ الْجُنَاحِ وَالْحَرَجِ وَالْإِثْمِ وَالْمُؤَاخَذَةِ، وَمِنَ الْإِذْنِ فِيهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ وَمِنَ الِامْتِنَانِ بِمَا فِي الْأَعْيَانِ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَمِنَ السُّكُوتِ عَنِ التَّحْرِيمِ، وَمِنَ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ حَرَّمَ الشَّيْءَ مِنَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ خُلِقَ أَوْ جُعِلَ لَنَا، وَالْإِخْبَارِ عَنْ فِعْلِ مَنْ قَبِلَنَا مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ لَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنِ اقْتَرَنَ بِإِخْبَارِهِ مَدْحٌ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وُجُوبًا أَوِ اسْتِحْبَابًا. انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ يُسْتَنْبَطُ مِنَ السُّكُوتِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْإِنْسَانَ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَقَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ وَذَكَرَ الْقُرْآنَ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ مَوْضِعًا، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَلَمَّا جَمَعَ بَيْنَهُمَا غَايَرَ: فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ} [الرَّحْمَن: 1- 3].
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ الْإِمَامُ الْحَسَنُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا. قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} [الرُّوم: 58]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [الْعَنْكَبُوت: 43]. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ عَلَى خَمْسَةٍ أَوْجُهٍ: حَلَالٍ، وَحَرَامٍ، وَمُحْكَمٍ، وَمُتَشَابِهٍ، وَأَمْثَالٍ، فَاعْمَلُوا بِالْحَلَالِ، وَاجْتَنِبُوا الْحَرَامَ، وَاتَّبِعُوا الْمُحْكَمَ، وَآمِنُوا بِالْمُتَشَابِهِ، وَاعْتَبِرُوا بِالْأَمْثَالِ» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مِنْ أَعْظَمِ عِلْمِ الْقُرْآنِ عِلْمُ أَمْثَالِهِ، وَالنَّاسُ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالْأَمْثَالِ، وَإِغْفَالِهِمُ الْمُمَثَّلَاتِ، وَالْمَثَلُ بِلَا مُمَثَّلٍ كَالْفَرَسِ بِلَا لِجَامٍ، وَالنَّاقَةِ بِلَا زِمَامٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ عَدَّهُ الشَّافِعِيُّ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ مَعْرِفَتُهُ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: ثُمَّ مُعْرِفَةُ مَا ضُرِبَ فِيهِ مِنَ الْأَمْثَالِ الدَّوَالِّ عَلَى طَاعَتِهِ، الْمُبَيِّنَةِ لِاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّين: إِنَّمَا ضَرَبَ اللَّهُ الْأَمْثَالَ فِي الْقُرْآنِ تَذْكِيرًا وَوَعْظًا، فَمَا اشْتَمَلَ مِنْهَا عَلَى تَفَاوُتِ ثَوَابٍ أَوْ عَلَى إِحْبَاطِ عَمَلٍ أَوْ عَلَى مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَحْكَامِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرْبُ الْأَمْثَالِ فِي الْقُرْآنِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ: التَّذْكِيرُ وَالْوَعْظُ، وَالْحَثُّ، وَالزَّجْرُ، وَالِاعْتِبَارُ، وَالتَّقْرِيرُ، وَتَقْرِيبُ الْمُرَادِ لِلْعَقْلِ، وَتَصْوِيرُهُ بِصُورَةِ الْمَحْسُوسِ، فَإِنَّ الْأَمْثَالَ تُصَوِّرُ الْمَعَانِيَ بِصُورَةِ الْأَشْخَاصِ لِأَنَّهَا أَثْبَتُ فِي الْأَذْهَانِ لِاسْتِعَانَةِ الذِّهْنِ فِيهَا بِالْحَوَاسِّ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْمَثَلِ تَشْبِيهُ الْخَفِيِّ بِالْجَلِيِّ، وَالْغَائِبِ بِالْمَشَاهَدِ. وَتَأْتِي أَمْثَالُ الْقُرْآنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيَانِ تَفَاوُتِ الْأَجْرِ، وَعَلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ، وَعَلَى الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَعَلَى تَفْخِيمِ الْأَمْرِ أَوْ تَحْقِيرِهِ، وَعَلَى تَحْقِيقِ أَمْرٍ أَوْ إِبْطَالِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} [إِبْرَاهِيمَ: 45]. فَامْتَنَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ لِمَا تَضْمَّنَهُ مِنَ الْفَوَائِدِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَان: وَمِنْ حَكَمَتِهِ تَعْلِيمُ الْبَيَانِ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: التَّمْثِيلُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ لِكَشْفِ الْمَعَانِي، وَإِدْنَاءِ الْمُتَوَهِّمِ مِنَ الشَّاهِدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُمَثَّلُ لَهُ عَظِيمًا كَانَ الْمُتَمَثَّلُ بِهِ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا كَانَ الْمُمَثَّلُ بِهِ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْأَصْبَهَانِيُّ: لِضَرْبِ الْعَرَبِ الْأَمْثَالَ وَاسْتِحْضَارِ الْعُلَمَاءِ النَّظَائِرَ شَأْنٌ لَيْسَ بِالْخَفِيِّ فِي إِبْرَازِ خَفِيَّاتِ الدَّقَائِقِ، وَرَفْعِ الْأَسْتَارِ عَنِ الْحَقَائِقِ، تُرِيكَ الْمُتَخَيَّلَ فِي صُورَةِ الْمُتَحَقَّقِ وَالْمُتَوَهَّمِ فِي مَعْرِضِ الْمُتَيَقَّنِ، وَالْغَائِبِ كَأَنَّهُ مُشَاهَدٌ. وَفِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ تَبْكِيتٌ لِلْخَصْمِ الشَّدِيدِ الْخُصُومَةِ، وَقَمْعٌ لِسَوْرَةِ الْجَامِحِ الْأَبِيِّ، فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ مَا لَا يُؤَثِّرُ وَصْفُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ أَكْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ الْأَمْثَالَ، وَمِنْ سُوَرِ الْإِنْجِيلِ سُوَرَةٌ تُسَمَّى سُورَةَ الْأَمْثَالِ، وَفَشَتْ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْحُكَمَاءِ. أَمْثَالُ الْقُرْآنِ قِسْمَان: ظَاهِرٌ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَكَامِنٌ لَا ذِكْرَ لِلْمَثَلِ فِيهِ. فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [الْبَقَرَة: 17- 20]. الْآيَاتُ ضَرَبَ فِيهَا لِلْمُنَافِقِينَ مَثَلَيْن: مَثَلًا بِالنَّارِ وَمَثَلًا بِالْمَطَرِ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَعْتَزُّونَ بِالْإِسْلَامِ فَيُنَاكِحُهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَيُوَارِثُونَهُمْ وَيُقَاسِمُونَهُمُ الْفَيْءَ، فَلَمَّا مَاتُوا سَلَبَهُمُ اللَّهُ الْعِزَّ كَمَا سُلِبَ صَاحِبُ النَّارِ ضَوْءَهُ {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} قَوْلُهُ: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} يَقُولُ: فِي عَذَابٍ {أَوْ كَصَيِّبٍ} هُوَ الْمَطَرُ ضُرِبَ مَثَلُهُ فِي الْقُرْآنِ {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} يَقُولُ: ابْتِلَاءٌ {وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} تَخْوِيفٌ {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يَقُولُ: يَكَادُ مُحَكْمُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُنَافِقِينَ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [الْبَقَرَة: 19- 20]. يَقُولُ: كُلَّمَا أَصَابَ الْمُنَافِقُونَ فِي الْإِسْلَامِ عِزًّا اطْمَأَنُّوا، فَإِنْ أَصَابَ الْإِسْلَامَ نَكْبَةٌ قَامُوا لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ كَقَوْلِه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} الْآيَةَ [الْحَجّ: 11]. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الْآيَةَ [الرَّعْد: 17]. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ، احْتَمَلَتْ مِنْهُ الْقُلُوبُ عَلَى قَدْرِ يَقِينِهَا وَشَكِّهَا، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً}. وَهُوَ الشَّكُّ {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرَّعْد: 17]. وَهُوَ الْيَقِينُ كَمَا يَجْعَلُ الْحُلِيُّ فِي النَّارِ فَيُؤْخَذُ خَالَصُهُ وَيُتْرَكُ خَبَثُهُ فِي النَّارِ، كَذَلِكَ يَقْبَلُ اللَّهُ الْيَقِينَ وَيَتْرُكُ الشَّكَّ. وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ قَوْلُهُ (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا). وَأَخْرَجَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالٍ ضَرَبَهَا اللَّهُ فِي مَثَلٍ وَاحِدٍ، يَقُولُ: كَمَا اضْمَحَلَّ هَذَا الزَّبَدُ فَصَارَ جُفَاءً لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا تُرْجَى بَرَكَتُهُ كَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ، وَكَمَا مَكَثَ هَذَا الْمَاءُ فِي الْأَرْضِ فَأَمْرَعَتْ وَرَبَتْ بَرَكَتُهُ، وَأَخْرَجَتْ نَبَاتَهَا، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ حِينَ أُدْخِلَ النَّارَ فَأُذْهِبَ خَبَثُهُ، كَذَلِكَ يَبْقَى الْحَقُّ لِأَهْلِهِ، وَكَمَا اضْمَحَلَّ خَبَثُ هَذَا الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِينَ أُدْخِلَ فِي النَّارِ كَذَلِكَ يَضْمَحِلُّ الْبَاطِلُ عَنْ أَهْلِهِ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} الْآيَةَ [الْأَعْرَاف: 85]، أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ يَقُولُ: هُوَ طَيِّبٌ وَعَمَلُهُ طَيِّبُ كَمَا أَنَّ الْبَلَدَ الطَّيِّبَ ثَمَرُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي خَبُثَ ضُرِبَ مَثَلًا لِلْكَافِرِ كَالْبَلَدِ السَّبِخَةِ الْمَالِحَةِ وَالْكَافِرُ هُوَ الْخَبِيثُ وَعَمَلُهُ خَبِيثٌ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 226]. أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَنْ تَرَوْنَ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ: قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لَعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ. وَأَمَّا الْكَامِنَةُ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُضَارِبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْفَضْلِ فَقُلْتُ: إِنَّكَ تُخْرِجُ أَمْثَالَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّه: (خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا) قَالَ: نَعَمْ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [الْبَقَرَة: 68]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الْفُرْقَان: 67]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الْإِسْرَاء: 29]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الْإِسْرَاء: 110]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ (مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ) قَالَ: نَعَمْ فِي مَوْضِعَيْنِ {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يُونُسَ: 39]. وَ{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الْأَحْقَاف: 11]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّه: (احْذَرْ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ) قَالَ: نَعَمْ {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التَّوْبَة: 74]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّه: (لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعَيَانِ) قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [الْبَقَرَة: 260]. قُلْتُ فَهَلْ تَجِدُ: (فِي الْحَرَكَاتِ الْبَرَكَاتُ) قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النِّسَاء: 100]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ: (كَمَا تَدِينُ تُدَانُ) قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النِّسَاء: 123]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ قَوْلَهُمْ: (حِينَ تَقْلِي تَدْرِي) قَالَ: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الْفُرْقَان: 42]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيه: لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ قَالَ: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يُوسُفَ: 64]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيه: مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا سُلِّطَ عَلَيْهِ قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الْحَجّ: 4]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيهِ قَوْلَهُمْ: لَا تَلِدُ الْحَيَّةُ إِلَّا حَيَّةً قَالَ: قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نُوحٍ: 27]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيه: لِلْحِيطَانِ آذَانٌ قَالَ: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التَّوْبَة: 47]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيه: الْجَاهِلُ مَرْزُوقٌ وَالْعَالِمُ مَحْرُومٌ قَالَ: {مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مَرْيَمَ: 75]. قُلْتُ: فَهَلْ تَجِدُ فِيه: الْحَلَالُ لَا يَأْتِيكَ إِلَّا قُوتًا وَالْحَرَامُ لَا يَأْتِيكَ إِلَّا جُزَافًا قَالَ: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} [الْأَعْرَاف: 163].
عَقَدَ جَعْفَرُ بْنُ شَمْسٍ الْخِلَافَةِ فِي كِتَابِ الْآدَابِ بَابًا فِي أَلْفَاظٍ مِنَ الْقُرْآنِ جَارِيَةٍ مَجْرَى الْمَثَلِ، وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْبَدِيعِيُّ الْمُسَمَّى بِإِرْسَالِ الْمَثَلِ وَأَوْرَدَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} [النَّجْم: 58]. {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 92]. {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يُوسُفَ: 51]. {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [يس: 78]. {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الْحَجّ: 10]. {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يُوسُفَ: 41]. {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هُودٍ: 81]. {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}. {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ}. {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فَاطِرٍ: 43]. {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الْإِسْرَاء: 84]. {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [الْبَقَرَة: 216]. {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [الْمُدَّثِّر: 38]. {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الْمَائِدَة: 99]. {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التَّوْبَة: 91]. {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرَّحْمَن: 60]. {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} [الْبَقَرَة: 249]. {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} [يُونُسَ: 91]. {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الْحَشْر: 14]. {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فَاطِرٍ: 14]. {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الرُّوم: 32]. {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الْأَنْفَال: 23]. {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سَبَأٍ: 13]. {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الْبَقَرَة: 286]. {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [الْمَائِدَة: 100]. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الرُّوم: 41]. {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الْحَجّ: 73]. {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصَّافَّات: 61]. {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24]. {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الْحَشْر: 2]. فِي أَلْفَاظٍ أُخَرَ.
أَفْرَدَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِالتَّصْنِيفِ فِي مُجَلَّدٍ سَمَّاهُ التِّبْيَانَ. وَالْقَصْدُ بِالْقَسَمِ تَحْقِيقُ الْخَيْرِ وَتَوْكِيدُهُ حَتَّى جَعَلُوا مِثْلَ {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [الْمُنَافِقُونَ: 1]. قَسَمًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِخْبَارٌ بِشَهَادَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ تَوْكِيدًا لِلْخَبَرِ سُمِّيَ قَسَمًا. وَقَدْ قِيلَ: مَا مَعْنَى الْقَسَمِ مِنْهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْمُؤْمِنِ فَالْمُؤْمِنُ مُصَدِّقٌ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ مِنْ غَيْرِ قَسَمٍ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ الْكَافِرِ فَلَا يُفِيدُهُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، وَمِنْ عَادَتِهَا الْقَسَمُ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تُؤَكِّدَ أَمْرًا. وَأَجَابَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْقَسَمَ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ وَتَأْكِيدِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ يُفْصَلُ بِاثْنَيْن: إِمَّا بِالشَّهَادَةِ وَإِمَّا بِالْقَسَمِ، فَذَكَرَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ النَّوْعَيْنِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُمْ حُجَّةٌ فَقَالَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آلِ عِمْرَانَ: 18]. وَقَالَ: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يُونُسَ: 53]. وَعَنْ بَعْضِ الْأَعْرَابِ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذَّارِيَات: 22، 23]. صَرَخَ وَقَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي أَغْضَبَ الْجَلِيلَ حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الْيَمِينِ. وَلَا يَكُونُ الْقَسَمُ إِلَّا بِاسْمٍ مُعَظَّمٍ وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ فِي الْقُرْآنِ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ: الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِه: {قُلْ إِي وَرَبِّي} [يُونُسَ: 53]. {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التَّغَابُن: 7]. {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ} [مَرْيَمَ: 68]. {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الْحِجْر: 92]. {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [النِّسَاء: 65]. {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [الْمَعَارِج: 4]. وَالْبَاقِي كُلُّهُ قَسَمٌ بِمَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، {وَالصَّافَّاتِ}، {وَالشَّمْسَ}، {وَاللَّيْلِ}، {وَالضُّحَى}، {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التَّكْوِير: 15]. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَقْسَمَ بِالْخَلْقِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْقَسَمِ بِغَيْرِ اللَّهِ، قُلْنَا: أُجِيبَ عَنْهُ بِأَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ: وَرَبِّ التِّينِ وَرَبِّ الشَّمْسِ، وَكَذَا الْبَاقِي. الثَّانِي: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُعَظِّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، وَتُقْسِمُ بِهَا فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مَا يَعْرِفُونَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَقْسَامَ إِنَّمَا تَكُونُ بِمَا يُعَظِّمُهُ الْمُقْسِمُ أَوْ يُجِلُّهُ وَهُوَ فَوْقُهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ شَيْءٌ فَوْقَهُ فَأَقْسَمَ تَارَةً بِنَفْسِهِ، وَتَارَةً بِمَصْنُوعَاتِهِ، لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بَارِئٍ وَصَانِعٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ فِي أَسْرَارِ الْفَوَاتِح: الْقَسَمُ بِالْمَصْنُوعَاتِ يَسْتَلْزِمُ الْقَسَمَ بِالصَّانِعِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَفْعُولِ يَسْتَلْزِمُ ذِكْرَ الْفَاعِلِ، إِذْ يَسْتَحِيلُ وُجُودُ مَفْعُولٍ بِغَيْرِ فَاعِلٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْسِمَ إِلَّا بِاللَّهِ. وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِه: {لَعَمْرُكَ} لِتَعْرِفَ النَّاسُ عَظَمَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَكَانَتَهُ لَدَيْهِ. أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَلَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، قَالَ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الْحِجْر: 72]. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ: الْقَسَمُ بِالشَّيْءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ وَجْهَيْن: إِمَّا لِفَضِيلَةٍ أَوْ لِمَنْفَعَةٍ، فَالْفَضِيلَةُ كَقَوْلِه: {وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} وَالْمَنْفَعَةُ نَحْوَ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التِّين: 1- 3]. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِذَاتِهِ كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ وَبِفِعْلِهِ نَحْوَ: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشَّمْس: 5- 7]. وَبِمَفْعُولِهِ نَحْوَ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النَّجْم: 1]. {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطُّور: 1، 2]. وَالْقَسَمُ إِمَّا ظَاهِرٌ كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ، وَإِمَّا مُضْمَرٌ وَهُوَ قِسْمَانِ دَلَّتْ عَلَيْهِ اللَّامُ نَحْوَ: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 186]. وَقَسَمٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى نَحْوَ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مَرْيَمَ: 71]. وَتَقْدِيرُهُ: وَاللَّهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: الْأَلْفَاظُ الْجَارِيَةُ مَجْرَى الْقَسَمِ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مَا تَكُونُ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِقَسَمٍ فَلَا تُجَابُ بِجَوَابِهِ كَقَوْلِه: {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الْحَدِيد: 8]. {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا} [الْبَقَرَة: 63]. {يَحْلِفُونَ لَكُمْ} [التَّوْبَة: 96]. فَهَذَا وَنَحْوُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا وَأَنْ يَكُونَ حَالًا لِخُلُوِّهِ مِنَ الْجَوَابِ. وَالثَّانِي: مَا يَتَلَقَّى بِجَوَابِ الْقَسَمِ كَقَوْلِه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} [آلِ عِمْرَانَ: 187]. {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} [النُّور: 53]. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَكْثَرُ الْأَقْسَامِ فِي الْقُرْآنِ الْمَحْذُوفَةِ الْفِعْلِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْوَاوِ، فَإِذَا ذُكِرَتِ الْبَاءُ أُتِيَ بِالْفِعْلِ كَقَوْلِه: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} [النُّور: 53]. {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} [التَّوْبَة: 62]. وَلَا تَجِدُ الْبَاءَ مَعَ حَذْفِ الْفِعْلِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ خَطَأً مَنْ جَعَلَ قَسَمًا بِاللَّهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ} [لُقْمَانَ: 13]. بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ [الزُّخْرُف: 49]. {بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [الْمَائِدَة: 116]. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّم: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقْسِمُ بِأُمُورٍ عَلَى أُمُورٍ، وَإِنَّمَا يُقْسِمُ بِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتِهِ أَوْ بِآيَاتِهِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَقْسَامُهُ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَظِيمِ آيَاتِهِ، فَالْقَسَمُ إِمَّا عَلَى جُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ وَهُوَ الْغَالِبُ كَقَوْلِه: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذَّارِيَات: 23]. وَإِمَّا عَلَى جُمْلَةٍ طَلَبِيَّةٍ كَقَوْلِه: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الْحِجْر: 92، 93]. مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَسَمَ قَدْ يُرَادُ بِهِ تَحْقِيقُ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ تَحْقِيقُ الْقَسَمِ فَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ يُرَادُ بِالْقَسَمِ تَوْكِيدُهُ وَتَحْقِيقُهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْسُنُ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَالْخَفِيَّةِ إِذَا أَقْسَمَ عَلَى ثُبُوتِهَا، فَأَمَّا الْأُمُورُ الْمَشْهُورَةُ الظَّاهِرَةُ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَهَذِهِ يُقَسِمُ بِهَا وَلَا يُقْسِمُ عَلَيْهَا، وَمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ الرَّبُّ فَهُوَ مِنْ آيَاتِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُقْسَمًا بِهِ وَلَا يَنْعَكِسُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَذْكُرُ جَوَابَ الْقَسَمِ تَارَةً وَهُوَ الْغَالِبُ وَيَحْذِفُهُ أُخْرَى كَمَا يُحْذَفُ جَوَابُ لَوْ كَثِيرًا لِلْعِلْمِ بِهِ. وَالْقَسَمُ لَمَّا كَانَ يَكْثُرُ فِي الْكَلَامِ اخْتُصِرَ فَصَارَ فِعْلُ الْقَسَمِ يُحْذَفُ وَيُكْتَفَى بِالْبَاءِ، ثُمَّ عُوِّضَ مِنَ الْبَاءِ الْوَاوَ فِي الْأَسْمَاءِ الظَّاهِرَةِ، وَالتَّاءِ فِي اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِه: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الْأَنْبِيَاء: 57]. قَالَ: ثُمَّ هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُقْسِمُ عَلَى أُصُولِ الْإِيمَانِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ مَعْرِفَتُهَا، تَارَةً يُقْسِمُ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَتَارَةً يُقْسِمُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَتَارَةً عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ، وَتَارَةً عَلَى الْجَزَاءِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَتَارَةً يُقْسِمُ عَلَى حَالِ الْإِنْسَانِ. فَالْأُولَى كَقَوْلِه: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} إِلَى قَوْلِه: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} [الصَّافَّات: 1- 4]. وَالثَّانِي كَقَوْلِه: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الْوَاقِعَة: 75- 77]. وَالثَّالِثُ: كَقَوْلِه: {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: 1- 3]. {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النَّجْم: 1- 2]. الْآيَاتِ. وَالرَّابِعُ: كَقَوْلِه: {وَالذَّارِيَاتِ} إِلَى قَوْلِه: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذَّارِيَات: 1- 6]. {وَالْمُرْسَلَاتِ} إِلَى قَوْلِه: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} [الْمُرْسَلَات: 1- 7]. وَالْخَامِسُ: كَقَوْلِه: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} إِلَى قوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [اللَّيْل: 1- 4]. {وَالْعَادِيَاتِ} إِلَى قَوْلِه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [الْعَادِيَّات: 1- 6]. {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [الْعَصْر: 1- 2]. {وَالتِّينِ} إِلَى قَوْلِه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التِّين: 1- 4]. الْآيَاتِ {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} إِلَى قَوْلِه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [الْبَلَد: 1- 4]. قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا يُحْذَفُ الْجَوَابُ إِذَا كَانَ فِي نَفْسِ الْمُقْسَمِ بِهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمَقْسَمِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذِكْرِهِ، فَيَكُونُ حَذْفُ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أَبْلَغَ وَأَوْجَزَ كَقَوْلِه: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]. فَإِنَّ فِي الْمُقْسَمِ بِهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ، وَوَصْفِهِ بِأَنَّهُ ذُو الذِّكْرِ الْمُتَضَمِّنِ لِتَذْكِيرِ الْعِبَادِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَالشَّرَفِ وَالْقَدْرِ، مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ حَقًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ غَيْرَ مُفْتَرًى كَمَا يَقُولُ الْكَافِرُونَ، وَلِهَذَا قَالَ كَثِيرُونَ: إِنَّ تَقْدِيرَ الْجَوَاب: إِنَّ الْقُرْآنَ لَحَقٌّ. وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَا شَابَهَ ذَلِكَ كَقَوْلِه: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1]. وَقَوْلِه: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الْقِيَامَة: 1]. فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الْمَعَادِ. وَقَوْلِه: {وَالْفَجْرِ} [الْفَجْر: 1]. الْآيَاتِ، فَإِنَّهَا أَزْمَانٌ تَتَضَمَّنُ أَفْعَالًا مُعَظَّمَةً مِنَ الْمَنَاسِكِ وَشَعَائِرِ الْحَجِّ، الَّتِي هِيَ عُبُودِيَّةٌ مَحْضَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَذَلٌّ وَخُضُوعٌ لِعَظَمَتِهِ وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. قَالَ: وَمِنْ لَطَائِفَ الْقَسَمِ قوله: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضُّحَى: 1، 2]. الْآيَاتِ، أَقْسَمَ تَعَالَى عَلَى إِنْعَامِهِ عَلَى رَسُولِهِ وَإِكْرَامِهِ لَهُ وَذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِتَصْدِيقِهِ لَهُ فَهُوَ قَسَمٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، وَعَلَى جَزَائِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ قَسَمٌ عَلَى النُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ، وَأَقْسَمَ بِآيَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ آيَاتِهِ، وَتَأَمَّلْ مُطَابَقَةَ هَذَا الْقَسَمِ وَهُوَ نُورُ الضُّحَى الَّذِي يُوَافِي بَعْدَ ظَلَامِ اللَّيْلِ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ نُورُ الْوَحْيِ الَّذِي وَافَاهُ بَعْدَ احْتِبَاسِهِ عَنْهُ حَتَّى قَالَ أَعْدَاؤُهُ: وَدَّعَ مُحَمَّدًا رَبُّهُ فَأَقْسَمَ بِضَوْءِ النَّهَارِ بَعْدَ اللَّيْلِ عَلَى ضَوْءِ الْوَحْيِ وَنُورِهِ بَعْدَ ظُلْمَةِ احْتِبَاسِهِ وَاحْتِجَابِهِ.
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ نَجْمُ الدِّينِ الطُّوفِيُّ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَدِ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْذِيرٍ يُبْنَى مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ قَدْ نَطَقَ بِهِ، لَكِنْ أَوْرَدَهُ عَلَى عَادَاتِ الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِأَمْرَيْنِ. أَحَدُهَا: بِسَبَبِ مَا قَالَهُ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إِبْرَاهِيمَ: 4]. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَائِلَ إِلَى دَقِيقِ الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَفْهَمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمَهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَنْحَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ، وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجْلَى صُورَةٍ، لِيَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جَلِيِّهَا مَا يُقْنِعُهُمْ وَتَلْزَمُهُمُ الْحُجَّةُ وَتَفْهَمَ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُرَبَّى عَلَى مَا أَدْرَكَهُ فَهُمْ الْخُطَبَاءِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَع: زَعَمَ الْجَاحِظُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْكَلَامِيَّ لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ مَشْحُونٌ بِهِ. وَتَعْرِيفُهُ أَنَّهُ احْتِجَاجُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى مَا يُرِيدُ إِثْبَاتَهُ بِحُجَّةٍ تَقْطَعُ الْمُعَانِدَ لَهُ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةِ أَرْبَابِ الْكَلَامِ، الْمَذْهَبُ الْكَلَامِيُّ وَمِنْهُ نَوْعٌ مَنْطِقِيٌّ تُسْتَنْتَجُ مِنْهُ النَّتَائِجُ الصَّحِيحَةَ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ الصَّادِقَةِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامِيِّينَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ ذَكَرُوا أَنَّ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْحَجِّ إِلَى قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الْحَجّ: 7]. خَمْسَ نَتَائِجَ تُسْتَنْتَجُ مِنْ عَشْرِ مُقَدِّمَاتٍ: قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [الْحَجّ: 6]. لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ بِزَلْزَلَةِ السَّاعَةِ مُعَظِّمًا لَهَا، وَذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ أَخْبَرَ بِهِ مَنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ عَمَّنْ تَثْبُتُ قُدْرَتُهُ مَنْقُولٌ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَا يُخْبِرُ بِالْحَقِّ عَمَّا سَيَكُونُ إِلَّا الْحَقُّ فَاللَّهُ هُوَ الْحَقُّ. وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَهْوَالِ السَّاعَةِ بِمَا أَخْبَرَ، وَحُصُولُ فَائِدَةِ هَذَا الْخَبَرِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِيُشَاهِدُوا تِلْكَ الْأَهْوَالَ الَّتِي يَعْمَلُهَا اللَّهُ مِنْ أَجْلِهِمْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَمِنَ الْأَشْيَاءِ إِحْيَاءُ الْمَوْتَى فَهُو يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ يَتَّبِعِ الشَّيَاطِينَ، وَمَنْ يُجَادِلُ فِيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، يُذِقْهُ عَذَابَ السَّعِيرِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَأَخْبَرَ {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا} [الْحَجّ: 6]. لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ تُرَابٍ إِلَى قَوْلِه: {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الْحَجّ: 6]. وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِالْأَرْضِ الْهَامِدَةِ الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَتَهْتَزُّ وَتَرْبُو وَتُنْبِتُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، وَمَنْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَى مَا خَبَّرَ بِهِ فَأَوْجَدَهُ بِالْخَلْقِ ثُمَّ أَعْدَمَهُ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ بِالْبَعْثِ، وَأَوْجَدَ الْأَرْضَ بَعْدَ الْعَدَمِ فَأَحْيَاهَا بِالْخَلْقِ ثُمَّ أَمَاتَهَا بِالْمَحْلِ، ثُمَّ أَحْيَاهَا بِالْخِصْبِ، وَصَدَقَ خَبَرُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِدَلَالَةِ الْوَاقِعِ الْمُشَاهَدِ عَلَى الْمُتَوَقَّعِ الْغَائِبِ حَتَّى انْقَلَبَ الْخَبَرُ عِيَانًا صَدَقَ خَبَرُهُ فِي الْإِتْيَانِ بِالسَّاعَةِ. وَلَا يَأْتِي بِالسَّاعَةِ إِلَّا مَنْ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ; لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةٍ تَقُومُ فِيهَا الْأَمْوَاتُ لِلْمُجَازَاةِ فَهِيَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتَدَلَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ بِضُرُوبٍ. أَحَدُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الْأَعْرَاف: 29]، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الْأَنْبِيَاء: 104]. {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} [ق: 15]. ثَانِيهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} الْآيَةَ [يس: 81]. ثَالِثُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ. رَابِعُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِخْرَاجِ النَّارِ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ جَاءَ بِعَظْمٍ فَفَتَّهُ، فَقَالَ: أَيُحْيِي اللَّهُ هَذَا بَعْدَ مَا بَلِيَ وَرَمَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79]. فَاسْتَدَلَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِرَدِّ النَّشْأَةِ الْأُخْرَى إِلَى الْأُولَى وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِعِلَّةِ الْحُدُوثِ، ثُمَّ زَادَ فِي الْحِجَاجِ بِقَوْلِه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} [يس: 80]. وَهَذِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي رَدِّ الشَّيْءِ إِلَى نَظِيرِهِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ تَبْدِيلِ الْأَعْرَاضِ عَلَيْهِمَا. خَامِسُهَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى} [النَّحْل: 38، 39]. الْآيَتَيْنِ. وَتَقْرِيرُهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقِّ لَا يُوجِبُ انْقِلَابَ الْحَقِّ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَيْهِ، وَالْحَقُّ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ، فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَاهُنَا حَقِيقَةً مَوْجُودَةً لَا مَحَالَةَ، وَكَانَ لَا سَبِيلَ لَنَا فِي حَيَاتِنَا إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهَا وُقُوفًا يُوجِبُ الِائْتِلَافَ وَيَرْفَعُ عَنَّا الِاخْتِلَافَ، إِذْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَرْكُوزًا فِي فِطَرِنَا وَكَانَ لَا يُمْكِنُ ارْتِفَاعُهُ وَزَوَالُهُ إِلَّا بِارْتِفَاعِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ، وَنَقْلِهَا إِلَى صُورَةِ غَيْرِهَا صَحَّ ضَرُورَةً أَنَّ لَنَا حَيَاةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الْحَيَاةِ فِيهَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَالْعِنَادُ، وَهَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ بِالْمَصِيرِ إِلَيْهَا فَقَالَ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الْأَعْرَاف: 43]. حِقْدٍ فَقَدْ صَارَ الْخِلَافُ الْمَوْجُودُ كَمَا تَرَى أَوْضَحَ دَلِيلٍ عَلَى كَوْنِ الْبَعْثِ الَّذِي يُنْكِرُهُ الْمُنْكِرُونَ، كَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ السَّيِّدِ. وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ صَانِعَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ بِدَلَالَةِ التَّمَانُعِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي قَوْلِه: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاء: 22]. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ لَكَانَ لَا يَجْرِي تَدْبِيرُهُمَا عَلَى نِظَامٍ، وَلَا يَتَّسِقُ عَلَى أَحْكَامٍ، وَلَكَانَ الْعَجْزُ يَلْحَقُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِحْيَاءَ جِسْمٍ، وَأَرَادَ الْآخَرُ إِمَاتَتَهُ، فَإِمَّا أَنْ تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا فَيَتَنَاقَضُ لِاسْتِحَالَةِ تَجَزُّؤِ الْفِعْلِ إِنْ فُرِضَ الِاتِّفَاقُ، أَوْ لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ إِنْ فُرِضَ الِاخْتِلَافُ. وَإِمَّا أَلَّا تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا فَيُؤَدِّي إِلَى عَجْزِهِمَا، أَوْ لَا تَنْفُذَ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا فَيُؤَدِّي إِلَى عَجْزِهِ وَالْإِلَهُ لَا يَكُونُ عَاجِزًا.
مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا فِي عِلْمِ الْجَدَل: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} [الْأَنْعَام: 143]. الْآيَتَيْنِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا حَرَّمُوا ذُكُورَ الْأَنْعَامِ تَارَةً، وَإِنَاثَهَا أُخْرَى رَدَّ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَلْقَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلَقَ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مِمَّا ذَكَرَ ذَكَرًا وَأُنْثَى، فَمِمَّ جَاءَ تَحْرِيمُ مَا ذَكَرْتُمْ أَيْ: مَا عِلَّتُهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الذُّكُورَةِ أَوِ الْأُنُوثَةِ أَوِ اشْتِمَالِ الرَّحِمِ الشَّامِلِ لَهُمَا، أَوْ لَا يَدْرِي لَهُ عِلَّةً، وَهُوَ التَّعَبُّدِيُّ بِأَنْ أُخِذَ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَخْذُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى إِمَّا بِوَحْيٍ وَإِرْسَالِ رَسُولٍ أَوْ سَمَاعِ كَلَامِهِ، وَمُشَاهَدَةِ تَلَقِّي ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} [الْأَنْعَام: 144]. فَهَذِهِ وُجُوهُ التَّحْرِيمِ لَا تَخْرُجُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا. وَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الذُّكُورِ حَرَامًا. وَالثَّانِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْإِنَاثِ حَرَامًا. وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الصِّنْفَيْنِ مَعًا، فَبَطَلَ مَا فَعَلُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضٍ فِي حَالَةٍ وَبَعْضٍ فِي حَالَةٍ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى مَا ذُكِرَ تَقْتَضِي إِطْلَاقَ التَّحْرِيمِ وَالْأَخْذَ عَنِ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةِ بَاطِلٍ وَلَمْ يَدَّعُوهُ، وَبِوَاسِطَةِ رَسُولٍ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا بَطَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ ثَبَتَ الْمُدَّعَى، وَهُوَ أَنَّ مَا قَالُوهُ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَضَلَالٌ. وَمِنْهَا: الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَع: وَحَقِيقَتُهُ رَدُّ كَلَامِ الْخَصْمِ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ تَقَعَ صِفَةٌ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ كِنَايَةً عَنْ شَيْءٍ أُثْبِتَ لَهُ حُكْمٌ فَيُثْبِتُهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} الْآيَةَ [الْمُنَافِقُونَ: 8] فَـ الْأَعَزُّ وَقَعَتْ فِي كَلَامِ الْمُنَافِقِينَ كِنَايَةً عَنْ فَرِيقِهِمْ وَالْأَذَلُّ عَنْ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَثْبَتَ الْمُنَافِقُونَ لِفَرِيقِهِمْ إِخْرَاجَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَأَثْبَتَ اللَّهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ صِفَةَ الْعِزَّةِ لِغَيْرِ فَرِيقِهِمْ، وَهُوَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: صَحِيحٌ ذَلِكَ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، لَكِنْ هُمُ الْأَذَلُّ الْمُخْرَجُ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ الْأَعَزُّ الْمُخْرِجُ. وَالثَّانِي: حَمْلُ لَفْظٍ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ بِذِكْرِ مُتَعَلِّقِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْرَدَ لَهُ مِثَالًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ ظَفِرْتُ بِآيَةٍ مِنْهُ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أَذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التَّوْبَة: 61]. وَمِنْهَا: التَّسْلِيمُ، وَهُوَ أَنْ يَفْرِضَ الْمُحَالَ إِمَّا مَنْفِيًّا أَوْ مَشْرُوطًا بِحَرْفِ الِامْتِنَاعِ، لِكَوْنِ الْمَذْكُورِ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ شَرْطِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وُقُوعُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ فَائِدَةِ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الْمُؤْمِنُونَ: 9]. الْمَعْنَى: لَيْسَ مَعَ اللَّهِ مِنْ إِلَهٍ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَعَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَهًا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ ذَهَابُ كُلِّ إِلَهٍ مِنَ الِاثْنَيْنِ بِمَا خَلَقَ، وَعُلُوُّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا يَتِمُّ فِي الْعَالَمِ أَمْرٌ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمٌ وَلَا تَنْتَظِمُ أَحْوَالُهُ، وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ، فَفَرْضُ إِلَهَيْنِ فَصَاعِدًا مُحَالٌ لِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُحَالُ. وَمِنْهَا: الْإِسْجَالُ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِأَلْفَاظٍ تُسَجِّلُ عَلَى الْمُخَاطَبِ وُقُوعَ مَا خُوطِبَ بِهِ نَحْوَ: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} [آلِ عِمْرَانَ: 194]. {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} [غَافِرٍ: 8]. فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إِسْجَالًا بِالْإِيتَاءِ وَالْإِدْخَالِ، حَيْثُ وُصِفَا بِالْوَعْدِ مِنَ اللَّهِ الَّذِي لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ. وَمِنْهَا: الِانْتِقَالُ وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْمُسْتَدِلُّ إِلَى اسْتِدْلَالٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ آخِذًا فِيهِ، لِكَوْنِ الْخَصْمِ لَمْ يَفْهَمْ وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْأَوَّلِ، كَمَا جَاءَ فِي مُنَاظَرَةِ الْخَلِيلِ الْجَبَّارَ لَمَّا قَالَ لَهُ: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [الْبَقَرَة: 258]. فَقَالَ الْجَبَّارُ: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ثُمَّ دَعَا بِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَأَعْتَقَهُ، وَمَنْ لَا يُجِبْ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، فَعَلِمَ الْخَلِيلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ وَغَالَطَ بِهَذَا الْفِعْلِ، فَانْتَقَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى اسْتِدْلَالٍ لَا يَجِدْ الْجَبَّارُ لَهُ وَجْهًا يَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [الْبَقَرَة: 258]. فَانْقَطَعَ الْجَبَّارُ وَبُهِتَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا الْآتِي بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ لِأَنَّ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ يُكَذِّبُهُ. وَمِنْهَا: الْمُنَاقَضَةُ وَهِيَ تَعْلِيقُ أَمْرٍ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِحَالَةِ وُقُوعِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الْأَعْرَاف: 40]. وَمِنْهَا: مُجَارَاةُ الْخَصْمِ لِيَعْثُرَ بِأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضَ مُقَدِّمَاتِهِ، حَيْثُ يُرَادُ تَبْكِيتُهُ وَإِلْزَامُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الْآيَةَ [إِبْرَاهِيمَ: 10، 11]. فَقَوْلُهُمْ: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الْآيَةَ.. فِيهِ اعْتِرَافُ الرُّسُلِ بِكَوْنِهِمْ مَقْصُورِينَ عَلَى الْبَشَرِيَّةِ، فَكَأَنَّهُمْ سَلَّمُوا انْتِفَاءَ الرِّسَالَةِ عَنْهُمْ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ مِنْ مُجَارَاةُ الْخَصْمِ لِيَعْثُرَ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ كَوْنِنَا بَشَرًا حَقٌّ لَا نُنْكِرُهُ وَلَكِنَّ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ يَمُنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِالرِّسَالَةِ.
فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، هُمْ مَشَاهِيرُهُمْ. 1- آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّهُ (أَفْعَلُ) وَصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأُدْمَةِ وَلِذَا مُنِعَ الصَّرْفَ. قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ: أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ كُلُّهَا أَعْجَمِيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَةً: آدَمُ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَمُحَمَّدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ أَصْلُهُ آدَامٌ بِوَزْنِ خَاتَامٍ. عُرِّبَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ الثَّانِيَةِ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: التُّرَابُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ آدَامٌ فَسُمِّيَ آدَمَ بِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: عَاشَ تِسْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِه: اشْتُهِرَ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ أَنَّهُ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ. 2- نُوحٌ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ: أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ زَادَ الْكِرْمَانِيُّ وَمَعْنَاهُ بِالسُّرْيَانِيَّة: الشَّاكِرُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَك: إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحًا لِكَثْرَةِ بُكَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ. قَالَ: وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ إِدْرِيسَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ نُوحُ بْنُ لَمْكٍ بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا كَافٌ- ابْنُ مَتَّوْشَلَخَ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا [وَاوٌ سَاكِنَةٌ]. وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ- ابْنُ أَخَنُوخَ- بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ مُعْجَمَةٌ وَهُوَ إِدْرِيسُ فِيمَا يُقَالُ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «قَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه: مَنْ أَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: آدَمُ قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: نُوحٌ وَبَيْنَهُمَا عِشْرُونَ قَرْنًا». وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشْرَةُ قُرُونٍ. وَفِيهِ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا لِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ وَعَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ سِتِّينَ سَنَةً حَتَّى كَثُرَ النَّاسُ وَفَشَوْا». وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَنَّ مَوْلِدَ نُوحٍ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا. وَفِي التَّهْذِيبِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّهُ أَطْوَلُ الْأَنْبِيَاءِ عُمُرًا. 3- إِدْرِيسُ قِيلَ: إِنَّهُ قَبْلَ نُوحٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ إِدْرِيسُ أَوَّلَ بَنِي آدَمَ أُعْطِيَ النُّبُوَّةَ وَهُوَ أَخَنُوخُ بْنُ يَرْدِ بْنِ مَهْلَائِيلَ بْنِ أَنْوَشَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: إِدْرِيسُ جَدُّ نُوحٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ خَنُوخُ، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ، وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الدِّرَاسَةِ لِكَثْرَةِ دَرْسِهِ الصُّحُفَ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ إِدْرِيسُ أَبْيَضَ طَوِيلًا، ضَخْمَ الْبَطْنِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، قَلِيلَ شَعْرِ الْجَسَدِ، كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَكَانَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ أَعْظَمَ مِنَ الْأُخْرَى، وَفِي صَدْرِهِ نُكْتَةُ بَيَاضٍ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَا رَأَى مِنْ جَوْرِهِمْ وَاعْتِدَائِهِمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ، رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَهُوَ حَيْثُ يَقُولُ: وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا [مَرْيَمَ: 57]. وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنَّهُ رُفِعَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا رَسُولًا وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ أَلْفُ سَنَةٍ. 4- إِبْرَاهِيمَ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ: هُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ عَلَى وُجُوهٍ أَشْهَرُهَا إِبْرَاهِيمُ وَقَالُوا إِبْرَاهَامُ. وَقُرِئَ بِهِ فِي السَّبْعِ، وَإِبْرَاهَمُ بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَإِبَرَهْمُ، وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ مَعْنَاهُ أَبٌ رَحِيمٌ، قِيلَ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْبُرْهُمَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ النَّظَرِ حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ. وَهُوَ ابْنُ آزَرَ، وَاسْمُهُ تَارَحُ، بِمُثَنَّاةٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، ابْنُ نَاحُورَ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ- ابْنُ شَارُوخَ- بِمُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مَضْمُومَةٍ، وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ ابْنُ رَاغُوا بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ- ابْنُ فَالَخَ- بِفَاءٍ وَلَامٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُعْجَمَةٍ- ابْنُ عَابِرٍ- بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ- ابْنُ شَالَخَ- بِمُعْجَمَتَيْنِ ابْنُ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى رَأْسِ أَلْفَيْ سَنَةٍ مِنْ خَلْقِ آدَمَ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ [بِالْقَدُومِ]. وَمَاتَ ابْنُ مِائِتَيْ سَنَةٍ. وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: قَوْلًا أَنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ. 5- إِسْمَاعِيلُ: قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ: وَيُقَالُ بِالنُّونِ آخِرُهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ. 6- إِسْحَاقُ: وُلِدَ بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ بِأَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً وَذَكَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مَسْكَوَيْهِ فِي كِتَابِ نَدِيمِ الْفَرِيدِ أَنَّ مَعْنَى إِسْحَاقَ بِالْعِبْرَانِيَّة: الضَّحَّاكُ. 8- يَعْقُوبُ: عَاشَ مِائَةً وَسَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. 7- يُوسُفُ: فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ». وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ يُوسُفَ أُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَقِيَ أَبَاهُ بَعْدَ الثَّمَانِينَ، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ. وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ». قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ مُرْسَلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} [غَافِرٍ: 34]. وَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بَلْ يُوسُفُ بْنُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، وَيُشْبِهُ هَذَا مَا فِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيِّ فِي قَوْلِه: {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مَرْيَمَ: 6]. أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ مَاثَانَ، وَأَنَّ امْرَأَةَ زَكَرِيَّا كَانَتْ أُخْتَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ بْنِ مَاثَانَ. قَالَ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ غَرِيبٌ انْتَهَى. وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ غَرِيبٌ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْغَرِيبُ الْأَوَّلُ، وَنَظِيرُهُ فِي الْغَرَابَةِ قَوْلُ نَوْفٍ الْبِكَالِيّ: إِنَّ مُوسَى الْمَذْكُورَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلْ مُوسَى بْنُ مَنْشَى بْنِ يُوسُفَ وَقِيلَ: ابْنُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ، وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ. وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ غَرَابَةً مَا حَكَاهُ النَّقَّاشُ وَالْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ يُوسُفَ الْمَذْكُورَ فِي سُورَةِ غَافِرٍ مِنَ الْجِنِّ بَعَثَهُ اللَّهُ رَسُولًا إِلَيْهِمْ، وَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَسْكَرٍ أَنَّ عِمْرَانَ الْمَذْكُورَ فِي آلِ عِمْرَانَ هُوَ وَالِدُ مُوسَى لَا وَالِدُ مَرْيَمَ. وَفِي يُوسُفَ سِتُّ لُغَاتٍ: بِتَثْلِيثِ السِّينِ مَعَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ. 9- لُوطٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ. وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لُوطٌ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. 10- هُودٌ: قَالَ كَعْبٌ: كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِآدَمَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَانَ رَجُلًا جَلْدًا أَخْرَجَهُمَا فِي الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اسْمُهُ عَابِرُ بْنُ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الرَّاجِحُ فِي نَسَبِهِ أَنَّهُ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ حَاوِذَ بْنِ عَادِ بْنِ عُوصِ بْنِ إِرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. 11- صَالِحٌ: قَالَ وَهْبٌ: هُوَ ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ حَايِرَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، سَيِّدُنَا صَالِحٌ بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ حِينَ رَاهَقَ الْحُلُمَ وَكَانَ رَجُلًا أَحْمَرَ إِلَى الْبَيَاضِ سَبْطَ الشَّعْرِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَرْبَعِينَ عَامًا سَيِّدُنَا صَالِحٌ. قَالَ نَوْفٌ الشَّامِيُّ: صَالِحٌ مِنَ الْعَرَبِ , لَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ عَادًا عَمَّرَتْ ثَمُودُ بَعَدَهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ صَالِحًا غُلَامًا شَابًّا فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ حِينَ شَمِطَ وَكَبِرَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ نَبِيٌّ إِلَّا هُودٌ وَصَالِحٌ. أَخْرَجَهُمَا فِي الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ: الْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمُودًا كَانَ بَعْدَ عَادٍ كَمَا كَانَ عَادٌ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنِ النَّوَوِيِّ فِي تَهْذِيبِهِ، مِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ: هُوَ صَالِحُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَسَيْفَ بْنِ مَاشِجِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَاذِرِ بْنِ ثَمُودَ بْنِ عَادِ بْنِ عُوصَ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ وَهُوَ شَابٌّ، وَكَانُوا عَرَبًا، مَنَازِلُهُمْ بَيْنَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ، فَأَقَامَ فِيهِمْ عِشْرِينَ سَنَةً وَمَاتَ بِمَكَّةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. 12- شُعَيْبٌ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ ابْنُ مِيكَايِيلَ، كَذَا بِخَطِّ الذَّهَبِيِّ فِي اخْتِصَارِ الْمُسْتَدْرَكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ابْنُ مَلْكَايِنَ، وَقِيلَ: ابْنُ مِيكِيلَ بْنِ يَشْجُنَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ. وَرَأَيْتُ بِخَطِّ النَّوَوِيِّ فِي تَهْذِيبِه: ابْنَ مِيكَايِيلَ بْنِ يَشْجُنَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ وَبُعِثَ رَسُولًا إِلَى أُمَّتَيْنِ سَيِّدُنَا شُعَيْبٌ: مَدْيَنَ، وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَعَمِيَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ أَنَّ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أَمَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وُعِظَ بِوَفَاءِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا وَاحِدٌ. وَاحْتُجَّ لِلْأَوَّلِ بِمَا أَخْرَجَهُ عَنِ السُّدِّيِّ وَعِكْرِمَةَ، قَالَا: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا مَرَّتَيْنِ إِلَّا شُعَيْبًا، مَرَّةً إِلَى مَدْيَنَ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالصَّيْحَةِ، وَمَرَّةً إِلَى أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِ يَوْمِ الظُّلَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِه: مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: «أَنَّ قَوْمَ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّتَانِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا شُعَيْبًا». قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهُوَ غَرِيبٌ وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى ثَلَاثِ أُمَمٍ، وَالثَّالِثَةُ أَصْحَابُ الرَّسِّ. 13- مُوسَى: هُوَ ابْنُ عِمْرَانَ بْنِ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثَ بْنِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا خِلَافَ فِي نَسَبِهِ وَهُوَ اسْمٌ سُرْيَانِيٌّ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ مُوسَى لِأَنَّهُ أُلْقِيَ بَيْنَ شَجَرٍ وَمَاءٍ، فَالْمَاءُ بِالْقِبْطِيَّةِ (مُو) وَالشَّجَرُ (سَا). وَفِي الصَّحِيحِ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ: «آدَمُ طُوَالٌ جَعْدٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ». قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. 14- هَارُونُ: أَخُوهُ شَقِيقُهُ وَقِيلَ: لِأُمِّهِ فَقَطْ، وَقِيلَ: لِأَبِيهِ فَقَطْ. حَكَاهُمَا الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ، كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ فَصِيحًا جِدًّا، مَاتَ قَبْلَ مُوسَى، وَكَانَ وُلِدَ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ. وَفِي بَعْضِ أَحَادِيثَ الْإِسْرَاء: «صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ، وَنِصْفُهَا أَسْوَدُ تَكَادُ لِحْيَتُهُ تَضْرِبُ سُرَّتُهُ مِنْ طُولِهَا، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مِنْ هَذَا؟ قَالَ: الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ». وَذَكَرَ ابْنُ مَسْكَوَيْه: أَنَّ مَعْنَى هَارُونَ بِالْعِبْرَانِيَّة: الْمُحَبَّبُ. 15- دَاوُدُ: هُوَ ابْنُ إِيشَى بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ابْنِ عَوْبَدَ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ- ابْنِ بَاعَرَ- بِمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمِلَةٍ مَفْتُوحَةٍ- ابْنِ سَلَمُونَ- بْنِ يَخْشَوْنَ بْنِ عَمَى بْنِ يَارِبَ بِتَحْتِيَّةٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ- ابْنِ رَامِ بْنِ حَضَرُونَ- بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ- ابْنِ فَارِصَ- بِفَاءٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ ابْنِ يَهُوذَ بْنِ يَعْقُوبَ. فِي التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ الْبَشَرِ. قَالَ كَعْبٌ: كَانَ أَحْمَرَ الْوَجْهِ سَبْطَ الرَّأْسِ أَبْيَضَ الْجِسْمِ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ فِيهَا جُعُودَةٌ، حَسَنُ الصَّوْتِ وَالْخَلْقِ، وَجُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ أَهْلُ التَّارِيخ: عَاشَ مِائَةً سَنَةٍ، مُدَّةَ مُلْكِهِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ابْنًا. 16- سُلَيْمَانُ وَلَدُهُ: قَالَ كَعْبٌ: كَانَ أَبْيَضَ جَسِيمًا وَسِيمًا وَضِيئًا، جَمِيلًا خَاشِعًا مُتَوَاضِعًا، وَكَانَ أَبُوهُ يُشَاوِرُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِ مَعَ صِغَرِ سَنِّهِ لِوُفُورِ عَقْلِهِ وَعِلْمِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَلَكَ الْأَرْضَ مُؤْمِنَان: سُلَيْمَانُ وَذُو الْقَرْنَيْنِ، وَكَافِرَان: نُمْرُوذُ وَبُخْتَنَصَّرُ. قَالَ أَهْلُ التَّارِيخ: مَلَكَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَابْتَدَأَ بِنَاءَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ مُلْكِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَمَاتَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً. 17- أَيُّوبُ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي نَسَبِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ أَبْيَضُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هُوَ أَيُّوبُ بْنُ مُوصِ بْنِ رَوْحِ بْنِ عِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَحَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ أُمَّهُ بِنْتُ لُوطٍ، وَأَنَّ أَبَاهُ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ قَبْلَ مُوسَى. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ بَعْدَ شُعَيْبٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ ابْتُلِيَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ، وَكَانَتْ مُدَّةُ بَلَائِهِ سَبْعَ سِنِينَ. وَقِيلَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَقِيلَ: ثَلَاثَ سِنِينَ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ مُدَّةَ عُمُرِهِ كَانَتْ ثَلَاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. 18- ذُو الْكِفْل: قِيلَ: هُوَ ابْنُ أَيُّوبَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ وَهْبٍ: أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ بَعْدَ أَيُّوبَ ابْنَهُ بِشْرَ بْنَ أَيُّوبَ نَبِيًّا وَسَمَّاهُ ذَا الْكِفْلِ، وَأَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى تَوْحِيدِهِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالشَّامِ عُمُرَهُ حَتَّى مَاتَ، وَعُمُرُهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَفِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيّ: قِيلَ: هُوَ إِلْيَاسُ وَقِيلَ: هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقِيلَ: هُوَ نَبِيٌّ اسْمُهُ ذُو الْكِفْلِ وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا تَكَفَّلَ بِأُمُورٍ فَوَفَّى بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ زَكَرِيَّا مِنْ قوله: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آلِ عِمْرَانَ: 37]. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قِيلَ: هُوَ نَبِيٌّ تَكَفَّلَ اللَّهُ لَهُ فِي عَمَلِهِ بِضِعْفِ عَمَلِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَأَنَّ الْيَسَعَ اسْتَخْلَفَهُ فَتَكَفَّلَ لَهُ أَنْ يَصُومَ النَّهَارَ وَيَقُومَ اللَّيْلَ. وَقِيلَ: أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ رَكْعَةٍ. وَقِيلَ: هُوَ الْيَسَعُ وَإِنَّ لَهُ اسْمَيْنِ. 19- يُونُسُ هُوَ ابْنُ مَتَّى، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مَقْصُورٌ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ اسْمُ أُمِّهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ، وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ قَالَ: فَهَذَا أَصَحُّ. قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ عَلَى اتِّصَالِ نَسَبِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ فِي زَمَنِ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ مِنَ الْفُرْسِ. رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، سَيِّدُنَا يُونُسُ وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِق: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَعَنْ قَتَادَةَ: ثَلَاثَةً، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: الْتَقَمَهُ ضُحًى، وَلَفِظَهُ عَشِيَّةً. وَفِي يُونُسَ سِتُّ لُغَاتٍ: تَثْلِيثُ النُّونِ مَعَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِضَمِّ النُّونِ مَعَ الْوَاوِ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِكَسْرِ يُونُسَ وَيُوسُفَ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُمَا عَرَبِيَّيْنِ مُشْتَقَّيْنِ مِنْ أَنَسَ وَأَسِفَ وَهُوَ شَاذٌّ. 20- إِلْيَاسُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأ: هُوَ ابْنُ يَاسِينَ بْنِ فَنْحَاصَ بْنِ الْعَيْزَارِ بْنِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ: حَكَى الْقُتَيْبِيُّ أَنَّهُ مِنْ سِبْطِ يُوشَعَ. وَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّهُ عُمِّرَ كَمَا عُمِّرَ الْخَضِرُ، وَإِنَّهُ يَبْقَى إِلَى آخَرِ الزَّمَانِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. وَإِلْيَاسُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ، وَقَدْ زِيدَ فِي آخِرِهِ يَاءٌ وَنُونٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصَّافَّات: 130]. كَمَا قَالُوا فِي إِدْرِيسَ (إِدْرَاسِينَ). وَمَنْ قَرَأَ: (آلِ يس) فَقِيلَ: الْمُرَادُ آلُ مُحَمَّدٍ. 21- الْيَسَعَ قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ ابْنُ أَخْطُوبِ بْنِ الْعَجُوزِ. قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقْرَؤُهُ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: (وَاللَّيْسَعُ) بِلَامَيْنِ وَبِالتَّشْدِيدِ، فَعَلَى هَذَا هُوَ أَعْجَمِيٌّ، وَكَذَا عَلَى الْأَوْلَى. وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ مَنْقُولٌ مِنَ الْفِعْلِ، مِنْ وَسِعَ يَسَعُ. 22- زَكَرِيَّا كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَقُتِلَ بَعْدَ مَقْتَلِ وَلَدِهِ، وَكَانَ لَهُ يَوْمَ بُشِّرَ بِوَلَدِهِ اثْنَتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: تِسْعٌ وَتِسْعُونَ وَقِيلَ: مِائَةٌ وَعِشْرُونَ. وَزَكَرِيَّا اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَفِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ: أَشْهَرُهَا الْمَدُّ، وَالثَّانِيَةُ الْقَصْرُ، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ، وَزَكَرِيَّا بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَزَكَرَ كَقَلَمٍ. 23- يَحْيَى وَلَدُهُ: أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ يَحْيَى بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وُلِدَ قَبْلَ عِيسَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَنُبِّئَ صَغِيرًا، وَقُتِلَ ظُلْمًا، وَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَى قَاتِلِيهِ بُخْتَنَصَّرَ وَجُيُوشَهُ. وَيَحْيَى اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَقِيلَ: عَرَبِيٌّ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَنْصَرِفُ. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَعَلَى الثَّانِي إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حَيِيَ بِهِ رَحِمُ أُمِّهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَمُوتُ كَالْمَفَازَةِ لِلْمُهْلِكَةِ وَالسَّلِيمِ لِلَّدِيغِ. 24- عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: خَلَقَهُ اللَّهُ بِلَا أَبٍ وَكَانَتْ مُدَّةُ حَمْلِهِ سَاعَةً، وَقِيلَ: ثَلَاثَ سَاعَاتٍ، وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَلَهَا عَشْرُ سِنِينَ، وَقِيلَ: خَمْسَةَ عَشْرَةَ، وَرُفِعَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً. وَفِي أَحَادِيثَ: أَنَّهُ يَنْزِلُ وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَيَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَهُ، وَيَحُجُّ وَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ، وَيُدْفَنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الصَّحِيح: «أَنَّهُ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ» يَعْنِي حَمَّامًا. وَعِيسَى اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ أَوْ سُرْيَانِيٌّ. فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَهُ اسْمَانِ إِلَّا عِيسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 25- مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُمِّيَ فِي الْقُرْآنِ بِأَسْمَاءٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ. فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: خَمْسَةٌ سُمُّوا قَبْلَ أَنْ يَكُونُوا: مُحَمَّدٌ {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصَّفّ: 6]. وَيَحْيَى {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مَرْيَمَ: 7]. وَعِيسَى {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى} [آلِ عِمْرَانَ: 45]. وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هُودٍ: 71]. قَالَ الرَّاغِبُ: وَخَصُّ لَفْظَ أَحْمَدَ فِيمَا بَشَّرَ بِهِ عِيسَى تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ أَحْمَدُ مِنْهُ وَمِنَ الَّذِينَ قَبْلَهُ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ. 1، 2- جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَفِيهِمَا لُغَاتٌ: جِبْرِيلُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ بِلَا هَمْزٍ، وَجَبْرِيلُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِلَا هَمْزٍ، وَجِبْرَائِيلُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْأَلْفِ، وَجِبْرَايِيلُ بِيَاءَيْنِ بِلَا هَمْزٍ، وَجِبْرَئِيلُ بِهَمْزٍ وَيَاءٍ بِلَا أَلْفٍ، وَجِبْرَئِلُّ مُشَدَّدَةُ اللَّامِ، وَقُرِئَ بِهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَأَصْلُهُ كُورْيَالُ فَغُيِّرَ بِالتَّعْرِيبِ وَطُولِ الِاسْتِعْمَالِ إِلَى مَا تَرَى. وَقُرِئَ مِيكَايِيلَ بِلَا هَمْزٍ، وَمِيكَائِيلَ وَمِيكَالَ. أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جِبْرِيلُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمِيكَايِيلُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَكُلُّ اسْمٍ فِيهِ (إِيلُ) فَهُوَ مُعَبَّدٌ لِلَّهِ. وَأَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِيلُ: اللَّهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عِنْدَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: اسْمُ جِبْرِيلَ فِي الْمَلَائِكَةِ خَادِمُ اللَّهِ. فَائِدَةٌ: قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَّا) [مَرْيَمَ: 17]. بِالتَّشْدِيدِ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ مِهْرَانَ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِجِبْرِيلَ، حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ. 3، 4- وَهَارُوتُ وَمَارُوتُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: هَارُوتُ وَمَارُوتُ مَلَكَانِ مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ، وَقَدْ أَفْرَدْتُ فِي قِصَّتِهِمَا جُزْءًا. 5- وَالرَّعْدُ فَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنَا عَنِ الرَّعْدِ فَقَالَ: مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَلٌ بِالسَّحَابِ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يُسَبِّحُ. وَأَخْرَجَ مُجَاهِدٌ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّعْدِ فَقَالَ: هُوَ مَلِكٌ يُسَمَّى الرَّعْدَ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} [الرَّعْد: 13]. 6- وَالْبَرْقُ: فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْبَرْقَ مَلَكٌ لَهُ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ: وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَوَجْهُ ثَوْرٍ، وَوَجْهُ نَسْرٍ، وَوَجْهُ أَسَدٍ. فَإِذَا مَصَعَ بِذَنَبِهِ فَذَلِكَ الْبَرْقُ. 7- وَمَالِكٌ: خَازِنُ النَّارِ. 8- وَالسِّجِلُّ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، قَالَ: السِّجِلُّ مَلَكٌ وَكَانَ هَارُوتُ وَمَارُوتُ مِنْ أَعْوَانِهِ. وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: السِّجِلُّ مَلَكٌ. وَأَخْرَجَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالصُّحُفِ. 9- وَقَعِيدٌ فَقَدْ ذَكَرَ مُجَاهِدٌ أَنَّهُ اسْمُ كَاتِبِ السَّيِّئَاتِ قَعِيدٌ. أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ. فَهَؤُلَاءِ تِسْعَةٌ. 10- وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طُرُقٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ وَمَقْطُوعَةٍ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَإِنْ صَحَّ أَكْمَلَ الْعَشَرَةَ. 11- وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [النَّبَأ: 38] قَالَ: مَلَكٌ مِنْ أَعْظَمِ الْمَلَائِكَةِ خَلْقًا فَصَارُوا أَحَدَ عَشَرَ. 12- ثُمَّ رَأَيْتُ الرَّاغِبَ قَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الْفَتْح: 4]. قِيلَ إِنَّهُ مَلَكٌ يُسْكِنُ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ وَيُؤَمِّنُهُ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الصَّحَابَة: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. وَالسِّجِلُّ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ كَاتِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ. عِمْرَانُ أَبُو مَرْيَمَ وَقِيلَ: أَبُو مُوسَى أَيْضًا، وَأَخُوهَا هَارُونُ، وَلَيْسَ بِأَخِي مُوسَى، كَمَا فِي حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَسَيَأْتِي آخَرَ الْكِتَابِ. وَعُزَيْرٌ، وَتُبَّعٌ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، كَمَا أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَقِيلَ: نَبِيٌّ، حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ. وَلُقْمَانُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ نَبِيًّا وَالْأَثَرُ عَلَى خِلَافِهِ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لُقْمَانُ عَبْدًا حَبَشِيًّا نَجَّارًا. وَيُوسُفُ الَّذِي فِي سُورَةِ غَافِرٍ. وَيَعْقُوبُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ مَرْيَمَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَتَقِيٌّ فِي قَوْلِهِ فِيهَا: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مَرْيَمَ: 18]. قِيلَ: إِنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ كَانَ مِنْ أَمْثَلِ النَّاسِ أَيْ: إِنْ كُنْتَ فِي الصَّلَاحِ مِثْلَ تَقِيٍّ. حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقِيلَ: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ يَتَعَرَّضُ لِلنِّسَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا أَتَاهَا جِبْرِيلُ فِي صُورَتِهِ حَكَاهُمَا الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ النِّسَاء: مَرْيَمُ لَا غَيْرَ لِنُكْتَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي نَوْعِ الْكِتَابَةِ وَمَعْنَى مَرْيَمَ بِالْعِبْرِيَّةِ الْخَادِمُ. وَقِيلَ: الْمَرْأَةُ الَّتِي تُغَازِلُ الْفِتْيَانَ. حَكَاهُمَا الْكِرْمَانِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّ بَعْلًا فِي قوله: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصَّافَّات: 125]. اسْمُ امْرَأَةٍ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا حَكَاهُ ابْنُ عَسْكَرٍ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْكُفَّارِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: قَارُونُ، وَهُوَ ابْنُ يَصْهَرَ ابْنِ عَمِّ مُوسَى، كَمَّا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَجَالُوتُ وَهَامَانُ وَبُشْرَى الَّذِي نَادَاهُ الْوَارِدُ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ بِقَوْلِه: {يَا بُشْرَى} [يُوسُفَ: 19]. فِي قَوْلِ السُّدِّيِّ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَآزَرُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ. وَقِيلَ: اسْمُهُ تَارَحُ وَآزَرُ لَقَبٌ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَبَا إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ آزَرَ إِنَّمَا كَانَ اسْمُهُ تَارَحَ. وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَعْنَى آزَرَ: الصَّنَمُ. وَأَخْرَجَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: اسْمُ أَبِيه: تَارِحُ وَاسْمُ الصَّنَم: آزَرُ. وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَيْسَ آزَرُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ. وَمِنْهَا: النَّسِيءُ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُسَمَّى النَّسِيءَ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ كَانَ يَجْعَلُ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا يَسْتَحِلُّ بِهِ الْغَنَائِمَ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْجِنِّ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: أَبُوهُمْ إِبْلِيسُ وَكَانَ اسْمَهُ أَوَّلًا عَزَازِيلُ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ اسْمُهُ عَزَازِيلَُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَ اسْمُ إِبْلِيسَ الْحَارِثَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَعْنَى عَزَازِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ إِبْلِيسُ لِأَنَّ اللَّهَ أَبْلَسَهُ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّه: آيَسَهُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ: قِيلَ فِي اسْمِه: قَتْرَةٌ. حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو كُرْدُوسٍ، وَقِيلَ: أَبُو قَتْرَةَ وَقِيلَ: أَبُو مُرَّةَ وَقِيلَ: أَبُو لُبَيْنَى. حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْقَبَائِلِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: يَأْجُوجُ، وَمَأْجُوجُ، وَعَادٌ، وَثَمُودُ، وَمَدَيْنُ، وَقُرَيْشٌ، وَالرُّومُ. وَفِيهِ مِنَ الْأَقْوَامِ بِالْإِضَافَة: قَوْمُ نُوحٍ، وَقَوْمُ لُوطٍ، وَقَوْمُ تُبَّعٍ، وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ- قِيلَ: هُمْ مَدَيْنُ، وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَهُمْ بَقِيَّةٌ مِنْ ثَمُودَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُمْ أَصْحَابُ يَاسِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ. وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ أَسْمَاءً لِأُنَاسٍ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: وَدٌّ، وَسُوَاعٌ، وَيَغُوثُ، وَيَعُوقُ، وَنَسْرٌ، وَهِيَ أَصْنَامُ قَوْمِ نُوحٍ وَاللَّاتُ، وَالْعُزَّى، وَمَنَاةُ وَهِيَ أَصْنَامُ قُرَيْشٍ. وَكَذَا الرُّجْزُ فِيمَنْ قَرَأَهُ بِضَمِّ الرَّاءِ، ذَكَرَهُ الْأَخْفَشُ فِي كِتَابِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ أَنَّهُ اسْمُ صَنَمٍ. وَالْجِبْتُ وَالطَّاغُوتُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُمَا صَنَمَانِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَهُمَا. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الْجِبْتُ وَالطَّاغُوتُ صَنَمَانِ. وَالرَّشَادُ: فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ غَافِرٍ: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غَافِرٍ: 29]. قِيلَ: هُوَ اسْمُ صَنَمٍ مِنْ أَصْنَامِ فِرْعَوْنَ. حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ فِي عَجَائِبِهِ. وَبَعْلٌ: وَهُوَ صَنَمُ قَوْمِ إِلْيَاسَ. وَآزَرُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ صَنَمٍ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَدٌّ وَسُوَاعٌ وَيَغُوثُ وَيَعُوقُ وَنَسْرٌ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ لِصُلْبِهِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اللَّاتُ رَجُلًا يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ. وَحَكَاهُ ابْنُ جِنِّيٍّ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ: (اللَّاتَّ) [النَّجْم: 19]. بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، وَفَسَّرَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْبِلَادِ وَالْبِقَاعِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْجِبَالِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: بَكَّةُ اسْمٌ لِمَكَّةَ فَقِيلَ الْبَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْمِيمِ، وَمَأْخَذُهُ مَنْ تَمَكَّكْتَ الْعَظْمَ: أَيْ: اجْتَذَبْتَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُخِّ، وَتَمَكَّكَ الْفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ النَّاقَةِ، فَكَأَنَّهَا تَجْتَذِبُ إِلَى نَفْسِهَا مَا فِي الْبِلَادِ مِنَ الْأَقْوَاتِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تَمُكُّ الذُّنُوبَ: أَيْ: تُذْهِبُهَا. وَقِيلَ: لِقِلَّةِ مَائِهَا. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا فِي بَطْنِ وَادٍ تُمَكِّكُ الْمَاءَ مِنْ جِبَالِهَا عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَتَنْجَذِبُ إِلَيْهَا السُّيُولُ. وَقِيلَ: الْبَاءُ أَصْلٌ، وَمَأْخَذُهُ مِنَ الْبَكِّ، لِأَنَّهَا تَبُكُّ أَعْنَاقَ الْجَبَابِرَةِ أَيْ: تَكْسِرُهُمْ، فَيَذِلُّونَ لَهَا وَيَخْضَعُونَ. وَقِيلَ: مِنَ التَّبَاكِّ وَهُوَ الِازْدِحَامُ لِازْدِحَامِ النَّاسِ فِيهَا فِي الطَّوَافِ. وَقِيلَ: مَكَّةُ الْحَرَمُ وَبَكَّةُ الْمَسْجِدُ خَاصَّةً. وَقِيلَ: مَكَّةُ الْبَلَدُ، وَبَكَّةُ الْبَيْتُ، وَمَوْضِعُ الطَّوَافُ. وَقِيلَ: الْبَيْتُ خَاصَّةً. وَالْمَدِينَةُ: سُمِّيَتْ فِي الْأَحْزَابِ بِيَثْرِبَ، حِكَايَةً عَنِ الْمُنَافِقِينَ وَكَانَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقِيلَ: لِأَنَّهُ اسْمُ أَرْضٍ فِي نَاحِيَتِهَا. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِيَثْرِبَ بْنِ وَائِلٍ مِنْ بَنِي إِرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ نَزَلَهَا وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا بِهِ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ الِاسْمَ الْخَبِيثَ وَهُوَ يَشْعُرُ بِالثَّرَبِ وَهُوَ الْفَسَادُ، أَوِ التَّثْرِيبُ وَهُوَ التَّوْبِيخُ. وَبَدْرٌ: وَهِيَ قَرْيَةٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَتْ بَدْرٌ لِرَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ يُسَمَّى بَدْرًا، فَسُمِّيَتْ بِهِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، فَأَنْكَرَاهُ وَقَالَا: لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيَتِ الصَّفْرَاءَ، وَرَابِغَ؟ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ اسْمُ الْمَوْضِعِ. وَأَخْرَجَ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: بَدْرٌ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَأُحُدٌ: قُرِئَ شَاذٌّ (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ) [آلِ عِمْرَانَ: 153]. وَحُنَيْنٌ: وَهِيَ قَرْيَةٌ قُرْبَ الطَّائِفِ. وَجَمْعٌ: وَهِيَ مُزْدَلِفَةُ. وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ: وَهُوَ جَبَلٌ بِهَا. وَنَقْعٌ: قِيلَ هُوَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ عَرَفَاتٍ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ. وَمِصْرُ وَبَابِلُ: وَهِيَ بَلَدٌ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ. وَالْأَيْكَةُ، وَلَيْكَةُ بِفَتْحِ اللَّام: بَلَدُ قَوْمِ شُعَيْبٍ، وَالثَّانِي اسْمُ الْبَلْدَةِ، وَالْأَوَّلُ اسْمُ الْكُورَةِ. وَالْحِجْرُ: مَنَازِلُ ثَمُودَ نَاحِيَةَ الشَّامِ عِنْدَ وَادِي الْقُرَى. وَالْأَحْقَافُ: وَهِيَ جِبَالُ الرَّمْلِ بَيْنَ عُمَانَ وَحَضْرَمَوْتَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا جَبَلٌ بِالشَّامِ. وَطُورُ سَيْنَاءَ: وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي نُودِيَ مِنْهُ مُوسَى. وَالْجُودِيُّ: وَهُوَ جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ. وَطُوًى: اسْمُ الْوَادِي كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ أَنَّهُ سُمِّيَ طُوًى لِأَنَّ مُوسَى طَوَاهُ لَيْلًا. وَأَخْرَجَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هُوَ وَادٍ بِفِلَسْطِينَ قِيلَ لَهُ طُوًى لِأَنَّهُ قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ. وَأَخْرَجَ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: هُوَ وَادٍ بِأَيَلَةَ طُوِيَ بِالْبَرَكَةِ مَرَّتَيْنِ. وَالْكَهْفُ: وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَنْقُورُ فِي الْجَبَلِ. وَالرَّقِيمُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: زَعَمَ كَعْبٌ أَنَّ الرَّقِيمَ الْقَرْيَةُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا. وَعَنْ عَطِيَّةَ قَالَ: الرَّقِيمُ وَادٍ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرَّقِيمُ وَادٍ بَيْنَ عِقْبَانِ وَأَيْلَةَ دُونَ فِلَسْطِينَ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الرَّقِيمُ اسْمُ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ الْكَهْفُ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: الرَّقِيمُ الْكَلْبُ. وَالْعَرِمُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الْعَرِمُ اسْمُ الْوَادِي. وَحَرْدٌ: قَالَ السُّدِّيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ حَرْدٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَالصَّرِيمُ: أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهَا أَرْضٌ بِالْيَمَنِ تُسَمَّى بِذَلِكَ. وَق: وَهُوَ جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ. وَالْجُرُزُ: هُوَ اسْمُ أَرْضٍ. وَالطَّاغِيَةُ: قِيلَ: اسْمُ الْبُقْعَةِ الَّتِي أُهْلِكَتْ بِهَا ثَمُودُ، حَكَاهُمَا الْكِرْمَانِيُّ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَمَاكِنِ الْأُخْرَوِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم: الْفِرْدَوْسُ وَهُوَ أَعْلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ. وَعِلِّيُّونَ: قِيلَ: أَعْلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ: اسْمٌ لِمَا دُوِّنَ فِيهِ أَعْمَالُ صُلَحَاءِ الثَّقَلَيْنِ. وَالْكَوْثَرُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ. وَسَلْسَبِيلُ وَتَسْنِيَمٌ: عَيْنَانِ فِي الْجَنَّةِ. وَسِجِّينٌ: اسْمٌ لِمَكَانِ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ. وَصَعُودٌ: جَبَلٌ فِي جَهَنَّمَ كَمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا. وَغَيٌّ وَأَثَامٌ وَمَوْبِقٌ وَالسَّعِيرُ وَسَائِلٌ وَسُحْقٌ: أَوْدِيَةٌ فِي جَهَنَّمَ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي قوله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} [الْكَهْف: 52]. قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ. وَأَخْرَجَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ مَوْبِقًا قَالَ: هُوَ نَهْرٌ فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِه: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مَرْيَمَ: 59]. قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: فِي النَّارِ أَرْبَعَةُ أَوْدِيَةٍ يُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا أَهْلَهَا: غَلِيظٌ وَمَوْبِقٌ وَأَثَامٌ وَغَيٌّ. وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: السَّعِيرُ وَادٍ مِنْ قَيْحٍ فِي جَهَنَّمَ، وَسُحْقٌ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ فِي قوله: {سَأَلَ سَائِلٌ} [الْمَعَارِج: 1]. هُوَ وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ: سَائِلٌ. وَالْفَلَقُ: جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مِنْ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَيَحْمُومٌ: دُخَانٌ أَسْوَدُ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِيهِ مِنَ الْمَنْسُوبِ إِلَى الْأَمَاكِن: الْأُمِّيُّ قِيلَ: إِنَّهُ نِسْبَةٌ إِلَى أُمِّ الْقُرَى مَكَّةَ. وَعَبْقَرِيٌّ: قِيلَ: إِنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى عَبْقَرَ مَوْضِعٌ لِلْجِنِّ يَنْسُبُ إِلَيْهِ كُلُّ نَادِرٍ. وَالسَّامِرِيُّ: قِيلَ مَنْسُوبٌ إِلَى أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا سَامِرُونَ وَقِيلَ: سَامِرَةَ. وَالْعَرَبِيُّ: قِيلَ مَنْسُوبٌ إِلَى عَرَبَةَ، وَهِيَ بَاحَةُ دَارِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْشَدَ فِيهَا: وَعَرْبَةِ أَرْضٍ مَا يُحِلُّ حَرَامَهَا *** مِنَ النَّاسِ إِلَّا اللَّوْذَعِيُّ الْحُلَاحِلُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْكَوَاكِب: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالطَّارِقُ وَالشِّعْرَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشَرَةَ أَجْنَاسٍ مِنَ الطَّيْر: السَّلْوَى، وَالْبَعُوضَ، وَالذُّبَابَ، وَالنَّحْلَ، وَالْعَنْكَبُوتَ، وَالْجَرَادَ، وَالْهُدْهُدَ، وَالْغُرَابَ، وَأَبَابِيلَ، وَالنَّمْلَ، فَإِنَّهُ مِنَ الطَّيْرِ لِقَوْلِهِ فِي سُلَيْمَانَ {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النَّمْل: 16]. وَقَدْ فَهِمَ كَلَامَهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيّ: قَالَ: النَّمْلَةُ الَّتِي فَقِهَ سُلَيْمَانُ كَلَامَهَا كَانَتْ ذَاتَ جَنَاحَيْنِ.
أَمَّا الْكُنَى، فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى، وَلِذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ بِاسْمِهِ، لِأَنَّهُ حَرَامٌ شَرْعًا، وَقِيلَ: لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ جَهَنَّمِيٌّ. وَأَمَّا الْأَلْقَابُ فَمِنْهَا إِسْرَائِيلُ لَقَبُ يَعْقُوبَ، وَمَعْنَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ: صَفْوَةُ اللَّهِ وَقِيلَ: سَرِيُّ اللَّهِ لِأَنَّهُ أَسْرَى لَمَّا هَاجَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِسْرَائِيلَ كَقَوْلِكَ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: كَانَ يَعْقُوبُ رَجُلًا بَطِيشًا فَلَقِيَ مَلِكًا فَعَالَجَهُ فَصَرَعَهُ الْمَلِكُ، فَضَرَبَ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى يَعْقُوبُ مَا صَنَعَ بِهِ بَطَشَ بِهِ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِكَ حَتَّى تُسَمِّيَنِي اسْمًا فَسَمَّاهُ إِسْرَائِيلَ. قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ. وَفِيهِ لُغَاتٌ أَشْهَرُهَا بِيَاءٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَلَامٌ، وَقُرِئَ بِلَا هَمْزٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ يُخَاطَبِ الْيَهُودُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا بِـ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لِنُكْتَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ مَوْعِظَةً لَهُمْ وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ، فَسُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ فِي التَّأْوِيلِ، وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ، قَالَ يَعْقُوبَ. وَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ بِمُعَقِّبٍ آخَرَ، فَنَاسَبَ ذِكْرَ اسْمٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْقِيبِ. وَمِنْهَا: الْمَسِيحُ لَقَبُ عِيسَى وَمَعْنَاهُ قِيلَ: الصِّدِّيقُ وَقِيلَ: الَّذِي لَيْسَ لِرِجْلِهِ أَخْمُصُ وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَمْسَحُ ذَا عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ وَقِيلَ: الْجَمِيلُ وَقِيلَ: الَّذِي يَمْسَحُ الْأَرْضَ: أَيْ: يَقْطَعُهَا وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَمِنْهَا: إِلْيَاسُ قِيلَ إِنَّهُ لَقَبُ إِدْرِيسَ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ وَفِي قِرَاءَتِه: (وَإِنَّ إِدْرَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (سَلَامٌ عَلَى إِدْرَاسِينَ) وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: (وَإِنَّ إِيلِيسِينَ)، (سَلَامٌ عَلَى إِيلِيسِينَ). وَمِنْهَا: ذُو الْكِفْلِ قِيلَ: إِنَّهُ لَقَبُ إِلْيَاسَ، وَقِيلَ: لَقَبُ الْيَسَعَ، وَقِيلَ: لَقَبُ يُوشَعَ، وَقِيلَ: لَقَبُ زَكَرِيَّا. وَمِنْهَا: نُوحٌ اسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ وَلَقَبُهُ نُوحٌ لِكَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ. وَمِنْهَا: ذُو الْقَرْنَيْنِ وَاسْمُهُ إِسْكَنْدَرُ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ سَعْدٍ وَقِيلَ: الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ وَقِيلَ: الصَّعْبُ بْنُ قَرِينِ بْنِ الْهَمَّالِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَسْكَرٍ. وَلُقِّبَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَيِ الْأَرْضِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَلَكَ فَارِسَ وَالرُّومَ. وَقِيلَ: كَانَ عَلَى رَأْسِهِ قَرْنَان: أَيْ: ذُؤَابَتَانِ. وَقِيلَ: كَانَ لَهُ قَرْنَانِ مِنْ ذَهْبٍ. وَقِيلَ: كَانَتْ صَفْحَتَا رَأْسِهِ مِنْ نُحَاسٍ. وَقِيلَ: كَانَ عَلَى رَأْسِهِ قَرْنَانِ صَغِيرَانِ تُوَارِيهِمَا الْعِمَامَةُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ ضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ فَمَاتَ ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْآخِرِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفَيْنِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ انْقَرَضَ فِي وَقْتِهِ قَرْنَانِ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أُعْطِيَ عِلْمَ الظَّاهِرِ وَعِلْمَ الْبَاطِنَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ دَخَلَ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ. وَمِنْهَا: فِرْعَوْنُ، وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ وَقِيلَ: أَبُو الْوَلِيدِ وَقِيلَ: أَبُو مُرَّةَ. وَقِيلَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ مِصْرَ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ فِرْعَوْنُ فَارِسَيًّا مِنْ أَهْلِ إِصْطَخْرَ. وَمِنْهَا: تُبَّعَ، قِيلَ: كَانَ اسْمُهُ أَسْعَدُ بْنُ مَلْكِي كَرِبَ، وَسُمِّيَ تُبَّعًا لِكَثْرَةِ مَنْ تَبِعَهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَقَبُ مُلُوكِ الْيَمَنِ سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تُبَّعًا: أَيْ: يَتْبَعُ صَاحِبَهُ كَالْخَلِيفَةِ يَخْلُفُ غَيْرَهُ. أَفْرَدَهُ بِالتَّأْلِيفِ السُّهَيْلِيُّ، ثُمَّ ابْنُ عَسْكَرٍ ثُمَّ الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ وَلِيَ فِيهِ تَأْلِيفٌ لَطِيفٌ مَعَ فَوَائِدِ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ زَوَائِدَ أُخْرَى عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ جِدًّا، وَكَانَ مِنَ السَّلَفِ مَنْ يَعْتَنِي بِهِ كَثِيرًا. قَالَ عِكْرِمَةُ: طَلَبْتُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَلِلْإِبْهَامِ فِي الْقُرْآنِ أَسْبَابٌ: أَحَدُهَا: الِاسْتِغْنَاءُ بِبَيَانِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَقَوْلِه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الْفَاتِحَة: 7]. فَإِنَّهُ مُبَيَّنٌ فِي قَوْلِه: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النِّسَاء: 69]. الثَّانِي: أَنْ يَتَعَيَّنَ لِاشْتِهَارِهِ كَقَوْلِه: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [الْبَقَرَة: 35]. وَلَمْ يَقُلْ: حَوَّاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [الْبَقَرَة: 258]. وَالْمُرَادُ نُمْرُوذُ لِشُهْرَةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِ. قِيلَ: وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي الْقُرْآنِ بِاسْمِهِ وَلَمْ يُسَمِّ نُمْرُوذَ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَذْكَى مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَجْوِبَتِهِ لِمُوسَى، وَنُمْرُوذُ كَانَ بَلِيدًا وَلِهَذَا قَالَ: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} وَفَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ قَتْلِ شَخْصٍ وَالْعَفْوِ عَنْ آخَرَ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْبَلَادَةِ. الثَّالِثُ: قَصْدُ السَّتْرِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ مِنَ اسْتِعْطَافِهِ نَحْوَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 204] هُوَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. الرَّابِع: أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَعْيِينِهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ نَحْوَ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} [الْبَقَرَة: 259]. {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [الْأَعْرَاف: 163]. الْخَامِسُ: التَّنْبِيهُ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَ نَحْوَ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا} [النِّسَاء: 100]. السَّادِسُ: تَعْظِيمُهُ بِالْوَصْفِ الْكَامِلِ دُونَ الِاسْمِ نَحْوَ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ} [النُّور: 22]. {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزُّمَر: 33]. {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التَّوْبَة: 40]. وَالْمُرَادُ الصِّدِّيقُ فِي الْكُلِّ. السَّابِعُ: تَحْقِيرُهُ بِالْوَصْفِ النَّاقِصِ نَحْوَ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الْكَوْثَر: 3].
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَان: لَا يُبْحَثُ عَنْ مُبْهَمٍ أَخْبَرَ اللَّهُ بِاسْتِئْثَارِهِ بِعِلْمِهِ كَقَوْلِه: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الْأَنْفَال: 60]. قَالَ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ تَجَرَّأَ وَقَالَ إِنَّهُمْ قُرَيْظَةُ أَوْ مِنَ الْجِنِّ. قُلْتُ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جِنْسَهُمْ لَا يُعْلَمُ، إِنَّمَا الْمَنْفَى عِلْمُ أَعْيَانِهِمْ، وَلَا يُنَافِيهِ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِمْ مِنْ قُرَيْظَةَ، أَوْ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التَّوْبَة: 101]. فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ عِلْمُ أَعْيَانِهِمْ، ثُمَّ الْقَوْلُ فِي أُولَئِكَ أَنَّهُمْ قُرَيْظَةُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ مِنَ الْجِنِّ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَرِيبٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا جَرْأَةَ.
اعْلَمْ أَنَّ عِلْمَ الْمُبْهَمَاتِ مَرْجِعُهُ النَّقْلُ الْمَحْضُ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ، وَلَمَّا كَانَتِ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِيهِ وَسَائِرُ التَّفَاسِيرِ يُذْكَرُ فِيهَا أَسْمَاءُ الْمُبْهَمَاتِ، وَالْخِلَافُ فِيهَا دُونَ بَيَانِ مُسْتَنَدٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، أَوْ عُرْفٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَلَّفْتُ الْكِتَابَ الَّذِي أَلَّفْتُهُ مَذْكُورًا فِيهِ عَزْوُ كُلِّ قَوْلٍ إِلَى قَائِلِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، مَعْزُوًّا إِلَى أَصْحَابِ الْكُتُبِ الَّذِينَ خَرَّجُوا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِمْ، مُبَيِّنًا فِيهِ مَا صَحَّ سَنَدُهُ وَمَا ضَعُفَ، فَجَاءَ لِذَلِكَ كِتَابًا حَافِلًا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي نَوْعِهِ. وَقَدْ رَتَّبْتُهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْآنِ، وَأَنَا أُلَخِّصُ هُنَا مُهِمَّاتِهِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ تَارِكًا الْعَزْوَ وَالتَّخْرِيجَ غَالِبًا اخْتِصَارًا أَوْ إِحَالَةً عَلَى الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ.
وَأُرَتِّبُهُ عَلَى قِسْمَيْنِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [الْبَقَرَة: 30]. هُوَ آدَمُ وَزَوْجَتُهُ حَوَّاءُ بِالْمَدِّ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} [الْبَقَرَة: 72]. اسْمُهُ عَامِيلُ. {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الْبَقَرَة: 129]. هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ} [الْبَقَرَة: 132]. هُمْ إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَمَانُ وَزِمْرَانُ وَسَرَحٌ وَنَفْشٌ وَنَفْشَانُ وَأَمِيمٌ وَكَيْسَانُ وَسَوْرَحُ وَلُوطَانُ وَنَافِشُ. الْأَسْبَاطُ: أَوْلَادُ يَعْقُوبَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا: يُوسُفُ، وَرُوبِيلُ، وَشَمْعُونَ، وَلَاوَى، وَيَهُوذَا، وَدَانُ، وَنَفْتَالِى، بِفَاءٍ وَمُثَنَّاةٍ، وَكَادُ، وَيَاشِيرُ، وَإِيشَاجِرُ، وَرِيَالُونَ، وَبِنْيَامِينُ. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} [الْبَقَرَة: 204]. هُوَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ} [الْبَقَرَة: 207]. هُوَ صُهَيْبٌ. {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} [الْبَقَرَة: 246]. هُوَ شَمْوِيلُ وَقِيلَ: شَمْعُونَ وَقِيلَ: يُوشَعُ. {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [الْبَقَرَة: 253]. قَالَ مُجَاهِدٌ: مُوسَى. {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [الْبَقَرَة: 253]. قَالَ: مُحَمَّدٌ {الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [الْبَقَرَة: 258]. نُمْرُوذُ بْنُ كَنْعَانَ. {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} [الْبَقَرَة: 259]. عُزَيْرٌ، وَقِيلَ: أَرْمِيَاءُ، وَقِيلَ: حِزْقِيلُ. {امْرَأَةُ عِمْرَانَ} [آلِ عِمْرَانَ: 35]. حَنَّةُ بِنْتُ فَاقُوذَ. {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 40]. هِيَ أَشْيَاعُ أَوْ أَشْيَعُ بِنْتُ فَاقُودَ. {مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آلِ عِمْرَانَ: 193]. هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {إِلَى الطَّاغُوتِ} [النِّسَاء: 60]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ. {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النِّسَاء: 72]. هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النِّسَاء: 94]. هُوَ عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ، وَقِيلَ: مِرْدَاسٌ وَالْقَائِلُ ذَلِكَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، وَمُحَلَّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي بَاشَرَ الْقَوْلَ مُحَلَّمٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ أَيْضًا، وَقِيلَ: قَتَلَهُ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَقِيلَ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} [النِّسَاء: 100]. هُوَ ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ وَقِيلَ: ابْنُ الْعِيصِ، رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَقِيلَ: أَبُو ضَمْرَةَ بْنِ الْعِيصِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ سَبْرَةُ وَقِيلَ: هُوَ خَالِدُ بْنُ حِزَامٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا. {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [الْمَائِدَة: 12]. هُمْ شَمُّوعُ بْنُ زَكُّورَ مِنْ سِبْطِ رُوبِيلَ، وَشَوْقَطُ بْنُ حُورَى مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ، وَكَالِبُ بْنُ يُوفَنَّا مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، وَبَعُورَكُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ سِبْطِ إِشَاجُرَ، وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ مِنْ سِبْطِ إِفْرَاثِيمَ بْنِ يُوسُفَ، وبلطى بْنُ رُوفُو مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، وَكَرَابِيلُ بْنُ سُودِي مِنْ سِبْطِ زَبَالُونَ، وَكُدَّيُ بْنُ شَاسَ مِنْ سِبْطِ مِنَشَّا بْنِ يُوسُفَ، وَعَمَايِيلُ بْنُ كَسَلٍ مِنْ سِبْطِ دَانَ، وَسَتُّورُ بْنُ مِيخَائِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَيُوحَنَّا بْنْ وَقُّوسَى مِنْ سِبْطِ نَفْتَالَى، وَإِلُّ بْنُ مُوخَا مِنْ سِبْطِ كَاذَلُو. {قَالَ رَجُلَانِ} [الْمَائِدَة: 23]. هُمَا يُوشَعُ وَكَالِبُ. {نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [الْمَائِدَة: 27]. هُمَا قَابِيلُ وَهَابِيلُ وَهُوَ الْمَقْتُولُ. {الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الْأَعْرَاف: 175]. بَلْعَمُ وَيُقَالُ: بَلْعَامُ بْنُ آيَرَ، وَيُقَالُ: بَاعِرَ وَيُقَالُ: بَاعُورَ وَقِيلَ: هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ وَقِيلَ: صَيْفِيُّ بْنُ رَاهِبٍ، وَقِيلَ: فِرْعَوْنُ وَهُوَ أَغْرَبُهَا. {وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الْأَنْفَال: 48]. عَنَى سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التَّوْبَة: 12]. قَالَ قَتَادَةُ: هُمْ أَبُو سُفْيَانَ وَأَبُو جَهْلٍ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} [التَّوْبَة: 40]. هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التَّوْبَة: 47]. قَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنُ سَلُولَ وَرِفَاعَةُ بْنُ التَّابُوتِ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} [التَّوْبَة: 49]. هُوَ الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التَّوْبَة: 58]. هُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ. {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} [التَّوْبَة: 66]. هُوَ مَخْشِيُّ بْنُ حِمْيَرَ. {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التَّوْبَة: 75]. هُوَ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التَّوْبَة: 102]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ سَبْعَةٌ: أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: سَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَار: أَبُو لُبَابَةَ، وَجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَخِذَامُ وَأَوْسٌ، وَكَرْدَمٌ، وَمِرْدَاسٌ. {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ} [التَّوْبَة: 106]. هُمْ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَهُمُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا. {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} [التَّوْبَة: 107]. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اثْنَا عَشَرَ مِنَ الْأَنْصَار: خِذَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ، وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَأَبُو حَبِيبَةَ بْنُ الْأَزْعَرِ، وَعَبَّادُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَجَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ وَابْنَاهُ مُجَمِّعٌ وَزَيْدٌ، وَنَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَبَحْزَجُ، وَبِجَادُ بْنُ عُثْمَانَ، وَوَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ. {لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التَّوْبَة: 107]. هُوَ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ. {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [هُودٍ: 17]. وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هُودٍ: 17]. هُوَ جِبْرِيلُ، وَقِيلَ: الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: عَلِيٌّ. {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [هُودٍ: 42]. اسْمُهُ كَنْعَانُ وَقِيلَ: يَامُ. {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ} [هُودٍ: 71]. اسْمُهَا سَارَّةُ. (بَنَاتُ لُوطٍ): رَيْتَا وَرَغُوثَا. {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ} [يُوسُفَ: 8]. بِنْيَامِينُ شَقِيقُهُ. {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ} [يُوسُفَ: 10]. هُوَ رُوبِيلُ، وَقِيلَ: يَهُوذَا، وَقِيلَ: شَمْعُونَ. {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} [يُوسُفَ: 19]. هُوَ مَالِكُ بْنُ دَعْرٍ. {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ} [يُوسُفَ: 21]. هُوَ قُطَيْفِيرُ أَوْ أُطَيْفِيرُ {لِامْرَأَتِهِ} [يُوسُفَ: 21]. هِيَ رَاعِيلُ وَقِيلَ: زُلَيْخَا. {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يُوسُفَ: 36]. هُمَا مِجْلَثٌ وَبَنْوَهْ، وَهُوَ السَّاقِي، وَقِيلَ: رَاشَانُ وَمِرْطَشُ، وَقِيلَ: شُرْهُمْ وَسُرْهُمْ. {لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ} [يُوسُفَ: 42]. هُوَ السَّاقِي. {عِنْدَ رَبِّكُ} [يُوسُفَ: 42]. هُوَ الْمَلِكُ رَيَّانُ بْنُ الْوَلِيدِ. {بِأَخٍ لَكُمْ} [يُوسُفَ: 59]. هُوَ بِنْيَامِينُ وَهُوَ الْمُتَكَرِّرُ فِي السُّورَةِ. {فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ} [يُوسُفَ: 77]. عَنَوْا يُوسُفَ. {قَالَ كَبِيرُهُمْ} [يُوسُفَ: 80]. هُوَ شَمْعُونُ وَقِيلَ: رُوبِيلُ. {آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} [يُوسُفَ: 99]. هُمَا أَبُوهُ وَخَالَتُهُ لِيَّا، وَقِيلَ: أُمُّهُ وَاسْمُهَا رَاحِيلُ {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرَّعْد: 43]. هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَقِيلَ: جِبْرِيلُ. {أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} [إِبْرَاهِيمَ: 37]. هُوَ إِسْمَاعِيلُ. {وَلِوَالِدَيَّ} [إِبْرَاهِيمَ: 41]. اسْمُ أَبِيهِ تَارَحُ وَقِيلَ: آزَرُ وَقِيلَ: يَازَرُ، وَاسْمُ أُمِّه: مَثَانِي، وَقِيلَ: نَوْفَا، وَقِيلَ: لُيُوثَا. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الْحِجْر: 95]. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمْ خَمْسَةٌ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، وَأَبُو زَمْعَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ. {رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} [النَّحْل: 76]. هُوَ أَسِيدُ بْنُ أَبِي الْعِيصِ. {وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النَّحْل: 76]. عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النَّحْل: 92]. هِيَ: رَيْطَةَُ بِنْتُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ. {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النَّحْل: 103]. عَنَوْا عَبْدَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَاسْمُهُ مَقِيسٌ وَقِيلَ: عَبْدَيْنِ لَهُ يَسَارٌ وَجَبْرٌ، وَقِيلَ: عَنَوْا قَيْنًا بِمَكَّةَ اسْمُهُ بَلْعَامُ وَقِيلَ: سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. {أَصْحَابَ الْكَهْفِ} [الْكَهْف: 9]. تَمْلِيخَا وَهُوَ رَئِيسُهُمْ وَالْقَائِلُ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ وَالْقَائِلُ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ وَتَكَسْلَمِينَا وَهُوَ الْقَائِلُ كَمْ لَبِثْتُمْ وَمَرْطُوشُ، وَبَرَاشِقُ، وَأَيُّونُسُ، وَأَرْيَسْطَانُسُ، وَشَلْطَطْيُوسُ. {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} [الْكَهْف: 19]. هُوَ تَمْلِيخَا. {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ} [الْكَهْف: 28]. هُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ. {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [الْكَهْف: 32]. هُمَا تَمْلِيخَا وَهُوَ الْخَيِّرُ وَفَطْرُوسُ، وَهُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ. {قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} [الْكَهْف: 60]. هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَقِيلَ: أَخُوهُ يَثْرِبِي. {فَوَجَدَا عَبْدًا} [الْكَهْف: 65]. هُوَ الْخَضِرُ وَاسْمُهُ بَلْيَا. {لَقِيَا غُلَامًا} [الْكَهْف: 74]. اسْمُهُ جَيْسُورُ بِالْجِيمِ وَقِيلَ: بِالْحَاءِ. {وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الْكَهْف: 79]. هُوَ هُدَدُ بْنُ بُدَدَ. {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ} [الْكَهْف: 80]. اسْمُ الْأَبِ كَازِيرَا وَالْأُمُّ سَهْوَى. {لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ} [الْكَهْف: 82]. هُمَا أَصْرَمُ وَصَرِيمٌ. {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مَرْيَمَ: 24]. قِيلَ: عِيسَى وَقِيلَ: جِبْرِيلُ. {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ} [مَرْيَمَ: 66]. هُوَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ} [مَرْيَمَ: 77]. هُوَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ. {وَقَتَلْتَ نَفْسًا} [طه: 40]. هُوَ الْقِبْطِيُّ وَاسْمُهُ فَاقُونُ. {السَّامِرِيُّ} [طه: 69]. اسْمُهُ مُوسَى بْنُ ظُفَرَ. {مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [طه: 96]. هُوَ جِبْرِيلُ. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ} [الْحَجّ: 3]. هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الْحَجّ: 19]. أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي حَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الْحَجّ: 25]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ. {الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [الْفُرْقَان: 11]. وَهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ. {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ} [الْفُرْقَان: 27]. هُوَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. {لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا} [الْفُرْقَان: 28]. هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. {وَكَانَ الْكَافِرُ} [الْفُرْقَان: 55]. قَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ أَبُو جَهْلٍ. {امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النَّمْل: 23]. هِيَ بِلْقِيسُ بِنْتُ شَرَاحِيلَ. {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ} [النَّمْل: 36]. اسْمُ الْجَائِي مُنْذِرٌ. {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} [النَّمْل: 39]. اسْمُهُ كَوْزَنُ. {الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ} [النَّمْل: 40]. هُوَ آصَفُ بْنُ بَرَخْيَا كَاتِبُهُ وَقِيلَ: رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو النُّورِ، وَقِيلَ: أَسْطُومُ، وَقِيلَ: مَلِيخَا، وَقِيلَ: بَلَّخَ، وَقِيلَ: هُوَ ضَبَّةُ أَبُو الْقَبِيلَةِ، وَقِيلَ: جِبْرِيلُ، وَقِيلَ: مَلِكٌ آخَرُ، وَقِيلَ: الْخَضِرُ. {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النَّمْل: 48]. هُمْ: رُعْمَى، وَرُعَيْمٌ، وَهَرْمَى، وَهُرَيْمٌ، وَدَابُ، وَصَوَابُ، وَرَآبُ، وَمِسْطَعٌ، وَقِدَارُ بْنُ سَالِفٍ عَاقِرُ النَّاقَةِ. {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} [الْقَصَص: 8]. اسْمُ الْمُلْتَقَطِ طَابُوثُ. {امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ} [الْقَصَص: 9]. آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ. {أُمِّ مُوسَى} [الْقَصَص: 10]. يُحَانِذُ بِنْتُ يَصْهَرَ بْنِ لَاوِي، وَقِيلَ: يَاؤُوخَا، وَقِيلَ: أَبَادَخْتُ. {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ} [الْقَصَص: 11]. اسْمُهَا مَرْيَمُ، وَقِيلَ: كُلْثُومُ. {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} [الْقَصَص: 15]. هُوَ السَّامِرِيُّ {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} [الْقَصَص: 15]. اسْمُهُ فَاتُونُ. {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [الْقَصَص: 20]. هُوَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَاسْمُهُ شَمْعَانُ وَقِيلَ: شَمْعُونَ وَقِيلَ: جَبْرٌ، وَقِيلَ: حَبِيبٌ، وَقِيلَ: حِزْقِيلُ. {امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [الْقَصَص: 23]. هُمَا لِيَّا وَصَفُورِيَّا وَهِيَ الَّتِي نَكَحَهَا، وَأَبَوْهُمَا شُعَيْبٌ. وَقِيلَ: يِثْرُونَ ابْنُ أَخِي شُعَيْبٍ. {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ} [لُقْمَانَ: 13]. اسْمُهُ بَارَانُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ: دَارَانِ وَقِيلَ: أَنْعَمَ، وَقِيلَ: مِشْكَمٌ. مَلَكُ الْمَوْتِ اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسُنِ أَنَّ اسْمَهُ عِزْرَائِيلُ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ عَنْ وَهْبٍ. {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السَّجْدَة: 18]. نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} [الْأَحْزَاب: 13]. قَالَ السُّدِّيُّ: هُمَا رَجُلَانِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَبُو عَرَابَةَ بْنُ أَوْسٍ، وَأَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ. {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} [الْأَحْزَاب: 59]. قَالَ عِكْرِمَةُ: كَانَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَسَوْدَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَمَيْمُونَةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَجُوَيْرِيَةُ، وَبَنَاتُهُ: فَاطِمَةُ، وَزَيْنَبُ، وَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ. {أَهْلَ الْبَيْتِ} [الْأَحْزَاب: 33]. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ». {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} وَهُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الْأَحْزَاب: 37]. هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ. {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الْأَحْزَاب: 72]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ آدَمُ. {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ} [يس: 14]. هُمَا شَمْعُونُ وَيُوحَنَّا، وَالثَّالِثُ: بُولَسُ، وَقِيلَ: هُمْ صَادِقٌ وَصَدُوقٌ وَشَلُومُ. {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ} [يس: 20]. هُوَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ. {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ} [يس: 77]. هُوَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ وَقِيلَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَقِيلَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ} [الصَّافَّات: 101]. هُوَ إِسْمَاعِيلُ، أَوْ إِسْحَاقُ قَوْلَانِ شَهِيرَانِ. {نَبَأُ الْخَصْمِ} [ص: 21]. هُمَا مَلِكَانِ قِيلَ: إِنَّهُمَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ. {جَسَدًا} [ص: 34]. هُوَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: أُسَيْدٌ، وَقِيلَ: صَخْرٌ، وَقِيلَ: حَبْقِيقُ. {مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ} [ص: 41]. قَالَ نَوْفٌ: الشَّيْطَانُ الَّذِي مَسَّهُ يُقَالُ لَهُ مِسْعَطٌ. {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} مُحَمَّدٌ وَقِيلَ: جِبْرِيلُ، وَصَدَّقَ بِهِ [الزُّمَر: 33]. مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ. {الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} [فُصِّلَتْ: 29]. إِبْلِيسُ وَقَابِيلُ. {رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ} [الزُّخْرُف: 31]. عَنَوُا الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ مِنْ مَكَّةَ وَمَسْعُودَ بْنَ عُمَرَ الثَّقَفِيَّ، وَقِيلَ: عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الطَّائِفِ. {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} [الزُّخْرُف: 57]. الضَّارِبُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى. {طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدُّخَان: 44]. قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ أَبُو جَهْلٍ. {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الْأَحْقَاف: 10]. هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. {أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الْأَحْقَاف: 35]. أَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّهُمْ نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {يُنَادِي الْمُنَادِ} [ق: 41]. هُوَ إِسْرَافِيلُ. {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذَّارِيَات: 24]. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ مِحْصَنٍ: كَانُوا أَرْبَعَةً مِنَ الْمَلَائِكَة: جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَرَفَائِيلُ. {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ} [الذَّارِيَات: 28]. قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ إِسْحَاقُ إِلَّا مُجَاهِدًا فَإِنَّهُ قَالَ: هُوَ إِسْمَاعِيلُ. {شَدِيدُ الْقُوَى} [النَّجْم: 5] جِبْرِيلُ. {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النَّجْم: 33]. هُوَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ وَقِيلَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. {يَدْعُو الدَّاعِي} [الْقَمَر: 6]. هُوَ إِسْرَافِيلُ. {قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ} هِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ فِي زَوْجِهَا [الْمُجَادَلَة: 1]. هُوَ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ. {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التَّحْرِيم: 1]هِيَ سُرِّيَّتُهُ مَارِيَةُ. {أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} [التَّحْرِيم: 3]. هِيَ حَفْصَةُ نَبَّأَتْ بِهِ [التَّحْرِيم: 3]. أَخْبَرَتْ عَائِشَةَ. {إِنْ تَتُوبَا} [التَّحْرِيم: 4]. {وَإِنْ تَظَاهَرَا} [التَّحْرِيم: 4]. هُمَا عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التَّحْرِيم: 4]. هُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. {اِمْرَأَةَ نُوحٍ} وَالِعَةُ {وَامْرَأَةَ لُوطٍ} [التَّحْرِيم: 10]. وَالِهَةُ وَقِيلَ: وَاعِلَةُ. {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ} [الْقَلَم: 10]. نَزَلَتْ فِي الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَقِيلَ: الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ وَقِيلَ: الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. {سَأَلَ سَائِلٌ} [الْمَعَارِج: 1]. هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نُوحٍ: 28]. اسْمُ أَبِيهِ لَمَّكُ بْنُ مَتُّوشَلْخَ، وَاسْمُ أُمِّهِ شَمْخَا بِنْتُ أَنْوَشَ. {سَفِيهُنَا} [الْجِنّ: 4]. هُوَ إِبْلِيسُ. {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [الْمُدَّثِّر: 11]. هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [الْقِيَامَة: 31]. الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ. {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الْإِنْسَان: 1]. هُوَ آدَمُ. {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النَّبَأ: 40]. قِيلَ: هُوَ إِبْلِيسُ. {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عَبَسَ: 2]. هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} [عَبَسَ: 5]. هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَقِيلَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التَّكْوِير: 19]. قِيلَ: جِبْرِيلُ، وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ} [الْفَجْر: 15]. الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. وَوَالِدٍ هُوَ آدَمُ. {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ} [الشَّمْس: 13]. هُوَ صَالِحٌ. {الْأَشْقَى} [اللَّيْل: 15]. هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. {الْأَتْقَى} [اللَّيْل: 17]. هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. {الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا} [الْعَلَق: 9، 10]. هُوَ أَبُو جَهْلٍ وَالْعَبْدُ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {إِنَّ شَانِئَكَ} [الْكَوْثَر: 3]. هُوَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ وَقِيلَ: أَبُو جَهْلٍ وَقِيلَ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَقِيلَ: أَبُو لَهَبٍ وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ. {وَامْرَأَتُهُ} [الْمَسَد: 4]. امْرَأَةُ أَبِي لَهَبٍ: أُمُّ جَمِيلٍ الْعَوْرَاءُ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ.
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ} [الْبَقَرَة: 118]. سُمِّيَ مِنْهُمْ رَافِعُ بْنُ حَرْمَلَةَ {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} [الْبَقَرَة: 142]. سُمِّيَ مِنْهُمْ رَفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَرْدَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَرَافِعُ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا} الْآيَةَ [الْبَقَرَة: 170] سُمِّيَ مِنْهُمْ رَافِعٌ، وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} [الْبَقَرَة: 189]. سُمِّيَ مِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ غَنْمٍ. {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [الْبَقَرَة: 215]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجُمُوحِ. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} [الْبَقَرَة: 219]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عُمَرُ وَمُعَاذٌ وَحَمْزَةُ. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [الْبَقَرَة: 220]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [الْبَقَرَة: 222]. سُمِّيَ مِنْهُمْ ثَابِتُ بْنُ الدَّحْدَاحِ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، مُصَغَّرٌ. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [آلِ عِمْرَانَ: 23]. سُمِّيَ مِنْهُمُ النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ. {الْحَوَارِيُّونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 52]. سُمِّيَ مِنْهُمْ فَطَرْسُ، وَيَعْقُوبَسُ، وَيُحَنَّسُ، وَأَنْدِرَايِسَ، وَفِيلَسُ، وَدَرْنَايُوطَا، وَسَرْجِسُ، وَهُوَ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ. {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 72]. هُمُ اثْنَا عَشَرَ مِنَ الْيَهُودِ، سُمِّيَ مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّيْفِ، وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو. {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 86]. قَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ: أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوِيدِ بْنِ الصَّامِتِ، وَوَحْوَحُ بْنُ الْأَسْلَتِ. وَزَادَ ابْنُ عَسْكَرٍ: وَطُعَيْمَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ. {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 154]. سُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ. {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا} [يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَمُعَتَّبُ بْنُ قُشَيْرٍ. {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 167]. الْقَائِلُ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَالْمَقُولُ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ. {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 172]. هُمْ سَبْعُونَ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَطَلْحَةُ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آلِ عِمْرَانَ: 173]. سُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ. {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آلِ عِمْرَانَ: 181]. قَالَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ، وَقِيلَ: حُيَيُّ بْنُ أَخَطَبَ، وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ. {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 199]. نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَقِيلَ: فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ. {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النِّسَاء: 1]. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوْلَادُ آدَمَ لِصُلْبِهِ أَرْبَعُونَ فِي عِشْرِينَ بَطْنًا، كُلُّ بَطْنٍ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، وَسُمِّيَ مِنْ بَنِيه: قَابِيلُ، وَهَابِيلُ، وَإِيَادٌ، وَشَبُونَةُ، وَهِنْدٌ، وَصَرَابِيسُ، وَمُخَوَّرُ، وَسَنَدٌ، وَبَارِقٌ، وَشِيثٌ، وَعَبْدُ الْمُغِيثِ، وَعَبْدُ الْحَارِثِ، وَوَدٌّ، وَسُوَاعٌ، وَيَغُوثُ، وَيَعُوقُ، وَنَسْرٌ، وَمِنْ بَنَاتِه: أَقْلِيمَةُ، وَأَشُوفُ، وَجَزُوزَةُ، وَعَزُورَا، وَأَمَةُ الْمُغِيثِ. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ} [النِّسَاء: 44]. قَالَ عِكْرَمَةُ: نَزَلَتْ فِي رَفَاعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ، وَكَرْدَمِ بْنِ زَيْنٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَرَافِعِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، وَبَحْرِيِّ بْنِ عَمْرٍو، وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا} [النِّسَاء: 60]. نَزَلَتْ فِي الْجُلَّاسِ بْنِ الصَّامِتِ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَرَافِعِ بْنِ زَيْدٍ، وَبِشْرٍ. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النِّسَاء: 77]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} [النِّسَاء: 77]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي هِلَالِ بْنِ عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيِّ، وَسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيِّ، وَفِي بَنِي جُزَيْمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ} [النِّسَاء: 91]. قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ. {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النِّسَاء: 197]. سَمَّى عِكْرِمَةُ مِنْهُمْ: عَلِيَّ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَالْحَارِثَ بْنَ زَمْعَةَ، وَأَبَا قَيْسِ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبَا الْعَاصِي بْنَ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَأَبَا قَيْسِ بْنَ الْفَاكِهِ. {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} [النِّسَاء: 98]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُمُّهُ أُمُّ الْفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ. {الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النِّسَاء: 107]. بَنُو أُبَيْرِقٍ: بِشْرٌ وَبَشِيرٌ وَمُبَشِّرٌ. {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} [النِّسَاء: 113]. هُمْ أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ وَأَصْحَابُهُ. {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 127]. سُمِّيَ مِنَ الْمُسْتَفْتِينَ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ. {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [النِّسَاء: 153]. سَمَّى مِنْهُمْ ابْنُ عَسْكَرٍ: كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ، وَفِنْحَاصًا. {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [النِّسَاء: 162]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ. {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النِّسَاء: 176]. سُمِّيَ مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [الْمَائِدَة: 2]. سُمِّيَ مِنْهُمْ الْحَطْمُ بْنُ هِنْدٍ الْبَكْرِيُّ. {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} [الْمَائِدَة: 4]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْمُهَلْهَلِ الطَّائِيَّانِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَعُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ. {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا} [الْمَائِدَة: 11]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ. {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً} الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ وَهُمْ اثْنَا عَشَرَ، وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ، وَقِيلَ: سَبْعُونَ، وَسُمِّيَ مِنْهُمْ: إِدْرِيسُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالْأَشْرَفُ، وَتَمِيمٌ، وَتَمَّامٌ، وَدُرَيْدٌ. {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الْأَنْعَام: 8]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ. {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الْأَنْعَام: 50]. سُمِّيَ مِنْهُمْ صُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَعَمَّارٌ، وَخَبَّابٌ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ. {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْعَام: 91]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: فِنْحَاصٌ، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ. {قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الْأَنْعَام: 124]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: أَبُو جَهْلٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [الْأَعْرَاف: 187]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: حَسْلُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَشَمْوِيلُ بْنُ زَيْدٍ. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الْأَنْفَال: 1]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ. {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الْأَنْفَال: 5]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَمِنَ الَّذِينَ لَمْ يَكْرَهُوا الْمِقْدَادُ. {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا} سُمِّيَ مِنْهُمْ أَبُو جَهْلٍ. {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الْأَنْفَال: 30]. هُمْ أَهْلَ دَارِ النَّدْوَةِ سُمِّيَ مِنْهُمْ: عُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأَبُو سُفْيَانُ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَجُبَيْرُ بْنُ مَطْعِمٍ، وَطُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ} الْآيَةَ [الْأَنْفَال: 32] سُمِّيَ مِنْهُمْ: أَبُو جَهْلٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} [الْأَنْفَال: 49]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَقَيْسُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ، وَالْحَارِثُ بْنُ زَمْعَةَ، وَالْعَاصِ بْنُ مُنَبِّهٍ. {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى} [الْأَنْفَال: 70]. كَانُوا سَبْعِينَ مِنْهُمْ: الْعَبَّاسُ، وَعَقِيلٌ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسَهْلُ بْنُ بَيْضَاءَ. {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التَّوْبَة: 30]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ، وَنُعْمَانُ بْنُ أَوْفَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ دَحْيَةَ، وَشَاسُ بْنُ قَيْسٍ، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ. {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التَّوْبَة: 79]. سُمِّيَ مِنْهُمْ مِنْ الْمُطَّوِّعِينَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ. {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التَّوْبَة: 79]. أَبُو عَقِيلٍ، وَرِفَاعَةُ بْنُ سَعْدٍ. {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ} [التَّوْبَة: 92]. سُمِّيَ مِنْهُمُ: الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ، وَعُمَرُ الْمُزَنِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَزْرَقِ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ. {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التَّوْبَة: 108]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النَّحْل: 106]. نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ. {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} [الْإِسْرَاء: 5]. هُمْ طَالُوتُ وَأَصْحَابُهُ. {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الْإِسْرَاء: 73]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ: أَبُو جَهْلٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا} [الْإِسْرَاء: 90]. سَمَّى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ قَائِلِي ذَلِكَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ وَذُرِّيَّتَهُ. {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ} [الْقَصَص: 57]. سُمِّيَ مِنْهُمُ: الْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ. {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [الْعَنْكَبُوت: 2]. مِنْهُمُ الْمُؤْذَوْنَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَكَّةَ، مِنْهُمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} [الْعَنْكَبُوت: 12]. سُمِّيَ مِنْهُمُ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لُقْمَانَ: 6]. سُمِّيَ مِنْهُمُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الْأَحْزَاب: 23]. سُمِّيَ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ. {قَالُوا الْحَقَّ} [سَبَأٍ: 23]. أَوَّلُ مَنْ يَقُولُ جِبْرِيلُ، فَيَتْبَعُونَهُ. {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ} [ص: 6]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَغُوثَ. {وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا} [ص: 62]. سُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ: أَبُو جَهْلٍ، وَمِنَ الرِّجَال: عَمَّارٌ، وَبِلَالٌ. {نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الْأَحْقَاف: 29]. سُمِّيَ مِنْهُمْ زَوْبَعَةُ، وَحَسَّى، وَمَسَّى، وَشَاصِرُ، وَمَاصِرُ، وَالْأَزْدُ، وَإِنْيَانُ، وَالْأَحْقَمُ، وَسُرَّقُ. {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الْحُجُرَات: 4]. سُمِّيَ مِنْهُمُ: الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ. {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا} [الْمُجَادَلَة: 14]. قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُفَيْلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} [الْمُمْتَحَنَة: 8]. نَزَلَتْ فِي قُتَيْلَةَ أُمِّ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الْمُمْتَحَنَة: 10]. سُمِّيَ مِنْهُمْ: أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيْمَةُ بِنْتُ بِشْرٍ. {يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا} [الْمُنَافِقُونَ: 7]. {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا} [الْمُنَافِقُونَ: 8]. سُمِّيَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ. {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} الْآيَةَ [الْحَاقَّة: 7] سُمِّيَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِسْرَافِيلُ، وَلُبْنَانُ، وَرُوفِيلُ. {أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [الْبُرُوج: 4]. ذُو نُوَاسٍ، وَزُرْعَةُ بْنُ أَسَدٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَأَصْحَابُهُ. {بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الْفِيل: 1]. هُمُ الْحَبَشَةُ قَائِدُهُمْ أَبَرْهَةُ الْأَشْرَمُ، وَدَلِيلُهُمْ أَبُو رِغَالٍ. {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الْكَافِرُونَ: 1]. نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. {النَّفَّاثَاتِ} [الْفَلَق: 4]. بَنَاتُ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ. وَأَمَّا مُبْهَمَاتُ الْأَقْوَامِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي تَأْلِيفِنَا الْمُشَارِ إِلَيْهِ.
|