فصل: (لوحة فنية رائعة):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجزات القرآن العلمية



.(لوحة فنية رائعة):

هذه الجولة في مشاهد الكون تعرض مشاهد عدة تشكِّل لوحة فنية رائعة. تصور أرضا مبسوطة، وجبالا راسية، وأنهارا جارية، وأزواجا من الثمرات، وقطعا من الأرض متجاورات ومتباينات، ونخيلا صنوانا وغير صنوان، وثمارا مختلفة الطعوم والزروع والنخيل والأعناب!.. كلها توقظ القلب، وتنبه العقل، وتؤكد روعة التدبير، وقدرة الخالق سبحانه الذي أخرج كل نبت في هذه الأرض، وفي خلقه دقة وحكام وتقدير لا يزيد أو ينقص، وقد وصفه القرآن الكريم بأنه {مَوْزُونٍ}، وفيه دليل على التناسق في الخلق الدال على الحكمة الإلهية البالغة، والقدرة العجيبة التي تعين كلى شيء بمقدار، وتزن كل موجود بميزان، بحيث تتحقق فيه المنفعة التي أرادها الله لعباده؛ قال تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ، وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}.
وقوله: {مَوْزُونٍ} (وزن ميزان الحكمة، وقدر بمقدار يقتضيه لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان)؛ ولذلك اتبعه بقوله: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}؛ لأن ذلك يحسب بحسب الانتفاع بعينه.
وقال الراغب الأصفهاني: (وقيل: بل ذلك إشارة إلى كل ما أوجده الله تعالى، وأنه خلقه باعتدال، كما قال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.
والحقيقة هي أننا نجد قرينة دالة على معنى التقدير بمقدار معلوم في كلمة {مَوْزُونٍ}، هذه القرينة نفهمها من سياق الآيات الكريمة بعد ذلك، وهي قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}؛ فالآية ظاهرة الدلالة على أن ما يتفضل الله به إنما هو وليد الحكمة في الخلق والتقدير والاتزان؛ فليس من شيء ينزل جزافا، وليس من شيء يتم اعتباطا.
ولعلنا بعد هذه الجولة في دنيا النبات ومملكته، لنقف عاجزين عن الإحاطة بمشاهده المتعددة، ومروجه الخضر التي تأخذ بالقلوب والأبصار لجمالها.. إنه عالم مترامي الأطراف، غني بشتى أنواع النبات والأشجار وفصائل النبات والأزهار ووافر الثمرات والغلات، التي يتغذى عليها الملاين من ذرية آدم وحواء، وما لا ينحصر من المخلوقات المتنوعة التي تعيش وتدب في الأرض، أو تسبح في الفضاء، أو تغوص في قاع الماء، رأينا الحب والنوى يحفظ الحياة داخل البذرة، ثم ينقل هذه الحياة إلى جذيرها وسويقها، و رأينا في عملية الإنبات تلك الشعب والشعيرات الهينة اللينة تخترق الأرض الصلبة، وتشق طريقها الصعب الوعر، باحثة عن غذائها وعامل نمائها؛ فتعطي الثمر الكبير الحجم والوزن المتفاوت والثمر المختلف شكلا وملمسا ولونا ورائحة وطعنا ومذاقا، وكلها بديع التنسيق والتكوين، وهي تسقى بماء واحد وتتغذى من تربة واحدة.. {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُون}.
ورأينا في النبت الموزون مع الاختلاف والتعدد دقة الخلق وأحكام التقدير، {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}.
نعم لقد رأينا جملة النبات تتفاوت في تركيبها وقدراتها، غير أننا قد رأينا فيها جميعا قدرة الخالق، فسبحان من أوجد الوجود ونظمه، وخلق كل شيء وألهمه، وهدى كل حي وعلمه..